أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماهر علي دسوقي - أبرهة النيل














المزيد.....

أبرهة النيل


ماهر علي دسوقي

الحوار المتمدن-العدد: 3272 - 2011 / 2 / 9 - 21:40
المحور: المجتمع المدني
    


أبرهـــــة النيـــــــــــــــــــــــــــــــــل

ماهر دسوقي

قيل لحكيمٍ كيف تقيّم نظاماً ما؟ فأجاب: أسأل ، كم فقيراً في البلد؟ وكيف وصل الحاكم الى الحكم؟ ومن هي بطانته ؟ وما هي ثروته قبل السلطة وبعدها؟ وكم وعداً قطع ولم ينفذ؟ وكم مواطناً قتل في عهده؟ وكيف هو نظام القضاء والصحة، والتعليم؟ وكيف هي الحريات العامة ؟ وأين تذهب ثروات البلاد ؟!
فإن حسنت الإجابات حَسُن النظام .. وإن لا.. فترقبوا الثورة ..

أما مصر .. فاجتمعت فيها كافة الموبيقات من نهبٍ ولصوصية ، وفساد وإفساد ، وقتل وتخريب ، وإهدار للمال العام والكرامات .. فدخلت أرض الكنانة بأزمات مركبة .. وقف على رأسها أبرهة النيل .. الذي أراد هدم مصر التاريخ والحاضر .. ليقيم إقطاعيته الخاصة .. فعبد امريكا هذا إستمرأ إذلال البلاد .. وظن أن الحال إستقام له ولإبنه من بعده وصولاً لبعض الأحفاد ..

على أن مصر سليمان الحلبي ، وجون جمال، والشيخ إمام، أبت الظلم ، فأرسلت عليه ثورة ترميه بحمم من غضبٍ .. وببركان شعبٍ خَبِر الثورة لا الهذيان .. ولطالما رفض الذل والإذعان .. وهذا ما لم يتخيله أبرهة وأسياده الجرذان ..
واندلعت الثورة وهي مشتعلة حتى الآن ..

ففي زمن الثورة تتسع المساحات الشعبية وأشكال الإحتجاج والعصيان والمقاومة .. وتضيق على أهل القمع والتسلط وأصحاب النفوذ مساحات كانت مشرعة .. فيتراجعون بضع خطوات الى الخلف لإمتصاص الغضب الشعبي العارم ، لترتفع عقيرة الماكينة الاعلامية الخاصة بهم وتبدأ "بقصف" المواطنين "بحنان" الزعيم والقائد المبجل ، وتأخذ في نهش أشخاص ادمنوا قرب الرئيس وإظهارهم على غير ما ألف الناس من تلك الوسائل ، ولترتفع وتيرة الأنغام عن المحاسبة والملاحقة وإسقاط رموز الفساد الذين "خدعوا" رأس النظام وأبعدوه عن ابنائه وبناته بمعلوماتهم المغلوطة ، ليظهر للعموم وكأن النظام اخذ في التهام مضلليه ..

ويشرع الأشخاص الأكثر قرباً وأدواتهم بالحديث عن الاصلاحات والتغيير وحرية الرأي والصحافة والانتخابات النزيهة واصلاح القضاء والتعليم والصحة والى غير ذلك من السلوكيات السياسية المراوغة .. لإمتصاص نقمة الجموع الغاضبة واعادة عقارب الساعة الى الوراء ، ليتسنى لنظامهم الاستمرار في النهب والتسلط والارهاب .

وفيما يبدو من حركة المنتفضين الحالية في أرجاء من الحالة العربية.. ان هذه الكلاشيهات اصبحت مستهلكة وغير ذات قيمة لذلك تعلو الاصوات المطالبة بإسقاط النظام برمته لا رأسه فقط.. فالمستبدون وفق ما درجت عليه العادة يتحدثون الى جموع الكدح والفقر بغير تلك اللغة التي يتحدثون فيها فيما بينهم ..

والثورة حين تطل برأسها وتظهر شرارتها الاولى تكون قد أسست لمرحلة جديدة بأبعادها المختلفة .. فتكسر حاجز الخوف .. وتحطم قيود البنية "البهيمية" التي حشر فيها المجتمع.. وترفع الغمامة عن عيون المقهورين .. وتسلحهم بوعيٍ غير ذاك المزيف الذي فرضه المستبد وزبانيته عليهم.. فهي لم تأت من اجل قائمة مطالب تجميلية او لإعادة بناء تراتبية الخضوع والقهر البيروقراطية.. وإنما لهدم تلك البنية المتهالكة وبحثاً عن الإنعتاق والكرامة .

إن أعمق الثورات حضوراً وتفجراً هي تلك التي تنشأ عن الظلم العميق والإسترقاق ، فالجهد الساعي الى إستعباد الآخرين لإرادة الحاكم الفرد او الطاغية او الديكتاتور .. وزجهم في ردائه أو حذائه .. غالباً ما يلقى مقاومة حثيثة ومتعددة الأشكال والمظاهر .. لا بل ثورة ذات مضامين اجتماعية وسياسية تنويرية..

غير أن الثورة وإن اختلفت مظاهر بعضها من شعب لآخر .. تبعاً لإختلاف الظروف والشروط التي استدعتها و/او اوجدتها ، تبقى في جوهر الفعل المتأصل .. واحدة ، ويدخل فيها من النشاط والمبادرة ما اتفق عليه الناس او توافقوا عليه ، من صور الإحتجاج العام او العصيان المدني او التمرد على دفع الضرائب ، او استخدام العنف الشعبي المنظم الواعي .. وتتداخل اساليب النضال المجرب من قبل الأجيال السابقة والجيل الجديد .. ولربما ايضاً يستفاد من تجارب شعوب أخرى كما هو حاصل الآن بين التجربتين التونسية والمصرية .. ويبقى الهدف الأسمى إسقاط نظم اللصوصية والتبعية والفساد والعقب الحديدية ..

وتصل الثورة في مداها ومعالم نهضتها في كثير من الأحيان الى القاء القبض على المستبد المتغول لتحاكمه شعبياً ولتقتص منه أمام الجموع التي سبق وأن امتهن كرامتها .. كما أن تجارب أخرى شهدت.. قيام رأس حربة لمجموعة من المغاوير المحاطة بحماية شعبية بقنص رأس الأفعى .. فيما شهدت ثورات اخرى إنقضاض مواطن شجاع بمفرده وبحماس الحالة القائمة.. لينفذ إرادة الشعب باللص الحاكم .. وما اكثر هذه الحالات ايضاً .

فهل ستشهد مصر أي من هذه الحالات الثلاث؟ أم أن المتسلط "أبرهة" سيهرب وبمال الشعب المنهوب الى الخارج دون اي ملاحقة او محاسبة ؟ كحالة هروب طاغية تونس؟!
وتبقى هذه الاسئلة وغيرها برسم إرادة الشعب المصري .

وإذا كانت الثورة بحد ذاتها معلماً تاريخياً فارقاً في مسيرة الشعوب المضطهدة، فإن لما بعد الثورة ما بعدها .. من اعداد وترتيب ووعي ونظام .. حتى لا يستبدل الطاغية وطغمته .. بطغاة أخر .. فتتحول الثورة الى تبدل في الملامح .. والبدل فقط .. ويكون جزاء الثائرين كجزاء سنمار ..



#ماهر_علي_دسوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مليون ونصف دولار لكل مواطن مصري فقير
- كومونة فقراء القاهرة
- بو عزيزي سبارتاكوس العرب


المزيد.....




- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماهر علي دسوقي - أبرهة النيل