|
التدجين ضد التغيير
جمال الدين بوزيان
الحوار المتمدن-العدد: 3281 - 2011 / 2 / 18 - 13:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في بداية مقالي هذا تتبادر إلى ذهني فورا العبارة المصرية التي قيلت في مسرحية "شاهد ما شافش حاجة" و هي تنطبق إلى حد بعيد على السلطة الجزائرية التي تعتبر و بجدارة "متعودة دايما" على تدجين الشعب و ابتكار أساليب مختلفة و جديدة للتدجين و لامتصاص الغضب أكثر من أي دولة عربية أخرى، فالنظام الجزائري يتفوق في هذا الجانب على كل نظراءه الظالمين لشعوبهم. و لا مانع عندي من بداية مقالي بمثل مصري مقتبس من مسرحية مصرية، ففي الوقت الحالي غيّر الجميع النغمة و تخلوا عن عقدة مصر و أصبح من المسموح مشاهدة الفن المصري و الحديث عن دولة اسمها مصر، بينما في العام الماضي و بسبب الوطنية الزائفة من الطرفين، وقع ما وقع من فتنة كروية، ففوت النظام المصري فرصة التوريث بينما نجح نظيره الجزائري في حقن المخدر الكروي و ضمان الهدوء لعام على الأقل.... زال مفعول المخدر الآن، و زال سعار الكرة و فقدت أخبار الفريق الوطني تلك الهالة و الكاريزما التي كانت تحيط بها، و تحول نظر الشعب نحو ما حصل في تونس و مصر و ما يحصل في اليمن و ليبيا و البحرين، فكان ابتكار طرق جديدة للتخدير بمثابة واجب و فرض على السلطة الجزائرية لكي تستمر متفوقة على مثيلاتها في تخدير الشعب و صرف نظره عن ما يجب أن يتغير. و قبل سقوط الرئيسين التونسي و المصري، كانت بالجزائر قد قامت أعمال احتجاج ميزها التخريب و الفوضى وسماها البعض باحتجاجات الزيت و السكر، و خلالها باشر النظام الجزائري فورا و بفضل الخزائن التي تفيض من الخيرات إلى تخفيض الأسعار بدون إيجاد حل حقيقي و منطقي للمشكل، من له الحق في استيراد الزيت و السكر، و من له الحق في إنتاجهما، و من يحدد الأسعار؟ لكن مشكل الشباب الجزائري ليس مجرد زيت و سكر، و لامتصاص الغضب و تدارك الوضع قبل أن ينفجر، بدت الحكومة الجزائرية و كأنها في سباق مع الزمن و حطمت الرقم القياسي في إطلاق الوعود بقتل البطالة و امتصاصها و شفطها كما تشفط الدهون من المرأة البدينة.... سارع الوزراء إلى إطلاق الوعود بتغييرات قادمة في قوانين تقضي على البطالة و تجعل من الجزائر جنة العمل المنتظرة، و أمروا المدراء المحليين و رؤساء البلديات بأن يمتصوا غضب الشارع و يقبلوا بأن يكونوا الإسفنجة التي تمارس الامتصاص و يقبلوا كل مظاهر الغضب و الشتم من المواطنين بكل صدر رحب، و ما شهدته بلديتي منذ أيام مثال مصغر عن ما يحدث في الجزائر، مدير التشغيل يستقبل المواطنين في مكان عام و يقبل من الجميع الإهانات و المعايرات، و هو الذي كان يرفض حتى الكلام الطيب منهم. هم مأمورون لكي يكونوا كباش الفداء من أجل استمرار النظام و تفادي الوضع الحاصل في باقي الدول العربية. الحوار بين المواطن و المسؤول هو مطلب نبيل و مشروع، لكن ليس على طريقة المسرحيات التي يجيد النظام التخطيط لها و تأليفها، تحاوروا معنا لكي تساعدوننا فعلا و ليس لكي تضمنوا استمرار النظام، و اجعلوا الحوار سنة مؤكدة في عملكم و ليس مظهرا مزيفا و مؤقتا لتجاوز هذه الفترة، من حق كل مواطن استقبال المسؤول المحلي، و لا يحتاج المواطن لتهديدكم بعود كبريت و إناء البنزين لكي تتنازلوا له و تتحاورون معه. وسيلة أخرى استخدمها النظام الجزائري لتفادي نموذج تونس و مصر، و هي السماح للجميع بأن يقوم بما عجز البوعزيزي عن القيام به، البيع في الطريق بدون مانع أو حاجز، و في أي مكان حتى على طريق السيارات، أصبح الأمر فوضى و كأن الشعب فعلا يفعل ما يشاء، هكذا يتوهم الشباب الذي وجد نفسه منذ أكثر من شهر قادرا على بيع أي شيء و في أي مكان يريد. و استخدم كذلك نظام التدجين الإلغاء المؤقت للمخالفات المرورية و لقانون المرور تفاديا لصدام الشرطة مع الشعب، حيث أصبح الوضع في الطريق أحيانا و كأننا في أفلام المغامرات الأمريكية، أين يسمح للبطل أن يسوق سيارته كما يشاء. لكن، إلى متى يستمر هذا الوضع؟؟؟ من المستحيل أن تقضي الدولة على البطالة فقط بفتح خزائنها و تدعيم برامج تشغيل الشباب، الأمر يحتاج لتخطيط واعي و لإشراك الخواص أيضا و فتح باب الاستثمار النزيه بدون أن يضطر المستثمر مرغما لقبول الجنرال الفلاني أو الوزير العلاني كشريك في أرباح استثماره. كما أن الأسواق العشوائية ليست هي الحل، و لا إلغاء قانون المرور أيضا، و لا يمكن إرضاء الشعب على حساب نزع الهيبة عن الشرطة، و هذه الأخيرة فقدت هيبتها منذ قدوم بوتفليقة إلى الحكم، أصبحت السجون أكثر رفاهية من المستشفيات، فقدت الشرطة هيبتها يوم بدأ بوتفليقة يحلم بجائزة نوبل للسلام و تساهل مع كل اللصوص و المجرمين على حساب الشرطة و على حساب المواطن الصالح نفسه. كما أننا بدأنا نسمع في الفترة الأخيرة عودة أخبار الإرهاب، و هي أهم وسيلة للتدجين و التخدير استخدمها النظام الجزائري لصرف نظر المواطن عن ما يجب أن يراه فعلا و يطالب به.
#جمال_الدين_بوزيان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة نسخ لصق
-
شيماء ريحان... عام بعد الكارثة
-
النظام الجزائري نحو الاستبداد الالكتروني
-
مسكنات طويلة الأمد
-
صوتنا وصل إليكم...ماذا تنتظرون؟
-
دراما البوتوكس و السليكون
-
بعد الفهد الوردي، جاء دور الدون كيشوت
-
واقع مقتبس من الكاريكاتور
-
الخط الافتتاحي يمر عبر جيوب المذيعات
-
باباراتزي رياضي
-
هدية لشيماء في عيد ميلادها
-
محطة لانتظار حب قد لا يصل
-
شيماء…قضية رأي عام
-
يوم بلا بؤس و لا شقاء
-
الراقصة المحترمة
-
بلد الشاب خالد و نور الدين مرسلي
-
المطلوب، البقاء حيا حتى سن ال18
-
مهزلة حفاظات الكبار
-
الافتراضيون أكثر توهجا
-
-التطفل- على مهنة القلم، ماذا يعني بين أجيال الكتابة؟
المزيد.....
-
شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف
...
-
احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا
...
-
تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم
...
-
الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا
...
-
حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
-
3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز
...
-
جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا
...
-
الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم
...
-
الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال
...
-
مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|