أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - عواصف التغيير الديمقراطي: أي خريطة طريق؟















المزيد.....

عواصف التغيير الديمقراطي: أي خريطة طريق؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3286 - 2011 / 2 / 23 - 17:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما حصل في تونس ومصر وربما سيحصل في بلدان أخرى، يمكن إدراجه في إطار الموجة السادسة للديمقراطية، فقد مرّت الديمقراطية كفكرة وتطبيقات بمراحل مختلفة، وإذا جاز لنا أن نعتبر مرحلة التأسيس ابتدأت في أثينا القديمة ومدنها، التي عرفت الديمقراطية المباشرة، حيث كانت الإرهاص الأول لتعبير الناس وخياراتهم الحرة عن إرادتهم، فإن المرحلة الثانية جاءت مع الثورة الفرنسية العام 1789 التي نادت بمبادئ الحرية والإخاء والمساواة، خصوصاً وقد هيأت حاضنتها الثقافية في نشر الوعي والثقافة الديمقراطية، لاسيما بمساهمة مفكرين كبار من أمثال مونتسكيو وكتابه “روح الشرائع”، وفولتير وكتاباته عن التسامح، وجان جاك روسو وكتابه عن “العقد الاجتماعي” . وعلى الرغم من العنف الذي صاحب هذه المرحلة وما شهدته أوروبا لاحقاً من حروب ونزاعات، إلاّ أن إعلان حقوق المواطن الذي صدر في العام 1791 كان مدماكاً أساسياً في قضية حقوق الإنسان والفكرة الديمقراطية بشكل عام .

تعتبر المساهمة الفرنسية والإضافة الأمريكية المهمة، لاسيما بصدور الدستور الأمريكي 1776 الذي جاء تتويجاً لوحدة الشمال والجنوب بعد حروب دامت سنوات طويلة من مراحل تطور الديمقراطية، خصوصاً أنها ظهرت مع نشوء الدولة القومية في أوروبا .

وشهد القرن العشرون المرحلة الثالثة الواسعة للديمقراطية بحيث شكّل انعطافاً كبيراً نحو الحكم الديمقراطي، مهّد لذلك مرحلة انتقالية اتسمت بانتشار الأفكار الديمقراطية وحق تقرير المصير، أسهمت فيها الحركة الاشتراكية اليسارية من جهة ولاسيما لينين بعد ثورة أكتوبر العام 1917 والأفكار الليبرالية، خصوصاً ما عُرف بمبادئ الرئيس الأمريكي ويلسون من جهة أخرى، ووجدت بعض تطبيقاتها في نهاية الحرب العالمية الأولى، على الرغم من عدم تمكّن الرئيس ويلسون من إدراج حق تقرير المصير في عهد عصبة الأمم العام ،1919 الأمر الذي أصبح ممكناً بعد الحرب العالمية الثانية، سواءً ما تضمنه ميثاق الأمم المتحدة الصادر في 24 حزيران (يونيو) 1945 أو بعد ذلك في العديد من الوثائق الدولية، لدرجة أن إرهاصات الديمقراطية اتسعت وأخذت بُعداً كونياً، على الرغم من الكوابح والمعوّقات التي وقفت بوجهها أو اعترضت طريقها، لاسيما بصعود النازية في ألمانيا في العام ،1933 وسيادة الفكر الشمولي الفاشي والاشتراكي ومواجهة وازدراء الفكرة الديمقراطية وآلياتها .

احتوى ميثاق الأمم المتحدة مسحة ديمقراطية وبُعداً تنويرياً أسهم فيهما توازن القوى السائد آنذاك، لاسيما بعد الحرب العالمية الثانية، واكتسب عمقاً إيجابياً بصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948 والعهدين الدوليين، الأول العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والثاني العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادران عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، العام 1966 والداخلان حيّز التنفيذ في مارس/ آذار 1976 .

وفي السبعينات من القرن الماضي يمكننا القول إن الموجة الرابعة للديمقراطية بدأت حين استكملت أوروبا الغربية أنظمتها الديمقراطية، لاسيما في البرتغال وإسبانيا واليونان، حيث انهارت الأنظمة العسكرية الدكتاتورية، التي كانت من مخلّفات الحرب العالمية الثانية، لتبدأ موجة جديدة للتحوّل الديمقراطي، خصوصاً في ظل سياسة الوفاق الدولي بين الشرق والغرب، الذي تكرّس في مؤتمر هلسنكي للأمن والتعاون الأوروبي في العام 1975 .

وإذا كانت الانقلابات العسكرية تتعارض مع الفكرة الديمقراطية، لكنها في حال أوروبا الغربية، وخاصة في البرتغال واليونان، كانت مقدّمة أولى للتحوّل الديمقراطي، خصوصاً بما وفرته من بيئة ثقافية ومن حرية التعبير وحق ممارسة العمل السياسي والمهني والنقابي، على نحو قانوني وشرعي، في ظل دساتير ديمقراطية تؤكد تداولية السلطة وإجراء انتخابات حرّة ونزيهة .

ولعل واحداً من أسباب التحول الديمقراطي تآكل النظم الشمولية ووصول التنمية إلى طريق مسدود، والموقف المتغيّر إزاء قضية حقوق الإنسان، وتطوّر وسائل الاتصال والمعلومات والثورة العلمية- التقنية .

أما الموجة الخامسة من الديمقراطية فقد شملت دول أوروبا الشرقية بالدرجة الأساسية التي بدأت فيها عملية التحوّل على المستوى العالمي منذ أواخر ثمانينات القرن العشرين، لكن هذه الموجة اتّسمت بتفتيت العديد من البلدان وانقسامها، حيث انقسم الاتحاد السوفييتي السابق إلى دول عدة، ونشبت حروب ونزاعات دولية وإقليمية وعالمية بين الكيانات القائمة، كما انقسمت يوغسلافيا إلى خمس دول انضمّت جميعها إلى الأمم المتحدة، وكان آخرها استقلال إقليم كوسوفو عن صربيا، واعتراف محكمة العدل الدولية بتاريخ 24 يوليو/ تموز 2010 بأن هذا الانفصال لا ينتهك مؤتمر القانون الدولي، وانقسمت تشيكوسلوفاكيا إلى بلدين هما تشيكيا وسلوفاكيا بعد فيدرالية دامت عقوداً من الزمان .

لكن موجة الديمقراطية الخامسة انكسرت عند شواطئ البحر المتوسط، فلم ينعم العالم العربي بالموجة الديمقراطية التي سادت في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية، بسبب المصالح والمساومات الدولية لحماية الأنظمة الصديقة للولايات المتحدة، لكن البيئة الدولية اليوم صالحة لإجراء التغييرات، لاسيما في ظل المناخ الجيو سياسي الفكري والحقوقي على المستوى الدولي، خصوصاً، بوصول النظم القديمة، ذات الطابع الشمولي والتسلطي إلى طريق مسدود، واستنفاد الرصيد المادي والمعنوي الذي يمكن أن تقدّمه لقضية التنمية، وكذلك لظهور حركات اجتماعية جديدة يلعب فيها الشباب الدور المتميّز والحاسم، خصوصاً في ظل بروز دور المجتمع المدني وانحسار دور الأحزاب الكلاسيكية والتقليدية وفشل المشاريع الجاهزة ذات التوجه الراديكالي الاشتراكي أو القومي والإسلامي .

وليس بعيداً عن ذلك تبدّد الآمال التي بناها بعضهم حول دور العامل الدولي والأمريكي تحديداً في دعم التحوّل الديمقراطي، هذا العامل الذي ظلّ يراهن على الأنظمة بسبب التزامات دولية، فضلاً عن مقتضيات الصراع العربي “الإسرائيلي”، المنحاز إلى “إسرائيل” الأمر الذي أدّى إلى نوع من التيه السياسي سبّب حيرة لدى الكثير من المنشغلين بقضايا الفكر السياسي والاجتماعي والقانوني، لاسيما أن مشروع التحوّل الذي روّجت له الإدارة الأمريكية وأرادت فرضه كان نموذجاً مشوّهاً، سواءً في أفغانستان أو العراق أو غيره .

وإذا كانت الديمقراطية تعني باختصار سيادة الشعب عبر ممثليه وحق تقرير مصيره بإرادته الحرّة، فكيف يمكن للديمقراطية أن تشرق في ظل الاحتلال وبإشرافه، وإذا كان قد حصل ذات مرّة، فهي مسألة استثنائية أو خارج السياق، فالصراع في هذا الحال يتأسس على الشعب وقواه لا من أجل الفوز بالسلطة، بل بالضد من الاحتلال .

لذلك كانت واشنطن أول من رفض “ديمقراطية” فلسطين التي جاءت بحماس . أما “ديمقراطية” أفغانستان، فقد كانت للقبائل والفساد والرشا، و”ديمقراطية” العراق كرّست معها الطائفية والإثنية والانقسام المجتمعي والعنف المنفلت من عقاله، فضلاً عن التدخل الخارجي . ولعل ضعف الثقافة الديمقراطية لدى مجموع الأحزاب والقوى السياسية جعلها عرضة للتنازع الطائفي والمذهبي والإثني والعشائري .

الديمقراطية في الغرب سعت لتمثيل الشعب، في حين أن النخب في العالم العربي كانت توظّف الشعب لمصلحتها . ومن المفارقات الأخرى أن الهامش الديمقراطي أحيا الطائفية والإثنية والمذهبية والعشائرية، أي انتماءات ما قبل الدولة، مثلما أضعف فكرة المواطنة . وإذا كانت الديمقراطية جزءاً من منظومة الحداثة التي تعني العقلانية والمدنية والعلمانية، فإنها في الكثير من التجارب المشوّهة عادت إلى ثقافة الجهل مقابل ثقافة “الفيس بوك” وثقافة الأزياء الرجالية والنسائية مقابل ثقافة العلم والتكنولوجيا، وهكذا لم تعد الديمقراطية خشبة نجاة أو مخلّصاً من الفقر أو دليلاً على تمثيل شعبي حقيقي .

الموجة السادسة للديمقراطية كانت مفاجئة، وهذه المرّة ابتدأت من العالم العربي على عكس ما هو متصوّر، وإذا كان بعضهم قد وصل إلى قناعات وأخذ يروّج لما مفاده أن الحديث عن الجماهير أصبح “مجرد خرافة”، وأن عصرها قد انتهى ولا مجال لاستعادة الثورة الإيرانية أو ثورة بلدان أوروبا الشرقية، وأن دورها السياسي غير موجود، ولا ينبغي أن يكون، وكل ما تحتاجه تجارب التحوّل الديمقراطي هو كفالة آلية انتخابية فعّالة، لكن التجربة التونسية والتجربة المصرية كانتا نموذجين جديدين، على فرض إرادة الجماهير باللاعنف، أي الحصول على الحق عبر الاحتجاج السلمي، للكتل البشرية، من دون قيادة تقليدية، بل بحركات شعبية لعب فيها الانترنت والتويتر والفيس بوك والهاتف النقال والإعلام دوراً كبيراً، بل لا غنى عنه لا في نجاح التجربتين فحسب، بل على قدرتهما على فضّ النزاعات بين الحكم والشعب من جهة وبين النخب ذاتها من جهة أخرى، بطريقة مدنية حضارية سلمية راقية، الأمر الذي جعل “العدوى” تشمل عدداً من البلدان التي تنتظر التغيير الديمقراطي .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخشى من إجهاض الانتفاضة التونسية
- العولمة: ربّ ضارة نافعة!
- خطاب القوة والتطرف معكوساً
- منولوج جو بايدن!
- خطاب ما بعد الكولونيالية: مراوغات الواقع
- ما بعد الانتخابات العراقية: استحقاقات وتحديات المستقبل !
- الغضب المصري بعد الانتفاضة التونسية
- قراءة تأويلية عن حضارة وادي الرافدين لكتاب متميّز
- ماذا بعد استهداف مسيحيي العراق؟
- صورة تونس النمطية: مقايضة السياسة بالاقتصاد!
- مفارقات انتفاضة الياسمين ودلالاتها!!
- حقوق الانسان في الوطن العربي:المنظمة العربية لحقوق الانسان ف ...
- الأمن الغذائي .. الحق في الطعام!
- بغداد قندهار: أيّ مقايضة؟
- ساحل العاج دولة برئيسين
- حرب باردة في خليج ساخن
- الاستفتاء السوداني: بين الديناميكية والسكونية !
- بعد 50 عاماً مصير -حق- تقرير المصير
- العمل العربي المشترك: أي دور للمجتمع المدني؟
- استفتاء أم استثناء؟


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - عواصف التغيير الديمقراطي: أي خريطة طريق؟