أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - خطاب القوة والتطرف معكوساً















المزيد.....

خطاب القوة والتطرف معكوساً


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3279 - 2011 / 2 / 16 - 15:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لعل الخطاب السائد الذي نشأ في العقود الثلاثة الماضية، ولاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول الإرهابية والإجرامية، كان يقوم على الصدام بين الغرب والإسلام، لاسيما بعد انهيار الكتلة الاشتراكية وانحلال الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة السابقة، الأمر الذي حوّل الصراع الايديولوجي إلى شكل جديد، خصوصاً باعتبار “الإسلام” عدواً جديداً .

والغريب أن هذا الأمر لم يقتصر على الاستراتيجية الأمريكية التي أعلت من شأن استخدام القوة للقضاء على “العدو” وإجباره على “التسليم” لدخول عالم ما بعد التاريخ على حد تعبير فرانسيس فوكوياما في نظريته الشهيرة “نهاية التاريخ”، بل شمل أيضاً التيارات الإسلاموية المتطرفة أيضاً سواءً المعروفة باسم تنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن أو تحت أي مسمّى آخر، وكان الاعتقاد السائد لدى الفريقين أن ثمة كتلتين متجابهتين تاريخياً وقيمياً وتوجّهاً، وأن صدامهما حتمي، وهو ما ذهب إليه صموئيل هنتنغتون في نظريته “صدام الحضارات” و”صراع الثقافات”، التي مثّل وجهها الآخر التيار البنلادني الإسلاموي على المستوى العالمي .

هكذا نشأت ثنائية عدائية تقوم على الاستئصال والإلغاء، فيها الكثير من عناصر المفارقة، ضفتها الأمريكية تريد فرض العصر الأمريكي والنموذج الأمريكي باعتباره يمثل الحداثة والمدنية، في حين أن ضفتها الأخرى إسلاموية لا تخفي رفضها لكل قيم الحداثة وسعيها لتدمير الغرب باعتباره كافراً وضد الإسلام . وقد أسهمت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001 في إذكاء موجة العداء، لاسيما في ظل إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، الذي استخدم تلك الأحداث الإرهابية ذريعة، لتطبيق نظرياته الحربية الممزوجة بأوهام دينية متعصبة ومتطرفة، في مواجهة إرهاب وتطرف إسلاموي، أو بحجته في مكافحة الإرهاب الدولي، لفرض الهيمنة والتسيّد .

إن الزعم بأن الصراع متوارث وقيمي وأخلاقي وديني، إنما هو انتقائية توظيفية من الطرفين، فمقابل الرهاب من الإسلام “الإسلامفوبيا” أو العربفوبيا (كراهية العرب) وهما العنصران الأكثر بروزاً في نهج كراهية الأجانب في الغرب (الزينافوبيا)، انتشرت في المنطقة العربية والإسلامية، تيارات معادية للغرب، ولكل ما هو غربي (ويستفوبيا)، بما فيها للحضارة الغربية أحياناً، برصيدها العلمي والتكنولوجي الهائل وآدابها وفنونها وعمرانها وجمالها وتقدّمها .

وقد نبّهت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول الإرهابية إلى عدد من القضايا الأساسية من أبرزها، أن ظاهرة الإرهاب ما تزال مستمرة، بل استفحلت على الرغم من وجود نحو 12 اتفاقية دولية، لكنه لم يتم تعريف ما المقصود بالإرهاب الدولي وكيف يمكن التفريق بينه وبين المقاومة؟ بل إن صدور ثلاثة قرارات دولية أبرزها القرار 1373 في 28 سبتمبر/ أيلول 2001 زاد المسألة التباساً وتشوشاً، لاسيما في ما يتعلق بالعدالة الدولية، خصوصاً عندما أعطى الحق لشن الحرب الاستباقية، أو ما يسمى بالقانون الدولي التقليدي “الحرب الوقائية” بحجة أن هناك إرهاباً وشيك الوقوع أو من المحتمل أن يحدث .

وأكّدت الأحداث الإرهابية على تحوّل الاستراتيجة الأمريكية إلى استخدام القوة على نحو لم يسبق له مثيل، بدأت باحتلال أفغانستان العام 2001 وعرّجت على احتلال العراق العام ،2003 وما تزال تهدد عدداً من البلدان، لاسيما إيران، خصوصاً باستمرار موضوع الملف النووي المعقّد، وسواءً عملت هذه الاستراتيجية تحت عنوان مكافحة الإرهاب الدولي أو لم تعمل، فقد سارت الولايات المتحدة شوطاً بعيداً في هذا الاتجاه، على الرغم من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الطاحنة، وانعكاساتها الكبيرة على واشنطن وانهيار بنوك كبرى وشركات تأمين عملاقة، الأمر الذي هزّ أساسات الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي وانعكس على الدولار الذي شهد انخفاضاً في قيمته لم يكن له مثيل . وبالطبع لم تكن نظرية القوة الأمريكية منفصلة عمّا سبقها من مذاهب عسكرية وسياسية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث ساد مبدأ ترومان، الذي كان يقوم على استخدام “القوة الضاربة” بإعطاء الحق للولايات المتحدة للتدخل العسكري، وقد جاء هذا المبدأ في العام 1947 مع بداية الحرب الباردة، لاسيما خلال الصرخة التي أطلقها ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا، بضرورة اتحاد العالم الحر لمواجهة الشيوعية (الحليف السابق ضد النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية) .

وفي الخمسينات، ولاسيما في العام 1957 ساد مبدأ ايزنهاور “نظرية إملاء الفراغ”، بعد مشروع مارشال في أوروبا ومشروع النقطة الرابعة في المنطقة وعقد أحلاف عسكرية أهمها حلف بغداد عام 1955 . وقد عبّر جون فوستر دلاس وزير الخارجية عام 1953 عندما وضع مسألة بناء الحزام الشمالي والسدود المنيعة في جنوب شرقي آسيا، كأساس لمبدأ أيزنهاور واستراتيجية الولايات المتحدة آنذاك .

وفي الستينات راجت مبادئ نيكسون القائمة على نظرية “الدركي بالوكالة” وذلك بمشاركة حلفاء الولايات المتحدة، لاسيما في جنوب شرقي آسيا، خصوصاً في حرب فيتنام وغيرها، حسب ترشيحات مستشار الأمن القومي زيغينو بريجينسكي .

وكانت “نظرية الحرب ونصف الحرب” تطبيقاً لمبدأ كارتر المعروف بالتدخل السريع والمباشر، من أجل تأمين المصالح الحيوية للولايات المتحدة، حسب كيسنجر .

وفي عهد ريغان تم تطوير نظرية التدخل السريع والحرب ونصف الحرب إلى نظرية “الحربين ونصف الحرب”، طبقاً “لمبدأ التوافق الاستراتيجي”، وكان لمشروع حرب النجوم الأثر الكبير في استنزاف الكتلة الاشتراكية تمهيداً للإطاحة بها .
وطرح الرئيس بوش (الأب) وبعده الرئيس كلينتون وفي ما بعد بوش الابن فكرة “الاستخدام الأوسع لنظرية القوة المسلحة”، ولعل هذه النظرية أصبحت هي النظرية الأكثر استخداماً بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول الإرهابية الاجرامية .

وترافقت عقيدة بوش العسكرية السياسية بعقيدة مليتن فريدمان الاقتصادية، التي تقوم على أساس استخدام القوة من خلال الصدمة والترويع ضد المجتمعات ككل، وإحداث نوع من الفوضى والاضطراب السياسي والأمني وتعميق الأزمات القائمة وافتعال أزمات جديدة فعلية أو وهمية .

لقد استخدم الرئيس بوش القوة تحت عنوان الحرب العالمية على الإرهاب، وكانت عملية “الحرية الدائمة” هي البروفة الأولى في أفغانستان للقضاء على حكومة طالبان، ثم عملية “الحرية للعراق” بحجة نزع أسلحة الدمار الشامل، وفي ما بعد عملية “النسر النبيل” التي تستهدف حماية أمن وسلامة القواعد العسكرية الأمريكية .

استندَ الرئيس بوش إلى نظرية التفكيك بعد الصدمة والترويع، وإشاعة الفوضى والهدم، لإعادة البناء، فبعد تفكيك البنى التحتية الاجتماعية وإذكاء نار التنازع بين الهويات وتقسيم المجتمع إلى بلوكات وتشجيع أمراء الطوائف، اتجه الأمر وبتشجيع من رامسفيلد إلى الخصخصة لأصول الدولة وبيعها للشركات، لاسيما بعد تطييف وتديين وأثننة وتعشير من (الطائفة والدين والاثنيات والعشيرة) المجتمع العراقي، عبر كيانيات مصغّرة .

وكان فوكوياما قد شدد على أن الصراع هو لإحراز النصر النهائي لليبرالية على المستوى الاقتصادي والسياسي وتحقيق المصالح ما بعد التاريخية، خصوصاً بوجود مشكلات النفط والارهاب واللاجئين، باعتبار ذلك من المشاكل الرئيسية التي تواجه العالم الجديد، وهو ما عززه هنتنغتون بتأكيده على ضرورة شحذ جميع الأسلحة لمواجهة العدو، لاسيما وأن الصراع حضاري والمعركة ثقافية بالدرجة الأساس .

ولعل الوجه الآخر لهذه النظرة الخاطئة التي تقوم على خطاب القوة والتطرف هو ما يقابلها إسلاموياً، الذي ينظر إلى الصراع القائم بكونه امتداداً لحروب الفرنجة ولا أقول الحروب الصليبية، وبالتالي فهو صراع حضاري ضد الحضارة المسيحية اليهودية السائدة، من دون النظر إلى المشترك الانساني للحضارات والثقافات المختلفة والمصالح والمنافع المشتركة والمتبادلة .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منولوج جو بايدن!
- خطاب ما بعد الكولونيالية: مراوغات الواقع
- ما بعد الانتخابات العراقية: استحقاقات وتحديات المستقبل !
- الغضب المصري بعد الانتفاضة التونسية
- قراءة تأويلية عن حضارة وادي الرافدين لكتاب متميّز
- ماذا بعد استهداف مسيحيي العراق؟
- صورة تونس النمطية: مقايضة السياسة بالاقتصاد!
- مفارقات انتفاضة الياسمين ودلالاتها!!
- حقوق الانسان في الوطن العربي:المنظمة العربية لحقوق الانسان ف ...
- الأمن الغذائي .. الحق في الطعام!
- بغداد قندهار: أيّ مقايضة؟
- ساحل العاج دولة برئيسين
- حرب باردة في خليج ساخن
- الاستفتاء السوداني: بين الديناميكية والسكونية !
- بعد 50 عاماً مصير -حق- تقرير المصير
- العمل العربي المشترك: أي دور للمجتمع المدني؟
- استفتاء أم استثناء؟
- الحداثة وما بعدها !
- رمزية القرار 1514 و«متحفية» الكولونيالية!
- ما وراء تسريبات -ويكيليكس-؟


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - خطاب القوة والتطرف معكوساً