أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - حينما يكون للديمقراطية طغاتها أيضا














المزيد.....

حينما يكون للديمقراطية طغاتها أيضا


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3274 - 2011 / 2 / 11 - 19:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في أعقاب هزيمة صدام في الكويت تزايد تأييد جوقة المنتفعين من نظامه, لشخصه ونظامه, كان إصرارهم على تأييده, ومواصلتهم التغني بأمجاده, وتطعيم قائمة أسمائه بأخرى أوصلتها إلى المائة والخمسين إسما دليلا على أن هؤلاء كانوا يدافعون عن أنفسهم ومصالحهم من خلال دفاعهم عن شخصه, ففي حالات واضحة تحول صدام إلى مؤسسة ولم يعد شخصا.
سألني أحد الأصدقاء وقتها متعجبا: ما الذي يجعل تأييد هذه الجوقة لصدام مستمرا رغم كل مهازله التي توجتها مهزلة الكويت فكان جوابي له: لو أن صدام أفاق من جنونه لمنعه هؤلاء من أن يعود عاقلا, أي أن العكس كان سيحصل تماما, فما قد نظنه تأييد يتأسس على خوف هو في حقيقته أيضا نتاجا لشراكة كانت تأسست بين صدام وجوقته, وأن صدام قد حصل على تخويل وتفويض بأن يدير هذه الشركة على طريقته الخاصة بينما لا يكون من حقوق مجلس إدارتها سوى وضع توقيعاتهم على قراراته.
وفي النتيجة عليك أن تعرف أن جميع المكتسبات التي حصلت عليها هذه الجوقة قد تم من خلال وجود صدام كمجنون, ولو تقدر وأفاق ذاك من جنونه لقتله أصحابه قبل مبغضيه, فصدام بات نافعا لهم كمجنون أكثر من نفعه لهم كعاقل.
الطاغية غالبا ما يصنع نصف نفسه أما الباقي فيصنعه شعبه, أو جوقة المصفقين حوله, ويكاد جميع الطغاة في العالم أن يكونوا متشابهين في معظم الصفات, وإلى الحد الذي يمكنك أن تقرأ عنهم جميعا في قصة واحدة فتحسب أن هذه القصة قد كتبت عن دكتاتورك بعد تغيير الأسماء.
ورغم كل ما يقال عن صفات العنف لدى صدام, التي تجعله الأقسى في التاريخ العربي المعاصر, فإن صفات " اللطف" التي يتحلى بها حسني إنما تأسست على مقارنة بينية خالصة بين عنف وآخر, وأن هذه المقارنة لم تأتي لأن حسني كان لطيفا وإنما لأن صدام كان أعنف مما يجب.
وفي تلك المرحلة كان صدام قد قدم خدمة كبرى لكل الطغاة العرب بأن جعلهم يبدون أمامه كملائكة, وكان من الطبيعي أن يبدو هؤلاء في نظر شعوبهم مساكين مسالمين مما منحهم قدرات أكثر للمطاولة, فبعد سقوط صدام وانكشاف أمر مجازره فإن المنطقة العربية دخلت في مرحلة "الطغاة الملائكة" بعد أن احتل صدام من خلال جرائمه الكبرى خانة الطاغية الشيطان.
وأخال أن الجوقة القيادية التي كانت أحاطت بدكتاتورنا, كما يحيط الخاتم بالإصبع, كانت تضع أيديها على قلوبها, حينما أعلن من الإذاعة والتلفزيون عن نيته إلقاء خطابه بعد الهزيمة في الكويت بأيام, ولم تكن تلك الأيدي قد وضعت على قلوب تتمنى له الرحيل بل على قلوب تتمنى له ألبقاء.
وفي لحظات بدت صيغة "الدكتاتور المؤسسة" تبدو أكثر وضوحا, فالخوف من صدام كان أستبدل بالخوف عليه, ولم ينتج ذلك من خلل جيني وإنما لأن صدام كان قد أتقن ببراعة قصة توزيع الدم على القبائل ليصبح جميع أعضاء الجوقة مشاركين في جرائم جعلتهم يخافون على صدام بنفس الدرجة التي يخافون فيها على أنفسهم.
الحدوتة المصرية تختلف في التفاصيل عن أختها الحدوتة العراقية, لو كان مبارك جاء بديلا لصدام وقتها.. لكان "بديلا مباركا", حتى لو اطلع العراقيون مقدما على حجم سرقاته وجرائمه, غير أن ذلك لن ينفي في مصر صفة الدكتاتور أو الطاغية عنه, كما أن حجم الجرائم التي ارتكبتها مؤسسته القمعية سوف لن يلغي صفتها كجرائم حتى لو تم مقارنتها بجرائم الجوقة الصدامية. وحتى ذلك فإن صلاحيته كانت ستنتهي بتوقيتها, إذ ما أن تروح السكرة وتأتي الفكرة, فإن المقارنات تستهلك نفسها, وتصير الجريمة جريمة مهما كان حجمها ومهما اختلفت أسماء مرتكبيها.
ولن يكون مقدرا أن يستمر خطاب البديل صالحا ما لم يكن إيجابيا, فإن كان بإمكان البديل السلبي أن يكون صالحا لفترة فإنه سيستهلك نفسه في فترة لاحقة, بل أنه سيبدو مربكا وهزيلا, كما سيكون أصحابه مثيرين للضحك والسخرية حينما يعتقدون أن بإمكانهم الاستمرار على نفس الوتيرة, وهذا ما حدث في العراق بعد صدام. ومع أن هناك الكثير من التشابه إلا أن مبارك لم يدعي بأنه جاء بديلا لأحد, وهذا ما يجعله من هذه الناحية أكثر مصداقية من أولئك العراقيين الذين ادعوا أنهم جاءوا بديلين لحالة سلبية فاستبدلوها بحالة سلبية أخرى.
والآن فإن موقف مؤسسة مبارك من استقالة مديرها العام يتشابه من حيث المبدأ مع موقف مؤسسة صدام القيادية من استقالة مديرها العام. كلا المؤسستين تشعران بأن الاستقالة هي فاتحة الطريق نحو انهيار كامل لهما وليس لشخص المدير العام أو رئيس مجلس الإدارة, وكما أن مبارك يؤمن بأن استقالته هي فاتحة لتصفح تواريخه السوداء والمطالبة على الأقل بإعادة الثروات المسروقة مع كل ما تؤسس له الاستقالة على صعيد حرمانه من مباهج السلطة وامتيازات التسلط, فإن مؤسسته القيادية تؤمن أن الملاحقة ستطال كل عناصرها, لذلك فهم سيرفضون استقالته حتى لو شاء أن يفعل ذلك.
ولو حدث أن صحا مبارك من جنونه لمنع عليه أصحابه أن يكون عاقلا.
وإذا كان مبارك قد ادعى أن نظامه جاء من خلال انتخابات ديمقراطية فإن ذلك ما يدعيه حكامنا الحاليين.
فإن صح وكانت, هذه وتلك, تسمى ديمقراطية.. فسيكون للديمقراطية طغاتها أيضا.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وفي بغداد لدينا ساحة للتحرير أيضا
- التخويف بالبديل
- مبارك..بين البحر وبين النار
- مبارك.. الدخول إلى الحمّام ليس مثل الخروج منه
- الكلام ثلاث
- مشكلة شلش مع العراق أم أنها مشكلة العراق مع شلش
- شيطنة القاتل.. متابعة لمحطة العنف الأمريكي الأريزوني – القسم ...
- شيطنة القاتل.. متابعة لمحطة العنف الأمريكي الأريزوني
- انفصال الجنوب السوداني ونظرية المؤامرة
- المسلمون في الغرب.. الخطر الساطع آت
- على هامش الجرائم ضد المسيحيين
- السرقة بين عهدين.. الصحراوي والخضراوي
- نحن شعب لا يستحي.. ولكن, هل تستحي أنت
- وهل هناك بعد عبادان قرية
- لاء الحسين و لاء صدام بن حسين
- أسانج المُغْتَصِب.. أسانج المُغْتصَب
- في بيتنا... أسانج
- وقفة رابعة مع شهداء الكنيسة
- لو كان يدري ما انتصر
- من أزمة الحكومة إلى الحكومة الأزمة


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - حينما يكون للديمقراطية طغاتها أيضا