أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عائشة التاج - أنظمة الضبط المحلية وعولمة القيم .















المزيد.....

أنظمة الضبط المحلية وعولمة القيم .


عائشة التاج

الحوار المتمدن-العدد: 3284 - 2011 / 2 / 21 - 19:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أنظمة الضبط المحلية وعولمة القيم .
تعتمد أنظمة الاستبداد على مرتكزات أساسية تضمن استقرار بنائها وتكاد تكون متشابهة بينها جميعا سواء في الماضي أو الحاضر .
احتكار للثروات والخيرات والسلط المادية منها والمعنوية ..... سلطة المال والجاه والمجد
مما يضمن لهم ولاء باقي الفئات خوفا من البطش أو طمعا في الاستفادة من الكعكة او حتى الفتات الذي قد يلقى تحت المائدة ليستقطب الدجاج السياسي وحتى المدني إلى حظيرة الحاكم بإذلال مهين .
من هنا يشكل العنف أحد آليات الضبط الأكثر مركزية مصحوبة بمنظومة قيمية تضمن
الانخراط والولاء أو الخضوع تتشكل من وسائل ذات طابع ناعم .
زجر وترغيب ،تلك هي ثنائية الحكم لدى الطغاة التي تحل محل الإقناع واقتسام الثروات والسلطات والمعرفة والمعلومات .
وإذا كان الجميع يعرف المكانة التي تحتلها أدوات الزجر من شرطة وجيوش داخل حكم الطغاة فإن الآليات الناعمة غالبا ما يكون دورها مثل الضمير المستتر .
تتكون آليات الضبط ذات المظهر الناعم من ترسانة المؤسسات والأجهزة والقوانين التي تسعى لتنظيم خلافات المجتمع ونزاعاته العديدة وتبدو في مظهرها الخارجي ذات طابع حضاري لا يخلو من روافد بدائية ومضامين عتيقة تفضح عمق الاستبداد ولو خلف ستائر القوانين من خلال الآليات التالية :
-أجهزة ومؤسسات ذات طابع صوري لا تصلح لشيء أكثر من الاسترزاق الذاتي لبلطجيي السياسة المتهافتين على الريع والمنصب والحصانة ضدا على مصالح الأغلبية .
- قضاء قد يكون منخورا بفساده وبغياب استقلاليته وحياده في أحسن الأحوال ويكون بمثابة العصا الحديدية التي يهش بها على معارضيه إثر أية محاولة حقيقية لإبداء الرأي المخالف
-فاعلون سياسيون هم في الحقيقة شركاء في الفساد او متواطئون في أحسن الأحوال .
-صناعة للفساد من طرف مهندسي الشأن العام وتشكل ركيزة محورية لضمان ولاء الفاعلين السياسيين الذين يتم إشراكهم في المسرحية السياسية والسعي إلى توريط النظفاء منهم للتمكن من الزج بهم في المستنقع السياسي والسكوت على الخروقات التي يراها حواليه .
كما تتشكل أهم ركيزة للضبط الاجتماعي الناعم مبدئيا من ذلك التراكم التاريخي
لترسانة القيم والأعراف والتقاليد الاجتماعية التي تضمن تنظيما سلسا للمجتمع وفق منظومة ثقافية تتدخل بشكل بالغ في التنشئة الاجتماعية للأفراد والجماعات .
وقد تتغير هذه الأخيرة بوتيرة تحددها حيوية المجتمع وقدرته على التجديد والتكيف مع محيطه الإقليمي والعالمي وتتصنف حسب المعايير الداخلية لكل مجتمع إلى ما هو ثابت وما هو متحول حسب حصانتها ومصداقيتها ومرونتها أيضا .
ومن البديهي أن يتدخل العنصر السياسي في سيرورة التنشئة الاجتماعية من خلال توجيهه
الحثيث لهذه المنظومة بما قد يضمن تربية للأجيال تتماهى مع اختيارات الحاكم .
ذلك أن الانخراط في اختيارات الحاكم او الولاء له لا بد أن ينبع بشكل من الأشكال من تصورات حول الحاكم يتم صياغتها عبر برامج تربوية وإعلامية تخترق ذهن المحكوم وتوجه قناعاته إلى هذا الحد أو ذاك.
ولقد كانت نجاعة هذا الاختيار مضمونة عندما كانت البلدان تتمرس حول حدودها الترابية متباهية بسيادتها الوطنية على المجال والعباد .
وها هي ذي عولمة الاقتصاد تترافق مع عولمة للقيم تتاسس عبر ثورة الإعلاميات والأقمار الصناعية التي جعلت مئات القنوات بين أيدي المتلقين في أكثر البلدان انغلاقا وتمترسا
وها هي شبكة الانترنيت تحول العالم لقرية صغيرة وتجعل التواصل بين شعوب العالم ممكنا بمجرد نقرة على الفأرة ومعه انسياب المعلومات والأفكار وما يترتب عن ذلك من إعادة صياغة للقيم ومعها التطلعات والانتظارات .
وإذا كان بإمكان الأنظمة أن تتواصل عبر مؤتمراتها وامتلاكها لوسائل التنقل السريع من طائرات عمومية وخاصة حرصت على احتكارها للمتنفذين فقط عبر اسعار مرتفعة .
و تملكها لوسائل ربط الصلات مع بعضها البعض وما قد يتفتق عن ذلك من تحالفات وتعاونات قد تكون مريبة فهاهي شعوب العالم بدورها تجد في الفايسبوك واليوتوب والتويتر و غيرها من شبكات تكنولوجية واجتماعية و جمعوية وسائل لبناء شبكات للتآزر ضد الاستبداد العالمي سواء في شكل راسمالية عابرة للقارات تحرص على الإمعان في تكريس الاستغلال واستثمار الأزمة الاقتصادية العالمية لتحويل اليد العاملة إلى عبيد جدد من خلال استغلالهم الشنيع على خلفية احتياطي كبير في "العمالة "عبر العالم والبلدان المتخلفة منها بشكل خاص أو في الاستبداد المحلي وترساناته العتيقة التي بدأت في التهالك
والتمزق نتيجة لصواريخ الأفكار والقيم العابرة للقارات .
ربيع الثورات العربية أثبت لنا بأن مئات الصحف والقنوات الدولية والمواقع الإلكترونية والمدونات تساهم بالتغطية والتحليل موسعة بذلك في انتشار المعلومة وفهمها وفي تكوين راي عام جديد ليس بالضرورة ما يرتئيه الحكام والأجهزة الرسمية عبر صحفهم وتلفزاتهم المهجورة من طرف متابعيها المفترضين .
ذلك أن عشرات التنظيمات الحقوقية والإنسانية ذات الطابع العالمي تنخرط في سيرورة التحولات السياسية بالمنطقة ،عبر الفضح والتنديد والدعم والمساندة من خلال مناشدات وتقارير وعرائض وما إلى ذلك من آليات للتدخل .
قرارت هامة تمت في الفترة الأخيرة نتيجة لضغط الرأي العام خصوصا في الغرب
منه : إجبار بعض الدول عن عدم بيع الأسلحة الخفيفة التي تستعمل في قمع المظاهرات
على خلفية إطلاق الرصاص على المحتجين العزل في البحرين او ليبيا او حتى اليمن
و تجميد ممتلكات الطغاة الذين تم خلعهم من طرف شعوبهم وتحريك محاكمات دولية ضدهم
ومتابعات حقوقية ضد مختلف لصوص المال العام مهما كانت درجاتهم .
بدون ان ننسى الانتقادات اللاذعة التي وجهت لوزيرة الخارجية الفرنسية اليمينية لكونها عرضت المساعدة على نظام بنعلي لقمع المتظاهرين وكذا تورطها في صفقة بيع الأسلحة لملك البحرين واخرى وجهت لساركوزي مباشرة بعد خلع بنعلي مما جعله يقفز للمؤتمر الإفريقي كي يصرح بدعمه للديموقراطية في إفريقيا باسلوب صريح على الأقل خطابيا
بدون ان ننسى انخراط الجاليات العربية بالخارج مصحوبة باصدقائها في دول الاستقبال
ضد الطغاة كي تهتف بنفس شعارات مواطني الداخل في تناسق وجداني بديع .
كما انبثقت شبكات لدعم الثورات الشعبية في العديد من البلدان التي تسمح بهذا الهامش
من التنظيم في انتظار بروز أشكال تضامنية أكثر عمقا مع تحقيق التغير المنشود او الهدوء اللازم للمزيد من الفعل السياسي الناضج .

قد تكون الوحشية التي قام بها القذافي ضد شعبه لم تلق ما يضاهيها من ممانعات دولية وإقليمية كافية لإيقاف ما يقوم به هذا السفاح الأخرق ضد شعب أعزل
لكن هذا لا يمنع من الاعتراف بدور وسائل الإعلام في فضحه وعلى راسها الجزيرة التي تحظى بمصداقية لدى الشعوب العربية نتيجة لتغطياتها المهنية لمختلف أشكال الاحتجاج عبر الوطن العربي .
نعم ، هناك تقصير في المؤازرة أو فعالية المؤازرة لأن وسائل الممانعات الداخلية تكاد تكون منعدمة أو على الأقل هشة جدا في بعض البلدان ولأن كل البلدان العربية استعجلت ربيعها الخاص وكأن رياح الثورة أو الإصلاح ستمر على بلدها بدون رجعة ..فكان أن واجه كل شعب مصيره لوحده أو يكاد اللهم إلا من محاولات بسيطة للتضامن أو حتى المتابعة وكأن هناك تنافس محموم لدى الشباب الثائر عمن سيحقق أهدافه هو الأول .
هناك ما يشبه مسرحيات على الركح العربي تنقلها لنا بعض الفضائيات ،يكون ابطالها شعوب تتوخى التحرر السريع من قبضة طغيان تحملته لسنين عن طواعية او إكراه
وتتسابق مع الزمن لإنهائه عبر أشكال من الاحتجاج تختلف في إبداعها ونضجها .
و كأن الشباب العربي ركب موجة العبث البريء ضد عبث الساسة واستخفافهم بحاجيات
جيل باكمله بل بفئات شعبية كبيرة .
كيف لا و"كهول السياسة " ينخرطون عن طواعية في أجندة شباب ركبوا أهوال المغامرة
وكأنهم يعترفون بعجزهم عن إحداث التغيير المنشود بالطرق السياسوية المتعارف عليها .
متوحدين جميعهم نحو الحلم المشترك : وطن للجميع ومن أجله نسترخص كل التضحيات.
الوجدان العربي تتجاذبه مأساوية المناظر الدراماتيكية عبر الجثت المتناثرة هناك وهناك
سواء من المتظاهرين وحتى من بعض رجال الأمن الذين يشكلون أيضا جزءا من الشعب له دوره في حماية الوطن قبل دوره القمعي الذي ألصقه به الحاكم الطاغية .
لكن سرعان ما تذوب مرارة المناظر الجنائزية والقمعية أمام نشوة الانتصار بتحقيق الثورة أو الإعلان عن الإصلاحات المنتظرة .
وعلى شاكلة نداء كارل ماركس بالأمس القريب : يا عمال العالم اتحدوا ضد الرأسمالية المتوحشة
ينبري شعار المرحلة : يا مواطني العالم اتحدوا ضد الاستبداد ولتكن المرجعية المثلى
المواثيق الدولية من اجل عالم أكثر عدلا وإنسانية وتلاحما .
وحدها الديموقراطية قمينة بصنع السلام والمحبة بين الشعوب
ووحده التواصل الأفقي بين البشر قادر على صنع المعجزات بعد أن فشل أصحاب القمة في
تحقيق سلم عالمي حقيقي لا ينبني على جثت المظلومين والمضطهدين في أرضهم وخبزهم وكرامتهم وحريتهم .

عائشة التاج :باحثة اجتماعية الرباط ‏21‏-02‏-2011‏



#عائشة_التاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تنتعش الدكتاتوريات العربية ؟
- إرهاب الدولة في ميدان التحرير
- ثورة تونس ،هل هي بداية انفطارحبات العقد الصدئة ؟
- نحن والزمن ،ساكنان لا يلتقيان .
- محطات حاسمة في حياة إبراهام السرفاتي وعمران المالح .العشق ال ...
- رحيل أهرام من المفكرين العرب : فجيعة، رهبة ، وتأمل.
- هل يأفل نجم المفكرين من نوع نصر حامد أبو زيد ؟
- جنوح علية القوم والعدالة الموقوفة التنفيذ
- الكتابة فعل وجودي بامتياز
- تأملات في المرأة الحب والمساواة . بمناسبة عيد المراة لسنة 20 ...
- فحوصات طبية لفائدة موظفي وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة وا ...
- عندما تتحول الوطنية لسجل تجاري
- منظمة الصحة العالمية تحت نير مساءلة البرلمان الأوروبي
- خطر التشبيك العرقي داخل مؤسسات الدولة ، آل الفاسي الفهري نمو ...
- الدخلة وإعلان دم العذرية : احتفال هستيلاي بأمور جد حميمية
- صرح إعلامي مميز
- القيم ما بين الأصالة والمعاصرة
- هل ندرك بأن المحبة هي اسمنت العلاقات الإنسانية ؟
- التلوث السمعي في المدن الكبرى : الأخطار الكامنة
- التحرش الجنسي في الجامعات ،حدث عابر أم ظاهرة متفشية ؟


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عائشة التاج - أنظمة الضبط المحلية وعولمة القيم .