أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - في ذلك النهار- قصة قصيرة














المزيد.....

في ذلك النهار- قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3274 - 2011 / 2 / 11 - 11:13
المحور: الادب والفن
    


( ما رآه الجندي الإحتياط)
صفر نائب الضابط (حربي كاظم) بصافرته شبه زعيقٍ مقرف ثم ضرب بعصاه التي يتبخترُ بها أثناء مسيره في طرقات المعسكر باحثا عن جندي مسكين ليفرغ شحنات الخواءوالخيبة العالقة برأسه إثر اللعنات التي صبّها عليه ضابط التوجيه السياسي قبل برهة وجيزة وهو يأمره بإحضارنا الى مقره و على وجه السرعة ، و حق له ذلك بعد خروجه مكفهر الوجه من قاعة الأجتماع ، ضرب بعصاه باب قاعة النوم وكان الوقت بعد ظهيرةالعاشر من آذار 1991، قال لنا بعد إن وقفنا وقفة الإستعداد، أن الحزب يريد منا تنفيذ الواجب الوطني، و أردف لا زالت هناك بعض فلول الغوغاء في قرية أم اللقالق و عليكم أن تأتوا بهم أحياءا أو أمواتا و صرخ في وجوهنا : مفهوم! فصرخنا جميعا نعم سيدي، ثم قال : كلف الحزب الملازم ذياب ليقودكم لتنفيذ الواجب، ثم زعق: مفهوم: فصرخنا نعم سيدي، بعد ذلك صرفنا لنهيأ أنفسنا حالا حيث كانت عربة استطلاع ( بي آردي أمم2 ) تنتظرنا و في جوفها الضابط و السائق و المخابر
بعد ساعتين من السير بالعجلة السريعة ذات الدواليب الثمانية الكبيرة توقفنا في قرية أم اللقالق على حافة هور السناف وترجلنا من العربة حيث قادنا الملازم ذياب متقدما الجنود، ممشطين القرية من أقصاها لأقصاها فلم نعثر بها على أي من شباب القرية أو رجالها غير بعض من الشيوخ و العجائز و الأطفال، كان الملازم يسير نافخا صدره ، متأففا من(سرقين) الجاموس الذي ينتشر هنا وهناك كألغام تنتظر ملازم ذياب فيحيد عنها بمهارة ،قال بعد ذلك للجندي المخابر ناولني المنظار الليلي، وكان الوقت قبل الغروب بقليل ، راح الملازم ذياب يمشط محيط القرية بعمق ثلاثة كيلومترات وهي أقصى مدى الرؤية في المنظار الذي يعمل بالأشعة تحت الحمراء، ثم راح يهز رأسه بعلامة الرضا عن نفسه ، كنت أنظر اليه و خمنت أنه قد قرر شيئا مع نفسه، أمرنا أن نستقل العربة ، ثم وجه تعليماته للسائق فتقدمت العربة ، كان هناك على بعد ثلاثة كيلومترات من القرية مجموعة من الأكواخ القصبية ، لا يتجاوز عددها العشرة، جاس رهطنا خلال هذه الأكواخ ،كان بعضها زرائب للجاموسو بعض الأبقار، لم نجد غير عجوز قد قوّس الدهر ظهرها فصارت تشبه عرجونا قديما يابسا و امرأة شابة حسنة المظهر تحمل طفلا أو طفلة على صدرها وقد أخفى وجهه بشال أمه رعبا وراح يرقبنا من وراء الشال الشفيف ، قال للمرأة الشابة:
- أين زوجك، ردت الشابة؟
-في الهور يسعى لرزقه
قا ل الملازم: كاذبه ، أين يختفي ، ها ، قولي.
قلنا له : سيدي لم نجد أحدا وعلينا الرجوع الى المعسكر.
هزّ رأسه مرارا وقال خذو هذه العجوز و ابقوا معها خلف زرائب البقر.
( ما رأته و سمعته المرأة الشابة)
سمعتهم يقولون له دعنا نرحل ياسيدي فلا يوجد من المطلوبين أحد، رفس باب الكوخ الخشبي، أمرهم بإخراج أمي العجوز الى الخارج، قال لهم ابتعدو بها وراء الأكواخ ،أغلق علي الباب أراد انتزاع طفلي مني لكنني تشبثت به ، صار قطعة مني ، بقي يراودني عن نفسي ولما مد ذراعه التي تشبه ساق معزى نحو طفلي الذي كان يصرخ و يرتعد عضضت على إصبعه الأقرب لأسناني ، دفعني بعيدا نحو جدران الكوخ المائلة و المقوسة لكنني تمسكت جيدا بطفلي ولم أقع ولما شهر مسدسه بوجهي ، أصابني رعب لا يوصف ، رأيت في عينيه الشر بكل جبروته ثم راح يمد يده القذرة إلى ما بين فخذي ، وهو يكشر عن ابتسامة صفراء تفوح منها رائحة كلب قذر فلم أتمالك نفسي و بصقت عليه بكل ما بفمي من لعاب، راح اللعاب يسيل على عينيه التين تشبهان عيني الكلب ‘ فهرّ هريرا كنت أسمعه من كلاب تهرّعلى بعضها حين لايرضيها أمر ما، رفع يده ببطيء و مسح البصقة ثم وضع المسدس بين فخذي ولم أسمع حينها إلا دوي مبهم فوقعت متشبثة بإبني ثم راحت الطلقات تثقب صدري مرارا و غفوت بعد ذلك
(ما رآه طفل المرأة الرضيع )
عندما ماتت أمي كنت حيا بعدها أنظر اليه من خلال كم أمي الذي غطى نصف وجهي و كان ينظر الي بطريقة لم أفهم معناها فأنا لا زلت رضيعا لا خبرة لي بالنظرات إلا نظرات أمي التي لم تعد عيناها مفتوحتان ثم انطلقت نفس الأصوات التي مزقت جسد أمي فمزقتني أيضا و شوهت وجهي الذي لم يكن قد اتخذ شكلا محددا يبين أن أكون طفلا أو طفلة، أعتقد جازما أنه لا يعرف و لن يعرف أنني كنت طفلا أو طفلة، أنا أتحداه أن يعرف.
( ما رآه وما أحس به الجنود)
دخلنا الكوخ ، كانت المرأة الصبية ممددة تسبح في بركة من دم وقد كانت يدهاملقاة على جسد الطفل بشكل متصالب معه ، و كأنها تريد أن تحمي بقاياه بعد ما استباحه الملازم ذياب ، في تلك اللحظة فقدنا ولائنا لكل ما يمت بصلة لملازم ذياب و ضابط التوجيه السياسي وكنا نقاوم بضراوة شعورنا ، بأننا إذا تناسينا الفرق بيننا و بين ذياب، عند ذاك سنفقد ولائنا للنوع البشري و سنتحول ذئابا أو كلابا أو حمير.
( تقرير ضابط التوجيه السياسي)
في العاشر من آذار بعد إن حررت مدفعيتنا البطلة مدينة العمارة من الخونه و العملاء قامت مفارزنا بتمشيط ضواحيها بعملية خاطفه قادها الملازم الرفيق ذياب وقد تم قتل اثنين من المجرمين الذين يهددون أمن البلاد ، نوصي بتكريم الملازم البطل ذياب بنوط شجاعة .
توقيع : ضابط التوجيه السياسي



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غواية التباريح- قصيدة
- سلاما لمصر- قصيدة
- عثار الروح- قصيدة
- اغتيال-قصة قصيرة
- إحذري يا جميلة
- هموم الجميلة- نص
- عدوان -قصيدة
- الحلقةالثانية و العشرون و الأخيرة من سيرة المحموم(22) -هذيان ...
- ليلة -قصيدة
- الحلقة الحادية و العشرون من سيرة المحموم(21)
- تحت سدرة المبتدأ
- أقوال الريح
- الحلقة العشرون من سيرة المحموم(20)
- التجربة و ما بعدها - نص
- الحلقة التاسعة عشرة من سيرة المحموم(19)- كابوس أخير
- أراجيف- مقاطع
- الحلقة الثامنة عشرة من سيرة المحموم(18)
- أحاديث- قصيدة
- الخندق _ قصة قصيرة
- نوح على النخل - قصيدة


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - في ذلك النهار- قصة قصيرة