أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد بودواهي - القيادة العسكرية وتخوفات الشعب المشروعة من إجهاض أهداف الثورة















المزيد.....

القيادة العسكرية وتخوفات الشعب المشروعة من إجهاض أهداف الثورة


محمد بودواهي

الحوار المتمدن-العدد: 3282 - 2011 / 2 / 19 - 21:14
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لقد كان الوضع السياسي العام في مصر ما قبل الثورة تتناغم فيه المصالح لدى قوى التحالف الطبقي المسيطر الذي بسط هيمنته ونفوذه على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية والمجتمعية في إطار دولة تبعية لا تمارس سيادتها إلا وفق الرؤى والتصورات التي تفرضها عليها الدول الإمبريالية وتوصيات ونصائح مؤسساتها المالية الدولية كالبنك العالمي وصندوق النقد الدولي
وتعتبر القيادة العسكرية برئاسة مشير طنطاوي من بين المؤسسات الأكثر التصاقا واقترابا من رأس نظام الحكم السابق الذي كان يمثله حسني مبارك . فالجهازان بقيادة الرجلان كانا يعملان في إطار من التوافق التام حيث كان الإثنان هما من يقرران مصير البلد على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاستراتيجية باعتبارهما رأسا كل من السلطة المدنية والسلطة العسكرية .
فمن المعلوم أن منذ تأسيس الجمهورية الأولى من طرف الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر بعد الإطاحة بالنظام الملكي توالى على الحكم كل من أنور السادات وحسني مبارك وهما القياديان في مؤسسة الجيش مما يعطي ذاك الطابع العسكري لنظام الحكم في مصر . غير أن حسني مبارك حاول بعد سنواته الأولى من الرئاسة أن يضفي على حكمه تلك الصبغة المدنية مما جعله يلجأ إلى تنظيم الإنتخابات ( المزورة ) حتى يحضى ببعض من المصداقية لدى الرأي العام الداخلي والرأي العام الدولي وحتى يساير تلك المتغيرات الدولية التي كانت تدعو إلى إسقاط الأنظمة العسكرية وإحلالها بأنظمة تؤمن بالتعددية و تمارس الديموقراطية و تضمن مبادئ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا ، لكن وفق المنظور الإمبريالي الأمريكي طبعا ، هذا في الوقت الذي يحافظ فيه على دوره القيادي في المؤسسة العسكرية كقائد أعلى للقوات المسلحة المصرية
إن هذا التاريخ الطويل لاندماج قيادة الجيش في نظام الحكم المصري وفي تناغم الأدوار بينهما يجعل المرء يتساءل عن الخلفية التي جعلت حسني مبارك يسلم السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعدما اقتنع بحتمية الرحيل بعد مشاهدته لزحف مئات الآلاف من المتظاهرين الغاضبين نحو القصر الرئاسي يوم جمعة الزحف ، وهو الأمر الذي يجرنا بالتالي إلى التساؤل عن طبيعة الأعمال التي يقوم بها هذا الجهاز في ظل المرحلة الانتقالية وكذا طبيعة مواقفه من العديد من القضايا ذات الأيعاد السياسية والاستراتيجية التي ما فتئ الشارع المصري يطرحها في أجندته المطلبية الراهنة
إن الثورة رغم تملكها لإرادة التغيير غير أنها لا تتملك رؤية مستقبلية واضحة . فغياب قيادة سياسية للثورة وغياب تصور للبديل جعل واقع الثورة يتأرجح بين تصورات عدة لما قد ستؤول إليه الأمور في المستقبل . فهناك بالإضافة إلى بقايا النظام السابق الذين لا زالوا يتربصون بالوضع ، والإخوان المسلمين الذين يتحايلون على ضغوطات القوى الخارجية بتقديم العديد من التنازلات ، ومحاولات قوى الإصلاح في ترميم البيت الداخلي بعد سقوطها من أعين مناضليها بسبب مواقفها الخنوعة والمتذبذبة من الثورة ، ومجموع التنظيمات الشبابية التي يرجع لها الفضل في إشعال الثورة وفي السير بها حتى تحقيق النصر ، هناك المؤسسة العسكرية صاحبة الشرعية في قيادة المرحلة الانتقالية الحالية والتي لها تصوراتها الخاصة لما يجب أن يكون عليه نظام الحكم في المرحلة المقبلة حيث لا تستطيع أن تسير في ركب الشعارات الثورية التي يرفعها الشارع نظرا لثقافتها السياسية الرجعية التي تشبعت بها في الفترة السابقة الممتدة لعقود طويلة من الزمن حيث ستعمل كل ما في وسعها لتلجيم طموح الجماهير الداعي إلى تأسيس الجمهورية الثانية وفق مبادئ الديموقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية والحرية والمساواة عبر الشرعنة لدستور لا يتضمن إلا النزر القليل من قيم الحداثة والعدالة والديموقراطية والجزء الضئيل من المساواة بين الجنسين وبين الطوائف حيث سيبقى العنصر النسوي دون طموحاته المشروعة في تحقيق مساواة كاملة وحيث سيظل الأقباط في تلك الوضعية الدونية التي تجعل منهم مواطنين من الدرجة الثانية بسبب المادة الثانية في الدستور التي تجعل من الإسلام هو الدين الرسمي للبلاد والتي لا ينتظر أن تتغير في مشروع الدستور الجديد
إن ما يجعل الشعب المصري يتخوف عن مستقبل ثورته هو هذا التحول البائس الذي تؤسس له أطروحات الجيش والذي لا تحاول فيه الغوص في جوهر القضايا الحقيقية المطروحة على الساحة من قبل الشعب ولا الأخد بالمطالب الهامة التي سطرها ثوار ميدان التحرير وعموم جماهير الشعب بل تروم فقط تحقيق بعض التغييرات البسيطة في المشهد العام لنظام الحكم كحل مجلسي الشعب والشورى وتعديل الدستور عوض تغييره وإيقاف بعض المسؤولين والوزراء في النظام السابق ومحاسبتهم وتجميد أموالهم وتقديمهم كأكباش فداء دون المساس بديناصوراته العملاقة الذين لا يظهرون في الصورة والذين اغتنوا بشكل فاحش وبطرق غير مشروعة بما فيهم بعض قياديي المؤسسة العسكرية ا دون الكلام على عائلة الرئيس وبعض المقربين منه وعلى 70 مليار التي افتضح أمره بها
فما الذي يا ترى يجعل المجلس الأعلى يحافض على بقاء تلك الحكومة التي نصبها الرئيس السابق ويعتبرها حكومة تصريف أعمال في الوقت الذي توجد فيه كفاءات عليا تستطيع تسيير المرحلة الانتقالية بجدارة في ظل حكومة تكنوقراطية ؟ وما الذي جعله يطالب بتجميد أموال بعض الوزراء السابقين كوزير الداخلية والإعلام والعدل والتجارة وبعض المتنفدين كأحمد عز دون المطالبة بتجميد اموال حسني مبارك وعائلته وأقاربه ؟ وما الذي يضر المجلس الاعلى إذا كانت توجهاته وطنية لا ترضخ لأية ضغوط أجنبية خارجية وحسم الموقف بتحقيق مطالب الشارع دفعة واحدة دون تأخر أو تلكؤ أو مساومة خاصة إذا كانت هذه المطالب لا تحتاج إلا إلى قرارسياسي واضح وشجاع ؟ ما الذي جعل المجلس الأعلى يستمر في اجترار بعض مظاهر النظام البائد وشخصياته وسياسته وأجندته الداخلية والخارجية في الوقت الذي قام الشعب بالثورة بهذف التغيير الشامل ؟ ألا يتناقض المجلس الأعلى مع كل تصريحاته السابقة التي عبر فيها عن حياديته بما يقوم به الآن من تصريف لمواقف لا علاقة لها بما يرفعه الشعب من شعارات ومطالب وتصورات ؟ أليس المجلس الأعلى والقيادة العسكرية وجه من وجوه النظام البائد حتى يطاب منه الإسراع في تبني مبادئ الثورة والعمل وفق شرعيتها للتأسيس للجمهورية المصرية الثانية على أسس سليمة ومتينة ؟
إنها أسئلة كثيرة يجب طرحها حول الوضعية التي توجد عليها مصر في ظل الحكم الاستثنائي المؤقت الذي تقوده القيادة العسكرية في المرحلة الانتقالية الحالية والتي تتطلب إجابات شافية حول ما يجب أن يكون عليه الشارع من حذر ويقظة شديدين لما يكتنف هذه المرحلة من التباس وغموض في مواقف مؤسسة الجيش التي لا شك أنها تتعرض لضغوطات غربية وأمريكية بالخصوص حتى تحول دون نقض كل المعاهدات والاتفاقيات التي وقعتها مصر مع العديد من الأطراف الدولية خاصة منها معاهدة السلام مع إسرائيل المسماة باتفاقية كامب ديفيد ، وحتى تقف في وجه أية محاولة ترمي إلى إخراج مصر من شرنقة التبعية السياسية والاقتصادية وتأسيس دولة حرة ذات توجهات وطنية وشعبية وديموقراطية
إن المرحلة الانتقالية التي يمر منها الشعب المصري حاليا لتعتبر أكثر أهمية وحساسية من الفترة التي أنجبت فيها الجماهير الشعبية ثورتها المجيدة . فالطبقات الشعبية وطليعتها الطبقة الوسطى قامت بدورها الكامل في التضحية والنضال حتى أسقطت النظام الديكتاتوري المقبور . أما المرحلة الحالية فهي تعتبر أكثر حساسية ومصيرية من سابقتها نظرا لما تتطلبه من جهود مكثفة ووعي كاف وأعمال مسؤولة من قبل الطبقة السياسية النظيفة التي لها رؤى وتصورات سياسية جادة وهادفة وتطرح مشاريع مجتمعية بديلة قادرة على النهوض بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية لعموم الشعب وقادرة على التقليل من الفوارق الطبقية الصارخة بشكل كبير حتى تكون عند حسن ظن الشعب وحتى يمكن القول أن الثورة أعطت ثمارها



#محمد_بودواهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة المصرية وبوادر الجمهورية الثانية
- المغرب الكبير : الدولة الفيدرالية الديموقراطية الموحدة ( مشر ...
- سيرورة الثورة وضرورة الحزب الثوري
- مصر على درب الثورة
- ثورة الياسمين التونسية : إنجازات وآفاق
- الثورة التونسية ، تداعيات ، نتائج وطموحات
- حتى لا يتم الالتفاف على الثورة التونسية المجيدة
- الأصًوليون الإسلامويون ( تكتيك ومشروع حكم)
- حول التوصيات الختامية للجنة الأممية ... حالة المغرب
- منتدى اليسار بإفريقيا
- الدولة المدنية و الرهان الصعب
- الحلم الاشتراكي
- رد على مقال السيد طلعت : تاريخ العلمانية
- رد على مقال السيد مدبولي : هاجم وانتقد....
- الحركات الاجتماعية واليسار أية علاقة ؟
- النظام الفدرالي وبناء صرح الديموقراطية
- الفشل المنتظر
- الإسلام السياسي مصائب ومآسي
- بعض أوجه الخلاف بين الديموقراطية والشورى
- اوربا وتطور النزعة الإنسانية


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد بودواهي - القيادة العسكرية وتخوفات الشعب المشروعة من إجهاض أهداف الثورة