أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - زهير الخويلدي - الارادة الشعبية سر انتصار الثورات العربية















المزيد.....

الارادة الشعبية سر انتصار الثورات العربية


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 3274 - 2011 / 2 / 11 - 10:57
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


" لكي نضمن الدرجة العظمى من الحرية مع الدرجة الدنيا من القوة، علينا العمل بهذا المبدأ: الاستقلال الذاتي لكل هيئة سياسية هامة وسلطة محايدة لتقرير المسائل التي تخص بالعلاقات بين هذه الهيئات"
ما من شك أن المجتمعات العربية من المحيط الى الخليج تعيش حالة ثورية غير معهودة في السابق وأن جميع الألسن والحناجر تهتف هذه الأيام سرا وعلنا بالثورة والخروج وزلزلة عروش الجالسين وتنادي بالثبات والصمود واليقظة والحذر من المغالطات وترنو الأرجل الى المسيرات والمظاهرات وتصوب الأعين والآذان الى ما يحدث في بلاد افريقية وأرض الكنانة وتهفو القلوب نحو الترحيل والجديد.
"ثورة بتونس ثورة بمصر...ثورة وثورة حتى النصر" هو واحد من الشعارات المشتركة التي رفعها المتظاهرون في كل من البلدين الشقيقين في ساحة محمد علي الحامي الشهيرة في العاصمة التونسية وفي ميدان التحرير التاريخي وصانع معظم التغييرات السياسية وحاضن مختلف الثورات في القاهرة.
كلمة السر التي تلقفها الثوار العرب في هاتين الدولتين العربيتين هي " الشعب يريد اسقاط النظام" والأداة الثورية التي اتبعوها هي العصيان المدني والاعتصام السلمي والتظاهر المنظم ورفع الشعارات الحاسمة والنتيجة هي انتصار الارادة الشعبية على الأنظمة الفاسدة التي تبرمج التمديد والتوريث وعلى تعنت الحكام وعنادهم وغطرستهم وانهاء أسلوبهم الفوقي والفردي في تسيير دواليب الدول وتنظيم الشأن العام.
لقد استعمل المتظاهرون كل أشكال الانفعالات الايجابية مثل الاحتجاج والحماس والغضب والزحف وتم رفع شعارات متنوعة تعبر عن حالة الغليان والاحتقان وتطلب الأمر ممارسة الاضراب والاعتصام والاغلاق والمنع والحجز والايقاف والتجمع وكانت الغاية المرجوة هي الضغط على النظام القديم والاجبار على التنحي والرحيل والانهاء لكل أشكال البطش والفوضى التي ينشرها والانتقال بالبلاد الى مرحلة أخرى يتشكل فيها سيناريو سياسي جديد يولد من رحم الثورة وتكون شرعيته من الارادة الشعبية.
ان تفجر الثورة العربية وتوفقها في شطب الدكتاتور ونجاحها في التصدي الى الثورة المضادة وفي كشف مؤامرات سارقي الثورات والشروع في تصفية الحساب مع عقلية النظام البائد وكنس أزلامه والتوجه الفوري نحو اقتلاه الديكتاتورية من جذورها ومحاربة الفاسدين والتشهير بالمتواطئين وجوقة المناشدين هو دليل قاطع أن لا أحد بإمكانه أن يقف ضد ارادة الشعوب ورغبة الجماهير في التغيير وتوقها الى الحرية ومطالبتها بالحقوق والحياة ضمن نظام سياسي راشد تسيره مؤسسات مستقلة وقوانين عادلة.
الثورة يصنعها الشجعان والمتحمسين من الشباب الذين خلعوا لباس المهادنة وتخلصوا من انفعال الخوف وتحولوا الى ثوار كبار مثل محمد البوعزيزي وحاتم بالطاهر في تونس وخالد سعيد ووائل غنيم في مصر وخرجوا الى الشارع غير آبهين بالمخاطر وفرق الموت والقناصة التي تحصد الأرواح من فوق السطوح.
17ديسمبر 2010 في تونس الخضراء و26 جانفي 2011 في مصر المحروسة هما يومان تاريخيان وعيدان وطنيان أعلن فيه الشعبان حاجتهما الوجودية للتحرر من ربقة الاستعمار والتبعية والتطبيع وامتلكا فيه بشكل تام الجرأة على المطالبة بالسيادة والاستقلال والعزة. اندلعت الثورة في تونس من سيدي بوزيد في الوسط توجهت نحو باقي الأطراف والمركز لتبلغ مدينة الجلاء شمالا والحدود مع ليبيا جنوبا وكانت دون قيادة نخبوية وتخطيط سياسي مركزي مع مساهمة لافتة للناشطين السياسيين والنقابيين والحقوقيين والاعلاميين ونفس الشيء مع الثورة المصرية فقد حاولت منذ البداية أن تحتذي بالكاتالوج التونسي لكنها اندلعت في السويس ثم تمركزت في العاصمة والمدن الأخرى وشهدت تشكل نواة صلبة لها في ديدان التحرير ومشاركة لافتة من الطيف السياسي ساعدتها على التصدي لمحاولات الزعزعة والتشتيت.
ليس ثمة من هو متحرر سياسيا في تونس ومصر والبلاد العربية قبل الثورة الشعبية ولذاك كان التحرر الذي طالب به الثائرون هو في نفس الوقت تحررا سياسيا وانعتاقا اقتصاديا وخلاصا طبقيا أي تحرر كمواطنين وكأناس يطالبون بالمساواة والعدالة والكرامة والاعتراف، وان الذي حصل بعد نجاح الثورة هو تحرر الجميع من براثن الاستبداد ومصيدة النظام الشمولي وآلة الفساد وخاصة التيارات السياسية والناشطين الحقوقيين ورجال الاعلام والنخب المثقفة والطبقات المضطهدة والذليلة ووصول الطبقة الصاعدة بسفينة المجتمع الى بر الأمان وبمطالب الناس الى محك التجربة وميدان التحقيق.
ان سلطة الاستعباد التام والنير العظيم لا تملك شرعية استمرار تاريخي طويل وان دولة الامتيازات الزبونية التي تمارس نوع من البطش مع الداخل وتبدي كثير من الارتخاء والخجل في الرد على تهديدات الخارج وتعيد انتاج أشكال من الاقطاع والبلطجة القروسطية تحمل في ذاتها بذور فنائها وان التحرر الاجتماعي والسياسي للعرب هو تحرر المجتمع من الفساد الروحي والنفاق الأخلاقي والعنف المادي.
غني عن البيان أن وقود الثورة هم الناس والحجارة وأعداؤها هم الحكام الفاسدون وسماسرة المال وتجار الألم وبطانة السوء والمنتفعون من تأبد الطغيان ولذلك :" لا يمكن للمجتمع أن يعيش بغير القانون والنظام، كما أنه لا يستطيع أن يتقدم الا من خلال ابداع ومبادرات المجددين الأشداء...ولكن الذين يقفون الى جانب القانون والنظام تدعهم العادات وغريزة المحافظة غلى الوضع القائم ليسوا في حاجة الى حمايتهم والذود عنهم. الا أن المجددين هم الذين يجابهون الصعاب والمشاق لكي يسمح لهم بالوجود والعمل."
اللافت للنظر أن صراع القديم والجديد بدأ بشكل غير مسبوق في المنطقة العربية ويبدو أن الكفة هي للحيوية المتقدة عند الشباب على تهرم الشيوخ والقول الفصل سيكون للأفكار الثورية وقوى التغيير على حساب الآراء المحافظة والقوى التي تجذف الى الخلف وان الشعلة التي انطلقت في جبال الأطلس الصغير والسباسب العليا في الوسط التونسي لن تنطفئ الا باستكمال التحرير وسقوط آخر طاغية واحالة الأنظمة الرجعية على التقاعد المبكر والغاء الامتيازات على أساس العرق والطائفة والدين وضمان الحريات العامة وفتح الفضاءات الخاصة والكواليس على الاعلام والمحاسبة ورفع أشكال الحجب والرقابة.
لقد قيل زورا وبهتانا "أننا لو ألبسنا مجتمعا تقليديا معينا القواعد الديمقراطية لن نكون واثقين من النتيجة" و أن "ماهو أسوأ من الدولة الرديئة هو غياب الدولة وأن الفوضى أسوأ من الاستبداد لأنها تعوض تعسف الفرد الواحد بتعسف الجميع" ، وأنه يمكن تحقيق تنمية شاملة ومعجزات اقتصادية وتوفير حياة آمنة عن طريق اتباع الضربات الوقائية واستعمال القبضة الأمنية، ولكن مثل هذه الأقاويل المغشوشة تناست أن "السياسة القائمة على مجرد القوة المتفوقة أمرا لاأخلاقيا" وأن عسكرة الحياة السياسية وفرض الحكم الفردي على المجتمع البشري يولد نقمة عارمة وغضب شعبي وأن الهوة بين الدولة والمجتمع سريعا ما تتحول الى قطيعة وتصادم وتنتهي بعصيان شعبي وثورة اجتماعية تقلب الأوضاع راسا على عقب.
ما أفضت اليه ثورة الأحرار هو ميلاد الشخص العربي بالمعنى التاريخي للكلمة، "فالشخص يتحدد اذن في آن واحد بماهو فرد اقتصادي وبماهو شخص سياسي تقوم شخصيته المعنوية على "حس معين للعدالة وعلى فهم معين لما هو خير" وبالتالي على الوعي بحاجات الحياة المجتمعية" . غير أن الحد من السلطة واعتبار حقوق الانسان طبيعية كونية هو العنصر المخرب لكل تراكم رأسمالي في بورصة الدكتاتورية.
لكن لا ينبغي أن نصنع في حضارة اقرأ ما يتهيأ الثوار لصنعه في تونس ومصر، اذ في مقدور شباب هذه المجتمعات أن يتسلح بالعزيمة اللازمة ويشمر على سواعده ويسمح لنفسه بتسليط الضوء على كل جرائم الأنظمة التي تحكمه ولا يترك أشكال وعيه تغط في نوم عميق ويستعمل قدراته لكي يصنع ملحمته وتدبير الوسائل الشعبية المناسبة للانتصار الى الحق والثورة ضد الظلم والاعتراض على الفضيحة والعار.
يدافع الفكر الديمقراطي عن حرية اختيار المحكومين لحاكميهم ويطالب بضمان حرية المجتمع وأسبقية قواه الفاعلة على السلطة السياسية ويعترف بوجود حقوق معنوية للناس ضد دولتهم وينادي بأن تكون الدولة في خدمة العباد والبلاد ويجعل من الحد من السلطة واحترام الارادة العامة ومقاومة التفاوت والتوزيع غير العادل للموارد والاعتراف بالحقوق الطبيعية للناس المبادئ الدفاعية ضد الطغيان.
ان الارادة الشعبية هي سر انتصار الثورات العربية وان التثقيف السياسي واليقظة النقابية والوعي الحقوقي وحياد المؤسسة العسكرية وأنسنة المؤسسة الأمنية ورسم حدود للحرية في اطار من المسؤولية هي شروط المحافظة على مكاسب هذه الثورات وصيانتها من كل غدر أو ردة. كما أن جيل الشباب العربي النزيه الذي أنجز الثورة وأتم الكنس والتحرير وتميز بالطهارة الثورية والصدق الوجداني ونظافة اليد والاخلاص لروح ثقافة المجتمع هو لقادر على تركيز الديمقراطية وغرس قيمها في التربة العربية وهو وحده الذي بإمكانه التخلص من رموز الفساد وعاداته السيئة ونتائجه الكارثية وتطهير المجتمع من الأمراض والرذائل وتفكيك الارث الرديء من الأنانية والتملك المشط والقيم السوقية.
ماذا بقي لهذه الجماهير المتفقدة من جهد لم تبذله حتى تقول للعالم أنها قررت دخول عصر المدنية والديمقراطية من الباب الكبير وتعبر عن حقها في جميع الحقوق؟ وهل يتخلى الغرب عن حكمه الثقافي المسبق النافي لإمكانية زراعة نبتة الديمقراطية والمدنية على الأرض العربية؟ ألم يصدق ماركس حينما نصح الجميع بأنهم لا يخسرون شيئا لما يثورون سوى أن يتخلوا عن أغلال القمع والوعي الزائف وقيود الخوف والجهل والاستغلال بقوله:" علينا أن نحرر أنفسنا قبل أن نكون قادرين على تحرير الآخرين" ؟
المراجع:
ألان تورين، ماهي الديمقراطية، حكم الأكثرية أم ضمانات الأقلية، ترجمة حسن قبيسي، دار الساقي، بيروت، الطبعة الثانية 2001.
برتراند رسل، مثل عليا سياسية، ترجمة سمير عبده، دار الجيل، بيروت، طبعة .1979.
تزفتيان تودوروف، اللانظام العالم الجديد، ترجمة محمد ميلاد، دار الحوار، اللاذقية، سورية، الطبعة الأولى 2006.
كارل ماركس، حول المسألة اليهودية، ترجمة نائلة الصالحي، منشورات الجمل، كولونيا ، الطبعة الأولى، 2003.

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيكولوجيا الشعوب والعقل الجمهوري
- الحرية للأفراد والسيادة للشعوب
- فلسفة الثورة التونسية
- المعقول واللامعقول عند جوليان فروند
- الارتقاء بأخلاق المهنة
- أولية السؤال عن الآخر على السؤال عن الوجود عند لفيناس
- واقع المرأة بين الدين والعولمة
- الإنسان في الأشكال الثقافية عند أرنست كاسرر
- هوية الشخص وثقافة الآخر
- مشكلات هرمينوطيقية
- السوسيولوجيا من منظور فلسفي
- أبو القاسم الشابي بين الوطن والأمة
- الذات بين التفكك والتحقق
- دلالات المتخيل الاجتماعي عند كاستورياديس
- خيرية العيش سويا
- في العقلانية النقدية المعاصرة:
- الإنصاف في العداوة والصداقة
- أخذ زمام المبادرة من جهة الفلسفة
- الأنظمة الرمزية ومطلب التواصل
- الدفاع عن الديمقراطية الجذرية


المزيد.....




- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - زهير الخويلدي - الارادة الشعبية سر انتصار الثورات العربية