أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جهاد علاونه - فساد الملوك لا يحتاج إلى دليل















المزيد.....

فساد الملوك لا يحتاج إلى دليل


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3275 - 2011 / 2 / 12 - 21:35
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


المال السايب يُعلم الناس السرقة ومهنة رئيس الجمهورية والملك تعلم صاحبها الفساد حتى وإن كان ملاكا طاهرا لذلك مغادرتهم وتركهم لمناصبهم هو الضمان الوحيد لعدم تلوثهم أو لكي لا يصابوا بعدوى التلوث السياسي.

يقول الفيلسوف الفرنسي ديكارت (أنا أشك إذا أنا موجود) وأنا أقول (أنا رئيس جمهورية إذا أنا فاسد) أو(أنت رئيس جمهورية إذا أنت فاسد) و (أنا محاسب في بنك أو محل تجاري إذا أنا حرامي) و( أنا محاسب كميات في شركة مقاولات إذا أنا حرامي) وأي مهنة تدل على نوعية صاحبها لأن المهنة الفاسدة تفسد الشريف والمهنة الشريفة تجعل الفاسد شريفاً لذلك إذا قلنا بأن الملوك والرؤساء فاسدون فهذا شيء طبيعي يتناسب مع طبيعة المهنة التي يعملون بها , ودعوني أروي لكم قصة عن وزير أردني أو دولة رئيس وزراء كان يعمل قبل أن يكون وزيرا أمينا للعاصمة عمان وجاء إليه رجلا يريد ترخيص بناية كبيرة بتكلفة مليون دينار أردني حين كان الدينار الأردني يساوي في قيمته دينار كويتي وعشرة قروش أي أن قوته الشرائية كانت ثلاثة أضعاف قوتها الحالية, والمهم أن ذلك الأمين طلب عشرة آلاف دينار رشوة أو هبة من الرجل لكي يوافق له على البناء المقترح فغضب الرجل واتهم الأمين العام بالفساد وتقدم بمظلمة إلى رئاسة الوزراء فاستدعوه ووبخوه فرد عليهم: نعم أنا طلبت منه مبلغ عشرة آلاف دينار على شان بدي أبني فيهن العاصمة عمان وأنتم أعطيتموني هذا المنصب وقلتم لي بالعربي الفصيح مصاري من الحكومه ما فيش ودبر حالك من المواطنين وهذا الرجل يريد بناء عمارة بمليون دينار فلو دفع للأمانة عشرة آلاف دينار مش رايحات يأثرن عليه , وأنا ما بقدرش آخذ مصاري من الناس البسطاء اللي بعمروا غرفة وغرفتين.

طبعا مهنة الرجل علمته على السرقة أولا من الكبار والمليونيرية وكان قلبه يرق على البسطاء ولكن مع مرور الزمن سرق أصحاب الغرفة والغرفتين حتى الذين لا يجدون لا غرفة ولا حتى سريرا وحين أصبح عمره خمسون عاما كان يملك ما يقرب من 55 مليون دينار أردني , فلو أن هذا الرجل عمل في مهنة أخرى شريفة لبقي محافظا على شرفه ولم ولن تتعود يداه على السرقة لذلك حين تقول لي بأن المحاسب في الشركة الفلانية تم القبض عليه بتهمة الاختلاس فأنا لا أستغرب من ذلك حتى وإن كان مشهودا له بالاستقامة.

واليوم في الساعة العاشرة صباحا بتوقيت عمان وقع ولدي (علي) على الأرض أو على زجاجة كبيرة وجُرح في أسفل قدمه جرحا بليغا ونقلته إلى المستشفى وأجروا له العلاج اللازم وأثناء خياطة الجرح بثلاث غُرز نزلت دمعتي ورق له قلبي وارتجفت يداي ولم أستطع الإمساك به وكدت أن أقول للطبيب بأنني بحاجة إلى ابرة بنج أو مسكن تُخدر لي قلبي وضميري لكي لا أشعر بالألم للطبيب ...وأمر الممرضة بأن تقوم بتثبيت قدمه بدلاً عني وقال لي (أنت أبوه رقيق عليه ومش راح تعرف تثبيت رجله ونحن معتادون على مثل تلك المشاكل) فخرجت من عنده وأغلقت أذني اليمين بقطعة قطن واليسار بقطعة قطن ثانية كمخدر لي حتى لا أسمع صوته وهو يصرخ ويئن ويتألم وهو يبكي من الألم مستنجدا بي قائلاً (يايايا به يابابا ول يايابه ول يابابا مشان ألله يا يابه ) عندها تأكدت بأن مهنتي كأب للأولاد وكمدافع عن حقوق الإنسان والمرأة جعلتني حنون عليهم علمتني بأن أكون رقيقا في مشاعري أبكي وأتألم لأتفه الأسباب حتى وإن لم أكن رقيق القلب فإن أبوتي مع مرور الزمن علمتني على الرقة في المشاعر والأحاسيس وبأن مهنة الجراح الذي يخيط كل يوم كثيرا من تلك الحالات قد علمته على القسوة فأصبح قلبه قاسيا لا يرق لأحد.

وكذلك مهنة المحاسب الذي يعمل في المؤسسة المدنية فأنا أعرف بأنه دائما ما يسرقني حتى لو كانت السرقة عشرة قروش فأنا أعرف بأن طبيعة مهنته جعلت منه لصا وحراميا, وكذلك مهنة ضابط المخابرات الكبير مع مرور الزمن لا يرق لأصوات الناس وهم يتعذبون في المعتقلات وأيضا مهنة السجّان الذي لا يتألم على حرية الناس المحبوسين وكذلك أيضا مهنة الممرضات في المستشفيات الرقيقات القلب يموت المريض بين أيديهن وهن يضحكن ويلعبن أو يأكلن برغيف من السندوتش وبهذا يكن الممرضات رقيقات في البداية ولكنهن مع مرور الزمن وتكرار مشاهد الموت اليومية يعتدن على رؤية الإنسان وهو يموت أو وهو يُفتح كرشه أو رأسه أما أنا بالنسبة لي فقد نقلت مرة واحدة في حياتي رجلا مصابا بحادث سير ما زلت حتى اليوم كلما أتذكر الموقف أحن وأبكي أو تحمر عينيا من شدة الحزن على الرجل الذي مات وأنا أحمله بين يدي أنا وشقيقي معي ولكن صدقوني بأنني إذا تعرضت مرة ثانية وثالثة لنفس المنظر والمظهر فإنني سأدمن وسيقسو قلبي ويتعلم على القسوة وكما تتعلم اليد الشريفة على السرقة من كثرة أعمال النهب وسهولتها من طبيعة المهنة.

ويقال بأن الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك في أول رئاسته لجمهورية مصر العربية رفض إدخال جهاز تلفزيون في المطار إلى مصر دون أن يدفع عليه من جيبته الخاصة الجمرك وكان في البداية شريفا ونظيفا قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية وحاول في البداية أن يحافظ على شرف سمعته ولكن مهنته غير النظيفة منعته من النظافة ومن ارتداء الملابس النظيفة وكذلك زمرته الذين اجتمعوا من حوله الذين يزينون له كل أعماله ساهموا إلى حد قريب في توريط الرجل لكي يعيش طيلة حياته متسخا خصوصا بعد أن طلعت ريحة الرجل بعد شراء ديون مصر لحساب جمال مبارك أو علاء مبارك ذلك الرجل الذي رفض أن يُدخل جهاز تلفزيون إلى مصر خاص به بدون جمرك أدخل بعد ذلك إلى قصره أربعين ألف حرامي وجند 50 ألف لص وضاجع 10آلاف عاهرة لذلك الرجل في بدايته خجولا إذا مد يده يمدها وهو خجلان جدا من نفسه ومن ضميره لأن ضميره كان يقظا وصاحيا ولكن مع مرور الزمن ومع احتراف الرجل لمهنته أصبح قلبه قاسيا وضميره ميتا وقلبه لا يرق لأحد وأصبح معتادا على أكل أموال الناس والشعب بأكمله ونسي نفسه وتاه في الزحمة التي تاه بها (أحمد عدويه) وجرفه التيار وأجبرته مهنته القذرة أن يكون متسخا طوال الوقت.
وكذلك الانسان النقي الذي يعمل في الخمارات تبقى ملابسه ورائحته طوال النهار لا يسمحان له بأن يكون في نظر رجل الدين طاهرا.

إن مهنة أن تكون ملكا أو رئيسا للجمهورية هي لوحدها دليل على فسادك فهذه المهنة أصلا هي مهنة فاسدة وليست شريفة فهنالك بعض المهن التي تعلم صاحبها على الشرف حتى وإن كان خائنا وهنالك بعض المهن التي تعلم صاحبها على الخيانة حتى وإن كان شريفاً ومهنة الملوك هي أصلا مهنة المفسدين فلا يستطيع الانسان الشريف أن يكون ملكا أو رئيسا للجمهورية ولا يستطيع الكاتب والمثقف أن يكون وزيرا ويبقى محافظا على شرف مهنته فهو عندما يصبح وزيرا أو سفيرا يكون قد وضع رجله في أول الطريق نحو الفساد العظيم و(إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها) فلا يوجد مكان يدخل إليه الملوك إلا ويصبح فاسدا بل ومشتعلا بالفساد فيستحيل على الرؤساء أن يبقوا شرفاء ومن المستحيل جدا على المال السايب (السائب) إلا أن يعلم صاحبه على السرقة وأنا مثلا أعرف رجلا قد عمل في سوبر ماركت ضخم وكبير ويبيع يوميا بالألوف المؤلفة وكان يعمل به أحد أقربائي وذات يوم تقدم بالاستقالة من عمله وكل الناس عرفت السبب لأنه هو شرح ذلك قائلا: لو بقيت في عملي شهرين لسرقت ولأصبحت أكبر مفسد في المنطقة, وعلى فكرة منطق الرجل ليس غريبا بل علميا وهو يفسر لنا حسب قوله (المال السايب بعلم الناس على السرقة) وأضاف قائلا لأول مرة في حياتي أعرف معنى هذا المثل.

وأعرف رجلا كان شريفا جدا اشترى سيارة نقل لشراء الخردة وبيعها فتعلم أثناء عمله السرقة تدريجيا وأصبح لصا محترفا وقال : صدقني يا أبو علي نوعية المهنة هي التي علمتني على السرقة, فعلا هنالك بعض المهن تعلمك أن تخاف مثلا من الكهرباء طيلة عمرك وهنالك بعض المهن تجعلك حاوي كهرباء مثل حاوي الأفاعي لا تلدغه الأفاعي وحاوي الكهربه لا تضربه الكهرباء وبعض المهن تعلم أصحابها على طيبة القلب والإنسانية وبعض المهن تعلم أصحابها على القسوة فمثلا الذي مهنته غسل الأموات لا يرق قلبه لمنظر ميت ولا يخاف منه ولا يتعض ومهنة الجزار أو صاحب الملحمة الذي يقتل الذبيحة بأعصاب هادئة مهنته طوال عمره تجعل من قلبه أيضا قلبا قاسيا لا يرق لمنظر الناس وهي تتألم .

رحم ألله أبي حين كان يقول (هنالك أشياء بدنا عليها شهود وهنالك أشياء ليست بحاجة إلى شهود) هنالك أشياء بحاجة إلى أدلة ثابتة ودامغة حتى نثبت صحتها أو بطلانها أو صحة ما ندعو إليه أو بطلان ما ندعو إليه, وهنالك أشياء ليست بحاجة إلى دليل عليها حتى نثبتها لأنها لوحدها تكون الدليل على نفسها, فلو قلنا مثلا أن الموظف الفلاني الذي يعمل في الحكومة فاسد فإن المحكمة تطالبنا بدليل واحد على فساده وإلا سوف تحولنا إلى القضاء بتهمة التشهير بالرجل وبالإساءة إلى سمعته الطيبة, وهنالك رجال موظفون في بعض الدوائر والمؤسسات الحكومية لا تحتاج المحكمة إلى دليل قاطع لكي تتهمهم بالفساد فلربما يكون السبب سمعتهم غير الطيبة أو نوعية الوظيفة التي يشغلونها , فموظف الجمارك أو مدير الجمارك يكون فاسدا ليس بمحض الصدفة وإنما بسبب وظيفته التي تشجعه أصلا على الفساد حتى وإن دخلها ملاكا فلا بد وأن يخرج منها شيطانا رجيماً فرئيس الجمهورية فاسد والملوك فاسدون والمحاسبون في الشركات فاسدون ومحاسبو الكميات فاسدون وكل أولئك لا نحتاج إلى دليل على فسادهم , لذلك أنا لا أستغرب حين يرفض كاتب مثقف محترم أن يكون وزيرا لأن طبيعة المهنة تجعله متسخا أمام الناس بعد أن كان نظيفا والحكومات تعلم ذلك لذلك يعمدون إلى الإساءة لسمعة الشرفاء حين يولوهم مناصب وزارية .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص كلمتي بمناسبة عيد ميلاد ولدي علي اليوم
- مأساة أللواء محمد نجيب,أول رئيس لجمهورية مصر العربية
- وسادتي
- ليس لدينا كرامة ندافع عنها
- من يستفيد من هذا الدرس؟
- المسحوق الأردني
- فشل المخابرات
- ارحلو نريد أن نرى وجه ألله
- حفلة وداع وتعارف
- اصلاحات جلالة الملك
- مبروك الحكومة الجديدة
- المساعدات الأمريكية
- أكثر شخصية مكروهة في الوطن العربي
- من يسقط النظام؟
- مخلوق للكتابة
- من يحمينا؟
- المحبة تُغير شكلي
- هل تحبني حبيبتي؟
- شرف المهنة
- عُقدة التفوق


المزيد.....




- يوتيوب الذهبي تنزيل اخر اصدار بميزة جديدة احصل عليها انت فقط ...
- مقطع فيديو يظهر لحظة وقوع انفجار بمسجد في إيران (فيديو)
- السجن 25 عاما لمؤسس بورصة FTX للعملات المشفرة في الولايات ال ...
- يباع بنحو ألف دولار.. باحثون: أوزمبيك يمكن إنتاجه بكلفة 5 دو ...
- عباس يصادق على حكومة فلسطينية جديدة من 23 وزيرا برئاسة الاقت ...
- بلومبيرغ: انحسار جاذبية دبي لأثرياء روسيا
- فوربس.. قائمة قادة الشركات العقارية الأبرز بالمنطقة في 2024 ...
- ثقة المستهلكين الأميركيين ترتفع إلى أعلى مستوى في 32 شهراً
- بورصات الخليج تغلق على انخفاض قبيل بيانات التضخم الأميركية
- 1.8 مليار درهم حجم إنفاق -مبادرات محمد بن راشد- في 2023


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جهاد علاونه - فساد الملوك لا يحتاج إلى دليل