أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - انتفاضة الجسد ..وظل الرصيف














المزيد.....

انتفاضة الجسد ..وظل الرصيف


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 3279 - 2011 / 2 / 16 - 15:25
المحور: الادب والفن
    


انتفاضة الجسد .. وظل الرصيف
---------------------------------------
سعد محمد الموسوي*

الثورات العظيمة يتورد عنها دائما تغيير تضاريس وخرائط شعوب. وماحدث ونحن في مستهل عام 2011 في الشارع العربي عكس تأثيره على جميع مفاصل الحياة، وبما ينبغي أن ينعكس وقعه العظيم على الواقع الفني والادبي.
إنني في غمرة متابعتي للانعطافة الهائلة بعد الغليان الشعبي والانتفاضات وتغيير المشهد العربي القديم برؤية عصرية واكبت الحدث، وجدت أن ماحصل قد اثر في رؤيتي الفنية، وفجّر داخلي بواكير لخلق بعض الاعمال الفنية الجديدة والمختلفة عن اسلوبي السابق، ولعل في هذا ما يؤكد أن الفنان يبقى دائما هو ابن الحدث وابن الشارع وابن الثورة وليس ذيلا لحصان الامير او ضيفا على موائد الملوك.
الجسد والظل هما في اعتقادي المفهوم الثوري للطرح الفني الان، فقد أظهر ماحصل لجسد الانسان كيف بات مهمشا مستلبا مهانا وعاجرا عن البوح بمفردات وجوده وحضوره الطبيعي، فانسل متخفيا وراء الظل، وكان الظل يسكن الجسد والجسد يسكن الظل.
يبدو الجسد متفحماً او مثقّباً او مهاناً مستلب التفاصيل، إذ هيمن عليه القمع والجبروت السياسي والاجتماعي، وغدا مهانا يجسد حضوره وهواجسه الخائفة في الظل الممتد والمستلقي على رصيف حزين وموحش. ولكن تراكمات القمع والقهر والاضطهاد وسلب الحريات دون حدود، أدى به إلى أن ينتفض بكل عنفوان ضد المكعبات وقهر السلطة. وسرعان ما طرحت نفسها أمامي وبإلحاح قضية الجسد والظل وتناقض الرؤية البصرية المعتادة حيث الجسد كتلة عُتّمت تفاصيلها وغيّبت ملامحها. وبالمقابل يبدو الظل تارة وهو زاخر بالوشم والالوان والرموز ويستشيط بالانفعال وبالثورة، وفي تارة اخرى يستلقي حالما متأملا نوافد تشع بالامل والحياة .
لقد فضح الظل واعلن ماليس بوسع الجسد البوح به، وقد حاولت إظهار هذا التناقض بشكل يجعل المتلقي يتأمل المعادلة الفنية وعلاقتها الان بالمشهد والغليان الشعبي في البلدان العربية. فبعد انتفاضة تونس ثم مصر تسنى للجسد العربي ان ينتفض.
انها صحوة الجسد ضد الاستبداد وقساوة الانظمة وضد الأطر التي حاصرتة.
الثورات عادة يؤججها الفنان والكاتب مع الطبقات المسحوقة. إنها شراكة الثورة والتغيير فوق ارصفة تبحث عن ارغفة الخبز. الثورة ترفد الفنان بابداع ورؤى جديدة تواكب الحدث مما يحدو به إلى ان يعكس ابداعه الى الشارع .. الى الجماهير .الثورات الكبيرة ثؤثر بشكل مباشر على صياغة اساليب النتاج الادبي والفني ويكون دور المبدع حينها واضحا وملهما وسط الشعوب الثائرة كما حصل اثناء الثورة الفرنسية 1789 والثورة الاسبانية 1936 حيث شارك الفنانون والادباء بشكل واضح في إنضاج الثورة. وكانوا في طليعة التغيير ليس في التنظير فقط بل بالمشاركة الفعلية حد استخدام السلاح ضد السلطة الباغية
الفنان والكاتب ملزمان اخلاقيا وانسانيا برفد ثورات الشباب اليوم، والمبدع مطالب في كل زمان ومكان بالمشاركة في ثورات الشعوب بجسده وظله، والتواصل مع الثورات القادمة. فالمبدع الحقيقي هو موقف صارخ في المحن والصعاب
اللهيب الدي اشعلة محمد بوعزيزي لن يخبو والنيل لن يجف، ودم خالد سعيد لن يكون ماء، والياسمين لن يكون شوكا فهو من اقتحم حديقة الملك وطرد الاعشاب الضارة، ونسائم الياسمين تستحيل اعاصير تقتلع اسوار البلاط، وندى الياسمين يستحيل الى سيول تجرف الطفاة. إن جسد الانسان تغيرت تضاريسة اليوم وتغير ظله ايضا فبعد الثورتين لجسدي محمد بو عزيزي التونسي وخالد سعيد المصري ماعادت الأجساد خانعة ولا الظلال مستلقية على الارصفة الفارغة الحزينة.
التونسي اعاد للنار هيبتها ومجوسيتها المقدسة في معابد الاجساد الثائرة فانحنت النجوم حينها اجلالا لعجلات عربتة ولاول مرة تكون للنار رائحة بعطر الياسمين. وللمصري وشمٌ احمر يليق بقميصه حين نهشتة الذئاب فارتفع بيرقا فوق الجسد، وصار ظله شاخصا لثورات قادمة. فما أنبل قميصك ياخالد سعيد وماانصعه ..! وشتان مابين قميصك وقميص عثمان بن عفان
وشتان مابين حَجَرة داستها أقدام القوافل والحجيج فانطمرت في رمال الربع الخالي او حجارة في قمة الاهرامات تحط فوقها النسور
يقينا إن لكل شعب مسحوق، سيبزغ رمز وعنقاء من الرماد مثل محمد بو عزيزي وخالد سعيد ومدننا ترسم بواباتها في ذاكرة التاريخ كسيدي بو زيد والاسكندرية وكل يوم وانتم بثورة. ودائما ستكون للياسمين ألوانٌ اخرى وساحات اخرى وارصفة اخرى.
* فنان تشكيلي عراقي من استراليا



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - انتفاضة الجسد ..وظل الرصيف