أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صالح سليمان عبدالعظيم - نوارة الثورة المصرية















المزيد.....

نوارة الثورة المصرية


صالح سليمان عبدالعظيم

الحوار المتمدن-العدد: 3283 - 2011 / 2 / 20 - 14:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانت أول مرة أرى فيها وجه نوارة أحمد نجم عبر قناة الجزيرة من خلال البرنامج الخاص الذي استضافها فيه غسان بن جدو بالإضافة إلى المخرج خالد يوسف والشاعر جمال بخيت. ونوارة خليط يجمع بين حدة وصرامة والدتها صافيناز كاظم التي لا تهادن في الحق وبين سلاطة لسان أحمد فؤاد نجم التي تنطلق شعرا وجمالا في حب وعشق مصر، كما أنها تنتمي لجيل الثورة الذي يصر الكثيرون على وصفه بالشباب على الرغم من أننا أمام جيل يخطو حثيثا نحو العقد الرابع من العمر، اكتسب خبرات واسعة وعديدة مرتبطة بحالة التخلف التي واجهتها مصرنا الغالية لعقود طويلة. وهو جيل لم ينتمي للأيديولوجيات بشكلها الجامد المقولب قدر انتمائه لها في ضوء الرغبة في التجديد والتغيير للحياة اليومية. ويتسم هذا الجيل بالعديد من السمات التي سوف أحاول أن أرصد بعض معالمها فيما يلي:
فأولا: هذا الجيل لم تقيده أيديولوجيات المشروع القومي الناصري، رغم انجذاب البعض منه لشعاراته من خلال القراءة والمتابعة والتجاور الجيلي للآباء وربما الحنين لشعاراته الثورية الرنانة، كما لم تهزه توجهات الانفتاح الاقتصادي والسياسات الكارثية المرتبطة بها. فهو جيل متحرر من أيديولوجيات النظم المصرية المتعاقبة، راغب في الانفلات من قيودها والعناصر المرتبطة بها. وإذا كان جيل الستينيات قد ارتبط بهزيمة 1967 وبالتبعات الكارثية الناجمة عنها، فإن هذا الجيل ارتبط بواقع مهزوم نفسيا وحضاريا ومتهاوي اقتصاديا واجتماعيا ومكبوت سياسيا وتعبيريا. لكنه رغم ذلك، وبدافع من حب الحياة والإقبال عليها ظل متحليا بالأمل ولم ينكسر أو ينزوي أو ينعزل.
وثانيا: لا يعني ذلك أن هذا الجيل بدون أيديولوجيات توجهه وترسم له طريقه وحياته، العكس هو الصحيح، فأيديولوجية هذا الجيل نبعت من رحم المواجهات اليومية الحياتية التي نمت لديه شعورا هائلا بضرورة التغيير والخلاص من حالة التخلف التي تواجهها حياتهم ومجتمعهم. كما أنها ارتبطت بالخلاص الفردي من جنون الحياة اليومية وملابساتها العفنة المتكلسة ضمن أجيال وأجيال عديدة.
وثالثا: فإن هذا الخلاص الفردي رغم بعض البدايات الجمعية المبكرة المصاحبة له من اجتماعات وندوات وربما حتى تظاهرات محدودة مرتبطة به، لم ينتقل فعليا من مستواه الفردي أو الجمعي المحدود ليصبح أيديولوجية حقيقية تُطلق دعواتها الخاصة بالتغيير، إلا عبر اتساع استخدام الإنترنت والفضاء المرتبط بها. فقد وفرت هذه الجمعية الافتراضية لأول مرة مهاد جديدا وعجيبا لكافة أنواع النقاش، ووجد الجميع أنهم لم يعودوا أفرادا أو جماعات محدودة مثلما كانوا يتصورون بل اكتشفوا أنهم جماعات واسعة وممتدة امتداد الوطن، وتنوع المغتربين فيه وعنه. فالحديث عن التخلف أو الفساد كان يتم في الغالب بين أبناء المهنة الواحدة أو بين المتقاربين جغرافيا بدرجة أو بأخرى، كان الحديث أو التناول أقرب لأحاديث المقاهي الذي يتسم بالتجمعات المحدودة محدودية المكان والظروف المرتبطة به، أما النقاش الحالي المرتبط بفضاء الإنترنت فهو نقاش غير محدود يستطيع أن يجمع القاصي والداني في كل الأوقات وعبر كافة الموضوعات. من هنا يمكن القول أن ثورة هذا الشباب الكبير حدثت عبر فضاء الإنترنت قبل أن تنتقل من الواقع الافتراضي إلى الواقع الفعلي حيث ميدان التحرير وغيره من محافظات مصر الأخرى.
ورابعا: إن هذه النقاشات الكثيرة والحوارات المتعددة قد أصقلت هذا الجيل بدرجة كبيرة جعلته أصعب مراسا وأكثر قدرة على المقاومة وأطول نفسا في التحدي. ولعل هذه الممارسات قد جعلت أيديولوجيا هذا الجيل تجمع بين البراجماتية المرتبطة بالحياة اليومية المباشرة وبعد النظر المرتبط بالتفكير الاستراتيجي، وهو ما أكسب هؤلاء الشباب القدرة على التحدي والصمود أمام أعتى النظم الأمنية في العالم العربي طوال ثمانية عشر يوما.
وخامسا: أن الجمع بين البراجماتية التكتيكية والإستراتيجية بعيدة المدى قد أكسب هذا الجيل صفة ميزته بشكل كبير عن غيره من الأجيال السابقة وعن أصحاب الأيديولوجيات الحالية ألا وهي قبوله بالمحاولة والخطأ وبالتالي العمل الحثيث على التطور والتقدم في إطار من التصور المسبق الذي يؤكد على أن أي مشروع سياسي هو في النهاية مشروع غير مكتمل وأن ما نقوم به الآن سوف يُكمله غيرنا من أصحاب الرؤى الجديدة والتيارات المغايرة. إن أهمية هذه الرؤية أنها تكشف حمق وعبث التيارات الأخرى التي تدعي الكمال وعلى رأسها أصحاب التوجهات الدينية ملاك الفضيلة ومقاولي الأخلاق.
وسادسا: يمكن القول بدرجة أو بأخرى أن أبناء هذا الجيل من الشباب الكبار لم يتلوثوا مثل الآخرين الأكبر سنا والمرتمين في أحضان المناصب المختلفة؛ فلقد رأينا طوال أيام الثورة كذب ونفاق العديد من المسئولين والإعلاميين والمثقفين ورجال الدين، ورأينا حالة الكذب المزرية التي أصابتهم وهم يبررون ويلفقون ويخترعون ويبررون، وباختصار لقد شهدنا حالة "شرمطة أيديولوجية" لم يسبق لها مثيل في التاريخ المصري الحديث. والأمر بالنسبة لشباب الثورة مختلفة تماما فهم لم يسطوا على المال العام، ولم ينافقوا النظام المخلوع، ولم يراهنوا على شيئ سوى ما يؤمنون به، التغيير، والتغيير، والتغيير.
وسابعا: يتسم أبناء هذا الجيل بالقدرة على الحلم والارتباط بنزعات إنسانية شاملة. فرغم ارتباط هذا الجيل بهموم العمل اليومي، فإنه ينطوي على نواحي إنسانية كبيرة، ربما لعبت الإنترنت دورا كبيرا في تكرسيها عبر الفضاء الكوني الواسع الذي توفره، كما لعبت حركات الاحتجاج المصرية في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين دورا كبيرا في تكريسها في إطار من التفاعل اليومي الناشط مع العديد من الفئات الاجتماعية المختلفة في مصر، وأخيرا علينا ألا ننسى تلك اللحمة غير المسبوقة التي عايشها أبناء هذا الجيل مع الملايين من أبناء الشعب المصري في كافة محافظات مصر، وما شاهدوه من موت رفقاء عديدين لهم.

إن جيل الثورة من الشباب الكبار يحتاج لتناول أعمق من ذلك بكثير ودراسات متخصصة تربط بينه وبين وسائل الاتصال الحديثة، وحتى يتم ذلك يبقى هؤلاء الشباب نوارة الثورة المصرية الذي يجمع بين الحدة والصرامة وسلاطة اللسان والعمق الإنساني الدفين، فهنيئا لنا بهذا الجيل، وكان اله في عونهم على المفسدين في مصر وأعوانهم من المنافقين.



#صالح_سليمان_عبدالعظيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشتركات الثورات العربية
- الحفاظ على مكاسب الثورة
- أعداء الثورة في مصر
- خرج المصريون
- هلع الظالمين!!
- حرب القراء عبر الإنترنت
- الفرق بين المجاملة والابتذال
- أبوية العلاقات السياسية العربية
- تصاعد العنصرية ضد المسلمين في أوروبا
- فوبيا عبدالناصر في الإعلام العربي
- الشخصية الفهلوية المثقفة
- الإعلام العربي بين التنوير والتغريب
- الحرية على الإنترنت
- عناصر القوة الأميركية
- عناصر الضعف الأميركي
- مسألة التعويضات وتسعير الضحايا
- المتحدث الرسمي باسم الحكومة
- واقع التنظير في العلوم الاجتماعية والإنسانية
- صورة أميركا في العالم العربي
- محمود أمين العالم: مناضل من الزمن الجميل


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صالح سليمان عبدالعظيم - نوارة الثورة المصرية