|
فسقط الصنم الثالث و اما بعد........!!
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3274 - 2011 / 2 / 11 - 22:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عمت الفرحة العارمة عموم المنطقة و العالم اجمع حال سقوط الصنم الثالث المتمثل بنظام شمولي اخر بعد الدكتاتور العراقي و التونسي، و الاكثر فرحا انهما اسقطا بايدي الشعب الخالص و بثورة شعبية عارمة، و هكذا تهاوت اركان نظام حكم اخر اتصف بسطوته طوال العقود الثلاثة المنصرمة، و ليس هذا فقط و انما مهد الطريق نحو ما كان ينوي ان يورثه الحكم فيما بعد، و فشل بارادة و عزيمة الشعب المصري الذي غير وجه الشرق الاوسط باكمله معه ، و بدات المنطقة مرحلة جديدة. فهناك ما تبقت من الانظمة المماثلة تنتظر المصير ذاته و تنتظر الشعوب الى ان تنضج الارضية المناسبة و تتخصب من اجل ابعاد الخسائر المحتملة و يتيقن الشعب من قطف الثمار التي ينوي الوصول اليها. تلمسنا خلال ثورة الشعب المصري من حاول ان يُبقي على هذا النظام و سانده الى اخر الرمق، لا بل حثه على البقاء و اتباع كافة الطرق من اجل بقائه، ليس لسواد عيونه و انما لاحساسه بان الموجة لن تقف عند الحدود الطبيعية لهذا البلد و ستصله اليوم او غدا، و عندما يهب نسيم الحرية فيشمل المنطقة برمتها و لن توقفه الحدود مهما طال زمن وصوله او تاخره، فاستبق هذا البعض الاحداث محاولا وأد هذه الولادة و منع نضوج هذه القضية الانسانية قبل اي شيء اخرو قبل ان تصل اشعاعاتها اليهم . انها لحظة فارقة وحاسمة في التحول الكبير و الانتقال الى مرحلة مختلفة تماما من كافة الجوانب، و الشعب هو صاحب الراي و الموقف و هو يعيد زمام الامور اليه وهو المحافظ الامين على مصالحه و المخطط الناجع لتحديد مستقبله، و به فقط تُرسم ملامح المنطقة، انها ثورة عارمة من الناحية السياسية الاجتماعية الثقافية، و هذه الثورة تفتح ابوابا جديدة للتقدم اماما و الوصول الى مصافي البلدان المتقدمة في العالم. الهدف الرئيسي العام مهما كانت التفصيلات مختلفة ، هو التوصل الى العدالة الاجتماعية و بناء دولة مدنية حضارية محافظة على حقوق الانسان مؤمنة بالديموقراطية الحقيقية و حكم الشعب. انه حقا انعطاف كبير و تاريخ جديد و تغييرجذري في المنطقة باسرها، انها ثورة بيضاء بمعنى الكلمة و ان تخللتها نسبة من الدماء، و انها بدات و لم تُخمد من هنا قريبا بل يمكن ان تزيح معها العوائق امام الاهداف و الامنيات الانسانية التي تحملها شعوب المنطقة، انها ثورة اندلعت و تبقى مشعة و تؤثر و تغيٌر و تنتقل من بقعة الى اخرى مغيرة من ظروف و تبني صروح و معالم متعددة تصب في طريق خدمة الانسانية و الحياة البشرية. على الرغم من تسلم النظام المصري لمجلس عسكري الذي يشرٌف مهنته ان يكون مهنيا و محايدا في ما يحدث داخل البلد، و كما كان طوال ايام الثورة الشعبية المصرية العظيمة، انها بداية النهاية للحكم العسكري للحياة المدنية و هذا درس جديد للمنطقة باكملها، و انها ثورة استهلت بهبة شعبية خالصة و لم تكن لاية قوة خارجية او داخلية يد فيها ، كانت الشرارة بيد الشباب و من ثم استوعب جميع الفئات و شرائح الشعب. و هذا ما يفرض على الاخرين ان يعيدوا النظر في اللجوء الى القوة لاخماد اي احتجاج او انتقاد، و يهتموا بالشعب كمصدر اساسي للسلطة و الحكم في نظام ديموقراطي حقيقي، و لم يبق بعد اليوم في هذه المنطقة كاملة من يؤمن بالدكتاتورية العادلة ، و ان لم يكن هناك اصلا هذا المفهوم في اي قاموس سياسي و انما الديموقراطية هي التي تبني الجسر السليم للعبور للضفة الاخرى نحو ضمان العدالة الاجتماعية و المساواة و العيش الرغيد للشعب و الرفاه و التقدم،انها حقا انها من تجليات هذه الثورة . انها ثورة شعبية عارمة و ليس بانقلاب عسكري كما تعودت شعوب المنطقة عليه و لم يكن البيان رقم واحد كما كان من قبل، و هذا ما يعطي الدرس الجديد من كافة الجوانب للمرحلة الجديدة و اعطت مصر و شعبها معنى و مضمونا حقيقيا للحرية و قوة و ارادة الشعب و هي اقوى من سطو اي دكتاتور و جبروته مهما كان مقتدرا. تجلى من هذه الثورة مجموعة كبيرة من المفاهيم الجديدة من التآخي و التعاون فاجتازت كافة الايديولوجيات و العقائد المبتذلة، و يُجمع الجميع حول ضمان الحياة الحرة الكريمة و ماهو لخدمة الانسان و الانسانية . ماكان يتسم به النظام المصري من الحكم الشمولي و مزاوجة المال بالسلطة و تهميش الشعب و الاستناد على الشكليات من المفاهيم الجوهرية الملحة و العيش تحت سلطة الاحكام العرفية و الطواريء و تحت سطوة و سيطرة الحزب الواحد، كل هذا لم ينفرد به هذا النظام لوحده فهناك الاخرون من الانظمة المشابهة في المنطقة، فلابد ان تصل اليهم اشعاعات هذه الثورة ، و ما نلمسه لحد اليوم فلم يستبق اي نظام لاتخاذ الخطوات المطلوبة في هذه الظروف بل يحاولون الانكماش على انفسهم و بناء الدروع و الحفاظ على الذات فقط دون اتخاذ الخطوات المطلوبة للتحول الى المرحلة الجديدة التي في طريقها اليهم من دون ان توقفها اية قوة ، و لم يتخذوا لحد اليوم اية خطوة او اجراءات التي تفرض نفسها عليهم و ما تفرضه الظروف الموضوعية و ما نتجتها الثورة الشعبية المصرية. نعم هناك الكثيرون الذين لم يفهموا و لم يفقهوا بعد فحوى و جوهر هذا الدرس العملي على بساطته و لم يتجرئوا لقول الحقيقة و لم يستهلوا ما يفرض عليهم من الخطوات و اتباع الطرق قبل وصول الموجة، و عليهم ان يخطوا بهذا الاتجاه اليوم قبل الغد من اجل درء اي سفك للدماء و يحفظوا على ماء وجوههم، و يفتحوا الابواب امام الاصلاح و التغيير بشكل سلمي، انها مرحلة جديدة و ستكون مفعمة بالبهجة و السرور و سيعلى شان الشعب و ستكون السلطة خادمة للشعب و ان احتاج تحقيق هذه الاهداف وقتا، و الادهى مافي الامر ان بعض الانظمة تريد الصعود على اكتاف هذه الثورة و كانها لم تصلها اشعاعاتها غدا و تريد توجيه الانظار نحو هذه الثورة بشكل تضليلي، و تريد ان تعيد اسباب اندلاع الثورة للسياسات الخارجية لهذه الانظمة و ليس الكبت و القمع في الداخل كما هم ماضون فيه، و يريدوا ان يدفنوا رؤوسهم في الرمال و لم يعلموا ان الدكتاتوريات متشابهة و ستصلهم سلسلة الاشعاعات و ليس لهم من الهروب بدا ان لم يحتكموا الى ما تفرضه العقلية الحداثوية للمرحلة الجديدة .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عزيمة الشباب لن تدع التاريخ ان يعيد نفسه
-
ثورة الشباب بين الاندفاع الجامح و الخوف الكابح
-
سمات المرحلة الجديدة في الشرق الاوسط
-
هل وجود سوريا في المحور الايراني ينقذها من الانتفاضة
-
اسباب استمرار العنف في العراق لحد الان
-
هل ينتفض الشعب السوري ايضا ?
-
للجميع ان يقيٌم ما يجري في الشرق الاوسط الا النظام الايراني
-
التغيير الاجتماعي بين الدافع و المثبط في منطقة الشرق الاوسط
-
مصر و الدرس الثاني للحرية و الديموقراطية في السنة الجديدة
-
الحرية و العلاج الملائم للقضايا العالقة في الشرق الاوسط
-
كيف نتفهم جوهر قضية المناطق المتنازع عليها في العراق
-
حدود علمانية و ديموقراطية العراق الجديد
-
افتعال الازمات لا يصب في حل اية قضية
-
كيفية تجاوز اشكاليات الديموقراطية في منطقتنا
-
العراق يئن بسبب التشدد و التعصب و ليس تحت ضغط الفدرالية
-
دروس و عبر انتفاضة تونس الخضراء
-
الثروة و دورها في عرقلة اقرار حق تقرير المصير او ترسيخه
-
ترسيخ ثقافة المواطنة في منطقتنا و المعضلات امامها
-
تزامن الاستفتاء لجنوب السودان مع قصف تركيا لكوردستان
-
ايهما الاَولى السلام ام العدالة
المزيد.....
-
-الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف
...
-
امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي
...
-
توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح
...
-
علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
-
بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم
...
-
مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير
...
-
رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ
...
-
تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار
...
-
عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
-
لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|