|
صرخة في الآذان الصمّاء
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 3275 - 2011 / 2 / 12 - 14:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو أن الباقين من الزعماء العرب ، الأطباء منهم وغير الأطباء ، كانوا حريصين طيلة الشهرين الماضيين على تنفيذ قسم أبقراط " لاأسمع ، لاأرى ، لاأتكلم " الذي أقسموه بينهم وبين كراسيهم ، من جهة ، وبينهم وبين من أجلسهم على هذه الكراسي ، وعلمهم كل فنون الكذب والتدليس والتعذيب والتزوير والمراوغة والغدر من أجل الحفاظ على هذه الكراسي ، واعتبارها ملكاً شخصياً لهم ولأسرهم ، قابلاً للتوريث والانتقال " السلس" ( ! ) من الآباء إلى الأبناء ، من جهة أخرى . دعوني أهمس في آذانكم اليوم ( الجمعة 11.1.11 ) يافلان وياعلاّن من الملوك والرؤساء والأمراء والسلاطين العرب ( ! ) أن زميليكم العزيزين على قلوبكم في تونس ومصر قد رحلا مكرهين ، تحت عزم وعزيمة الشعبين العظيمين في تونس ومصر ، وتحت ضربات شبابهما السلمية ولكن الموجعة لركائز الاستبداد والظلم في هذين القطرين العربيين . لقد بات باب الحرية والديموقراطية اليوم مشرعا أمام الجماهير في البلدان التي تحكمون وتتحكمون بها ، الجماهير بمختلف أطيافها وفئاتها ومكوناتها ، وباتت ملياراتكم ، ومليارات أسركم ، ومليارات أزلامكم التي تكنزونها في البنوك الأمريكية والأوربية في متناول علم " الشباب " ، زملاء ونصراء محمد بوعزيزي وبقية الشهداء في تونس ومصر . لقد اعتبر واحد منكم ، ــ أيها الزعماء ــ ، وهو زميلكم في لعبة " تكلم يساراً وسر يميناً " أن سقوط حسني مبارك في مصر يعتبر سقوطا لاتفاقية كامبديفد بين أنور السادات والكيان الصهيوني . إن كاتب هذه المقالة المكره على العيش خارج وطنه ، يرغب أن يقول لصاحب هذه العبارة المعروف لديكم : نعم إن سقوط حسني مبارك يمكن ان يكون سقوطا لكامبديفد السادات ، ولكن ماذا عن " الجولان " الذي مايزال يرزح تحت الاحتلال الاسرائلي منذ سبعة وأربعين عاما كا ملة غير منقوصة ، دون أن نسمع من سيادتكم وسيادة من ورّثكم الحكم في سورية طيلة هذه المدة التي كنتم وما زلتم تجلسون منعمين مترفين على كرسي الرئاسة فيها ، حتى نوعا من " الجعجعة " المعقولة ناهيك عن " الطحن والطحين " . لم تكن مشكة الشعبين المصري والتونسي مع حاكميهما " المخلوعين " هي مشكلة ارتباطاتهما الخارجية فقط ، وإنما كانت ــ وبسبب هذه الارتباطات الخارجية ــ مشكلة داخلية تتمثل ، بتغييب دور الشعب ، واضطهاده ، وتجويعه ، وهدر كرامته ، وذلك عبر نظام أمني استبدادي شمولي ، لحمته الانتخابات المزورة ،ومجالس المنتفعين والأتباع التي يطلقون عليها مجالس الشعب ( والشعب منها براء ) وسداه السجون والمعتقلات و قانون الطوارئ . لقد تجسدت الشعارات التي رفعتها ثورة 25 يناير 2011 في ميدان التحرير والتي أعلن هؤلاء الثوار أنهم إنما يرفعونها ليس باسم الشعب المصري وحسب وإنما أيضاً باسم الشعب العربي كله ، نقول تجسدت بـ " الشعب يريد تغيير النظام ". وقد كانت العناصر الأساسية التي تضمنها هذا الشعار هي : ــ إسقاط رأس هذا النظام ، ــ حل مجلسي الشعب والشورى اللذين جاءا بانتخابات مزورة ، وبالتالي فهما لايمثلان إرادة الشعب ، ــ تغيير الدستور عبر جمعية تاسيسية منتخبة بصورة ديموقراطية حرة ونزيهة يشرف عليها القضاء ، ــ إلغاء قانون الطوارئ الذي كان الأداة القمعية الأساسية بيد النظام . إن تنفيذ هذه الخطوات من قبل سلطة مابعد مبارك ، إنما سيعني عملياً وواقعياً عودة الشعب العربي في مصر العربية إلى مركز الأحداث ، بعد أن غيبه نظامي كامبديفد لمدة أربعة عقود . لقد تساءل البعض عن سبب عدم تحرك الشعب السوري تاييداً لثورة مصر ، كما حصل ويحصل في بعض الأقطار العربية ، وجوابنا على مثل هذا التساؤل هو أن الأمر يتعلق بدرجة القمع التي يمارسها نظام الصمت على احتلال الجولان في سوريا على الشعب منذ هزيمة حزيران 1967 ، والتي يمكن أن يواجه بها أي تحرك شعبي لتأييد شباب ثورتي تونس ومصر ، ذلك أن تأييدالجماهير لهتين الثورتين اللتين أطاحتا برئيسي البلدين إنما يعني تأييد شعاراتهما ومطالبهما التي أوردناها أعلاه ، وهو مايعتبر في " سورية الأسد " من المحرمات . إنني أسمح لنفسي هنا أن أهمس بصوت مسموع وعالٍ في أذن الرئيس بشار الأسد ،رئيس البلد الذي أنتمي إليه ، والذي وصل إلى السلطة عن طريق الوراثة العائلية ، لاعن طريق الإنتخاب الشعبي لأقول له ، ولمن يسنده ويسانده : اتقوا الله في هذا الشعب ، أعيدوا للشعب حريته التي اغتصبتموها منذ أربعة عقود ، اعلموا أن الكفن ليس له جيوب ، وأن الضغط يولد الإنفجار ، وأن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ، وأن الظلم مرتعه وخيم ، وأن حبل الكذب قصير ، وأن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابانفسهم . إنني لاأريد هناأن أنصح الرئيس ومن وراءه ومن أمامه بالرحيل ، ولكنني أنصحهم بان يتغيروا ويغيروا ، ويعيدوا النظر في مسيرتهم الخاطئة والمحفوفة بالمخاطر الخارجية والداخلية قبل فوات الأوان .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرحبا بتونس ومصر
-
هل الامتحانات المدرسية عمل أخلاقي
-
مدخل منهجي لدراسة الفكر العربي الإسلامي في العصر الوسيط
-
ثنائية الموقف العربي بين الدليس والتنفيس
-
علم الإجتماع : بعض الإشكالات النظرية والتطبيقية
-
الحزب السياسي بين الدين والدنيا
-
وقفة قصيرة مع بعض أقوال - الرئيسي -
-
مرة أخرى : في البدء كان الفعل
-
الأزمة اللبنانية بين الظاهر والباطن
-
لرأي العام ومسرحية الإستفتاءات الصورية
-
قراءة موضوعية لخطاب غير موضوعي
-
التخلف والتقدم في البلدان النامية ؟ جدلية السبب والنتيجة
-
نظرية المعرفة في ضوء علم الإجتماع
-
حافظ الأسد ينتقل من حفر الباطن إلى المنطقة الخضراء
المزيد.....
-
شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف
...
-
احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا
...
-
تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم
...
-
الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا
...
-
حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
-
3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز
...
-
جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا
...
-
الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم
...
-
الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال
...
-
مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|