أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - يومٌ آخر من ميدان التحرير، قلب مصر النابض















المزيد.....

يومٌ آخر من ميدان التحرير، قلب مصر النابض


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3276 - 2011 / 2 / 13 - 20:40
المحور: حقوق الانسان
    


اليوم السابع عشر، وربما الأخير، من ثورة الغضب المصرية

مساء الخميس 10 فبراير. عدتُ للتو من قلب مصر النابض. بعد مسيرة حاشدة من أدباء مصر ومثقفيها، انطلقوا فيها من مبنى اتحاد كتاب مصر بحي الزمالك، ومن المجلس الأعلى للثقافة، لكي نلتقي بالثوّار في الميدان. يومٌ آخر من أيام ثورة الغضب المصري الشريف. لكنه ليس مثل الأيام الستة عشر الماضية. إنه اليوم المفصليّ في تاريخ مصر المعاصر. يومٌ يتوسط يومين فارقين تكتيكيًّا في مسار الثورة. اليوم الخميس تلا يومَ أمس الذي حاصر فيه قسمٌ من الثوار مجلسَ الوزراء، ما اضطر الوزراءَ إلى تغيير مكان لقائهم، فيما أحتشد قسمٌ آخر أمام البرلمان يمنعون بأجسادهم أعضاء البرلمان، المزوّر، من الدخول. وقد علّقوا على بابه لافتةً تقول: "مُغلق لحين رحيل مبارك، إمضاء: شباب 25 يناير." وهو أيضًا يوم الخميس الذي توعّد الثوارُ أن غداتَه، الجمعة، سيكون يومَ عصيان مدنيّ، يحتلون فيه مبنى التليفزيون وتكون حركتُهم التالية نحو قصر الرئاسة، في مواجهة أُصلي لله ألا تكون دموية. قرّر الثوارُ إذن أن تنزاح الثورةُ السلميةُ خطوةً نحو اليسار الأقصى، بالمفهوم السياسي، ونحو الشرق بالمعنى الجغرافي، حيث قصر الرئاسة الذي يقبع في ضاحية "مصر الجديدة" شرق القاهرة التي يتوسطها "ميدان التحرير"، الشاهد على الأحداث الأشهر في تاريخ مصر المعاصر، والذي طالب الثوار بتغيير اسمه إلى "ميدان الشهداء"، إذ سقط على أرضه مئاتٌ من شباب مصر الجميل منذ 25 يناير الماضي، ليرسموا بدمائهم هذا المساء الاستثنائيّ، حيث أكتب إليكم الآن، وحيث يجلس ملايين المصريين، وربما ملايين آخرون من غير المصريين، أمام شاشات التليفزيون انتظارًا للبيان الثالث بشأن الثورة، وربما الأخير، للرئيس المصري محمد حسني مبارك الذي أعلن وزيرُ إعلامه أنه سيكون في تمام العاشرة مساءً. الخطاب الذي يتوقع معظم المصريين أن يكون شاهدًا على إعلان الرئيس تنحيه عن حكم مصر، لا سيما بعد إذاعة البيان الأول للمجلس الأعلى للقوات المسلحة معلنًا أن الجيش متواجدٌ مع الناس والاجتماعاتِ الطارئة للقيادات العسكرية منعقدةٌ بشكل دائم للحفاظ على مكتسبات مصر. يعتقد الجميع هنا أن الرئيس راحلٌ الليلة، وأن السماء ألهمته ليجنّب مصر يومًا دمويًّا غدًا الجمعة. الواحدُ بالمائة الناقص على الحرية آت، حسب النكتة التكنولوجية التي أطلقها الشباب على صفحات الانترنت ترسم الشعب المصري يحاول تحميل "برنامج الحرية" على الكمبيوتر، installation of freedom، وبعد وصول شريط التحميل الأزرق إلى نقطة 99% من الحرية، تظهر رسالة تقول: ERROR: Remove Moubarak first, and try again. الفرحةُ تعمّ الميدان، حتى أن المتظاهرين بدأوا بالفعل في الاحتفالات، وتهنئة بعضهم البعض، في ميدان الغضب، أو برسائل المحمول والإيميلات. الساعة الآن العاشرة إلا ثلاث دقائق بتوقيت القاهرة. سأتوقف الآن عن الكتابة وأعود إليكم بعد إذاعة البيان.
عدتُ إليكم والساعة 11.10، من مساء الخميس. ولا أدري ماذا أفعل بالفقرة السابقة التي لم يعد لها محلٌّ الآن. هل أمحوها لأن خطابَ الرئيس جاء طاحنًا لحلم المصريين، ومُشعلاً لغضب هادر لا أدري إلام سيؤول؟ أم أُبقي عليها شاهدًا على لحظة انكسار رجاءٍ؟ وشاهدًا على غفلة القلم عمّا يكتب، إذ لا يدري هو ولا صاحبه ماذا حادثٌ في اللحظة التالية. بما يعني أن فعل الكتابة في مجمله فعلٌ اعتباطيّ لا يعي من الحياة إلا لحظة ضغط سن القلم على الورقة، لحظة الحاضر الخاطفة شديدة القصر، عطفًا على ماضٍ طويل لم يعد له سلطانٌ بما أنه حدث وانتهى، أما المُقبل فغامضٌ لا حدسَ يصدقه ولا يصدقُ الحدسَ؟ على أية حال، لا مناص من أن يتبدّل، الآن، مسارُ مقالي عما نويتُه في البدء. سأعود للكلام عن ميدان الشرف اليائس، حيث قضيتُ يومي. ربما لأحكي عن حلم يُجهَض على مرأى العالم ومسمعه، لأن صلف الحكّام وكبرياءهم تأخذ الأوطان إلى حيث لا تريد الشعوب. ربما لأحكي عن مخاوف غدٍ الجمعة حيث توعّد الثوار بالكثير، قبل أن يسمعوا هذا الخطاب، فماذا بعدما سمعوه ورفعوا الأحذية في الميدان، كما أشاهدهم الآن عبر الشاشة الحزينة! قلبي على مصر.
جاء الخطابُ مفصولا عن دراما اللحظة. إيقاعه لا يواكب إيقاعَ قلب مصر المتأجج، ميدان التحرير. كأنما الخطاب من بلد آخر، لا يخصّ مصر. بيانه الثالث، منذ الثورة، خرج مستثيرًا لمشاعر شعب معروف عنه العاطفية والتسامح. في رابطة عنقه السوداء، التي لم يخلعها منذ موت حفيده قبل عام، واسى مبارك الأمهاتِ اللواتي غدون ثكلاوات على يد جهازه الأمني. ثم غازل ذاكرة الشعب بتذكيرنا بلحظة رفعه العلم على أرض سيناء، وتعرضه للموت مرات عديدة كطيار، وفي أديس أبابا. ثم أردف بتعديل خمسة بنود في الدستور (تدور حول تخفيف الشروط المستحيلة للترشيح الرئاسي، ومدد الحكم، والإشراف القضائي على الانتخابات الرئاسية، والبرلمانية، والحق في تعديل الدستور)، وإلغاء مادة تتعلق بقانون الطوارئ الذي وعد بوقفه قريبًا، بعد امتداده أربعة عقود. وبعدها أعلن تفويضه نائبه عمر سليمان في اختصاصات الرئاسة. ذاك الذي خرج بعد رئيسه في بيان مرتبك قال فيه: "يا شبابَ مصرَ، عودوا إلى دياركم." كأنما ثورات الشعوب توقف بقرار من السلطان! عمر سليمان هذا الذي قال لإذاعة ABC، أن شعب مصر غير مهيأ للديمقراطية الآن! وكأن للديمقراطية وقتًا وتوقيتًا يقرره الحكام، وليست حقًا أصيلا للشعوب ومراسًا يفرز ثقافته بنفسه!
وإذن لم تنته الثورةُ بعد، وليس من أفق منظور لانتهائها لتلتقط مصرُ الطيبة أنفاسها. وإذن ندعو الله أن يمر الغدُ بأقل قدر من دماء الأبرياء من شباب بلادي النبيل. أولئك الذين هبّ قسمٌ من صفوته المثقفة أبناء البرجوازية العليا يوم 25 يناير، ليثوروا من أجل إخوتهم من المصريين الفقراء والعاطلين والمرضى، فالتفّتْ حولهم جموعُ الشعب، لينفجروا كالطوفان الهادر نحو ميادين مصر. ثم ظلت تتعالى مطالبهم يومًا بعد يوما، بدءًا من الإصلاح، مرورًا بالإطاحة، ووصولاً إلى الإصرار على محاكمة النظام بأسره، من رأسه مبارك إلى وزرائه وبرلمانه وحاشيته.
كنتُ أُمنّي النفسَ بيوم مريح في البيت غدًا الجمعة، نحتفل فيه بالحرية والسلام. ولكن عليّ الآن أن أجهّز حقيبتي التي خصصتها لميدان التحرير، لأنضم للمتظاهرين غدًا، ليس في ميدان التحرير، كما كل يوم، بل عند قصر العروبة، حيث يهدر الثوار الآن على الشاشات: "ع القصر طالعين شهداء بالملايين." مصرُ يا حبيبتي، لكِ الله. .



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لليوم الخامس عشر على التوالي، يحدث في مصر
- نحتاجُ رئيسًا بحجم تحضّرنا
- رسالة إلى كل أسرة مصرية، أرجوكم، لا تكونوا طابورًا خامسًا
- أكتب إليكم من ميدان التحرير
- احذرْ كتابَ التاريخ
- جمعةُ الغضب الساطع
- أشرف ثورة في تاريخ مصر
- شيءٌ من الخيال لن يفسدَ العالم
- حوارٌ مع صديقي المتطرّف
- يا نعيش سوا يا نموت سوا
- هديةُ الرئيس لأقباط مصر
- دماءٌ على وجه البحر
- وجوب قتل مليون برادعي في مصر
- كاهنُ إيطاليا ومتأسلمو مصرَ!
- نعم، قدرُنا واحد!
- بطلوا اإفترا بالتي هي أحسن!!
- الشعبُ، يدُ الحكومةِ الباطشةُ
- السوبر غاندي-آينشتين
- فلنعدْ للخطّ الهمايوني، إلا قليلا
- إنها دارُ عبادة يا ناس!


المزيد.....




- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - يومٌ آخر من ميدان التحرير، قلب مصر النابض