أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - أبهر معروف - العراق بين المواطنة ووهم الأنتماء الفئوي















المزيد.....

العراق بين المواطنة ووهم الأنتماء الفئوي


أبهر معروف

الحوار المتمدن-العدد: 3285 - 2011 / 2 / 22 - 12:27
المحور: اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
    


أود أن أستهل الحديث بهذا الموضوع بحادثة تمثل عبرة تجمل معظم جوانب ما أود الخوض فيه من رؤيا.
بعد انقلاب 14 تموز 58 انقسم المجتمع العراقي سياسيا إلى اتجاهين متضادين ، توجه يميني يضم القوميين والبعثيين والاسلاميين ويساري يضم الشيوعيين وأحزاب يسارية أخرى، وقد تمثل هذا الانقسام بشدة على الجو الجامعي وبلغ الحال إلى تنظيم معارك دورية مفتعلة للسيطرة على نوادي بعض الكليات كأنعكاس لتوجه السياسيين لكل فريق بالسيطرة على الشارع السياسي، وكل فريق واثق من صدق مشاعره في كره الآخر!. وقد أفرزت هذه‎ ‎الظاهرة مفارقات أثرت على وعي وضميرالطلبة المخلصين لمبادئهم فانتجت تحولات ايجابية وانقسامات في الرأي بسب الانفصام بين سمو المبادئ والوسيلة المتبعة لفرضها، واذكرهنا حادثة كنت أحد اطرافها، ففي واحدة من هذه المعارك التي اشتعلت في بهونادي الكلية وأرجائها، فوجئت بزميلي وصديقي (ن) يهم برمي زميل لنا (س) بشيئ في يده وكان ممن تجمعنا به مودة تبادل الرأي لكونه يساري مثقف ومناضل من خريجي سجن نقرة السلمان ، حدث ذلك بينما كانا يعدوان بين جموع الطلبة وكنت احاول منعه مستنكرا: ماذا تفعل!؟... انه زميلنا (س) فأجابني أعلم ..انه شيوعي (...) و هنا التفت صاحبنا وقال ل(ن) : ليش .. تريد تضربني.. آني ! ؟ .. ليش! ؟ فما كان من (ن) الا ان جمد في مكانه تاركا ما في يده وفي الحال أغرورقت عيناه بالدموع حائرا بين أسف و خجل و سمو في مشاعر الزمالة ، وألتفت لي قائلا : حان الوقت لترك هذه المهزلة وترك الانتماء الحزبي و السياسة ، وفعلا توقفنا منذ ذلك التاريخ عن كل ما له صلة بالسياسة .
حدث ذلك قبل نصف قرن من الزمان و قد علمت الآن (فقط) "و بموجب تصنيف البشر في بلادنا هذه الأيام" أن صاحبي كان (شيعيا) و زميلنا المشترك (مسيحيا ) وقد علمت أيضاً أني أُُصنّفُ الآن (سنيا) و ذلك من خلال استذكاري للأسماء والاستفسار عن دلالاتها التي لم نكن نعرها أهتماما ذلك الزمان .

(اللجوء إلى العدو): يمكن أن نطلقه عنوانا لقبول المغترب بهوية جديدة هي هوية من يختلف عنه بالمفاهيم والثقافة و الأنتماء ومع ذلك يلجأ له المغترب فيبني مستقبله ومستقبل أطفاله في ظل مفاهيم جديدة هي ثقافةالتنوع التي تتناقض مع انتمائه الفئوي السابق الذي يعتز به، فنرى إن هذا الاعتزاز بالانتماء يضمحل أمام المصلحة الذاتية او بهدف أعتناق هوية أفضل تحقق له ما يصبو اليه ، وكذلك مشاعرالحنين للثقافة الأم في سنوات الأغتراب الاولى ستضمحل بمرور الزمن و يتحول المغترب الى إعتزازه بالثقافة الجديدة (الأمريكية مثلا) .

حاجة الأنسان الى الهوية :
يحتاج الإنسان المتحضر إلى هوية لغرض تحقيق الذات والتفاخر أمام الآخرين بهويته، وهوإحساس متأصل لدى البشر منشأه (الأناالفرديه) لكن هذا الإحساس يتضاءل بازدياد الوعي و الثقافة و الانفتاح . والثقافة العربية وكذلك ثقافة شعوب المنطقة تزخر بتراث هذا التفاخر والاعتزاز بالهوية ، وظاهرة التفاخربالذات والنسب والقبيلة في الشعر العربي خير مثال على ذلك .

إنسان المستقبل له هوية عالمية :
عندما يفاخر المواطن الأمريكي أو الأوربي ويعتز بهويته فذلك لكونه ينتمي الى مجتمع حديث يزخر بالأنجازات العلمية والتطور التقني وسيادة القانون ، أما الساذج الذي يفخر بانتمائه الفئوي فهو يكابربسبب شعوره بالنقص امام التطور والتكنولوجيا الحديثة ، فليس له الا أن يفخر بالماضي المجيد ويختاره منهجا لحياته لكونه فشل في تحقيق ذاته بصورة حضارية من خلال التطور العلمي وفشل حتى في أن يساهم فيه، كما تفاقمت لديه خيبة الأمل هذه كلما أزداد الأنفتاح على المعرفة "الذي توفره لنا وسائل التقنية الحديثة‎ "‎ولا يسعه أن يجد له دورا في هذا التطورأو حتى الأستفادة منه ، وذلك هو السبب وراء أزدياد الأنحياز للأنتماء الفئوي في العقدين الأخيرين. وسوف نظلًُ ندور في حلقة مفرغة ما لم نترك الشرنقة ونعتنق هوية الحداثة المتحررة من قيود الأنتماءات الفئوية.

دور القمع و الاستبداد :
القمع والأستبداد يسلب الإنسان كرامته و شخصيته و ثقته بنفسه و يجعله مجرد أداة للنظام بعد تنازله عن حقوقه و حريته، والأنسان العراقي رزح تحت قمع وأستبداد لأكثر من ثلاثة عقود لذلك فهو يلهث للبحث عن هويه تحقق له بعض من كيانه من خلال الأنتماء الى حزب أو فئة او كيان حالما تسنى له ذلك ، حيث الدافع لهذا الانتماء ليس الايمان وإنما الحاجة لتحقيق الذات التي سلبته اياها وسائل القمع ويتحول هذا الانتماء بالضرورة إلى إيمان أو يبدو لصاحبه كذلك وفي معظم الأحوال يتحول الى التطرف ورفض الآخر في الأعلان عن هويته الجديدة ، و نرى هذا التوجه يكثر لدى الشباب واليافعين ممن تطغى عليهم العاطفة و أحلام اليقظة و يقل لدى الكبار الناضجين، كما يقل في المجتمع المتحرر الذي ينشأ فيه الفرد حرا بتفكيره واثقا بنفسه في مجتمع خالي من الروادع و الممنوعات كما هو الحال في المجتمعات الأوربية الحديثة حيث اهتمام الشباب والكباربحرياتهم وهواياتهم و منافعهم .

ومن الخطأ الشائع ان نتوقع ان يجري هذا التحول في شخصية الفرد نحو الانفتاح وممارسة الديمقراطية بمجرد زوال النظام القمعي بل هو يحتاج لأكثر من عقد من الزمان لإزالة ما ترسخ في الشخصية من ثقافة الخوف والخنوع والتردد لدى الأبناء والآباء التي أستبدلت بالفوضى والتعصب والكره إنتقاما لمعاناتهم السابقة .

تنامي الوعي السياسي منتصف القرن السابق :
تميزت الحركة السياسية في العراق لأكثر من ثلاثة عقود في منتصف القرن السابق بأعتمادها الأيديولوجيا منهجا وتشكلت الأحزاب وأنقسم المجتمع "وفي طليعتهم الشباب" على أ سس فكرية أيديولوجية رفضت كل أنواع التوصيف الأثني أو الطائفي أو الديني أو القبلي بل كانت من المعايب التي يبتعد عنها المثقفون، وقد سادت هذه الثقافة في مجتمع متعدد الأثنيات والأنتماءات مع تنامي وعي الشباب واخلاصهم لوطنهم، وكان من المؤسف أن تتغيرالخارطة السياسية بالعودة الى عقود التخلف لما قبل الحرب العالمية الأولى في التحول الى الأنتماءات الفئوية بكافة أشكالها بغطاء سياسي ، وأسباب هذا التحول الرئيسة هو الأحساس بالفشل وبدوافع مصلحه ذاتية سادت المجتمع نتيجة لتوالي الأنظمة القمعية التسلطية التي تفرز مواطنا لا يعي ما له من حقوق وما عليه من واجبات .

إذكاء الهوية الفئوية والتطرف من مصلحة من ؟ :
أصبح من الواضح بعد ثمانية أعوام من سقوط النظام في العراق أن السياسات الخارجية تسعى لحصولها على حصة من الثروة و ذلك من خلال تدخلات مباشرة وغيرمباشرة، ومن إحدى وسائلها اذكاء ثقافة الأنقسام الفئوي بجميع أنواعه وبما يلائم هذه السياسات ومن يتناغم معها في الداخل ، ومن الطبيعي ان تكون الحصة الأكبر للمعسكر الغربي الذي يمارس هذه السياسات بذكاء بوسائل التقنية الحديثة التي يمتلكها وعلى رأسها الاعلام الذي يسرب ثقافة الانقسام بشكل مرموق يغازل فيه المشاعر الساذجة للعامة ، ومن أمثلة ذلك ما نسمعه في الفضائيات المرتبطة بالغرب مثل (الحرة) في دس مفاهيم التفرقه حيث تتقصد أن تكرر في عرض الأنباء (العتبات الشيعية في كربلاء .. والمواكب الشيعية .. )، وليس كما اعتدنا (سنة وشيعة ) بتسميتها العتبات المقدسة و المواكب الحسينية . ما هي مصلحة الغرب في اشاعة ثقافة التفرقة و تحفيز الضمير الجمعي لمجتمعاتنا لقبول التقسيم على أسس عرقية وطائفية وهم على عكس ذلك يسعون إلى التعددية في مجتمع موحد متعدد الأعراق والأنتماءات تحت عنوان المواطنة كما في الولايات المتحدة ؟ وكذلك الاتحاد بين دول أوروبا المختلفة الاثنيات" التي يزخر تاريخها بحروب طاحنة دامت لزمن قريب" سبق ان اعتمدت التقسيم العرقي والمذهبي سببا ومبررا لاشعال الحروب ، ما لبثت ان قادتهم الثورة العلمية و توحيد المعرفة ( مرغمين ) إلى ثقافة العولمة حيث أسس الترابط هي المنفعة المتبادلة ، تاركين جانبا كل ترهات الماضي التليد و مفاهيمه المستعارة من قومية و مذهبية و أثنية ، وعلى العكس من هذا التوجه نلاحظ دعوات تقسيم ساذجة تجتاح العالم الثالث ذات منطلقات فئوية متناسية ما ينالها من ضرر عام في مصالح مجتمعاتها من جراء هذا التقسيم .

كلمة أخيرة :
الانتماء القومي بعنوانه المجازي (القومية العربية ) هو حديث العهد ظهرت بوادره وهيأ له المعسكر الغربي لفصل مجموعة الدول العربية عن الدولة العثمانية ووضعها تحت الانتداب بداية القرن الماضي وقد هلل لها الساسة العرب طمعا في السلطة ، ومفهوم الدعوة إلى الوحدة العربية لم يكن مطروقا في بدايات القرن السابق حيث كان الانتماء لما سبق ذلك مقتصرا على رابطة الدين و واقعها دولة دستورها الدين والولاء فيها للدولة فقط و بها ألغيت العصبية القبلية واصبح الانتماء للقبيلة ثانويا ، كذلك حلم الوحدة على أساس الرابطة القومية كان مصطنعا بل ضربا من الخيال، حيث أن الانتماء الى الدولة و مقوماتها أرسخ في الضمير الإنساني من الانتماء القومي لأن مصلحة المواطن الفعلية تتحقق بأطار الدولة ، وهكذا أصبحت العلاقات بين الدول الآن في ظل مفاهيم العولمة و الحداثة علاقات مبنية على التكامل وتبادل المصالح في عالم متحضر يعتمد العلم و قوانينه دستورا .
لذا نرى ما يحدث الآن من ردة إلى الوراء" في التمسك بالانتماءات الفئوية بديلا عن الدولة" ظاهرة خطيرة جدا "ولو انها طارئة لا تمتلك مقومات البقاء" لكن خطر استمرارها لفترة طويلة يكمن في تحولها إلى تعصب فئوي "بكافة أشكاله" يذكي وحشية الأنسان فيجعله يقتل صاحبه بدم بارد كأنه يقتل كائنا من فصيلة أخرى أو حشرة ضارة , و الأمثلة على ذلك من تاريخنا القريب كثيرة .



#أبهر_معروف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة / سالم سليمان
- تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني / عصام البغدادي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - أبهر معروف - العراق بين المواطنة ووهم الأنتماء الفئوي