|
عوائق التغيير في سوريا
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 3275 - 2011 / 2 / 12 - 01:51
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
مع ازدياد موجة التغيير في العالم العربي ، يبدو أن التغيير في سوريا ، أقل تسارعاً واستجابة عما هو عليه الحال في كثير من البلدان العربية ، ولو أن التغيير ، وليس الإصلاح ، بات مطلباً ملحاً لفئات واسعة من المجتمع السوري . فالعوائق التي تحول دون تسارع موجة التغيير في سوريا كثيرة وعديدة ، ويمكن حصرها في شقين أساسين . الشق الأول ، يرتبط أشد الارتباط في الشأن الداخلي ومن أبرز نقاطه : 1- الخوف الذي يتجلى في صورة القمع والاعتقال والتعذيب الوحشي ومصادرة الحريات والضرب بيد حديدية ، لا تميز بين كبير أو صغير، ولا تضع حداً لحرمة الآخرين وكراماتهم ، ولعل أجل صوره التي لا تغيب عن العقل الجمعي العام . * مجزرة سجن تدمر. * قصف مدينة حماة وإبادتها بسلاح الجيش. * قصف قرى متفرقة من محافظتي حلب وإدلب. * مجازر متفرقة على مدى ثلاثين عاماً ضد الأكراد، وخصوصاً في مناسباتهم القومية ( النوروز) وأسوأ أشكالها المجزرة الرهيبة التي تعرضوا لها في القامشلي عام 2004. 2- الطائفية السياسية والمذهبية التي يلتصق بها النظام عمودياً وأفقياً ، بل ويعتمد عليها في تدعيم قوته وتحصين بقائه بما يعزز سطوته في الحكم ، والطائفية نقطة ارتكاز أساسية في بنية نظام الأسد ، ليس لها مثيل في مختلف أنظمة الحكم العربية ، لأنها تعتمد على تطييف هياكل الدولة وتستمد قوتها من المؤسسات التالية : * مؤسسة الجيش بكامل عتادها الحربي وتشكيلاتها المختلفة . * مؤسسة الأمن بفروعها وأجهزتها المتعددة . *مؤسسة الإعلام بشقيه الحكومي والخاص . الشق الثاني ، وهو الذي يرتبط بالشأن الخارجي ومواقف الدول الإقليمية، التي على ضوء موقفها من سياسات النظام ، يتحدد مسار التغيير ، ومن أبرز تلك المواقف . 1- الموقف الإسرائيلي، لا يغفل على أي مراقب ، ما لدى إسرائيل من حضور إقليمي فاعل ، تعزز حضوره بمرور الزمن في منطقة الشرق الأوسط ، مع ازدياد المكاسب الجيوسياسية التي حققتها إسرائيل بفعل قوتها العسكرية، ومن خلفها الدعم الثابت من القوى العظمى على الساحة الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي . إسرائيل التي تعيش على نظرية الأمن المطلق، تضع في سبيل تدعيم تلك النظرية كل إمكانياتها المادية والبشرية ، فالأمن بالنسبة لإسرائيل ، الشغل الشاغل ، وهاجسا البقاء والوجود ، يرتبطان بالأمن الداخلي (المدن) وبالأمن الخارجي (الحدود) ولهذا تقدر إسرائيل لنظام الأسد كل التقدير لهدوء جبهتها الشمالية ، منذ ما يزيد عن 38 عاماً ، فهي ( إسرائيل ) ليست بحاجة لإعادة فتح تلك الجبهة في ظل احتلالها الدائم للجولان السوري ، كما أنها تفرق جيداً في شكل الصراع وحدته ، بين أن يكون صراعاً مع منظمة ( حزب الله ) أو مع دولة ( سوريا ) . وبالإضافة إلى عامل الأمن الذي يوفره النظام السوري لإسرائيل بشكل غير مباشر ، ثمة عامل آخر ، أكثر أهمية ويتمثل في حالة اللا سلم واللا حرب ، بما يعني التنازل شبه النهائي عن المطالبة باستعادة الجولان ، إن سلماً أو حرباً . وطبقاً لهذا الموقف الإسرائيلي الواضح المعالم ، لا تحبذ إسرائيل تغيير نظام الأسد واستبداله بنظام آخر، حتى لو كان أكثر سلميةً وأمناً من نظام الأسد ، فالقمع والاستبداد الذي يفرزه نظام الأسد ، يحقق مكاسب كبرى لإسرائيل من أهمها : * ضمان تفوقها العلمي والعسكري في ظل غرق المجتمع السوري في بحور القمع والتخلف . * التأكيد على أنها واحة الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط الراكدة مياهه في برك الاستبداد . 2- الموقف الإيراني ، وهو أحد محاور القوة الإقليمية في الشرق الأوسط ، وله في هذا الصدد مصالح كبرى تتعدى حجمه الطبيعي ، ولنظام الأسد علاقات تاريخية – تحالفية مع إيران ترجع إلى عام 1979 ، وهو العام الذي وصل فيه رجل الدين الإيراني علي الخميني بعد خلع الشاه . البعض في إيران يرجعون التحالف مع النظام السوري إلى أسباب طائفية بحتة ، لكونهما ينتميان عقدياً إلى ذات المذهب الشيعي رغم تفرعاته وتشعباته . والبعض الآخر في سوريا ، يرون أن أسباب التحالف بين النظامين، سياسية في المقام الأول، ويدللون على ذلك باختلاف أيديولوجيتهما . وأياً كانت أسباب التحالف ودواعيه ، فإن الحضور الإيراني في سوريا ، بات أمراً واقعاً لا يمكن تغاضيه أو تجاهله، وهو حضور لم يعد محصوراً في مجالات السياحة، بل تعدى ذلك إلى المجالات العسكرية والأمنية، عبر انتشار القواعد العسكرية والمقرات الأمنية ( الباسدران) الحرس الثوري ، وكذلك في المجالات الاقتصادية من خلال المشاريع الصناعية والاستثمارات في مجال النفط والسيارات والمركبات ، إلى أن وصل إلى مجالات التبشير المذهبي من خلال غض النظر عن تشييد الحسينيات والحوزات والمزارات ، رغم أن نظام الأسد يقدم نفسه على أنه نظام علماني . كل هذه الأسباب وغيرها ، تشكل عوائق أمام حركة التغيير في سوريا ، على أن التغيير إن حدث في سوريا ، ستكون أثمانه باهظة جداً ، نظراً للتجاوزات الخطيرة التي ارتكبها النظام طيلة أربعين عاماً ، فنظام الأسد ، ورغم القواسم المشتركة التي تجمعه مع كثير من الأنظمة العربية ، إلا أنه نظام ليس كمثله شيء .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شالوم (11) שלום
-
متى يحدث التغيير في سوريا ؟
-
شالوم (10) שלום
-
شالوم (9) שלום
-
شالوم (8) שלום
-
شالوم (7) שלום
-
شالوم (6) שלום
-
شالوم (5) שלום
-
شالوم (4) שלום
-
شالوم (3) שלום
-
شالوم (2) שלום
-
طل الملوحي .. فجر الثورة والحرية
-
شالوم (1) שלום
-
العقل المادي واللا مادي في الإسلام
-
تمرد العقل عن سياق الوحي
-
العقلانية واليقينية في النص القرآني
-
العقل الإسلامي كمعطى ثابت
-
تجريد العقل (الفطري) الإسلامي
-
العقل وتحكيم القضايا الإلهية
-
حدود التصورات العقلية في الإسلام
المزيد.....
-
كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا
...
-
بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا
...
-
جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
-
العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
-
سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح
...
-
مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها
...
-
بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن
...
-
قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح
...
-
البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
-
البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح
المزيد.....
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
-
سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية
/ دلير زنكنة
-
أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره
/ سمير الأمير
-
فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|