اليسار والثورة

رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 3280 - 2011 / 2 / 17 - 20:23
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

رب شرارة تشعل السهل كله
يأتى هذا المقال إستكمالا لمقال سابق عن الإخوان والثورة حيث تأتى أهمية قراءة موقف القوى السياسية المختلفة والمتعارضة فى مسيرة ثورة الغضب التى إنطلقت يوم 25 يناير من ميدان التحرير فى القاهرة لتنتشر عبر ربوع الوطن كله، وعلينا أن نعترف بداية أن ما حدث بمصر فى يناير- فبراير 2011 لم يكن ثورة بالمفهوم التقليدى للثورات من القضاء على طبقة مستغلة وإحلال طبقة أخرى مكانها مع قطيعة كاملة مع العهد القديم ولكنها فى حقيقتها كانت إزالة نظام حكم مستبد مع الحفاظ على أجهزة الحكم وآلياته والإكتفاء محاسبة بعض رموز الفساد من رجال أعمال النخب الكمبرادورية المرتبطين بالتوكيلات الأجنبية والإمبريالية العالمية.
لن نتعرض هنا لنشأه اليسار المصرى فى عشرينيات القرن الماضى ولا لتطوره فتلك قصة أخرى ولكننا فقط نشير الى أن هذا اليسار قد ورث من ماضيه جينات الإنقسام والتشرذم والشللية وبقى أسيرا للغرف المغلقة والإيغال فى السرية التى كثيرا ما تخترق.
على أننا نتوقف عند مجموعة من الملاحظات الواجبة من دور هذا اليسار فى أحداث ثورة الشباب 2011:
1- كان دور الطبقة العاملة التى يدعى اليسار تمثيلها هامشيا خلال أحداث الثورة، فقد قامت هذه الثورة على أكتاف شباب الطبقة الوسطى تحديدا، وحتى عندما إنضمت الطبقة العاملة الى الثورة بعد يوم الجمعة 11 فبراير الحاسم كانت شعاراتها مطلبية وفئوية ولم ترق الى الأهداف العامة للثورة وعبّر عن هذه الطبقة بالأساس ذوى الياقات البيضاء عوضا عن ذوى البدل الزرقاء.
2- جاءت مشاركة اليسار وخاصة الماركسى منه فى فعاليات الثورة محدودا وهامشيا بما يعكس قوته وتواجده فى الشارع وبين الطبقات الشعبية التى يدعى تمثيلها، وحتى بياناته ظهرت أيضا خالية من المضمون الطبقى مع الإشارة الى تعبيرات مراوغة ومجملة مثل الجماهير والطبقات الكادحة و فى غياب التمييز بين البرنامج المرحلى الممكن تحقيقه عمليا والرؤيا الإستراتيجية ( البرنامج الشامل لمعالجة مشاكل البطالة والأسعار والأمية ومشاكل التعليم والصحة والعشوائيات) ولم يتم التمييز بين التناقض الأساسى للثورة والتناقضات الثانوية.
3- غاب عن المشاركة فى الثورة بشكل واضح الفلاحون "الرديف الطبيعى للطبقة العاملة" وسكان الريف وإقتصرت الثورة على سكان العاصمة والمدن الكبرى بالمحافظات ولم تستطع جذب سكان الريف البالغ نسبتهم 57% من اجمالى السكان.
4- إقتصرت مشاركة اليسار بشكل هامشى على بعض التشكيلات الماركسية مما يسمى باليسار الجديد ( الإشتراكيين الثوريين وحشد والتجديد الإشتراكى والعدالة والحرية والحزب الشيوعى المصرى وآخرون) بينما شارك اليسار بشكله العريض بشكل محدود أيضا ( الغد والكرامة والتجمع) وبقى الجسم الرئيسى للثورة من حركة شبابية تمثل جموع الشعب المصرى اللامنتمى سياسيا والذى رفع شعارات ثورية ذات طابع يسارى بشكل عام، وجاءت مشاركة الإخوان المسلمين بشكل أوسع من خلال قطاعاتهم الشبابية الأكثر إلتزاما وتنظيما.
بالرغم من أن اليسار قد يكون وجوده حاجة للطبقات المسيطرة وذلك لإستكمال الشكل الديموقراطى فإن هذا اليسارالمفترض يجب أن يكون من النوع المدجن والديكورى والذى يحافظ على الشكل دون أن يلعب دورا معارضا حقيقيا.

#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات