أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - إنتفاضة شعبية فى إيران : وجهة نظر شيوعية ماوية(الفصل الثالث من كتاب -جمهورية يران الإسلامية : مذابح للشيوعيين و قمع و إستغلال و تجويع للشعب-)















المزيد.....



إنتفاضة شعبية فى إيران : وجهة نظر شيوعية ماوية(الفصل الثالث من كتاب -جمهورية يران الإسلامية : مذابح للشيوعيين و قمع و إستغلال و تجويع للشعب-)


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3286 - 2011 / 2 / 23 - 00:47
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


من حقنا أن نثور على الرجعيين – ماو تسى تونغ .
------------------------------
-- إذا أردنا أن ندرس قضية ما فعلينا أن ننفذ إلى جوهرها، و لا نعتبر مظاهرها إلا دليلا يقودنا إلى عتبةالجوهر، و إذا ما إجتزنا العتبة فعلينا أن نمسك الجوهر ، و هذه هي وحدها الطريقة العلمية المعتمد عليها فى تحليل الأشياء.

-- إن أسلوب التحليل هو الأسلوب الديالكتيكي . و نعنى بالتحليل تحليل التناقضات الكائنة فى الأشياء. و بدون معرفة تامة بالحياة و فهم حقيقي للتناقضات المراد بحثها ، يستحيل إجراء تحليل سديد.
مقتطفات من أقوال الرئيس ماوتسى تونغ.
================================================================
- مقدمة
/ الجزء الأول : تحاليل ماوية I
/ الجزء االثاني : تغّير فى التكتيك الأمريكي II
مواقف الثوريات الإيرانيات / الجزء الثالث : III
الشيوعيون الماويون فى خضم الإنتفاضة / الجزء الرابع : VI
/ الجزء الخامس: بصدد الإنتخابات الإيرانية – بيان الشيوعيين الماويينV
====================
مقدمة المترجم :
إن ما جدّ فى إيران لأمر جلل. فالحركة الشعبية العارمة التى أشعلت فتيلها النتائج المزوّرة للإنتخابات الرئاسية كقطرة أفاضت كأس الغضب و السخط الشعبيين على النظام الإستغلالي والإضطهادي القروسطي للجمهورية الإسلامية و ما كبّده للجماهير من فقر و عوز و قمع و تعذيب و قتل لأفضل أبناء و بنات الشعب. و من حيث الزخم الجماهيري و عمق التمرّد و إمتداد الإحتجاج إلى تقريبا كافة أنحاء البلاد و الشعارات المرفوعة ، تعدّ هذه الحركة الشعبية أهمّ أحداث شهدتها الحياة السياسية العامة فى إيران منذ ثلاثين سنة. و قد تمكّنت هذه الحركة التى يجب بلا مراء نعتها بالإنتفاضة الشعبية و ليس ب "المظاهرات " و "الإضطرابات" ( ...) أو ب"زوبعة فى عباءة" فى عملية إستهانة وتلميح لزوبعة فى فنجان ( ...) أو بمجرّد "أزمة إنتخابية" (...) من كسر عديد القيود و تحطيم شرعية النظام الإسلامي الرجعي وزعزعته و من تعميق تناقضاته الداخلية و تناقضه مع الشعب و هذا فى حدّ ذاته عبارة عن تحوّل نوعي و دخول فى مرحلة جديدة من الصراع الطبقي فى إيران. و من لم ير هذا أعمى بعيون إخوانجية أو إنتهازية .
إزاء هذا الحدث الجلل ، تعامل ما يطلق على نفسه "يسارا " بنوع من الإستهانة سنحلّل بعض أوجهها لاحقا. فى حين أنه من المهمّ و المهمّ للغاية فهم عمق الصراع الطبقي فى إيران و الإستفادة منه و من دروسه للتقدّم بالصراع الطبقي قطريا و عربيا و أمميا.
عجيب أمر الذين تقرأ لهم فى تحاليلهم القديمة لواقع الحركة الشيوعية وحركة التحرّر الوطني و الحركة الديمقراطية فى هذا القطر و فى الوطن العربي و عالميا فتلمس لمس اليد إعترافهم بتراجعها جميعا، لا سيما عربيا و هم يعزون هذا التراجع فى جانب هام منه إلى إنتشار و إشتداد عود الحركات الأصولية الإسلامية لأسباب متنوعة ليس هنا مجال تفصيلها و بفعل يد عون الأنظمة الرجعية و الإمبريالية. و الأعجب أنهم يتفقون تقريبا على أن وصول الخميني إلى سدّة السلطة مثّل نقطة تحوّل تاريخية فى الشرق الأوسط و فى البلدان العربية لما كان لذلك من تأثير على إكتساح الإصوليين الإسلاميين الساحات و هجومهم المسعور على الشيوعية و الأفكار التحررية و التقدمية و النيّرة باثين الظلام بكمّ هائل إلى درجة تسرّبه إلى بعض المثقفين الذين تحوّلوا من مواقع " اليسار" إلى تبنى الأصولية الإسلامية و الدعاية الفجّة لها بشكل أو آخر.
و العجب العجاب أن لا يولي هؤلاء و أولئك أحداث إيران حقّها من المتابعة و التحليل و الدراسة و لايستشفوا منها دروسا تخوّل لهم ليس فضح الظلاميين و خوض صراعات لازمة و متأكّدة معهم و أيضا نشر الفكر العلمي فحسب بل ويبثّون الضباب و حتى المغالطات و الأكاذيب بصددها.
إيران كانت حقيقة و لاتزال نموذجا للغالبية العظمى للتيارات الأصولية الإسلامية منها إستلهموا بعض الأفكار و الكثير من القوة بإعتبار إيران مثالا حيّا نابضا لإمكانية وصول الأصوليين الإسلاميين إلى السلطة و المحافظة عليها و بناء مجتمع إسلامي يعزّز الحركة الظلامية عبر العالم و يعضدها بما أوتي من قوّة مادية و معنوية.
تصوّروا الآن تحوّل إمكانية الإطاحة بنظام جمهورية إيران الإسلامية إلى واقع ملموس، تصوّروا تفكّك هذه الدولة القروسطية و مدى المدّ النضالي و طموح الإنعتاق الوطني و الطبقي و الطاقة التحررية التى سيطلقها الحدث بالنسبة لشعوب الشرق الأوسط فشمال إفريقيا و آسيا و العالم بأسره.
تصوّروا دحر أحد محركات – أو قلب رحي- وركائز الحركات الإسلامية وقد تعرضت بعدُ حركات أصولية أخرى فى عديد البلدان إلى ضربات موجعة و مدى فسح ذلك للمجال لإنكسارات داخلية فى صفوفها و لخوض النضالات ضدّها و فضحها على أوسع نطاق شعبي ممكن.
تصوّروا بالإضافة إلى ذلك أن تكون الإطاحة بنظام جمهورية إيران الإسلامية الرجعي القروسطي على أيدى قوى شعبية تقودها البروليتاريا و توجهها الشيوعية.
تصوّروا هذا و أكثر ، ألا يستحق منّا حينئذ السعي حثيثا لمعرفة حقيقة ما حدث فى إيران و دراسته و تحليله وإستخلاص الدروس منه لدفع عجلة الصراع الطبقي و التاريخ من موقع أممي ووحدة الطبقة العاملة مصيرا و مهمّة تاريخية ؟ إذا كنا فعلا شيوعيين هذا الأمر يستحق العناء كلّه بل هو من صميم واجباتنا الثورية الأممية.
لعلّ إستهانة غالبية "الشيوعيين" بالإنتفاضة الشعبية فى إيران تفسّربسببين إثنين. أمّا السبب الأول فهو إنغماس البعض فى مبايعة الأصوليين الإسلاميين وتصنيفهم ضمن المعادين للإمبريالية و الديمقراطيين أو حتى التحالف معهم و أما السبب الثاني فهو إستشراء الجهل و التجهيل فى صفوف مجموعات "اليسار" حيث أدّت التوجّهات الإنتهازية والشوفينية و الإنعزالية و النقابوية فى ترابط جدلي مع عدم صحّة الخط الإيديولوجي و السياسي السائد داخل تلك المجموعات إلى ردم هؤلاء و أولئك رؤوسهم فى رمال الحركة النقابية النقابوية لا غير تقريبا قاطعين- بإستثناء ...- لعقود روابطهم بالحركة الشيوعية العالمية و صراعاتها .
قلّة قليلة من مناضلات و مناضلي "اليسار" متمكّنين من حيثيات الصراع الطبقي فى إيران من الناحية التاريخية و القوى و الأحزاب و البرامج و ما إلى ذلك. و حتى من تملّك النزر القليل من المعرفة ، فى إطار سلوك التجهيل و نشر الجهل و جعل الرفاق أتباع عوض تكوينهم تكوينا صلبا ماديا جدليا و تاريخيا من منظور الثورة البروليتارية العالمية، ببساطة يتجاهلون الحديث عن الموضوع خاصة إذا تعلّق الأمر بنضالات تقودها منظمة شيوعية أو يقودها حزب شيوعي لهم معه خلافات إيديولوجية عميقة و مثال ذلك التعمية التامة عن حرب الشعب الماوية و الصراع الطبقي فى النيبال لأكثر من عقد من قبل مثلا ... و ... ومجموعة ... التى سكتت دهرا و نطقت خلفا بصياغة فقرة قصيرة عابرة عن النيبال و الماويين مليئة كذبا و جهلا مواصلة ما بدأته من قلب للحقائق بشأن الماوية شانة عليها هجوما مسعورا معتمدة أساليب الإنتهازية جميعها فى "..." وفى " ..." ...أين تجاهل ... تماما و كليا إنتفاضة آمول الماوية سنة 1981 ضد الجمهورية الإسلامية و ما كفاهم ذلك بل جعلوا فى حركة بهلوانية تطعن الحقيقة بخنجر الكذب أبطال آمول الشيوعيين الثوريين الماويين حلفاء الخميني!
ولأن مجال هذه المقدّمة لا يسمح، سنسلّط سياط النقد بإقتضاب وفقط على موقف ...
صحيح أن الحدث العظيم فى إيران جاء فى البداية إفرازا لصراع كتلتين صلب النظام القروسطي حول كيفية الحكم و إنقاذ النظام من الإنهيار حيث تعتقد كتلة "الإصلاحيين " أنه سيتداعى إن لم تدخل عليه بعض الإصلاحات بينما تخشى الكتلة المحافظة أن تسرّع هذه الإصلاحات فى تداعى النظام وقد برزت هذه الخلافات منذ فترة إنتخاب خاتمي رئيسا قبل 12 سنة و إشتدّت مذّاك . لكن صحيح أيضا أن حتى هذا الصراع هو تعبير عن عدم قدرة الطبقات الحاكمة مواصلة الحكم كما حكمت فى السابق و صحيح أيضا أن التناقضات صلب كتل النظام الرجعي تفاقمت و إحتدّت بفعل الضغط الشعبي و إشتداد التناقضات العالمية. و هكذا يتداخل التناقض فى صفوف النظام و التناقض بين الشعب و النظام و بهذا تختلف هذه الإنتفاضة عن إنتفاضة 78-79 حيث كان التناقض واضحا بين الشعب من جهة ونظام الشاه من الجهة الأخرى. و ليس أقلّ صحة أنّ تناقض الكتل إن لم يفهم شعبيا يظل مصدرا لأوهام إمكانية التغيير من داخل النظام. و الجماهير التى إستغلت الإنشقاق الذى أضعف النظام لتنزل إلى الشارع فسحت المجال أكثر فأكثر للشباب الراديكالي و الثوري من الطبقات الشغيلة و البرجوازية الصغيرة و الوسطى ليهيمن على التحركات بعدما إنسحب أبناء الطبقات العليا من الشوارع .
و لكن بعدُ لم يحدث تحوّلا نوعيا و لا زال الكثيرون تحت التأثير الإصلاحي ليس فقط لكتلة النظام و لكن أيضا لمساندي "الإصلاحيين" من قوميين-دينيين و فدائيين و حزب توده ... و كان على الشيوعيين الحقيقيين،الثوريين أن يبذلوا قصارى الجهد ليرفعوا وعي الجماهير و ليحدثوا إستقطابا طبقيا يحوّل صراع الكتلتين الرجعيتين إلى حرب جماهيرية ضد النظام ككلّ وفعلا حاولوا رفع الراية الحمراء الثورية بدلا من الراية الخضراء الإصلاحية.
لا ظلّ للشكّ فى أن الصحف المذكورة أعلاه تجاهلت عن جهل أو عمدا عامدة مساهمة الشيوعيين بتياراتهم المتباينة فى الإنتفاضة الشعبية و( بالفعل كما سنرى كان لها تأثير هام و هام جدا) و كأن هذه القوى غير موجودة أصلا و كأنه لا وجود لتناقض بين النظام و الشعب. ياله من تحليل ملموس لواقع ملموس ! إنّه المنهج المثالي فى أحد أبرز تجلياته .و هذا من ناحية يجافى الحقيقة و ما تنطق به الوقائع و الوثائق و من ناحية ثانية يخدم القوى الظلامية داخل إيران و خارجها و من ناحية ثالثة يعتّم على نقاط الضوء فى هذه الظلمة الدامسة فى الشرق الأوسط.
....
وتتنزل مقدمتنا هذه و ترجمتنا و عرضنا لوثائق للشيوعيين الماويين الإيرانيين و من العالم بصدد الإنتفاضة الشعبية فى إيران فى إطار تسليط الضوء على نقاط يروم أعداء الثورة فى إيران و عالميا طمسها .
ينهض الجزء الأول من هذا العمل على مقالات ثلاثة تحليلية ماوية (أخبار "عالم نربحه") لأحداث ثلاثة أسابيع متتالية من الإنتفاضة. وفى الجزء الثاني يفسّر مقال شيوعي ماوي التغيير فى التكتيك الأمريكي الذى أخفقت الإنتهازيون فى فهمه حيث إدّعوا مثلا أن "المقاربة الجديدة للعلاقات مع إيران تقوم على الحوار فى كنف الإحترام المتبادل و الأخذ بعين الإعتبار للمصالح و المطامح المشروعة للجمهورية الإسلامية " بينما يمكن تلخيص التكتيك الأمريكي الجديد فى سياسة "الجزرة و العصا" .و لمزيد فهم الموقف الأمريكي لمن لا خلفية تاريخية لديه حول الجرائم الأمريكية تجاه الشعب الإيراني أرفقنا ذلك بموجز للتاريخ المعاصر لإيران. وتاليا، فى الجزء الثالث ، إنتقلنا بكم إلى وثيقتين للثوريات الإيرانيات المناهضات للرجعية و للإمبريالية فى آن معا ضمن منظمة نساء 8 مارس ( إيران- أفغانستان) التى نظّمت عدّة تحركات نضالية لدعم الإنتفاضة و فضح أعداء الثورة لا سيما فى العواصم والمدن الأوروبية . الوثيقة الأولى تشرح للرأي العام العالمي الأحداث التى تشهدها إيران و الثانية المكتوبة قبل الإنتخابات المهزلة تدعو لمقاطعتها.
و لا يفوتنا طبعا ، فى الجزء الرابع من هذا العمل أن نعرّف بمواقف الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي-اللينيني-الماوي) و خطّه الشيوعي الثوري فى خضمّ الإنتفاضة الشعبية لننتهي ،عوضا عن الخاتمة ، إلى وثيقة أخرى لهذا الحزب صاغها قبل الإنتخابات فيها يتناول بالتحليل مسرحية إنتخابات الملالى و الموقف الثوري منها.
و ننهى هذه المقدّمة بالتنبيه إلى الحاجة إلى وعي الشيوعيين لضرورة ملحّة من مهام النضال على الجبهتين الإيديولوجية و السياسية ألا وهي مهمّة دراسة و كتابة مقالات تحليلية و نقدية طويلة و لما لا كتب لتعرية و فضح مشاريع و تجارب الأصوليين الإسلاميين فى البلدان العربية و غير العربية و نشرها شعبيا و التصدّى لهذه المهمّة العظيمة من منظور شيوعي ثوري و النجاح فى إنجازها من شأنه أن يكنس الكثير من العوائق الحائلة دون رفع وعي الجماهير وإنتشارالفكر العلمي و المشروع الشيوعي شعبيا فالظلامية لن تضمحلّ بمحض إرادتها ، يجب علينا كنسها كنسا شأنها فى ذلك شأن الغبار الذى لا يتلاشى لوحده ليدع المكان نظيفا بل ينبغى علينا كنسه إذا ما رمنا تنظيف المكان .



----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الجزء الأوّل : تحاليل ماوية
1 / إنتفاضة الشباب فى إيران
( 15 جوان 2009)
أفرزت نتائج الإنتخابات الرئاسية الإيرانية المتنازع عليها تطوّرات لم يسبق لها مثيل و جعلت الجمهورية الإسلامية تواجه أزمة جدّية فى كلّ من هيكل السلطة و المجتمع. صدم إعلان أن الرئيس أحمدى نجاد كسب بشكل واسع إعادة إنتخابه و فاجأ الملايين من الذين لم يصوتوا لصالحه. فشرع الشباب الغاضب و النساء الغاضبات فى الخروج إلى الشوارع على الفور. منذ ذلك الحين حدثت إشتباكات بين قوات الأمن و الشابات و الرجال فى المدن فى سائر أنحاء البلاد. و بالإضافة إلى الإحتجاجات الضخمة فى طهران ، حدثت إحتجاجات عديدة أخرى فى المدن و البلدات فى كافة أنحاء إيران و فى عدّة جامعات و منها جامعات شيراز و أصفهان و تبريز و رشت و قزوين و همذان.
فى 15 جوان ، غصّت شوارع إيران بمئات الآلاف من المتظاهرين . و قال بعض المشاركين إنه كان هناك مليون شخص ، و على كلّ حال يتفق المراقبون على أن ذلك كان الإحتجاج الأضخم منذ ثورة 1979 التى أسقطت نظام الشاه المدعوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و أعظم حدث شهدته الحياة العامة الإيرانية منذ الثمانينات. قتلت ميليشيا النظام، الباسيج ، على الأقل ثمانية من المتظاهرين، وفق تقارير أولى.
دعا المرشحون " الإصلاحيون" إلى هذه المظاهرة لكن وزير الداخلية رفض إصدار رخصة لها وحذّر نائب رئيس قوات الأمن ، أحمد رضا رادان ، أنه لن يسمح بأية مظاهرة غير قانونية . و هدّد المرشح مير حسين موسوى بأنه إذا لم تصدر رخصة فإنه سينظّم إعتصاما عند قبر آية الله خمينى ، مؤسس الجمهورية الإسلامية . و كان الناس متعطّشون و يتحرقون شوقا للتجمّع للتعبير عن غضبهم و سخطهم، ليس فقط تجاه هذه الإنتخابات لكن أيضا تجاه ما عاشوه فى ظلّ هذا النظام. و لم يتركوا مسألة الرخصة توقفهم و تحدوا السلطات التى حاولت منع الحشود من التجمع بقطع المراسلات الهاتفية و إختراق مواقع الإنترنت. و فى بعض المناطق قطعت خدمة هاتف طهران الجوّال بالكامل.
و كانت قوات الأمن بلا رحمة بوجه خاص فى ردّها على مظاهرات 13 جوان، إثر الإعلان عن النتائج الرسمية و اليوم التالي . هاجمت الفرق المتكوّنة من شرطيين على دراجة نارية – أحدهما يقود والآخر يستعمل هراوة – و شرطة مكافحة الشغب مجهزة بالعصي المطاطية المكهربة الحشود. و أطلقت الرصاص و الغاز المسيل للدموع و تعاونت فى توجيه الضرب للشبان و الشابات الذين وقعوا فى الأسر و لم يردع حتى وجود آلات تصوير تلفزيونية و صحفيين أجانب قوات الأمن . و قاوم الناس أحيانا بنجاح. و هاجموا سيارات و حافلات و بنوك حكومية .أما الدكاكين و العربات الخاصة بشكل رئيسي لم يلحق بها أذى. و فى ليلة 14 جوان ، هاجمت الشرطة و عناصر ميليشيا الباسيج و سلبا مبيتات جامعة طهران و الجامعات التقنية بأصبهان و شيراز. و تعرض العديد من الطلبة للضرب و إعتقل البعض منهم .
كان الشعار الأوسع إنتشارا فى الأيام القليلة الأولى للإحتجاجات "موسوى إستعد صوتى" لكن الشعارات السائدة فى مظاهرة 15 جوان بطهران وفى العديد من التحركات الجامعية بما فى ذلك فى تبريز و قزوين كانت " الموت للحكومة المخادعة " و "ليسقط الدكتاتور". بهذه المناسبة سعى الكثير من الناس لفرض شعار "الله أكبر" الذى سُمع خصوصا فى الليلة السابقة فى طهران حينما صعد أناس إلى السطوح ليحتجوا ( وهي حركة تذكر بثورة 1979 التى إنتهت بصعود الخميني إلى السلطة) لكن هذا لم تستحسنه أغلبية الحشد و تلاشى . و للجماهير سبب وجيه لتفاديه نظرا لأنه فى الواقع شعار ونظرة الجمهورية الإسلامية التى تحكمهم حاليا. و عقب محاولة إلغاء التجمع فى البداية ، إلتحق به فى الأخير المرشحون موسوى و مهدى كروبي و الرئيس السابق "الإصلاحي" محمد خاتمي و كما شرحوا لأجل منعه من التحوّل إلى العنف. و تراجعت قوات الأمن بدلا من مهاجمة مثل هذا الحشد الضخم وجها لوجه. و مرّت غالبية المظاهرة على نحو سلمي نسبيا غير أنه عند النهاية أطلقت فرق الباسيج النار.
أعادت هذه الإحتجاجات الجماعية التى شنّها الشباب الغاضب ذكريات و نقاشات أيام ثورة 1979 التى لم يشاركوا فيها وفى أغلب الأحيان لا يعرفون عنها إلا النزر القليل. و كان مزاج الناس لا سيما الشباب عاليا جدّا إذ كانوا مصمّمين على المقاومة فكراهيتهم لأحمدى نجاد و "المرشد الأعلى"، علي خاميني، و ما عاشوه خصوصا فى السنوات الأربع الأخيرة صارا لا يطاقان. لقد كانوا يأملون تغيير هذا الوضع بالتصويت ضد أحمدى نجاد لكن آمالهم تبخرت. و العديد من الذين صوّتوا لم يكونوا يؤمنون بالنظام حقا أو بأن موسوى بإمكانه إحداث أي تغيير، بيد أنهم أرادوا الإطاحة بأحمدى نجاد . والآن هم غاضبون ليس فقط لأنهم يعتقدون فى أن نتائج الإنتخابات كانت مزوّرة سلفا لكن أيضا لأنه بدا لهم أن النظام قام بذلك بوضوح تام وبإستنكاف للرأي العام . يشعر الناس بالإهانة و الخيانة، بالغش والإستخدام. و لهذا الغضب جذور أعمق بكثير من الأزمة الإنتخابية التى أظهرته إلى السطح . لقد داست الدكتاتورية الإسلامية الحقوق الأكثر أساسية للناس و بوجه خاص النساء و الشباب ، محوّلة حياتهم إلى جحيم. فبالإضافة إلى ذلك يمرّ ملايين الناس بأنواع شتى من الصعوبات الإقتصادية و غيرها و أملهم فى المستقبل ضعيف أو منعدم.
عديد المحتجين ما كانوا قد ولدوا بعدُ لمّا كان موسوى الوزير الأول فى الثمانينات أو كانوا صغار السنّ إلى درجة لا يتذكرون معها المذابح التى تعرّض لها الشيوعيون و الثوريون الآخرون فى ظلّ حكمه ( قبل تبنّى إيران نظاما رئاسيا). و مع ذلك كان لدي الكثيرين إحساس بأنه ليس بإمكانه إنجاز أي تغيير أساسي . الكثير مدركون بأن أصواتهم فى النهاية لا تقرّر أي شيئ و يعرفون أن المرشحين الأربعة صادق عليهم مجلس وصاية النظام الذى يتحقق من المترشحين ليتأكد من أنهم سيكونون خدما ملائمين للنظام الإسلامي. لكن العديد من الناس تمنوا على الأقل إمكانية إزاحة أحمدى نجاد بما يخفف من القمع القاسي إلى حدّ ما.
لماذا يعتبر العديد من الناس فى إيران أن نتائج الإنتخابات كانت مزوّرة بما أن أحمدى نجاد لاقى نجاحا واسعا بشكل واضح ضمن المؤيدين التقليديين للكتل المحافظة للنظام وإستطاع الإحتفال ب" نصره" وهو محاط بعشرات الآلاف من المؤيدين؟ الإحتيال الإنتخابي . لكن سواء تعلّق الأمر أم لم يتعلّق بالإحتيال فإن هذه الإنتخابات كانت غير متوقعة النتائج لكون نسبة هامة من الناخبين الذين يقاطعون عامة أو يتجاهلون الإنتخابات نظرا لأنهم لا يرون أهمية للتصويت أو إختلافا بين مختلف كتل النظام و المرشحين. و ببساطة لا يؤمن الكثيرون بالجمهورية الإسلامية مطلقا. ثمّ هناك حوالي 30 إلى 40 بالمئة من الناس فى موقع وسطي- ليسوا متصلّبين فى المقاطعة و ليسوا مع الجمهورية الإسلامية كذلك. و يمكن أن يميلوا إلى المقاطعة أو يميلوا إلى الذين يعدونهم بالتغيير. و مثل هؤلاء الناس يتجهون إلى الإنتخابات إذا ما إعتقدوا أنها توفّر لهم أدنى الآمال. لذا توقع بعض مستطلعي الآراء بأنه إذا شاركت أغلبية هذا القطاع من الجماهير بمستطاع المرشّح الإصلاحي موسوى أن يكسب فى الدورة الأولى. فى الإنتخابات الرئاسية الأخيرة فى 2005 ، كانت مشاركة هذا القطاع من الجماهير ضئيلة للغاية. كسب أحمدى نجاد فى الدورة الثانية و حتى حينها وجدت عدّة تقارير عن التزوير و الغشّ.
و السبب الآخر للشكّ الشعبي فى النتائج المعلنة هو طريقة إعلانها . فلأول مرّة لم تعلن وزارة الداخلية النتائج على قاعدة إقليمية لكن بالأحرى قدّمت أرقاما تقريبية عن كلّ خمسة ملايين صوت مثلما يفترض أنها حسبت. وظلّت نسبة الأصوات لكلّ المرشحين الأربعة مماثلة خلال كافة الإعلانات. ( أحمدى نجاد 64-66 بالمئة ،موسوى 29-33 بالمئة و المرشحان الآخران محسن رازاي 2 بالمئة و كروبي أقلّ من 1 بالمئة) هذا السقوط المجاني فى كلّ خمسة ملايين صوت كما أُعلنوها مستبعد جدّا فى أي بلاد من العالم ، ناهيك عن إيران بإختلافاتها الإقليمية فى الإنتماء العرقي و الديني والثقافي و فى دعم النظام أو مختلف كتل النظام. و حين أصدرت وزارة الداخلية النتائج الجهوية أخيرا فى 15 جوان ، إثر تأخير غير مفهوم ، لم تقابل الأرقام الخارطة فى الإنتخابات الأخيرة. إلى جانب هذا ، ثمة عدم تصديق واسع الإنتشار جدا لأجهزة الإعلام ، للمعيّنين مباشرة من قبل " المرشد الأعلى" و عدم ثقة فى الخامنئي ذاته.
تمثّل هذه الأزمة إلتقاء تناقضين ، الصراع التحتي للمصالح بين الشعب و الرجعيين فى السلطة و الإنشقاقات ضمن هيكل السلطة التى صارت الآن أحدّ من أي وقت مضى منذ تأسيسها. و هذان التناقضان يتداخلان و يوجِدان معا الفرص و الخطر بالنسبة للشعب و لكلّ كتل النظام. فلم يسبق للإنشقاق ضمن النظام أن بلغ درجة من الإتساع إلى حدّ تهديد إستقراره. و ليس هناك من شكّ فى أن الجماهير تعرّفت بشكل صحيح على الوضع المناسب للتعبير عن كرهها للنظام و رموزه أحمدى نجاد و الخامنئى . و لها كلّ الحق فى الإحتجاج و قتال نظام رجعي.
فى نفس الوقت لا شكّ فى أن تلك الشخصيات القيادية البارزة فى هذه الأحداث مثل موسوى و خروبي و خاتمي ستحاول أن تستعمل و توجّه غضب الجماهير وإحتجاجها لتعزّز موقعها فى النزاع مع الكتلة المحافظة داخل النظام. إنهم يريدون وضعا حيث بإمكانهم أن يتاجروا بنضال الشعب لمصلحتهم السياسية الخاصة و سيحاولون وسعهم لإيقاف نضال الشعب متى لم يعد يتماشى مع مصالحهم. لا يودون المخاطرة بالإستقرار العام للنظام الذى أقاموه على جثث آلاف الثوريين وإضطهاد و قمع فئات كاملة من الشعب. لا يريدون أي تغيير من ذلك النوع لكن ليس هذا ما يرغب فيه الشعب .
2 / إيران : تصدّع فى هيكلة السلطة لكن كنسها بعيد المنال
( 22 جوان2009)
يواصل الغضب فى إكتساح إيران. الشابات و الشباب مستعدون لتقديم حياتهم لمواجهة نظام وحشي. لقد جرى هزّ أعمدة السلطة فى إيران فتصدّعت.
أثناء صلاة الجمعة 19 جوان ، وقف "المرشد الأعلى" بحزم إلى جانب الرئيس أحمدى نجاد فى نزاعه الإنتخابي مع المعارضة و أعلن بأن أي محاولة لتكرار الإحتجاجات طوال الأسبوع سيجرى سحقها. ورغم ذلك فى اليوم التالي خرج آلاف الشباب و غيرهم إلى الشوارع واعين تماما بأنهم سيواجهون بالعصي و الغاز المسيل للدموع و الرصاص.
عملت قوات الأمن على خلق جوّ من الإرهاب حول ساحات طهران آزادي ( ساحة الحرّية ) و إنقلاب ( ساحة الثورة). ولم يسمح بالتجمّع و تعرّض الناس من كافة الأعمار إلى الضرب عشوائيا. ثم أغلقت قوات الأمن الشوارع المتقاطعة لمنع الذين يوجدون فى منطقة معيّنة من الإلتحاق بالموجودين فى منطقة أخرى. فإختار بعض الناس الذين شعروا بالعجز والإحباط العودة إلى منازلهم. لكن آلاف الشباب كان لديهم الشجاعة و الإبداع لتجاوز العقبات. فتجمّعوا و زحفوا نحو ساحة آزادى و إلتحق بهم أناس كثر و شرع الحشد المتكوّن من عشرات الآلاف وفق بعض التقارير و مئات الآلاف حسب تقارير أخرى ، فى الزحف سويّة من هناك. و لم تكن تلك النهاية. كان لا بدّ أن يواجه المحتجّون قوات الأمن الرجعية التى كانت تسدّ الطريق.
و تواصلت الصدامات طوال اليوم إلى منتصف الليل. و من الذين لم يستطيعوا الإلتحاق بالحشد الرئيسي إنضموا إلى الموكب الكبير الآخر فى شارع فورسات شيرازي أو إلى مواكب أصغر فى شتى أحياء طهران.
وإحتجّ الناس أيضا فى المدن الأخرى لا سيما فى شيراز و أصفهان و راشت و فى مناطق اخرى حيث ورد بتقارير أنه حدثت مواجهات مع قوات الأمن. لقد واجهوا شرطة مكافحة الشغب الخاصة ذات الأجسام المدرعة و إستخدامت ضدهم فرق الدراجات النارية المتشكلة من شرطيين تابعين للباسيج ، وهي ميليشيا يقودها و يدرّبها و يسلّحها حرس الثورة النظامي . و يُقدّم الباسيج على أنهم ممثلو الجماهير الشعبية ، لا سيما الفقراء.
صاح المحتجون " الموت للدكتاتوريين، الموت للخامنئى و الموت للنظام المخادع!" . للحظات عندما قرّر المحتجون إختراق خطوط القوى الرجعية ، رفعوا من روحهم المعنوية و روح رفاقهم بالهتاف " لا تخافوا أي شيئ ، إننا معا جميعا ، لا تخافوا أي شيئ ..."
و لمّا إستهدف رصاص الرجعية صدور أعزّ أبناء و بنات الجماهير ، تعزّزت عزيمة رفاقهم ، مع صراخهم" الموت للخامنئي ، الموت لأحمدى نجاد " و خرجت شابة إسمها ندى آغا- سلطان من السيارة التى لم تستطع مواصلة سيرها و التى كانت تقلّها هي و أستاذها للموسيقى لتتنشّق هواء نقيا و جلست على الرصيف، فأطلق قنّاص من الباسيج الرصاص على صدرها فسقطت أرضا. و رأى أناس من جميع أنحاء العالم فيديو اللحظات الأخيرة من حياتها. قتلت فى شارع آميراباد شومالي بالضبط شمال ساحة الثورة. و من ضمن الحشد من أقسم يومها بأن يبدّل إسم الشارع ليصبح شارع ندى.
من مشاهد الفيديو ظهرت مجموعات مليشيا الباسيج وهي تطلق نار بنادقها مباشرة على الحشود - و الجماهير تهاجمها ملاحقة إياها فى ظلّ إطلاق النار إلى أن تراجعت الباسيج وولّت هاربة – و أبعدوها. يقول النظام إن 10 أشخاص قتلوا يومها و يعتقد آخرون أن الخسائر البشرية أعلى بكثيرمن ذلك العدد. تلك الليلة، أضرم المحتجون الغاضبون النار فى مركز إسناد للباسيج و فى محطتي بنزين.
وإستمرت الإحتجاجات المتقطعة فى 21 جوان و ردّدت صرخات "الموت للدكتاتوريين" على أعلى مستوى. و فى اليوم التالي أصدر الحرس الثوري تهديدا بأنه سيقتل من يستمرّ فى إحداث الإضطرابات. إلى حينها حاول النظام فى غالب الأحيان أن يختفي وراء الباسيج المدّعى أنه " مدني "و إدّعى أنه لا يعرف من كان يطلق النار على المحتجين. بعد ساعة، تجمّع آلاف المتظاهرين الشباب فى ساحة تير، فى الجزء الجنوبي من طهران للتعبير عن تصميمهم. وصاحوا بأنهم يفضلون الموت على أن يعاملوا بإحتقار.
وتبرز أهمية هذا الإحتجاج على نحو أكبر عندما يتمّ تحليل خطاب آية الله خامنئي أثناء صلاة الجمعة فى جامعة طهران. كان عديد الناس ينتظرون هذا الخطاب لرؤية كيفية حلّه للنزاع الإنتخابي بين الرئيس و المعارضة. وكان خطابا غير مسبوق و صدم بعض الناس إذ لم يكتف بالوقوف إلى جانب أحمدى نجاد فقط و بحماس أكثر من أي وقت مضى ، بل أصدر إدانة و تهديدا أيضا لكلّ من وضع موضع السؤال نتائج الإنتخابات. فالغش مستحيل فى الجمهورية الإسلامية، قال، و أي تلميح بغير ذلك محظور و يعدّ وضعا للجمهورية الإسلامية ذاتها موضع السؤال.
و كان هذا يستهدف مرشّح المعارضة موسوى الذى سعى إلى الإبقاء على حركة الإحتجاج تماما ضمن إطار الجمهورية الإسلامية التى أسّسها أية الله الخميني . قال الخامنئي إن الإنتخاب كان إستفتاءا حول الجمهورية الإسلامية و 85 بالمائة من الناخبين الذين يزعم مشاركتهم فيها صوّتت لصالح النظام؟ ثمّ مستعملا لغة شديدة للغاية هدّد المحتجين و طالب المرشحين بمتابعة شكاويهم عبر النظام القانوني . لكنه أضاف أيضا بصورة واضحة إنه لا يعترف بأية شرعية لأية معارضة للجمهورية الإسلامية. ووضع جانبا دور " أب الأمة" المحايد الذى طالما روّج له و ظهر كعراّب لكتلة من كتل الجمهورية الإسلامية ، مدّعيا حقّ تلك الكتلة فى إرهاب الأمة جمعاء.
و كانت صلاة الجمعة هذه إستعراضا للقوّة بما أن رؤساء كافة الأجهزة العسكرية و البرلمانية و القضائية كانت حاضرة فى إستعراض لتضامنهم و لبثّ الرعب فى الناس. كان بوضوح يصدر الأوامر إلى الكتل الأخرى لتلتزم الصمت و تقبل قراره و تذعن لكتلته المهيمنة و تلغى الإحتجاجات و إلاّ...
مع ذلك بينما إنتفاضة الشعب هي التى بثّت الفزع فى الكتلة المهيمنة و جعلت الشعب الهدف الحقيقي لخامنئي و زمرته ، ما من شكّ فى أن النزاعات الداخلية كانت سببا فى الإنتفاضة بأكملها. فكان هذا الخطاب إشارة إلى مرحلة جديدة من الأزمة المتعمّقة.
يمكن عقد مقارنة بين هذا الخطاب و خطاب أية الله الخميني فى 18 جوان 1981 الذى أشّر لنهاية التحالف بين الأصوليين الإسلاميين (و ضمنهم خامنئي و أكبر رفسنجاني الذى هو الآن أغنى رجل فى إيران و أحد أعمدة النظام الإسلامي و مساند قوي لموسوي) و مدّعى الإسلام الليبرالي مثل أبو الحسن بنى صدر الذى كان الرئيس حينها. نزع الخميني عن بنى صدر صفته كقائد القوات المسلحة و أجبره على الإستقالة من مناصبه. و قد أثار إنقلاب الخميني و تأسيس الجمهورية الإسلامية إحتجاجات جماهيرية. لكن النظام الإسلامي ردّ بوحشية متطرفة وإنطلقت فورا الإيقافات و السجن و مذابح الشيوعيين و الثوريين الآخرين. و تواصل عهد الإرهاب طوال الثمانينات إلى إنتهاء الحرب العراقية-الإيرانية. و ثمّ سعيا للتأكّد من أن لا شيئ يبقى روح الثورة قائما ، فى صيف 1988 ذبحوا الآلاف ( و طبقا لبعض الحسابات ، عشرات الآلاف) من الشيوعيين و الثوريين الذين كانوا بالسجن.
رغم وجوه الشبه فالوضع اليوم مغاير. والأهمّ هو أن جزءا ضخما و متزايدا من الناس ما عاد يثق فى النظام أو يؤمن به . و الذين لم يصدحوا بأية إجابة على الوضع السياسي ، صاحوا بجلاء " الموت للخامنئي" وهو شعار نادرا ما سُمع قبلا فى أي إحتجاج فى إيران. و صاح آخرون " تريدون معركة، هيا إلى القتال –نساءا و رجالا" .
لكن الخامنئي و زمرته ليسا الوحيدين الذين يحاولون الحفاظ على شرعية الجمهورية الإسلامية والنظام الإقتصادي والإجتماعي الذى تخدمه هيكلة السلطة هذه. وهو يصارع من أجل مصلحة كتلته ، يعمل موسوي بقوّة على إعادة تركيز " قيم الجمهورية الإسلامية للإمام الخميني". و هذه ليست كلمات – نظام الدولة المسمى ولاية الفقيه ،المبدأ الجوهري للنظام "حكم المرشد الأعلى" هو التفاحة فى العين. فى بيان موجّه لأنصاره ، قال " نحن لا نواجه الباسيج ، و الحرس الثوري أو الجيش. الباسيج إخواننا و الحرس الثوري حماة ثورتنا و نظامنا. و الجيش يحمى حدودنا. نحن لا نواجه نظامنا المقدّس و مؤسساته القانونية. نحن نواجه الأعمال السيئة والأكاذيب و نبحث عن إصلاح يتطلّب العودة إلى المبادئ النقية للثورة الإسلامية ".
و مثلما حذّر الرئيس السابق "الإصلاحي" خاتمي: " عندما تغلق الطرق القانونية للإحتجاج ، فى الحقيقة تفتح طريقا آخر و يعلم الله إلى أين سيقود..."
و بفضل تصميم النضال الشعبي و إصراره ما بدأ نزاعا صلب النظام أوصل إيران إلى أزمة شرعية و أزمة مؤسساتية. خلال ثورة 1979 ، حين لم يعد الشاه قادرا على مسك السلطة أقنعته الولايات المتحدة الأمريكية بالتنازل للحفاظ على تماسك الجيش و منع الثورة من المضي إلى أبعد من ذلك. هكذا تمّ حلّ تلك الأزمة لصالح النظام الإمبريالي و دفع الشعب الثمن. و عملت الولايات المتحدة و قوى إمبريالية أخرى جاهدة على تقرير الأحداث فى إيران( غزوات ، إنقلابات، إلخ دون ذكر سير السوق العالمية ذاتها) و ستقوم بأي شيئ بوسعها لدفع هذه الأزمة نحو حلّ يكون نسبيا فى مصلحتها وهو ما سيكون بالتأكيد على حساب المصالح الثورية للشعب.
و لاحظ عديد المراقبين بأن الإمتعاض الأمريكي بصدد الإنتخابات المزوّرة نفاق إجرامي صادر عن قوّة و حكومة ساندت لوقت طويل عملاء مستبدين طغاة مثل حسنى مبارك المصري الذى عانقه أوباما قبل بضعة أسابيع فى القاهرة. لمّا يتعلّق الأمر بتزوير نتائج الإنتخابات سلفا و بالقمع و التعذيب فإنه من الصعب التفوّق على مبارك.
و مثلما قال الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي –اللينيني –الماوي ) فى إحدى مناشيره الكثيرة الموجهة إلى الشعب الإيراني خلال هذه الفترة " أمر واحد واضح ألا وهو أنه علينا قطع مسافة طويلة على الطريق الذى شرعنا فى السير فيه. يجب أن يستعدّ الناس لقادم الأيام و الأشهر للبقاء فى الشوارع بشتى الطرق . و على شعارات الإنتفاضة أن تغدو أوضح و أعمق و أن نرفع مستوى النضال ليتحقق النصر". /.


3 / إيران : لا زالت النيران مشتعلة
( 29 جوان 2009)
على الرغم من وحشية النظام الإسلامي الإيراني ، إستمرت الإحتجاجات فى طهران و عديد المدن الأخرى بعد أسبوعين من إنطلاق الإنتفاضة،على نطاق أضيق من الأيام الأولى . من المهم و الملهم للغاية أن الكثير من الشباب و غيرهم مصمّمون على المثابرة حتى فى وجه إطلاق النار و الضرب والإيقافات و التعذيب المحتمل. إنهم تعبير عن غضب شعبي أوسع لن يروى بسهولة.
وجدت تقارير عن تجمّع فى 25 جوان بمقبرة بهجت وهراء حيث دفنت ندى آغة- سلطان الشابة التى قتلت برصاص ميليشيا الباسيج أثناء مظاهرة و آخرون قتلتهم قوات الأمن. و تجمّع آلاف الناس فى ساحة الثورة شمال شرقي طهران فى 27 جوان و خطّطت عائلات الذين أوقفوا أو قتلوا فى التمرّدات الأخيرة للإلتقاء فى حديقة لالاه ، شمال الساحة غير أن قوات الأمن سيطرت على المنتزه و الشوارع المحيطة به. و عندما تمّت مهاجمة المحتجين فى ساحة الثورة ، تفرّقوا أو أعادوا التجمّع بشارع كيشافاز توهيب و توجهوا إلى منتزه لالاه لكنهم هوجموا ثانية و قاتلوا ليتجمعوا مجدّدا إلى المساء المتأخّر . و وقع ضرب و إيقاف العديدين. وفى 28 جوان، إثر حفل تأبيني مصادق عليه قانونيا لأحد مؤسسي النظام الإسلامي المتوفى منذ مدّة طويلة و عائلته الآن متحالفة مع قائد المعارضة مير حسين موسوى هتف آلاف الناس ثانية "الموت للدكتاتور" و ألقيت عليهم قنابل الغاز المسيلة للدموع كردّ فعل على ذلك.
و تصرّفت منظمات أمن الجمهورية الإسلامية المختلفة بمستوى من إنعدام الرحمة لم يشهد له مثيل منذ مذبحة السجناء السياسيين فى 1988. و جرت تعبئة ميليشيا الباسيج لتقتحم ليلا البيوت و التجمعات السكانية و الأحياء فى وقت واحد لهرسلة للناس والإعتداء على منازلهم وأحيانا لإختطاف الشباب و إستهدفت بعض الهجمات مطاردة المتظاهرين أو الذين يصعدون إلى السطوح ليهتفوا شعارات ضد النظام كلّ ليلة على الساعة 10 مساءأ. و قصدت هجمات أخرى فقط ترويع الناس .
بفضل هواتفهم الجوالة، إلتقط شهود الكثير من هذه الوحشية . لكن درجة القمع أبعد مما تمكّن العالم من مشاهدته. يقال إنّ أكثر من ألف محتجّ ، بمن فيهم آلاف الطلبة تمّ إعتقالهم. و ليس لعائلاتهم أخبار عنهم وهي تخشى تعرّضهم للتعذيب فى سجون إفن السيئة الصيت و غيرها من السجون.
طبقا للتقارير ، جرى إيقاف العديد من أنصار موسوى و أتباع مرشح المعارضة الآخر مهدى كروبي و كذلك عديد الصحفيين العاملين بالصحف الموالية لهما و رهن الإعتقال يوجد كذلك أناس إحتلوا مناصبا حكومية عليا خلال رئاسة محمّد خاتمي أو كانوا من مستشاريه.
مع نهاية صلاة الجمعة 26 جوان ، قال آية الله خاميني ( لا علاقة له بالرئيس السابق) إن المسؤولين عن "الإضطرابات" كانوا "يخوضون حربا ضد الإلاه " وهي جريمة كبرى فى ظلّ الجمهورية الإسلامية . و قال " أريد من السلطة القضائية أن تعاقب قادة المتظاهرين بحزم و بلا رحمة لتلقين درس للجميع" و نفّذت الجمهورية الإسلامية الإعدامات الجماعية بهذه التهم قبلا و هذا سبب جيّد لبعث هذا الكلام الرعب فى قلوب الناس .
إحتداد تناقضين أساسيين:
إحدى أهمّ ميزات إنتفاضة الشعب الإيراني هي إحتداد تناقضين أساسيين ، التناقض بين الشعب من جهة و السلطة الحاكمة من جهة أخرى و التناقض الآخر بين كتل النظام السياسي القائم.
من المعلوم فى إيران أن النزاع داخل النظام القائم لا يقف عند المنافسة بين الرئيس أحمدى نجاد و أهمّ منافسيه فى الإنتخابات ، موسوى حول نتائج التصويت. و السبب الكامن هو نزاع بين علي أكبر رفسنجاني و " المرشد الأعلى" الرسمي للنظام ، علي خامنئي ، و هما أقوى رجلين فى النظام الإسلامي. و بلغ هذا الصراع المستمر لسنوات الآن درجة الغليان. و ثمّة إشاعات حول قتل قادة الحرس الثوري و شخصيات سامية أخرى فى نزاع الكتل على مرّ السنين. عشيّة الإنتخابات ، أثناء نقاش متلفز بين أحمدى نجاد و موسوى المدعومين من قبل خامنئي و رفسنجاني على التوالي ، تجاوز كلا الرجلين الوعود الفارغة العادية و العموميات و فضحا بعضا من جرائمهما. ذهب أحمدى نجاد بعيدا إلى حدّ مهاجمة رفسنجاني على أنه فاسد بينما إمتنع موسوي عن الهجوم مباشرة على الخامنئي إلى حدود أسبوع بعد الإنتخابات حينما أسقط الخامنئي قناع الحياد. و فى حين أنّ النزاعات الكتلوية فى صفوف الأوساط الحاكمة الإيرانية ليست شيئا جديدا فإن مثل هذا التوجه إلى الجماهير غير مسبوق.
هذا جزء كبير مما سمح للسخط و الغضب الجياشين لفترة طويلة لدى عديد القطاعات الشعبية بالإنفجار و الظهور إلى السطح. فى المقابل ، أتى غضب الشعب و مبادرته كردّة فعل على النزاعات صلب النظام ، محدثة وضعا له سيرورته الخاصة. و لا أحد من الطرفين قادر على التراجع أو إنهاء الأزمة .
هذا التنافس معقّد بصورة خاصة لأنه فعلا لا وجود لطرفين واضحي المعالم لكن إئتلافات الزمر بالأحرى متحركة و متضاربة و أيضا منسجمة مع المصالح الإقتصادية و الرؤى السياسية و الجوانب الإيديولوجية .و هناك نقطتان رئيسيتان من الضروري فهمهما. الأولى هي أن رفسنجاني و موسوى و كذلك خامنئي و أحمدى نجاد وكافة الوجوه السياسية الهامة دون إستثناء ، يقاتلون للحفاظ على النظام الإسلامي و إعادة شرعيته بأعين على الأقلّ قطاعات من الشعب. و الثانية هي أن الولايات المتحدة كانت و ستظلّ مصمّمة على الإطاحة أو بشكل مثير إعادة تشكيل الجمهورية الإسلامية، و النزاعات الداخلية للنظام تحدّدها حتما إعتبارات كيفية التعامل مع هذه العملية الدامية و الإنتصار فيها.
كلا الجانبان يبدوان أكثر من راغبين فى عقد صفقة مع الولايات المتحدة الأمريكية إذا إستطاعا أن يعقدا مساومة يقبل بها النظام الأمريكي بينما يحافظان على سلطتهما السياسية الخاصة. و من بواعث السخرية أنه حتى و كلّ جانب يسعى لإدعاء إمتلاك شرعية النظام الإيديولوجية و السياسية و يقاتل من أجل ما يعتقد أنه يمكن أن يحافظ على النظام أفضل حفاظ ، فإن إلتقاء نزاعاتهما الداخلية و أحاسيس الشعب و أحيانا الإحتجاجات الخارجة عن السيطرة مزّقت تلك الشرعية.
تداخل التناقض بين الشعب و النظام و التناقضات صلب النظام أفادت المصالح الثورية للشعب و لكنها ولدت أيضا أضرارا و ليس أقلّ هذه الأخطار خطر إنتشار أوهام جديدة فى صفوف الشعب ، فى نفس الوقت الذى يتمّ تحدّى أوهام أخرى قديمة.
هناك عوامل قوية كثيرة ، فى كلّ من دعاية صوت أمريكا و قناة الب ب س التلفزية و قناة النظام و سير الحياة ذاتها ، تعزّز فكرة أن النزاع قائم بين الأصولية الإسلامية و الديمقراطية الإنتخابية على النمط الغربي و بصورة خاصة مزيج و ظلال مختلفة من الإثنين. الديمقراطية البرجوازية التى من خلالها تحجب الإنتخابات دكتاتورية الطبقة الرأسمالية الإحتكارية فى البلدان الإمبريالية ، هي أكثر من وهم حتى فى البلدان التى تهيمن عليها الإمبريالية مثل إيران و ذلك لأسباب متنوعة ، وأحد هذه الأسباب هو أن القوى الإمبريالية إستعملت على الدوام القوّة و التهديد بالقوّة لتعميق مصالحها هناك ، إلى جانب السلطة الساحقة لرأسمالها. بيد أن هذه الأوهام قويّة لا سيما لأنها تتناسب مع آفاق مزيد إندماج إيران فى الإقتصاد الرأسمالي العالمي و مع مخطّطات الرئيس الأمريكي باراك اوباما العدوانية للنجاح حيث أخفق سلفه جورج بوش فى إعادة تشكيل الشرق الأوسط.
لذا تداخل شتى التناقضات ميزة هامة فى الأزمة الحالية والإنتفاضة الشعبية الراهنة. بيد أن ما إنطلق كشجار بين الرجعيين المتنافسين لا ينبغى أن ينتهي على ذلك النحو. و أحد العوامل هو أن الإنتفاضة الشعبية غير المتوقعة أربكت خطط هؤلاء الرجعيين. و العامل الآخر هو أن هذا الوضع يوفّر ظروفا يمكن للشيوعيين أن يتدخّلوا فيها و أن يقودوا الشعب لفهم أفضل لمصالحه الثورية و للقطع مع كافة الطرق الرجعية التى تتنافس الآن من أجل ولائه ، سواء على أساس إيمانه بهم أو على أساس أفكار على ما يبدو أكثر براغماتية – لكنها ليست أقلّ خطأ و خنقا- حول ما هو ممكن. لقد بيّنت أعداد ضخمة من الناس إستعدادها للمضي أبعد بكثير من ما تريد المعارضة الإسلامية الذهاب إليه و ما ينصحها الإمبرياليون بالذهاب إليه.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الجزء الثاني :تغيّر التكتيك الأمريكي
... تغيّر تكتيك أوباما
( مقتطفات من مقال بعنوان " إنتفاضة فى إيران"- جريدة "الثورة" لسان الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي )
...لكي نكون واضحين ، حافظ أوباما على المسار الإستراتيجي الجوهري للطبقة الحاكمة فى الولايات المتحدة بصدد الشرق الأوسط، بما فى ذلك عديد سياسات بوش الخاصة. و لا وجود لفئة رئيسية من البرجوازية الأمريكية لها مقاربة تدعو إلى " عش و إترك الآخرين يعيشون" تجاه جمهورية إيران الإسلامية. فكافة هذه الفئات عمليا ترى إيران مشكلا كبيرا بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة بالخصوص فى الشرق الأوسط ، لكن الإختلاف يكمن فى كيفية تغيير النظام و مثّل هذا مصدرا هاما للنزاع فى صفوف الطبقة الحاكمة للولايات المتحدة. بينما يتبنى أوباما وجهة النظر القائلة بأنه ينبغى تغيير جمهورية إيران الإسلامية تغييرا نوعيا ، فإنه يمثّل قوى إتفقت على كون تكتيك بوش لم يكن يحقّق تلك الأهداف و أدخل بعض التغيير على التكتيك.
تمزج مقاربة أوباما الإحتواء ( الضغط العسكري و الدبلوماسي و العقوبات الإقتصادية و الحرب المحدودة) مع مزيد المرونة فى المفاوضات و مبادرات مختلفة من " القوّة الناعمة"
( شيئ من الإنفتاح الإقتصادي و الثقافي إلخ) و أيضا خلق آفاق محادثات بين الولايات المتحدة و إيران و أكّد أنه ينبغى أن يسمح بطاقة نووية محدودة تستعمل لأغراض سلمية. لكن ليس هناك إشارة إلى أنه علّق العمليات العسكرية السرّية للقوات الخاصة الأمريكية فى إيران التى بدأها بوش وواصل بالضبط نفس الزعم الذى روّج له نظام بوش ( و إسرائيل) بأن إيران تبحث عن تطوير الأسلحة النووية و أن مثل هذه التطورات غير مقبولة . و أكّد أوباما بأن هذه المحادثات لا يمكن أن تستمرّ إلى ما لانهاية و تحتاج إلى التوقّف مع نهاية السنة. و هكذا تأكيد يعنى الإنتقال من الحديث عن شيئ أكثر تشدّدا – من الحصار الأكثر فعالية إلى الإجراءات العسكرية – إذا لم يتمّ التوصّل إلى النتائج المرجوة فى الوقت المحدّد. و على ما يبدو ساهم هذا التغيير("الجزرة" و" العصا " الضمنية ) فى سياسة الولايات المتحدة فى علاقة بإيران فى إعادة كسب القوى الإصلاحية داخل إيران لقاعدة سياسية وإستطاعت أن تكون حتى عنصرا – فى إرتباط بكره النظام القائم- ألهب دعم قطاعات واسعة من المجتمع الإيراني لصالحها.
لكن بينما نشطت نسبيا القوى "الإصلاحية" ،جزئيا مدفوعة بتكتيك أوباما الجديد ، لعب أوباما نفسه إلى حدّ الآن فى الأزمة الحالية دورا محتشما، عارضا فقط نسبيا إدانات فاترة للعنف ضد المحتجين. وهذا لأسباب متنوعة. أولا، مثلما قال أوباما ذاته منذ بداية الأزمة ، لا يعتقد بأن موسوى بالضرورة سيفكّك جمهورية إيران الإسلامية و لا أن يكفّ عن محاولة متابعة الأشياء التى منعتها الولايات المتحدة- بما فى ذلك الأسلحة النووية. ثانيا، وبإعتراف صريح من أوباما ، بسبب تاريخ الولايات المتحدة من الهيمنة على إيران ، بما فى ذلك دورها الرئيسي فى تركيز و دعم نظام الشاه المكروه ل25 سنة من 1953 إلى 1978 ، فإنه على الأرجح أن أي موقف مساندة للمحتجين من قبل أوباما يكون له تأثيرعكسي. بالضبط الآن ، الولايات المتحدة " تناور لكنها تحمل نارها" – تحاول فهم المسار الذى سيضعف بصورة شاملة جمهورية إيران الإسلامية و فى أفضل الأحوال سيجعل الولايات المتحدة قادرة على تركيز نظام مطيع أكثر ينفّذ هيمنة غير مقيدة أكثر على كامل المنطقة. فى خطابه يوم الجمعة 19 جوان ، وجّه الخامنئي هجومه الأساسي ضد بريطانيا بدلا من الولايات المتحدة ووقع تأويل ذلك من طرف البعض على أنه يعنى أن قوى الخامنئي/ أحمدى نجاد تشير إلى الولايات المتحدة بأنها راغبة فى عقد إتفاق إذا تجاوزت الأزمة و أنه من مصلحة الولايات المتحدة أن تعمل ضد موسوى.
و واحد من العوامل التى يريد أوباما اللعب عليها هو قلّة وضوح الفهم بأنّ الإمبريالية نظام – و ليس فقط مجرّد جملة سياسات. حتى مع أن تقريبا كلّ قطاع من المجتمع الإيراني يحتقر الولايات المتحدة لدورها فى الإطاحة بمصدّق فى 1953 و فى تركيز و دعم الشاه المكروه فإن "إعتراف" أوباما بأن للولايات المتحدة "دور" فى ذلك الإنقلاب كان بالأحرى محاولة لإقناع القوى و الجماهير الإيرانية بإمبريالية أمريكية جديدة "ألطف و أرحم". هذه الجماهير تكره من جهة ما تقوم به الإمبريالية غير أن حتى العديد من الأكثر تقدّمية ينزعون إلى تقليصها إلى جملة سياسات و لا يفهمونها كنظام عالمي كما هي فعلا. و هذا يجعلهم عرضة لتأثير ديماغوجيا أوباما.../

60 سنة من التدخّل الأمريكي فى إيران، 60 سنة من الرعب للشعب الإيراني.( جريدة "الثورة")
1. 1953 : وكالة المخابرات المركزية تركّز عميلا:
فى بداية الخمسينات ، كانت إيران ترزح تحت حكم الإمبريالية البريطانية و عميلها الشاه ( الملك) محمد رضا بهلوي.
و كانت شركة النفط الإنجليزية –الإيرانية تتحكّم فى النفط الإيراني و تحصد أرباحا ضخمة. وكان عمال النفط الإيراني يكدحون مقابل 50 سنتا من الدولار يوميا و يعيشون فى أحياء فقيرة ملوّثة دون ماء و لا كهرباء. وكان أغلب الإيرانيين من الفلاحين المفقرين و المستعبدين على الأرض.
و نشأت حركة الملايين الذين طردوا الشاه المكروه من البلاد و سعى محمد مصدّق الذى بات وزيرا أولا إلى تأميم نفط إيران . و التحكّم فى نفط إيران كان حيويا بالنسبة للإمبرياليين الغربيين و عليه فى 1953 ، نظّّمت وكالة المخابرات المركزية و البريطانيون إنقلابا أطاح بمصدّق و أعاد الشاه إلى السلطة و فرض دكتاتورية قاسية و سحق معارضيه.
و عادت السيطرة الكلية على نفط إيران إلى الشركات الغربية.
2. 1957- 1977 : الكابوس فى ظلّ الهيمنة الأمريكية:
خلال هذه الفترة كانت الولايات المتحدة القوة المهيمنة فى إيران. و بالنسبة للشعب الإيراني كانت الحياة فى ظلّ الهيمنة الأمريكية كابوسا. و كان الشاه يحكم من خلال شرطته السرية العنيفة و السافاك التى درّبتها الولايات المتحدة و نظمتها. لقد سجنت السافاك و عذّبت و قتلت آلاف الناس الذين تجرّؤوا على معارضة النظام. و حسب محلّل سابق عمل فى وكالة المخابرات المركزية جيسي ج ليف ، كانت السي أي أي تدرّب السافاك على تقنيات التعذيب . و لم يسكب حكام الولايات المتحدة حتى دموع التماسيح لمّا كان دكتاتورهم العميل يقوم بالتعذيب و القتل. و كان الإقتصاد تابعا كلّيا للغرب و كانت بلايين الدولارات تصرف لجعل إيران المخفر العسكري الأمامي التابع لأمريكا . فى هذه الأثناء ، كان 60 بالمائة من الإيرانيين أمّيين .و كان أمل الحياة فقط 50 سنة و كان 139 من كلّ ألف طفل يموتون فى سنتهم الأولى و عاش الملايين فى فقر مدقع فى الريف أو فى الأحياء القصديرية فى المدن.
3. 1977- 1979 : سقوط الشاه و صعود جمهورية إيران الإسلامية :
فى 1978 ، عرفت إيران موجة ثورية جماهيرية ضد الشاه. مسنودا من قبل الولايات المتحدة ، حاول الشاه إغراق الثورة فى الدم وعلى سبيل المثال ، فى سبتمبر 1978 ، قتل الآلاف فى ما يعرف بمذبحة الجمعة الدموية. و حين أمسى واضحا أن الشاه يفقد السيطرة ، غيّرت الولايات المتحدة من تكتيكها فدفعت الشاه نحو المنفى و أعانت النظام الرجعي الأصولي الإسلامي بقيادة آية الله الخميني على توطيد سلطته ليشكّل فاتحة كابوس جديد للشعب الإيراني. و قدّر الحكام الأمريكان أن رهانهم الأفضل – بدلا من السماح للثورة بالتطور و إمكانية تقدّم قوى أكثر راديكالية و ثورية – هو العمل مع جمهورية إيران الإسلامية لأن حكام إيران الأرستقراطيين لم تكن لديهم لا النية و لا القدرة على القطع التام مع الإمبريالية. ودعمت الولايات المتحدة القمع الوحشي للنظام الإسلامي الموجّه ضد الثوريين و التقدّميين.
4. 1980-1987: الولايات المتحدة تسكب الوقود فى الخليج الفارسي :
كان نظام الخميني مصمّما على نشر الأصولية الإسلامية و توسيع دوره فى المنطقة. فى نوفمبر 1979 ، إستولى الطلبة الإيرانيون على السفارة الأمريكية فى طهران. وإصطدم كلّ هذا بحدّة مع جهود الولايات المتحدة للهيمنة على الشرق الأوسط. وفى 1980، كجزء من المقاربة الإستراتيجية لإضعاف جمهورية إيران الإسلامية ، أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر لعراق صدّام حسين ليغزو إيران ثمّ عملت على تحويل الحرب بين إيران و العراق إلى حمام دم لمدّة ثماني سنوات. وكان حلفاء الولايات المتحدة يزودون العراق بالملايين من السلاح والأجهزة التى حوّلها صدام حسين إلى أسلحة نووية إستعملها ضد الإيرانيين و كذلك ضد أكراد العراق. و من جهة أخرى ،كانت الولايات المتحدة تزوّد كذلك إيران بالسلاح و تلاعبت بالطرفين الواحد ضد الآخر للحيلولة دون إنتصار أي منهما. و حين إنتهت الحرب ، قُدّر عدد القتلى من العراقيين و الإيرانيين بمليون شخص.
5. اليوم : الولايات المتحدة تهدّد بمزيد من العدوان على إيران :
بعد أن إنطلقت الولايات المتحدة فى ما يسمى "الحرب على الإرهاب" و هدفها الحقيقي تقطيع أوصال الهياكل الإقتصادية و السياسية القائمة فى الشرق الأوسط التى تعتبرها حجر عثرة أمام إعادة الهيكلة الراديكالية للمنطقة خدمة للمصالح الإستراتيجية الأمريكية و لسحق أو إلحاق الهزيمة بالقوى الأصولية الإسلامية ، هذه القوى التى تضع حواجزا أمام المصالح الإمبريالية و ذلك لكي يتمكن حكام الولايات المتحدة من مزيد السيطرة و الإستغلال المباشرين لكافة الشرق الأوسط كجزء مفتاح فى إيجاد إمبراطورية عالمية لا يتحدّاها أحد و غير قابلة للتحدّى.
فى ظلّ نظام بوش ، وجهت الولايات المتحدة جميع أنواع التهم لإيران لتبرّر التهديدات المتصاعدة. و لجأ بوش إلى الحديث عن خطر حرب عالمية ثالثة كما أطلقت مبالغات و أكاذيب أخرى بما فى ذلك إمكانية هجوم نووي. والآن ، غيّر أوباما التكتيك إلاّ أنه لم يغيّر أهداف بوش الإستراتيجية./.
--------------------------------------------------------------------------------------- الجزء الثالث : مواقف الثوريات الإيرانيات
ماذا يجرى فى إيران؟
منظمة نساء 8 مارس ( إيران- أفغانستان)
جميعكم أدركتم أن الشعب الإيراني نهض ضد 30 سنة من الدكتاتورية و الإستبداد فى إيران. ولم يكن الإنقلاب الإنتخابي لأحمدى نجاد و خامئني سوى الشرارة التى أشعلت نار غضب و كره الجماهير للنظام الإسلامي.إلى حدّ الآن ، تمتّعت الحركة بمساندة تقريبا كافة الأمم المحبّة للحرّية فى العالم معلّقة عليها آمالا كبيرة. و فى نفس الوقت ، فى الأسابيع الأخيرة ، أعيد تنشيط الآليات القمعية لحكومة أحمدى نجاد وهي تنتقم من الشباب الجسور الذى أظهر عدم الخوف من الموت. و مدى القمع من المستحيل تصوّره. فإلى الآن قُتل العشرات وإختطف المئات و يعاني الآلاف من أقسى أشكال التعذيب والإغتصاب الجنسي. و أوتي بعدد منهم أمام آلات التصوير لمسرحيات الإعتراف التلفزية حيث يعترفون بأنهم تلقوا المال من بلدان أجنبية لإحداث الإضطراب و الفوضى، أو أنّ دوافعهم للمشاركة فى المظاهرات كانت السطو المسلّح. فى هذه الأيام، لا تعرف النشاطات الإجرامية و القتل الجماعي بدم بارد و بلا حياء حدودا فى إيران.
لماذا هذا القمع؟
ليس من اليسير ثني ملايين الناس المطالبين بالتغيير و المقرّرين ألا يتحملوا النظام حتى ليوم آخر.و ما عادت للنظام أدوات أخرى يتصرّف فيها للتعامل مع الشعب سوى القمع. إذ صارت وسائل غسل الأدمغة بالدين ملغاة الفاعلية كليا.
و الطريق الوحيد المتبقى لنظام فَقَدَ شرعيته السياسية هو اللجوء إلى القمع السافر. لقد صمّمت حكومة أحمدى نجاد على تحطيم الحركة بسحق الجماهير . و تهدف مسرحياتها التلفزية كسر الثقة و الشجاعة المكتسبتان أثناء الإنتفاضة. و تستعمل إعدام الشباب كوسيلة لتلقين درس للذين بثّوا الرعب فى أوصال الجمهورية الإسلامية.
لكن للأسف ، ليس أحمدى نجاد وحده من يهاجم الروح المعنوية للشعب. ففى المعسكر المعارض ، ميرحسين موسوى يعمل أيضا بشكل نشيط على كسب ودّ رجال الدين و حماية النظام الإسلامي وهو يستجدى التسامح بين الضحية و الجلاد. فى خطاباته الأخيرة ، ذكر بوضوح أن " معضلتنا مهما كانت تبدو مُرَّة فهي مع ذلك مشكلة عائلية" ، " أدعو كلّ فرد بصورة أخوية " ،و "إنتصارنا يكمن فى وحدتنا و أخوّتنا". و " حتى الذين يقفون بقسوة فى معارضة قضيتنا هم جزء من حبّ الأخوية ". خائفا عميق الخوف من نضالية الجماهير ، حذّر المرّة تلو المرّة بأن " كونوا حذرين و لا تسقطوا فى أحابيل الشعارات المناهضة للمؤسسات القائمة... علينا العودة إلى الإسلام ، الإسلام النقي الذى أتى به محمّد ، علينا العودة إلى القانون ، إلى الدستور..." .
إنه يدافع عن نفس الدستور الذى من بديهياته الأساسية فرضية أن الناس كقطعان الخراف و السلطة المقدّسة هي الراعي، و الذى ينهض على التمييز الديني ( بين الشيعة و الأقليات الدينية الأخرى)،و على إنعدام حقوق الإنسان ،و إستعباد النساء اللاتى لا واجب لهن سوى تنشأة البشر المتدينين.
إنه يدافع عن نفس القانون الذى كان باعثا من بواعث نهوض آلاف النساء الشابات الثائرات حيث لم تعد تقدر على تحمّل تدخّل الآيات المقدّسة فى أمور حياتهن الأكثر خصوصية ،و تطالب بإلغاء قانون الحجاب الإجباري و كافة اللامساواة و العقوبات الموجّهة ضد النساء.
و رغم عديد تحذيرات معسكر موسوي بضرورة عودة الناس إلى بيوتهم ، فإن الشباب ما إنفكّ يخرج من المنازل إلى الشوارع و يحتج. لقد أثبت الشباب ، على خلاف ما يرد فى التغطية الإعلامية من أن هناك جانبان لا غير لهذا النزاع هما أحمدى نجاد و موسوى ، أثبت أن الصراع بين الشعب و النظام . فميرحسين موسوى كان له أيضا دورا فعّالا جدّا فى تأسيس
و توطيد الجمهورية الإسلامية. و أطلقت عليه تسمية وزير أوّل المذابح بما أنه فى عهده جرى الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين، تحديدا إعدام آلاف الموقوفين فى صائفة 1988, و أثناء حملته الإنتخابية الرئاسية ، أكّد أن "هدفي هو العودة إلى جذور الثورة الإسلامية و فكرة الجمهورية الإسلامية كما كان يجب أن تكون. و قال إنّ أفضل أوقات النظام الإسلامي كان زمن الخميني حين كانت إيران فى أوج تطورها و عدالتها الإجتماعية!
و ليس هناك ذرّة أمانة و تقدّم فى أرضيته السياسية . ونزاعاته مع كتلة الإنقلاب ضمن نفس النظام لا تعكس فى شيئ مصالح الجماهير الإيرانية.
وفى الأسابيع القليلة الماضية ، عندما تصادم شباب راديكالي فى الشوارع مع قوات القمع ، كان قادة "الراية الخضراء" مختفين فى أمان بيوتهم أو فى المساجد.
لكن هذه العملية كانت مختلفة فى الخارج إذ فجأة ظهر بعض الأشخاص غير المعروفين و المشكوك فى أمرهم و أصبحوا الناطقين الرسميين بإسم الحركة و حاولوا جهدهم إحتكار تضامن الشعب فى تجمعاتهم. و هؤلاء الأشخاص غير المعروفين و المشكوك فى أمرهم ، مسنودين بالمال و بهياكل السلطة و بأيدى شخصيات شهيرة وبظهورهم بكثرة فى وسائل الإعلام الغربية كانوا يسعون لإيجاد سلاسل خضراء تابعة لموسوى و بذلك يودعون نتيجة كفاح الشعب فى بنك موسوى. إنهم يستغلون قلّة المعرفة لدى الشباب و الرأي العام. تقريبا فى كلّ مكان ممكن ، كانوا يرفعون فى الإجتماعات و المظاهرات الرايات الخضراء بصورة مبالغ فيها آملين أسلمة عقول و معتقدات المشاركين فى التجمعات.و قد تدخلوا أحيانا بمنتهى القسوة ليوقفوا إستعمال الشعارات المناهضة للإسلام.
غالبية الغربيين لا يعرفون أن اللون الأخضر هو لون الإسلاميين الشيعة وهو لون تستخدمه كتلة ضد أخرى فى الحملة الإنتخابية. مهما بدا مدهشا فهو أسلوب ألاعيب القصد منها التلاعب بالتقدّميين فى الغرب و بالمهاجرين الإيرانيين المساندين لكفاح الشعب فى نضاله لوضع حدّ للحكم التيوقراطي و الأعمال القمعية للجمهورية الإسلامية.
من سيفوز؟
دعم معركة الشعب لا يُترجم برفع الراية الخضراء عاليا أو بتنظيم إجتماعات باللون الأخضر بل يكون بالتعريف بمطالبه حيثما كنّا عبر بقية العالم. و هذه المطالب هي: الفصل بين الدولة و الدين ، إلغاء القوانين التمييزية ضد النساء ، إيجاد جمعيات للعمال و الفئات الإجتماعية الأخرى، حرّية التعبير و حرّية الصحافة، إطلاق سراح كافة السجناء السياسيين، إلغاء قوانين التمييز ضد الأقليات و محاكمة و معاقبة مرتكبي الجرائم خلال ال30 سنة الماضية. و يتمّ هذا بتفكيك الجمهورية الإسلامية ، نظام أسسه الخميني و عزّزه لعقد موسوى بواسطة القمع الدموي.
قبل 30 سنة ، تحرّك الشعب الإيراني فى ثورة مناهضة للإمبريالية و للملكية ليغيّر راديكاليا وجه إيران و للمساهمة فى تغيير بقية العالم غير أن القوى الإمبريالية الغربية وضعت مجال الثورة بين أيدى الخميني و منعت إنتصارها. مرّة أخرى ، عن طريق مشروع " الإسلام المعتدل " لموسوى ، تعمل هذه القوى الإمبريالية الغربية على أن تعيد إنعاش نظام الجمهورية الإسلامية المفلس. حين يرفع بعض السياسيين الغربيين اللون الأخضر للتضامن مع الشعب الإيراني ، فإنهم فى الواقع لا يحاولون فقط فرض هذا اللون على الشعب بل إنهم كذلك يقولون إنه ليس مؤهلا لمجتمع علماني و إنه يستحق الشكل الإسلامي للمجتمع و إن على شاكلة معتدلة. و هذا خزي يلحقونه بالشعب الإيراني الذى يكافح من أجل حقوقه.
أنتم ،أيها التقدّميون و محبّي الحرّية فى العالم الغربي ، لكم مكانة خاصة فى نضال الشعب الإيراني. بإمكانكم أن تكونوا أصدقاءه فى مطالبته بحقوقه الأساسية ، بإمكانكم أن تفضحوا مؤامرات محاولة فرض "الراية الخضراء" و السعي لجعل كفاح الشعب يصبّ فى خانة أخرى ليست خانة الشعب الإيراني. تحلّوا باليقظة، فى هذه المرّة يحاولون إستعمال إسمكم و طاقتكم فى هذا المخطّط. نهاية الجمهورية الإسلامية ليست فقط طريق تحرير الإيرانيين ،لا سيما 30 مليون إمرأة إيرانية ، و إنما هو أيضا صفعة للدوائر الأصولية الساعية لإستعباد النساء . قبل 30 سنة ، إثر إلحاق الهزيمة بالثورة و مسك القوى الدينية بالسلطة ، لم تحوّل النساء ،نصف المجتمع إلى العبودية فحسب بل نجم عن ذلك تقوية الأصوليين فى الشرق الأوسط مما مثّل فى حدّ ذاته خطوة أخرى فى تخلّف قضية المرأة فى المنطقة.
نحن الإيرانيون، و بشكل خاص نساء إيرانيات ، متلهّفون لأن نعيد هذه العناصر، بمساعدة شعوب العالم، إلى مزبلة التاريخ. و يعدّ هذا إلى حدّ بعيد قفزة نوعية إلى الأمام فى تحرير إيران و الشرق الأوسط و العالم. كلّ خطوة يتخذها الشعب الإيراني نحو العلمانية و الحرية و العدالة الإجتماعية خطوة إلى الأمام فى تحقيق حلم الشعب بعالم آخر ، عالم دون تمييز و إستغلال و إضطهاد.
صوتنا هو " الإطاحة بنظام جمهورية إيران الإسلامية المعادي للنساء"
بيان لمنظمة نساء 8 مارس ( إيران-أفغانستان) قبل الإنتخابات / ماي 2009
مجدّدا ، أقيمت حملة الإنتخابات الرئاسية فى إيران لخداع الشعب. كافة العصابة الرجعية للنظام و مؤيدوها و المتمسحون على عتبات الجمهورية الإسلامية يعملون جاهدين لجلب الناس إلى صندوق الإقتراع بوعودهم المزيفة ليكسبوا النظام شرعية. و لا يهمّ من سيكون الرئيس ، فإنه سيكون سائق نفس النظام الذى لم يوفّر للنساء إلاّ العبودية و الوضاعة.
خلال الثلاثين سنة الماضية ، كافحت النساء ضد الأفكار و النظرات و التقاليد و العلاقات الرجعية. و نهضت بدور متقدّم فى عديد المعارك. و ثارت النساء ضد القوانين الإسلامية المناهضة للمرأة فى الشوارع و المصانع و المزارع و المعاهد و الكليات.و لم تستسلم أبدا تحت التعذيب فى السجون أو أمام ضربات السوط الوحشية القاسية فى الشوارع. و لم تنل الممارسة الوحشية للرجم بالحجارة حدّ الموت و الإعدامات الواسعة النطاق من تصميمها على الكفاح ضد رجعيي الجمهورية الإسلامية. لم تستطع دوريات مجرمى حزب الله فى الشوارع للسيطرة على النساء و لفرض قانون إرتداء الحجاب أن تشلّ روح العصيان و التمرّد لدى البنات و الشابات ضد ذلك القانون الرجعي.
إن الحكام الرجعيين و أذنابهم يحاولون جاهدين، مثلما فعلوا فى الإنتخابات السابقة ، ترويج فكرة " الإختيار بين السيئ و الأسوأ" . فى إنتخابات 1997 ، مستعملين المكر تمكّنوا من إجتذاب العديد من الناس إلى صناديق إقتراع النظام المكروه. و صار محمّد خاتمى الرئيس و فى أول فرصة ، قمع حركة الطلبة. و دفع الناس المضلَّلين و المخدوعين ثمنا باهضا. من ضمن جميع الفئات ، عانت النساء أكبر عناء و دفعت أعلى الأثمان. فالنساء فى ظلّ هكذا نظام يُنظر إليهن على الدوام بدونية و سيظل الأمر كذلك.
و بيّن إعدام الشابة دلارا درابى هذه الحقيقة مرّة أخرى. و من مهام القوى الراديكالية و الواعية ضمن الحركة النسوية أن تفضح بوعي طبيعة النظام الإسلامي المعادية للمرأة كما تفضح أنّ هذا العداء للنساء ركيزة من ركائز وجود هذا النظام. ذلك أن مثل هذه النظرة تتخلّل مختلف كتل النظام . لذا علينا أن نذكّر كافة النساء ب: " الكلب الأصفر أخ الذئب!"
فى السنوات الثلاثين الماضية، واجهنا و شاهدنا بالضبط حقيقة أنّ الحقوق الأساسية للنساء لا يمكن أن تنبع من صناديق إقتراع الجمهورية الإسلامية إذ لا يمكن تغيير سير نظام الجمهورية الإسلامية المعادى للنساء بتغيير حرّاس هذا النظام.إلاّ أنه ما زال هناك البعض من الذين يدّعون تأييد الحرّية و المساواة للنساء يساعدون على إنجاح هذه الإنتخابات. فجماعات ك"حملة المليون إمضاء" و " إئتلاف الحركة النسائية" و ما إلى ذلك ، قدّمت مطالبها للمرشحين الرئاسيين!و طالبت بتوقيع الإتفاقية العالمية ، " إتفاقية إلغاء التمييز ضد النساء" و إصلاح أربع قوانين من ضمن المئات المعادية للمرأة. بيد أنه ينبغى أن يتمّ التأكيد على أن هذا النوع من المطالب مجرّد غطاء لمشاركتها فى الإنتخابات، هذه المشاركة التى تصادق على النظام الإسلامي الرجعي فى إيران و تصبغ عليه شرعية ! و بكلّ هذا فى الواقع تبقى جسور المساومة بينها و بين النظام.
إنّ الجمهورية الإسلامية هي المصدر الرئيسي لإضطهاد النساء . و ليس الحجاب الإجباري و قوانين العقوبات التى تعود إلى عصر العبودية سوى بضعة أمثلة . والتوقيع على "إتفاقية إلغاء التمييز ضد النساء " لا يمكنه أن يغيّر من جوهر هذا النظام و إنما سيضيف فقط طبقة طلاء جديدة حول طبيعته المعادية للنساء. ألم توقّع عديد البلدان - الإسلامية أو العلمانية- هذه الإتفاقية؟ بلى قامت بذلك لأنها تحتاج إلى تغطية طبيعتها المعادية للنساء. لهذا صوّت البرلمان السادس للنظام الإسلامي لصالح الإنضمام إلى هذه الإتفاقية.
و اليوم هناك قطبان يتواجهان فى المشهد السياسي فى إيران . من جهة ثمّة نظام الجمهورية الإسلامية المعادى للنساء و إلى جانبه مختلف الرجعيين و مؤيديهم و المجموعات المتمسحة على أعتابهم و من الجهة الثانية ثمّة ملايين النساء و غالبية الشعب و الطلبة و الشباب و المثقفين . و مشاركة النساء فى النزاع الداخلي للنظام أو المشاركة فى إنتخاباته الماكرة سيهدر طاقة النساء و يخدم تأبيد وجود الجمهورية الإسلامية بدلا من محاربتها.
- لنقاطع الإنتخابات و نسعى إلى التعجيل بالإطاحة بالنظام المعادي للنساء.
- لنستعمل شتى المبادرات لتحويل مراكز الإنتخابات إلى جبهة قتال ضد النظام الإسلامي المتعفّن.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الجزء الرابع : الشيوعيون الماويون فى خضم الإنتفاضة
تريدون معركة ؟ هيا إلى القتال!
(الحزب الشيوعي الإيراني( الماركسي-اللينيني-الماوي)/ 15 جوان 2009 ")
تمرّد، وضع ثوري ، إنفجار كراهية شعر بها ملايين الناس عبر البلاد كافة : لا يهمّ الإسم الذى تطلقونه على الأحداث الأخيرة. المهم هو أننا دخلنا مرحلة جديدة. كُسرت عديد الجسور و فى عديد المجالات لا عودة إلى الماضي. و يعكس الشباب و الشابات الذين يقاتلون بشجاعة فى الشوارع سخط و غضب أجيال ثلاثة. الوجوه دامية و الأجسام تحمل كدمات لكن ما من أحد يتحدّث عن التراجع أو الإستسلام. مسلحين أيما تسلح يتجوّل المرنزقة و قطعان العصابات بالشوارع لكن لا أحد يأبه لهم. الأولياء يرافقون أبناءهم فى الشوارع. الصدمة والإحباط الأولين يتلاشيان بسرعة.
فى ذهن الملايين ، خزي جمهورية إيران الإسلامية فى الإنتخابات كذّب " إمكانية التغيير و إصلاح النظام من الداخل" عمليا و بسرعة أكبر بكثير من أي نقاش و محاججة سياسية. بهذا قامت الفئة الحاكمة بمقامرة جدّية. والآن صار الشباب المتمردون يفكرون فى وسائل التخلص الفعلي من النظام.
وجد مثال واضح أمس عن ردّ الطلبة على زهراء رهنغار [ زوجة ميرحسين موسوي] التى ذهبت إلى جامعة طهران لتهدئتهم قائلة : " نحن لم نأت للنضال من أجل رئاسة موسوي ، أتينا لنهزم الإنقلاب و نحطّم ما أعدّه الدكتاتور".
و هذه الكتلة تحاول أن تضع سلاسلها الخاصة على عقول الناس بالعمل على إشاعة شعار "الله أكبر" وهي تتبنى اللون الأخضر ، رمز الإسلام. تريد أن تحوّل طاقة الناس و خيالهم نحو بالوعة مفاوضاتها الخاصة مع "المرشد" و الكتلة الحاكمة . و هذا الوضع يفرض مهمّة مستعجلة على كاهل كافة الشباب و النساء و العمّال الجسورين و الواعين ألا وهي المساهمة فى معارك الشوارع بالشعارات و المناشير ليساعدوا فى توسيع و تعميق آفاق و تطلعات الجماهير الشعبية إلى أقصى حدّ. هذا هو شرط عدم مواصلة السير فى طرق خاطئة ترسمها مختلف كتل الطبقة الحاكمة و تريد أن يتبعها الناس. على شعارات الإنتفاضة أن تتجاوز تلك الشعارات المحدودة و المشتركة التى تستهدف الدكتاتوريين- أحمدى نجاد و خاميني- و عارهم و أن تضيف شعارات ملائمة أخرى :
- نحن نساء و رجال حرب. تريدون معركة ؟ هيا إلى القتال!
- لا نريد حكما ملكيا إسلاميا!
- لا نريد جمهورية إسلامية!
- لا نريد حكما إسلاميا!
- ما عدنا نهاب المدافع و الدبابات و ميليشيا الباسيج!
- الطريق الوحيد للتحرّر هو المثابرة والإصرار!
- الفقر و الفساد و البطالة = جمهورية إسلامية!
- لا نريد الحجاب الإجباري!
إنّ الهدف السياسي للإنتفاضة هو العصابة الإجرامية لأحمدى نجاد و المدراء الرئيسيين الذين يقفون خلفه ( قطاع من الرأسماليين و قادة الجيش و المخابرات و قطاع من رجال الدين الشيعة). لكن من الخطإ الجسيم أن يحدّد النظام بأسره فى إنقلابييى اليوم. فجميع كتل نظام الدولة هذه بما فى ذلك " الإصلاحيين" ، قد صرفوا 30 سنة فى الجريمة و السرقة. وواقع كون الذئاب الآن تتقاتل لا يغيّر من الطبيعة اللاشعبية لهذه الكتل. غير أنّ الإنشقاق ضمن الجمهورية الإسلامية لم يسبق له مثيل. لقد خلخل التماسك الداخلي للنظام و أضعف النظام إزاء الشعب. إستعراض أحمدى نجاد و أتباعه للقوّة علامة على اليأس .
على الشعب أن يستفيد إلى أقصى حدّ من ضعف الدولة و أن يوجّه لها ضربات فعّالة. على النساء و الشباب و العماّل و المعلمين والأساتذة أن يكسبوا مطالبهم و حقوقهم بأنفسهم. و على سبيل المثال بإمكان النساء أن تضع عمليا حدّا للحجاب المفروض ، بتشكيل خلايا و تتحمّل مسؤولية قيادة نضالات النساء من أجل التحرّر. و بإمكان الطلبة اليساريين و عليهم أن يشكلوا تنسيقية قيادية للإتصال على النطاق الوطني لأجل تناقل أخبار النضال و توجيهاتهم و شعاراتهم الخاصة و نشرها على نطاق واسع. لا يجب أن نترك موسوى و الكتلة الإصلاحية تصبح مركز قيادة نضال الجماهير.ذلك أنه لو غدت هذه الكتلة "ممثلة" للشعب سيكون ذلك صفعة قوية للموجة التحرّرية الحالية. نحتاج إلى مراكز قياداتنا الثورية الخاصة. و مثل هذه المراكز القيادية النشيطة حتى و إن كانت صغيرة ، يمكن أن تصبح قاعدة لتنظيم طلابي على مستوى وطني. و يمكن لعمال مختلف المصانع من الأهواز إلى حفت طابه، و خرج ، و آراك و تبريز أن يشكّلوا بسرعة الخلايا الأولى لتنظيم العمال و يصبحوا الصوت العام للشعب ضد الجمهورية الإسلامية. بتقديم الشعارات و المطالب الصحيحة، يستطيعون التحوّل إلى الصوت الحقيقي للشعب و أن يوجهوا تفكير الناس من " إما موسوى أو أحمدى نجاد" و تفسير أن موسوى و أحمدى نجاد هما بالضبط جمهورية إيران الإسلامية التى نواجه طوال ال30 سنة الماضية.
و يمكن أن ينهض الجيل السابق من الشيوعيين و مناضلى الحرّية بدور هام فى المهمّتين التاليتين : أولا تقع على عاتقهم مهمّة رفع رؤى الناس أبعد من الآفاق الإصلاحية الضيقة و ثانيا تحويل الصلات الأولية التى تتطوّر فى الشارع و فى أتون الصراع إلى روابط أطول أجلا ضمن خلايا و شبكات شتى.و ما من شكّ فى أن اللبّ الناشط و القوّة القتالية لهذا المشروع السياسي المتقدّم و الثوري يجب أن تكون من الطلبة و العمال فى الجامعات و الأحياء و المصانع.
ينبغى أن يعرف الشعب أنّ موسوى و خاتمى و رفسنجاني و عموما كافة كتل النظام "الإصلاحية" تتفاوض فى السرّ مع "المرشد" و قادة الجيش و المخابرات بهدف منع إنهيار الهيكلة العامة لجمهورية إيران الإسلامية أمام غضب الشعب. ينبغى أن يعرف الشعب أن هناك صلات وراء الكواليس بين قادة جمهورية إيران الإسلامية و القوى الإقليمية و العالمية
( مثل الصين ،و الإتحاد الأوروبي ،و تركيا و الولايات المتحدة) بغاية إيجاد مخرج سلمي للأحداث. الشغل الشاغل للولايات المتحدة رئيسيا هو أن تفتح مفاوضات مع جمهورية إيران الإسلامية لمعالجة مشاكلها فى أفغانستان و باكستان. فى خطابه الرئيسي فى مصر – حيث مدح الحجاب الإسلامي- شدّد باراك أوباما على أنه ليست لديه مشكلة مع الجمهورية الإسلامية. فى الوقت الراهن ، لا تميل الولايات المتحدة إلى " تقطيع أوصال" هيكلة حكم جمهورية إيران الإسلامية.
فى خطابه فى ساحة فالى آسر وصف أحمدى نجاد إنتفاضة الجماهير ب "الزبد" و قال إنّ
" النهر النظيف من الناس " سيضعها جانبا! و هذا الكلام يعنى أن المعركة الجدّية إبتدأت و أنه إذا أردنا المضي فيها إلى النهاية ، علينا أن نستعدّ لذلك. فالنظام بكتله المتباينة له مراكزه القيادية السياسية الخاصة لتقرير السياسات و الشعارات المتطوّرة و لخداع الشعب .
و يحتاج الشعب لمراكزه القيادية الخاصة لتحليل الوضع السياسي و رسم السياسات لرفع الوعي و مواصلة النضال الحالي.
للنظام أركانه العامة و مراكز قيادته للعمل العسكري و المخابرات ليقمع الجماهير. و يجب أن يكون للشعب مراكز قيادته الخاصة به للتنسيق و التضامن و تنظيم قوانا الذاتية./
أيها الشعب إحذر! موسوي ليس أخاك و لا هو إلى جانبك !
الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي-اللينيني- الماوي ) البيان عدد 6/ 20 جوان 2009
للعديد منكم المشاركين فى المعركة الدامية مع العدوّ ، قد تبدو هذه الكلمات غير سارة جدا لكن إفتحوا عيونكم و آذانكم!
فى بيانه الخامس ، طلب منكم ميرحسين موسوي أن "تعتبروا الباسيج إخوانكم" ! و هذا يعنى أنه عليكم أن تعتبروا أولئك الذين فى الأسبوع الماضي مزّقوا أجساد أعزّ أبنائكم و بناتكم بالسكاكين و المناجل كأحباء لكم.
و قال موسوى فى بيانه للناس ألا يعتبروا أن " الحرس الجمهوري ضدهم"! و هذا يعنى أنه يجب إعتبار الذين تنفيذا لأوامر الخامنئي كانوا مسؤولين عن تحطيم إنتفاضتكم و عن ضرب الشباب فى مختلف أنحاء البلاد على أنهم أصدقاء الشعب!
أيها الشباب كونوا يقظين!
يدّعى موسوى أنّ " النداء الأصيل للثورة الإسلامية " هو الذى حرّككم! و هذا كذب صارخ. إنه يعلم جيدا أن الذى دفعكم للتحرّك هو حافز "تغيير الوضع السائد". إنه يخفى حقائق الأمور. عليكم أن تعلموا أن التغيير لا يمكن أن يأتي إلاّ عبر الإطاحة بالجمهورية الإسلامية. فى بيانه ، إدّعى موسوى أن " التراث النيّر للإمام الخميني " [ مؤسس جمهورية إيران الإسلامية] هو الذى إستنهضكم. كذبة أخرى! كيف يمكن ل"تراث مثل هذا المجرم أن يلهمكم؟ فهو بالضبط بعد المسك بالسلطة هاجم النساء مجبرا إياهن على لباس الحجاب و منعهن من الحقوق الضئيلة التى كنّ يتمتعن بها . كيف يمكن أن يلهمكم مثل هذا المجرم؟ فهو إثر إفتكاك السلطة ، بعث بالحرس الثوري لسحق شعب كردستان و خوزستان و تركمان سحرا.
أيها الشباب ،نساءا و رجالا، إنتبهوا للمطالب الحقيقية لموسوى!
جاء يدعوكم ثانية ل" الثورة الإسلامية كما كانت و كما يجب أن تكون". جاء ليفرض عليكم
" لا يجب أن تتحدّوا النظام المقدّس للجمهورية الإسلامية و هياكلها القانونية" و أنه عليكم فقط البحث عن إصلاح " إصلاح بهدف العودة إلى المبادئ النقية للثورة الإسلامية".
إحذروا! عليكم أن تسألوا أولياءكم عن المعنى الحقيقي ل " المبادئ النقية للثورة الإسلامية" وإسألوا الذين مثلكم اليوم ، يحملون ندوب آلاف الجلدات و السيوف على أجسادهم، إسألوا أولئك من الجيل القديم الذين كانوا شهودا على سرقة و قطع رأس ثورة أصيلة و شعبية من قبل الثورة المضادة الإسلامية. توجهوا بالأسئلة لأهالي عشرات الآلاف من السجناء السياسيين الذين ذبحوا و توجهوا بالأسئلة لأهالى مئات آلاف الأولياء الذين أرسل أطفالهم لحقول الذبح فى الحرب الرجعية مع العراق، من أجل لا شيئ البتّة. إسألوا الأكراد و التركمان و البالوشس و العرب الذين تحوّلت بيوتهم إلى خراب و كذلك العمال و الفلاحين الذين سُدّت أفواههم المطالبة بالعدالة بطلقات النار. إسألوا النساء اللاتى لا زالت تحمل جروح الأنصال
و الحوامض على أجسادهن و يفرض عليهن الحجاب فرضا. أنظروا إلى المجتمع الذى يغرق فى الفساد و الدمار و الخرافة و الجهل الديني المظلم، و فى الإدمان على المخدّرات و الدعارة. هذه هي ثمار تلك " المبادئ النقية للثورة الإسلامية"،وهي "مبادئ" نهضتم بشجاعة ضدّها.إذا أراد موسوى أن يعود إلى " المبادئ النقية" ، عليه أن يذهب و يجلس مع خامنئي.
يقول موسوى فى بيانه :" العديد من مشاكلنا ناجمة عن الأكاذيب..." لكن الكذب و الغش كانا جزءا أساسيا من الثورة الإسلامية منذ البداية و جزءأ لا يتجزأ من "تراث" الخميني ورثه كلّ الذين واصلوا طريقه... من الخامنئي إلى رفسنجاني و من موسوي و كروبي إلى أحمدى نجاد . ففى السنوات الأولى بعد تشكّل الجمهورية الإسلامية ، كان موسوى ذاته على رأس أكبر صحيفة صانعة للأكاذيب فى تاريخ إيران – "يومية الجمهورية الإسلامية" – و كانت هذه الصحيفة تقوم بدعاية سياسية منظمة مساندة لهجمات حزب الله و الحرس الثوري ( بزدران) ضد الشعب فى هذا أو ذاك الجزء من البلاد.
و كان موسوى أيضا على رأس نظام الجمهورية الإسلامية لسنوات عديدة خلال الحرب الإيرانية –العراقية. حينها أرسل مراهقين إلى حقول ألغام الحرب مع العراق بوعود كاذبة برؤية إمام زمان (الإمام الغائب) و دخول الجنّة. و إحدى أكبر أكاذيب موسوى فى 1981 كانت أنّ إنتفاضة سربداران فى آمول كانت تساند ثورة الشاه البيضاء. و الحقيقة هي أن إنتفاضة سربداران خيضت [[ من قبل الماويين]] للإطاحة بالجمهورية الإسلامية وإنقاذ ثورة الشعب لكنها منيت بالهزيمة. و هذه حقائق فعلية عليكم جميعا معرفتها. فى هذه الأيام الحاسمة ، إضافة لتسلّحكم بالشجاعة و المثابرة فى ساحة المعركة ، يجب أن تتسلحوا و تعزّزوا أذهانكم بحقائق الثلاثين سنة الماضية. فهذه الحقائق ستنير الطريق و تعمّق قوتنا. إنّ الخطاب الديني لموسوى يهدف إلى تخدير أدمغتكم الباحثة.إذا عرفتم حقيقة أن المعركة بين موسوى و رفسنجاني و كروبي من جهة و خامنئي وأحمدى نجاد من جهة أخرى معركة بين عصابتي مافيا سلطة و ثروة و لا علاقة لها بمصالحكم، إذا أدركتم هذه الحقيقة ،حينئذ ستقدرون على إيجاد طريق تحريري حقيقي و تتجاسرون على صعود جبال تحرّركم.
إذا عرفتم أنّ سبب مشاركة أناس مثل خاتمي و كروبي و موسوى فى المظاهرة ليس الدفاع عن مصالحكم و إنما الدفاع عن مصالح عصابة طردت من السلطة وهي معنية تماما بمستقبل كافة النظام الفاشستي ،نظام جمهورية إيران الإسلامية، حينئذ ستدركون بصورة أفضل أهدافهم المحدودة و طرقهم الإصلاحية، و ستتوقفون عن وضع آمالكم فيهم و ستشرعون فى التعويل على قوّتكم و مبادرتكم و خيالكم الخاصين اللامتناهيين. إذا أدركتم كيف أن هؤلاء الناس يريدون إسترجاع أسهمهم من السلطة بالدوس على تضحياتكم و الأهمّ بالسيطرة على إنتفاضتكم ووضع حدود لها و إنقاذ النظام ككلّ من ضربات نضالاتكم البطولية ، حينئذ ستفهمون بصورة أفضل لماذا يطلب منكم موسوى أن تكونوا مخلصين ل"دستور جمهورية إيران الإسلامية و مؤسساتها". و ستفهمون بصورة أفضل لماذا يدعوكم لعدم الردّ على المذابح اليومية لعصابة أحمدى نجاد و التصرّف وفق "مبادئ ضبط النفس تجاه العنف" . إذا عرفتم هذه الأشياء ، سترون على نحو أفضل لماذا أوكلت مراكز قيادة موسوى أمن المظاهرات لقطاعات من قوات الأمن التى تدعم موسوى- و بمعنى آخر إلى قتلة أفضل بنات و أبناء هذه البلاد- و كانوا مسؤولين عن إتخاذ إجراءات صارمة ضد شعارات مثل " تسقط الجمهورية الإسلامية".
أيها الشباب نساءا و رجالا: لنناضل لكن لنقاتل بأعين مفتوحة و أهداف سامية!
إختار موسوى رمزين لقضيته هما شعار " الله أكبر" و اللون الأخضر. و يفترض العديد منكم أن هذين الرمزين لوحدهما هامين. غير أن هذين الرمزين أولا و قبل كل شيئ هما رمزا المجتمع الذى به يعد موسوى. و هذا المجتمع ليس سوى الجمهورية الإسلامية عينها، قد تكون بأقلّ الإصلاحات لكن أقوى بكثير من الآن. لا تنخدعوا! هذا هو هدف موسوى الحقيقي.
أتريدون حقّا مثل هذا المجتمع ؟ هل يستحق مرّة أخرى العدد الكبير من التضحيات لإعادة إنعاش مثل هذا المجتمع؟ لماذا لا تقدّمون هذه التضحيات من أجل أهداف أسمى؟ لماذا لا تناضلون فى سبيل مجتمع و مستقبل مغايرين راديكاليا لهذا المجتمع ؟ فى سبيل مجتمع حرّ من كافة أشكال الإضطهاد و الإستغلال ، مجتمع فيه يعيش الجميع بطواعية فى تعاون و بشكل جماعي، مجتمع حيث المساواة بين النساء و الرجال مبدأ بديهي، حيث المشاهد الجميلة من التعاون و الدعم و العناية المتبادلين التى نشاهدها اليوم فى ساحة المعركة تصبح هي النظام ، مجتمع يتخلّص من السأم و الركود و على الدوام حي و ناشط.
ألا ينبغى أن نفكّر فى هذه الأشياء و نناقشها فى أتون المعركة ؟ للحديث فى هذه المسائل فعلا دور حاسم فى مستقبل إنتفاضتنا الحالية. فمعرفة أي نوع من المجتمع نريد و كيفية بلوغه و الوسائل التى نحتاجها من أجل إيجاده. تتطلب ربط غضبكم و نضالكم اليوم ضد هذا الحكم الرجعي بالنظرة و الأفق و الإلتزام الشيوعيين. هذه هي الطريقة الوحيدة التى يمكنها فى هذا الظرف التاريخي أن تمنع ذهاب جهودنا سدى. هذه هي النظرة الوحيدة التى بإمكانها الحفاظ على خطّ التمايز بين الأصدقاء و الأعداء.
- لنرفع مستوى وعينا.و لندفع النقاشات بصورة واسعة فى صفوف الجماهير!
- لنشكل خلايا ثورية من أكثر الشباب نساءا و رجالا تقدّما فى كلّ حيّ و كلّ مصنع و كلّ جامعة من أجل التوزيع الواسع النطاق للبيانات و المناشير الفاضحة للنظام و لرفع وعي الجماهير و دعوة الناس لمختلف التحركات النضالية!



سنحطّم الحصار!
( الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي-اللينيني-الماوي) - البيان عدد7 / 20 جوان 2009
إن المشاهد التى رأينا فى شوارع و أنهج وسط طهران ليلة السبت 20 جوان ، جعلت الأحداث تشبه أحداث سبتمبر 1978 [ أول مرّة أطلق فيها جيش الشاه النار على حشد مظاهرة فى طهران أثناء الأحداث التى أدّت إلى ثورة فيفري 1979] فى كونها تبدو كلعبة طفل. كثافة القتال و عدد النساء و الرجال الذين ظلوا وحياتهم بين أيديهم ثابتين فى الخطوط الأمامية و دافعين للتراجع العصابات المسلحة للمجرمين الوحشيين ، لم يسبق له مثيل. و أصدرالنظام الإسلامي الذى أفزعه مدّ الإحتجاجات الشعبية المتصاعد إنذارا أو تحذيرا أخيرا للشعب عبر نداء الخامنئي خلال صلاة الجمعة. وفى قمّة يأسه، بقوّة يعوّل النظام الإسلامي على قوات الأمن و الجيش ليضيق الخناق على الجماهير. لقد تبخّرت الأوهام فالتوجيهات الدينية و أساطير إمام زمان[ الإمام الغائب ، إمام الشيعة الثاني عشر الذى عاش قبل حوالي 1400 سنة و يعتقدون أنه سيبعث لينقذ الإنسانية من نفسها ] لم تعد تخدع الشعب الغاضب، و أكاذيب وسائل إعلام الدولة لم تعد تنوّم الجماهير التى نهضت ، و بالعكس فإن أكاذيبه تغذّى نار الغضب الشعبي. و الأشياء الوحيدة المتبقية للزمرة الإجرامية الحاكمة هي الحفاظ على حكمها بالبنادق و العصيّ و القنابل المسيلة للدموع و السلاسل و عصابات مكافحة الشغب و القانون و قوات الأمن و الباسيج و فى الأخير الجيش.
لم ينجح الهجوم الشرس الذى إبتدأ منذ عشية السبت ضد الحشود المتفرقة لكن العديدة فى إنهاء الإحتجاج بل بالأحرى ساعد على توسيعه لعديد المناطق الشعبية فى إيران. لقد إستعملت وحدات الباسيج و مكافحة الشغب تكتيك تفرقة (تقسيم) الحشد إلى مجموعات صغيرة ثم محاصرة و سحق كلّ مجموعة. و فى البداية نجح التكتيك لكن لم يمض وقت طويل حتى أعادت الجماهير المتفرقة التجمّع فى الشوارع والأنهج فى المنطقة المحيطة و هذه المرّة بروح و طرق مغايرة تماما لمظاهرات الأسبوعين الأخيرين. فى هذا المشهد من حرب الشوارع الذى طغت عليه سحب القنابل المسيلة للدموع كانت الأرض و السماء تهتزّان تحت وطأة الشعارات و الصراخ. و هذه المرة كانت الشعارات تستهدف مباشرة الجمهورية الإسلامية و قائدها.:
" الموت للجمهورية الإسلامية"! "الموت للدكتاتور"! ،"الموت لخامنئي"!، " حكومة الإنقلاب إستقيلي ـ إستقيلي!". لم يوجد مجال ل "الله أكبر". كتب شاب على جدران شارع بالدهن الأزرق" حتى الشاه إستمع لصراخ ثورتى! لكن حمران لا يسمع!" ( حمران هو مركز قيادة "المرشد الأعلى"). و كانت الشوارع مليئة بالأحذية و الحقائب اليدوية و الهواتف الجوالة و أشياء أخرى تركها المتظاهرون. فى مكان أبعد منه بقليل أضرم الشباب النار فى القمامة التى إستطاعوا العثور عليها لأجل محاربة تأثيرات الغاز المسيل للدموع و عاقب الشباب قوات القمع بالحجارة و الملصقات حيث تمكّن من ذلك. بيد أن وحشية المجرمين لم تعرف حدودا. كان الدم يسيل من الرؤوس والرقاب و كانت الملابس ممزّقة و أسقط الحجاب الإجباري فى أتون القتال و إستعملت أوشحة الرأس كأقنعة لغطاء الوجوه. و الذين كانوا يتوافدون ببطئ من مختلف أنحاء طهران نحو ساحتي الثورة و التحرير ( آزادى و إنقلاب ،إسمان وضعا بعد ثورة 1979!!) كانوا يتوقعون نفس المظاهرات المليونية السلمية للأسبوع الماضي ، وجدوا أنفسهم فجأة أمام ساحة حرب. و الذين جاؤوا للمظاهرة مع بقية أعضاء العائلة وقفوا على الرصيف يشاهدون الإشتباكات. لكن سرعان ما صاروا هدفا لعصي و سلاسل الباسيج بدعوى " التجمّع غير القانوني". ومورس العنف الرجعي على نطاق واسع إلى حدّ أن فكرة العنف الشرعي فرضت نفسها بسرعة ضمن الكثيرين من مختلف الفئات و القطاعات من الناس الذين حضروا و تدفقت من الألسن فى شكل شعارات.
وإختطفت قوات الأمن فى الزي المدني عددا كبيرا من الشبان. والإيقافات كان عددها مرتفعا للغاية وكان صوت سيارات الإسعاف لا يتوقف. إستعملوا خراطيم المياه ثم لجأوا إلى الرصاص. نظرا للعدد الهائل لقوات القمع عبر المسار المحدّد سلفا للمظاهرة و كذلك عبرالشوارع و الساحات الهامة الأخرى فى طهران ، إضطرّ عشرات الآلاف الذين خاضوا معاركا بطولية فى محور الثورة-التحرير للتفرّق و التراجع إلى مختلف الأحياء .
الآن ، فى ظلام الليل ، تواصل زمر الباسيج جرائمها . فى أميرباد قتل على الأقلّ شخصان. و حتى الآن توجد أنباء عن 19 قتيلا. إعتبارا لسياسة القمع التى إنتهجها النظام ،قتلى هذه الليلة بالتأكيد أكثر بكثير. فى المقابل حصلت كذلك حالات معاقبة و قصاص تجاه المجرمين و بعض حالات نزع سلاح قوات النظام. يوم السبت 20 جوان ، ليلا، من شرق طهران إلى غربها و من شمالها إلى جنوبها وجدت حالة حصار. كانت الدوريات تفتّش السيارات إلى ساعة متأخرة ، 11 ليلا و حيثما وجدت شابا أو شابة مرتاب فى أمره أو أمرها يخرجونهم بالعنف و يقودونهم إلى سجون مجهولة العناوين. تلك الليلة ، ظلت عيون كثيرة مفتوحة. الكثيرون فكّروا فى الغد، فى طريق السير إلى الأمام ، فى الطرق التى ينبغى إتباعها للتقدّم بإنتفاضة الجماهير نحوالإنتصار. خلال النهار ، وجدت فترات قصيرة للنقاش، و جرى الحديث عن إضراب عام واسع النطاق و قال البعض إنه ليس بالإمكان فعل أي شيئ دون سلاح. أمر واحد واضح ألا وهو أنه علينا قطع مسافة طويلة على الطريق الذى شرعنا فى السير فيه. يجب أن يستعدّ الناس لقادم الأيام و الأشهر للبقاء فى الشوارع بشتى الطرق. و على شعارات الإنتفاضة أن تغدو أوضح و أعمق و أن نرفع مستوى النضال ليتحقق النصر.
- لنرفع مستوى وعينا. و لندفع النقاشات بصورة واسعة فى صفوف الجماهير!
- لنشكل خلايا ثورية من أكثر الشباب نساءا و رجالا تقدّما فى كلّ حيّ و كلّ مصنع و كلّ جامعة من أجل التوزيع الواسع النطاق للبيانات و المناشير الفاضحة للنظام و لرفع وعي الجماهير و دعوة الناس لمختلف التحركات النضالية!
---------------------------------------------------------------------------------------
الجزء الخامس : بصدد الإنتخابات الإيرانية – بيان الشيوعيين الماويين
---------------------------------------------------------------------------------------
بيان الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي-اللينيني-الماوي)
( مقتطفات من بيان صدر قبل الإنتخابات)
إن المشاركة فى الحملة الإنتخابية الرئاسية الحالية تحت أي ذريعة أو عذر لا معنى لها سوى التعبير عن إحتقار العمال و الشغالين عموما و النساء و الطلبة و المعلمين و الأساتذة الذين قمعوا مرارا و تكرارا و لا زال النظام يقمعهم و يضطهدهم.
و سيأسر القبول بالمطالب الدنيا والآمال الضعيفة والإبتعاد عن أي نوع من الأهداف و الغايات السامية فى النضالات السياسية والإجتماعية ، سيأسر الجماهير فى دائرة عديمة الفائدة من الإختيار بين كتلة أو أخرى من كتل النظام. لن تنتج طريقة الإختيار بين الأقلّ شرّا فى النظام سوى تأبيد هذا النظام. إنهما وجهان لعملة واحدة و كلاهما يحميان نفس المصالح ضد مصالح الشعب.
إذا عرفنا الطبيعة و المعنى الحقيقيين لأي حركة سياسية أو معارضة ، أو بكلمات أخرى و بصورة محدّدة إذا فهمنا المعنى الحقيقي للمشاركة فى إنتخابات النظام الرجعي، فبالتالي لن نبحث فقط عن الطرق الفعّالة لمواجهة هذه الإنتخابات المثيرة للشفقة و لكن أيضا يمكننا أن ندرك قبح و يأس المقاربة الإصلاحية التى نطالَب بتصديقها. علينا أن نعرف علميا أن الطريق الوحيد للتغيير الراديكالي للوضع هو الثورة، إفتكاك السلطة السياسية من قبل الطبقة العاملة و الجماهير المضطهَدة لكي نتقدّم بإتجاه مجتمع حيث ينعدم إستغلال البشر و إضطهادهم و تنعدم الإختلافات الطبقية...
للإنتخابات وظيفة معيّنة فى ظلّ كافة الأنظمة الطبقية. يمكن فى إطار أنظمة سياسية فاسدة و إستبدادية أن تلعب عناصر مثل الغشّ و القوّة دورا أكبر فى النتائج لكن حتى حينها مصير الأصوات يحدّده عاملان بالأساس هما المصالح الجوهرية للنظام ككلّ و ميزان القوى بين المتنافسين فى المجالات الرئيسية للسلطة السياسية. فى إطار نظام طبقي ،السلطة السياسية تمسك بها أقلية الطبقة المستغِلة التى تستغل و تضطهد الغالبية ، تمثّل الإنتخابات آلية لقلب الحقيقة رأسا على عقب. و تصوّر هذه الإنتخابات حكم الأقلية كإختيار لأغلبية الشعب. و حتى الأنظمة المشابهة لجمهورية إيران الإسلامية التى تعتمد أساسا على قمع و سحق الشعب تحتاج إلى المسرحيات الإنتخابية لتصبغ شرعية على حكمها و لتنشر الأوهام فى صفوف الشعب الساخط . والإنتخابات هي كذلك آلية لإدارة الصراع المسيطر عليه بين مختلف الكتل و العصابات فى صفوف الطبقات الحاكمة للحيلولة دون حدوث شقوق فى هيكلة السلطة و ما من المحتمل أن ينجم عنها من عواصف تمرّد جماهيري...
مقاطعة الإنتخابات أقلّ شيئ يمكن لأغلبية الشعب أن تقوم به للتعبير عن موقفها. لكن هذه الأغلبية أخضعت لأكبر دعاية شمولا و إتساعا من قبل جميع كتل هيكلة السلطة و القوى الإصلاحية. و لهذه الدعاية أهداف عدّة.
و الهدف الأكثر أساسية هو مسح عدم الثقة و الغضب المنتشرين جدا داخل الجسم الإجتماعي و إقامة جدار بين "الغالبية الصامتة" و فكرة ثورة إجتماعية و نظرة ثورية. و الهدف التالي هو جذب قطاعات من الناس ليصبحوا جنودا إنتخابيين أو ليتحوّلوا إلى بيادق تستعملها كتلة أو أخرى فى تنافسها الإنتخابي. و يمكن لقصف الدعاية الإنتخابية التى تتقيأ به الراديو و التلفزة و الأئمة إثر صلاة الجمعة أن ينهض بدور إبعاد الناس عن فكرة التغيير الإجتماعي . فبصورة متكرّرة تبثّ وسائل الإعلام مقابلات صحفية مع أناس يقولون أشياء مثل " أصوّت لأنه لدي إحساس وطني" ، " أشترك فى الإنتخابات لممارسة حقّى الديمقراطي و أؤثر فى مصير بلادي" و " أصوّت لكي لا يشعر العدوّ بالسعادة".
و على عكس ما روّجت له أجهزة الإعلام من حجّة المجموعات الداعية للمشاركة فى الإنتخابات بأن مقاطعة الإنتخاب ستساعد على إعادة إنتخاب أحمدى نجاد ، فإن النظام برمّته يبذل جهدا قويا لحرف الجماهير الساخطة عن أدنى مقاومة [ مقاطعة المسرحية الإنتخابية].
و يهدف النظام إلى أن يظهر للقوى العالمية بأنه لا زالت لديه قاعدة سياسية داخل البلاد بجلبه الجماهير إلى السيرورة الإنتخابية ، لكن أكثر من أي شيئ آخر يبحث عن سحق روح الكفاح و المقاومة فى صفوف الغالبية الغاضبة بجعلها تقوم عمليا بما لا تؤمن به لأنه يعرف أن النتيجة ستكون إصباغ الشرعية على الطبقة الحاكمة.
التعاون و التسويات والإنتخابات:
لقد جرى قصف مكثّف للطبقات المستغَلّة و المضطهَدة بالأسباب و التبريرات لجعلها تشارك فى الإنتخابات. يقال للناس إنّ الإنتخابات يمكن أن تجلب فرصا وآمالا. خلال إنتخابات 1997 ، وجد المدافعون عن الإنتخابات مثل القوميين- الدينيين [ كما يسمون أنفسهم ، مدّعين تمثيل كلّ من التيار القومي التاريخي فى إيران عصر مصدّق و التيار الإسلامي] الوضع مناسبا و شاركوا بنشاط فى التحالف المدّعى "إصلاحي" المتكتّل حول محمد خاتمي. و رغم أنه تمّ إنتخاب خاتمي ، لم يسمح أبدا حتى لهؤلاء القوميين-الدينيين بالمشاركة فى الحكومة أو حتى فى البرلمان . و مع ذلك ظلّوا مناهضين لأي تمرّد جماهيري يمكن أن يهدّد النظام القائم. و بيّنوا على الدوام ولاءهم للجمهورية الإسلامية. وأثناء حركة الطلبة سنة1999 ، وقفوا إلى جانب قوات قمع حكومة خاتمي ضد الطلبة و الشبيبة المناضلة.
لقد قدّم نشطاء القوميين- الدينيين تحليلهم و منهجهم و إستراتيجيتهم لهذه الإنتخابات الرئاسية فى البيان العام فى العاشر من جانفي 2009 ، الذى كان نموذجا لمختلف التيارات و القوى الإصلاحية فى الحملة الإنتخابية. ما يعرف الآن بسياسات " المطالب الوسطية" نبعت من ذلك البيان العام . و يدلّ هذا على مزاج سياسي جديد فى صفوف الطبقة الوسطى ، إنه مؤشر للآمال الجديدة التى نشأت فى صفوفها. وأضرمت النار فى هذه الآمال بفعل الإنشقاقات صلب هيكلة السلطة ،حتى ضمن الأقسام الأكثر محافظة و كذلك الأقسام الأخرى ، و حتى بصورة أهمّ جراء تغير السياسات الأمريكية مع وصول أوباما إلى البيت الأبيض. تحليل القوى القومية- الدينية هو أن النظام السياسي الحاكم فى إيران ينبغى أن يتعرض لضغط سياسي تدريجي و فعلي من داخل البلاد كما من خارجها فى هذه الفترة. يجادلون بأن الأرضية المناسبة موجودة لإنشاء تحالف سياسي حول تغييرات محدودة لكن حقيقية فى الجمهورية الإسلامية...
و يعكس البيان العام لجانفي 2009 أوهام و مشاغل هذا الجزء من المجتمع. فالقوميون- الدينيون الذين دعموا تحالف خاتمي الذى فاز فى الإنتخابات الرئاسية لسنة 1997 يواجهون اليوم بسؤال : لماذا بعد فترة حكم خاتمي حلّ محلّه شخص مثل أحمدى نجاد؟ يطرح البيان العام هذا السؤال لكنه لا يقدّم أية إجابة. ذلك أن مثل هؤلاء الناس لا يستطيعون فهم أن المصالح الجوهرية و بقاء النظام الرجعي قيد الحياة يتطلبان وجود كلّ من "لإصلاحيين " و "المحافظين" و هما معا تابعين للدولة. و لم ينس القوميون-الدينيون أن يكرّسوا القسم الأول من بيانهم العام للدعوة إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية. و عندما يتحدثون عن الحقوق و الديمقراطية ، يضمّنونها فقط تلك "المجموعات الملتزمة بالقانون" . و هذا يعنى أن الشيوعيين و القوى المعادية للنظام لا يجب أن يتمتعوا بهذه الحقوق...
حجج نشطاء "المطالب الوسطية":
تقدّم المدافعون عن حركة " المطالب الوسطية" بعدّة حجج لإقناع الشعب الغاضب بالمشاركة فى هذه الإنتخابات. وكانت الحجة الأولى هي خطر إعادة إنتخاب أحمدى نجاد و الكتلة المهيمنة. أحمدى نجاد مكروه حقا على نحو واسع و بعمق.لكن ما تحجبه هذه الحجة هو أنه حتى إن لم يُعد إنتخابه فلن يمثّل ذلك نهاية لفساد هذه الكتلة و لجرائمها و حتى أقلّ من ذلك لن يمثّل هذا نهاية سير النظام المهيمن ضد الشعب ككلّ. ستظلّ عصابة و كتلة قويّتين داخل نفس هيكلة السلطة و بلا شكّ سيكون دورهم فى توجيه سياسات النظام أكثر حيوية من القوميين-الدينيين و غيرهم من الداعين للتسويات من أجل مطالبهم السلمية المحدودة من خارج السلطة. علاوة على ذلك ، سواء تمّ إنتخاب أحمدى نجاد أم لا مرتبط بميزان القوى ضمن العصابات داخل هيكلة السلطة و مختلف مجالاتها، بالخصوص ضمن صفوف الجيش و قوات الأمن الذين لهما وظيفة سحق الشعب. و سيكون عدد الأصوات المنسوبة لأي مرشح معيّنٍٍ فقط إشارة و فى نفس الوقت ستغطّى ميزان القوى مثلما كان الحال خلال إنتخابات 1997.
و الحجّة الثانية لهذه القوى هي أنه من الضروري إستغلال البيئة المناسبة حاليا لتقديم مطالبنا و ممارسة الضغط من أجل تحقيق جزء من هذه المطالب غداة الإنتخابات فى القائمة الطويلة للمطالب المرفوعة فى البيان العام فى جانفي 2009، لم يتجرأ القوميون-الدينيون على رفع المطالب الأهمّ كفصل الدين عن الدولة و إلغاء الحجاب الإجباري.
علينا ان نذكر أنّ الذين يقدّمون اليوم سياسات "المطالب الوسطية" لا يشملون القوى القومية- الدينية فحسب و إنما أيضا مجموعات مثل همجاراي ( الإئتلاف) من الحركة النسوية ( تحالف نساء داخل هيكلة السلطة و خارجها)، ومكتب تعزيز الوحدة فى الجامعات، و قطاعات من حزب توده[ الحزب التحريفي الذى ساند الإتحاد السوفياتي خلال الفترة التى كان فيها بلدا رأسماليا بقناع إشتراكي] و منظمة الفدائيين ( الأغلبية) القريبة من حزب توده و القوميون الجمهوريون و شخصيات مثل محسن ساساجارا وهو أحد مؤسسى الحرس الثوري ، المتعاون الآن مع الولايات المتحدة لا سيما مع القسم الفارسي لصوت أمريكا و علي رضا نورزاده وهو صحفي قديم مقيم بأنجلترا و معروف بسياساته الموالية للغرب.و يتداخل التحالف مع التياّر المعروف بحملة المليون إمضاء التى تؤكّد على مطلبين إثنين هما أن توقّع إيران على إتفاقية الأمم المتحدة حول القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء( سيداو) و أن تغيّر نقاط من الدستور و بشكل خاص التى تنكر حقوق النساء.
قبل كلّ شيئ ، تعكس القوانين هيمنة العلاقات الإقتصادية و السياسية والإجتماعية و الثقافية فى المجتمع و فى نفس الوقت هي ضمان لهيمنة الطبقة الحاكمة على الطبقات المضطهَدة و الدستور صيغ لضمان هذه الهيمنة. و ثانيا ، توقيع إتفاقية الأمم المتحدة لن يحدث أي تغيير فى ظروف إضطهاد النساء. فالطبقة الحاكمة يمكنها أن تستعمل دوما مناورات قانونية و"إستثناءات" للمحافظة على العلاقات القائمة ( بما فى ذلك إضطهاد النساء و الميز الجنسي / الجندري). حتى و إن وقّعت الإتفاقية فإن السلطة الحاكمة ستلحقها بالنظام الذكوري الشوفيني القروسطي بإضافة جملة مثل "مع أخذ الظروف المحلية و الثقافية بعين الإعتبار" على غرار ما قامت به بلدان إسلامية أخرى.
فى الواقع ، صياغة هكذا مطالب و التركيز عليها يعنيان الحطّ من مستوى التطلعات. و هكذا مقاربة لا مخرج لها سوى الدفع بالنضال إلى دائرة مفرغة من محاولات تحقيق تغييرات بطيئة، تدريجية و قابلة للتراجع عنها فى إطار النظام المهيمن. إنها السياسة التى تعتبر تعويض الحجاب الأسود بحجاب ذى ألوان زاهية إنجازا و تبحث عن أن تصبح النساء آيات الله...
و حجّة ثالثة للمدافعين عن سياسات "المطالب الوسطية" تسمع غالبا فى الجامعات.إنهم يجادلون بأنه ليس هناك من طريق آخر و بأن كافة الطرق الحقيقية الأخرى مغلقة و أن المجتمع بأسره يتفكّك و ينحو نحو الفوضى ، لذا الشيئ الوحيد الذى يبقى لنا هو الإنتخابات و كلّ ما يجب أن نفعله هو تعويض كتلة أحمدى نجاد بكتلة أخرى- دعونا لا ننخدع و لا نفوت فرصتنا الوحيد من نوعها! التشديد هنا يتمّ على أن الثورة الإجتماعية ليست ممكنة. و يذهب البعض إلى أبعد و يقولون إنّ الثورة الإجتماعية ليست لازمة و ستكون حتى ضارة. ليس من الغريب أن مثل هذه الحجج غالبا ما تسمع فى الأوساط الجامعية و بالفعل تستهدف التفكير الثوري. إنها إنعكاس لوجهات نظر و مصالح فئات من الناس لها ما تفقده فى ظلّ هذا النظام.
رغم هذه الحجج ، يواجه الإصلاحيون أصحاب " المطالب الوسطية" مشكلا جدّيا هوالعار و السمعة السيئة لكافة المرشحين.ذلك أن أحمدى نجاد معروف ليس فقط بأنه عضو سابق فى فرق الإرهاب المعروفة بالحرس الثوري لكن أيضا بأنه كاذب فظّ جلب للعمّال و الشغالين و النساء و الشباب مزيدا من الفقر و البؤس و البطالة و الإضطهاد و القمع. الرجل الذى يرغب فى تقديم خطابات عن " الملحمة النووية" و "الفخر القومي" ليس سوى الرجل الذى ينتظر أدنى غمزة من أمريكا للإسراع إلى خدمتها فى أفغانستان و العراق و ما إلى ذلك.
ويعيد إسم ميرحسين موسوي إلى الذاكرة مذبحة السجناء السياسيين فى 1988 و عديد الجرائم الأخرى التى وقعت خلال توليه رئاسة الوزراء. وهو مشهور لدوره كزعيم رئيسي فى ما يسمى "الثورة الثقافية" الإسلامية فى السنوات الأولى بعد الثورة التى أدّت إلى إيقاف و إعدام الشيوعيين و الطلبة التقدّميين و إلى تطهير الأساتذة الجامعيين المستقلين و التقدّميين واليساريين و إغلاق الكليات طوال سنوات ثلاث. إن طابعه المحافظ وولائه المعلن مرارا و تكرارا لولاية الفقيه[ عقيدة النظام التأسيسية ل "حكم المرشد الأعلى"، حاليا أية الله خامنئيٍ] تفضحه بما فيه الكفاية...
ولعلّ أحد عوامل تقليص صعوبات قوى " المطالب الوسطية" فى هذه الإنتخابات هي أن عديد الشباب الذين يساندون هذه السياسة لم تكن لديهم تجربة مع هذه الشخصيات الرجعية. مع ذلك، فى الأسابيع القليلة الماضية فضحت القوى الثورية على نطاق واسع الجرائم السابقة و البرامج الراهنة للمرشحين. و بصورة خاصة ، أبرز هذا الفضح البرامج الإقتصادية المشتركة لكافة المرشحين الأربعة إذ يؤمنون جميعا بالحاجة إلى "إصلاح إقتصادي" ( جراحة دامية) بما فى ذلك إلغاء التعويضات للمواد الغذائية و سلع أساسية أخرى وجعل الأسعار ترتفع بحرّية. مهما كان من سيكون الرئيس ،فإن كافة المرشحين مستعدّون لزيادة فقر و بؤس الجماهير وإضطهاد وإستغلال العمال و غيرهم من الشغالين –غالبية الشعب- بقساوة للحفاظ على مصالح نظام الإضطهاد و الإستغلال الطبقي.


الدروس التى يجب أن يستخلصها الشعب من الإنتخابات:
بفعل المنافسة بين المرشحين و مؤيديهم و تحركات القوى الإصلاحية ، أفرزت السيرورة الإنتخابية وضعا سياسيا له دلالته. فالمجتمع بأسره ،حتى الذين يعارضون عن وعي مسرحية الإنتخابات، ركّزوا على النقاشات و الحملات القائمة فى الشوارع و فى وسائل الإعلام. من هذه الناحية و فقط من هذه الناحية ، يمكن أن نقول إنّ وضعا مناسبا للثوريين و أحباء الحرية برز ليعبّروا عن وجهات نظرهم حول الإنتخابات و لفضح دور هذه الإنتخابات و سيرها فى حياة النظام و الحاكم و كتله و أهداف هيكلة السلطة. بإمكانهم تحليل المصالح الطبقية و النظرة التى يمثلها الإصلاحيون و القوى الإنتخابية الأخرى و أن يقدّموا هدف الثورة الإجتماعية و المصالح الجوهرية لمختلف فئات و طبقات الشعب و الطرق و النظرة الضروريين لتحقيق مطالب الحركات الإجتماعية.
تبيّن دعاية النظام بشأن الإنتخابات و الجهد المستمرّ لجلب الجماهير إلى صناديق الإقتراع قوّة الشعب و ضعف الطبقة الحاكمة. و تبرز دعاية النظام و جهوده أن العدوّ واعي للقوّة الكامنة لحركة شعبية مستقلّة خارج إطار مخططات و برامج هيكلة السلطة. فالعدوّ يعترف بهذه القوّة الكامنة التى تفزعه و الشعب كذلك ينبغى أن يدرك قوّته فى إنجاز التحرير. لئن إتبعنا طريق المعارضة الواسعة الإنتشار لهذه الحملات ووجدنا الطرق المستقلّة لإعلان أهدافنا و فى الأخير مهّدنا السبيل لإنجازها ،عوض المشاركة فى حملات النظام الإنتخابية التى لا تعنى أي شيئ سوى إنتخاب أحد المضطهِدِين ليحكمنا، فإننا سنخلق جوّا مغايرا كليا بينما الترويج لنهج تدريجي و غير مؤلم يقدّم للشعب الأفق الخاطئ و يأبّد حكم النظام الرجعي./.
إنتهى 2009



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام إيديولوجيا وأداة في يد الطبقات المستغِلّة (الفصل الر ...
- مساهمات ماو تسى تونغ فى تطوير علم الثورة البروليتارية العالم ...
- حقيقة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى( مقتطف من كتاب -ال ...
- تعتقدون أن الشيوعية فكرة جيدة لكنها غير قابلة للتطبيق؟ قوموا ...
- -الإشتراكية أفضل من الرأسمالية و الشيوعية ستكون أفضل حتى !- ...
- الماوية : نظرية و ممارسة -5 - ملاحق كتاب - الثورة الماوية فى ...
- من مكاسب الثورة الماوية فى الصين( الفصل الخامس من كتاب - الث ...
- الماوية : نظرية و ممارسة - 5 - الثورة الماوية فى النيبال و ص ...
- الماوية: نظرية و ممارسة - 6- - جمهورية إيران الإسلامية :مذاب ...
- الماوية : نظرية و ممارسة - 4 - - الثورة الماوية فى الصين : ح ...
- إلى الأمام على الطريق الذى خطه ماوتسى تونغ ( نص للحركة الأمم ...
- الصين : من تحرير المرأة إلى إستعبادها( فصل من كتاب -الثورة ا ...
- من الصين الإشتراكية إلى الصين الرأسمالية
- الماوية: نظرية و ممارسة 2 - عالم آخر، أفضل ضروري و ممكن، عال ...
- الماوية : نظرية و ممارسة 4 - الثورة الماوية فى الصين : حقائق ...
- الماوية: نظرية و ممارسة 3 - لندرس الثورة الماوية فى النيبال ...
- خرافات حول الماوية
- الماوية : نظرية و ممارسة 1 - علم الثورة البروليتارية العالمي ...
- حقيقة ماو تسي تونغ والثورة الشيوعية في الصين
- الثورة الماوية فى الهند


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - إنتفاضة شعبية فى إيران : وجهة نظر شيوعية ماوية(الفصل الثالث من كتاب -جمهورية يران الإسلامية : مذابح للشيوعيين و قمع و إستغلال و تجويع للشعب-)