أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - اختفاء رباب ماردين1














المزيد.....

اختفاء رباب ماردين1


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3269 - 2011 / 2 / 6 - 22:43
المحور: الادب والفن
    


(جزء من رواية لم تنشر للكاتبة)

كانت أمسية دافئة، هادئة، والسماء خالية من القمر، منثورة النجوم. تنفست عميقا هواء الليل الذي هبّ من البحر محمّلا برائحة الأشجار العطرة. حاولت أن أنظّف رأسي من الأفكار.
وبعد دقائق، فوجئت بصوت من خلفي.
"لماذا أحسّ انك تتجنّبينني يا آنسة؟" كان ذلك حسام. إقترب مني وفي يده فنجان القهوة. "أتبغضينني الى هذا الحد؟" سأل بلهجة لا تخلو من السخرية.
حدّقت في عينيه وانا ابحث عن رد لائق. قلت بعد لحظة: "إعترف انك لم تكن لطيفا معي الى الآن."
رأيته يومئ برأسه موافقا. "فعلا. عليّ الإعتراف بذلك." قال. ثم أضاف: "ولكنني... بصراحة... لا أريدك ان تبغضينني."
"وماذا تريد اذن؟" سألته مستغربة.
فكّر قليلا قبل ان يرد. ثم قال: "أريد ان نكسر الحاجز بيننا."
"لماذا؟"
"لأننا نعيش في بيت واحد. ولأنني... أحسّ اننا سنتفاهم."
"على ماذا؟"
"على التعايش بسلم في بيت واحد. وربما... استطعنا ان نكون... أصدقاء."
قلت متعجّبة: "ببساطة؟؟"
" أليس ذلك أفضل من ان نتجنّب بعضنا؟"
فكّرت في كلامه وانا أدرس ملامحه. وبعد لحظات... أجبته وانا أبتسم له بشماتة: "لا أمانع ان نبقى كما كنا الى الآن!"
ارتفعت ابتسامة غريبة على شفتيه. "فهمت." قال. "معك حق. اعرف انني لا اشدّك، ولا أثير نطفة من اهتمامك... كما يفعل أخي."
ادهشني كلامه. أحسست في نبرته بغيرة مبطّنة. قلت: "انت غريب الأطوار."
"وهذا ليس بجديد." رد ببساطة.
تأمّلت وجهه للحظات وانا اقلب الأمر في رأسي. خالجني شعور بأن هذا الرجل، الذي نفرت منه منذ لقائنا الأول، ربما يملك وجها آخر غير الذي عرفته، وربما يكون متملّقا لسبب ما أجهله. ولكنني لن أخسر شيئا ان مالقته انا الأخرى.
قلت له: "حسنا. سأبدأ بكسر الحاجز اذا سمحت."
"افعلي من فضلك."
"انت ووسام... لا تتصرّفان كالإخوة. هناك شيء غريب بينكما. أليس ذلك صحيحا؟"
اضطربت ملامح وجهه قليلا وبدا عليها الإرتباك. بعد لحظة، نظر اليّ وقال بجدية بالغة: "سأقول لك شيئا، ولا أدري ان كنت تعلمين... ولكننا نصف إخوة فقط."
بهتُّ لكلامه. "لم أعرف ذلك." قلت.
"هذه هي الحقيقة. والد وسام كان الزوج الأول للسيدة ماردين، وكان مريضا. وبعد وفاته، تزوّجت من والدي وأنجبتني. حتى شادية... ولدت من زوجها الثالث."
"لم اعرف ان السيدة ماردين تزوّجت ثلاث مرات." قلت بدهشة.
"يعني اننا، نحن الثلاثة، نصف اخوة فقط، من ام واحدة. ربما لهذا نختلف كثيرا عن بعض، وكأننا لسنا اخوة. وسام كان دائما الإبن المفضّل والمحبّب الذي يغمر البيت بالفرح بلطافته ودماثته وخفّة ظله. هكذا كان دائما. لم يكن عليه ان يبذل اي جهد لكسب اعجاب الجميع، وخاصة في محيط النساء. كانت له دوما شعبية كبيرة منذ صغره. حتى النساء اللاتي كان ينفرهن كنّ يلاحقنه دون توقّف. لا أدري لماذا. ولكنني متأكّد ان بإمكانك انت ان تعرفي السبب افضل مني. انه يقضي أيامه في اللهو والمتعة. اما انا... فلست كذلك. كنت فظّا طوال حياتي. ولا أجيد كسب اعجاب احد. أقضي أيامي في أعمال الشركة ومتاعبها ولا اعرف الدبلوماسية واللطافة واللباقة. هكذا كنت دائما. وهكذا كان هو دائما. أترين الآن الفرق بيننا؟"
"ولكنك تزوّجت. ولا بد انك كسبت اعجاب زوجتك." قلت.
انسرحت عيناه بالتفكير ولم يرد.
زحف الصمت بيننا. فكّرت بما يكون قد أحسّ وهو يرى أخاه الأكبر محبّبا ومفضلا وهو الذي يمقته الجميع. انه لم يقل الكثير عن نفسه، ولكنني تخيّلت كم كان صعبا عليه هذا الأمر.
بعد لحظات... توجّه اليّ. "أريد ان أسألك شيئا." قال بجدية تامة. "لماذا أحسّ انك مهتمة برباب بشكل خاص؟"
ارتبكت قليلا. قلت بافتعال: "هل افعل ذلك؟"
"نعم. انت مهتمة بأمرها وتريدين بشدة ان تعرفي عنها كل شيء."
"الكل يريد ان يعرف." قلت. ثم نظرت الى وجهه، وسألت مستغربة: "هل تعرف انت ماذا حصل لها؟"
ردّ: "ربما."
صوّبت نحوه نظرة صلبة، وقلت: "أخبرني، ماذا تعرف؟"
ولكنه لم يقُل شيئا.
"أتظن أنها هربت؟" سألته من جديد.
"ربما."
"وربما... ماتت؟!"
زفر أنفاسه، وأجاب: "ان كانت قد ماتت لوُجدت جثة."
"وان كانت قد هربت، فما الدافع؟"
"انت تسألين أسئلة تحتاج اجاباتها الى معرفة شاملة للأحداث."
"أخبرني."
نظر اليّ نظرة حادة، لاذعة، ولم يقل شيئا.
فقلت برقة: "ألم نتّفق ان نكسر الحاجز؟"
"وقد كسرناه. فوجدت انك مهتمة برباب اكثر مما تصوّرت."
قلت وانا أحاول ان أخفي ارتباكي: "أعترف اني افعل ذلك. أريد ان أعرف ماذا حدث معها في هذا البيت."
"لماذا؟" سأل بتعجّب شديد.
"لأنني..." تمتمت. "لأنني... أحب ان اعرف. انه الفضول. انت كنت زوجها... أعني انك مازلت زوجها. لا بد انك تعرف شيئا."
"انت تفاجئينني يا آنسة مدنية."
"ألا تريد ان نكون... أصدقاء؟"
"أصدقاء؟"
"ألم تقترح ذلك قبل قليل؟"
"ماذا تعنين بالضبط... بأصدقاء؟" سأل بارتياب.
"أعني أصدقاء... يتبادلون الثقة."
"ولكنني أحسّ ان من وراء اهتمامك وفضولك سر لا تكشفين عنه. وكأنك... كأنك كنت تعرفين رباب!"
ارتعش قلبي لسماع ذلك، وأحسست ان وجهي قد امتقع. لم اتفوّه بكلمة.
ثم قال برقة لم أعهدها فيه: "لِم لا تخبرينني ما تخفينه؟"
تأمّلته بدقة. "ما زلت لا اعرفك." قلت له.
أومأ رأسه بتفهّم ولم يقل شيئا. وبعد لحظة من التفكير سأل بفضول: "هل يعرف وسام بالأمر؟"
"لا."
"لماذا؟"
وبعد شيء من التفكير... أجبت: "لسنا أصدقاء الى هذا الحد."
لمحت ابتسامة غامضة تعبر شفتيه، وكأنه كان سعيدا لسماع قولي. وفي الحقيقة، كنت سعيدة انا ايضا. اكتشفت في ذلك الرجل وجها آخر لم أكن أراه من قبل. وكنت سعيدة لما زوّدني به من معلومات جديدة. لمست فيه رقّة لم أعهدها من قبل، والرجل الفظّ، الشامت والمقيت اختفى كأنه لم يكن.



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءتي في رواية ضمير المخاطَب لسيد قشوع
- هدية عيد الأم- قصة قصيرة
- صراع مع القلق- قصة قصيرة
- انتقام امرأة- قصة قصيرة
- الرجل الخطأ- الحلقة الثانية عشر والأخيرة
- الرجل الخطأ- الحلقة الحادية عشر
- الرجل الخطأ- الحلقة العاشرة
- الرجل الخطأ- الحلقة التاسعة
- الرجل الخطأ- الحلقة الثامنة
- الرجل الخطأ- الحلقة السابعة
- الرجل الخطأ- الحلقة السادسة
- الرجل الخطأ- الحلقة الخامسة
- الرجل الخطأ- الحلقة الرابعة
- الرجل الخطأ- الحلقة الثالثة
- الرجل الخطأ- الحلقة الثانية
- الرجل الخطأ- الحلقة الأولى
- منازلة الصمت- قصة قصيرة
- مذكرات عاملة في سوبر ماركت- الجزء الثاني
- مذكرات عاملة في سوبر ماركت- الجزء الأول
- العودة- قصة قصيرة


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - اختفاء رباب ماردين1