أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فراس المصري - الحلم والسياسة والثورة في عهد التتار الجدد














المزيد.....

الحلم والسياسة والثورة في عهد التتار الجدد


فراس المصري

الحوار المتمدن-العدد: 3284 - 2011 / 2 / 21 - 18:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في البدء كان الحلم وكانت الفكرة ثم إذا وجدت الهمة والإرادة أتبع ذلك القول والعمل, وقد تنبثق ينابيع الحكمة والخير. لأنه هكذا خلق الله الإنسان في أحسن تقويم ليصنع سعادة ورخاءاً لنفسه ولمن حوله, ولينشأ حضارة وليبدع ثقافة وفنوناً مختلفاً ألوانها.
والسياسة ما السياسة-في حقيقتها- سوى حلم ورغبة بحياة وظروف أفضل لمجموعة من الناس أو للناس كافة أو للشجر والنهر والحجر, ومن ثم الاجتماع على العمل والنشاط من أجل ذلك. ولا يصدفنك فساد السياسيين وانحرافهم في أوضاع يسود فيها الاستبداد والتخلف عن الاهتمام بالسياسة أي بالبشر والحياة في نشاط مدني خلاق لخير الحاضر والمستقبل. والأنبياء والمصلحون ما كانوا إلا سياسيين أو نشطاء مجتمع مدني بالتعبير المعاصر لأن نشاطهم إنما يتجاوز ذواتهم ويسري بأثره إلى العموم لتغيير الأنفس والسلوك والأوضاع.
ولكن الحاكم المستبد لا يطيق أن يحلم الناس ولا أن يفكروا خارج الإطار المحدد, ولا أن يشرعوا بعمل يتعدى أنفسهم واهتماماتهم الشخصية الضيقة لئلا يكون ذلك فاتحةً لظواهر تتحدى استبداد وفساد الحاكم الفرد وحاشيته. لذا يعمد هذا الحاكم إلى تحويل الوطن إلى سجن واسع وإرهاب الناس وتخويفهم ومعاقبة من يجرؤ على التفكير السليم أويحلم بالحرية والكرامة. بل يعمد إلى ارتكاب المجازر والفظائع حتى لا تقوم للناس قائمة.
وهذا تماماً ما ينطبق على سوريا التي تسلطت عليها فئة حاكمة أهلكت الحرث والنسل وأخذت تسوم شعبها سوء العذاب وصار حلم الإنسان فيها هو الخلاص الفردي وليذهب الوطن إلى الجحيم أو هكذا أراد وتمنى لها هذا الحاكم أن تكون. وحين بدأت تظهر من بين الرماد بوادر حلم جميل بالمستقبل من شباب مدونين بريعان الصبا فقد الحاكم وأجهزته الأمنية صوابهم, وأخذوا يلقونهم في غياهب السجون الواحد تلو الآخر في مجزرة حقيقية لبراعم الحلم والفكر.
ولقد كان شعب سوريا معروفاً بإبائه واستقلالية مثقفيه وحراكه السياسي والثوري حتى عندما كان الاستعمار الفرنسي جاسماً على الصدور, ولكن العهد الحالي بآليات الرعب والمجازر التى ارتكبها في الثمانينات وبالمجازر المستمرة في أقبية المخابرات داس على أشواق الناس وآمالهم وتطلعاتهم في وطن كريم وحياة عزيزة. ولا نجد وصفاً أقرب إلى هذا العهد من وصفه بأنه عهد التتار الجدد. فلم يمر على بلاد الشام في التاريخ من الفظائع التي تشيب لهولها الولدان مثلما حدث حين اجتاحت جحافل التتار المدن السورية وخاصة دمشق, فجاسوا خلال الديار وجعلوا أعزة أهلها أذلة وأذاقوا الناس صنوف الخوف والهوان لدرجة أن ابن الأثير ينقل أن رجلاً من التتار دخل درباً فيه مائة رجل، فما زال يقتلهم واحداً واحداً حتى أفناهم ولم يمد أحد يده إليه بسوء. وأن آخر من التتار أخذ رجلا ولم يكن مع التتري ما يقتله به فقال له: ضع رأسك على الأرض ولا تبرح، فوضع رأسه على الأرض حتى جاء التتري بسيف وقتله به.
ورحل التتار القدماء عن دمشق وهم يجرون أذيال الخيبة, ونهضت دمشق من جديد عروس المدن وموئل الإيمان والثقافة والفكر. ويخطأ التتار الجدد إن ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم, وأن الشعب السجين توقف عن الحلم بضوء الحرية, بل إنه لن يألو وسعاً للثورة عندما تسنح الفرصة.
فرياح الحرية والثورة هبت على المنطقة العربية ومنطق الثورة قد تبنته الشعوب فلا مكان اليوم لمنطق الإصلاح المتدرج بعد أن رفضه نظام التتار الجدد لسنوات بل وعقوداً عديدة.
ويسألونك عن الثورة أيَان مرساها؟ قل عسى أن تكون قريباً, فقد عودتنا الشعوب في حراكها أن تسبق النخبة المثقفة, وأن تتجاوز في سقف طموحها سياسيي المعارضة. ويقولون أضغاث أحلام...بل هو قول شاعر, ولسوف يعلمون.
د. فراس المصري
أكاديمي سوري



#فراس_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خصوصيتنا الثقافية وتحديات الدولة الحديثة
- الأمراض العقلية أصابت الحاكم والمحكوم في سوريا
- الدين والسياسة في عالم مضطرب
- المثقفون السوريون وملابس الإمبرطور الجديدة


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فراس المصري - الحلم والسياسة والثورة في عهد التتار الجدد