أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - بشير خلف - ظاهرة انتحار التلاميذ..إنذارٌ بفشلِِ النظام التربوي















المزيد.....

ظاهرة انتحار التلاميذ..إنذارٌ بفشلِِ النظام التربوي


بشير خلف

الحوار المتمدن-العدد: 3285 - 2011 / 2 / 22 - 21:59
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


" التعليم هو أقوى الأسلحة التي يمكن بها أن نغيّر العالم."
( نيلسون مانديلا..زعيم جنوب إفريقيا)

أن ينتحر بعض الشباب احتجاجًا على أوضاعهم الاجتماعية، وتجاهل مطالبهم الضرورية، والتي هي حقًّ إنسانيٌّ أقرّته وتقرّه الديانات السماوية،والقيم الإنسانية والاجتماعية، وكذا القوانين الوضعية ـ وإنْ كان هذا الانتحار دينيا محرّمًا لأنه تحدٍّ للإرادة الإلهية، واحتجاجًا على هذه الإرادة العليا فيما قسّمتْه من أرزاقٍ عل بني البشرـ فهذا موضوع يبقى قابلاً للتحليل والنقاش كلٌّ ينظر إليه من منظوره الشخصي، أو من خلال فلسفته، والقيم التي يضعها معيارًا لموضوع الانتحار؛ أمّا أن ينتحر التلميذ الذي لا يزال في مقتبل العمر، وفي مؤسسته التعليمية التربوية التي يدرس بها، أو أمام بابها تحديدًا، فهذا يُعتبرُ دقَّ ناقوسِِ الخطرِ في نظامنا التربوي.
في هذا السلوك الانتحاري..الفعل الإنساني المأسوي كتبت أغلب الصحف الوطنية يوم الثلاثاء 09/02/2011، أن أحد تلاميذ المرحلة الثانوية يدرس بإحدى البلدات الصغيرة في ولاية من ولايات الشرق الجزائري، يبلغ من العمر 16 سنة أقدم على محاولة الانتحار أمام ثانويته التي يدرس بها.
لا يهمّنا في هذا السيّاق إنْ كان الدافع إلى ارتكاب هذا السلوك العدواني الشرس تجاه الذّات يعود إلى رفضه الامتثال لطلب المدير القاضي بضرورة إحضار وليّ أمره، حتى يُسمح له بالعودة إلى مقاعد الدراسة، بعد غيابه عن بعض الحصص، أم إلى دوافع أخرى لم تظهر بعد؛ لكن أن يُرتكب هذا الفعل من تلميذ أمام المؤسسة التي يدرس بها، ولم يحدث في مكان آخر، فالأمر يقودنا بداهة إلى أن هناك خللاً في النظام التربوي عندنا، وفشل المؤسسة التعليمية في القدرة على احتضان المتعلمين، وقبل تزويدهم بالمعارف بشتى مجالاتها، فشلت في غرْس القيم السامية لديهم، والفشل لم تنفرد به مرحلة تعليمية دون أخرى، فمرحلة المراهقة كما هو معروف من أخطر المراحل التي يمرّ بها الفتى، وتمرّ بها الفتاة، فإذا ما كان كلاهما مهيّأً لها، وأدّت الأسرة وظيفتها في هذا الشأن، وكذا المؤسسة التعليمية التي بحكم تخصصها التربوي والتعليمي أحسن أداء، فإن المراهق والمراهقة سيمرّان بسلام إلى مرحلة الشباب.
إن الانتحار كما يعرفه علماء النفس والاجتماع، هو نوع من الانتقام وإلحاق الأذى بالذات الإنسانية، بمعنى أنه سلوك يتخذه الفرد من أجل إنهاء حياته، وتختلف طرق الانتحار من شخص إلى آخر، لكن هدفه واحد وهو الموت.
ويرى كل من علماء النفس، وعلماء الاجتماع أن السبب الرئيس لفعل الانتحار يرجع أساسا إلى عنصر الكآبة، وهو شعور يكون مسيطرا على الذات الإنسانية سيطرة تامة، قد تجعل من الذات لديها قابلية على الانتحار. كما أن الشعور بالغضب واليأس لدى بعض الأفراد اتجاه العالم الخارجي سببٌ رئيسٌ في الإقدام على الانتحار، نظرا لأنهم يعتقدون أن هذا العالم لا يفهمهم، وليس هناك من يهتم أو يشعر بهم.
ولا ننسى أيضا عامل التربية الأسرية، فكلما كانت الأسرة تسودها التفرقة والشقاق، ويغيب عنها نوع من الحب والثقة المتبادلة بين أفرادها، وعدم التواصل والتوافق، فإن نسبة الإقدام على فعل الانتحار داخل هذه الأسرة تكون واردة وفي تزايد مستمر، بالإضافة إلى هذه الأسباب هناك أسباب اجتماعية لها علاقة بظاهرة الانتحار، كالبطالة والفقر والحروب، وتناول المخدرات وغيرها.
قد يكون هذا الطالب المراهق الذي أقدم على الانتحار ينحدر من عائلة يسودها عدم الوفاق، والاختلاف المستمر،والتشاحن بين الوالديْن،وربّا الفاقة؛ إنما هذا الطالب لا يزال بعيدًا عن إشكالية البطالة، وتحمّل مسؤولية الأسرة، أو العيش في جوّ الحروب، أو غيرها من الظواهر الاجتماعية غير السويّة.
أن ينتحر طالب مراهق يبلغ من العمر 16 سنة أمام مؤسسته التعليمية، وأمام زملائه، وأمام المارة بصبّ البنزين على كامل جسده، وإشعال النار فيه، وهو واعٍ كل الوعي بما يقوم به، معناه أن النظام التربوي في مراحله الابتدائية، والمتوسطة، والثانوية لم يسلّح هذا الطالب بالقيم الروحية، والوطنية، والاجتماعية، ولا بالمعارف التي تُشبع ضمأه، ولا بإحداث التوازن بين العلوم الإنسانية، والعلوم الطبيعية، ولا بفهمه، ولا بمساعدته بالإرشاد النفسي، والتقرّب منه لتجاوز هذه المرحلة الصعبة.
فتى في عمُر 16 سنة معناه في ذروة مرحلة المراهقة، وفي أخطرها، أيضًا حينما يُقبل على ارتكاب هذا السلوك العدواني في هذا العمر، وفي سنته الأولى بمرحلة التعليم الثانوي معناه أن آماله التي كان يراها" وردية" لمّا ينتقل إلى هذه المرحلة من التعليم، وبعد دراسة بها لم تزدْ عن خمسة أشهُرٍ خيّبت آماله.
أين الخلل يا تُرى في المنظومة التربوية بكليتها، بداية بالأسرة، ونهاية بالمجتمع بكل عوامل التربية فيه،مرورًا بالمؤسسة التربوية التعليمية بكلّ أطوارها ؟ أم في اهتزازات النظام التربوي التعليمي، وعدم وضوح الرؤيا فيه حتّى للقائمين به، وعليه؟ أم في المؤثرات الخارجية، وهي ليست قليلة؟ أم في الإصلاحات التي تتالت بالكاد في كل سنة؟ أم في الرؤى المعاصرة لدى الأجيال الجديدة لِــمَا هو موجود، وعدم اقتناعهم به، وهم بين عدة خيارات منها الثورات الشبابية الكاسحة، المدمّرة لكل ما هو موجود أمامهم بشرًا وحجرًا، وإمّا الانسحاب المدمّر للذّات بالانتحار، والانحراف في كل صُوره، أو بـ " الحرقة" ومغادرة الوطن، وهو أقلّ الأضرار.
في رأيي الشخصي تتحمّل جزءا من المسؤولية المؤسسةُ التعليميةُ التي فشلت في منْح تلاميذها، وطلاّبها الأمان، والشعور النفسي بالرضا، والتوافق، والتكيّف، والإحساس بالمسؤولية من خلال الرعاية الشاملة، وكذا من خلال تقديم تعليم ذي جودة..ذلك أن جودة التعليم يُقصد بها:
"فلسفة شاملة للحياة؛ والعمل في المؤسسات التعليمية تحدد أسلوبا في الممارسة الإدارية بهدف الوصول إلى التحسين المستمر لعمليات التعليم، والتعلم، وتحسين مُخرجات التعليم على أساس العمل الجماعي بما يتضمن رضا المعلمين، والطلبة،وأولياء الأمور، وسوق العمل".



#بشير_خلف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتاب الورقي على عرشه باقٍ
- بئس بعض المثقفين المزيفين
- تجليات الخطاب الشعري الجزائري المعاصر مقاربات متنوعة للخطاب ...
- ..عندما تقود الثقافةُ السياسةَ
- الخطاب الديني بين الغلوّ والاعتدال
- نعمة الطبيعة وجمالها
- الفنون الجميلة من رؤى إسلامية
- المبدع ومحنة الامتثال
- التراث والهوية ..التماهي والتكامل
- الفيلسوف المفكر مالك بن نبي ..في ذكرى مولده ووفاته
- التنمية الثقافية ..البعد الباهت !!
- تنمية الحجر قبل تنمية البشر
- اختلف الناس في فهمهم للجمال
- متى نثمّن العلم ونوقّر العلماء؟
- لا إبداع بدون حرية
- إشكالية الحداثة في القصيدة العربية الحديثة
- الإبداع الأدبي أهو نقمة أم نعمة على مبدعه ؟
- الكتابة : متعة المعاناة في البوح والإمتاع !!
- ثقافة الطفل ليست هي التعليم
- الكتابة للطفل بين العلم والفن


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - بشير خلف - ظاهرة انتحار التلاميذ..إنذارٌ بفشلِِ النظام التربوي