أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - هالة مقصود - تحديد دور المرأة وفق ماهية العصر















المزيد.....

تحديد دور المرأة وفق ماهية العصر


هالة مقصود

الحوار المتمدن-العدد: 978 - 2004 / 10 / 6 - 11:51
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


1 ـ إن مشكلة المرأة لا تخص المرأة وحدها. إنها قضية مركزية في مسألة التطور، ولذلك فهي قضية اجتماعية أساسية تطرح بشكل جذري مشاكل المجتمع من أساسه. من هنا ضرورة المشاركة ببحثها من قبل الرجال والنساء مشاركة جدية. إن أحد أسباب المشكلة يكمن في تهميش هذه القضية وعدم وضعها في صلب اهتمامات المجتمع وهمومه.
من جهة أخرى، إن الوطن العربي لا يخص رجالاً من عمر معين فقط. إنه يخصنا جميعاً رجالاً ونساءً من كل الأعمار. إنه من واجب المرأة وحقها أن تشارك في عملية التطور، وبناء مجتمع ديمقراطي مبني على احترام الفرد وقيمة الإنسان لأي جنس انتمى. هذه هي المعادلة الأساسية التي لابد من استيعابها لوضع بحثنا في إطار صحيح.
2 ـ إن الغالبية الساحقة من المجتمعات في العالم هي مجتمعات أبوية (بطريركية). فالرجل هو الذي سن القوانين، وبلور المفاهيم، ووضع المقاييس في الشرق والغرب على السواء، وهو الذي لا يزال يسن القوانين، ويبلور المفاهيم. نحن نطالب بالمشاركة الفعلية في إرساء قواعد المجتمع الجديد. ويكون ذلك بأن تتبوأ المرأة مواقع فاعلة في مؤسسات المجتمع المدني التي لا يزال ا لرجال يطغون في قياداتها.
3 ـ إن مقاييس المنطق الاستهلاكي الذي ساد السلوك العام في هذا العصر كان من أهم ما أعاق مسيرة المرأة، فهذا المنطق هو الذي يحدد لكل أمر ثمنه ويقدر قيمة كل إنسان فيه بمقدار دخله. في هذا المجتمع تسعر المرأة وفق الدخل الذي تجنيه، ويصبح العمل التقليدي الذي تقوم به، إن في البيت أو في الحقل أو في التموين، أو في غيرها من الأعمال المعيشية الأساسية غير ذي قيمة أو قدر، لأنه ليست له قيمة مادية يمكن حسابها.
4 ـ من جهة أخرى فإن المنطق الاستهلاكي الغربي قد أولى اهتماماً مفرطاً لمظهر المرأة الخارجي، وتعامل معها كلعبة جنسية، مما زاد من غلبة هذا الطابع عليها. فكان من الصعب جداً على النساء في العالم أجمع ألا يشاركن في استعراض الموضة الغربية التي تفرض عليهن ضغطاً مادياً لا يتحملنه. هذا إضافة إلى أن أكثر النساء العاملات في العالم لا زلن يعشن في عالمين: عالم جديد يقمن فيه بالمهام نفسها كالرجال، وعالم يطلب منهن فيه عدم التقصير في مهام المنزل والأولاد. ومن أطرف ما قرت في هذه المضمار مقابلة أجرتها بثينة شعبان مع مهندسة في الجزائر ترأس قسماً للهندسة في شركة يعمل فيها زوجها في وظيفة أدنى رتبة من وظيفتها. وإذا بها في سياق المقابلة تقفز من مقعدها، إذ تذكرت أنها نسيت تحضير طبق للغداء، فتعتذر عن متابعة المقابلة لتركض إلى البيت، وتحضر ما يجب قبل أن يرجع زوجها من العمل.
إن هذا الوضع يفرض ضغطاً كبيراً على المرأة العاملة وبخاصة في المجتمعات التقليدية. وبما أن عمر تجربة المرأة في هذا المضمار هو جيلان على الأكثر، فإنها لم تستنبط بعد الوسيلة المثلى للتوفيق بين هذه المهام.
5 ـ نحن الآن في خضم ثورة جديدة تشابه الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر. ومثل هذه الثورة تؤدي إلى مفاهيم جديدة في العلاقات الاجتماعية والقيم، إذ إن المجتمعات تنتظم حول المتطلبات الإنتاجية. وكما في القرن الثامن عشر فإننا نجد الآن مشاكل أساسية تهز عالم الشمال للتأقلم مع معطيات العالم الجديد. إن هذه الثورة هي في الأساس معلوماتية سلاحها المعرفة، ولا تتطلب ثروة طبيعية أو مواد أولية أو تجمعات بشرية كثيفة للمشاركة فيها، كما كانت تتطلب الثورة الصناعية. إن كل جزء منها يأتي من بلد أو آخر، كما أن التمويل في أكثر الأحيان يأتي من مؤسسات متعددة الجنسيات، وميزانيات بعضها أكبر بكثير من ميزانيات بعض الدول النامية، أو ما كان يسمى بالعالم الثالث، وصار يعرف اليوم بعالم الجنوب.
في العالم الجديد الذي تظهر معالمه الآن، وبسبب الثورة المعلوماتية التي جعلت البعض يسمي العالم ((قرية كونية))، أصبح من المألوف أن نجد شركة ترجمة مثلاً في الولايات المتحدة تستخدم الفاكس، فتنقح الترجمة من قبل هنود في الهند، إذ إن الهنود معروفون بلغتهم الانكليزية الرفيعة، وأجورهم أبخس بكثير من أجور الأمريكيين أصحاب المستوى نفسه. وهكذا فلم يعد المكان الذي يوجد فيه الإنسان مهماً إذا كان مرتبطاً بهذه الضيعة الكونية ارتباطاً يؤهله للمساهمة فيها من خلال استعمال أحدث ما توصل إليه العالم في مجال الاتصالات. وقد غيرت وسائل الاتصالات هذه من نوعية عمل المرأة، إذ إن الكثيرات من اللواتي يخترن عدم الخروج إلى العمل للقيام بمهام البيت والأولاد أصبح الآن بمقدورهن أن يعملن في شركات حتى خارج ولاياتهن في الولايات المتحدة دون أن يخرجن من البيت. وهذا اتجاه يتسم به عالم المعلوماتية الجديد.
وقد أصبح هذا العالم يسمى بـ ((عالم ما بعد الصناعي)) أو ((عالم الخدمات)). وتشير الإحصاءات في الولايات المتحدة مثلاً أنه بينما كانت الصناعة تشكل الجزء الأكبر من الدخل القومي في السبعينيات، فإنها الآن انحدرت إلى 40 بالمئة، بينما ارتفعت نسبة الدخل من الخدمات في المدة نفسها من 10 إلى 40 بالمئة، وهي تتزايد سنوياً.
ومعالم الخدمات هذه مهمة تجعل الفرد الناجح في هذا العالم يختلف اختلافاً أساسياً عن الفرد الناجح في العالم الصناعي، هذه الصفة هي المعرفة كما ذكرت قبلاً. فبينما كانت القوة في العالم الزراعي ترتكز على العضلات، وفي العالم الصناعي على الآلة، أصبحت المعرفة الآن أساس القوة في العالم الجديد. وعالم المعرفة يفتح أبواباً جديدة للمرأة. فبينما كان من الصعب عليها أن تنافس الرجل في العالم المرتكز على العضلات، والعالم الذي تلاه والمبني على الآلة، تسنح الفرصة الآن للمرأة أن تؤكد على أهليتها ومؤهلاتها في عالم المعرفة.
6 ـ إذاً فالعالم الجديد يفسح مجالات كثيرة لمشاركة المرأة بشكل لم يكن ممكناً قبلاً. السؤال هو: ماذا تريد المرأة؟ إنها تطالب بالتعليم والعمل والمعاملة في المجالين كما يعامل الرجل. هذا كان مطلب الحركة النسائية حتى أوائل السبعينيات عندما اكتشفنا أن التعليم ليس هدفاً بحد ذاته، والعمل ليس هدفاً بحد ذاته. فالإثنان وسيلتان لتكتشف المرأة طاقاتها وتقدر نفسها كما يجب، فتحترم نفسها وتفرض هذا الاحترام على المجتمع.
العلم والعمل وسيلتان لتغيير العلاقات الاجتماعية بحيث يكون التعامل بين الرجل والمرأة مبنياً على الاحترام المتبادل، وبحيث تتغير العلاقات الاجتماعية فلا يتصرف الرجل وكأنه وصي على المرأة، ولا تتصرف المرأة وكأنها بحاجة إلى وصاية. وهنا تحضرني حادثة وقعت في مؤتمر عقد في برنستون، إذ وقفت امرأة إسرائيلية برتبة جنرال تناقش وتقول إن المرأة في إسرائيل متقدمة أكثر بكثير منها في البلدان العربية، بدليل أنها وصلت إلى هذا المنصب، أي جنرال في الجيش الإسرائيلي. فأجبت يومها أنني لم أكن أتصور أن نضال المرأة هو كي نصبح جنرالات. المهم التغيير في العلاقات الاجتماعية. نحن لا نطالب بمناصب ولا بحقوق، فالمناصب والحقوق تأتي بشكل طبيعي من جراء التغيير من المجتمع الأبوي (البطريركي) السائد، إلى مجتمع يعامل فيه الرجل والمرأة كلاهما كإنسان لا كجنس من الأجناس البشرية، وتشارك فيه المرأة على أساس الحق لا على سبيل المنة.
إن تحديات المشاركة الفعالة في الكونية الجديدة، تتطلب تفهماً شمولياً ورؤية واضحة تصهر الأفكار المطروحة. والمطلوب من المرأة العربية أن تبرعم مسيرة المساواة الاجتماعية، إذ إن مشكلتها هي في أساس الأمراض الاجتماعية التي أدت إلى التردي السائد في هذا الوطن العربي. هذا هو حجر الأساس لخلق المجتمع العربي الديمقراطي المتماسك الذي يملك كل الطاقات الكامنة فيه، وهي جمة، لندخل القرن الحادي والعشرين كمشاركين أساسيين فيه لا على هامشه كمتفرجين.



#هالة_مقصود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام السجينات في مراسم خميس العهد ...
- السعودية رئيسا للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة عام 2025
- انتخاب السعودية لرئاسة لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة وسط ...
- -اكتشاف هام- يمنح الأمل للنساء المصابات بـ-جين أنجلينا جولي- ...
- ما حقيقة مشاركة السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون بالمكسيك ...
- إيه الحالات اللي بتحتاج استئصال للرحم؟
- بعد خلاف حول الحجاب .. فرنسا تقاضي تلميذة اتهمت مدير مدرستها ...
- -موقف محرج-.. تداول فيديو استقبال ميقاتي لرئيسة وزراء إيطالي ...
- طفل أوزمبيك.. كيف يزيد سيماغلوتيد خصوبة المرأة وهل يسبب تشوه ...
- النساء يشاركن لأول مرة بأشهر لعبة شعبية رمضانية بالعراق


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - هالة مقصود - تحديد دور المرأة وفق ماهية العصر