أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمن خضير عباس - طعنات اليفة















المزيد.....

طعنات اليفة


رحمن خضير عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3271 - 2011 / 2 / 8 - 04:37
المحور: الادب والفن
    


طعنات اليفة
بقلم : رحمن خضير عباس
عن دار الحضارة والنشر .صدرت للشاعر امير ناصر مجموعته الشعرية " طعنات اليفة " . وهي المجموعة الثانية , بعد " تاريخ اصابع يدي " التي صدرت قبل عقد من السنين . والشاعر من مواليد 1959 في قضاء الشطرة / محافظة ذي قار . عضو الأتحاد العام للأدباء العراقيين , وسكرتير منتدى الشطرة الأبداعي .
يبرز سؤال عريض . لماذا تكون الطعنات اليفة ؟ هل يرجع الى تكرارها ؟ ام الى كثرتها واستهانة الشاعر بها ؟ وكأنه يردد اوجاع المتنبي , القائل :
( فصرت اذا اصابتني سهام تكسرت النصال على النصال )
لقد كانت الطعنات الأولى مؤثرة , ومؤذية , غير قابلة للتحمل . اصابت الشاعر في مواقع مضنية . ولكنها لم تستطع التغلب على جذوة الروح فيه . لذالك فقد تحامل على نفسه ووقف صامداً . رغم ان جيوبه "ملأى بالجمرات " منذ طفولته وهو يتعايش مع الألم ,رغم مقته له . لكنه استكان لها , بعضها يبدوا عنيفا وموجعاً كطعنة بروتس . وبعضها اليفا مستحباً . لذالك فانت ازاء شعر يدرك ماهية الوجع الأنساني و القدرة على استيعابه والتعالي عليه , دونما تذمر او ضعف :
(ارفل برصاصة في ركبتي
بين فصاحة الخاصرة
وحياة ضيقة تدمي القدمين ..)
ما ان تلج هذه المجموعة الشعرية , وتتجول في متاهاتها حتى تجد نفسك امام معاناة حادة . عاشها جيل متأزم . اصطدم بمعوقات هائلة من حروب وازمات وقمع للحريات وحصارمزدوج .جيل انهكته الحياة ولكنها لم تستطع صرعه . لقد اتت قصائد امير ناصر حاملة لهذه الهموم . لكنهالم تطرحها بشكل مباشر . فهو يتوقف على وهج الحدث دون الأشارة اليه :
(تمر الشاحنة الهائلة
ويبقى الطفل ذو القبعة
يلهو على الآليات المحطمة )
ولاشك أن هذا الأستلاب ينتج غربة دائمة . ترافقه اينما ولّى وجهه . الغربة تتجسد في المقهى , الشوارع , المدينة , وحتى بين الأصحاب .
(وحدي انا الصامت
الا من دخان سجائري )
اي انها اي الغربة كفعل تصبح معادلا موضوعياً لعدم التوافق مع ما يحيط به . فيبدأ بمحاولة هندسة عالمه . يهدم الأبنية المتآكلة . ويبني بدلا منها معماراً جديدا , يتوافق مع احلامه وامنياته المكبوتة . انه القهر المزمن الذي يتكدس ويكبل الفعل . فلا بد والحالة هذه ان تكون محاولة من الشاعر لكسر ما هو راهن والأنعتاق حتى وان كان على صعيد الحلم .
(سأملأ هذا العالم بالأزرق
جاعلا كل شىء يتسع
جراحي والفراغ وعينيك )
وقد نراه منهمكاً في اعادة صياغة العوالم المحيطة به . فها هو يرقب الفوضى السائدة , يسجلها بصدق . وكأنه يقوم بما يفعله الصحفيون حينما يقومون بنقل الأحداث . لكنه – كشاعر – لايكتفي باستعراض الأحداث بل يسعى الى استشفاف معانيها . ومن ثمة يطلق صرخات الرفض والأستنكار .
(من اثث المدن هكذا
وجعل بائع الكعك على الرصيف
والمقهى على النهر
والعمر معلقاً على شجرة )
وما ان تهدأ الروح حتى يبدأ بتخيل عوالم اخرى , واسعة , قادرة على احتضان طموحات جيله . فالمحيطات الهائلة والنوارس والسحب والأشرعة والأعاصير و" القمر الذي يتسول في سماء " . كلها اخيلة مترفة . حينما يقاس بقسوة الواقع المضني . وهو الواقع اليومي . هذا الواقع – رغم بؤسه وخشونته – فهو الحقيقة اليتيمة .
(كن ..مثلي
وانا احصي ايام الطحين
على اطراف زوجتي )
وازاء هذا القهر . تبرز "انا " الشاعر , وكأنه سلاحه في التحدي .فهو امام سؤال كبير " ان تكون او لاتكون " . فقرر ان يكون . وان يحمل ادواته لزعزعة عالم مجنون بالحروب والكوارث والكراهية . فاعلن اسمه وسيفه الخشبي محاولآ ان يحارب طواحين هوائية مفترضة . لم يكتف بذالك بل انشأ قائمة من الوصايا وكأنه يعلن بيانه الأخلاقي الأول : "خذ قشورك والق باللب . /لاتنتظر عافية من قمر / تأمل شمساً ماثلة للغروب / كن سعيداً ....الخ ".
للمرأة حضور عميق في مجموعته . فهي انبهار متألق . يحن اليها في لحظات الهم اليومي ليجدها حضنا وديعاً , حلماًلم يغب عن الذاكرة رغم السنوات والمسافات .
(أحصيك ..من قمح شفتيك
حتى حمائم جسدك )
وحينما يتحدث عن شوقه اليها ,لايلجأ الى التشبيه بالصور التقليدية , بل يحاول ان يجعل الصورة متحركة فحينما يصفها يرى ان الذاكرة لا تختزن الاّ حنان كفيها , ولأن السماء واسعة , فحبه واسع رحب كالسماء . وهذه علة العشق . كما أن المرأة تستحيل الى مطر وهو يتحول الى ريح , حيث الحلول والذوبان في الطبيعة وعناصرها
( فجأة ومثل مساء
تهطلين على عيوني
احتشد , فتكسوني الأوراق , واصير انا الريح )
فهو يقفز بالغزل من حالته الوجدانية الى تصوف يتحد فيها بالروح والجسد معاً . وقد تكون المرأة بعيدة , عصية ولكن حلمه ان تحتظن متاعبه
(جلّ ما اتمناه
ان اسند رأسي المتعب وابكي
على قميص شرط ان ترتديه ...)
وفي ثنايا النصوص نستطيع ان نتعرف على امير ناصر ليس شاعراً فحسب وانما فوتغرافي , يجيد اللعب في اللقطات . كما يحسن اختيار الزوايا والأبعاد . حيث الجمل القصيرة والمركزة , وذات الأيحاءات المختلفة .لذالك يلجأ الى الوصف المتحرك " يرقب القمر وهو يسيل كالبيض الفاسد . .) أو " عيونك كما الأمساك ببرتقالة ..." وكما ان الشاعر مفتون بتحريك المشهد , فانه مصر ان يكسبه الواناً , قد تتناسق احياناً وتتنافر احياناً اخرى
( المدن تلّونها عيوني بالأحمر القاني مرة
وبالأخضر مرة اخرى )
وهكذا فهو يطرز لوحاته الوانا دافئة او الواناً وحشية
(اذا لم تكن اي نار
فمن اين جاءت حمرة البرتقال )
ولاريب ان تحميل القصيدة الوانها لايأتي كبهرج بلاغي , بل يحمل رموزاً ومعان ترفد مجهوده الشعري.
اما على صعيد اللغة . فلقد انفلتت قصيدة النثر من نظام التفعيلة . وتجاوزت الجملة الموسيقية ,حيث انتقلت مما يسمى بالذائقة الفنية الى الذائقة الفكرية . اي ما تمنحه القصيدة من ايحاءات قوية تقنع القاريء وتنسيه الأجواء الموسيقية في غمرة كثافة لغوية عالية . ومع ان الشاعر امير ناصر التزم بهذه الخصوصية بحرفية يُحسد عليها . ولكنه وقع في ركاكة لغوية , اغلب الظن انه تعمدها , مسايرة التأثيرات السريالية التي تأثرت بها قصيدة النثر منذ ستينات القرن المنصرم .
( موضع حذائي
على ثلاثاء ماضية
تلحسني
المنصرمة , الكلبة )
وفي مقابل هذه الركاكة . اكتسبت اغلب قصائده نهجاً لغوياً رائعأ . كما انه يلتقط مفرداته من الحياة اليومية والمشاهدات الحياتية
(اراقب النساء والخل
أصلح فردة حذائي
غير آبه بشيء )
كانت " طعنات أليفة " شاهدة حية على زمن مضطرب .ادلى الشاعر بشهادته بصدق . سفح على صفحات اشعاره تجربته النابضة بالحياة .استطاع ان يسلط الضوء على الزوايا المعتمة . وقد بقي وفيا للشعر والفن , مختزناً فيضا من عطاء قادم .



#رحمن_خضير_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كومونة القاهرة
- مصر بين جمعتين
- انتفاضة الصبر الجميل
- الشعائر الدينية الى اين ؟
- جسر من طين ... واشكالية العبور
- قصائد مستعملة


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمن خضير عباس - طعنات اليفة