أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الماوية : نظرية و ممارسة 1 - علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية-اللينينية-الماية















المزيد.....



الماوية : نظرية و ممارسة 1 - علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية-اللينينية-الماية


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3269 - 2011 / 2 / 6 - 14:26
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الماوية : نظرية و ممارسة - 1 - علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية-اللينينية-الماوية


بقلم : شادي الشماوي

فهرس : علم الثورة البروليتارية العالمية:الماركسية-اللينينية-الماوية

I/ الفصل الأول : وثيقة الحركة الأممية الثورية (1) : بيان الحركة الأممية الثورية.

II/ الفصل الثاني : وثيقة الحركة الأممية الثورية (2) : لتحي الماركسية –اللينينية –الماوية.

III/ الفصل الثالث : وثائق أحزاب شيوعية ماوية :
1- بصدد الماركسية –اللينينية – الماوية .

2- الماركسية –اللينينية –الماوية .

3- الماركسية –اللينينية –الماوية : الماوية مرحلة جديدة فى تطوّرعلم الثورة .

4- حول الماوية .

5- ليست الماركسية –اللينينية –الماوية والماركسية –اللينينية –فكر ماو تسى تونغ الشيئ نفسه .

----------------------------------------------
ملاحظتان لا بدّ منهما :
1- الترجمة غير رسمية .
2- الفصل الأول معتمد على ترجمة قديمة أعدّها رفاق جرى العمل على ضبطها قدر الإمكان.

الفصل الأول : وثيقة الحركة الأممية الثورية (1)

بيان الحركة الأممية الثورية
(مارس 1984)

وقعت المصادقة على بيان الحركة الأممية الثورية فى مارس 1984 من طرف المندوبين و الملاحظين الذين حضروا الندوة الأممية الثانية للأحزاب و المنظمات الماركسية – اللينينية و التى كونت الحركة الأممية الثورية ...
و قد صدر هذا البيان باللغات التالية العربية و البنغالية و الصينية ، والكورية و الدنماركية و الإنجليزية و الفارسية و الفرنسية و الألمانية و الجاركتية و الهندية و الإيطالية و الكندية و الكردية و الوالوية و النيبالية و البنجابية و الإسبانية و التاميلية و التركية .

منذ فترة من الزمن ، صار من الضروري إصدار جديد لبيان الحركة الأممية الثورية الذى تبنته فى الأصل الندوة التأسيسية للحركة الأممية الثورية كأرضية تطوّرت على أساسها الحركة و تقدمت. و أهم تقدم فى حياة الحركة تمثل فى التبنى الرسمي لوثيقة لتحي الماركسية –اللينينية –الماوية ! فى 1993 فى تناغم مع مبادئ سير الحركة. و منذ ذلك القرار الذى أعلن بمناسبة مائوية ماو( 26 ديسمبر 1993) تعد لتحي الماركسية –اللينينية –الماوية! ،إلى جانب البيان الأرضية السياسية للحركة الأممية الثورية . و إنطلاقا من هذه المرحلة المهمة من الوحدة و الفهم فى صفوف الحركة الأممية الثورية ، تم فى هذا الإصدار الحالي من البيان تعويض مصطلح "الماركسية –اللينينية –فكر ماو تسى تونغ " ب "الماركسية –اللينينية – الماوية " و مصطلح " الماركسية – اللينينية " بمصطلح "الماركسية-اللينينية –الماوية" ( ما عدا حين ينطبق هذا المصطلح على إطار تاريخي ).
و فضلا عن تبنى الماركسية –اللينينية –الماوية ، فإن تطورات أخرى جعلت من هذا الإصدار الجديد للبيان ضروريا . فتحليل الوضع العالمي لايعكس الفترة التى جرى فيها تبنى البيان (1984) . فمذاك جدت تغيرات هامة فى الوضع العالمي ، لا سيما إنهيار الإمبريالية الإشتراكية السوفياتية و كتلة أوروبا الشرقية التابعة لها. آخذة بعين الإعتبار هذه التغيرات ،تبنت الحركة الأممية الثورية قرارا عنونته "حول الوضع العالمي" فى ذات الوقت الذى تبنت فيه لتحي الماركسية- اللينينية –الماوية! . و هذا القرار الذى يعتمد كمرشد للتحليل المشترك للحركة الأممية الثورية بشأن الوضع العالمي ، مضمّن كملحق لهذا الإصدار للبيان.
----------------------------------------------------
" يجد العالم نفسه اليوم على أعتاب أحداث ذات أهمية بالغة ،و تجلب أزمة النظام الإمبريالي بسرعة فائقة خطر إندلاع حرب عالمية جديدة، ثالثة ، مثلما تفتح آفاقا حقيقية للثورة فى بلدان مختلفة من العالم " .لا يشهد تطّور الوضع فى المدة الأخيرة على الدقة العلمية لهذه الكلمات المستقاة من الدعوة الصادرة عن مؤتمرنا الأممي الأول ،خريف 1980فحسب ،بل و يكشف كذلك درجة الخطورة و الحدة التى بلغها الوضع .
وتواجه الحركة الماركسية –اللينينية إذا مسؤولية ذات خطورة إستثنائية تتمثل فى توطيد وحدتها و إعداد صفوفها للإختبارات الهائلة و الفرص المتاحة و المعارك الحاسمة و التى تتجلى فى الأفق. فالمهمة التاريخية للبروليتاريا تدعو بإلحاح متصاعد لكي نستعد على جميع الجبهات لمواجهة ما سيحدث من قفزات و تقلبات مفاجئة فى الوضع الموضوعي و خاصة فى الظرف الحالي حيث يؤثر الوضع العالمي بشكل أعمق على الوضع فى بلاد معينة و حيث تتهيأ آفاق للثورة لم يسبق لها مثيل. و علينا أن ندعم حذرنا الثوري و نضاعف جهودنا حتى نكون قادرين سياسيا و إيديولوجيا و تنظيميا و عسكريا على الإستفادة من تلك الفرص بشكل يدعم إلى أقصى حد من مصالح طبقتنا ، وحتى ننتزع أكثر ما يمكن من المواقع الأمامية لصالح الثورة البروليتارية العالمية. إننا واعون كل الوعي بالمهام الملقاة على عاتقنا فى الوضع الراهن و نحن فخورون بقدرتنا على تحملها و بالعمل حسب ما تتطلبه تلك المسؤولية التاريخية ، مسلحين بالتعاليم العلمية لماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماوتسى تونغ .
و لا تزال الحركة الماركسية –اللينينية تواجه أزمة خطيرة و عميقة تجلت ملامحها و إنفجرت على إثر الإنقلاب الرجعي الذى جدّ فى الصين عقب وفاة ماو تسى تونغ و الخيانة الغادرة التى إقترفها أنور خوجة. لكن و على الرغم من هذه التقلبات، فإننا نجد فى كل القارات ماركسيين –لينينيين-ماويين حقيقيين ،يرفضون التخلى عن النضال من أجل الشيوعية.
و تتطوّر الحركة الشيوعية العالمية بفضل سيرورة تدعيم الوحدة القائمة بعدُ و التقدم أكثر بإنسجام مع المبادئ الماركسية اللينينية –الماوية (1) . فمنذ1980 طوّرنا قوانا و زادت قدرتنا على التأثير فى بعض الأحداث و توجيه تطورنا. و يشكل مؤتمرنا الأممي الثاني للأحزاب و المنظمات الماركسية-اللينينية الذي تم إنعقاده رغم الظروف العسيرة و غير الملائمة ، قفزة نوعية إلى الأمام من حيث وحدة حركتنا و درجة نضجها. و سيكون بإستطاعتنا إنجاز المهام التي تدعونا منذ أمد بعيد ،و سوف نقوم بذلك رافعين سدّا لا يقهر في وجه الإيديولوجية التحريفية و كل الإيديولوجية البرجوازية، واقفين في مقدمة الموجات الثورية الآتي زخمها موجهينها الوجهة العلمية و مطبقين عن وعي مبادئ الماركسية –اللينينية –الماوية حتى ترشد ممارستنا و حتى نتمكن من تقييم تجاربنا في خضم الصراع الطبقي الثوري .
و قد توفّق المندوبون و الملاحظون المشاركون في المؤتمر الأممي الثاني للأحزاب و المنظمات الماركسية –اللينينية الذي شكل الحركة الأممية الثورية من خلال سيرورة نقاشات عميقة وواسعة ، و بنقاش نزيه و رفيع للقضايا المبدئية إلى صياغة البيان الذي يرد نصه أدناه :
الوضع العالمي:
تحتد اليوم جميع التناقضات الأساسية للنظام الإمبريالي العالمي بنسق سريع جدا : التناقض بين مختلف القوى الإمبريالية و التناقض بين الإمبريالية و الأمم و الشعوب المضطهَدة و التناقض بين البرجوازية و البروليتاريا في البلدان الإمبريالية. و لجميع هذه التناقضات جذع مشترك هو نمط الإنتاج الرأسمالي و التناقض الجوهري للرأسمالية. و من الأكيد جدا أن النزاع بين معسكري الإمبريالية بقيادة كل من الولايات المتحدة الأمريكية و الإتحاد السوفياتي سوف يؤدى إلى قيام حرب عالمية ، إلا إذا حالت الثورة دون ذلك وهذا النزاع يؤثر بشكل كبير على سير الأحداث في العالم .(2)
إن عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية آخذ بالإنحلال سريعا. فالعلاقات الإقتصادية و السياسية على المستوى الدولي - " تقسيم العالم "- ،التي أقيمت خلال الحرب العالمية الثانية و ما بعدها ،لم تعد تسمح لمختلف القوى الإمبريالية بأن تضمن "بشكل سلمي " الإمتداد و التوسع الضروريين لإمبراطورياتها المقامة على أساس الربح . و إذا سبق لعالم ما بعد الحرب أن عرف تحولات هامة نتيجة النضالات الثورية فى تلك الفترة، فإننا نشهد اليوم مراجعة عامة لكل شبكة العلاقات الإقتصادية و السياسية و العسكرية فى مجملها . فقد أخذ الإستقرار النسبي للقوى الإمبريالية الكبرى و الإزدهار النسبي لحفنة من الدول ( نتيجة إستغلالها لأغلبية شعوب العالم و أممه و ما تتسبب فيه من دماء و بؤس ) يتفكك ،كما نشهد تصاعدا للنضالات الثورية للأمم و الشعوب المضطهَدة و التى تمس من جديد النظام الإمبريالي العالمي .
فى هذه الظروف بالذات، نلمس بأكثر وضوح الحقيقة و الضرورة الملحة التى عبر عنها ماوتسى تونغ قائلا : " إما أن تؤدى الحرب لقيام الثورة أو أن تحول الثورة دون نشوب الحرب " . فمنطق النظام العالمي الإمبريالي ذاته و النضالات الثورية تمهد لقيام وضع جديد .يحتدّ التناقض بين العصابات الإمبريالية والتناقض بين الإمبريايين و الأمم المضطهَدة و التناقض بين البرجوازية و البروليتارية فى البلدان الإمبريالية . و لسوف تعبر كل التناقضات عن نفسها فى الفترة المقبلة على الأرجح بقوة السلاح و بشكل لم يسبق له مثيل .
و كما قال ستالين بخصوص الحرب العالمية الأولى : " من معاني الحرب الإمبريالية التى إندلعت منذ عشر سنوات أنها جمعت كل تلك التناقضات فى عقدة واحدة و رمت بها فى قلب الميدان ، فعجلت بذلك المعارك الثورية للبروليتاريا و سهلتها".
و اليوم فإن إحتداد التناقضات يدفع كل البلدان و كل مناطق العالم و حتى بعض قطاعات من الجماهير التى بقيت لحد الآن خامدة و بعيدة عن الحياة السياسية إلى دوامة صراعات التاريخ العالمي ،ولسوف تبرز هذه الظاهرة بأكثر وضوح فى المستقبل . و لهذا يجب على الشيوعيين الثوريين أن يستعدوا و يهيّؤوا العمال ذوى الوعي الطبقي و كذلك القطاعات الثورية الأخرى من الشعب و أن يصعدوا من النضالات الثورية.
إن الشيوعيين أعداء ألداء للحرب الإمبريالية و يجب عليهم تعبئة و قيادة الجماهير للنضال ضد الإستعدادات لقيام حرب عالمية ثالثة ستمثل أفضع جريمة فى تاريخ البشرية . لكن الماركسيين –اللينينيين –الماويين لن يخفوا أبدا الحقيقة عن الجماهير والتى مفادها أن الثورة فقط و الحروب الثورية التى يقودها أو يستعد لقيادتها الماركسيون- اللينينيون- الماويون و القوى الثورية ،هي التى يمكن أن تمنع مثل تلك الجريمة . وينبغى إذا على الماركسيين- اللينينيين-الماويين إقتناص الفرص التى تتجلى بسرعة للتعجيل بالثورة ،و ينبغى عليهم أن يدفعوا الجماهير لتصعيد النضال الثوري على كل الجبهات و شن الحرب الثورية حيثما كان ذلك ممكنا و بذل مجهود مضاعف للإستعداد لها حيث الظروف لم تنضج بعدُ بما فيه الكفاية لقيام حرب ثورية . إن من شأن هذه المبادرات أن تدفع بالنضال من أجل الشيوعية إلى الأمام . و إذا تمكنت البروليتاريا و الشعوب المضطهَدة من الخروج منتصرة فى بعض المعارك الحاسمة ، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى إفشال التحضيرات التى يقوم بها الإمبرياليون للحرب العالمية و إلى أن تكون الطبقة العاملة قادرة على إفتكاك السلطة السياسية فى العديد من البلدان، وإلى أن يكون الظرف العالمي عموما سانحا لتقدم النضال الثوري. و على العكس من ذلك، إذا عجز النضال الثوري عن الحيلولة دون نشوب حرب عالمية ثالثة، يتعين على الشيوعيين و البروليتاريا و الجماهير الثورية أن يكونوا مستعدين لتعبئة الغضب الذى سينجر حتما عن مثل تلك الحرب وكل العذاب الذى سيصاحبها وأن يوجهوا هذا الغضب ضد منبع هذه الحرب بالذات –الإمبريالية – ويتعين عليهم أن يستفيدوا من ضعف العدو لتحويل هذه الحرب الإمبريالية الرجعية إلى حرب عادلة ضد الإمبريالية و الرجعية .
لقد تمكنت الإمبريالية من دمج العالم كله فى نظام عالمي شامل وواحد (و هذا الدمج يزداد إتساعا أكثر فأكثر ) و لذلك فإن الوضع العالمي يؤثر بشكل متزايد على سير الأحداث فى كل بلد وهو ما يفرض على القوى الثورية فى جميع أنحاء العالم أن تطوّر نشاطها بناءا على تقييم صحيح للوضع العالمي فى شموليته . وهذا لا يعنى إنكار المهمة الملحة الملقاة على عاتق القوى الثورية و المتمثلة فى تحليل الظروف الخاصة بكل بلد و صياغة إستراتيجيا و تكتيك مرتبطين بتلك الخاصيات و تطوير الممارسة الثورية . و لكن إذا عجز الماركسيون- اللينينيون-الماويون عن الفهم السليم للعلاقة الجدلية بين الوضع العالمي فى شموليته و الظروف الخاصة بكل بلد ، فإنهم لن يستطيعوا الإستفادة من الوضع العالمي الملائم جدا قصد التعجيل بالثورة فى كل بلد .
يجب النضال ضد الإتجاه داخل الحركة الأممية المتمثل فى عدم النظر إلى الثورة فى بلد معين على أنها جزءا لا يتجزأ من النضال العام من أجل الشيوعية . لقد قال لينين :
" لا يوجد سوى مفهوم أممي حقيقي واحد وهو أن يعمل كل فى بلاده بتفان من أجل تطوير الحركة الثورية و النضال الثوري وأن يدعم (عبر الدعاية و التعاطف و المساعدة المادية ) ذلك النضال ذاته و ذلك الخط نفسه و لا سواه، فى جميع البلدان بدون إستثناء ". وقد أكد لينين كثيرا على أن على الثوري ألا ينظر لمسألة نشاطه الثوري من وجهة نظر بلادي "أنا" بل من وجهة نظر مشاركتى أنا فى الإعداد و الدعاية من أجل التعجيل بالثورة البروليتارية العالمية ".
حول تياري الثورة البروليتارية :
لقد قام لينين، منذ زمن طويل، بتحليل إنقسام العالم إلى حفنة من الدول الرأسمالية المتقدمة من جهة و عدد هائل من الأمم المضطهَدة من جهة أخرى و التى تشكل الجزء الأكبر من أراضي و شعوب العالم و التى يقوم الإمبرياليون الطفيليون بنهبها و إبقائها قسرا فى حالة من التبعية و التخلف . و إنطلاقا من معاينة الوضع برزت الأطروحة اللينينية التى أكدها التاريخ منذ ذلك الحين و القائلة بأن الثورة البروليتارية العالمية تتكون بصفة رئيسية من تيارين إثنين هما الثورة الإشتراكية- البروليتارية التى تنجزها البروليتاريا و حلفاؤها فى المراكز الإمبريالية و الثورة الوطنية التحررية (أو الديمقراطية الجديدة ) التى تنجزها الشعوب و الأمم التى ترزح تحت نير الإمبريالية . إن الإستراتيجيا الثورية فى عصر الإمبريالية تقوم جوهريا ( واليوم أيضا ) على التحالف بين هذين التيارين الثوريين .
لقد شكل نضال الأمم و الشعوب المضطهَدة ، منذ الحرب العالمية الثانية، أهم منطقة لعواصف الثورة العالمية . فقد كان ثمن الإزدهار و الإستقرار و "الديمقراطية " فى العديد من البلدان الإمبريالية تقوية الإستغلال و بؤس الجماهير فى البلدان المضطهَدة . أما ظهور الإستعمار الجديد فلم ينه المسألة الوطنية و الإستعمارية على الإطلاق بل زاد من إخضاع أمم و شعوب بأكملها حسبما يقتضيه رأس المال العالمي مما أدى إلى نشوب سلسلة كاملة من الحروب الثورية ضد الهيمنة الإمبريالية .
و اليوم فإن إحتداد التناقضات فى المستوى العالمي يبرز إمكانيات جديدة لصالح هذه الحركات و لكن يضطرها فى نفس الوقت لمواجهة عراقيل و مهام جديدة . ورغم محاولات القوى الإمبريالية (ببعض النجاح ) لتخريب أو تشتيت النضالات الثورية للجماهير المضطهَدة – و خصوصا بغية تحويلها إلى أدوات للتنافس بين الإمبرياليين – فإن تلك النضالات ما زالت تكيل الضربات القوية للنظام الإمبريالي و تعجل بتطوّر أفاق الثورة فى العالم قاطبة .
لقد تميزت الفترة التى أعقبت الحرب العالمية الثانية فى الدول الإمبريالية للمعسكر الغربي بوجود وضع غير ثوري يعكس الإستقرار النسبي للأنظمة الإمبريالية فى تلك البلدان و ذلك بإرتباط وثيق بالإستغلال المكثف للشعوب المضطهَدة من قبل تلك القوى الإمبريالية .و لكن الظروف الآن ملائمة للثورة أكثر من أي وقت مضى فى الماضي القريب .و يثبت التاريخ أن الأوضاع الثورية فى مثل هذه البلدان نادرة و أن ظهورها يقترن بصفة عامة بمرحلة إحتداد التناقضات العالمية إلى أقصى درجة مثلما يتميز به الوضع الذى يتشكل اليوم على المستوى العالمي.
إن النضالات الثورية للجماهير التى إنطلقت فى جل البلدان الإمبريالية الغربية و خاصة خلال الستينات أثبتت بوضوح إمكانية حدوث ثورات بروليتارية فى هذه البلدان حتى و إن كانت الظروف فى تلك الفترة غير ناضجة بما فيه الكفاية لإفتكاك السلطة و رغم تراجع تلك الحركات مع الإنحسار العام فى الحركة العالمية . و اليوم فإن الإحتداد المتزايد للوضع العالمي ينعكس أكثر فأكثر داخل تلك البلدان بالذات ما يشهد عليه مثلا قيام تمردات هامة للشرائح البروليتارية الأكثر فقرا فى بعض البلدان الإمبريالية و كذلك تطور حركة قوية مضادة للإستعدادات الإمبريالية للحرب تشمل عدة بلدان و تضم جناحا ثوريا .
أما فى البلدان الرأسمالية و الإمبريالية للمعسكر الشرقي فقد ظهرت تصدعات و إنشقاقات هامة على الهيكل المستقر نسبيا للأنظمة الرأسمالية لبرجوازية الدولة . ففى بولونيا تمردت البروليتاريا و فئات جماهيرية أخرى ووجهت ضربات قوية للنظام القائم . و فى هذه البلدان تتطوّر أيضا آفاق الثورة البروليتارية و سوف تزداد نموّا مع تطور و إحتداد التناقضات العالمية .
إنه من الهام أن تربى العناصر الثورية فى هذين النوعين من البلدان بحيث تفهم طبيعة التحالف الإستراتيجي بين الحركة الثورية البروليتارية فى البلدان المتقدمة و الثورات الوطنية الديمقراطية فى الأمم المضطهَدة .ولا يزال الموقف الإشتراكي الشوفيني الذى ينكر أهمية النضال الثوري للشعوب المضطهَدة أو قدرتها على المضي نحو تحقيق الإشتراكية فى ظل قيادة البروليتاريا و قيادة حزب ماركسي-لينيني-ماوي حقيقي، لا يزال يمثل إنحرافا خطيرا يجب مواصلة محاربته. و من مظاهر هذا الإتجاه المؤذى موقف التحريفيين المعاصرين بقيادة الإتحاد السوفياتي الذى يزعم أن نضال التحرر الوطني لا يستطيع النجاح إلا إذا كان يتمتع بالمساعدة التى يقدمها له "حليفه الطبيعي"، الإمبريالي ، و كذلك موقف التروتسكيين الذين ينكرون مبدئيا إمكانية تحويل الثورة الوطنية الديمقراطية إلى ثورة إشتراكية . و من جهة ثانية، نجد إنحرافا آخر تسبب فى طرح مشاكل هامة فى الفترة الأخيرة : وهو الإنحراف المتمثل فى عدم الإعتراف بإمكانية ظهور أوضاع ثورية فى البلدان المتقدمة أو إعتبار أن مثل هذه الأوضاع الثورية لا يمكن أن تبرز إلا كنتيجة مباشرة لما تحرزه حركات التحرر الوطني من تقدم . إن هذين الإنحرافين يستنزفان قوة البروليتاريا الثورية لأنهما لا يأخذان بعين الإعتبار الظرف العالمي الآخذ فى التشكل و ما ينجر عن ذلك من فرص للتعجيل بالثورة فى مختلف أنواع البلدان و على المستوى العالمي .
بعض المسائل المتعلقة بتاريخ الحركة الشيوعية العالمية :
لقد تمكنت البروليتاريا العالمية، خلال ما ينوف عن القرن المنقضى منذ أطلق البيان الشيوعي لأول مرة النداء الشهير : " يا عمال العالم إتحدوا !" من تجميع خبرة واسعة. وهي ذاتها خبرة الحركة الثورية فى مختلف البلدان و تشمل فترات رائعة من الإنتصارات الحاسمة و المدّ الثورى كما تشمل فترات حالكة من الجزر و التراجع .
و عبر مدّ الحركة و جزرها، تشكل علم الماركسية –اللينينية -الماوية و تطوّر من خلال النضال المتواصل ضد أولئك الذين أرادوا قتل جوهره الثوري و تحويله إلى عقيدة عقيمة، خالية من الحياة . وقد كانت أكبر المنعطفات فى تطور التاريخ العالمي و الصراع الطبقي مصحوبة دائما بمعارك ضارية فى الميدان الإيديولوجي بين الماركسية من جهة و التحريفية و الدغمائية من جهة أخرى . فقد كان الأمر كذلك فى العهد الذى خاض خلاله لينين صراعا ضد الأممية الثانية (وهو ما تزامن مع إندلاع الحرب العالمية الأولى و ظهور وضع ثوري فى روسيا و أماكن أخرى) و كذلك فى العهد الذى خاض خلاله ماو تسى تونغ صراعا ضد التحريفيين المعاصرين السوفيات و كان نضالا عظيما يعكس أحداثا ذات بعد تاريخي عالمي (إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي ، إحتداد الصراع الطبقي فى الصين الإشتراكية و بروز موجة ثورية عالمية موجهة أساسا ضد الإمبريالية الأمريكية ) . و كذلك فإن الأزمة العميقة التى تمر بها الحركة الشيوعية العالمية هي إنعكاس لقلب السلطة البروليتارية فى الصين و الهجوم الشامل ضد الثورة الثقافية بعد وفاة ماو تسى تونغ و الإنقلاب الذى قام به دنك سياو بينغ و هواوكوفينغ . و تعكس هذه الأزمة أيضا الإحتداد العام للتناقضات العالمية بما يعنى بدوره خطر الحرب العالمية و آفاق الثورة . فاليوم تماما مثلما كان الشأن خلال النضالات الكبيرة السابقة، لا تشكل القوى التى تناضل من أجل خط ثوري سوى أقلية صغيرة محاصرة و مطوّقة من قبل التحريفيين و كل أشكال مداحي البرجوازية . و مع ذلك ، فإن تلك القوى تمثل المستقبل و حتى يتسنى للحركة الشيوعية العالمية أن تواصل التقدم يجب أن تثبت تلك القوى قدرتها على صياغة خط سياسي يرسم طريقا تتبعه البروليتاريا الثورية فى الظرف الحالي المعقد. و فعلا ،عندما يكون الخط صحيحا ، فإنه حتى إذا لم يكن لدينا جنود فسوف نحصل عليهم و حتى إذا لم تكن لدينا السلطة فسوف نحصل عليها . ذلك ما أكدت صحته التجربة التاريخية للحركة الشيوعية العالمية منذ عهد ماركس .
إن التحليل السليم للتجربة التاريخية لحركتنا يشكل عنصرا بالغ الأهمية من أجل صياغة مثل ذلك الخط العام للحركة الشيوعية العالمية .و إنه لمن قبيل اللامسؤولية القصوى ،و من باب التناقض مع مبادئ نظرية المعرفة الماركسية أن لا نولي أهمية كافية للخبرة المكتسبة و الدروس المستوعبة من خلال النضالات الثورية لملايين الجماهير من البشر و التى ذهب ما لا يحصى من الشهداء من أجلها.
إن الحركة الأممية الثورية اليوم و كذلك قوى ماوية أخرى ،هي وريثة ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو و عليها أن ترتكز بقوة على هذا التراث . و لكن مع إعتبار هذا التراث أساسا لفكرها ، يجب أن تكون لديها الشجاعة الكافية لنقد نواقصه . فبعض التجارب تستحق الإطراء و البعض الآخر يبعث على اللوعة . و يتعين على الشيوعيين و الثوريين فى كل البلدان أن يتأملوا و يدرسوا جيدا تلك التجارب الناجحة منها و الفاشلة حتى يستطيعوا أن يستخلصوا منها إستنتاجات صحيحة و دروس مفيدة .
تقييم تراثنا مسؤولية جماعية يجب أن تتحملها الحركة الشيوعية العالمية كلها و يجب أن يتم مثل هذا التقييم بشكل علمي صارم مرتكز على مبادئ الماركسية –اللينينية-الماوية وأن يأخذ بعين الإعتبار الظروف التاريخية الملموسة للفترات المدروسة و الحدود التى فرضتها تلك الظروف على الطليعة البروليتارية و أن يتم ذلك بالخصوص بروح تسعى إلى جعل الماضي يخدم الحاضر حتى نتلافى السقوط فى الخطإ الميتافيزيقي المتمثل فى قياس الماضى بأدوات الحاضر بدون إعتبار الظروف التاريخية . وتقييم شامل كهذا سوف يتطلب طبعا وقتا غير هين لكن ضغط الأحداث على المستوى العالمي و ظهور بعض الفجوات للتقدم الثوري يتطلب منا أن نقوم من الآن بإستنتاج بعض الدروس الهامة التى سوف تمكن قوى الطليعة البروليتارية من أداء مسؤولياتها بشكل أفضل .
لقد شكل تقييم الخبرة التاريخية فى حد ذاته دوما موضوع جدال كبير فى الصراع الطبقي فمنذ هزيمة كومونة باريس لم يتوقف الإنتهازيون و التحريفيون عن إستغلال هزائم البروليتاريا و نواقصها بغاية قلب الخطأ و الصواب و خلط المسائل الثانوية بالمسائل الرئيسية و التوصل إلى إستنتاج مفاده أن" البروليتاريا ما كان عليها أن تحمل السلاح". و كثيرا ما كان بروز ظروف جديدة تعلة للإرتداد عن المبادئ الجوهرية الماركسية، مع إدعاء إضفاء التجديد عليها . و من جهة أخرى، فإنه ليس بأقل خطأ و بأقل ضرر كذلك التخلى عن الروح النقدية الماركسية و عدم الإهتمام بتقييم نواقص البروليتاريا إلى جانب تقييم نجاحاتها و الإعتقاد بأنه يكفى تماما الإستمرار فى الدفاع أو التمسك بمواقف كنا نتصور سابقا أنها صحيحة فمثل هذه الطريقة تجعل الماركسية –اللينينية-الماوية جافة و هشة غير قادرة على التصدى لضربات العدو و عاجزة عن تحقيق أي تقدم جديد فى الصراع الطبقي و فى الواقع تخنق مثل تلك الطريقة الروح الثورية الماركسية –اللينينية .
لقد بيّن التاريخ فعلا أن التجديدات الحقيقية للماركسية (على عكس التشويهات التحريفية ) إنما كانت متصلة إتصالا وثيقا بمعارك ضارية للدفاع عن المبادئ الجوهرية للماركسية –اللينينية-الماوية و تدعيمها . و لنستشهد بمثالين يدلان على هذه الحقيقة التاريخية : نضال لينين المزدوج ضد أولئك التحريفيين المكشوفين و ضد من كانوا مثل كاوتسكى يعارضون الثورة زاعمين الإرتكاز على "أرثودكسية ماركسية " و أيضا النضال الكبير الذى خاضه ماو تسى تونغ ضد التحريفيين المعاصرين و إرتدادهم عن تجربة بناء الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي فى عهد لينين و ستالين وهو النضال الذى خاضه فى نفس الوقت الذى كان يقوم فيه بنقد شامل و علمي لجذور التحريفية .
و علينا اليوم أن نعالج المسائل و المشاكل الشائكة التى يطرحها تاريخ الحركة الشيوعية العالمية حسب طريقة مماثلة . أما أولئك الذين يعلنون أمام الإنتكاسات الحاصلة منذ وفاة ماو تسى تونغ عن الفشل الكامل للماركسية –اللينينية أو الذين يزعمون أن الماركسية-اللينينية-الماوية أصبحت بالية و أن كل التجربة التى إكتسبتها البروليتاريا يجب أن يعاد النظر فيها فإنهم يمثلون خطرا جسيما . فهذا الإتجاه يريد الإرتداد عن تجربة دكتاتورية البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي و إقصاء ستالين من صفوف قادة البروليتاريا وهو يهاجم فى الحقيقة الأطروحة الجوهرية فى اللينينية حول طبيعة الثورة البروليتارية و ضرورة حزب طليعي و دكتاتورية البروليتاريا .و قد قال ماو بوضوح : "فى رأيى هنالك" سيفان" : الأول هو لينين و الثاني هو ستالين "و إذا يتم التخلى عن السيف ستالين و" إذا ما تم فتح هذه البوابة فإن ذلك يعني عمليا نبذ اللينينية " . إن تجربة الحركة الشيوعية العالمية إلى حدّ الآن تدل على أن هذه الملاحظة التى عبر عنها ماو تسى تونغ سنة 1956 ما زالت صحيحة . و كذلك فإن إضافات ماو تسى تونغ لعلم الثورة تتعرض اليوم إلى المحاصرة والطمس و التشويه . و فى الحقيقة كل ذلك ليس إلا نسخة "جديدة" من التحريفية و الإشتراكية الديمقراطية الأكثر ترهلا و عقما .
و مازالت هذه التحريفية المكشوفة نسبيا سواء كان مصدرها الأحزاب الموالية تقليديا لموسكو أو التيار "الأوروشيوعي " أو المغتصبون التحريفيون فى الصين أو التروتسكيون و النقاد البرجوازيون الصغار للينينية ، ما زالت تمثل أكبر خطر على الحركة الشيوعية العالمية . وفى نفس الوقت ما زال الشكل الدغمائي للتحريفية يعتبر عدوا لدودا للماركسية الثورية فهذا التيار الذى يعبر عنه كأوضح تعبير الخط السياسي لأنور خوجة و حزب العمل الألباني يهاجم الماوية و خط الثورة الصينية و خاصة تجربة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى .و يزعم هؤلاء التحريفيين زيفا الدفاع عن ستالين (فى حين أن عددا كبيرا من أطروحاتهم ليست إلا تروتسكية ) فى حين أنهم يشوهون التراث الثوري الأصيل لستالين .و يعتمد هؤلاء المخادعين على نواقص و أخطاء الحركة الشيوعية العالمية ،بدلا من إنجازاتها ،كي يحاولوا نشر خطهم التروتسكي و التحريفي . و يطالبون من الحركة الشيوعية العالمية أن تحذو حذوهم معللين ذلك بضرورة البحث عن نوع من "النقاء العقائدي" الصوفي . إن المظاهر العديدة التى يشترك فيها خط أنور خوجة مع الشكل الكلاسيكي للتحريفية (بما فى ذلك مقدرة التحريفيين السوفيات و الرجعيين عموما على تشجيع و إستغلال المعادات العلنية للينينية من قبل الأوروشيوعيين و أيضا معاداة خوجة المغلفة باللينينية حاليا ) تدل على أن لهذين الخطين جذور راسخة فى الإيديولوجيا البرجوازية .

و اليوم يمثل الدفاع عما قدمه ماو تسى تونغ من إسهامات نوعية للماركسية –اللينينية مسألة ذات أهمية بالغة و ملحة بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية و للعمال ذوى الوعي السياسي و الطبقي و جميع الثوريين فى العالم . فجوهر المسألة هنا ليس إلا معرفة ما إذا وجب الدفاع أم لا عن إسهامات ماو الحاسمة فى الثورة البروليتارية و علم الماركسية- اللينينية و التقدم على أساسها . فالمسألة إذا ليست إلا معرفة إذا ما وجب الدفاع أو لا عن الماركسية- اللينينية نفسها .
لقد قال ستالين : " إن اللينينية هي ماركسية عصر الإمبريالية و الثورة البروليتارية " و هذا القول صحيح تماما فمنذ موت لينين شهد العالم مؤكدا تحولات كبيرة لكن طبيعة العصر بقيت هي نفسها .و ما زالت المبادئ الجوهرية للينينية صالحة و تمثل اليوم الأساس النظري الذى يقود فكرنا . إننا نؤكد بأن الماوية مرحلة جديدة فى تطور الماركسية- اللينينية وبدون الدفاع عن الماركسية –اللينينية –الماوية و بدون البناء على هذه القاعدة يستحيل الإنتصار على التحريفية و الإمبريالية و الرجعية عموما .
الإتحاد السوفياتي و الكومنترن :
لقد دشنت ثورة أكتوبر فى روسيا و إقامة دكتاتورية البروليتاريا بها مرحلة جديدة فى تاريخ الحركة العالمية للطبقة العاملة .و كانت ثورة أكتوبر الدليل الحي على صحة إسهامات لينين الأساسية فى النظرية العلمية للثورة البروليتارية و دكتاتورية البروليتاريا فلأول مرة فى تاريخ العالم نجحت الطبقة العاملة فى تحطيم جهاز الدولة القديم و إقامة حكومتها الخاصة و إفشال محاولات الإستغلاليين الذين أرادوا منذ البداية خنق النظام الإشتراكي ، كما نجحت فى خلق الظروف السياسية الضرورية لإقامة نظام إقتصادي إشتراكي جديد . وقد أثبتت التجربة الأهمية القصوى للدور الذى يلعبه حزب سياسي طليعي من طراز جديد ،أي الحزب اللينيني، طوال ذلك المسار.
و كان للثورة الروسية الوقع الكبير على المستوى العالمي خاصة و أنها إنفجرت فى خضم الوضع العالمي المتسم بالحرب العالمية الأولى و مارافق هذه الحرب من إندفاع ثوري .و منذ البداية ، إعتبر القادة الثوريون و العمال ذوى الوعي السياسي الطبقي فى البلد الإشتراكي الجديد أن إنتصار الثورة فى هذا البلد لا يجب أن يكون غاية فى حد ذاتها بل هو بمثابة منفذ أول كبير فى النضال على الصعيد العالمي من أجل إلحاق الهزيمة بالإمبريالية و إقتلاع جذور الإستغلال و إقامة الشيوعية فى جميع أنحاء العالم . و على إثر الثورة الروسية، تكونت أممية جديدة ،أممية شيوعية ،هدفها المساعدة على إستيعاب الدروس الحيوية للثورة البلشفية و القطع مع الإصلاحية و الإشتراكية الديمقراطية اللتين طالما سممتا و فى النهاية وسمتا الأغلبية الكبرى من الأحزاب الإشتراكية التابعة للأممية الثانية .و بإرتباط بالتحولات التى جاءت بها الحرب العالمية الأولى فى الظروف الموضوعية ، قامت الثورة الروسية و الكومنترن بتحويل النضال من أجل الإشتراكية و الشيوعية من ظاهرة كانت لحد ذلك الحين أوروبية أساسا إلى ظاهرة ذات أبعاد شاملة بالفعل ،و ذلك لأول مرة فى تاريخ العالم .
وقد صاغ لينين و ستالين الخط البروليتاري حول المسألتين الوطنية و الإستعمارية فأكدا على أهمية الثورات فى البلدان المضطهَدة ضمن مسار الثورة العالمية البروليتارية فى مجملها و دحضا أطروحات أولئك الذين، مثل تروتسكي ،كانوا يعتقدون أن إنتصار الثورة فى تلك البلدان مرتبط بإنتصار البروليتاريا فى البلدان الإمبريالية ويرفضون الإعتراف بمقدرة البروليتاريا على تحقيق ثورة إشتراكية إعتمادا على نجاحها فى قيادة المرحلة الأولى من الثورة (الثورة الديمقراطية البرجوازية) فى ذلك الصنف من البلدان.
و إتسمت الفترة التى تلت الثورة الروسية بغليان ثوري فى كل أنحاء العالم حيث سعت الطبقة العاملة إلى إفتكاك السلطة فى عدة بلدان . و رغم المساعدة التى قدمتها الدولة السوفياتية الجديدة بدون تردّد و رغم أن لينين قد كرّس نفسه لقضايا الحركة الثورية العالمية ، فإن بروز حلّ مؤقت للأزمة التى تمخضت عن الحرب العالمية الأولى إضافة إلى وجود نواقص فى الحركة الثورية للطبقة العاملة ثم عدم وصول القوى الإمبريالية إلى حد الإنهيار ، كل ذلك أدّى إلى عدم إنتصار الثورة خارج حدود الإتحاد السوفياتي .
فوجد لينين نفسه و من بعده ستالين أمام ضرورة المحافظة على مكاسب الثورة فى الإتحاد السوفياتي و المضي بنجاح فى تشييد نظام إقتصادي إشتراكي فى الإتحاد السوفياتي فقط . و بعد موت لينين ،خاض ستالين صراعا سياسيا و إيديولوجيا هاما ضد التروتسكيين و غيرهم من العناصر التى كانت تدعى إستحالة بناء الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي نظرا لتدنى درجة تطوّر قوى الإنتاج ووجود عدد هائل من الفلاحين و عزلة الإتحاد السوفياتي عالميا . و تم دحض هذه النظرة الإنهزامية على الصعيدين النظري و التطبيقي خاصة عندما هبت عشرات الملايين من العمال و الفلاحين للنضال من أجل القضاء النهائي على النظام الرأسمالي القديم و ممارسة الفلاحة بشكل تعاوني و خلق نظام إقتصادي جديد لا يقوم على إستغلال الإنسان للإنسان .
كان لهذه الحالات البليغة التأثير و الإنتصارات الهامة التى حققتها دور كبير فى إنتشار تأثيرالماركسية –اللينينية عبر أنحاء العالم ، فإرتفعت بذلك مكانة الإتحاد السوفياتي . و كان العمال ذوو الوعي السياسي الطبقي و كذلك الشعوب المضطهَدة على حق إذ إعتبروا الإتحاد السوفياتي الإشتراكي ينتمى لهم و هنؤوا أنفسهم على الإنتصارات التى حققتها الطبقة العاملة فى الإتحاد السوفياتي و هبّوا للدفاع عنه ضد تهديدات الإمبرياليين و إعتداءاتهم .
و لكن مع مرور الزمن نكتشف بأن مسار الثورة الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي شهد بعض نقاط ضعف و نواقص هامة حتى فى فترة التحولات الإشتراكية الكبرى فى العشرينات و الثلاثينات . و يمكن تفسير بعض هذه المشاكل بأنها نتيجة لإنعدام التجربة التاريخية السابقة لدكتاتورية البروليتاريا (بإستثناء كمونة باريس التى لم تدم سوى فترة قصيرة جدا) و نتيجة أيضا لما أظهره الإمبرياليون من عداء شديد تجاه الإتحاد السوفياتي و الحصار المتشدد الذى أقاموه حوله .غير أن تلك المشاكل تفاقمت ،و ظهرت مشاكل أخرى بسبب بعض الأخطاء النظرية و السياسية الهامة .و قد قام ماو، فى الوقت الذى دافع فيه عن ستالين ضد إدعاءات خروتشوف، بتقد جدي و صحيح لتلك الأخطاء و فسر الأساس الإيديولوجي لأخطاء ستالين قائلا : " كان لدى ستالين قدر غير هين من الميتافيزيقا و قد علم للكثير من الناس ممارستها "، " لم يكن ستالين يرى الرابط بين صراع الأضداد ووحدتها . لبعض السوفيات طريقة تفكير ميتافيزيقية ،تفكيرهم جامد إلى درجة أنهم لا يعترفون بوحدة الأضداد . فبالنسبة لهم إما أن يكون الأمر كذا أو كذلك و يقومون بالتالي بأخطاء سياسية ". والخطأ الأكثر أساسية الذى إرتكبه ستالين هو عدم توصله إلى تطبيق الجدلية بدقة فى كل الميادين مما أدّى به إلى إستخلاص إستنتاجات خاطئة تماما بشأن تبعات الصراع الطبقي فى ظل الإشتراكية و سبل الحيلولة دون عودة الرأسمالية . ولئن خاض نضالا حازما ضد الطبقات الإستغلالية القديمة، لم يعترف ستالين على المستوى النظري بظهور برجوازية جديدة فى صلب المجتمع الإشتراكي ذاته و بأن التحريفيين داخل الحزب الشيوعي الحاكم كا نوا فى نفس الوقت الإنعكاس و التعبير الأكثر تركيزا عن تلك البرجوازية الجديدة . و من هنا جاء خطأ ستالين عندما صرّح بأن " التناقضات الطبقية العدائية " لم تعد موجودة داخل الإتحاد السوفياتي إعتبارا لإقامة نظام ملكية إشتراكي بشكل أساسي فى الميدان الصناعي و الفلاحي . فأدّى عدم تطبيق الجدلية بدقة فى تحليل المجتمع الإشتراكي بالقادة السوفيات إلى الإستنتاج بأن التناقض بين قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج قد إختفى أيضا مع تحقيق البناء الإشتراكي و إلى عدم الإهتمام كما ينبغى بضرورة مواصلة الثورة فى البنية الفوقية و مواصلة تثوير علاقات الإنتاج حتى بعد أن يكون نظام ملكية إشتراكية قد ركز بصفة أساسية .
إن هذا الفهم الخاطئ لطبيعة المجتمع الإشتراكي ساهم أيضا فى عجز ستالين عن التمييز كما ينبغى بين التناقضات بين الشعب و العدو و التناقضات فى صلب الشعب و هذا بدوره ساهم فى خلق ميل ملحوظ نحو الإتجاه إلى الطرق البيروقراطية لمعالجة تلك التناقضات مما وفر ثغرات للعدو .
و بعد وفاة لينين ، قاد ستالين الأممية الشيوعية التى واصلت لعب دور هام فساهمت فى تقدم الثورة العالمية و تطوير و تدعيم الأحزاب الشيوعية الحديثة النشأة . و قد شهدت سنة 1935 دعوة مؤتمر هام جدا للأممية الشبوعبة فى فترة إتسمت بوجود أزمة إقتصادية عالمية فى أوج حدّتها و حرب عالمية جديدة تهدّد أكثر فأكثر بالإنفجار بينما يلوّح الإمبرياليون أكثر فأكثر بالهجوم ضد الإتحاد السوفياتي ووصول الفاشية إلى السلطة فى ألمانيا و تحطيم الحزب الشيوعي الألماني و أيضا تركيز الفاشية أو خطر تركيزها فى عدة بلدان أخرى فكان صحيحا و ضروريا أن تسعى الأممية الشيوعية لصياغة خط تكتيكي يشمل كل هذه المسائل .
و نظرا للتأثير البالغ الذى تركه هذا المؤتمر السابع للكومنترن على تاريخ الحركة الشيوعية العالمية ،ينبغى إجراء تقييم جاد و علمي للتقرير الصادر عن هذا المؤتمر على ضوء الظروف التاريخية لتلك الفترة وينبغى بصفة خاصة القيام بتحليل عميق للعوامل التى أدت إلى هزيمة الحزب الشيوعي الألماني . بيد أنه بإمكاننا منذ الآن إستخلاص بعض الإستنتاجات حول هذه المسائل وهو ما يجب القيام به نظرا للمهام المطروحة على عاتق الماركسيين- اللينينيين اليوم . و يمكننا أن نشير إلى ثلاثة إنحرافات واضحة جدا :
أولا: الطريقة التى تمت بها معالجة الفرق بين الفاشية و الديمقراطية البرجوازية فى البلدان الإمبريالية : فرغم أهمية ذلك الفرق و معناه الحقيقي بالنسبة للأحزاب الشيوعية فى تلك الفترة إلا أن الطريقة التى عولجت بها هذه المسألة جعلت من الفرق القائم بين هاذين الشكلين من الدكتاتورية البرجوازية فرقا مطلقا و إعتبر أن النضال ضد الفاشية يمثل مرحلة إستراتيجية فى الثورة .
ثانيا:أعلن المؤتمرون أطروحة مفادها أن البؤس المتفاقم للبروليتاريا فى البلدان المتقدمة كان من شأنه أن يخلق قاعدة مادية تسمح بتجاوز الإنقسام داخل الطبقة العاملة و إنهاء الإستقطاب الحاصل لها من جراء ذلك و الذى حلله لينين تحليلا ضافيا فى كتاباته حول الإمبريالية و حول إفلاس الأممية الثانية . و إن كان صحيحا تماما بأن عمق الأزمة قد هدّد القاعدة الإجتماعية للأرستقراطية العمالية فى البلدان الرأسمالية المتقدمة و أن ذلك وفّر للأحزاب الشيوعية الفرصة التى تحتاجها من أجل التوحد مع قطاعات واسعة من العمال الذين كانوا لحد ذلك الحين فى مدار الإشتراكية الديمقراطية ، فإنه كان من الخطإ على الرغم من ذلك الإعتقاد فى إمكانية تجاوز الإنقسام داخل الطبقة العاملة بأي معنى إستراتيجي معين .
ثالثا: وقع تعريف الفاشية كنظام سياسي يمثل الشق الأكثر رجعية فى البرجوازية الإحتكارية فى البلدان الإمبريالية مما فتح الباب أمام ميول إصلاحية و سلمية خطيرة
وصلت إلى حد إعتبار شق من البرجوازية الإحتكارية ذات طبيعة تقدمية.
و مع أنه من الضروري تقييم هذه الأخطاء و إستنتاج الدروس الثمينة منها، فإنه يجب فى نفس الوقت الإعتراف بأن الأممية الشيوعية تمثل جزءا من موروث النضال الثوري من أجل الشيوعية و دحض هجومات التصفويين و التروتسكيين الذين يستغلون أخطاءا حقيقية قصد التوصل إلى إستنتاجات رجعية . فقد توصلت الأممية الشيوعية فى تلك الفترة بالذات إلى تعبئة ملايين العمال من أجل النضال ضد الأعداء الطبقيين و خاضت معاركا بطولية ضد الرجعية فنظمت مثلا الألوية العالمية التى قاومت الفاشية فى إسبانيا و كانت الدماء التى سكبها عدد كبير من خيرة أبناء و بنات الطبقة العاملة دليلا بالغا على الروح الأممية .
و كانت الأممية الشيوعية محقة فى إهتمامها الكبير بالدفاع عن الإتحاد السوفياتي ، أرض الإشتراكية . لكن عندما إضطر الإتحاد السوفياتي إلى القيام بمساومات مع بعض الدول الإمبريالية كان قادة الكومنترن فى غالب الأحيان عاجزين عن فهم جانب هام من هذه المسألة وهو ما عبر عنه ماو سنة 1946 (عندما قام الإتحاد السوفياتي بمساومات مع الولايات المتحدة و بريطانيا و فرنسا ) : " إن مساومات من هذا النوع لا تحتّم على الشعوب فى مختلف بلدان العالم الرأسمالي أن تقوم هي بالتالي بمساومات فى بلدانها هي" و لنضف إلى ذلك أنه لا بد أن تأخذ تلك المساومات قبل كل شيئ بعين إعتبار درجة التطور العام للحركة الثورية العالمية و التى يحتل فيها الدفاع عن البلدان الإشتراكية مكانة هامة بالطبع .
ففى الظروف التى تتسم بمحاصرة بلد أو عدة بلدان إشتراكية من قبل الإمبريالية ، يشكل الدفاع عن تلك المكتسبات الثورية مهمة ذات أهمية بالغة بالنسبة للبروليتاريا العالمية . والبلدان الإشتراكية تضطر أيضا إلى الخوض فى المجال الديبلوماسي و يجب عليها إقامة أنواع مختلفة من الإتفاقات مع عدة بلدان إمبريالية لكن الدفاع عن البلدان الإشتراكية يجب أن يخضع دائما للتطور العام للثورة العالمية و يجب علينا أن لا نعتبر أبدا الدفاع عن البلدان الإشتراكية مرادفا للنضال العالمي للبروليتاريا فما بالك بأن نعتبره تعويضا عنه. و قد يصبح الدفاع عن بلد إشتراكي ، فى ظروف معينة، مسألة رئيسية بالنسبة للحركة العالمية لكن ذلك يرجع بالضبط إلى أن ذلك الدفاع له أهمية حاسمة لتقدم الثورة العالمية .
و من الضروري تقييم تجربة الحركة الشيوعية العالمية فى فترة الحرب العالمية الثانية على ضوء ما تقدم. ولا يمكن إعتبار الحرب العالمية الثانية مجرد إعادة بسيطة للحرب العالمية الأولى لأنه حتى و إن كانت المسؤولية فى الحالتين تعود إلى المنطق الدموي للنظام الرأسمالي نفسه ، فإن الحرب العالمية الثانية جمعت مجموعة معقدة من التناقضات . ففى بداية سنة 1939 كانت الحرب كما قال ماو حربا "غير عادلة و نهابة و إمبريالية " لكن تحوّلا هاما له أبعاد عالمية طرأ عندما وجهت ألمانيا الهتلرية قوّتها ضد الإتحاد السوفياتي. و قد أوحى الصمود البطولي الذى أظهره الجيش الأحمر و الشعب و الطبقة العاملة السوفياتية بكثير من المعاني للطبقة العاملة و الشعوب المضطهَدة فى أنحاء العالم . و قد جلب دخول الإتحاد السوفياتي فى تلك الحرب العادلة التعاطف و التأييد و لم يكن الأمر هنا مجرد تعاطف مع ضحية معتدى عليها لكن تعبيرا عن إقتناع راسخ بأن الدفاع عن الإتحاد السوفياتي كان يعنى أيضا الدفاع عن القاعدة الإشتراكية للثورة العالمية. و قد كانت الحرب التى خاضها الشعب الصيني أيضا (بقيادة الحزب الشيوعي الصيني ) ضد إعتداءات اليابان حربا عادلة دون شك و عنصرا كامل الإنتساب للثورة البروليتارية العالمية .
و صارت طبيعة الحرب العالمية معقّدة خاصة عند دخول الإتحاد السوفياتي فى تلك الحرب التى صارت منذ ذلك الحين تشتمل على أربع مكونات : الحرب بين الإشتراكية و الإمبريالية و الحرب بين المعسكرات الإمبريالية و حرب الشعوب المضطهَدة ضد الإمبريالية و التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية الذى وصل فى بعض البلدان إلى درجة الصراع المسلح .و أدت مختلف مظاهرالحرب هذه من جهة إلى نمو القوى الإشتراكية و هزيمة القوى الإمبريالية الفاشية و إضعاف الإمبريالية و دفع النضالات التحررية الوطنية و أدت من جهة أخرى إلى مراجعة شاملة لتقسيم العالم بين الإمبرياليين و إلى بروز الولايات المتحدة على رأس العصابات الإمبريالية .
وشهدت سيرورة الحرب العالمية الثانية انتصارات ثورية عظيمة ، إلا أنه لا يمكن ألا نعترف بحصول العديد من الأخطاء الخطيرة و من الواجب علينا الشروع فى عملية تحليل عميق و جماعي لهذه الأخطاء بغية التمكن من مواجهة العواصف القادمة . و من الواجب الإشارة بالخصوص إلى الخطإ المتمثل فى تركيب التناقضات السالفة الذكر تركيبا إنتقائيا . و قد تطابقت نشاطات الأحزاب الشيوعية فى الكومنترن أكثر فأكثر، على المستوى السياسي الملموس ،مع نضال الإتحاد السوفياتي على الصعيد الديبلوماسي و الإتفاقيات الدولية التى شارك فيها الإتحاد السوفياتي .و ساهم هذا المشكل فى إعطاء دعم قوي للنظرة التى تعتبر أن القوى غير الفاشية ليست قوى إمبريالية من الواجب الإطاحة بها. وكانت الأحزاب الشيوعية فى البلدان الأوروبية التى كانت تحتلها القوات الألمانية الفاشية ،على حق حين إستغلت تكتيكيا الوازع الوطني الذى أثاره هذا الإحتلال خاصة فى تعبئة الجماهير و لكن حصلت بعض الأخطاء نتيجة تحويل هذه الإجراءات التكتيكية إلى مسائل ذات بعد إستراتيجي .و عرقلت بفعل مثل هذه الأفكار الخاطئة أيضا حركات التحرر فى المستعمرات التى يسيطر عليها حلفاء الإمبرياليين .
على الماركسيين-اللينينيين-الماويين اليوم تعميق فهمهم لهذه الأخطاء الحاصلة و جذورها بدون أن ينسوا قيمة الإنتصارات و النضالات الثورية العظيمة لهذه الفترة العصيبة و للسنوات الأولى بعد الحرب و بدون التخلى عن الدفاع على هذه المكتسبات.
أما المعسكر الإشتراكي المنبثق عن الحرب العالمية الثانية فلم يكن صلبا بالمرّة . ولم تحصل فى غالبية الديمقراطيات الشعبية ، فى بلدان أوروبا الشرقية ، سوى تغييرات طفيفة و حتى الإتحاد السوفياتي ، شهد تصلب عود بعض العناصر التحريفية البارزة التى تمكنت من النموّ أثناء و بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة فأصبح لها تأثير متعاظم . و تمكنت هذه القوى التحريفية و على رأسها خروتشوف ، فى 1956 بعد وفاة ستالين، من الإستيلاء على السلطة السياسية و شن هجوم على الماركسية- اللينينية على جميع المستويات وأعادت تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي .
ومن الواضح جدا الآن أن الإنقلاب الذى قام به خروتشوف و التحريفيون فى الإتحاد السوفياتي مثّل الضربة القاضية للحركة الشيوعية فى الوضع الذى كانت فيه آنذاك .
و إنتشر سرطان التحريفية بسرعة و حصد بعدُ عددا كبيرا من الأحزاب (بما فيها بعض التى كانت أكثر نفوذا ) و التى كانت كوّنت الأممية الشيوعية . و لم تعد بعض الأحزاب الأخرى تتمسّك إلا ببعض المزاعم الثورية و ما فتئت أن فسدت فتحوّلت إلى المواقع التحريفية المعاصرة فى حين أخمدت أنفاس العناصر الثورية لهذه الأحزاب . و حتى فى الإتحاد السوفياتي بعد موت ستالين فإن البروليتاريا و الماركسيين- اللينينيين الحقيقيين الذين أنهكت الحرب قواهم و الذين جردوا من أي سلاح بفعل الأخطاء السياسية و الإيديولوجية الهامة لم يكونوا قادرين على مواجهة قوية ضد الخونة التحريفيين .
ماو تسى تونغ ، الثورة الثقافية و الحركة الماركسية - اللينينية- الماوية :
لقد شرع ماوتسى تونغ و الماركسيين –اللينينيين فى الحزب الشيوعي الصيني، مباشرة بعد الإنقلاب الذى قاده خروتشوف، فى تحليل ما حصل داخل الإتحاد السوفياتي و الحركة الشيوعية العالمية.و أخذوا فى النضال ضد التحريفية المعاصرة .و فى 1963 ، نشرت الرسالة ذات الخمسة و عشرين نقطة (" إقتراح حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية ") التى أدانت التحريفية بصفة علنية و كاملة ووجهت نداءا لجميع الماركسيين –اللينينيين الحقيقيين فى جميع البلدان.
إن جذور الحركة الماركسية - اللينينية- الماوية المعاصرة ترجع بالنظر إلى هذا النداء التاريخي و الصراعات التى صاحبته.
و لقد قام ماو و الحزب الشيوعي الصيني ، محقين كثيرا فى الرسالة ذات الخمسة و عشرين نقطة و الصراعات التى صاحبتها، بالدفاع عن :
- الموقف اللينيني بخصوص دكتاتورية البروليتاريا و دحض النظرية التحريفية المزعومة "لدولة الشعب كله ".
- بالدفاع عن ضرورة الثورة المسلحة ورفض الإسترتيجيا المزعومة " للتحول السلمي للإشتراكية "
- بمساندة و تشجيع نموّ الحروب التحررية الوطنية للشعوب المضطهَدة و أظهروا أنه من المستحيل وجود إستقلال فعلي فى ظلّ "الإستعمار الجديد"و فنّدوا الموقف التحريفي المزعوم القائل بتجنب الحروب التحررية الوطنية خوفا من إنخرام "السلم العالمي".
- برسم تقييم عام إيجابي حول مسألة ستالين و تجربة البناء الإشتراكي فى الإتحاد السوفياتي ، ومقاومة التشويهات التى تجعل من ستالين "جزارا "و "طاغية " مع توجيه فى نفس الوقت بعض النقد العام للأخطاء التى سقط فيها ستالين .
- بمواجهة مجهودات خروتشوف الهادفة إلى فرض خط تحريفي على الأحزاب الأخرى ، ونقد توراز و توليوتي ، و تيتو و تحريفيين معاصرين آخرين .
- بتقديم رسم أولي جنيني حول الطرح الذى يشتغل عليه ماو تسى تونغ و المتعلق بالطبيعة الطبقية للمجتمع الإشتراكي و مواصلة الثورة فى ظلّ ديكتاتورية البروليتاريا .
- بالدعوة للقيام بتحليل عميق للتجربة التاريخية للحركة الشيوعية العالمية و جذور التحريفية .

إن هذه المقترحات و بعض الجوانب الأخرى من رسالة ال25 نقطة و الصراعات ، كانت و لا تزال ذات أهمية كبرى للتفريق بين الماركسية –اللينينية و التحريفية . و لقد شجع ماو و الحزب الشيوعي الصيني من خلال هذه الصراعات الماركسيين –اللينينيين على القطع مع التحريفيين و على إعادة بناء أحزاب جديدة بروليتارية ثورية . ومثلت هذه الصراعات قطيعة أساسية مع التحريفية المعاصرة و شكلت أساسا كافيا للماركسيين –اللينينيين يقدرون من خلاله على خوض النضال . رغم ذلك فإن نقد التحريفية لم يذهب بعيدا و لم يتناول العديد من المسائل و برزت بعض وجهات النظر الخاطئة فى نفس الوقت الذى وقع فيه نقد وجهات نظر أخرى . و بالذات لأن ماو و الحزب الشيوعي الصيني و هذه الصراعات لعبوا دورا ذا أهمية كبيرة فى بناء حركة ماركسية-لينينية- ماوية فى العالم فإنه من الحق و الضروري الإشارة إلى المظاهر الثانوية ذات الطابع السلبي لهذه الصراعات و لنضال الحزب الشيوعي الصيني فى الحركة الشيوعية العالمية .
لقد طرحت رسالة ال25 نقطة بخصوص البلدان الإمبريالية الموضوعة التالية :
" و فى البلدان الرأسمالية التى يسيطر عليها الإستعمار الأمريكي أو يحاول السيطرة عليها ينبغى على الطبقة العاملة و جماهير الشعوب أن توجه هجومها بصورة رئيسية إلى الإستعمار الأمريكي ،و أيضا إلى الطبقة الرأسمالية الإحتكارية و القوى الرجعية المحلية الأخرى التى تخون المصالح الوطنية ". إن رؤية الأشياء بهذه الكيفية التى أضرت بتطور الحركة الماركسية –اللينينية فى مثل هذه البلدان قد أخفت حقيقة أن "المصالح الوطنية " فى بلد إمبريالي هي مصالح الإمبرياليين و أن الطبقة الرأسمالية الإحتكارية فى السلطة لا تخون هذه المصالح بل بالعكس تدافع عنها مهما كانت طبيعة التحالفات التى تقوم بإبرامها مع بعض القوى الإمبريالية الأخرى بالرغم من أن هذه التحالفات تشمل لا محالة لامساواة. فى حين أنه وقع تشجيع بروليتاريا هذه البلدان على مزاحمة البرجوازية الإمبريالية لمعاينة من هو قادر أكثر على الدفاع عن مصالح هذه الأخيرة . للحركة الشيوعية العالمية تاريخ كامل مع طريقة رؤية الأشياء هذه و قد حان الوقت للتخلص منها .
و على الرغم من أن الحزب الشيوعي الصيني قد أولى إهتماما بالغا لتطوير الأحزاب الماركسية –اللينينية-الماوية المعارضة للتحريفية ، فإن هذه الأحزاب لم تقدر على وضع الأشكال و الطرق الضرورية لبناء الوحدة الأممية للشيوعيين . ورغم كل الإسهامات فى الوحدة الإيديولوجية و السياسية ، فإنها لم تقم بالمجهودات الملائمة لبناء الوحدة التنظيمية على الصعيد العالمي . لقد إهتم الحزب الشيوعي الصيني أكثر من اللازم بالجوانب السلبية (مثل مشكلة المركزية المجحفة خاصة ) التى خنقت مبادرة و إستقلالية الأحزاب الشيوعية أعضاء الكومنترن . وعلى الرغم من أن الحزب الشيوعي الصيني كان على حق حين إنتقد نظرية "الحزب الأب" و تأثيرها السيئ على الحركة الشيوعية العالمية و حين أكد على ضرورة مبدأ العلاقات الأخوية بين الأحزاب ، فإن غياب الإطار التنظيمي الذى كان يمكّن من الخوض فى جميع وجهات النظر و الوصول إلى أفق موحد ، لم يساهم فى حلّ هذه المشكلة بل زاد من حدتها .
و إن كان النضال ضد التحريفية المعاصرة على المستوى النظرى لعب دورا عظيما فى تجميع الحركة الماركسية -اللينينية-الماوية ، فإن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى (و التى كانت هي الأخرى فى جزء كبيرمنها ثمرة هذا النضال ضد التحريفية المعاصرة ) جسدت الشكل النضالي الجديد الذى لم يسبق له مثيل فى التاريخ وولدت جيلا جديدا من الماركسيين -اللينينيين-الماويين. فقد إندفع عشرات الملايين من العمال و الفلاحين و الشباب الثوري للنضال من أجل الإطاحة بالمسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي (المندسين داخل الحزب و أجهزة الدولة ) ومن أجل مزيد تثوير المجتمع بأكمله و مسّوا فى العمق ملايين البشر فى جميع أنحاء العالم كانوا يخوضون نضالا ثوريا و يشكلون جزءا من الإندفاع الثوري الذى إجتاح العالم خلال الستينات و بداية السبعينات .
الثورة الثقافية هو قمة المستوى الراقي فى إلى حدّ الآن ما بلغته دكتاتورية البروليتاريا و عملية تثوير المجتمع . و لأول مرة فى تاريخ الإنسانية ، وجد العمّال و العناصر الثورية الأخرى أنفسهم مسلحين بفهم جيد لطبيعة الصراع الطبقي فى المجتمع الإشتراكي و ضرورة النهوض و الإطاحة بالمسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي و الذين يظهرون لا محالة وسط المجتمع الإشتراكي و خاصة على مستوى قيادة الحزب نفسه ،
و بضرورة النضال لدفع التحولات الإشتراكية إلى الأمام أكثر و إجتثاث الظروف المادية التى تولد هذه العناصر الرأسمالية من الجذور .
و قد ساهمت الإنتصارات الكبرى التى بصمت مجرى الثورة الثقافية فى منع إرتداد تحريفي فى الصين طيلة عشر سنوات و أدت إلى تحويلات إشتراكية هامة فى ميدان التعليم و الفن و الأدب و البحث العلمي و فى العديد من الميادين الأخرى فى مستوى البنية الفوقية . و قد عمق الملايين من العمال و الثوريين الآخرين فى خضم المعارك الإيديولوجية و السياسية الضارية للثورة الثقافية وعيهم السياسي الطبقي و إستيعابهم مما جعلهم قادرين أكثر على ممارسة السلطة السياسية .وخيضت الثورة الثقافية على نحو جعل منها جزءا لا يتجزأ من نضال البروليتاريا الأممي فشكلت أرضية تثقيفية للماركسية –اللينينية و للمبادئ الأممية البروليتارية و ما يبرهن على هذا ليس الدعم المقدم للنضالات الثورية عبر جميع أنحاء العالم وحسب و لكن أيضا التضحيات التى قدمها الشعب الصيني لتوفير ذلك الدعم .
وأفرزت الثورة الثقافية قادة ثوريين مثل كيانغ تشينغ و تسينغ سوين كياو إنظموا إلى جانب الجماهير وواصلوا الدفاع عن الماركسية –اللينينية-الماوية حتى أمام الهزيمة القاسية .
قال لينين :" ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا ". لقد تدعم هذا الشرط الذى طرحه لينين أكثر على ضوء الدروس و النجاحات القيّمة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى بقيادة ماو تسى تونغ .
و يمكن لنا القول الآن ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا و أيضا على الوجود الموضوعي للطبقات و التناقضات الطبقية العدائية و مواصلة صراع الطبقات فى ظل دكتاتورية البروليتاريا طوال مرحلة الإشتراكية و حتى الوصول إلى الشيوعية . و كما قال ماو فإن :" كل خلط فى هذا المجال يؤدى لا محالة إلى التحريفية " .
وقد كانت الثورة الثقافية دليلا حيا على حيوية الماركسية –اللينينية و أظهرت أن الثورة البروليتارية تتميز عن كل الثورات السابقة التى لم تكن قادرة إلا على تعويض نظام إستغلالي بآخر . ومثلت مصدر إلهام لجميع الثوريين فى كل البلدان . لهذه الأسباب ما إنفك الرجعيون و التحريفيون ينفثون سمومهم ضد الثورة الثقافية وضد ماو و لهذه الأسباب أيضا فإن الثورة الثقافية تشكل عنصرا لا يمكن الإستغناء عنه ضمن التراث الثوري للحركة الشيوعية العالمية .
لقد تمكّن التحريفيون داخل الحزب و أجهزة الدولة الصينية، بالرغم من الإنتصارات العظيمة للثورة الثقافية ، من مواصلة إحتلال مناصب هامة و تشجيع خطوط و إجراءات سياسية أضرت بالمبادرات الهشّة لأولئك الذين قاموا بمحاولات إعادة بناء حركة شيوعية عالمية حقيقية . فقد عمد التحريفيون فى الصين الذين كانوا يمسكون بجزء لا يستهان به من الديبلوماسية و العلاقات بين الحزب الشيوعي الصيني و الأحزاب الماركسية -اللينينية-الماوية الأخرى إما إلى إدارة ظهورهم للنضالات الثورية للبروليتاريا و الشعوب المضطهَدة و إما إلى توظيف هذه النضالات لمصالح الدولة الصينية . وهكذا أسندت صفة "المعادين للإمبريالية " لبعض الحكام المستبدين الرجعيين الحقيقيين ،و بتعلة النضال العالمي ضد "الهيمنة " تم إعتبار بعض القوى الإمبريالية الغربية كقوى وسطية و حتى إيجابية فى الظرف العالمي . بعدُ فى ذلك الوقت قد سارت العديد من الأحزاب الماركسية –اللينينية الموالية للصين و التى كانت تحظى بدعم التحريفيين فى الحزب الشيوعي الصيني فى ركب البرجوازية ووصل بها الأمر إلى حد الدفاع ( أو على الأقل عدم مواجهة ) التدخلات العسكرية للإمبريالية أو تحضيراتها للحرب الموجهة ضد الإتحاد السوفياتي البلد الذى وقع إعتباره أكثر فأكثر ك"عدو رئيسي" على المستوى الدولي . وقد إنتعشت تماما جميع هذه التيارات على إثر الإنقلاب الذى حصل فى الصين وما تلاه من قيام التحريفيين بصياغة " نظرية العوالم الثلاث " و محاولتهم فرضها على الحركة الشيوعية العالمية . و كان الماركسيون –اللينينيون- الماويون على حق عندما دحضوا تشويهات التحريفيين التى كانت تدعى بأن ماو قد دافع عن " نظرية العوالم الثلاث " . و لكن هذا غير كاف إذ يجب تعميق نقد " نظرية العوالم الثلاث " بنقد المفاهيم التى تدعمها و بالكشف عن جذور هذه النظرية .
و تجدر الملاحظة هنا أن المغتصبين التحريفيين فى الصين كانوا مضطرين للتنديد علنا برفاق ماوتسى تونغ فى السلاح متهمينهم بمعارضة " نظرية العوالم الثلاث ".
إن التناقض بين البلدان الإشتراكية والبلدان الإمبريالية هو أحد التناقضات أو السمات الأساسية لعصر الإمبريالية و الثورة البروليتارية . و على الرغم من أن هذا التناقض قد غاب اليوم مؤقتا بسبب التحولات التحريفية لمختلف البلدان الإشتراكية سابقا ، فإن هذا لا يغير فى شيئ من ضرورة تقييم التجربة التاريخية للحركة الشيوعية بصدد الكيفية التى عولج بها هذا التناقض و التى تبقى مسألة نظرية ذات أهمية : و بالفعل ستجد البروليتاريا يوما ما نفسها أمام ظروف يكون فيها بلد ( أو عدة بلدان) إشتراكية فى مواجهة سافرة مع أعداء إمبرياليين مفترسين. لقد تمكّن المسؤولون السائرون فى الطريق الرأسمالي، سنة 1976 بعد وفاة ماو، من القيام بإنقلاب دنيئ نجحوا من خلاله فى فسخ الإستنتاجات الصحيحة للثورة الثقافية و طرد الثوريين من قيادة الحزب الشيوعي الصيني و تطبيق برنامج تحريفي فى جميع الميادين و الرضوخ للإمبريالية .
و قاوم الثوريون فى الحزب الشيوعي الصيني هذا الإنقلاب وواصلوا النضال من أجل أن تسترجع القيادة البروليتارية مقاليد السلطة فى هذا البلد . أما على المستوى الدولي فإن العديد من الشيوعيين الثوريين ، فى عدد لا يستهان به من الدول، لم ينساقوا وراء الخط التحريفي لدنغ سياو بينغ و هواو كوفينغ و قاموا بمبادرات ملموسة لتعرية و نقد المسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي فى الصين . لقد حيت هذه المقاومة (فى الصين و كذلك على المستوى الدولي ) للإنقلاب على القيادة الصحيحة لماوتسى تونغ الذى ما إنفك يعمل بدون كلل على تسليح البروليتاريا و الماركسيين –اللينينيين- الماويين بتحليل للصراع الطبقي فى ظل دكتاتورية البروليتاريا وتمكينهم من فهم إمكانية إعادة تركيز الرأسمالية . و قد أمد العمل النظري للقيادة البروليتارية بزعامة ماو تسى تونغ الماركسيين –اللينينيين- الماويين بالعناصر الضرورية لكي يتمكنوا من الفهم الصحيح لطبيعة التناقضات فى المجتمع الإشتراكي و شكّل هذا العمل إضافة هامة للماوية مكنت الحركة الماركسية –اللينينية- الماوية من التهيؤ إيديولوجيا لمواجهة الأحداث الأليمة لسنة 1976 أكثر مما كانت عليه قبل 20 سنة عند حدوث الإنقلاب التحريفي فى الإتحاد السوفياتي بالرغم من أنها تواجه هذه الحالة فى هذه المرة فى غياب دولة إشتراكية فى العالم .
غير أنه كان لزاما أن تكون لعودة الرأسمالية فى بلد يضع بين حدوده ربع سكان العالم و إستيلاء التحريفيين على حزب ماركسي –لينيني- ماوي كان سابقا فى طليعة الحركة الشيوعية العالمية ،إنعكاسات عميقة على النضال الثوري فى العالم و الحركة الماركسية –اللينينية- الماوية . هتفت العديد من الأحزاب التى تنتمى للحركة الشيوعية العالمية، طويلا للتحريفيين و تبنت " نظريتهم حول العوالم الثلاث " و تخلت نهائيا عن النضال الثوري . و تمكنت بذلك من زرع الإنهيار فى الوقت الذى خسرت فيه كل ثقة من قبل العناصر الثورية فعرفت هذه الأحزاب أزمة داخلية عميقة أو إنهارت تماما .
وحتى فى صفوف قوى ماركسية- لينينية- ماوية أخرى رفضت الإنسياق وراء القيادة التحريفية الصينية أدى الإنقلاب الذى حصل فى الصين إلى نوع من الإنهيار ووضعت الماركسيية-اللينينيية-الماوية موضع التساؤل من جديد و لقد تعزّز هذا التيار أكثر عندما شنّ أنور خوجة و حزب العمل الألباني حربا شعواء ضد الماوية.
و بالرغم من أنه كان من المنتظر أن تمر الحركة الشيوعية العالمية بأزمة معينة بعد الإنقلاب فى الصين، فإن عمق هذه الأزمة و الصعوبات الكبيرة الناجمة عنها تبرز بوضوح مدى عمق إنغراز أنياب التحريفية بمختلف أشكالها داخل الحركة الماركسية-اللينينية-الماوية حتى قبل سنة 1976 . لذا يجب على الماركسيين-اللينينيين-الماويين مواصلة بحثهم و دراستهم لهذه المسائل للوصول لفهم جيد لجذور التحريفية لا فحسب فى هذه الفترة و لكن أيضا فى الفترات السابقة للحركة الشيوعية العالمية . و يجب عليهم مواصلة المعركة ضد تأثير التحريفيين و فى نفس الوقت الدفاع و السير قدما على أساس المبادئ الأساسية التى أفرزتها الإنفجارات الثورية للبروليتاريا العالمية و الحركة الشوعية على مدى تاريخها .
مهام الشيوعيين الثوريين :
تتمثل مهمّة الشيوعيين الثوريين فى جميع البلدان فى التعجيل بمستوى تطوّر الثورة العالمية :
- عليهم العمل بشكل تكون فيه البروليتاريا و الجماهير الثورية قادرة على الإطاحة بالإمبريالية و الرجعية
- إقامة دكتاتورية البروليتاريا وفقا للمراحل و التحالفات الضرورية للثورة فى مختلف البلدان
- النضال من أجل إلغاء كل البقايا المادية و الإيديولوجية للمجتمع الإستغلالي و الوصول بهذه الكيفية إلى إقامة المجتمع الخالي من الطبقات أي الشيوعية على المستوى العالمي.
- وقبل كل ذلك و خاصة يجب على الشيوعيين عدم تناسى غاية وجودهم و العمل طبقا لهذا التوجه و إلا فستكون مساهمتهم فى الثورة غير ذات بال، بل أسوأ، سينتهون إلى التفسخ و يصبحون هم أيضا العراقيل أمام طريق الثورة .
لقد أثبتت التجربة التاريخية أنه لا مجال لقيام الثورة البروليتارية و ضمان إستمراريتها بدون وجود حزب بروليتاري حقيقي يتبنى علم الماركسية -اللينينية- الماوية كقاعدة لعمله ، حزب منظم حسب المقاييس اللينينية و قادر على جلب و تكوين أحسن العناصر الثورية من البروليتاريا والفئات الجماهيرية الأخرى . و اليوم لا وجود لمثل هذا الحزب فى أغلب بلدان العالم و حتى إن وجدنا هذه الأحزاب فإنها غالبا ما تكون غير قوية إيديولوجيا و تنظيميا بصفة كافية حتى تتمكن من مواجهة المتطلبات و الفرص الواجب إستغلالها فى المرحلة القادمة . لهذا فإن المهمّة الأساسية للحركة الشيوعية العالمية تتمثّل فى تأسيس و تقوية أحزاب ماركسية - لينينية- ماوية حقيقية .
و من مهام الشيوعيين الثوريين الملحّة ، فى البلدان التى لا يوجد بها حزب ماركسي-لينيني- ماوي ، هي إنشاء مثل هذا الحزب بمساعدة الحركة الشيوعية العالمية . والجانب المهم فى تكوين الحزب هو صياغة خط و برنامج سياسيين صحيحين يأخذان بعين الإعتبار خصوصيات البلد المعني بالأمر و الوضع العالمي فى مجمله . و يجب أن يرتبط بناء حزب ماركسي- لينيني- ماوي بصفة وثيقة بالنشاط الثوري وسط الجماهير ووضع برنامج جماهيري ثوري و يجب البحث بالخصوص عن أجوبة للمسائل السياسية الملحة التى بحلها تتقدم الحركة الثورية . و إذا لم تتبع هذه الطريقة فستصبح مهمّة بناء مثل هذا الحزب عقيمة و منفصلة عن الممارسة الثورية و لن تبلغ الأهداف المنشودة .و يكون من الخطإ، من جهة أخرى ،أن نعتبر تكوين الحزب مرتبط بالوصول إلى تجميع عدد معين من المنخرطين أو كذلك أن نصرّ على أنه لا بد من الوصول إلى درجة معينة من التأثير وسط الجماهير قبل تكوين الحزب . و غالبا ما يكون عدد المنخرطين فى الحزب ضئيلا عند تأسيسه و مهما يكن من أمر يجب البحث دائما على ربط العناصر الثورية براية الحزب و تطوير تأثير الحزب وسط البروليتاريا و الجماهير.
و يجب أن يبنى الحزب الماركسي-اللينيني-الماوي و يتصلب من خلال نضال إيديولوجي نشيط ضد تأثير البرجوازية و البرجوازية الصغيرة فى صفوفه . و يجب على الماركسيين –اللينينيين-الماويين عند بناء الحزب الطليعي الإستفادة من دروس الثورة الثقافية التى ناضل ماو من خلالها لضمان الطابع البروليتاري و الدور القيادي للحزب .
و قد أثرى ماو المفهوم الأساسي للحزب الطليعي الذى صاغه لينين بفضل تحليله للصراع بين الخطين داخل الحزب و نقده للنظرة الخاطئة القائلة "بالحزب ذى الوحدة الصماء" و تأكيده على ضرورة التثقيف الإيديولوجي لأعضاء الحزب . و من الهام خلق واقع سياسي حيث تسود ، فى نفس الوقت، المركزية و الديمقراطية، و الإنضباط و روح المبادرة ، ووحدة الإرادة و الحركة، و ذهنية تشعر كل واحد بالأريحية و الحيوية .
تتخبط الممارسة فى الظلام إذا لم تكن تستنير بالنظرية الثورية فيجب على الماركسيين –اللينينيين- الماويين و الحركة الشيوعية العالمية جمعاء التمكّن أكثر من النظرية الثورية فى نفس الوقت الذى يقومون فيه بتحليل ملموس للظروف الملموسة للمجتمع و العالم قاطبة . و على الماركسيين –اللينينيين- الماويين ألا يتركوا المجال للقوى الأخرى لتحليل ظواهر جديدة و عليهم تطوير النضال النظري النشيط والتصدي لكل المشاكل الأساسية و كل مواضيع النقاش داخل الحركة و المجتمع بأكمله.
لا يجب عند بناء و تنظيم الحزب الماركسي-اللينيني- الماوي نسيان الهدف الأساسي و المتمثل بالظفر بالسلطة السياسية وعلى الحزب أن يعدّ صفوفه و البروليتاريا و الجماهير الثورية فى نفس الإتجاه على مستوى التنظيم و الخط السياسي و الإيديولوجي معا. و نستعيد هنا النداء الموجه فى خريف 1980 قائلين:" إن الشيوعيين فى كلمتين أنصار للحرب الثورية ". و يجب أن نعمل من أجل أن تكون الحرب الثورية و أشكال النضال الثورية الأخرى أرضية خصبة لتربية الجماهير الثورية بحيث تكون قادرة على ممارسة السلطة السياسية و تغيير المجتمع . و حتى و إن كانت الظروف السانحة لإنطلاق الكفاح المسلح للجماهير غير متوفرة، يجب على الشيوعيين أن يقوموا بالتهيئة الضرورية تحسّبا لظهور مثل هذه الظروف.
و يؤدى هذا المبدأ بالنسبة للأحزاب الماركسية -اللينينية-الماوية إلى سلسلة من الإستنتاجات (مهما كانت الفروقات الموجودة من وجهة نظر المهام و مراحل الثورة فى مختلف البلدان) من بينها سرية تنظيم الهياكل القاعدية للحزب و قدرة الحزب على تحمّل الإجراءات القمعية للرجعيين الذين لن يتسامحوا طويلا مع وجود حزب ثوري حقيقي.
و فى نفس الوقت الذى يشرع فيه الحزب أو يتهيأ للشروع فى الكفاح المسلح من أجل الظفر بالسلطة السياسية ، يجب عليه إستعمال جميع الطرق لتطوير نشاط شرعي و "مفتوح". و تؤكد التجربة التاريخية على أنه إذا كان مثل هذا النشاط هاما و ضروريا للغاية فى بعض الفترات فإنه لا بد أن يكون مقترنا بالدعاية السياسية الفاضحة للطبيعة الطبقية للديمقراطية البرجوازية .و مهما كانت الظروف، يجب على الشيوعيين أن لا يقلّلوا من يقضتهم و أن يتخذوا الإجراءات اللازمة لضمان قدرة الحزب على مواصلة نشاطه الثوري فى حالة إنتفاء مختلف أبواب العمل الشرعي .و يجب تقييم تجربة الماضى فى هذا المجال و إستخلاص الدروس الملائمة من أجل إيجاد حل صحيح للتناقض الخاص بإستغلال مجالات و إمكانيات العمل الشرعي دون السقوط فى الشرعوية أو الغباوة البرلمانية .
من أجل إنجاز مهامه الثورية و تهيئة الجماهير للظفر بالسلطة ، على الحزب الماركسي-اللينيني-الماوي أن يتسلح بصحيفة شيوعية تصدر بصفة منتظمة حتى وإن كانت هذه الصحيفة تلعب دورا مختلفا من بلد لآخر إعتبارا للمهام التى يقتضيها طريق الثورة فى هذه البلدان . و يجب أن تتجنب الصحافة الشيوعية أن تكون حقيرة و ذات آفاق ضيقة و أن تكون عقيمة و دغمائية . يجب عليها أن تجتهد من أجل تسليح البروليتاريين الحاملين لوعي سياسي طبقي و العناصر الأخرى بالمسائل التى تمكّن من دراسة المجتمع و العالم بأكمله على جميع المستويات و يكون هذا رئيسيا بفضل التحاليل و الرؤى السياسية المتبعة من قريب لسير الأحداث الجارية .
يتشكل الحزب الماركسي-اللينيني-الماوي فى كل بلد كفصيل من الحركة الشيوعية العالمية و يجب أن يطوّر نشاطه بحيث يكون جزءا لا يتجزأ من النضال الأممي من أجل الشيوعية .و يكون فى خدمتها . ويجب أن يربى الحزب صفوفه و العمال ذوى الوعي السياسي الطبقي و الجماهير الثورية على الأممية البروليتارية و لا تعنى هذه الأخيرة تقديم بروليتارييى بلد ما المساعدة لبروليتاريي بلد آخر فحسب ، فعلى الأممية أساسا أن تعكس شعورا لدى البروليتاريا بأنها تنتمى لطبقة واحدة فى كل أنحاء العالم و لها نفس المصلحة المشتركة كطبقة و أنها تواجه نظاما إمبرياليا عالميا وأن مهمّتها هي خلاص البشرية جمعاء.
إن هذه التربية و الدعاية الأممية ضرورية إذا أردنا إعداد الحزب و البروليتاريا لكي يكونا قادرين على مواصلة الثورة حتى بعد الظفر بالسلطة فى بلد ما . فلا يجب إعتبار الوصول إلى السلطة السياسية وحتى إقامة نظام إشتراكي خال من الإستغلال نهاية فى حدّ ذاتها : ليس ذلك إلا الخطوات الأولى لمرحلة إنتقالية طويلة مليئة بفترات المدّ و الجزر و مطبوعة بإنتكاسات لا مفرّ منها و كذا بإنتصارات إلى حين تحقيق الشيوعية على المستوى العالمي .
المهام فى المستعمرات و أشباه المستعمرات (أو المستعمرات الجديدة ) :
لقد مثلت البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة ( أو المستعمرات الجديدة ) الرازحة تحت النير الإمبريالي المسرح الرئيسي للنضال العالمي للبروليتاريا منذ الحرب العالمية الثانية و حتى يومنا هذا . و لقد تمكننا خلال هذه الفترة من مراكمة تجربة واسعة فى النضالات الثورية بما فى ذلك بالنسبة للمسائل التى تطرحها الحرب الثورية فتكبدت الإمبريالية هزائما خطيرة جدا و فازت البروليتاريا بإنتصارات مؤكدة وصلت إلى إقامة بلدان إشتراكية .و من جهة أخرى، عرفت الحركة الشيوعية تجربة وضعيات قاسية خاضت خلالها الجماهير الثورية لهذه البلدان نضالات بطولية و حتى حروب تحرير وطنية دون أن يؤدي ذلك إلى أن تتمكن البروليتاريا و حلفاؤها من الفوز بالسلطة السياسية و إنما تمكّن خلالها مستغِلون جدد مرتبطون عادة بقوة إمبريالية معينة (أو بعدد من هذه القوى ) من الإستحواذ على ثمار إنتصارات شعبية ويبين كل ذلك أن القيام بتقييم المظاهر الإيجابية و السلبية للعشرات العديدة من السنوات من التجربة الثورية فى هذا النوع من البلدان يمثل مهمّة هامة جدا بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية .
و لا تزال النظرية التى بلورها ماو تسى تونغ خلال السنوات الطويلة للحرب الثورية فى الصين تمثل المرجع الأساسي لصياغة الإستراتيجيا و التكتيك الثوريين فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة أو المستعمرات الجديدة . فى هذه البلدان تمثل الإمبريالية الأجنبية و كذلك البرجوازية البيروقراطية "والكمبرادورية " و الإقطاعيون- بإعتبار الطبقتين الأخيرتين طبقات تابعة و مرتبطة بقوة بالإمبريالية- مرمى الثورة (هدفها ). و تعبر الثورة فى هذه البلدان مرحلتين : ثورة أولى هي الثورة الديمقراطية الجديدة التى تؤدي مباشرة فيما بعد إلى ثورة ثانية هي الثورة الإشتراكية . و طبيعة و هدف و مهام المرحلة الأولى من الثورةتخوّل للبروليتاريا وتقتضى منها إقامة جبهة واسعة متحدة تجمع كل الطبقات و الشرائح الإجتماعية التي يمكن كسبها لمساندة برنامج الديمقراطية الجديدة .و مع ذلك ، فإن البروليتاريا تسعى إلى بناء هذه الجبهة المتحدة بما يتفق مع مبدأ تطوير و دعم قواها الذاتية المستقلة وهو ما يستتبع مثلا أنه على البروليتاريا أن تكون لها قواتها المسلحة الخاصة متى حتمت الظروف ذلك و أنه عليها أن تفرض دورها القيادي تجاه قطاعات الجماهير الثورية خاصة تجاه الفلاحين الفقراء. و يتخذ هذا التحالف كمحور أساسي له تحالف العمال مع الفلاحين كما يجب أن تحتل الثورة الزراعية (أي النضال ضد الإستغلال شبه الإقطاعي فى الريف و /أو شعار " الأرض لمن يفلحها") مكانة مركزية فى برنامج الديمقراطية الجديدة .
فى هذه البلدان ، تتعرض البروليتاريا و الجماهير إلى إستغلال قاس وتمارس ضدها بإستمرار الإهانات الراجعة إلى الهيمنة الإمبريالية وتكرّس الطبقات المسيطرة دكتاتوريتها عامة بصورة مباشرة و عنيفة و تكون هذه الدكتاتورية مقنعة بالكاد حتى حينما تستعمل هذه الطبقات شكل النظام الديمقراطي البرجوازي أو البرلماني . و كثيرا ما تدفع هذه الوضعية البروليتاريا و الفلاحين و قطاعات جماهيرية أخرى إلى خوض نضالات ثورية و تتخذ هذه النضالات فى عديد الأحيان شكل النضالات المسلحة . ولكل هذه الأسباب ( بما فى ذلك واقع أن التطور المشوّه و غير المتوازن أبدا يخلق صعوبات جمّة للطبقات الرجعية التى تجد صعوبة فى الحفاظ على إستقرار أنظمتها و فى توطيد سلطتها فى كل أنحاء البلاد و أرجاءها ) كثيرا ما تتخذ الثورة شكل الحرب الثورية الطويلة الأمد تتمكن من خلالها القوى الثورية من النجاح فى إقامة شكل من أشكال قواعد الإرتكاز فى الريف و فى تطبيق الإستراتيجية الأساسية المتمثلة فى محاصرة المدن إنطلاقا من الريف .
و من أجل تتويج ثورة الديمقراطية الجديدة، يترتب على البروليتاريا أن تحافظ على دورها المستقل و أن تكون قادرة على فرض دورها القائد فى النضال الثوري وهو ما تقوم به عن طريق حزبها الماركسي -اللينيني-الماوي . و قد بينت التجربة التاريخية مرارا و تكرارا أنه حتى إذا ما إشتركت فئة من البرجوازية الوطنية فى الحركة الثورية فإنها لا تريد (ولا تستطيع ) قيادة ثورة الديمقراطية الجديدة و من البداهة إذا ألآ توصلها إلى نهايتها. كما بينت التجربة التاريخية أن "جبهة معادية للإمبريالية " (أو "جبهة ثورية " أخرى من هذا القبيل ) لا يقودها حزب ماركسي-لينيني – ماوي لا تؤدى إلى نتيجة حتى إذا ما كانت هذه الجبهة (أو بعض القوى المكوّنة لها ) تتبنى خطا "ماركسيا" معينا أو بالأحرى ماركسيا كاذبا . و بالرغم من أن هذه التشكيلات الثورية قد قادت أحيانا معاركا بطولية بل و سدّدت ضربات قوية للإمبريالية ، فإنها أظهرت أنها عاجزة على المستوى الإيديولوجي و التنظيمي ،عن الصمود أمام التأثيرات الإمبريالية و البرجوازية. و حتى فى الأماكن التى تمكّنت فيها هذه العناصر من إفتكاك السلطة، فإنها بقيت عاجزة عن تحقيق تغيير ثوري كامل للمجتمع فإنتهت جميعا ،إن عاجلا أم آجلا ، بأن قلبتها الإمبريالية أو أن تحولت هي نفسها إلى نظام رجعي جديد يعمل اليد فى اليد مع الإمبرياليين .
و يمكن للحزب الشيوعي فى الوضعيات التى تمارس فيها الطبقات المسيطرة ديكتاتورية عنيفة أو فاشية أن يستغل التناقضات التى يخلقها هذا الوضع بما يدعم الثورة الديمقراطية الجديدة و أن يعقد إتفاقات أو تحالفات مؤقتة مع عناصر من طبقات أخرى . و لكن هذه المبادرات لا يمكن لها أن تنجح إلا إذا واصل الحزب المحافظة على دوره القيادي و إستعمل هذه التحالفات فى النطاق المحدّد بمهمته الشاملة و الرئيسية و المتمثلة فى إنجاح الثورة ، دون أن يحوّل النضال ضد الديكتاتورية إلى مرحلة إستراتيجية للثورة بما أن محتوى النضال المعادي للفاشية ليس إلا محتوى الثورة الديمقاطية الجديدة
ويتعين على الحزب الماركسي -اللينيني- الماوي لا فقط أن يسلّح البروليتاريا و الجماهير الثورية بوسائل فهم طبيعة المهمّة الموكولة للإنجاز مباشرة (إنجاح الثورة الديمقراطية الجديدة ) و الدور و المصالح المتناقضة لممثلى مختلف الطبقات (الصديقة أو العدوّة ) و لكن أيضا أن يفهمهم ضرورة تحضير الإنتقال إلى الثورة الإشتراكية وواقع أن الهدف النهائي يجب أن يكون الوصول إلى الشيوعية على مستوى العالم .
ينطلق الماركسيون –اللينينيون- الماويون من مبدإ أن على الحزب أن يقود الحرب الثورية بما يجعلها حرب جماهير حقيقية . و يجب عليهم حتى خلال الظروف العسيرة التى تفرضها الحرب أن يعملوا على تربية واسعة للجماهير و مساعدتها على بلوغ مستوى أرقى نظريا و إيديولوجيا و من أجل ذلك يتوجب تأمين نشر و تطوير صحافة شيوعية منتظمة الصدور و العمل على أن تدخل الثورة الميادين الثقافية .
فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة ( أو المستعمرات الجديدة )، تمثّل الإنحراف الرئيسي فى الفترة الأخيرة (و لا تزال) فى الميل إلى عدم الإعتراف أو إنكار هذا التوجه الأساسي للحركة الثورية فى مثل هذه البلدان : الميل إلى إنكار الدور القيادي للبروليتاريا و للحزب الماركسي -اللينيني- الماوي و إلى رفض أو تشويش إنتهازي لنظرية حرب الشعب و إلى التخلى عن بناء جبهة متحدة على أساس تحالف العمال و الفلاحين تقودها البروليتاريا .
و قد تجلى هذا الإنحراف التحريفي فى الماضي فى شكل "يساري " أو فى شكل يميني مفضوح . و لطالما نادى التحريفيون الجدد ب " الإنتقال السلمي للإشتراكية " (و خصوصا إلى حدود الماضى القريب ) و سعوا إلى دعم القيادة البرجوازية فى نضالات التحرر الوطني و لكن هذه التحريفية اليمينية التى لا تخفى سياستها الإستسلامية ، كانت دائما ما تجد صداها فى شكل آخر للتحريفية تتقاطع معها اليوم أكثر فأكثر : نوع من التحريفية المسلحة " اليسارية " تدعو لها فيمن يدعو لها ، من حين لآخر القيادة الكوبية و تؤدى إلى سحب الجماهير بعيدا عن النضال المسلح و التى تدافع عن فكرة دمج كل مراحل الثورة و عدم القيام إلا بثورة واحدة، ثورة إشتراكية مزعومة. و تؤدى هذه السياسة عمليا إلى محاولة دفع البروليتاريا إلى أفق محدود جدا و إلى إنكار واقع أن على الطبقة العاملة أن تقود الفلاحين و قوى أخرى وأن تسعى بذلك إلى تصفية كاملة للإمبريالية و للعلاقات الإقتصادية و الإجتماعية المتخلفة و المشوّهة التى يتمّعش منها رأس المال الأجنبي و التى يجتهد فى تدعيمها . و يمثل هذا الشكل من التحريفية اليوم واحدة من الوسائل الرئيسية التى يستعملها الإمبرياليون الإشتراكيون للإندساس فى نضالات التحرر الوطني و مراقبتها .
ويجب على المارسكيين-اللينينيين -الماويين ، حتى يمكّنوا تطور الحركة الثورية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات (أو المستعمرات الجديدة ) من إتخاذ توجه صحيح ، أن يواصلوا تكثيف النضال ضد كلّ أشكال التحريفية و الدفاع عن إسهامات ماو بإعتبارها أساسا نظريا ضروريا من أجل تحليل عميق للظروف الملموسة و بلورة خط سياسي مناسب فى مختلف البلدان من هذا النوع .
و من الواجب فى نفس الوقت تسجيل بعض الإنحرافات الأخرى الثانوية هذه المرة التى ظهرت داخل القوى الثورية الحقيقية التى إجتهدت فى تطبيق خط ثوري فى المستعمرات و البلدان التابعة.
و يجب أولا ملاحظة أن البلدان التى تجمع الأمم المضطهَدة فى أفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية لا تمثّل كتلة واحدة وحيدة متجانسة بل تشمل إختلافات هامة فى تركيبتها الطبقية و فى شكل الهيمنة الإمبريالية و فى مواقعها من الوضع العالمي فى مجمله . و لايمكن للميول نحو عدم القيام بتحليل عميق ، تحليل علمي ، لهذه المسائل و نقل ميكانيكي للتجربة السابقة للبروليتاريا العالمية أو عدم الأخذ بنظر الإعتبار التحولات التى حدثت فى الوضع العالمي و أوضاع البلدان الخاصة إلا أن تضر بقضية الثورة و أن تضعف القوى الماركسية -اللينينية- الماوية.
فى الستينات وفى بداية السبعينات، إلتحقت القوى الماركسية-اللينينية- الماوية فى عدد كبير من البلدان (القوى التى كانت تأثرت بالثورة الثقافية فى الصين و التى كانت تمثل جزءا من الهبة الثورية التى كانت تمسح العالم آنذاك ) ببعض قطاعات الجماهير لخوض الكفاح الثوري المسلح .
و تمكنت القوى الماركسية -اللينينية - الماوية ، فى عديد البلدان ، من تجميع جزء معتبر من السكان تحت راية الثورة و من تأمين إنقاذ الحزب الماركسي -اللينيني- الماوي و القوات المسلحة الشعبية رغم قمع رجعي دموي . وطبعت هذه المحاولات الأولى لبناء أحزاب ماركسية-لينينية- ماوية جديدة و شنّ الكفاح المسلح بالضرورة بصبغة بدائية معيّنة مبرزة لبعض النواقص الإيديولوجية و السياسية و من البديهي أن لا غرابة فى أن الإمبرياليين و التحريفيين قد قفزوا على هذه الأخطاء و النواقص من أجل إدانة الثوريين ناعتينهم ب"اليساريين" أو أنكى . و مع ذلك تستحق هذه المبادرات عامة الدفاع عنها بإعتبارها عناصر هامة من إرث الحركة الماركسية -اللينينية- الماوية ساعدت على وضع أسس تقدم لاحق .
و كقاعدة عامة، تجد بلدان أفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية المضطهَدة نفسها بإستمرار فى حالة وضع ثوري ولكن من الهام فهم معنى ذلك فهما جيدا : لا يتبع الوضع الثوري مسارا مستقيما بل يشمل حركات مدّ وجزر و على الأحزاب الشيوعية أن لا يغيب عن أنظارها هذا الجانب من المسألة . عليها ألا تنظر إلى المسائل بصفة إحادية الجانب و تؤكد أن تفجير الحرب الشعبية و الإنتصار النهائي فى هذه الحرب لا يرتبطان إلا بالعمل الذاتي ( أي عمل الشيوعيين ) فى هذه الحرب و هي طريقة فى النظر إلى الأشياء تنسب عادة إلى" اللينبياوية ". ورغم أن شكلا معينا للنضال المسلح يكون عموما مجديا و ضروريا لتحقيق مهام الصراع الطبقي فى كل الأوقات فى مثل هذه البلدان ، فإنه يمكن أن يكون الكفاح المسلح شكل النضال الرئيسي فى بعض الأحيان و أحيانا أخرى تكون الحالة غير تلك .
و عندما تكون الوضعية الثورية فى فترة جزر ، فإنه يتوجب على الأحزاب الشيوعية أن تجد التدابير التكتيكية الواجب إستعمالها فى هذه الوضعية و ألا تندفع فى مبادرات يدفعها نحوها التسرّع و نفاذ الصبر . ولا يجب فى مثل هذه الوضعية الإخلال بواجب القيام بالتحضيرات اللازمة (سياسيا و تنظيميا ) من أجل حرب الشعب طويلة الأمد .و فى إنتظار أن تكون الظروف مواتية لتقدّم جديد ، يتوجب إيجاد أشكال متنوّعة للنضال و التنظيم تتلاءم مع الظروف الملموسة حتى نسرّع وتيرة تطوّر الثورة . و من الضروري محاربة كل وجهات النظر الخاطئة التى تسعى إلى تأخير الكفاح المسلح (أو إستعمال شكل معيّن من الكفاح المسلح ) حتى تصبح الظروف ملائمة للكفاح الثوري المسلح من أدنى البلد إلى أقصاها .فهذه الطريقة فى النظر إلى الأشياء تنفى أن الثورة و الوضعيات الثورية لا تتطوّر بصفة منتظمة فى هذه البلدان وهي على تناقض تام مع توجه ماو الذى تعبر عنه مقولته : " رب شرارة أحرقت سهلا" . و من الهام أيضا تسجيل أن الوضع العالمي فى مجمله يؤثر على سيرورة الثورة فى بلد معين و عدم أخذ ذلك بعين الإعتبار يؤدى إلى أن يكون الماركسيون -اللينينيون- الماويون على غير أهبة لإقتناص الفرص التى تتاح عندما يسبب توالى الأحداث على الصعيد العالمي تسارعا فى السيرورة الثورية .
و اليوم يفرض التطوّرالمتنامى لخطر حرب عالمية جديدة على الأحزاب و المنظمات الماركسية -اللينينية- الماوية فى المستعمرات الجديدة أن تتصدى كذلك لمهمّة ملحّة وهي الإعتناء بالنضال ضد الحرب الإمبريالية. و على الشيوعيين أن يأخذوا بعين الإعتبار إحتمال جرّ عدد هام من البلدان إلى هذه الحرب بين الإمبرياليين بإعتبار الموقع الذى تحتله تجاه مختلف الكتل الإمبريالية و على الأحزاب الشيوعية ان تتبيّن مختلف الأوضاع الملموسة الممكن بروزها بفعل هذه الحرب و أن تبلور تفكيرا يأخذ بعين الإعتبار مختلف هذه الإمكانيات . إن وعي الجماهير فى هذه البلدان بخطر الحرب الإمبريالية و تبعاتها هو عموما منقوص و من واجب الماركسيين –اللينينيين- الماويين تربيتهم فى هذا المجال والواجب الأهم بالنسبة للماركسيين –اللينينيين- الماويين فى حالة الحرب الإمبريالية هو محاولة الإستفادة من الفرص المواتية المتولّدة عن هذه الحرب بما يكثف النضال الثوري ،و يحوّل الحرب الإمبريالية إلى حرب ثورية ضد الإمبريالية و الرجعية.
لقد لاحظ نداء 1980 أن :
" هنالك توجه لا يمكن إنكاره لدى الإمبريالية لإدخال عناصر هامة من العلاقات الرأسمالية فى البلدان التى تسيطر عليها و لقد حصل هذا التطوّر الرأسمالي فى بعض البلدان التابعة إلى الحدّ الذى لا يصحّ معه وصف هذه البلدان بانها شبه إقطاعية فيكون الأصوب إعتبارها بلدانا يغلب عليها الطابع الرأسمالي رغم وجود إمكانية العثور فيها على عناصر هامة و بقايا علاقات إنتاج شبه إقطاعية تجد إنعكاسا لها فى البنية الفوقية "
وينبغى فى مثل هذه البلدان القيام بتمحيص ملموس لهذه الظروف و إستخلاص الإستنتاجات المناسبة فى خصوص الطريق الواجب إتباعها و المهام و طبيعة و مواقع القوى الطبقية و فى كل الحالات تبقى الإمبريالية هدفا للثورة .
و لا يزال تحليل تبعات تنامى العلاقات الرأسمالية فى البلدان التى تهيمن عليها الإمبريالية يمثل مهمّة هامة للحركة العالمية ، بما فى ذلك الحالة الخاصة للبلدان المضطهَدة الممكن تسميتها بالبلدان "يغلب عليها الطابع الرأسمالي " و يمكننا بالرغم من ذلك تقديم بعض الإستنتاجات الهامة فى هذا الموضوع بعدُ(منذ الآن ) .
إن الفكرة القائلة بأن ترابط الإستقلال السياسي الشكلي مع الحقن الهام للعلاقات الرأسمالية قد نفى ضرورة قيام ثورة الديمقراطية الجديدة فى معظم (أو حتى فى عدد كبير ) من البلدان التى وقعت ماضيا تحت الهيمنة المباشرة للإمبريالية ،هي فكرة خاطئة و خطيرة .إن هذه النظرة التى يقدّمها تروتسكيون متنوّعون و إشتراكيون ديمقراطيون و نقاد برجوازيون صغار للماركسية الثورية تؤدى إلى القول بعدم وجود فرق ذى طبيعة نوعية بين الإمبريالية و الأمم المضطهَدة من قبل الإمبريالية و إذا و بضربة واحدة إلى فسخ واحدة من أهم خصائص كل عصر الإمبريالية .
فى الواقع ، تواصل الإمبريالية عرقلة قوى الإنتاج فى البلدان التى تستغلها و لا يؤدى مستوى " التطوّر " الرأسمالي المعين (الهام إلى هذا الحد أو ذاك ) الذى تدخله الإمبريالية لا شك فى ذلك إلى تطوير السوق الوطنية المتجانسة أو نظام إقتصادي رأسمالي من النوع " الكلاسيكي" فتطوّر هذه البلدان مختلّ بالكامل و تابع للرأسمال الأجنبي و يخدم مصالح هذا الأخير. و على الثورة فى مرحلتها الأولى أن تبقى على الإمبريالية الأجنبية كهدف لها حتى فى البلدان المضطهَدة التى "يغلب عليها الطابع الرأسمالي " و كذا العناصر التى تمثل ركائز الإمبريالية فى الداخل . و بالرغم من أن الثورة فى هذه البلدان ستتبع عادة مسارا مختلفا عن مسار الثورة فى البلدان التى تهيمن فيها العلاقات شبه الإقطاعية ، فإنه من الواجب كقاعدة عامة أن تمر الثورة بمرحلة معادية للإمبريالية و ديمقراطية قبل أن تتمكن من بدء الثورة الإشتراكية .
و يطرح نمو مستوى التطور الرأسمالي فى بعض البلدان المضطهَدة مشكلا هاما جدا فى خصوص الأهمية النسبية للمدن بالنسبة للريف على المستويين السياسي و العسكري . وفى بعض هذه البلدان من الصائب أن يفجر الكفاح المسلح بدءا بالإنتفاضات فى المدن و عدم إتباع الرسم القائل بمحاصرة الريف للمدن . بالإضافة إلى ذلك و حتى فى البلدان التى يتبع فيها طريق الثورة محاصرة الريف للمدن يمكن أن تظهر وضعيات تندلع فيها تمردات جماهيرية تؤدى إلى إنتفاضات فى المدن و على الحزب أن يكون مستعدا للإستفادة من هذه الوضعيات فى نطاق إستراتيجيته الشاملة . و فى كلتا الحالتين يرتبط نجاح الثورة إلى حدّ بعيد بقدرة الحزب على تعبئة الفلاحين و دفعهم إلى المساهمة فى هذه الثورة تحت قيادة البروليتاريا .
بإعتبار أن جهاز الدولة المركزي قد نصب فى هذه البلدان حتى قبل أن تعرف
" تطورا رأسماليا" ، فإن أغلب البلدان شبه المستعمرة أو المستعمرات الجديدة تشمل تشكيلات متعددة القوميات و كثيرا ما يكون جهاز الدولة نفسه مخلوقا من قبل الإمبرياليين أنفسهم .و بالإضافة إلى ذلك ، فإن رسم حدود هذه البلدان كان نتيجة الإحتلالات والمؤامرات الإمبريالية . و هكذا نجد أمما مضطهَدة و فوارق قومية و إضطهادا قوميا شرسا حتى داخل البلدان المضطهَدة من قبل الإمبرياليين . و لا تقتصر، فى عصرنا هذا، المسألة الوطنية على مشكل داخلي لبلدان معينة بل تجد نفسها مرتبطة بمسألة الثورة الإشتراكية العالمية و عليه فإن حلّ المسألة خاضع مباشرة لنجاح النضال ضد الإمبريالية و فى هذا الإطار ، على الماركسيين –اللينينيين-الماويين المناداة بحق تقرير المصير للأمم المضطهَدة فى أشباه المستعمرات المتعدّدة القوميات .
و هكذا يمكن أن نقول إن للماركسيين –اللينينيين- الماويين ، فى المستعمرات و أشباه المستعمرات، مهمّة مزدوجة يقومون بها على الجبهة السياسية و الإيديولوجية فعليهم من جهة مواصلة الدفاع و نشر تطوير تعاليم ماو الأساسية حول طبيعة و مسار الثورة فى هذا النوع من البلدان و عليهم أيضا الدفاع عن و محاولة التقدم على الأسس الموضوعية التى أرستها المبادرات الثورية التى طبعت "السنوات المجنونة " (إستعارة لتعبير لينين) للستينات و من جهة أخرى على الشيوعيين الثوريين التدليل على حضور الفكر النقدي الماركسي من أجل تحليل كل من تجربة الماضي و الوضعية الحالية و التغييرات التى يمكن أن تطرأ على سير الثورة فى هذه البلدان.
المهام فى البلدان الإمبريالية :
يمكننا أن نستعيد صيغة نداء 1980 : " تبقى ثورة أكتوبر المرجع الأساسي للإستراتيجية و التكتيك الماركسي-اللينيني" فى البلدان الإمبريالية .و علينا تأكيد ذلك و تعميقه إذ أن المبادئ الأساسية للينينية و الخاصة بإعداد الثورة البروليتارية و إنجازها فى البلدان الإمبريالية قد بقيت لوقت طويل تحت ركام من التشويهات التحريفية .
ولقد أكد لينين بكثير من الصواب أهمية أن يطوّر الشيوعيون فى صفوف العمال حركة سياسية واسعة النطاق تكون قادرة حالما تسمح الظروف بذلك ،على توجيه إنتفاضة القوى الإجتماعية الثورية ضد سلطة الدولة الرجعية . كما أن لينين لاحظ بكثير من الصواب بأن حركة ثورية من هذا النوع لا يمكن لها أن تنبثق بعفوية من خلال نضالات العمال الإقتصادية من أجل عيشهم اليومي و أن هذا النوع من النضالات لا يمثل الحقل الأكثر أهمية لتطوير نشاط ثوري . و قد قدم لينين أطروحة أن على الثوريين أن "يحيدوا "بالحركة العفوية للجماهير لإخراجها من الطريق الضيقة جدا التى تعتنى بشروط العيش و بيع قوة العمل و من أجل النجاح فى جعل هذه الحركة العفوية "تحيد" ، يجب إعطاء العمال عناصر وعي سياسي طبقي تأتي من "خارج " المدار الضيق لتجاربهم اليومية خاصة بفضل التشهير السياسي و تحاليل كل الأحداث العامة فى كل ميادين المجتمع ، فى الميدان السياسي و الثقافي و العلمي إلخ . و لن يتشكل قطاع من البروليتاريا ذو وعي سياسي طبقي إلا بهذه الطريقة فيجّمع بروليتاريين واعين بمهامهم الثورية و بطبيعة دور كل القوى الطبقية الأخرى فى المجتمع .
كما أن لينين شدّد أيضا على أن الدعاية و التحريض مهما كانا هامين فإنهما غير كافيين . فلن تتمكن الجماهير من تطويرعميق لوعيها الثوري و من تعلم النضال إلا من خلال الصراع الطبقي ، خاصة من خلال النضال السياسي و الثوري. و بهذه الطريقة ، بالتزامن مع نشاط شيوعي واسع النطاق، تتمكن الجماهير من التعلم إنطلاقا من تجاربها الخاصة و أن تتربي فى أوار الصراع الطبقي .
وبعيدا عن أن يكون داعية "للوحدة الصماء للطبقة العاملة " بّين لينين أن الإمبريالية تؤدى لا محالة إلى " تغييرفى العلاقات الطبقية " إلى إنقسام فى صلب الطبقة العاملة فى البلدان الإمبريالية بين البروليتاريا المضطهَدة و المستغَلة من جهة و بين شريحة عليا من العمال يقاسمون البرجوازية غنيمتها و يعملون اليد فى اليد معها .
و قد تصدى لينين بضراوة أيضا لكل الذين سعوا ، بهذه الطريقة أو تلك ، إلى دمج مصالح البروليتاريا فى مصالح برجوازيت"هم " الإمبريالية . و ناضل بلا هوادة من أجل خط الإنهزامية الثورية فيما يخص الحروب الإمبريالية و لم يكن إطلاقا يتوانى عن رفع راية الأممية البروليتارية فى وجه " الراية الوطنية " البرجوازية الحقيرة.
و قد بيّن لينين أيضا كيف أن آفاق الثورة فى البلدان الرأسمالية مرتبطة بالوضعيات الثورية قليلة الحدوث فى هذه البلدان و لكنها المعبّرة بطريقة مركزة عن التناقضات الأساسية للرأسمالية . و قد حلل واقع أن الأممية الثانية إرتكبت خطأ عند المراهنة الكلية على أن الفكرة الإشتراكية كانت ستأخذ بالنموّ داخل الجماهير فى تؤدة و دون هزات مؤكدا على النقيض من ذلك أن على الشيوعيين فى الفترات "الهادئة " نسبيا أن يجهزوا أنفسهم تحسبا للظهور المحتمل لتلك الأحيان الإستثنائية فى التاريخ التى يصبح من الممكن فيها إحداث تغييرات ثورية فى هذا النوع من البلدان و حيث تسم نشاطات الثوريين بميسمها المجتمع و العالم "للعشرات من السنين اللاحقة " .
و رغم أن لينين كان قد عبر بوضوح عن رأيه فى هذا المجال و رغم أن هذه المسائل تحتلّ مكانة مركزية فى مجموع النظرية العلمية الإشتراكية ، فإن اللينينيين كثيرا ما قرّروا عدم إيلاءها أية أهمية .
و قد ظهرت إنحرافات إقتصادوية و تصورات خاطئة "للحزب الجماهيري" فى الوضعيات اللاثورية فى سياسات بعض الأحزاب فى وقت مبكر من تاريخ الأممية الثالثة . و توطّدت هذه الميولات و إنتهت بان كونت معتقدات حقيقية فى صفوف الحركة الثورية فى نفس الوقت الذى ظهرت فيه ميولات خاطئة أخرى و خطيرة جدا سارعت بالدفاع عن المصالح الوطنية للبرجوازية فى البلدان الإمبريالية .
و للأسف كانت القطيعة مع التحريفية المعاصرة فى الستينات غير كافية بصفة جلية خاصة بالنسبة إلى مسألة الإستراتيجية و التكتيك الشيوعيين فى البلدان الإمبريالية . و بالرغم من أن أطروحة "الطريق السلمية " كانت نقدت و رفضت و أن التحليل القائل بأن إنتفاضات مسلحة قد تكون ضرورية كان قد روّج على نطاق واسع فإن المجهود الذى كان يجب بذله لتقييم منابع التحريفية داخل الحركة الشيوعية فى البلدان الرأسمالية كان ضعيفا و ركزت القوى الماركسية -اللينينية نشاطاتها بصفة عامة على التجارب السلبية لبعض الأحزاب الشيوعية خلال الثلاثينات أكثر من التركيز على "طريق ثورة أكتوبر" الذى رسم فى ظلّ قيادة لينين .
و قد شاهدنا فى أغلب البلدان الإمبريالية ، خلال الستينات ، جناحا معتبرا من قوى ثورية جديدة تحيد نحو المغامراتية و الفئوية اليسراوية . و لكن مع مرور السنين إرتكبت الأحزاب و المنظمات الماركسية -اللينينية-الماوية عامة خطأ أدّى بها إلى محورة عملها حول نضالات العمال من أجل عيشهم اليومي و مزاحمة التحريفيين و الزعماء البرجوازيين للنقابات على زعامة هذه النضالات . إن هذا التقديس "للعامل المتوسط" و هذا الإنهماك فى النضالات الإقتصادية لم ينجح فى الإتيان بشيئ يذكر فى سبيل ربح حقيقي للعمال و دفعهم إلى إتخاذ موقف ثوري و الإنخراط فى الأحزاب الماركسية -اللينينية- الماوية و للأسف كان لهذه السياسة تأثير ضار على الأحزاب الماركسية -اللينينة- الماوية نفسها و على أعضائها . فقد تبيّن أن الخط الإقتصادوي الذى هيمن فى الحركة الماركسية-اللينينية- الماوية فى هذه البلدان يتناقض مع المبادئ الثورية التى إنبنت عليها هذه الحركة . و قد إنخرط المناضلون الشبان الذين كانوا يمثلون الأغلبية الكبرى لأعضاء هذه الأحزاب فيها لأنهم كانوا يريدون النضال من أجل الشيوعية . وكانت رغبتهم فى توسيع الحركة الثورية للستينات قصد جذب البروليتاريا لها و إختلاطهم هم أنفسهم بالعمال ،( وهي الرغبة التى كانت بالتأكيد مستوحاة فى جانب كبير منها من تجربة ثورييى الثورة الثقافية الشبان) وتمثل شعورا ثوريا محقا و قويا و لكن ذلك لم يمنعه من أن يخنق و يشوّش بفعل تأثير الإقتصادوية. و عندما عرفت الهبّة الثورية العالمية فترة جزر ، مالت الأحزاب و المنظمات الماركسية -اللينينية- الماوية أكثر فأكثر نحو اليمين أملا فى وجود صدى أوسع داخل الجماهير على قاعدة خط لم يكن ثوريا . و لقد تقلّصت أكثر فأكثر العلاقة بين المهام التى كان مناضلو هذه المنظمات يجتهدون فى إنجازها و بين الإعداد للثورة وهو ما أدى إلى إنحرافات من كل نوع و إلى يأس المناضلين و إلى توطّد الإنتهازية .
و تفاقمت خطورة الوضعية والخلط الذى أظهره الماركسيون –اللينينيون-الماويون تجاه مسألة "المهام القومية " (أو بالأحرى تجاه غيابها) فى البلدان الإمبريالية . و قد أشرنا بعدُ إلى أن الصراعات التى خاضها الحزب الشيوعي الصيني شملت أخطاء هامة فى خصوص هذه المسألة و أن هذه الأخطاء كانت قد إستوعبتها الحركة الماركسية –اللينينية- الماوية . و قد إختلطت الرغبة الحقة بكل تأكيد و الأممية فى النضال ضد إمبريالية الولايات المتحدة (و التى وضعت بكل صواب كمخفر رئيسي للرجعية العالمية آنذاك ) أكثر فأكثر بسياسة كانت تؤدى إلى الدفاع عن مصالح بعض البلدان الإمبريالية حينما تصطدم هذه المصالح بمصالح الولايات المتحدة أو (وخاصة ) منذ بداية السبعينات ، بمصالح الإتحاد السوفياتي . و قد تبنت العديد من الأحزاب الماركسية -اللينينية-الماوية مواقفا خاطئة أكثر فأكثر تجاه الأحداث على المستوى العالمي و كانت هذه المواقف تتناقض مع الأممية و تصطف موضوعيا إلى جانب خط التحضيرات للحرب الإمبريالية و قمع الثورة المضادة . و قد لاحظنا فى مناسبة سابقة أن بعض الأحزاب الماركسية -اللينينية-الماوية فى البلدان الإمبريالية كانت قد تبنت مواقف إشتراكية شوفينية حتى قبل الإنقلاب فى الصين سنة 1976.
و تمثل الإقتصادوية و الإشتراكية الشوفينية ( بما فى ذلك الشكل الجنيني "لنظرية العوالم الثلاث" ) خطأين خطيرين و مرتبطين الواحد بالآخر و هما العاملان الذاتيان الرئيسيان اللذان ساهما فى الإنهيار شبه الكامل للحركة الماركسية -اللينينية- الماوية فى أوروبا، إثر الإنقلاب فى الصين . و على الشيوعيين ، عند سعيهم إلى بناء و توطيد أحزاب ماركسية-لينينية-ماوية حقيقية فى البلدان الرأسمالية المتقدمة أن يهتموا كثيرا بالنضال ضد التأثيرات التى أحدثتها هذه الإنحرافات .
و فى حين كانت الحركة الماركسية -اللينينية- الماوية فى البلدان الرأسمالية المتقدمة تتجه نحو الإنحراف ، حاولت بعض الأجنحة من الثوريين الشبان أن تجد "إيديولوجيا جديدة " وطريقا آخر تتبعه . إن إنجذاب قسم من الشبان نحو الفوضوية أو أشكال أخرى من الراديكالية البرجوازية الصغيرة ، إنعكاس لواقع أنهم يرغبون فى تحقيق تغييرات ثورية . و لكن هذه القوى عاجزة عن لعب دور ثوري بالكامل بإعتبار أنها تنقصها النظرية الوحيدة الثورية بالكامل ،الماركسية . و قد إختار عدد قليل من العناصر، فى بعض البلدان ، الإرهاب خطا سياسيا و إيديولوجية لا يعتمد على الجماهير الثورية و لا يحدد بصواب وسائل هزم الإمبريالية بصفة ثورية .و بالرغم من أن هذه الحركات الإرهابية تحب أن تدعى أنها " ثورية " للغاية إلا أنها فى الحقيقة قد إستوعبت سلسلة كاملة من الإنحرافات التحريفية و الإصلاحية كوجوب النضال من " اجل التحرر الوطني " المزعوم لبعض البلدان الإمبريالية مثلا و الدفاع عن الإتحاد السوفياتي الإمبريالي ...إلخ . و تشترك هذه الحركات مع الإقتصادوية فى نقص أساسي فى فهم واقع أنه يجب من كل بد، من أجل الإعداد للثورة ، تطوير مستوى الوعي السياسي للجماهير و قيادتها فى نضالات سياسية.
و بالرغم من أن " الغوص" فى المبادئ الأساسية للينينية يجب أن يكون نقطة إنطلاق من أجل صياغة خط ثوري فى البلدان الإمبريالية ، فإنه غير مسموح لنا بأن نراوح مكاننا فالبلدان الإمبريالية اليوم مختلفة شديد الإختلاف و على عدّة أصعدة عن روسيا بداية القرن أو عن البلدان الإمبريالية الأخرى آنذاك . و لقد تمكننا أيضا من مراكمة تجارب عديدة (إيجابية و سلبية ) منذ ثورة أكتوبر بالنسبة لبناء الحركة الثورية فى هذه البلدان .
ولقد حققت الإمبريالية خلال نموّها تغييرات عديدة مهمّة فى هذه البلدان بما فى ذلك التصفية شبه الكاملة للفلاحين فى بعض البلدان و نموّ سريع لقطاعات جديدة من البرجوازية الصغيرة إلخ . و لكن التغيير الأهم يظهر فى التعاظم الضخم لطفيلية البلدان الإمبريالية (المرتكزة على نهب الأمم المضطهَدة ) و ما يصحبه من تكثيف الإستقطاب داخل الطبقة العاملة .
و توجد فى البلدان الإمبريالية أرستقراطية عمّالية ضخمة ذات قاعدة صلبة و تأثير معتبر تستفيد من وجود الإمبريالية و لا تطلب أحسن من أن تخدم مصالحها . و تعمّق الإمبريالية التناقض بين هؤلاء العمّال و شريحة واسعة من الطبقة العاملة (بما فى ذلك جيش الصناعة الإحتياطي –العاطلون عن العمل ) المفقرين و الراغبين فى النضال من أجل تغيير جذري للأوضاع والذين يجدون أنفسهم مجبرين على النضال من أجل التوصّل إلى ذلك . و تشمل هذه الشريحة السفلى من الطبقة العاملة فى البلدان الرأسمالية الغربية الرئيسية جزءا هاما من العمال المهاجرين الوافدين من بلدان مضطهَدة من قبل الإمبريالية نفسها و كذلك تشمل أحيانا أقليات قومية و أمما مضطهَدة داخل البلدان الإمبريالية ذاتها و تكون تلك الشريحة السفلى من الطبقة العاملة العنصر الأهم فى القاعدة الإجتماعية لحزب البروليتاريا فى البلدان الإمبريالية .
و بين هتين الشريحتين من الطبقة العاملة، يوجد عدد هام من العمال (و فى بعض الحالات حتى الأغلبية ) الذين حتى وإن كانوا لا يستفيدون من وجود الإمبريالية بنفس طريقة الأرستقراطية العمالية ، فإنهم تلقوا تأثير فترة إزدهار نسبيا طويلة و لا يجدون أنفسهم مجبرين فى الأوقات العادية على إبراز أحاسيس ثورية . و أحد محاور النضال الهامة فى الصراع بين البروليتاريين ذوى الوعي السياسي الطبقي يقودهم الحزب الماركسي-اللينيني-الماوي من جهة و بين الأرستقراطية العمالية الرجعية و أشكال تعبيرها السياسي من جهة أخرى من أجل جذب تعاطف جماهير هؤلاء العمال الواسعة بقدر ما يدفعهم إزدياد خطورة الأزمة إلى التحرك خاصة حينما تتشكل وضعية ثورية . و بالرغم من أن على الحزب الماركسي-اللينيني- الماوي فى البلدان الإمبريالية ألآ يهمل تطوير نشاط معين داخل القطاعات المتبرجزة من الطبقة العاملة ، فإن عليه أن يركز نشاطه رئيسيا داخل شرائح العمال ذوى الطاقات الثورية الأكبر.
و لن يكون بناء حركة ثورية و قيادتها نحو الإنتصار ممكنا ما لم نعر إهتماما لنضالات الطبقة العاملة و شرائح إجتماعية أخرى من أجل عيشها اليومي . و بقدر ما يتجنب الحزب تركيز إهتمامه و إهتمام الجماهير على مثل هذه النضالات ، و بقدر ما يتجنب إهدار قواه و طاقته هو أو قوى و طاقات الجماهير ، فإنه عليه ألا يهمل إبراز نشاط معين بالنسبة لهذه النضالات فقيادة نضالات إقتصادية لا يعنى الإقتصادوية. و على الحزب البروليتاري أن يأخذ بعين الإعتبار جديا هذه النضالات خاصة حينما توجد إمكانيات لتجاوز هذه النضالات حدود الإتفاقات. وهذا يعنى أنه يجب تطوير نشاط تجاه هذه النضالات بما ييسّر إنتقال الجماهير نحو إتخاذ موقف ثوري خاصة حينما تكون الظروف ناضجة من أجل الثورة.
و على الحزب الماركسي –اللينيني-الماوي أن يسعى إلى تطبيق التوجيه اللينيني : تحويل المصانع إلى قلاع للشيوعية . و لا تقتصر أهمية ذلك على زاوية التحضير السياسي للثورة و لكن أيضا على زاوية كل ما يستتبع ذلك بالنسبة للإنتفاضة المسلحة للبروليتاريا . فإذا لم تتمكّن الأحزاب الماركسية -اللينينية-الماوية فى البلدان الإمبريالية من غرس جذور عميقة داخل الجماهير الثورية من خلال بلورة و تطبيق خط جماهيري ثوري فإنها ستجد صعوبة كبرى فى الإستفادة من ظهور وضعيات ثورية .و لا يزال فى هذا المجال التكتيك و أسلوب العمل اللذان بلورهما الحزب البلشفي و اللذان وصفهما لينين و حلّلهما يعدان مثالا أساسيا . و لكن ، من أجل تطبيق خط جماهيري و أسلوب عمل ثوريين ، يتوجب على ماركسيي –لينينيي- ماويي البلدان الإمبريالية أن يرفضوا القوالب الجاهزة التى تدعى إتباع الطرق "الصحيحة " وحدها فى النضال و التنظيم و كذلك المقولات الدغمائية عامة . و عليهم بالقيام بتحليل للخصوصيات المميزة للإمبريالية المعاصرة و تمحيص لطبيعة النضالات التى خاضتها الجماهير عن قرب و عليهم بالسعي إلى إيجاد حقول جديدة تلاءم والممارسة الثورية و تطوير أشكال جديدة للنضال و لتنظيم الجماهير و إستعادة لمقولة لينين الحية ،علي الشيوعيي " ألا يتخذ كاتب الجمعية المهنية مثاله الأعلى بل الخطيب الجماهيري".
و بالتوازي مع تركيز الحزب الماركسي-اللينيني- الماوي رئيسيا على شرائح البروليتاريا ذات الطاقات الثورية الأكبر، عليه بالسعي إلى تطوير نشاط ثوري معين داخل شرائح أخرى من المجتمع بما فى ذلك داخل بعض عناصر البرجوازية الصغيرة.
و هنالك عامل آخر يمكن أن يكون مساعدا جدا للثورة البروليتاريية فى عدد كبير من البلدان الإمبريالية هو أن هذه الوحوش الإمبريالية تحمل فى أعمق أعماق ذاتها أقليات قومية و أمما مضطهَدة . و قد سجلنا بعدُ أن عددا هاما من بروليتاريي هذه القوميات كثيرا ما يكونون جناحا هاما من الطبقة الوحيدة المتعدّدة الجنسيات ،البروليتاريا . بالإضافة إلى ذلك فإن المسألة القومية تطرح بصفة أوسع بحيث تشمل طبقات و شرائح أخرى من هذه القوميات المضطهَدة و كثيرا ما أدت هذه الوضعيات إلى تفجر نضالات قومية حادة جدا داخل هذه البلدان الإمبريالية نفسها و فى هذه البلدان ، إذا ما تطرقت الأحزاب البروليتارية ( التى عليها أن تدعم هذه النضالات و تدافع عن حق تقرير المصير حيثما تطرح المسألة ) بصواب إلى هذه المسائل ، فإن هذه النضالات يمكن أن تلعب دورا هاما فى النضال من أجل قلب الدولة الإمبريالية .
و فى بلدان أوروبا الشرقية ، تتمثل مهمة الماركسيين- اللينينيين -الماويين فى بلورة إستراتيجية و تدابير تكتيكية صائبة حتى تتمكّن من القيام بثورة إشتراكية آخذين بعين الإعتبار هيمنة الإمبريالية الإشتراكية السوفياتية و ما يستتبع ذلك من مهام و لكن دون أن يفضي ذلك إلى تقليص أو صرف النظر عن المهمّة المركزية ألا وهي قلب سلطة دولة برجوازيتهم البيروقراطية نفسها .
و يفرض تطور الوضع الراهن فى إتجاه حرب عالمية و الأخطار و الفرص الثورية الناجمة عن ذلك على الأحزاب الماركسية -اللينينية- الماوية فى البلدان الإمبريالية أن تعلق أهمّية بالغة على مسألة الحرب العالمية و الثورة. وعلى الحزب الماركسي-اللينيني- الماوي أن يفضح تحضيرات الإمبرياليين للحرب بالعمل خاصة على كشف مصالح و مؤامرات طبقت"ه " المهيمنة الإمبريالية نفسها . و على الحزب أن يبيّن للجماهير أن مثل هذه الحرب تنبع من طبيعة الإستغلال الرأسمالي نفسه و أنها تمثل مواصلة للإقتصاد و السياسة الإمبرياليين و أن تقدّم الثورة العالمية وحده قادر على منع الحرب التى يعدون لها و على مهاجمة الأسباب العميقة لهذه الحرب . وعلى الشيوعيين أن يناضلوا دوما ضد مبادرات الذين يسعون إلى دمج مصالح البروليتاريا بمصالح البرجوازية الإمبريالية و عليهم أن يعلموا البروليتاريين ذوى الوعي السياسي الطبقي و عناصر أخرى أن الراية الوطنية هي راية الإمبريالية و أنها ممرغة بالدماء .
يتعيّن على الشيوعيين أن يدفعوا الجماهير إلى مساندة نضال الشعوب و الأمم المضطهَدة ضد الإمبريالية حتى حينما تكون هذه النضالات تحت قيادة غير قيادة الماركسيين -اللينينيين- الماويين . و يتعيّن على الحزب أن يسعى دائما و بصفة عملية لأن يربي البروليتاريا على عقلية الأممية .
و يستشعر الخطر الراهن المتعاظم لحرب عالمية اليوم بصفة أكيدة داخل جماهير البلدان الإمبريالية و ينبغى للشيوعيين أن يعيروا إهتماما بالغا للحركات الجماهيرية المعادية للإستعدادات للحرب و القيام بكل ما من شأنه أن يجيب على المسائل التى تثيرها هذه الحركات و ينبغى على للحزب الماركسي-اللينيني- الماوي أن يساند العناصر الثورية فى هذه الحركات و أن يسعى إلى إدخالها للحزب . كما ينبغى للحزب أن يتوحد مع مشاعر الجماهير المعادية للحرب فى نفس الوقت الذى يحارب فيه الفكرة الواهمة القائلة بأن "حركة من أجل السلام " معينة قادرة على منع الحرب الإمبريالية و أن يناضل خاصة ضد الآفاق القومية الشوفينية التى لا تمانع فى التضحية ببقية العالم إذا كان ذلك يمكّن من أن تتفادى أمة إمبريالية معيّنة دمار الحرب .
و فى نفس الوقت الذى يسعى فيه الحزب الماركسي-اللينيني- الماوي فى البلدان الإمبريالية إلى التوحّد مع الجماهير فى النضال ضد الإستعدادات للحرب فهو يمتنع فيه عن الدعوة إلى أو مساندة المطالبة بإقامة "مناطق لا نووية " و المفاهيم الراهنة فى خصوص إنهاء وجود الكتل الإمبريالية إلخ ...فعلى الشيوعيين دوما و حتى فى البلدان الأقل وزنا و التى لا تمتلك أسلحة نووية أن يسعوا إلى إفهام الجماهير أن الإمبريالية تولد حروبا عالمية و أن لكل الطبقات الإمبريالية الممسكة بالسلطة قسطها من المسؤولية فى تحضير هذه الجريمة ضد الإنسانية و أن الحلّ الوحيد الحقيقي هو فى القيام بالثورة عوضا عن السعي إلى جعل بعض البلدان تبقى على"الحياد " وهي المبادرة التى لا تجد لها أساسا فى الواقع و الرجعية فى نهاية المطاف .
و من واجب الحزب الماركسي- اللينيني- الماوي أن يستعدّ و أن يجعل البروليتاريا الثورية مستعدّة بما يضمن ، فى حالة عدم توفق الثورة إلى منع حرب إمبريالية ، الإستفادة من وهن الإمبرياليين و تعميق مشاعر الحقد التى ستولدها هذه الحرب بلا شك و إلى حدود واسعة و تحويلها إلى صدور الإمبرياليين أنفسهم و تحويل الحرب الإمبريالية إلى حرب أهلية. يتعيّن على الأحزاب الماركسية -اللينينية- الماوية لكل البلدان الإمبريالية أن يتبنوا سياسة الإنهزامية الثورية .
و تلعب الصحافة الشيوعية فى البلدان الإمبريالية دورا له أهمية خاصة فى إعداد الثورة البروليتارية و من الواجب تطوير الصحافة بما يجعلها لسانا جماعيا للدعاية و التحريض و لتنظيم الحزب .
و تقع على عاتق الماركسيين –اللينيننيين- الماويين فى البلدان الرأسمالية المتقدّمة مهمّة مواصلة محاربة التأثير المقيت للتحريفية و الإصلاحية داخل صفوفهم نفسها .و المسألة الأساسية هنا هي المثابرة على النضال من أجل المبادئ التى بلورها لينين فى تحضير و إنجاز ثورة أكتوبر المحققة تحت قيادته . و على الماركسيين –اللينينيين- الماويين ، فى نفس الوقت ، القيام بتقييم تجربة الماضى و محاربة الدغمائية و أن يتوخّوا الصلابة فى المبدأ و المرونة فى التكتيك و البدء بإنجاز تحليل علمي للتبدلات الحاصلة فى البلدان الإمبريالية خلال العشريات الأخيرة و لتطوّر الإستراتيجية الثورية التى يمكن أن تجعلها هذه التبدّلات ضرورية .
من أجل وحدة الماركسيين –اللينينيين إيديولوجيا و سياسيا و تنظيميا :
إن الحركة الشيوعية حركة أممية و لا يمكن لها إلا أن تكون كذلك و بالفعل ، عند إشهاره الإشتراكية العلمية، كان "بيان الحزب الشيوعي" قد أعلن :" يا عمال العالم إتحدوا !" . وإكتست الوحدة الأممية للطبقة العاملة ، مع إنتصار ثورة أكتوبر و تكوين الأممية الشيوعية و نشر الماركسية-اللينينية اللاحق لذلك فى أرجاء الكرة الأرضية معنى أعمق .
و اليوم و فى إطار الأزمة العميقة التى تحتدّ داخل الصفوف الماركسية-اللينينية ، نستشعر بإلحاح أكبر ضرورة الوحدة الأممية و ضرورة قيام تنظيم أممي جديد . وهي تجتهد فى سبيل التنظيم على المستوى العالمي ،راكمت البرولياتاريا العالمية تجربة إيجابية و سلبية فى آن معا .
و من الواجب إخضاع فكرة حزب عمالي واحد و المركزية المفرطة للكومنترن المنجرّة عنها إلى تحليل حتى نتمكن من إستقاء الدروس السديدة فى خصوص تلك الفترة تماما كما في خصوص نجاعات الأمميات الأولى و الثانية و الثالثة . و من الواجب كذلك تمحيص ردّة فعل الحزب الشيوعي الصيني إزاء المظاهر السلبية للكومنترن المبالغ فيها والتى أدت به إلى رفض تحمل المسؤولية التى فرضت نفسها فى قيادة بناء وحدة القوى الماركسية-اللينينية تنظيميا على المستوى العالمي .
و فى هذا الظرف الحرج من التاريخ العالمي ،على البروليتاريا العالمية أن ترفع التحدي فى تكوين منظمة أممية من طراز جديد ترتكز على الماركسية-اللينينية -الماوية كأساس نظري يستوعب التجارب الثمينة للماضي . وهذا الهدف ينبغى أن يشهر عاليا أمام البروليتاريا العالمية و مضطهَدى كل العالم بنفس الجرأة الثورية التى دلّل عليها أسلافنا منذ الكومونيين فى باريس إلى المنتفضين البروليتاريين فى شنغاي الذين تجرأوا على مهاجمة السماء و قرروا إتيان " المستحيل " – بناء عالم شيوعي .
و سوف يكون مسار بناء منظمة كهذه على الأرجح مسارا طويل الأمد . و تتمثّل المهمّة الأكثر أساسية فى هذا الصدد بالنسبة للماركسيين –اللينينيين فى وضع خط عام و شكل تنظيمي صحيح و قادر على الإستمرار بما يتناسب مع الواقع المعقد لعالم اليوم و مع الفرص التى يتيحها .
و مهمّة هذه الأممية الجديدة ستكون وضع و تعميق تقييم التجارب المعيشة و تطوير أكبر للخط العام الذى تستند إليه و العمل كمركز سياسي يوفر قيادة جماعية . و هذه المهام تستوجب شكلا من المركزية الديمقراطية المبنية على الوحدة السياسية و الإيديولوجية للماركسيين –اللينينيين. و لكن المنظمة لن تعمل بنفس الطريقة التى يعمل بها حزب بلد معين ،بما أن هذه المنظمة ستتكون من أحزاب مختلفة سوف تعامل على قدم المساواة و ستتحمل مسؤولية قيادة الثورة فى كل بلد معين بما يؤدى إلى إسهام كل حزب بقسطه فى التحضير و الإسراع بالثورة العالمية.
و إعتبارا لمستوى الوحدة الإيديولوجية و السياسية و لمستوى النضج اللذان بلغتهما الأحزاب و المنظمات الماركسية –اللينينية خلال المؤتمر الثانى فإنه يتوجب على هذه الأحزاب و المنظمات وضع بعض الإجراءات العملية قيد الممارسة بما يضع أساسا لتحقيق مهام أرقى ورد ذكرها أعلاه :
1) يجب تطوير مجلّة أممّية بما يجعلها أداة أساسية لإعادة بناء الحركة الشيوعية العالمية وعلى هذه المجلّة أن تكون بنفس الوقت وسيلة نشر لتحاليل و تعاليق سياسية و منبرا أيضا يمكن مناقشة المسائل التى تطرح على الحركة الأممية فيه . و تتعيّن ترجمة هذه المجلة إلى أكبر عدد ممكن من اللغات و توزيعها بنشاط داخل صفوف الأحزاب الماركسية –اللينينية وبين قوى ثورية أخرى .على الأحزاب الماركسية –اللينينية الشروع فى مراسلة منتظمة للمجلة و المساهمة فيها بالمقالات و النقد.
2) تلقى على عاتق الحركة الشيوعية العالمية مهمّة جماعية تتمثّل فى المساعدة على تشكيل أحزاب ماركسية –لينينية جديدة و تقوية الموجودة منها بعد ُ و يجب إيجاد الوسائل الكفيلة بتأمين مساعدة الحركة العالمية للماركسيين-اللينينيين فى مختلف البلدان على القيام بهذه المهمّة الأساسية .
3) يجب على الأحزاب و المنظمات الماركسية-اللينينية أن تخوض حملات مشتركة و منسقة و يجب أن تنجز أنشطة غرة (إيار) ماي إنطلاقا من قرارات موحدة .
4) على الأحزاب و المنظمات الماركسية-اللينينية المختلفة أن تضع قيد الممارسة الخط السياسي و الإجراءات التى وقع إعتمادها من قبل المؤتمرات الأممية و التى إنخرطت فيها هذه الأحزاب مع مواصلة الصراع بنزاهة و على مستوى راق حول المسائل المختلف فيها
5) على الأحزاب و المنظمات الماركسية –اللينينية ، فى حدود طاقاتها ، المشاركة فى ممارسة و تمويل المهام من أجل الرفع أكثر من وحدة الشيوعيين .
6) يجب تكوين لجنة إنتقالية – مركزا سياسيا فى حالة جنينية - حتى تؤمن قيادة جماعية لمسار بناء وحدة الشيوعيين إيديولوجيا و سياسيا و تنظيميا بما فى ذلك من خلال تحضير مشروع نص الخط العام للحركة الشيوعية .
يعدّ تكوين الحركة الثورية الأممية على قاعدة الوحدة الإيديولوجية و السياسية الأكثر تقدما التى بلغها الماركسيون-اللينينيون من خلال مسار صراعات خيضت بنزاهة و على مستوى راق خطوة إلى الأمام بالغة الأهمية بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية و لكنه يبقى من البديهي دائما أنه يتوجب أن نصارع ضد الساعة حتى نتجاوز تأخّرنا تجاه التطوّرالسريع للظروف الموضوعية على المستوى العالمي. يحتاج النضال الثوري للجماهير الشعبية فى كل البلدان إلى قيادة ثورية حقيقية و تقع مسؤولية تأمين هذه القيادة على عاتق الماركسيين -اللينينيين الحقيقيين فى البلدان المعنيّة و على المستوى العالمي فى نفس الوقت الذى يواصلون فيه النضال من أجل توطيد و تطوير مستوى وحدتهم . و بهذه الطريقة سيمكّن الخط الإيديولوجي و السياسي الصائب من إفراز جنود جدد ومن تكوين قوّة مادية أقوى فأقوى.
إن كلمات" بيان الحزب الشيوعي" يعلو صليلها اليوم حتى أكثر: " ليس للبروليتاريا ما تفقده فيها سوى قيودها و أغلالها ، و تربح من ورائها عالما بأسره".
مارس 1984














الفصل الثاني : وثيقة الحركة الأممية الثورية (2)

لتحي الماركسية-اللينينيــــــة-الماويـــــــة

مقدمة :

تأسست الحركة الأممية الثورية ( الح . الأ . الث ) سنة 1984 جامعة داخلها من كل العالم نواة الثوريين الماويين المصممين على المضي قدما فى النضال من أجل عالم خال من الاستغلال والاضطهـاد والامبريالية ، عالم فيه يتم تجاوز حتى تقسيم المجتمع الى طبقات ـ العالم الشيوعـي المستقبلي . ومنـــذ تكوين حركتنـــــا،واصلنا التقـــّدم والآن وبمناسبة مائوية ماوتسي تونــغ وبشعور عميـــق بمسؤولياتنا ، نعلـن للبروليتاريا العالمية وللجماهير المضطهدة في العالم بان الايديولوجيا التي نسترشد بها هـي الماركسية-اللينينية-الماوية.
لقد تأسست حركتنا علي قاعدة بيان الحركة الأممية الثورية الــذي وقع تبنيه أثناء الندوة الثانية للأحزاب والمنظمات الماركسية-اللينينية ، سنة 1984. والبيان يدافــع عن الايديولوجية البروليتارية الثورية وهو على هذا الأساس، يعالج جوهريا على نحو سليم المهــام الملقات على عاتق الشيوعيين الثوريين في مختلف البلدان وعلى النطـــــاق العالمي و يعالج كذلك على نحو سليم تاريخ الحركة الشيوعية العالميــة وعديد المسائل الحيوية الأخرى. ونحـن نؤكد الآن ومن جديد أن البيان هو الأساس الصلب لحركتنا واليه نضيف اليوم وضوحــا جديدا وفهما أعمق لإيديولوجيتنا و وحدة أصلب لحركتنا .
يشدّد البيـــان بصورة صحيحة على " إضافات ماو تسى تونغ النوعية في مجال علـم الماركسيبة-اللينينية " ويؤكد أيضا على أنه طوره الى " مرحلة جديدة ". ومع ذلك ، فإن إستعمال مصطلح " الماركسية - اللينينية - فكر ماوتسي تونغ " في بياننا يعكس فهمـا غير مكتمـــل بعد لهذه المرحلة الجديدة . فقد انخرطت حركتنا خلال السنوات التسع الماضية فـي نقـاش وصراع طويلين ثريين ومعمقين لكي تستوعب على أكمل وجه تطوير ماوتسي تونــــــغ للماركسيـة. وفي الفترة نفسها، انخرطت أحزاب ومنظمات من الحركة الأممية الثورية والحركة في مجموعها في النضـال الثوري ضد الامبريالية والرجعية . و أهم هذه النضالات كان التجربة المتقدمة لحـرب الشعب التي يقودها الحزب الشيوعي البيروفى والتي نجــحت في تعبئة الملا ييـــن من الجماهير وفي كنس النظام من مناطق عدة بالبلاد و تركيز سلطة العمال والفلاحيـن فــي هــــــذه المناطق . وقد مكنتنا هذه التطورات في النظرية والمما رسة من تعميق فهمنا للإيديولوجيـا البروليتــارية وعلى هذا الأساس ، من القيام بخطوة بالغة الأثر والاقرار بأن الماركسية-اللينينيــــــة-الماويــة مرحلة جديدة ، ثالثة وأرقى فى الماركسية .
المرحلة الجديدة ، الثالثة و الأرقى فى الماركسية :
طّور ماو عدة أطروحات في علاقة بجملة من المسائل الحيويـــة للثـورة الا أن الماويـة ليست مجموع الإسهامات الكبيرة لماوتسي تونغ وإنما هي تطوير شامل و من كل الجوانب للماركسية -اللينينيــــة ارتفع بها الى مرحلة جديدة أرقى . فالماركسية -اللينينيــة-الماويــة كل متناسق ، انها ايد يولوجيــــــا البروليتاريا ملخصة وقد طورها ماركس و لينين و ماو تسي تونغ من الماركسيــة الى الماركسية-اللينينية ثم من الماركسية-اللينينية الى الماركسية-اللينينية- الماوية انطلاقا من تجربــة البروليتـــــاريا والبشريــة فــي صراع الطبقات وفي النضال من أجل الانتاج والتجربة العلمية . انها السـلاح الذى لا يهزم الذي يمّكن البروليتاريا من تفسير العالم وتغييره عن طريق الثورة. فالماركسية- اللينينيـــة-الماوية ايديولوجيا حية وعلميــة بالإمكان أن تطبــق على النطاق العالمي وهي تتطــور بإّطــراد وتثري أكثر فأكثر من خلال تطبيقها في السيرورة الثورية ومن خلال التقدّم في المعرفـــة الانسانيـــة بصفة عامة . و الماركسية-اللينينيـــة-الماوية عـــدو لكافة أشكال التحريفيـــة والدغمائية وهي قوة لا تقهر لأنها صحيحة.
كارل ماركس :
هو أول من طّور الشيوعية الثورية منــذ حوالي مائة وخمسين ( 150 ) سنة . وبمساعدة رفيقه في السلاح فريدريك إنجلس أسّس نظاما فلسفيـا كاملا : الماديــــــة الجدلية. و إكتشف القوانين الأساسية التي تحكم التاريخ البشري . كما طوّر كارل ماركس علم الاقتصاد السياسي الذي أظهر طبيعــــة استغلال البروليتــاريا والفوضى والتناقضــــات الكامنة فى نمط الانتاج الرأسمالي . وتطورت نظريته الثورية في إرتبــاط وثيق بالنضال الطبقي للبروليتـــاريا على المستوى العالمـــي وفى خدمة هذا النضال . فقـد أسس الأمميـة الأولى وكتب بمعية إنجلس بيان الحزب الشيوعي الذي دوّى بندائه ( يا عمال العالم اتحد وا ! ). و أعار ماركس إهتماما كبيرا لكومونة باريس سنة1871 ، كأول محاولة بروليتارية كبرى لإفتكاك السلطـة وإستخلص منهــــا دروسا.
و سلح كارل ماركس البروليتاريا العالميــة بفهم مهمّتها التاريخية ألا وهي إفتكاك السلطة السياسية عن طريق الثورة وإستعمال هذه السلطة - ديكتاتوريـة البروليتـــاريا - من أجـــل تغيـيـر الظروف الإجتماعيـة الى حدّ إندثار أسس التقسيم الطبقـي للمجتمع .
وقاد ماركس النضال ضد الإنتهازيين في الحركة البروليتـــارية الذيـن سعـوا إلى حصر نضال العمال في إطار السعي فقط إلى تحسين أوضــــاع الإستعبـاد المأجــور دون وضع الإستعباد ذاته موضع الإتهام. وصار كل من موقف ماركس الإيديولوجي ونظريتــــه وطريقته يسمّون الماركسية التى تمثل المرحلة الكبرى الأولى فى تطـورعلم البروليتاريا.
فلاديمير إيليتش لينين:

طوّر ف .إ . لينين الماركسية إلى مرحلـــة جد يدة تماما أثناء قيــادته الحركـة البروليتارية الثورية في روسيا والنضــال الذي خاضه في صلب الحركة الشيوعيــــة العالمية ضد التحريفية . ضمن إسهاماته العديدة الأخرى، حلّل تطور الرأسماليــة إلى أعـلى مراحلهــا و آخرها ، الإمبرياليـــة . و بّين أن العالـــم مقسّم بيـن حفنــة مـن القوى الإمبريالية من جهة وبين أغلبية ساحقة من الأمم والشعوب المضطهدة وبيّن أن القــوى الإمبريالية تضطر إلى الدخول في حروب دورية مـن أجـل إعادة تقسيم العالــــم فيما بينها . وحّدد لينين العصر الذي نعيشه كعصر الإمبريالية والثورة البروليتـــاريــة. وطّور مفهوم الحزب السياسي من الطراز الجديد ، الحـزب الشيوعي ، بإعتبــاره الأداة الضرورية للبروليتاريا لقيادة الجماهير الثورية نحو إفتكاك السلطة .

والأهم هو أن لينين رفع نظرية و ممارسة الثورة البروليتـــارية إلى مرحلة جديدة تماما خلال قيادته البروليتاريا فى إفتكاك السلطة السياسية و تعزيزها لأول مرة في التاريـخ بإنتصـار ثــورة أكتوبر فى روسيا القيصرية سابقا عام 1917 .

وخاض لينين صراع حياة أو موت ضد التحريفييــن فــي عهـــده، فى صفوف الأممية الثانية، الذين خانوا الثورة البروليتـارية ودعــوا العمــال إلى الد فاع عن مصالح أسيادهم الامبرياليين ، أثناء الحرب العالمية الأولى . " صدى مدافــع ثــورة أكتوبر " ونضــال لينين ضد التحريفيــة إنتشرا بشكل واسع داخل الحركـة الشيوعيــــة عبر العالــم ووحدا نضالات الشعوب المضطهــدة والثـورة البروليتـــــــاريـة العالمية فتشكلت الأممية الثالثة أو( الأممية الشيوعية) .
إن تطوير لينين الشامل للماركسية فى جميع جوانبها يمثل القفزة الكبـرى الثانية في بلورة الإيديولوجيا البروليتارية.

و بعد وفاة لينين، دافع جوزيف ستاليـــن عن ديكتــاتوريـــة البروليتـــارية ضـد أعدائهــــــا الداخليين وضــد الغزاة الإمبرياليين خلال الحرب العالمية الثانية ومضى قدما فى قضية البناء والتحـويل الإشتراكييـن في الإتحـــاد السوفياتي كما ناضل فى سبيل أن تقر الحـركة الشيوعيـــــة العالميــــة بأن الماركسية-اللينينية مرحلة ثانية كبرى فى تطور الإيديولوجيا البروليتارية .
ماو تسي تونـــغ :

طوّر ماوتسي تونغ الماركسية- اللينينيـة إلى مرحلـــة جد يـدة وأرقى أثناء عشرات السنين التي قاد فيها الثورة الصينية والنضال العالمى ضد التحريفيـــة المعاصرة و الأهم إيجاده نظريا و عمليا طريقة مواصلة الثورة فى ظل ديكتـــاتورية البروليتــاريا بهدف الحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية و مواصلة التقدم نحو الشيوعيـــة.

وقـد طوّر ماو على نحو عظيم المكونات الثلا ثة للماركسية : الفلسفة والاقتصــاد السياسي والاشتراكية العلميــة.

قال ماو: " من فوهة البندقية تنبع السلطة السياسية " و طوّر بصورة شاملة العلم العسكري للبروليتــاريا من خلال تنظيره و ممارسته لحرب الشعب. و علمنــا أن الشعب وليس الأسلحــة هو العامل المحــد د في الحرب. و أبرز أن لكل طبقة أشكالها الخاصة فى الحرب تتماشى مع طابعها وأهدافها و وسائلها الخاصة بها. و أشار إلى أن كل المنطق العسكرى يمكن تلخيصه فى مبدأ " تقاتلون على طريقتكــم ونقاتل على طريقتنــــــا "و إلى أنه على البروليتـــــــاريا أن تصوغ إستراتيجيا وتكتيــكات عسكرية تسمح لها بإستعمال مزاياها الخاصة و ذلك بإطلاق مبادرة الجماهير الثورية والتعويل عليها.
وأكّد ماوتسي تونغ أن سياسة كسب مناطق إرتكاز والتركيـزالمرتب للسلطـــة السياسية هي مفتــــاح تحريرالجماهير وتطوير قدرات الشعب العسكريــة والتوسع على شكل أمواج في سلطته السياسية . وشدّد على الحاجة لقيادة الجماهير فى تحقيقها للتغييرات الثورية فى مناطــــــق الإرتكاز والحاجة إلى تطويرها هذه المناطــق سياسيا واقتصـاديا وثقافيا خدمة للتقدم فى الحرب الثورية .

وعلّمنا ماو أن الحزب هوالذي يجب أن يوجه البنادق ولن يسمح أبدا للبنادق بأن توجه الحزب. و ينبغى أن يتشكّل الحزب كأداة قادرة على إطـــــــلاق الحرب الثــــورية و قيادتها مؤكدا أن المهمة المحورية للثورة هي إفتكــــــاك السلطـة بواسطـة العنف الثوري . إن نظرية ماوتسي تونغ حول حرب الشعب قابلة للتطبيق عالميـا في جميع البلدان رغم أنه يجب أن تـراعى في ذلك الظروف الملموسة لكل بلد آخــــذين بعين الإعتبـــــار خاصة نوعين رئيسيين من البلدان فى عالم اليوم : البلدان الإمبريالية والبلـدان المضطهَدة .
و تمكّن ماوتسي تونغ من حلّ مسألة كيفية إنجاز الثورة في بلد تهيمن عليه الإمبريالية . فالطريق الأساسي الذي رسمه للثـورة الصينيــــــة يمثــــل مساهمة لا تقدر بثمن فى نظرية وممارسة الثورة وهي مرشد لتحرير الشعوب التى تضطهدها الإمبريالية. و هذا الطريق يعنى حرب الشعب و محاصرة الأرياف للمدن ويقوم على الكفــــــاح المسلح كشكل أساسي للنضــال وعلى الجيش الذى يقوده الحزب كشكل أساسي لتنظيم الجماهير وإستنهاض الفلاحين وخاصة الفقراء منهم و على الإصلاح الزراعي و بناء جبهة موحدة بقيادة الحزب الشيوعي وذلك قصد القيــام بثـورة الديمقراطية الجديدة ضد الامبريالية والإقطاع والبرجوازية البيروقراطيــــــة و تركيز ديكتاتورية الطبقات الثورية تحت قيادة البروليتاريا كتمهيـــد ضروري للثورة الإشتراكية التي يجب أن تتلو مباشرة إنتصار المرحلة الاولى من الثـورة . وقدم ماو الأطروحة المتمثلة في " الأسلحة السحرية الثلاثة " : الحزب والجيش والجبهة المتحدة " كأدوات لا بد منها لإنجاز الثــــورة فى كل بلـــــد طبقا للظروف و طريق الثورة الخاصين .
وطوّر بشكل كبيرالفلسفة البروليتارية ، الماديـة الجدلية . و شدّد بالخصوص على أن قانون التناقض ، وحدة الأضداد، هــــوالقانون الأساسي الذى يحكم الطبيعة والمجتمع . و أكد أن وحدة وتماهي أية ظاهرة مؤقتة و نسبية بينما صراع الأضداد لا يتوقف وهو مطلق مما يسفر عن قطيعة جذرية و تحول ثوري . وطبق ماو بإقتدار فهمه لهـــذا القانون في تحليلــه للعلاقة بين النظرية والممارسة مشدّدا على أن الممارسة مصد ر الحقيقـة ومقياسها فى آن معا و مؤكدا على القفزة من النظرية إلى الممارسة العملية. وهكذا طوّرأكثر النظريـة البروليتــــــــــارية في المعرفة. و قاد ماو تمكين الملايين من الجماهير من الفلسفة ومثال عن ذلك تبسيط مقولة" إزدواج الواحد " وذلك فــي تعارض مع الأطروحة التحريفية القائلة ب " دمج الإثنين في واحد ".
كما طوّر قدما فهم " إن الشعب ، والشعب وحده ، هو القوة المحركة فــــي خلق تاريخ العالم " وطوّر أيضا فهم الخط الجماهيري " جمع آراء الجماهير (الآراء المتفرقة غير المنسقة) و تلخيصها ( أي دراستها و تلخيصها فى آراء مركزة منسقة) ، ثم العودة بالآراء الملخصة إلى الجماهير و القيام بالدعوة لها و توضيحها ، حتى تستوعبها و تصبح آراء خاصة بها ، فتتمسك بها و تطبقها عمليا، و تختبر هذه الآراء أثناء تطبيق الجماهير لتعرف أهي صحيحة أم لا." و شدّد ماو على الحقيقة العميقة القائلة بأن المادة يمكن أن تتحول إلى وعي و أن الوعي يمكن أن يتحول إلى مادة مطوّرا أكثر فهم الدور الديناميكي لوعي البشر فى كافة مجالات نشاطهم.
و قاد ماوتسي تونغ النضال العالمي ضد التحريفية المعاصرة التي كان يتصدرها التحريفيــون الخروتشوفيــون ودافــع عن الخـــط الإيد يولوجـي والسياسي الشيوعي ضد التحريفيين المعاصرين و دعا كل الثــــــوريين البروليتاريين الحقيقيين إلـى القطع معهم و تأسيس أحزاب تعتمد مبادىء الماركسية- اللينينية- الماوية .
وقام ماوتسي تونغ بتحليل نافذ للدروس المستقات من إعادة تركيز الرأسمالية في الإتحاد السوفياتي كما حلّل نواقص و إنجازات البناء الإشتراكي في تلك البلاد. وبينما دافع عن المساهمات العظيمة لستالين نقد أخطاء هذا الأخير.
و لخّص تجربة الثورة الإشتراكية في الصين وتجربة صراعات الخطّين المتكررة ضد مراكز قيادة التحريفية داخل الحزب الشيوعي الصيني . وطبّق بإقتدارالماديـة الجدليـــــة فى تحليل التناقضات داخل المجتمع الاشتراكية.
وعلّمنا أن على الحزب أن يلعب الدور الطليعي ، قبل إفتكاك السلطة وأثناء ذلك وبعده ، فى قيادة البروليتاريا في كفاحهـا التاريخـي فى سبيل الشيوعية. وطوّر فهمنا لكيفية المحافظة على الطابع البروليتاري الثـوري للحزب عن طريـــق النضال الإيديولوجي النشيط ضد التاثيرات البرجوازية والبرجوازية الصغيرة فى صفـوفه وإعادة التربية الإيديولوجيـــــة لأعضائه والنقد والنقد الذاتي وكذلك عـن طريـق خوض صراع الخطين ضد الخطوط الإنتهازية والتحريفية داخل الحـزب. و علّمنا ماو أنه بمجرد أن تفتكّ البروليتاريا السلطة و يصبح الحزب القوة القائدة للدولة الإشتراكية ، فإن التناقض بين الحزب والجماهير يصبح تعبيرا مكثّفا عن التناقضات التي تجعل من المجتمع الإشتراكي مرحلة إنتقالية من الرأسمالية الى الشيوعية . وطوّر ماوتسي تونغ فهــــم البروليتاريا للإقتصاد السياسي و للدورالمتناقض والديناميكــي للإنتاج ذاته وترابطه مع البنية الفوقية السياسية والإيديولوجية للمجتمع . وعلّمنا ماو أن نظام الملكية محدد فى علاقات الإنتاج ، إلآ أنه في ظلّ الإشتراكية، ينبغى الإنتباه إلى أن تكون الملكية الجماعية إشتراكية شكلا ومضمونا . و أكّــــد أيضا على ترابط نظام الملكية الإشتراكيــــة والمظهرين الآخرين لعلاقات الإنتـــــاج والعلاقات بين الناس في العمل ونظام التوزيع. وطوّر المقولة اللينينيــة المؤكدة على أن السياسة ليست إلاّ تعبيرا مكثفا للإقتصاد، مبرزا أن فى المجتمع الإاشتراكي صحة الخط الإيديولوجي و السياسي تحدد ما إذا كانت البروليتــــاريــا تملك فعلا وسائل الإنتاج أم لا. و بيّن أن صعود التحريفيـــــــة إلى السلطة يعني صعود البرجوازية وأنه بالنظر للطابع المتناقض للقاعدة الإقتصادية للإشتراكيــــــــة يكون من اليسير على المسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي أن يعيدوا بسرعة تركيز النظام الرأسمالي إذا ما صعدوا إلى السلطة .
وقام ماوتسي تونغ بنقـد معمّق للنظرية التحريفية حول قوى الإنتاج وإستنتج أن البنية الفوقية ، الوعي ، بإمكانهـــــــا تغيير البنية التحتية وبواسطة السلطة السياسية بإمكانها تطوير قوى الإنتاج . و تم التعبير عن كل هذا في شعار "القيـــام بالثورة مع تطوير الانتاج " .
وأطلق ماوتسي تونغ وقاد الثورة الثقافيـة البروليتارية الكبـرى التي مثّلت قفزة كبرى إلى الأمام في تجربة ممارسة ديكتـــــاتورية البروليتاريا . فقد نهض مئـات الملايين من الشعب للإطاحة بالمسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي الذين ظهروا صلب المجتمــــع الإشتراكي والذين تركزوا أساسا في قيادة الحزب ذاته ( أمثال ليوتشـاوتشي و لين بياو ودينــغ سياو بينغ) . وقاد ماو البروليتــــــاريا والجمــــاهير في مواجهتها للمسؤولين السائرين في الطريق الرأسمالي وفى فرض مصالح الأغلبية الساحقــــة ووجهة نظرها وإرادتها في جميع الميادين التي ظلت حتى في المجتمع الإشتراكي الإحتياطي الخاص للطبقات الإستغلاليـــــة ولطريقة تفكيرها .
لذلك حالت الإنتصارات الكبيرة المحرزة خلال الثورة الثقافية دون إعادة تركيز الرأسمالية في الصين لمدة عشر سنوات وأدّت إلى تحولات إجتماعيــــة كبرى في القاعــدة الإقتصــادية وكذلك في التربية والأد ب والفن والبحث العلمي والميادين الأخرى من البنية الفوقية . فى ظلّ قيادة ماوتسي تونغ، قلبت الجماهير التربة التي تنبت الرأسماليـة- مثل الحق البرجوازي والإختلافات الثلاث الكبرى بين المدينة والريف وبين العمال والفلاحيــن وبين العمل الذهني والعمل اليدوى .
وفى خضم هذا النضال الإيديولوجي والسياسي المرير عمق الملا يين من العمـــال والجماهيرالثورية الأخرى بصورة كبيرة وعيهم الطبقي وإستيعابهم للماركسية – اللينينية- الماوية ودعموا قدراتهم على ممارسة السلطة السياسية . و تّم خوض الثـــــورة الثقافيـــة كجزء من نضال البروليتاريا العالمي فكانت مدرسة للأممية البروليتارية .
كما أحاط ماوتسي تونغ بالعلاقة الجدلية بين الحاجة إلى قيادة ثورية من جهة وضرورة إستنهاض الجمـــاهير الثوريــــة القاعدية والإعتمــــــاد عليها فى تطبيق ديكتـــاتورية البروليتــاريا . وهكذا كان تعزيز دكتاتورية البروليتـــاريا كذلك التطبيق الأوسع والأعمق للديمقراطية البروليتارية التي تحققت بعدُ في العالم وبرز قادة أبطـــال أمثال كيانغ تسينغ وتشانــــغ تشون شياو ظلوا إلـى جانب الجمــاهير وقادوها في معركتها ضد التحريفيين وإستمروا فـي رفــع راية الماركسية- اللينينية -الماوية عاليا حتى فى مواجهة الهزيمة المّرة .
قال لينين : " ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا ". لقد تدعم هذا الشرط الذى طرحه لينين أكثر على ضوء الدروس و النجاحات القيمة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى بقيادة ماو تسى تونغ . و يمكن لنا القول الآن ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا و أيضا على الوجود الموضوعي للطبقات و التناقضات الطبقية العدائية و مواصلة صراع الطبقات فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا طوال مرحلة الإشتراكية و حتى الوصول إلى الشيوعية . و كما قال ماو فإن :" كل خلط فى هذا المجال يؤدى لا محالة إلى التحريفية ."
إن إعادة تركيزالرأسمالية إثرالإنقلاب المضاد للثورة ، سنة 1976 بقيادة هواو كو فنغ ودينغ سياوبنغ لايشكك بأي حال فى الماوية أو بالإنجازات التاريخية- العالمية وبالدروس العظيمة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، بل بالعكس ، تؤكد هذه الهزيمة أطروحات ماوتسي تونغ حول طبيعة المجتمـع الإشتراكي وضـرورة مواصلة الثورة في ظل ديكتاتورية البروليتاريا .
بوضوح ، مثلت الثــــورة الثقافيــــة البروليتـــــارية الكبرى ملحمة ثورية تاريـــخية – عالمية وقمة إنتصار شامخــة للشيوعيين والثوريين في العالم وإنجاز لاينضب. ورغم أن الطريـق أمامنا لا يزال طويلا ، فقد مكنتنــا هذه الثورة من دروس غاية فى الأهمية نحن بصدد تطبيقهـــا ومثــال ذلك فكرة أن التغيير الإيديولوجي جوهري فى تمكين طبقتنا من إفتكاك السلطة.
الماركسية- اللينينية -الماوية : المرحلة الثالثة الكبرى:
أثناء الثورة الصينية ، طوّر ماوتسي تونغ الماركسية - اللينينية في عديد الميـادين الهامة إلآ أنه فى بوتقة الثـــورة الثقافيـــة البروليتـــارية الكبرى ، تحققت نقلــة كـبـرى فى إيديولوجيتنا فأخذت المرحلة الثالثة الكبرى ، الماركسية –اللينينية-الماوية ، شكلهـا التام. و من الموقع الأرقى للماركسية-اللينينية-الماويــة ، يمكن للشيوعيين الثوريين أن يستوعبـــوا تعاليم القادة العظام السابقين بصورة أعمق و تكتسى حتى إسهامات ماوتسي تونغ السابقة دلالة أعمق كذلك. واليــــوم، بدون الماوية لا يمكن أن تكون هناك ماركسية-لينينية . وبالفعل ، فإن إنكــــــارها هو إنكار للماركسية-اللينينية ذاتهـــــا .
في بدايتها، تلاقى كل مرحلــة عظيمة في تطـور الإيديولوجيا الثورية للبروليتاريا معارضة عنيدة ولم يقــع الإعتراف بهــا إلاّ بعد نضال ضار، ومن خلال تطبيقها في الممارسة الثورية . واليــوم ، تعلن الحركـة الأممية الثــورية أنه ينبغى أن تكون الماركسية - اللينينيـــــة- الماوية قائــدة الثورة العالمية و مرشدها .
تجد مئات الملايين من البروليتـاريا والجماهير المضطهدة في العالــم نفسه مجبرة أكثر فأكثرعلى النضال ضد النظام الإمبريالي العالمي وكل الرجعيين . وفـي ميــدان المعركــة ضد العدو ، تبحث عن الراية التي هي رايتها .لذا يجب علي الشيوعيين الثوريين أن يستعملوا بمهارة إيديولوجيتنـا العالمية وأن ينشروها فى صفوف الجمـاهير على النحو الذي يكفل إستنهاضها وتنظيم طاقتها من أجل إفتكــاك السلطـة بواسطة العنف الثوري. و فى سبيل القيــام بذ لك، يتعيّن أن تؤسس أحزابا ماركسية - لينينية – ماوية، متحـــــــدة ضمن الحركة الأممية الثــورية ، حيث لا توجــد بعــــدُ و أمـا الأحزاب الموجودة فعليها أن تعزز نفسها للإعداد لحرب الشعب وخوضهـــــا حتى تحقيق الإنتصار وإفتكاك السلطة خدمة للبروليتاريا والشعوب المضطهَدة . وعلينا أن نرفع عاليا راية الماركسية- اللينينية -الماوية و أن ندافع عنها و الأكثر أهمية أن نطبّقها.
وينبغى أن نتقدم بكفاحنـــا من أجل إنشاء أممية شيوعية من طراز جديد ،عمادها الماركسية-اللينينية- الماوية . إن الثورة البروليتارية العالمية لايمكن لها أن تتقـــدم في إتجاه النصر دون شحذ مثل هذا السلاح ، لأنّه كما علمنا ماو إما أن نصل جميعـــــا إلى الشيوعيـــــة أو لن يصل أحد .
قال ماوتسي تونغ : " تحتوي الماركسية على آلاف الحقائق إلآ أن هذه الحقائق تتلخص فى آخر المطاف في جملة واحدة : من حقنا القيام بالثورة ". و الحركة الأممية الثـــــورية تتخذ من النضال الذي تخوضه الجماهير نقطة إنطلاق و تدعو البروليتـــــاريا والثوريين عبر العالم قاطبة إلى أن يتبنوا الماركسية – اللينينية- الماوية و ينبغى أن تفهم البروليتاريا وأن يفهم كافة المضطهدين أن هذه الإيديولوجيا التحررية والحزبية هي الوحيدة القادرة على جعل ثورة الجماهير تكنس آلاف السنين من الإستغلال الطبقي وتبعث إلى الحياة عالم جديد هوالعالم الشيوعي .
لنرفع عاليا الراية الحمراء العظيمة للماركسية- اللينينية- الماوية
26 ديسمبر1993
------------------------ملحق الوثيقة الثانية --------------------
حول الوضع العالمي
في سنة 1984 أكّد بيان الحركة الأممية الثورية :" إن عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية آخذ بالإنحلال سريعا. فالعلاقات الإقتصادية و السياسية على المستوى الدولي -"تقسيم العالم "- ،التى أقيمت خلال الحرب العالمية الثانية و ما بعدها ، لم تعد تسمح لمختلف القوى الإمبريالية بأن تضمن "بشكل سلمي " الإمتداد و التوسع الضروريين لإمبراطورياتها المقامة على أساس الربح . و إذا سبق لعالم ما بعد الحرب أن عرف تحوّلات هامة نتيجة النضالات الثورية فى تلك الفترة، فإننا نشهد اليوم مراجعة عامة لكل شبكة العلاقات الإقتصادية و السياسية و العسكرية فى مجملها . فقد أخذ الإستقرار النسبي للقوى الإمبريالية الكبرى و الإزدهار النسبي لحفنة من الدول (نتيجة إستغلالها لأغلبية شعوب و أمم العالم و ما تتسبب فيه من دماء و بؤس ) يتفكك ، كما نشهد تصاعدا للنضالات الثورية للأمم و الشعوب المضطهَدة و التى تمس من جديد النظام الإمبريالي العالمي ...
و اليوم فإن إحتداد التناقضات يدفع كل البلدان و كل مناطق العالم و حتى بعض قطاعات من الجماهير التى بقيت لحد الآن خامدة و بعيدة عن الحياة السياسية إلى دوامة صراعات التاريخ العالمي ،ولسوف تبرز هذه الظاهرة بأكثر وضوح فى المستقبل . و لهذا يجب على الشيوعيين الثوريين أن يستعدوا و يهيّؤوا العمال ذوى الوعي الطبقي و كذلك القطاعات الثورية الأخرى من الشعب و أن يصعدوا من النضالات الثورية .
إن تحليل البيان للطابع الظرفي في النظام العالمي السائد ومناداته بالإستعدادات الملحة بالنظر إلى التغيرات الفجائية والمتسارعة الحاصلة في التطورات قد أكدته الوقائع في العالم رغم أن السير الدقيـق للأحـداث ( تفكّك المعسكر الإمبريالي الإشتراكي السوفياتــي وتفاقـم التناقض الحاد بين الكتل الإمبريالية بزعامة الولايات المتحدة والسوفيات الذي أدي الي حافة الحرب العالمية ) لم يكن بالإمكان التنبوء به .
وفي إطار تفاقــم أزمة النظـام الراسمالي تبدو السمات الأساسية للوضـع العالمي الراهـن كالتالي : تصاعد نضالات الأمم المضطهَدة في العالــــــم وخاصة الإنتصارات المجيدة لحرب الشعب في البيرو وإندلاع الإنتفاضات في وكر الوحوش الإمبرياليين أنفسهم وبروز الولايات الأمريكية كشرطي وحيد للنظام الإمبريالي وتدخل الإمبرياليين الموجّه ضد الأمم المضطهَـــدة وإعتدائهم عليهــا وتكثيـف الإستغــلال والهجمــات ليس فقط ضد جماهير الأمم المضطهَــدة وإنما كذلك ضد جماهير البلدان الرأسمالية ذاتها وإعادة ترتيب القوى الذي يجري في صفوف القوى الإمبريالية .
حلم الإمبرياليين الزائف "بنظام عالمي جد يـــد" :
عقب إنحلال المعسكر الإمبريالي السوفياتي الذي لم يكن سوى إحدى التجليات المميزة للأزمة الحادة التى تخنق النظام الإمبريالي بأسره و الذى ليس الإتحاد السوفياتي سوى ركن من أركانه الرئيسية ، صرّح الإمبرياليون الأمريكان بكل تبجح و صلف بأنهم سيفرضون " نظاما عالميا جديدا ".
لأتباعهم فى بلادهم هم و للآذان التى لا تكاد تسمع شيئا إلآ أيقنت به ، وقع تلميع ظاهري لهذا النظام الجديد بكلمات من قبيل "إحترام القانون الدولي " و"عهد جديد من السلام " و"الديمقراطية " و " مقاومة الإستبداد و الدكتاتورية " و حتى " حقوق الإنسان". و تظاهرت القوى الإمبريالية التى كانت بالأمس تتقاتل فيما بينها بالتآخي . وقدمت الأمم المتحدة و المنظمات الإمبريالية المشابهة لها على أنها حامية هذا "العهد الجديد من السلام العالمي " . و بكل سذاجة ، أمل الإمبرياليون فى أن يحجبوا الطبيعة الحقيقية للمعسكر الإمبريالي الإشتراكي السوفياتي و فى أن يستغلوا ذلك من أجل حرمان الجماهير المضطهَدة من السلاح الذى تمثله الإيديولوجيا الشيوعية الثورية . و أطلق إيديولوجيوهم و الرجعيون و التحريفيون من كل شاكلة هجوما مضادا للثورة معلنين أن الفكرة الشيوعية عن عالم متحرر من الإستغلال إنتهت و أعلنوا حتى "نهاية التاريخ". و بذلت الإمبريالية و الرجعية و التحريفية ما أوتوا من جهد من أجل رفع راية "الديمقراطية " المهترئة و التى عفى عليها الزمن، كرمز للسيطرة اللاإنسانية و الدموية لرأس المال، و من أجل تقديمها كخيار وحيد . لقد كانت حقا مؤامرة تجلت عواقبها بداهة فى منتهى الخسة و الدموية.
إن أول عمل دشّن به هذا النظام "الجديد " حضوره تمثل فى الإغتصاب العنيف للعراق من قبل الولايات المتحدة بمعاضدة قوى إمبريالية أخرى و بمساعدة جيوش مرتزقة من طراز جديد مؤلفة من جنود تابعين للبلدان التى عليها يهيمنون. أما الهدف الذى ينشده هذا العمل فهو وضع حدود الإمبراطوريات و إخضاع المضطهَدين عبر إستعمال الرعب بيد أن ذلك لم يفعل سوى نزع قناع " السلام " الذى يتقنعون به و تأكيد أن الأنظمة الكمبرادورية فى الأمم المضطهَدة غير قادرة بالمرة على توجيه ضربات صارمة و دون مساومة لأسيادها الإمبرياليين . لقد أظهر لنا الإمبرياليون على مسرح الأحداث ضرورة نزع سلاحهم و لكن السلام لا يمكنه أن يأتي من صالونات حفلات مصاصي الدماء . حتى بعد كل إتفاقياتهم و معاهداتهم ،لا زالوا يملكون ترسانات أسلحة قاتلة قادرة على تدمير العالم لمرات لا تحصي. تحدث الإمبرياليون عن " عهد جديد من النموّ والتعاون " غير أن النتيجة الوحيدة كانت تكثيف إستغلال جماهير الأمم المضطهَدة و جماهير البلدان الرأسمالية ذاتها – تفقير المنتجين الحقيقيين .
وفى بلدان الكتلة الشرقية السابقة ، بما فى ذلك روسيا ، تقلص الهيمنة المفتوحة لرأس المال تدريجيا إلى الصفر أوهام النمو فى مأمن من الأزمات . و تحولت أحلام الإمبرياليين الغربيين فى تجاوز أزمتهم إلى كوابيس فهم يغرقون أكثر فأكثر ويتسببون فى إضطرابات ترتد سهامها إلى نحورهم و اليوم يجدون أنفسهم مضطرين لمواجهة غضب المضطهَدين فى بلدانهم هم .لقد كان مجرى الأحداث سريعا مما يؤكد مرة أخرى الطابع المتفجر للوضع العالمي .
إن دوي طبول الهجوم المضاد الرجعي الذى كان منذ سنتين فقط يحدث الكثير من الهرج ما عاد يطال إلا الآذان الصماء . و من يوم لآخر تنهض أكثر فأكثرعديد شرائح الجماهير فى العديد من أنحاء العالم لتقاوم و تنتفض و تثور ، فقد أصبحت تعى بصورة أعمق مدى إفلاس الحراس التحريفيين و تستقبل بحرارة الصعود اللامع للسلطة الحمراء فى أعالي جبال البيرو و تبحث عن وسائل أنجع لتسديد ضربات موجعة لمضطهديهاهي.
" الإضطراب الكبير" أمر جيد :
لقد علمنا القائد البروليتاري العظيم ، ماوتسى تونغ ،أن الإمبريالية ترفع دائما حجرا كبيرا بغاية رمي المضطهَدين به و تنتهى إلى جعله يسقط على قدميها . و ينطبق هذا على الوضع العالمي الجديد . فالدعاية الصاخبة التى يقوم بها الإمبرياليون بصدد نظامهم العالمي "الجديد" و مجرى الأحداث الحقيقي لم يشآ إلآ أن يبرهنا بلا أدنى ظل من الشك أنه لا يمكن توقع أي شيئ طيب من نظام يلتهم البشر . و أقنعة مؤسساتهم و عملائهم الرجعيين وصنائعهم التحريفية تسقط القناع تلو القناع .
وكسبت حرب الشعب فى البيرو مناطق محررة حيث أقامت طبقتنا من جديد سلطة الشعب . و فى الأمم المضطهَدة ، "منطقة زوابع" الثورة العالمية ، تشهد نضالات الجماهير و مقاومتها للإمبريالية و عملائها الرجعيين نهوضا عارما .
وقد تجاوزت قادة الأمس المتعفنين ، تأخذ أجيال جديدية بأيديها زمام المهام التى ستجعل نضالاتها تتقدم .فثمة غليان وتمرّد بدرجات مختلفة ،ضمن كل شريحة من شرائح الجماهير العميقة التى تجد نفسها مغلولة الأيدي منذ قرون من قبل الرجعية بجميع أشكالها المتوحشة .إن الطاغية القذر الأمريكي تلقى أخيرا تحذيرا جديا على أرضه هو بالذات من طرف ضحايا إضطهاده الطبقي و العنصري . و يتمادى تقلص هواء النمور من الورق كالكرة الهوائية بفعل الضربات الحادة التى تكيلها له الجماهير المضطهَدة فى كافة البلدان حيث يتجرأ على إقتراف عدوان. موجة كبيرة من "الإضطراب الكبير " تتصاعد وهذا أمر جيد .
فى إطار إحتداد أزمة النظام الإمبريالي العالمي ، تشهد كافة التناقضات الأساسية – التناقض بين الأمم المضطهَدة و القوى الإمبريالية ،والتناقض بين البروليتاريا و البرجوازية فى البلدان الإمبريالية ،والتناقض فى صفوف القوى الإمبريالية ذاتها – تشهد تطورا جديدا. من هذه التناقضات ، يحتد التناقض بين الأمم المضطهَدة و القوى الإمبريالية . و بمدى ملحوظ و إن ثانويا ، يحتد النتاقض بين البروليتاريا و البرجوازية داخل البلدان الإمبريالية حيث أدّى إنهيار معسكر الإمبريالية السوفياتية إلى إرتخاء التناقض فى صفوف الإمبرياليات نسبة لمستوى إحتداده السابق .غير أن الصدام الإمبريالي يقوم الآن على التنافس وهو ما يتمظهر فى إعادة تشكل التحالفات و العداوات التى تبرز بين القوى الإمبريالية جراء إحتداد أزمتها و تصاعد نضالات الشعوب .
حتى نستعيد كلمات بيان 1984 ،فى هذه الفترة تبزغ آفاق لم نشهد لها مثيل :" علينا أن ندعم حذرنا الثوري و نضاعف جهودنا حتى نكون قادرين سياسيا و إيديولوجيا و تنظيميا و عسكريا على الإستفادة من تلك الفرص بشكل يدعم إلى أقصى حد من مصالح طبقتنا ، وحتى ننتزع أكثر ما يمكن من المواقع الأمامية لصالح الثورة البروليتارية العالمية."
إن وجود الحركة الأممية الثورية و الأحزاب الماوية المشكلة لها يوفر قاعدة صلبة لإنجاز هذه المهمة و ينبغى إنجازها . و بوجه خاص ، على الشيوعيين أن يضعوا سلاح الماركسية –اللينينية – الماوية بين أيدى مختلف الجماهير المضطهَدة و أن يثابروا على الصراع بلا هوادة ضد كافة أشكال التحريفية القديمة منها و الجديدة و أن ينشئوا أحزابا ماوية أين لا توجد و أن يعززوا تلك الموجودة على نحو يسمح بالإعداد لحرب الشعب و يسمح بتفجيرها و قيادتها إلى الظفر لتحطيم الإمبريالية و الرجعية إلى الأبد و التقدم نحو المستقبل العظيم ،المستقبل الشيوعي .










الفصل الثالث : وثائق أحزاب شيوعية ماوية ( الترتيب تم حسب تاريخ الصدور)

بصدد الماركسية –اللينينية –الماوية/1
( الحزب الشيوعي البيروفي )
فى بوتقة الصراع الطبقي ، بزغت إيديولوجيا البروليتاريا العالمية كماركسية صارت ماركسية – لينينية ثم ماركسية – لينينية- ماوية. و هكذا للإيديولوجيا البروليتارية العالمية المطلقة الجبروت ،المطلقة الجبروت لأنها صحيحة ، ثلاث مراحل :
1- الماركسية 2- اللينينية 3-الماوية وهي ثلاث مراحل أو فترات أو قمم سيرورة التطوّر الجدلية للوحدة ذاتها نتيجة لمائة و أربعين سنة منذ "البيان " ، فى أعظم الملاحم البطولية لصراع الطبقات و فى صراعات خطين ضارية و مثمرة داخل الأحزاب الشيوعية عينها وفى الأعمال الجبارة فى التفكير و العمل. و لم يكن بوسع إلا الطبقة العاملة إفراز مصابيح خالدة هي ماركس و لينين و ماو تسى تونغ ،عبر قفزات كبرى . و العظماء الثلاث سلحونا بالتى لا تقهر، الماركسية –اللينينية-الماوية ،رئيسيا الماوية الآن.
مع ذلك ، بينما كسبت الماركسية-اللينينية إعترافا عالميا بصلوحيتها ، لا تزال الماوية غير معترف بها بصورة تامة بإعتبارها مرحلة ثالثة . ففيما ينكر البعض ببساطة كونها مرحلة ثالثة، لا يتجاوز آخرون الإعتراف بها ك" فكر ماو تسي تونغ" . و جوهريا ، فى كلتا الحالتين ، مع تباينات بديهية بينها ، ينكرون التطوير العام للماركسية من قبل ماوتسى تونغ وعدم الإعتراف بالتطوير كماوية هو إنكار لصلوحيتها العالمية و بالتالى لوضعها كمرحلة ثالثة ،جديدة و أرقى فى إيديولوجيا البروليتاريا العالمية : الماركسية – اللينينية- الماوية ، رئيسيا الماوية التى نرفع رايتها و ندافع عنها و نطبقها .
كمقدمة لفهم أفضل للماوية و ضرورة النضال من أجلها ، لنتذكر لينين. فقد علمنا أن الثورة بتوغلها فى الشرق كانت تعبر عن ظروف خاصة و إن لم تكن تنكر مبادئا أو قوانينا فهي أوضاع جديدة لا يمكن للماركسية أن تتجاهلها و إلا عرّضت الثورة للفشل .
و رغم الصرخة التى كان يطلقها بخاصة المثقفون المفعمون ليبرالية و المدعون زيفا الماركسية ، و المتنطعون والكتبيون ، ضد ما هو جديد ، فإن الموقف الوحيد الصائب و الصحيح هو تطبيق الماركسية على الواقع الملموس و معالجة الأوضاع و المشاكل الجديدة التى تواجهها بالضرورة كل ثورة و تحلها و ذلك فى وجه الفزع الفريسي و " الدفاع عن الإيديولوجيا و الطبقة و الشعب " الذين يعلنهم التحريفيون و الإنتهازيون و الخونة أو الساخطون و الهجمات العمياء لأكاديمييى النظام القديم المخبلين و المتطاوسين و المشبعين بالإيديولوجيا البرجوازية العفنة و المستعدين للدفاع عن المجتمع القديم الذى هم فيه طفيليون . و أكثر من ذلك حتى ، قال لينين بصريح العبارة إن الثورة فى الشرق ستحمل مفاجآت جديدة و كبيرة وهو مبعث دهشة أكبر لدى عشاق إتباع الطرق المعروفة فحسب و غير القادرين على رؤية الجديد و مثلما يعرف الجميع ، عهد لينين لرفاق الشرق معالجة المشاكل التى لم تحلها الماركسية بعدُ.
إضافة إلى ذلك ، لا بد أن نستحضر جيدا أن الرفيق ستالين لما طرح بطريقة صائبة و صحيحة أننا قد دخلنا مرحلة اللينينية كتطوير للماركسية ، حينذاك أيضا ظهرت معارضة و مزق البعض ألبستهم الكهنوتية فى ما إدعوا أنه دفاع عن الماركسية . ولا بد أن نستحضر جيدا كذلك أنه ظهر من قال عن اللينينية أنها غير قابلة للتطبيق إلا فى البلدان المتخلفة، غير أنه فى خضم النضال ، تم الإعتراف بها كتطوير عظيم للماركسية فلمعت إيديولوجيا البروليتاريا مظفرة أمام العالم كماركسية – لينينية .
و الآن ، تواجه الماوية أوضاعا مماثلة، و كالعادة سلك الجديد و سلكت الماركسية طريقها عبر الصراع و الماوية هي الأخرى ستفرض نفسها و سيقع الإعتراف بها.
أما فى ما يخص الإطار الذى تحرك فيه الرئيس ماو تسى تونغ و نحتت فيه الماوية فهو ، عالميا ، عصر الإمبريالية و الحروب العالمية و الحركة البروليتارية العالمية و حركة التحرر الوطني و الصراع بين الماركسية و التحريفية و إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي . و هنا ينبغى التأكيد على ثلاثة قمم تاريخية من القرن الحالي : أولا ثورة أكتوبر 1917 التى إفتتحت عصر الثورة البروليتارية العالمية و ثانيا، إنتصار ثورة الصين سنة 1949 التى أحدثت تغييرا فى ميزان القوى المناصرة للإشتراكية و ثالثا ، الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و كانت بدايتها فى 1966 كمواصلة للثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا بغرض صيانة التوجه نحو الشيوعية . و يكفى إبراز أن الرئيس ماو تسى تونغ قد قاد حدثين من هذه الأحداث التاريخية العظيمة الثلاث.
و فى الصين كمركز للثورة العالمية حيث تجسدت الماوية ، إلتقت أعقد التناقضات و أشدّها فى صراع طبقي دامي جراء تطلعات القوى الإمبريالية لتجزئة الصين و إقتسامها وإنهيار إمبراطورية الماندشو (1911) و الصراع المناهض للإمبريالية فى 1919 و إنتفاضات الفلاحين ذوى الحجم الكبير و فى الإثنين و عشرين سنة من النضال المسلح للثورة الديمقراطية و النضال العظيم فى سبيل بناء الإشتراكية و تطويرها و السنوات العشر من العواصف الثورية للتقدم بالثورة الثقافية و صراع الخطين الأكثر حدّة فى صفوف الحزب الشيوعي الصيني بالخصوص ضد التحريفية . و يتنزّل كل ذلك فى إطار الوضع العالمي الذى مرّ بنا . و من جميع هذه الأحداث التاريخية ، علينا أن نبرز منها أربعة بالغة الأهمية وهي تأسيس الحزب الشيوعي الصيني سنة 1921 و إنتفاضة حصاد الخريف التى شكلت بداية طريق من الريف إلى المدينة ، سنة 1927 و إرساء الجمهورية الشعبية فى 1949 و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى 1966-1976 و فى جميعها كان الرئيس ماو أهم و رئيسيا أعلى قائد كزعيم معترف به للثورة الصينية.
و هكذا من سيرة حياة الرئيس ماوتسى تونغ ، بإمكتننا أن نقول إنه ولد فى 26 ديسمبر 1893 وفتح عينيه على عالم تعصف به نيران الحرب . وهو إبن فلاحين كان عمره سبع سنوات زمن "حرب البوكسارس " و كان يدرس ليصبح معلما وهو فى الثامنة عشرة عندما تداعت الإمبراطورية و تطوّع كجندي ليغدو إثر ذلك منظما كبيرا للفلاحين و الشبان فى يانان ، مسقط رأسه. و قد كان من مؤسسي الحزب الشيوعي الصيني و الجيش الأحمر للعمال و الفلاحين و صاغ طريق محاصرة المدن إنطلاقا من الريف و طوّر حرب الشعب و معها النظرية العسكرية للبروليتاريا و كمنظر للديمقراطية الجديدة ، أسّس الجمهورية الشعبية و كان وراء القفزة الكبرى إلى الأمام و عاملا على تطوير الإشتراكية .و كان مرشد النضال ضد التحريفية المعاصرة لخروتشاف و أضرابه كما كان زعيما و قائدا للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى . هذه قمم تسجّل حياة مكرّسة تماما و كلّيا للثورة . و للبروليتاريا إنتصارات عظيمة ثلاث فى هذا القرن منها إنتصارين ينسبان للرئيس ماو . و إن كان إنتصار واحد مجيدا بما فيه الكفاية فإن إنتصارين أوفر مجدا حتى .
بشأن مضمون الماوية ، من البديهي أن من ضمن خلاصتها ، علينا أن نشير إلى المسائل الأساسية التالية :
1- نظريا: للماركسية مكوّنات ثلاثة هي الفلسفة الماركسية و الإقتصاد السياسي الماركسي و الإشتراكية العلمية و تطوّر فيها جميعها تترتّب عليه قفزة كبرى نوعية فى الماركسية بكليتها أي وحدة بمستوى أرقى بمعنى مرحلة جديدة . و بالتالى ، الأساسي هو إثبات أن الرئيس ماو كان منبعا لمثل هذه القفزة الكبرى النوعية كما يمكن رؤية ذلك نظريا و عمليا . و لضرورة العرض دعونا نمعن النظر فى الأمر فى هذه النقطة و النقاط التالية .
بصدد الفلسفة الماركسية ، طوّر ماو ما يمثل جوهر الجدلية و نقصد قانون التناقض معتبرا إياه قانونا جوهريا وحيدا و إلى جانب فهمه الجدلي العميق لنظرية المعرفة و محورها القفزتان اللتان تمثلان قانونها ( من الممارسة العملية إلى المعرفة و من هذه الأخيرة إلى الأولى ، مع أن القفزة الرئيسية هي من المعرفة إلى الممارسة العملية ) ، يبرز أنه طبّق ببراعة قانون التناقض فى السياسة . و فوق ذلك كله ، فإنه أوصل الفلسفة إلى الجماهير منجزا بذلك المهمّة التى أبقاها ماركس عالقة .
فى الإقتصاد السياسي الماركسي ، طبّق الرئيس ماو الجدلية لتحليل العلاقة بين البناء التحتي و البناء الفوقي وواصل النضال الماركسي-اللينيني ضد الأطروحة التحريفية ل"قوى الإنتاج" و إستشف أن البناء الفوقي و الوعي بوسعهما أن يغيّرا البناء التحتي و بواسطة السلطة السياسية بإمكانهما تطوير قوى الإنتاج . و مطوّرا الفكرة اللينينية عن السياسة كتعبير مكثّف عن الإقتصاد ، رسّخ وضع السياسة فى المصاف الأول ( وهو أمر قابل للتطبيق على كافة الأصعدة ) و أن العمل السياسي هو الخط الحيوي للعمل الإقتصادي ممّا أدى إلى تحكّم حقيقي فى الإقتصاد السياسي و ليس إلى مجرد سياسة إقتصادية .
مسألة على أهمّيتها يتجنّبها خاصة الذين يواجهون ثورات ديمقراطية هي الأطروحة الماوية عن الرأسمالية البيروقراطية أي الرأسمالية التى تتطوّر فى الأمم التى تضطهدها الإمبريالية مع درجة متفاوتة من وجود الإقطاعية أو غيرها من أنماط الإنتاج السابقة عليها حتى . و هذه مسألة حيوية رئيسيا بالنسبة لآسيا و إفريقيا و أمريكا اللاتينية ذلك أن كمرحلة ثانية مرهون ، إقتصاديا ، بمصادرة هذا الرأسمال البيروقراطي .
لكن الرئيسي هو أن الرئيس ماو تسى تونغ طّور الإقتصاد السياسي للإشتراكية . و فى منتهى الأهمية هو نقده للبناء الإشتراكي فى الإتحاد السوفياتي و الشيئ نفسه يمكن قوله عن أطروحته حول كيفية تطوير الإشتراكية فى الصين : إعتبار الفلاحة قاعدة و الصناعة القائدة و إعتبار أن الصناعة توجّهها العلاقة بين الصناعة الثقيلة و الصناعة الخفيفة و الفلاحة و أن محور البناء الإقتصادي هوالصناعة الثقيلة و فى الوقت ذاته تجب إعارة الإنتباه التام إلى الصناعة الخفيفة و كذلك إلى الفلاحة . ويتعيّن أن نشدّد على القفزة الكبرى إلى الأمام و ظروف تنفيذها : أولا ، خط سياسي وجّهها توجيها صائبا و صحيحا و ثانيا ، أشكال تنظيمية صغرى و متوسطة و كبرى و عددها يكثر حسب خاصيّة كل منها و ثالثا إندفاع جماهيري عظيم و مجهود جبّار دفعا لإنجازها و إنجاحها . و القفزة الكبرى إلى الأمام تقيًّم نتائجها أساسا تبعا للسيرورة التى أطلقتها و أفقها التاريخي أكثر من تقييمها تبعا لمكاسبها الآنية و صلتها بالتعاونيات الفلاحية و الكمونات الشعبية . و فى النهاية ، ينبغى أن نأخذ بعين الإعتبار تعاليمها حول الموضوعية و الذاتية فى فهم قوانين الإشتراكية و التحكم فيها و أن العشريات القليلة من الإشتراكية لم تسمح بمشاهدة تطوّر تام و من هنا معرفة أفضل لقوانينها و لخصوصياتها و رئيسيا العلاقة بين الثورة وسيرورة الإنتاج المجسدة فى " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " . و مع ذلك بالرغم من أهميته البالغة، قلما تتم معالجة هذا التطوير للإقتصاد السياسي الماركسي .
فى ما يتعلق بالإشتراكية العلمية ، طوّر الرئيس ماو نظرية الطبقات محلّلا إياها على المستويات الإقتصادية و السياسية و الإيديولوجية . ووضع العنف الثوري كقانون عالمي دون إستثناء و الثورة كإحلال عنيف لطبقة محلّ طبقة أخرى و صاغ أطروحته العظيمة " من فوهة البندقية تنبع السلطة السياسية " و حلّ مسألة إفتكاك السلطة فى الأمم المضطهَدة عبر طريق محاصرة المدن إنطلاقا من الريف و بتّ أيضا فى قوانينها العامة . و جدّد بتألق نظرية صراع الطبقات فى ظلّ الإشتراكية و طوّرها و أوضح أن الصراع التناحري يستمرّ فى ظلّ الإشتراكية بين البروليتاريا و البرجوازية و بين الإشتراكية و الرأسمالية و أنه بالملموس ، لم يتحدّد من الذى سينتصر على من وهو مشكل يحتاج حلّه إلى وقت ، وبيّن تطوّر سيرورة إعادة تركيز الرأسمالية و نقيضها حتى تتمكن البروليتاريا من التوطيد النهائي للسلطة عبر دكتاتورية البروليتاريا . و ختاما و رئيسيا ، قدّم الحل العظيم ذو الأهمية التاريخية البالغة ألا وهو الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كمواصلة للثورة الإشتراكية فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا.
تبيّن هذه المسائل الأساسية المعروضة ببساطة تقريبا و المعروفة و غير القابلة للدحض ، تبيّن تطوير الرئيس ماو لمكوّنات الماركسية و سموّه البديهي بالماركسية – اللينينية إلى مرحلة ثالثة ، جديدة و أرقى هي الماركسية –اللينينية –الماوية ، رئيسيا الماوية.
مستمرّين فى هذه الرؤية التوليفية ، ننظر فى نقاط خاصة أخرى و إن تفرّعت عن ما سلف ، ينبغى أخذها بعين الإعتبار و لو كان ذلك على نحو تعدادي ، على الأقل للتشديد بتسليط الضوء عليها.
2- الديمقراطية الجديدة :
بداية ، يعدّ توضيح الأنواع الثلاثة من الدكتاتوريات تطويرا للنظرية الماركسية للدولة : 1- دكتاتورية البرجوازية فى الديمقراطيات البرجوازية القديمة مثل الولايات المتحدة وهو نوع يمكن أن تشبه به الدكتاتورية القائمة فى الأمم المضطهَدة مثل دكتاتوريات أمريكا اللاتينية و 2- دكتاتورية البروليتاريا كالتى كانت قائمة فى الإتحاد السوفياتي و الصين قبل إغتصاب التحريفيين للسلطة فيهما و 3- الديمقراطية الجديدة كدكتاتورية جماعية قوامها تحالف العمال و الفلاحين بقيادة البروليتاريا و على رأسها الحزب الشيوعي وهي دكتاتورية كرّستها الصين طوال ثورتها الديمقراطية و ما يتجسّد اليوم فى البيرو فى اللجان الشعبية و قواعد الإرتكاز و الجمهورية الشعبية الديمقراطية الجديدة فى طور التشكّل. ومن الجوهري تأكيد أن التمييز الأساسي ضمن هذا التطوير لنظرية الدولة بين نظام الدولة كدكتاتورية طبقة أو طبقات تمارس السلطة من جهة ، وهو أمر محوري ، و نظام حكومة مفهومة كمنظمة تمارس السلطة ، من جهة ثانية .
و من ناحية أخرى ، ببراعة تؤكد لنا الديمقراطية الجديدة ، وهي من أعظم تطويرات الرئيس لعلم الثورة البروليتارية العالمية أن الثورة البرجوازية من الطراز الجديد التى لا يمكن أن تقودها سوى البروليتاريا هي الثورة الديمقراطية فى العصر الجديد من الثورة البروليتارية العالمية الذى ضمنه نتحرك. و يتفرّع عن الثورة الديمقراطية الجديدة الإقتصاد الجديد والسياسة الجديدة والثقافة الجديدة ، وهي بديهيا تحطّم النظام القديم و تشيّد النظام الجديد بالبنادق كشكل وحيد لتغيير العالم .
مجمل القول ، من المهمّ التأكيد على أن الديمقراطية الجديدة كثورة ديمقراطية و إن أنجزت ، رئيسيا ، المهام الديمقراطية فهي كذلك و بصورة مكمّلة تتقدّم فى بعض المهام الإشتراكية . و على هذا النحو ، بعمق يتم حلّ مسألة المرحلتين الديمقراطية منها و الإشتراكية اللتين تتناسبان مع البلدان التى تشبه بلادنا ، ضامنة ، إثر إنهاء المرحلة الديمقراطية ، السير قدما فى الثورة الإشتراكية دون فترة إنتقالية و بصفة متّصلة .
3- الأدوات الثلاث :
تطرح مسألة بناء أدوات الثورة على الحزب إدراك العلاقات المتبادلة بين الحزب و الجيش و الجبهة المتحدة و إدراك البناء المترابط للثلاثة و التحكم فيه فى خضم الحرب أو خلال المحافظة على الدولة الجديدة المعتمدة على سلطة الشعب المسلّح بما يعكس عملا قياديا صائبا و صحيحا . فالبناء يسترشد بمبدأ صحّة الخط الإيديولوجي تحدّد كل شيئ و على هذا الأساس الإيديولوجي- السياسي يتطوّر بشكل مواز البناء التنظيمي فى خضم صراع الخط البروليتاري مع الخط البرجوازي و فى عاصفة الصراع الطبقي، رئيسيا الحرب كشكل رئيسي نشيط كان أم كامن .
أما فى ما يتصل بالحزب ، فإن الرئيس ماو ينطلق من ضرورة الحزب الشيوعي ، ضرورة حزب من طراز جديد، حزب البروليتاريا و الآن نقول حزب ماركسي- لينيني- ماوي وهو حزب يهدف إلى إفتكاك السلطة و الدفاع عنها مما يجعله مرتبطا بروابط لا تنفصم عراها بحرب الشعب سواء كان ذلك للشروع فيها أم تطويرها أم لخوضها دفاعا عن النفس. إنه حزب تدعمه الجماهير أكان ذلك عبر حرب الشعب عينها ، وهي حرب الجماهير ، أم كان ذلك عبر الجبهة المتحدة بما هي جبهة طبقات تعتمد على السواد الأعظم من الجماهير . و يتطوّر الحزب و يمرّ بتحولات تبعا لمراحل الثورة و الفترات التى تشهدها تلك المراحل و محرّك تطوّره هو التناقض الملموس فى صلبه كصراع خطين بين الخط البروليتاري و الخط البرجوازي أو غير البروليتاري على وجه العموم و جوهريا و رئيسيا كصراع ضد التحريفية . و يفضى بنا هذا إلى الأهمية الحاسمة للإيديولوجيا فى الحياة الحزبية و القيام بحملات تصحيحية تخدم مزيد الضبط لكامل نظام المنظمات الحزبية و لنضاليته حسب الخطوط الإيديولوجية و السياسية الصائبة و الصحيحة وفق هيمنة الخط البروليتاري و مسك القيادة الحزبية بيديه. و يعمل الحزب على تركيز سلطة البروليتاريا أكان ذلك كطبقة قيادية للديمقراطية الجديدة أم رئيسيا إرساء دكتاتورية البروليتاريا و توطيدها و تطويرها لبلوغ الهدف النهائي العظيم أي الشيوعية من خلال ثورات ثقافية . لذا لا بد أن يتوصّل الحزب إلى قيادة كل شيئ بصورة شاملة .
و الجيش الثوري ، هو جيش من طراز جديد ، إنه جيش يؤدى المهام السياسية التى يصوغها الحزب وفق مصالح البروليتاريا و الشعب ويتجسّد هذا الطابع فى المهام الثلاث الملقاة على عاتقه ألا وهي القتال و الإنتاج حتى لا يكون عبئا طفيليا و إستنهاض الجماهير . إنه جيش قائم على البناء السياسي العام إنطلاقا من الإيديولوجيا البروليتارية الماركسية –اللينينية – الماوية (الآن) و الخط السياسي العام و كذلك الخط العسكري الذى يعيّنه الحزب .إنه جيش يعتمد على الإنسان و ليس على الأسلحة و جيش منبعه الجماهير و مرتبط على الدوام بالجماهير وهو فى خدمتها قلبا وقالبا مما يخوّل له التحرّك فى صفوفها كالسمكة فى الماء . "بدون جيش شعبي لن يكون هنالك شيئ للشعب " يقول ماو و فى الوقت ذاته يعلمنا ضرورة أن يوجه الحزب مطلقا الجيش وأن يكرّس مبدأه العظيم : الحزب يوجّه الجيش ، و لن نسمح للبنادق أبدا بأن توجّه الحزب . و زيادة على وضعه أسس مبادئ و قواعد بناء جيش من طراز جديد ، نادي الرئيس ماو نفسه بالوقوف ضد إستعمال الجيش لإعادة تركيز الرأسمالية بإغتصاب القيادة عبر إنقلاب مضاد للثورة . و طوّر كذلك أطروحة لينين حول المليشيا الشعبية و أقدم أكثر من أي كان على التسليح العام للشعب ممهّدا السبيل أمام و مشيرا إلى الدرب نحو بحر الجماهير المسلّحة الذى سيقودنا إلى التحرير النهائي للشعب و البروليتاريا .
إن الرئيس ماو تسى تونغ هو الذى طوّر لأول مرّة نظرية متكاملة عن الجبهة المتحدة و صاغ قوانينها . هي جبهة قوامها وحدة العمال و الفلاحين ضمانا لهيمنة البروليتاريا فى الثورة وهي جبهة طبقات تقودها البروليتاريا ممذّلة فى حزبها الشيوعي و جبهة متحدة من أجل حرب الشعب و من أجل الثورة و من أجل إفتكاك السلطة لصالح البروليتاريا و الشعب. و هكذا ، بالملموس تجّمع الجبهة المتحدة القوى الثورية ضد القوى المعادية بهدف خوض نضال مسلّح بين الثورة و الثورة المضادة وذلك رئيسيا عبر حرب الشعب المسلحة. و من البديهي أن تتغيّر الجبهة المتحدة فى كل مرحلة من مراحل الثورة و أكثر من ذلك حتى ، تتحدّد حسب مختلف فترات كل مرحلة . و ليست الجبهة المتحدة فى ثورة ملموسة هي هي الجبهة على المستوى العالمي و إن كانت الجبهتان تتبعان القوانين العامة عينها . فضلا عن هذا ، من الهام إبراز العلاقة بين الجبهة و الدولة التى أقامها ماو معتبرا أن الجبهة المتحدة إنما هي شكل من أشكال الدكتاتورية المشتركة ، أثناء الحرب المناهضة لليابان وهي مسألة تستحق منا الدراسة خاصة منّا نحن الذين نواجه ثورات ديمقراطية .
4- حرب الشعب:
هي النظرية العسكرية للبروليتاريا العالمية فيها تتلخص لأول مرّة على نحو منهجي النضالات و العمليات العسكرية و الحروب التى خاضتها البروليتاريا و التجربة النظرية المديدة للنضال الشعبي المسلّح و بخاصة حروب الفلاحين فى الصين . مع الرئيس ماو إكتسبت الطبقة نظريتها العسكرية غير أنه ثمة إلتباس كبير و عدم فهم لهذه المسألة . و ينبع الإلتباس وعدم الفهم من كيفية رؤية حرب الشعب فى الصين فبشكل عام يعتبرها البعض حاطين من قيمتها و مستهينين بها، مجرد حرب عصابات ممّا يدلّ على عدم إدراك أن حرب العصابات مع الرئيس ماو إكتست طابعا إستراتيجيا و كذلك لا يدرك تطوّر حرب العصابات و كيف أن من سيولتها الأساسية تتطوّر الحركة و الحرب المتحرّكة و الحرب الموقعية و تتطوّر مخططات كبيرة للهجوم الإستراتيجي و إفتكاك المدن الصغرى و المتوسطة و الكبرى التى يقطنها ملايين السكان، بمزج الهجوم من خارجها و الإنتفاضة من داخلها . و بذا تبرز فى النهاية المراحل الأربع للثورة الصينية و بالأساس منذ الحرب الزراعية إلى حرب التحرير و بينهما الحرب المناهضة لليابان ، تبرز أوجها متباينة و تعقيدات الحرب الثورية المخاضة طوال أكثر من عشرين سنة فى بلد عدد سكانه هائل و فيها حصلت تعبئة و مساهمة جماهيرية واسعتين . فى هذه الحرب ، نجد أمثلة من كافة الأنواع ، و ما هو رئيسي تمت دراسته بإقتدار و بإقتدار صيغت مبادؤه و قوانينه و إستراتيجيته و تكتيكاته و قواعده و ما إلى ذلك. و بالتالي على هذا الأساس المكين و على قاعدة ما أنشأته الماركسية – اللينينية ، بلور ماو النظرية العسكرية للبروليتاريا أي حرب الشعب .
و لزاما علينا أن نذكّر على الدوام بأن الرئيس ماو نفسه لاحقا ، مع علمه بوجود القنابل و الصواريخ النووية و مع إمتلاكه لهما ، دافع عن حرب الشعب و طوّرها لتخاض فى الظروف الجديدة للأسلحة النووية و الحرب مع دول قوية و قوى عظمى . بإختصار ، حرب الشعب هي سلاح البروليتاريا و الشعب لمواجهة حتى الحروب النووية .
و مسألة أخرى حيوية و حاسمة هي مسألة أنواع الثورات و الظروف المميزة لكل واحدة منها . [...]
ختاما، الآن أكثر من أي زمن مضى ، نحتاج نحن الشيوعيون و الثوريون و البروليتاريا و الشعب أن نوطد أنفسنا على " إننا من أنصار نظرية قدرة الحرب الثورية الكلية على كل شيئ و هذا ليس شيئا سيئا و إنما هو شيئ حسن ، ماركسي " و مفاده أن نكون من أنصار أن حرب الشعب لا تقهر.
5- الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى:
من منظور تاريخي ، هي أهمّ تطوير للماركسية- اللينينية أنجزه ماو فهي معالجة للمشكل الكبير العالق ، مشكل مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و" تشكل مرحلة جديدة فى تطوّر الثورة الإشتراكية فى بلدنا ، مرحلة أعظم إتساعا و عمقا فى آن ".
كيف كان الوضع الذى واجهته الثورة ؟
جاء فى قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني حول الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى : " على الرغم من أن البرجوازية قد أسقطت، فإنها ما تزال تحاول إستخدام الأفكار و الثقافة و التقاليد و العادات القديمة للطبقات المستغِلة بغية إفساد الجماهير و الإستيلاء على عقولها و محاولة القيام بالردّة . وعلى البروليتاريا أن تصنع العكس تماما : يجب أن تجابه كل تحدّ من جانب البرجوازية على صعيد الإيديولوجية مجابهة مقابلة و تستخدم الأفكار و الثقافة و العادات و التقاليد الجديدة للبروليتاريا لتغيير السيماء الروحية للمجتمع كله. و هدفنا فى الوقت الحاضر هو مكافحة و إسقاط أولئك الأشخاص ذوى السلطة الذين يسيرون فى الطريق الرأسمالي ، و نقد و إقصاء "الثقات " الأكاديميين البرجوازيين الرجعيين و إيديولوجية البرجوازية و سائر الطبقات المستغلة و تحويل التربية و الأدب و الفن و سائر أجزاء البناء الفوقي التى لا توافق الأساس الإقتصادي الإشتراكي ، بحيث يسهل توطيد و تطوّر النظام الإشتراكي ".
فى هذه الظروف إنطلقت السيرورة الأكثر زلزلة و الأوفر تعبئة جماهيرية شهدها العالم و كانت أهدافها كما حدّدها الرئيس ماو " إن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ضرورية تماما وجدّ مناسبة لترسيخ دكتاتورية البروليتاريا و الحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية و لبناء الإشتراكية ".
و نلفت النظر ، بالإضافة إلى ذلك ، إلى مسألتين :
1- تمثل الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى قمّة فى تطوّر دكتاتورية البروليتاريا نحو تدعيم البروليتاريا فى السلطة وهو ما تجسّم فى اللجان الثورية و
2- لا تنفى إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين ، إثر الإنقلاب المضاد للثورة سنة 1976 ، صلاحية الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و إنما تتأتى صلوحيتها تماما من الصراع الدائر رحاه بين إعادة تركيز الرأسمالية و نقيضها و بالعكس تبيّن لنا الأهمية التاريخية القصوى للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى بالنسبة لسير الإنسانية الذى لا ينثنى صوب الشيوعية.
6- الثورة العالمية :
يشدّد الرئيس ماو من جديد على أهمّية الثورة العالمية بما هي وحدة ، منطلقا من أن الثورة هي الإتجاه الرئيسي طالما أن الإمبريالية تزداد إنحلالا يوما فيوما و أن دور الجماهير يتعاظم سنة بعد أخرى ، هذه الجماهير التى ستبيّن قوّتها التغييرية التى لا يمكن إيقافها . و كان ماو يردّد حقيقة مفادها إما أن نبلغ جميعا الشيوعية أو لن يبلغها أحد. هذا هو الأفق الخاص فى مرحلة الإمبريالية و فترة تاريخية عظيمة لل"خمسين إلى مائة سنة القادمة " ، فى إطار هذه الفترة يفتح الصراع ضد الإمبريالية الأمريكية و الإمبريالية الإشتراكية السوفياتية ، النمور من الورق ، التى تتنازع الهيمنة على العالم و تهدّده بحرب نووية .
وموقفنا من هذه الحروب هو أولا ضرورة إدانتها ثم علينا أن نستعد مسبّقا لمعارضتها بحرب الشعب و القيام بالثورة . [...]. و كل هذا ينتهى بنا إلى الحاجة إلى تطوير إستراتيجيا الثورة العالمية و تكتيكها . و للأسف قليل هو ما نعرفه أو لا نعرف شيئا عن كتابات و أطروحات الرئيس ماو بشأن هذه المسائل الهامة للغاية و مع ذلك ، فإن القليل النادر الذى نعرفه يثبت الآفاق العظيمة التى تترقبنا و الخطوط العريضة التى علينا إتباعها لفهم الثورة العالمية و خدمتها .
7- البناء الفوقي و الإيديولوجيا و الثقافة و التربية :
هذه المسائل و غيرها على صلة بها درسها بدقة و تعمّق فيها الرئيس ماو و عالجها لذلك هي مسائل جوهرية تستحقّ العناية .
خلاصة القول ، تبيّن المضامين التى عرضنا فى هذه المسائل الجوهرية بجلاء لمن يريد النظر و السمع أن لدينا هكذا مرحلة ثالثة ، جديدة و أرقى من الماركسية هي الماوية و كي يكون المرء ماركسيا فى الوقت الحالي يتطلّب الأمرأن يكون ماركسيا- لينينيا- ماويا ، رئيسيا ماويا .
و ما عرضناه فى المضامين يجرنا إلى سؤالين إثنين :
- ما هو جوهر الماوية ؟ السلطة هي جوهر الماوية . السلطة للبروليتاريا ، سلطة دكتاتورية البروليتاريا ، السلطة المعتمدة على القوة المسلّحة بقيادة الحزب الشيوعي . بشكل أوضح :
1- السلطة فى ظلّ قيادة البروليتاريا ، فى الثورة الديمقراطية 2- السلطة لدكتاتورية البروليتاريا ، فى الثورات الإشتراكية و الثقافية 3- السلطة المعتمدة على قوة مسلّحة يقودها الحزب الشيوعي والتى يجرى إفتكاكها و الدفاع عنها عبر حرب الشعب .
- و ما هي الماوية؟ الماوية هي سموّ بالماركسية – اللينينية إلى مرحلة ثالثة ، جديدة و أرقى فى النضال من أجل قيادة البروليتاريا للثورة الديمقراطية و تطوير بناء الإشتراكية و مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا كثورة ثقافية بروليتارية و هذا فى زمن يتعمّق فيه إنحلال الإمبريالية و أمست فيه الثورة التيار الرئيسي للتاريخ ، فى خضم أعقد و أكبر الحروب التى شوهدت إلى حدّ الآن و الصراع القاسي ضد التحريفية المعاصرة .
بصدد النضال حول الماوية :
فى الصين ، إنطلق النضال فى سبيل تركيز فكر ماو تسى تونغ منذ سنة 1935 ، فى إجتماع تسونسي، لما تولى الرئيس ماو مسؤولية قيادة الحزب الشيوعي الصيني و فى 1945 ، أقرّ المؤتمر السابع للحزب الشيوعي الصيني أنه يسترشد بالماركسية –اللينينية و أفكار ماو تسى تونغ و تم إلغاء ذلك تحديدا فى المؤتمر الثامن و يعزى ذلك إلى سيطرة خط يميني . و لخّص المؤتمر التاسع لسنة 1969 الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و صادق على أن الحزب الشيوعي الصيني يسترشد بالماركسية – اللينينية – فكر ماو تسى تونغ . إلى هذا الحدّ وصل التقدم فى الصين.
على الصعيد العالمي ، إكتسبت الماوية تأثيرا منذ الخمسينات لكن مع الثورة الثقافية إنتشرت بشكل واسع و سمت مكانتها سموّا و أضحى الرئيس ماو معترفا به قائدا للثورة العالمية و مولدا لمرحلة جديدة من الماركسية – اللينينية و عندئذ تبنى عدد كبير من الأحزاب الشيوعية تسمية الماركسية – اللينينية – فكر ماو تسى تونغ . و على النطاق العالمي ، واجهت الماوية بصورة مفتوحة و شرسة التحريفية المعاصرة فاضحة إياها بعمق و حسم و قامت بذلك بصفة موازية فى صفوف الحزب الشيوعي الصيني ذاته ممّا جعل الراية الحمراء العظيمة للرئيس ترتفع حتى أكثر : مرحلة ثالثة ، جديدة و أرقى من ايديولوجيا البروليتاريا العالمية . و حاليا ، تواجه الماوية هجوما ثلاثيا مصدره التحريفية السوفياتية و الصينية و الألبانية . إلا أنه إلى ذلك ، ثمة حتى من يعترف بالمساهمات العظيمة للرئيس ماو و حتى بتطويره للماركسية و يعتبر أننا لا زلنا فى مرحلة الماركسية – اللينينية و ثمة آخرون يقبلون فكر ماو تسى تونغ فقط و لكنهم لا يقبلون البتّة الماوية .
فى بلادنا ، كما هو بديهي ، هاجم التحريفيون الذين يتّبعون قيادة مختلف سادتهم غرباتشوف و دنك و عاليا و كاسترو و لا يزالون الماوية بشراسة . و من ضمن هؤلاء ، علينا أن ندين و نعري و نقاتل بلا هوادة التحريفية المتصلبة لدلبرادو و زمرته الذين أطلقوا على أنفسهم "الحزب الشيوعي البيروفي " و الإلتواءات المتذللة لما يسمى ب"الحزب الشيوعي للبيرو ، الوطن الأحمر " الذين من تقديم أنفسهم على أنهم "ماويين كبار" أضحوا عبيدا لدنك ، بعد أن كانوا أدانوه حين تم عزله فى 1976و المسمى ب"اليسار الموحد" المعادي للماوية و صفوفه تعجّ بكل أرهاط التحريفيين و حتى بمواقف مضادة للماركسية و معهم الماركسيين الزائفين و التحريفيين من أشكال متنوّعة . إن رفع راية الماوية كمرآة كاشفة للتحريفيين لمحاربتهم بلا هوادة وفق تطوّر حرب الشعب و إنتصار الثورة الديمقراطية المستعرة الآن ، إن رفع راية الماوية مهمّة ذات طابع إستراتيجي لا مناص منها و لا يمكن التغافل عنها .
دفع الحزب الشيوعي البيروفي ، من خلال كتلة بقيادة الرفيق غنزالو ، إعادة البناء . و تم تبنى الماركسية–اللينينية –الماوية سنة 1966 و فى1979، صيغ شعار "رفع راية الماركسية -اللينينية – فكر ماو تسى تونغ و الدفاع عنها و تطبيقها ! و فى 1981 ، صيغ " نحو الماوية !".
و فى 1982 ، إعتبرنا الماوية جزءا متمّما و تطوّرا أرقي لإيديولوجيا البروليتاريا العالمية : الماركسية – اللينينية – الماوية . إنما مع حرب الشعب إستوعبنا بشكل أعمق ما تعنيه الماوية و تبنينا الإلتزام الجليل ب"رفع راية الماركسية – اللينينية – الماوية ، رئيسيا الماوية و الدفاع عنها و تطبيقها !" و الكفاح بلا كلل من أجل المساهمة فى جعلها قائدة و مرشدة الثورة العالمية والراية الحمراء الوحيدة التى لا تنكس ضمانا لإنتصار البروليتاريا و الأمم المضطهَدة و شعوب العالم فى سيرها القتالي الذى لا ينثنى ، حشودا متراصة صوب الشيوعية المتألقة و البراقة أبدا.
الماركسية –اللينينية –الماوية/2
( الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ،1988)
عقدت اللجنة المركزية الثانية للحزب الشيوعيى الثوري ، العضو فى الحركة الأممية الثورية، إجتماعها العام الثامن فى بدايات 1988. فى ذلك الإجتماع ، تم إنهاء الوثيقة التى تقدمت بها قيادة الحزب الشيوعي الثوري للولايات المتحدة الأمريكية فى صيغة أولى ، فى خريف 1987 ووزّعت فى صفوف الحزب لفترة من النقاش و الجدال الداخليين و جرت الموافقة عليها...
مقدمة :
لقد تعزّزعلم ثورة طبقتنا ، البروليتاريا العالمية و تطوّر و كذلك إستخدم كسلاح فى غمار الصراع الطبقي . وأشرنا بخاصة إلى إعلاء راية مساهمات ماو النوعية فى ذلك العلم كحجر زاوية و خط فاصل داخل الحركة الشيوعية العالمية ، فى تناقض مع كافة أرهاط التحريفيين الذين خانوا الماركسية و حرفوا مبادئها الأساسية .
يعلن " بيان الحركة الأممية الثورية " أن :
" فجوهر المسألة هنا ليس إلا معرفة ما إذا وجب الدفاع أم لا عن إسهامات ماو الحاسمة فى الثورة البروليتارية و علم الماركسية- اللينينية و التقدم على أساسها . فالمسألة إذا ليست إلا معرفة إذا ما وجب الدفاع أو لا عن الماركسية اللينينية نفسها ...
و بدون البناء على هذه القاعدة يستحيل الإنتصار على التحريفية و الإمبريالية و الرجعية عموما" . (1)
عند تشكيل الحركة الأممية الثورية ، غيّر حزبنا صيغتنا للعلم من ماركسية - لينينية ، فكرماو تسى تونغ إلى ماركسية - لينينية - فكر ماو تسى تونغ . و قد قمنا بذلك لنكون على وفاق مع "البيان"و كذلك ، و هذا الأهم، لأننا إعتقدنا أن هذا يصف على نحو أصحّ هذا العلم . و لئن بدى هذا مجرّد مسألة تنقيط تقنية (وضع واصلة عوضا عن فاصل ) فإنه بالفعل يؤكد على أن مساهمات ماوتسى تونغ لا تقل أهمّية أو ليست ملحقة باللينينية . حينذاك ناقشنا أسباب هذا التغيير فى صفوف حزبنا. و اليوم ، نشعر أنه من الأصحّ حتى أكثر أن نسمي هذا العلم ماركسية – لينينية – ماوية .
بإنجاز هذا التغيير ، نعتقد أننا نقدم الإسم فى علاقة بالعلم مثلما طوّره ممارسوه و منظروه منذ زمن ماركس . فالأساس النظري لهذا التغيير هو أنه ثمّة ثلاثة معالم فى تطوّر هذه النظرية . أسّس ماركس العلم ووضع قواعده الأساسية و طوّره لينين إلى مستوى أعلى و أخذه ماو مرّة أخرى إلى مستوى أرقى . فى السابق ، فى تعارض مع مفهوم لين بياو ومفاده أننا دخلنا عصرا جديدا و أن فكر ماو يتماشى معه ، كنا حذرين فى الإشارة إلى أنه ليس هنالك عصر جديد . فهذا العصر لا يزال عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية . مع ذلك ، نزعنا إلى الخلط بين مفهوم العصر الجديد و المرحلة الجديدة فى تطوّر العلم . و إذ ليس هنالك من عصر جديد ( لسنا فى عهد جديد تاريخيا ) فإن تطوّرات نوعية فى العلم حصلت و يقف وراءها ماو تسى تونغ وهي ذات أهمّية بحيث يمكننا أن نقول أن ثمّة مرحلة جديدة و أرقى فى هذا العلم . و بالتالي ، نسمى علمنا الماركسية- اللينينية – الماوية .

بهذه الصيغة نقصد نفس ما نقصد بالماركسية – اللينينية – فكر ماو تسى تونغ . لماذا إذا هذا التغيير ؟ يعود التغيير إلى أنه مهما كانت النوايا ، فإن إستعمال فكر ماو تسى تونغ لا يعطى وزنا خاصا لمساهمات ماو و يمكن أن يوحي بأن هذه المساهمات أقل شأنا من مساهمات ماركس و لينين . لذا نودّ أن نوضح أن مساهمات ماو هي فى مستوى و حجم مساهمات القادة و المنظرين الثوريين الكبار الآخرين ، ماركس و لينين . ثانيا ، و فى إرتباط بالسبب الرئيسي ، من الأسهل و الأفضل نشر العلم فى صفوف الشعب بإعتباره ماركسية – لينينية – ماوية . و مع ذلك من المهم التشديد على أنه رغم القيام بهذا التغيير ، ليست لنا إختلافات مع تحديد معنى العلم الثوري و تطويره من طرف ماركس و لينين و ماو كما هو موجود فى "البيان".

الماركسية – اللينينية – الماوية :
فى مؤلفه "من أجل حصاد التنانين " ، يشرح رئيس اللجنة المركزية ، آفاكيان ، سيرورة تطوّر هذا العلم :" مع ذلك لا يعنى هذا أن فكر ماو تسى تونغ هو نوع من الإضافة للماركسية – اللينينية فعالة (فقط ) بالنسبة "للعالم الثالث" و لايعنى حتى أقل ، أنه "ماركسية – لينينية صينية " مثلما يزعم ،على الأقل بعض التحريفيين الصينيين المعروفين . كما سبقت الإشارة إلى ذلك ، فإن أعظم مساهمات ماو على الإطلاق هي نظرية مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و تشمل تحليلها الأساسي للإنتقال إلى الشيوعية و كذلك منهجيتها الأساسية القائدة لتحليل العالم بأسره ، رغم الإنقلاب على الثورة فى الصين ( وبالفعل تستوعب دروس ذلك التوقّف و التحرّك على أساس هذا الفهم) . ويمثّل فكر ماو تسى تونغ ككل تطويرا نوعيا للماركسية –اللينينية . إذا ، الماركسية – اللينينية ، فكر ماو تسى تونغ فلسفة متكاملة و نظرية سياسية فى الوقت ذاته وهي إلى ذلك علم حي نقدي و مستمرّ التطوّر . ليست جمعا كمّيا لأفكار ماركس و لينين و ماو (و أيضا ليس المقصود أن كل فكرة أو سياسة أو تكتيك خاص إتخذوه أو دافعوا عنه خالية أو خال من الخطإ ) . إن الماركسية –اللينينية ،فكر ماو تسى تونغ هي توليف التطوّر ، و بصورة خاصة الإختراق النوعي الذى توصلت إليه النظرية الشيوعية من تأسيسها على أيدى ماركس إلى يومنا هذا . لهذا السبب و بهذا المعنى الماركسية –اللينينية ،فكر ماوتسى تونغ و مثلما قال لينين عن الماركسية ، كلية الجبروت لأنها صحيحة "(2)
و قد فهمنا علمنا الثوري كتوليف و إستعملنا الماركسية – اللينينية – الماوية كأصحّ تعبير عن هذا التوليف ، بإمكاننا أن نحدّد أوجهها الأبرز الأساسية كالآتى :
-1-
المادية الجدلية هي القاعدة الفلسفية للماركسية – اللينينية – الماوية . و تقرّ المادية الجدلية بأن كل الواقع هو واقع مادي و أن كل الواقع متكوّن من مادة فى حركة و أن للأفكار جذورها فى الواقع المادي . إلى ذلك ، يوجد كل الواقع كوحدة أضداد : القانون الأساسي للطبيعة و المجتمع و الفكر و تطوّرهم هو قانون التناقض ، قانون وحدة و صراع الأضداد . إن وحدة و تماثل كافة الأشياء مؤقتة و نسبية أما صراع الأضداد فهو دائم و مطلق و يفضى هذا الصراع إلى إنقطاعات راديكالية و قفزات ثورية . و من ثم ، جميع الأفكار كالتوازن المستمر و الإستقرار المستمر و النظام المستمر، و أفكار الأشياء المقدرة و الخالدة ، كل هذه الأفكار و مثيلاتها خاطئة و فى النهاية رجعية . و ينطبق هذا على المجتمع الإنساني و تطوّره مثلما ينطبق على بقيّة الواقع المادي . و تقرّ المادية الجدلية كذلك بأن الممارسة هي هي فى آن معا المنبع الأخير و المقياس النهائي للحقيقة
و تشدّد على الممارسة الثورية . كما عبر ماركس عن ذلك بقوّة : " إن الفلاسفة لم يفعلوا غير أن فسّروا العالم بأشكال مختلفة و لكن المهمة تتقوّم فى تغييره"(3)
مطبّقة بصورة خاصة على المجتمع الإنساني و تطوّره ، تشدّد المادية التاريخية على كلّ من الدور الجوهري للإنتاج و الطابع المتناقض و الديناميكي للإنتاج ذاته و لعلاقته المتبادلة مع البنية الفوقية السياسية و الإيديولوجية للمجتمع . و الحياة الإجتماعية تبدأ بسيرورة الإنتاج الإجتماعي و تتثبت بها. و مثلما صاغ ذلك ماركس : "إن أسلوب إنتاج الحياة المادية يكيّف تفاعل الحياة الإجتماعي،و السياسي و الفكري ، بصورة عامة ".(4) غير أن قوى الإنتاج فى المجتمع لا يمكنها أن تتطور إلاّ بدخول الناس فى علاقات إنتاج معّينة .و ضمن علاقات الإنتاج ، تتطوّر قوى إنتاج جديدة . و فى مرحلة معيّنة من تطوّرها ، تدخل قوى الإنتاج فى المجتمع فى نزاع مع علاقات الإنتاج الموجودة و يجب أن تحصل قطيعة راديكالية أي تحويل ثوري للمجتمع . و هذا التحويل الثوري يتمّ فى البناء الفوقي السياسي و الإيديولوجي و يتركّز فى الصراع من أجل السلطة السياسية .
و ليس بإمكان السياسة و الإيديولوجيا أن تخلقا ثورة فى غياب الظروف المادية الضرورية إلآ أنه حالما تكون الظروف المادية قد تطوّرت (نتيجة لتناقضات المجتمع الأساسية ) تصبح البنية الفوقية المجال الحاسم الذى فيه تتصارع على القيادة المستقبلية للمجتمع القوتين أو الطبقتين المتنازعتين .
-2-
منذ ظهور المجتمع الطبقي ، شهدت جميع ثورات الماضي تغيير نظام إستغلال بنظام إستغلال آخر وحكم طبقة مستغِلة بحكم طبقة مستغِلة أخرى . لكن الثورة البروليتارية مختلفة عن ثورات الماضي . فسيرورة الإنتاج الرأسمالي ذاتها خلقت الظروف المادية بحيث يمكن للمجتمع أن يتنظم على أساس عام جديد غير إستغلالي ونشأت من صلب أسلوب الإنتاج الرأسمالي طبقة البروليتاريا التى من صالحها تحقيق هذه المهمّة التاريخية. هنا تكمن الدلالة العظيمة للتناقض الجوهري المحرك للرأسمالية أي التناقضات بين الإنتاج الجماعي و التملّك الخاص و دلالة حلّه من خلال ثورة بروليتارية .
لما لخّص بعض مساهماته الحاسمة فى المفهوم المادي للتاريخ ، أشار ماركس إلى : " إن الجديد الذى أعطيته يتلخص فى إقامة البرهان على ما يأتى
1- إن وجود الطبقات لا يقترن إلا بمراحل تاريخية معيّنة من تطوّر الإنتاج ،
2- إن النضال الطبقي يفضى بالضرورة إلى دكتاتورية البرويلتاريا ،
3- إن هذه الدكتاتورية لا تعنى غير الإنتقال إلى القضاء على كلّ الطبقات و إلى المجتمع الخالي من الطبقات " (5)
هذا مبدأ و قاعدة أساسيين لتحليل التناقضات فى مجتمع يومنا هذا و طريق حلّها لصالح الإنسانية ، دافعين المجتمع الإنساني إلى مرحلة جديدة و نوعيا أكثر تقدّما هي الشيوعية .
و قد قدّم ماركس تعبيرا مكثفا لما يعنيه تحقيق الشيوعية : " هذه الإشتراكية هي إعلان الثورة المستمرّة ، دكتاتورية الطبقة البروليتارية كنقطة إنتقال نحو إلغاء الإختلافات الطبقية عموما ، و نحو إلغاء كل علاقات الإنتاج التى تستند عليها و نحو إلغاء كل العلاقات الإجتماعية التى تتناسب مع علاقات الإنتاج تلك و نحو تثوير كل الأفكار التى تنشأ عن تلك العلاقات الإجتماعية " (6)
-3-
نعيش اليوم عصر الإمبريالية و الثورة البروليتارية . و قد شرح لينين ذلك على أنه عصر تتفاقم فيه كافة تناقضات الإمبريالية . و بطبيعتها تفرز الإمبريالية، أعلى و آخر مراحل الرأسمالية ثورانا عنيفا و حربا . و الإمبريالية نظام إقتصادي و سياسي مسيطر فى العالم يضع الإطار الأساسي للمجتمع على النطاق العالمي. و الثورة البروليتارية هي الوسيلة الوحيدة لإجتثاث الإمبريالية و كل الأنظمة الإستغلالية من على وجه الأرض . و هذه السيرورة إتخذت بعدُ مجراها بالرغم من الإلتواءات و الإنعطافات و النكسات الفعلية حقا .
الحركة البروليتارية حركة أممية . "و لا يمكن للبروليتاريا فى تقدمها فى الصراع إلا أن تتعاطى مع هذا الصراع و تبحث عن التقدّم به على المستوى العالمي قبل كل شيء.
و هذا لا يعنى طبعا أنه علينا أن نقوم بالثورة دون أن نأخذ بعين الإعتبار الظروف فى مختلف أرجاء العالم أو الظروف داخل بلدان معينة ، بل يعنى أنه حتى فى التعامل مع ذلك ، علينا أن ننطلق من وجهة نظر المجال العالمي بإعتباره هو الأكثر حسما و من المصالح الشاملة للبروليتاريا العالمية بإعتبارها الأساس. و ليست هذه مجرد فكرة جيّدة و إنما لها قاعدة مادية قوية قد أرساها النظام الإمبريالي." (7)
" إن الأمميّة البروليتارية تقوم فعلا على واقع مادي ملموس. فثمّة فعلا نظام إمبريالي عالمي هو العدوّ المشترك للشعب سواء كان يقطن فى القلاع ، الأوطان حيث يتمركز الوحش الإمبريالي و له ركائزه ...سواء يقطن فى المناطق الشاسعة لما يشار إليه عادة بالعالم الثالث أي المستعمرات و أشباه المستعمرات ." (8)
-4-
فى عالمنا اليوم ، يمكننا الحديث بكلمات عامة عن نوعين من البلدان : من جهة ، البلدان الإمبريالية التى تراقب و تهيمن على أكبر رافعات الإقتصاد العالمي ووسائل الإنتاج و منتوجات عمل البروليتاريا و الطبقات المضطهَدة عبر العالم بأسره ، و من جهة أخرى ، البلدان المضطهَدة التى يهيمن عليها و يُخضعها الإمبرياليون من مختلف البلدان على نحو شامل. و على الثورة أن تنفجر و ستنفجر من صفوف البروليتاريا و المضطهَدين فى تلك البلدان . مع ذلك ، هنالك تياران للثورة البروليتارية : فى أنواع مختلفة من البلدان تطرح الظروف الموضوعية (التناقضات المحلية ) طرقا مختلفة جوهريا لتحقيق إفتكاك السلطة السياسية . فى البلدان الإمبريالية ، الطريق هو ما يسمّى عموما طريق أكتوبر ، العمل و الصراع السياسيين المؤديين إلى الإنتفاضة المسلّحة فى المدن مستهلّة حربا أهلية عامة. و فى البلدان المضطهَدة ، الطريق عموما هو الطريق الذى صاغه ماو تسى تونغ فى الصين ، طريق حرب الشعب طويلة الأمد المرتكزة فى الريف ، و مراكمة القوى قصد محاصرة المدن و فى الأخير إفتكاكها .

مثلما شّدد على ذلك ماو تسى تونغ ، ينطبق هذان الطريقان المختلفان لإفتكاك السلطة على نوعين عامين من البلدان و لكن فى كلا النوعين من البلدان يمثّل النضال المسلّح من أجل السلطة السياسية أرقى شكل من أشكال النضال و أكثرها حسما. إنها لمهمّة الشيوعيين أينما كانوا أن يعدّوا لحرب الشعب و لخوضها (حرب تستلزم عمليا و تعتمد بالأساس على الجماهير المضطهَدة ) وفقا للوضع الإستراتيجي الخاص للثورة .
و فى النوعين المختلفين من البلدان ، تتمّ الثورة البروليتارية عبر سيرورات و تحالفات طبقية مختلفة ( بالرغم من أن قيادة البروليتاريا و الهدف النهائي مشترك بالنسبة للإثنين. فى البلدان الإمبريالية ، للثورة طابع بروليتاري إشتراكي مباشر . و فى البلدان المضطَهدة ، تمرّالثورة من خلال مرحلتين هما مرحلة الديمقراطية الجديدة ( الهادفة إلى القضاء على الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية /الكمبرادورية ) فاتحة المجال أمام المرحلة الإشتراكية .فى كلتا الحالتين ، حسب طابع النضال الثوري و مرحلته ، من الحاسم أن نحلّل بصورة صحيحة من هم الأصدقاء و من هم هدف الثورة و ما هي القوى القيادية للنضال الثوري و من هي القوى الإجتماعية التى ينبغى كسبها كحليف ( أو يقع تحييدها سياسيا) و من هي القوى التى ينبغى الإطاحة بها ) .
-5-
وسيلة تحقيق هدف الشيوعية هي الثورة البروليتارية . و ميزات هذه الثورة الأساسية طوّرها كل من ماركس و إنجلز و من تلك الميزات الدرس الحاسم الذى إستخلصاه من كمونة باريس و هزيمتها فى 1871 : " الطبقة العاملة لا يمكنها أن تكتفى بالإستيلاء على جهاز الدولة القائم و إستخدامه فى غاياتها الخاصة ".(9) إن ثورة أكتوبر فى روسيا التى قادها لينين و ستالين و كانت أول ثورة بروليتارية مظفّرة ، ركّزت بصفة أعمق فى الممارسة الحاجة إلى دكتاتورية البروليتاريا . بيد أنه قد تبيّن بوضوح و جري تلخيص، من خلال تجربة الإتحاد السوفياتى و الثورة الصينية ، أن الثورة ينبغى أن تتواصل فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا. بصيغة أخرى ، أثبت النضال من أجل تحويل كلّ المجتمع أنه يتعيّن أن يكون طويل الأمد و سيرورة معقّدة ليست "مقرّرة " عندما تكون البروليتاريا قد أطاحت بالبرجوازية و رسّخت دكتاتورية البرولياتاريا و لا حتى عندما تكون وسائل الإنتاج الحاسمة قد تمّت مشركتها . إن الطبقات والتناقض الطبقي و الصراع الطبقي (بأكثر حسم التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية ) يستمرّون على طول المرحلة الإنتقالية إلى الشيوعية . و تمثّل الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين بقيادة ماو تسى تونغ ، أعلى قمّة قد توصلت إليها إلى الآن البروليتاريا العالمية فى التقدّم نحو الشيوعية : هذه الثورة الثقافية تشير إلى وسيلة قويّة و منهجا لإستنهاض الجماهير و الإعتماد عليها فى مناهضة إعادة تركيز الرأسمالية فى المجتمع الإشتراكي و لأجل القيام بإختراقات فى المضيّ قدما بالثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و التقدّم صوب الشيوعية .
-6-
يضطلع حزب البروليتاريا الثورية بدور حاسم فى النضال لإفتكاك السلطة و إستخدامها . فالحزب يقود الجماهير فى النضال الثوري عبر تطبيق الخط الجماهيري بإتفاق مع المبدأ الجوهري القائل بأن الجماهير هي صانعة التاريخ و ينبغى أن تحرّر نفسها بنفسها . وعلى الحزب أن ينهض بدور طليعي( قبل و خلال و بعد إفتكاك السلطة ) فى قيادة البروليتاريا فى النضال التاريخي من أجل الشيوعية . إلاّ أنه فى الوقت ذاته ، حينما تكون السلطة قد إفتكتها بعدُ البروليتاريا و الحزب قد صار القوة القيادية داخل الدولة البروليتارية الجديدة ، يضحى التناقض بين الحزب و الجماهير التعبير المركّز للتناقضات المميّزة للمجتمع الإشتراكي كمرحلة إنتقالية بين الرأسمالية و الشيوعية .
و أولئك فى الحزب ،لاسيما فى صفوفه القيادية، الذين يتّبعون الطريق الرأسمالي و يسعون لإعادة تركيز الرأسمالية بإسم " الإشتراكية "و "الشيوعية " يصبحون الهدف الأساسي لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا . و فى سيرورة تحديد أتباع الطريق الرأسمالي إياهم و النضال لإلحاق الهزيمة بهم ، يتحتّم أن يتم تثوير الحزب ذاته على كافة الأصعدة و على نحو أعمق و بالتالي يجري تعزيزه فى دوره كطليعة ثورية و هذا كجزء حاسم من تعميق و إنجاز تثوير المجتمع ككل نحو الشيوعية .
خاتمة :
الماركسية –اللينينية –الماوية هي نظرتنا و منهجنا وهي سلاحنا لفهم العالم و تغييره و لرؤية الهدف و لصياغة الطريق قصد تحقيقه.
فى عالم اليوم و بتفاقم جميع التناقضات الأساسية ، تكتسى المبادئ الجوهرية للماركسية- اللينينية – الماوية أقصى الأهمية و القوة الكبرى لإحراز إنتصارات ثورية .
الهوامش :
1- " بيان الحركة الأممية الثورية " .
2- بوب آفاكيان ، "من أجل حصاد التنانين " بالإنجليزية ، ص 114 .
3- كارل ماركس "موضوعات حول فورباخ " ضمن "مختارات ماركس و إنجلز " بالعربية ،المجلد الأول ، صفحة 38 ، دار التقدم موسكو .
4- ماركس ، مقدمة "مساهمة فى نقد الإقتصاد السياسي ".[ ذكره أيضا ستالين فى الصفحة 69 من"المادية الديالكتيكية و المادية التاريخية " ،المكتبة الإشتراكية ، دار دمشق]
5- ماركس ، "مختارات ماركس و إنجلز " المجلد الرابع ، صفحة 149 فى "رسالة إلى يوسف فيدماير " سنة 1852 .دار التقدم ، موسكو .[ ص114 من ماركس و إنجلز "بصدد الثورة الإشتراكية "، دار التقدم بالعربية ]
6- ماركس "صراع الطبقات فى فرنسا من 1848 إلى 1850 "ضمن "مختارات ماركس وإنجلز"
7- بوب آفاكيان: "التقدم بالحركة الثورية العالمية : مسائل توجه إستراتيجي " بالإنجليزية، الثورة ،عدد 51، صفحة 4 .
8- بوب آفاكيان: " النظام الإمبريالي و الأممية البروليتارية " بالإنجليزية ، العامل الثوري عدد 187 ، صفحة 4 .
9- ماركس و إنجلز،" بيان الحزب الشيوعي "، مقدمة الطبعة الألمانية ، ضمن "مختارات ماركس و إنجلز "،المجلد 1 ، صفحة 40

الماركسية –اللينينية –الماوية/3
الماوية مرحلة جديدة فى تطور علم الثورة البروليتارية
( مقتطفات من وثيقة لمنظمة الشيوعيين الثوريين بأفغانستان/1991 )
لقد طُبق علم الثورة البروليتارية العالمية و تعزّز و تطوّر فى غضون قرن و نصف القرن من الصراع الطبقي ، منذ نشر " بيان الحزب الشيوعي" . و ماركس هو الذى بنى هذا العلم و صاغ أسسه الجوهرية و لينين إرتقى به إلى مرحلة جديدة ثم طوّره ماو إلى مستوى أرقى . و هكذا تقدّم علم الثورة البروليتارية العالمية من خلال ثلاث مراحل نوعية هي :
1) الماركسية و 2) اللينينية و 3) الماوية .
فى الوضع الحالي ، من الحيوي التأكيد على مساهمات ماوتسي تونغ فى هذا العلم و تطويره النوعي له . ذلك أن هذا التأكيد خطّ فاصل لصفوف البروليتاريين عن صفوف مختلف أرهاط التحريفيين الذين خانوا الثورة البروليتارية و حرّفوا أسس علم الثورة البروليتارية العالمية . و مثلما يشير إلى ذلك بيان الحركة الأممية الثورية :
" و اليوم يمثل الدفاع عمّا قدمه ماو تسى تونغ من إسهامات نوعية للماركسية –اللينينية مسألة ذات أهمية بالغة و ملحّة بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية و للعمال ذوى الوعي السياسي و الطبقي و جميع الثوريين فى العالم . فجوهر المسألة هنا ليس إلا معرفة ما إذا وجب الدفاع أم لا عن إسهامات ماو الحاسمة فى الثورة البروليتارية و علم الماركسية- اللينينية و التقدّم على أساسها . فالمسألة إذا ليست إلا معرفة إذا ما وجب الدفاع أو لا عن الماركسية- اللينينية نفسها .
...إننا نؤكد بأن الماوية مرحلة جديدة فى تطوّر الماركسية- اللينينية وبدون الدفاع عن الماركسية –اللينينية و بدون البناء على هذه القاعدة يستحيل الإنتصار على التحريفية و الإمبريالية و الرجعية عموما ."
ظهور الماوية :
نشأت الماوية فى خضم صراع طبقي محتدم . إثر ثمانى سنوات من الحرب الثورية ضد الكومنتنغ ، وقع إنتخاب ماوتسى تونغ قائدا للحزب الشيوعي الصيني من قبل ندوة تسونسى . و قد مثل ذلك إنتصارا لخط ماو تسى تونغ بعد سنوات من الصراع ضد خطوط " يسارية " و يمينية كانت ألحقت بالثورة الصينية ضربات قاتلة فى السنوات السابقة .و بعد عشر سنوات من ذلك الإجتماع ، أكّد المؤتمر السابع للحزب الشيوعي الصيني المنعقد فى 1945 ، إثر المسيرة الكبرى البطوليّة و حرب المقاومة ضد الإمبريالية اليابانية ، أن : " الحزب الشيوعي الصيني يسترشد بالماركسية –اللينينية و فكر ماو تسى تونغ ".
و بالرغم من أن مقطع " فكر ماو تسى تونغ " قد حُذف فى المؤتمر الثامن، فإن الصراع تواصل .و فى الخمسينات ، عقب ظفر الثورة الصينية أخذت أفكار ماوتسى تونغ تكتسب تأثيرا فى بلدان أخرى ، و فى الصين عمّ تطبيق تلك الأفكار أثناء الصراعات الإعصارية للجماهير خلال القفزة الكبرى و تكوين الكمونات الشعبية . و أعطى الصراع ضد تحريفية خروتشوف بعدا جديدا لفكر ماوتسى تونغ ووسع تأثيره على النطاق العالمي . و لكن مع الثورة الثقافية البرولياتارية الكبرى برز فكر ماو تسى تونغ كمرحلة جديدة فى تطوّر الماركسية- اللينينة و برز الرئيس ماو قائدا للثورة العالمية . و على هذا الأساس ، ملخّصا الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، صرح المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني فى 1969 ، بأن : " الحزب الشيوعي الصيني يسترشد بالماركسية –اللينينية – فكر ماو تسى تونغ . "
و إنخرطت عديد الأحزاب و المنظمات الشيوعية فى العالم و التى كانت قد إنتفضت ضد تحريفية خروتشوف و الإمبريالية الإشتراكية السوفياتية ، إنخرطت فى الماركسية – اللينينية – فكر ماو تسى تونغ . و فى 1973 ، لفض المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني الإشارة اللينبياوية إلى "عصر التداعي الكلي للإمبريالية " و جعل علم الثورة البروليتارية يسطع أكثر .
و مثّلت خسارة الثورة فى الصين و إستيلاء التحريفيين على السلطة بداية الهجمات الجديدة على مساهمات ماو تسى تونغ ممّا أسفر عن بلبلة كبيرة فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية . و لكن صراع الخطّين حول الماركسية – اللينينية- الماوية تواصل على نطاق عالمي . و قد عبّر هذا الصراع عن نفسه فى خريف 1980 مع الندوة العالمية الأولى للأحزاب و المنظمات الماركسية – اللينينية – فكر ماو تسى تونغ (الماوية ) التى إنتهت إلى تشكيل الحركة الأممية الثورية .
يعتبر بيان الحركة الأممية الثورية " فكر ماو تسى تونغ " تطويرا للماركسية – اللينينية و يصرّح قائلا إننا نشدّد على أن فكر ماو تسى تونغ أي " نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا " هي الخط الفاصل بين الماركسية و التحريفية : " الآن ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بدكتاتورية البروليتاريا و أيضا على الوجود الموضوعي للطبقات و التناقضات الطبقية العدائية و مواصلة صراع الطبقات فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا طوال مرحلة الإشتراكية و حتى الوصول إلى الشيوعية " .
و مصطلح " الماوية " إستعمله لأول مرّة الحزب الشيوعي البيروفي . و إستعمله فى عديد الوثائق و قد نشرتها كذلك الحركة الأممية الثورية منذ تشكيلها. و تبنّاه أيضا الإجتماع العام الثامن لللجنة المركزية الثانية للحزب الشيوعي الثوري بالولايات المتحدة الأمريكية فى 1988. و لم يترسّخ مصطلح "الماوية " بعدُ فى صفوف قوى الحركة الأممية الثورية التى لا تزال تستعمل الماركسية –اللينينية – فكر ماو تسى تونغ .
إن مصطلح " الماوية " يبيّن بطريقة صحيحة أن مساهمات ماو ثمينة جدا و فى نفس مستوى مساهمات ماركس و لينين و يتجاوز عدم فهم أو إستنقاص مساهمات ماو . و يشير هكذا بأكثر جلاء من مصطلح " فكر ماو تسى تونغ " إلى المرحلة الثالثة فى تطوّر علم الثورة البروليتارية . لذا نرى من السليم إستخدام " الماوية " عوضا عن " فكر ماو تسى تونغ ". و" الماوية " حسب إعتقادنا ستعمّم إن عاجلا أم آجلا فى صفوف أعضاء الحركة الأممية الثورية و المتعاطفين معها ، معوّضة " فكر ماو تسى تونغ" .
مساهمات ماو تسى تونغ فى تطوير الماركسية –اللينينية:
مثلما هو معلوم ، تتكوّن الماركسية من ثلاث مكوّنات متكاملة هي الفلسفة و الإقتصاد السياسي و الإشتراكية العلمية. و التطوير النوعي لهذه المكوّنات الثلاث يفرز تطويرا نوعيا للماركسية فى كليتها إلى مستوى أرقى . و مثّلت مساهمات ماو قفزات نوعية فى المكوّنات الثلاث للماركسية ، رافعة هذه الراية إلى مستوى أرقي من مستوى ماركس و لينين .
لنتناول هذه المسألة فى ثلاث أبواب :
الفلسفة :
-1- لقد أشار ماو تسى تونغ إلى أن قانون التناقض هو القانون الجوهري للجدلية فى الطبيعة و المجتمع و المعرفة الإنسانية و طوّر فهم أن هذا القانون هو جوهر المادية الجدلية. لقد حلّل بعمق قانون التناقض وعلى ضوء شرح معنى التناقض الرئيسي فى كل مرحلة خاصة من تطوّر سيرورة ما ، مفرّقا بينه و بين التناقض الجوهري الذى هو أساس وجود السيرورة من بدايتها إلى نهايتها .
-2- لقد طبّق بصفة خلآقة المادية الجدلية فى ميدان السياسة مستعملا قانون التناقض لتحليل الأحداث و الصراع السياسي .
-3- و قد طوّر ماو تسى تونغ و عمّق النظرية المادية الجدلية للمعرفة دارسا بعمق القفزتين : القفزة من الممارسة إلى النظرية ثم القفزة من النظرية إلى الممارسة ، مشدّدا على الممارسة بإعتبارها المظهر الرئيسي .
-4- و توصّل ماو تسى تونغ إلى تبليغ الفلسفة إلى الجماهير . و بقيامه بذلك أخرج الفلسفة من الكتب والمكتبات و حرّرها من إحتكار الفلاسفة و حوّلها إلى قوّة مادية نشيطة .
-5- محلّلا على نحو جدلي العلاقة بين البنية التحتية و البنية الفوقية ، ناضل ضد الفهم الميتافيزيقي و الإحادي الجانب للعلاقة بين البنية التحتية و البنية الفوقية و طوّر صراع الماركسية ضد الإقتصادوية كما ناضل ضد النظرية التحريفية لتطوير قوى الإنتاج . لقد قال إنه و إن كانت البنية التحتية تؤثر فى البنية الفوقية و تحدّد طبيعتها و هذا هو المظهر الرئيسي فإن البنية الفوقية تؤثر هي أيضا فى البنية التحتية و أحيانا تحدّد طبيعتها. و إنطلاقا من هذا، طوّر وجهة نظر لينين أن " السياسة تعبير مركز للإقتصاد " و شدّد على أن السياسة الثورية ينبغى أن توضع فى مصاف القيادة. و هكذا وضع ماو تسى تونغ الوعي الثوري فى موقعه من العلاقة بينه و بين التحويل الثوري للعالم و طوّر شعار لينين "لا حركة ثورية دون نظرية ثورية " .
الإقتصاد السياسي :
-1- طوّر ماو تسى تونغ حتى أكثر الإقتصاد السياسي للإشتراكية . فطوّر الإقتصاد السياسي للبناء الإشتراكي فى الصين و أنجزه ناقدا بعض مظاهر الإقتصاد السوفياتي فى بناء الإشتراكية . و النقطة المركزية تمثّلت فى تحريك مبادرة الجماهير على قاعدة خطّ صحيح و دفع الإنتاج و نشر السياسة الإقتصادية فى صفوف الشعب و ليس عبر الأوامر البيروقراطية . فى هذا الإطار ، ركّز العلاقة بين الثورة و تطوير الإنتاج و صاغ الشعار الشهير " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج" .
-2- طوّر ماو الديمقراطية الجديدة و نقاطها الأساسية الثلاث هي :
أ- القضاء الجذري على الإقطاعية بتطبيق سياسة " الأرض لمن يفلحها ".
ب- إنتزاع ملكية كل المؤسسات الإقتصادية الأجنبية و الوطنية ذات " الطبيعة الإحتكارية" أو ذات المدى الأبعد من التصرّف الخاص.
ج- قيادة الرأسمال الخاص و مراقبته و تحديده حتى " لا يسيطر على وسائل معيشة الشعب . "
و تمّت هذه السيرورة الإقتصادية أثناء السيرورة الطويلة للثورة الديمقراطية الجديدة فى الصين منذ تركيز قاعدة الإرتكاز الأولى الثورية (1927) إلى الثورة الإشتراكية و أعدّت الأرضية للبناء الإشتراكي فى الصين .
-3- حدّد ماو تسى تونغ الرأسمال البيروقراطي كشكل من الرأسمال الذى توجده الإمبريالية فى البلدان المضطهَدة كرافعة لهيمنتها. إنها مسألة ذات شأن .و يجب أخذ البرجوازية البيروقراطية بعين الإعتبار و نزع ملكيتها و إلا لن يكون من الممكن الإطاحة بالإمبريالية فى البلدان المهيمن عليها ويعدّ كذلك نزع ملكيتها ضرورة حيوية لإرساء ركائز البناء الإشتراكي .
الإشتراكية العلمية :
-1- ثورة الديمقراطية الجديدة : فى هذا العصر، تمثّل الثورة فى البلدان المهيمن عليها أحد مكوّني الثورة البروليتارية العالمية ، معا مع الثورة فى البلدان الإمبريالية . بخلاف البلدان الإمبريالية ، ليست للثورة فى البلدان المهيمن عليها طبيعة إشتراكية آنية ، بل طبيعة وطنية ديمقراطية فى ظلّ قيادة البروليتاريا تتّخذ توجها إشتراكيا . لقد صاغ ماو تسى تونغ إستراتيجيا ثورة الديمقراطية الجديدة فى سيرورة النضال الثوري فى الصين و ركّز طريق الثورة فى البلدان المهيمن عليها بقيادته الثورة الصينية إلى الإنتصار. و تعتمد ثورة الديمقراطية الجديدة على قيادة الحزب الشيوعي لنضالات الطبقات الشعبية المناهضة للإمبريالية و المناهضة للإقطاع ، من خلال جبهة وطنية موحدة فى سيرورة حرب الشعب طويلة الأمد.
-2- قاد ماو النضال المسلّح للحزب الشيوعي الصيني إلى الإنتصار و ما هو أهمّ هو أنه لأول مرّة قدّم للبروليتاريا العالمية خطا عسكريا متطوّرا تماما . و نظرية ماو حول حرب الشعب ليست مجرّد إستراتيجيا عسكرية و إنما هي تعبير عن العنف البروليتاري الثوري فى الصراع الطبقي لقيادة الثورة نحو الإنتصار، " من فوهة البندقية تنبع السلطة السياسية " هي تعبيره المكثف .
-3- و طوّر أكثر نظرية الطبقات و صراع الطبقات فى عديد المظاهر الإقتصادية و السياسية و الإيديولوجية و تقدّم بنظرية مواصلة الصراع الطبقي خلال كافة مرحلة بناء الإشتراكية إلى الشيوعية . مستخلصا دروس التجربة المُرّة لإعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي ، لاحظ أن الصراع بين البروليتاريا و البرجوازية فى ظلّ الإشتراكية معقّد و طويل جدا. فصاغ منهج النضال ضد إعادة تركيز الرأسمالية فى المجتمع الإشتراكي و قاد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين. و هكذا بتطويره نظرية "مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا " قام بمساهمة عظيمة فى علم الثورة البروليتارية العالمية و رفع النظرية الماركسية للطبقات و الصراع الطبقي، وهي جوهر الإشتراكية العلمية ، إلى مستوى جديد و أرقي تماما .
و الآن من جديد لننظر إلى تأكيد البيان : " قال لينين : ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بدكتاتورية البروليتاريا ". لقد تدعّم هذا الشرط الذى طرحه لينين أكثر على ضوء الدروس و النجاحات القيّمة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى بقيادة ماو تسى تونغ . و يمكن لنا القول الآن ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بدكتاتورية البروليتاريا و أيضا على الوجود الموضوعي للطبقات و التناقضات الطبقية العدائية و مواصلة صراع الطبقات فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا طوال مرحلة الإشتراكية و حتى الوصول إلى الشيوعية . و كما قال ماو فإن :" كل خلط فى هذا المجال يؤدى لا محالة إلى التحريفية " ."
المكونات الثلاث للماركسية –اللينينية –الماوية :
آخذين بعين الإعتبار المساهمات العظيمة لماو تسى تونغ فى علم الثورة البروليتارية العالمية و تطويره النوعي لهذا العلم على خطى ماركس و لينين سنعدد أسس علم الماركسية –اللينينية –الماوية فى مكوناته الثلاث: الفلسفة و الإقتصاد السياسي و الإشتراكية .
الفلسفة :
فلسفة الماركسية-اللينينية –الماوية هي المادية الجدلية التى تفسّر الحقيقة الأساسية القائلة بأن كل الواقع و الوجود متكوّن من مادة فى حركة مختلفة الأشكال. كلّ معرفة تتأتى من المادة و تتوقّف عليها. و توجد كافة الأشكال المختلفة للمادة فى حركة فقط فى شكل وحدة أضداد. وقانون التناقض ، يعنى قانون وحدة و صراع الأضداد ، هو القانون الجوهري لتطوّر الطبيعة و المجتمع و الفكر . و الوحدة أو التماثل مؤقتين و نسبيين فى جميع الظواهر بينما صراع الأضداد المتنافية دائم و مطلق و هذا هو مبعث القفزات و ظهور خاصيات و ظواهر جديدة . و الإعتقاد فى التوازن الدائم و النظام الدائم و ما هو أبدي أو إلاهي غير صحيح و رجعي .
و تعتبر المادية الجدلية الممارسة مصدرا و محكا نهائيا للحقيقة و تعتمد على الممارسة الثورية أكثر من أي شيء آخر. و على هذا الأساس فإن المادية الجدلية فلسفة فى خدمة التحويل الثوري للعالم .
و المادية التاريخية هي تطبيق المادية الجدلية على المجتمع البشري و تطوّره. وهي تشدّد على الدور الجوهري لشيأين إثنين هما :
1- الإنتاج و التناقض الجوهري بين قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج .
2- العلاقات المتبادلة بين الإنتاج و البنية الفوقية السياسية و الإيديولوجية للمجتمع .
صاحبت ظهور الحياة الإجتماعية سيرورة الإنتاج الإجتماعي ويتوقف تواصل الحياة الإجتماعية على سيرورة الإنتاج هذه لكن قوى الإنتاج يمكنها أن توجد و تتطوّر فقط حين يعقد الناس علاقات إنتاج معيّنة. و التناقض بين قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج سيغدو تناحريا بصفة واضحة فى مرحلة معينة من تطوّر قوى الإنتاج . فتجعل الحاجة إلى تطوير قوى الإنتاج من الضروري التحوّل الراديكالي و الثوري للمجتمع و كذلك من الضروري تعويض علاقات إنتاج جديدة لعلاقات الإنتاج القديمة. و ينطلق هذا التحوّل الراديكالي الثوري فى البنية الفوقية السياسية و الإيديولوجية و يتمحور حول الصراع الطبقي من أجل السلطة. و إن لم تكن الظروف المادية غير ناضجة بعد لا يمكن للإيديولوجيا و السياسة أن يخلقا الثورة لكن لما تنضج ، تتحوّل البنية الفوقية (الإيديولوجيا و السياسة ) إلى حقل معركة حيوية لمختلف الطبقات و القوى السياسية و يمسى التحوّل النوعي فى البنية الفوقية ضرورة رئيسية لتطوير المجتمع .
الإقتصاد السياسي :
نظرية فائض القيمة هي النقطة المركزية فى الإقتصاد السياسي الماركسي- اللينيني- الماوي فى تحليل الإقتصاد الرأسمالي. ومنبع رأس المال و سبب وجوده ونموه هو إنتاج فائض القيمة الذى يتجسد عبر آليات السوق كربح. فى نمط الإنتاج الرأسمالي ، الربح هو محرّك الإنتاج و هدفه النهائي و يتراكم عبر تملك فائض الإنتاج الذى يخلقه العمل الجماعي للعمال . لذا تعتبرالرأسمالية نمط إنتاج يتميّز بتحويل العمل الإنساني إلى سلعة .
التناقض بين الإنتاج الإجتماعي و التملّك الفردي هو التناقض الجوهري للرأسمالية و يحمل فى طيّاته فوضوية الإنتاج و يفرز عديد الأزمات الرأسمالية . و فى سيرورة التوسّع و التطوّر المتواصلين لرأس المال المترافق بالتفقير ، تحدث صدامات بين رساميل مختلفة مما ينتج تنافسا بين مختلف الرأسماليين و فى النهاية يؤول إلى الإحتكار. و يدفع نموّ الإحتكارات و توسّعها بأبعاد متنوّعة إلى تجاوز الحدود الوطنية و يُشرع فى تصدير الرساميل . كل هذا يولد الإمبريالية وطابعها الخاص : نهب الشعوب والأمم المضطهَدة و إستغلال عمال بلادها هي .و فى عصر الإمبريالية ، يتّخذ التناقض بين الإنتاج الإجتماعي و التملك الفردي أبعادا كونية. فيظهر التناقض بين الإمبريالية و الشعوب المضطهدَة و يصل التنافس بين مختلف القوى الرأسمالية إلى مستوى التناقض على النطاق العالمي. إلى جانب هذا ، يحتدّ التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية يوما فيوما .
و تحقّق الثورة الإشتراكية بنزعها الملكية الرأسمالية خطوة نوعية هامة نحو حلّ التناقض الجوهري للرأسمالية ، بيد أن هذا غير كاف. تصادر الدولة الإشتراكية الجديدة كممثلة للمجتمع وسائل الإنتاج لكن هذا ليس بعد مشركة حقيقية و عميقة لوسائل الإنتاج . فعلى الثورة الإشتراكية كي تقود إلى الشيوعية ، أن تحوّل هذه المشركة الجزئية و الشكلية لوسائل الإنتاج إلى مشركة عميقة و حقيقية. هذه مسألة توجّه جوهري وهي تحدّد الطابع الحقيقي للمجتمع .
زد على ذلك ، ثمّة بعض النقاط ذات الأهمية الجوهرية لأجل بناء الإشتراكية ينبغى أخذها بعين الإعتبار فى علاقة بالحلّ التام للتناقض الجوهري وهي مراقبة الحق البرجوازي و تحديده نازعين لكسب موقع القيادة فى الإنتاج و النضال المستمر لحلّ التناقض بين العمل اليدوي و الذهني و بين الريف و المدينة و بين العمال و الفلاحين. فى الإنتاج الإشتراكي ، لا يُعتبر العمل الإنساني ووسائل الإنتاج سلعا. غير أن الإقتصاد الإشتراكي إقتصاد إنتقالي من الرأسمالية إلى الشيوعية وهو مختلف نوعيا عن الإقتصاد الشيوعي .
الإشتراكية العلمية :
تعتمد الإشتراكية العلمية بالأساس على نظرية الطبقات و صراع الطبقات وعلى أن صراع الطبقات يقود إلى دكتاتورية البروليتاريا و على مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا وعلى أن الدول و الأحزاب أفرزتها الطبقات و سوف تضمحل مع إضمحلالها .
منذ ظهور الطبقات و المجتمع الطبقي الإستغلالي إلى عصر الإمبريالية و الثورة البروليتارية ، عوّضت كل الثورات طبقة مستغِلة بطبقة أخرى و نظاما مستغِلا بنظام آخر ( فى هذا الإطار ، تعدّ كمونة باريس إستثناءا ). و أوجد النظام الرأسمالي الذى يمثّل آخر نظام إستغلالي ركائز بناء مجتمع خال من الإستغلال وولّد الطبقة الوحيدة المعنية ببناء هذا المجتمع ، البروليتاريا . و سيحل التناقض الجوهري للمجتمع الرأسمالي عبر الثورة البروليتارية و تركيز دكتاتورية البروليتاريا و بناء الإشتراكية و قيادة الثورة نحو الشيوعية فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و فى النهاية سيتم بلوغ الشيوعية.
نظام المرحلة الإمبريالية من النظام الرأسمالي نظام عالمي و البروليتاريا طبقة عالمية. هكذا تكون الحركة البروليتارية الثورية بطبيعتها حركة عالمية قاعدتها الأممية. و على البروليتاريين أن يخوضوا نضالهم على مستوى عالمي و إضافة لخوض النضال فى بلد محدّد ،عليهم أن يشدّدوا على أن المجال العالمي هو المجال الأكثر أهمّية عند خوض النضال .
ينقسم العالم الحالي إلى بلدان إمبريالية و بلدان تهيمن عليها الإمبريالية. و الثورة البروليتارية العالمية تنجزها البروليتاريا و المضطهَدين و الشعب فى كلا النوعين من البلدان . و تختلف الثورات فى هذين النوعين من البلدان فللثورة فى البلدان الإمبريالية طابع إشتراكي فوري و ثورة أكتوبر هي نموذج مظفر عن النضال السياسي الذى خيض لإعداد الإنتفاضة فى المدن و ثم الحرب الأهلية العامة. و لكن فى البلدان المضطهَدة ، ليس لها طابع إشتراكي مباشر و إنما هي ثورة الديمقرطية الجديدة فى ظلّ قيادة البروليتاريا تعدّ الأرضية لثورة إشتراكية و تطيح بالإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية و الكمبرادورية و الثورة الصينية هي نموذج مظفّر لهذا النوع من الثورات.
و على قاعدة إستراتيجيا حرب الشعب طويلة الأمد ، إعتمادا على قواعد الإرتكاز الريفية و محاصرة المدن ، تراكم قوى الثورة قوى كافية لإفتكاك المدن و تركيز السلطة الثورية فى البلاد كافة. و بالرغم من أن الثورة فى بلدان مختلفة ستتخذ أشكالا متنوّعة حسب خصوصيات كل وضع ، فكل الثورات تنتمى عامة إلى نوع أو آخر من هذين الطريقين والمبدأ العام بالنسبة لكلا الطريقين هو إستعمال العنف الثوري و النضال المسلّح كأرقى أشكال النضال من أجل إفتكاك السلطة .
إن الثورة البروليتارية لا تنتهى بمجرد تركيز دكتاتورية البروليتاريا حيث ينبغى أن تستمرّ فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا طوال مرحلة الإشتراكية و المرور إلى الشيوعية. و تمثّل الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين ، فى ظلّ قيادة ماو تسى تونغ أرقى نقطة متقدّمة توصّلت إليها البروليتاريا العالمية فى المسيرة الثورية نحو الشيوعية. فتلك الثورة قد بيّنت كيف و عبر أية وسائل يمكن تعبئة الجماهير و الإعتماد عليها للحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية فى المجتمع الإشتراكي و التقدّم صوب الشيوعية. ويعزى هذا المكسب إلى إيلاء العناية لطبيعة الحزب البروليتاري الثوري إثر إفتكاك السلطة إذ يقود الحزب البروليتاري الثوري كطليعة للبروليتاريا ، الثورة و النضال من أجل تحقيق الشيوعية بيد أنه حين يمسك بقيادة الدولة الإشتراكية تتركز تناقضات المجتمع الإشتراكي الإنتقالي فى التناقضات بين الحزب و الشعب. و على الحزب أن يقود المسيرة نحو الثورة العالمية و الحلّ النهائي للتناقض الجوهري للرأسمالية. و يمثّل أولئك الذين هم فى صفوف الحزب و بالخصوص أولئك الذين لهم مراكز قيادية و لا يريدون التقدّم فى هذا الطريق و فى النهاية يسعون إلى إعادة تركيز الرأسمالية ، يمثّلون مركز قيادة البرجوازية فى صفوف الحزب و الدولة و يتحوّلون إلى أهداف للثورة . مراكز القيادة هذه تبرز بإستمرار و بغية النضال ضدّها ، يجب على الحزب أن يعتمد على الجماهير لتحطيمها و التقدّم بصفة متّصلة فى سيرورة تثوير الحزب فى كل مرّة أكثر على كافة المستويات و قيادة المسيرة بصلابة نحو الشيوعية . إلا أن هذا لا يعنى بالمرّة أن بلدا بذاته لوحده يمكن أن ينتهي من هذا النضال و يتقدّم إلى مرحلة الشيوعية . فإنتصار الشيوعية لا يمكن أن يتحقّق دون إنتصار البروليتاريا على البرجوازية فى النضال العالمي . لذا علينا أن نشدّد على أن مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا لا تتحدّد بمواصلة الثورة فى بلد واحد و إنما يجب أن تتم على مستوى العالم قاطبة ./.
/ حول الماوية 4
( الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) - الرفيق براشندا، ديسمبر1991)
إستخلصت الماركسية كعلم الثورة البروليتارية العالمية من التجربة التاريخية و تطوّر الصراع الطبقي . و من المعلوم بصورة جيّدة أن لعلم الماركسية الذى أسّسه ماركس عبر صراع متّصل و من خلال إعمال ذكاء كبير ، مكوّنات ثلاث هي الفلسفة و الإقتصاد السياسي و الإشتراكية العلمية .و تطوّرت الماركسية بما هي علم فى سيرورة طبيعية. وعلى ضوء التجارب و المشاكل الجديدة للصراع الطبقي ، رفع لينين الماركسية فى مجملها إلى مرحلة ثانية من تطوّرها هي اللينينية. و اليوم دخل هذا العلم ، فى سيرورة الصراع ذاتها ، مرحلة ثالثة، جديدة و أرقى فى تطوّره. و هذه المرحلة الثالثة، الجديدة و الأرقى هي مرحلة الماوية التى طوّرها ماو. و هكذا صار لدى البروليتاريا العالمية اليوم تماما و كليا الماوية كنظرية عالمية. و دون إدراك الماوية كماركسية – لينينية عالم اليوم لا يمكن لأحد أن يكون شيوعيا حقا. و لأنها ماركسية –لينينية عالم اليوم ، ما فتأ الرجعيون و التحريفيون عبر العالم بأسره يهاجمون الماوية و الماويين بشراسة. و بالضبط مثلما تم تركيز الماركسية – اللينينية فى سيرورة صراع الشيوعيين الثوريين ضد كافة أصناف الرجعيين و التحريفيين و الإنتهازيين ، سيقع تركيز الماوية عبر الصراعات الضارية.
فى حركتنا، رغم الحالة الذهنية المستوعبة لمساهمات ماوتسى تونغ كماركسية – لينينية فإنه جرى التعبير عن هذه المساهمات بمصطلح "فكر ماو تسى تونغ". و قد ناضلنا ضد الرجعية و التحريفية متبنّين مساهمات ماو تسى تونغ كنظرية بروليتارية علمية و مصرحين بأن " فكر ماو تسى تونغ هو ماركسية – لينينية عالم اليوم ". مع ذلك ، مع هيمنة اليمين التحريفي داخل الحركة الشيوعية العالمية ، إثر وفاة الرفيق ماو و إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين ، شهدت الوضعية تغيّرا. و اليوم ، ما إنفكت زمرة دنك التحريفية تقتل روح تعاليم ماو الثورية بإستعمال مصطلح "فكر ماو تسى تونغ" .
و حاليا ، يقع إستعمال مصطلح " فكر ماو تسى تونغ " من جهة من طرف الإصلاحيين بمعنى فرضية تتناسب مع الثقل الحالي لكلمة " فكر" و من جهة ثانية ، من طرف الشيوعيين الثوريين بمعنى مبدأ عالمي. فى هذا الإطار، مواصلة إستعمال مصطلح " فكر" المضلّل على الرغم من وجود مصطلح علمي هو" الماوية " بوزن التعبير عن مبدأ عالمي، ليس سوى تقديم ممرق لليمين التحريفي .و بالتالي ، من الجوهري بالنسبة للشيوعيين الثوريين الذين قد إستوعبوا بعدُ فكر ماوتسى تونغ كماركسية – لينينية اليوم ، أن يستعملوا مصطلح " الماوية " فى الحال وبصلابة .
فى ضوء الهجمات اليمينية على مساهمات ماو تسى تونغ إثر الثورة المضادة فى الصين، ساد الفزع كذلك صفوف ثوريين قدامى فحاولوا إستخدام مصطلح "فكر" بمعنى التقليص من أهمية مساهمات ماو و عدم الإعتراف بها كمرحلة ثالثة فى تطوّر الماركسية و كمبدأ عالمي. وهذا بيت القصيد. فقادت مثل هذه التوجّهات فى النهاية إلى الإصلاحية و التحريفية و بسبب هذه الوضعية تعاظمت حتى الأهمية النظرية لتأويل تطوير ماو للمكوّنات الثلاث للماركسية و إستعمال مصطلح " الماوية " و من هنا تأتى ضرورة تفسير مقتضب لأهمية مساهمات ماو فى مجال الفلسفة و الإقتصاد السياسي و الإشتراكية العلمية ، هذه المساهمات التى رفعت الماركسية إلى مرحلة جديدة .
أ- مجال الفلسفة :
-1- لقد أرسى ماو قانون التناقض جوهرا للمادية الجدلية و قانونا جوهريا للديالكتيك فى جميع مجالات الطبيعة و المجتمع و المعرفة الإنسانية. و طوّر تحليل شمولية التناقض و سيرورة تحديد التناقض الرئيسي و أهمّيتها فرفع فهم الجدلية إلى مستويات جديدة. و الدور الهام الذى لعبته جوهرية قانون التناقض فى صياغة إستراتيجيا و تكتيك الثورة فى حدّ ذاته بديهي .
-2- ممّا لا جدال فيه ، فى مجال نظرية المعرفة ، أن تحليل ماو قدم مساهمات هامة فى تحديد الصراع الطبقي و الصراع من أجل الإنتاج و التجربة العلمية كمصدر للمعرفة و عبّر هذا التحليل عن سيرورة المرور من المعرفة العملية إلى المعرفة النظرية و العلاقات بين النظرية والممارسة.
-3- لقد وضع التحليل و التطبيق العميقين لمسألة إزدواج الواحد كمظهر رئيسي للجدلية خلال النضال ضد التحريفية ، بين أيدي الثوريين سلاحا حادا للنضال ضد التحريفية .
-4- و فى نفس الوقت الذى هاجم التفكير التحريفي المتعلق ب" نظرية قوى الإنتاج " و
" الإقتصادوية " ذوى المقاربة الميتافيزيقية و الإحادية الجانب بخصوص مسألة علاقة البنية التحتية بالبنية الفوقية، فضح تحليل أن الوعي و البنية الفوقية يلعبان دورا حيويا فى بعض الحالات الملموسة الأفكار المزيفة البرجوازية .
-5- ووفّر سعي ماو للإستجابة للحاجة و لسيرورة تحويل الفلسفة إلى سلاح لا يقهر بإخراجها من المكتبات ومن قاعات مطالعة الفلاسفة ، وفّر أساس تحويل الفلسفة المادية الجدلية إلى قوّة مادية جبارة .
ب – مجال الإقتصاد السياسي :
-1- فى هذا المجال ، يعدّ تحليل طبيعة الرأسمالية البيروقراطية مساهمة هامة من مساهمات ماو . فقد ساعد عرض ميزات الرأسمال البيروقراطي فى الأمم المضطهَدة كأداة بيد الرأسمالية الإحتكارية لسلب الشعب فى تحالف مع الإقطاعية ، من جهة على فضح الطابع اللاإنساني للإمبريالية فى شكل الإستعمار الجديد و من جهة ثانية ، على توضيح هدف الثورة فى هذه الأمم المضطهَدة . و جليّة للغاية هي الدلالة التاريخية لإستنتاج أنه عبر القضاء على الرأسمال البيروقراطي و مصادرة ممتلكاته بإمكان الأمم المضطهَدة التخلّص من الإمبريالية و إرساء قواعد الإشتراكية .
-2- وجليّ للغاية هو الدور الهام الذى نهض به ماو فى تركيز قواعد صلبة للمبادئ الإقتصادية الأساسية فى المرحلة الإشتراكية ( مع دراسة نقدية لتجارب الإتحاد السوفياتي ). والدلالة الثورية لشعارات " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج" و" أحمر وخبير" التى طبّقت من منظور أنه ليس بالأوامر البيروقراطية و إنما بالرفع من مبادرة الجماهير ( من خلال الدعاية المكثفة للسياسة الإقتصادية الصحيحة ) بمستطاع الإقتصاد الإشتراكي أن يتطوّر بصلابة .
-3- فى إطار الثورة الديمقراطية الجديدة ، أثبتت الممارسة صحّة و مدى عقلانية السياسات الإقتصادية الهادفة للقضاء على الإقطاعية على قاعدة الأرض لمن يفلحها و مصادرة كافة المؤسسات الأجنبية و المحلّية ذات الطابع الإحتكاري و تحديد و مراقبة و إرشاد الرأسمال الخاص الذى لا يسيطر على وسائل معيشة الشعب .
بالنظر إلى ما عرض أعلاه ، واضحة تمام الوضوح التطويرات التى أضافها ماو فى مجال الإقتصاد السياسي.
ث- مجال الإشتراكية العلمية :
1- جليّة للجميع هي المساهمة التاريخية لماو فى تطوير المفهوم الشامل للثورة الديمقراطية الجديدة فى الأمم المضطهَدة .
2- لقد تسلّحت البروليتاريا العالمية بسلاح قويّ بتطوير نظرية حرب الشعب كحجر زاوية العلم العسكري الماركسي على قاعدة تجارب الصراع الطبقي فى عصر الإمبريالية. وقد أوضحت هذه النظرية المنهج العلمي لإلحاق الهزيمة بعدو قويّ. وبديهية هي دلالة مقولة ماو " من فوهة البنادق تنبع السلطة السياسية " .
-3- مثلت نظرية مواصلة الصراع الطبقي طوال كامل مرحلة الإشتراكية و منها نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا كما طوّرها ماو، متذكرين الثورة المضادة فى الإتحاد السوفياتي ، مثّلت سلاحا نظريا جبارا للحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية فى المرحلة الإشتراكية . و يعدّ التطبيق الناجح للمخطّط العام للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين كثالث أعظم الثورات التى تمت بقيادة البروليتاريا ، منارة للبروليتاريا العالمية .
-4- لأقوال ماو مثل " الإمبرياليون و كافة الرجعيين نمور من ورق " و " فى الخمسين إلى المائة سنة القادمة ، سيشهد العالم هزات كبرى " دلالة فريدة. وقد ترجم هذا مساهمة عظيمة فى صياغة إستراتيجيا الثورة بالنسبة للبروليتاريا العالمية و قد إستعملها ماو ذاته فى الصراع ضد التحريفية السوفياتية و الإمبريالية الأمريكية .
هكذا مع مجمل المكوّنات الثلاث أي الفلسفة و الإقتصاد السياسي و الإشتراكية العلمية، رفع ماو علم الماركسية نوعيا إلى مرحلة جديدة. و من هنا ، إكتسبت البروليتاريا نظرية تحريرها فى شكل سلاح واحد هو الماركسية – اللينينية – الماوية.
داخل صفوف الحركة الشيوعية النيبالية ، قدمت حجج عدم إستعمال مصطلح
" الماوية "حتى من إتجاه ينقض مساهمات ماو . و دون دحض هذه الحجج من غير الممكن أصلا المضي قدما و هذه الحجج هي :
1- " نظرية العصر" : يقول البعض إن تشكّل مرحلة تطوّرفكرية [إيزم] ينبغى أن يمثّل عصرا كاملا . بالنسبة لهم ، الماركسية نتاج عصر الرأسمالية. و الليننية نتاج عصر الإمبريالية . لكن ماو لا عصر له و من ثمة لا يمكن أن توجد أي ماوية إلخ.
إن الذين يحاججون على هذا النحو لم يفقهوا القانون البسيط لسيرورة تطوّر العلم كما لم يفقهوا أن الماركسية علم. و محاولة حصر تطوّر العلم بسرعة تطوّر العصر غير علمي مطلقا و سخيف. ففى عصر واحد يمكن أن يتطوّر العلم إلى عدة مراحل. إذا ما تحدث المرء فعلا عن عصر ، من وجهة نظر التطوّر الإجتماعي ، ليست الإمبريالية كذلك عصرا جديدا و إنما هي أعلى مرحلة متعفّنة من الرأسمالية، لاغير. و بالتالي، من غير السليم الحديث عن "اللينينية ". وعليه واضح هو إفلاس الذين يقدّمون حجة العصر هذه .
2- يقول البعض بما أنه ليس لماو مساهمات فذّة من غير المناسب إستعمال عبارة
" الماوية ". بالنسبة لهم ، كل ما قاله ماو سبقه إليه لينين. و يغدو الوضع حتى أكثر جدّية حينما يحاجج أولئك المدافعون عن إستعمال مصطلح "فكر" بنفس الطريقة ولا شك و أن الذين يحاججون بهذه الطريقة قد مضوا فى نهج التخلّى حتى عن " فكر ماو تسى تونغ" بإتجاه الإنتهازية اليمينية. لقد ناقشنا بعدُ بإختصار مساهمات ماو. ومع ذلك، فإن المسألة التى يمكن أن تطرح إذا ما حاجج المرء بتلك الطريقة هي لماذا لا يقال حتى إن لينين أوّل الماركسية فى ظرف جديد ؟ و لماذا إذا قبِل هؤلاء فكر ماوتسى تونغ كمبدأ قائد لهم؟ و الجواب بسيط وهو فقط لمغالطة الشعب. و إن لم يكن الأمر كذلك، عليهم إما أن يتخلّوا عن فكر ماو تسى تونغ كمبدأ قائد للحزب أو أن يوقفوا تقويض أساس مساهمات ماو .
3- و نجد البعض يحاججون أنه لا ينبغى أن تستعمل الماوية على عجل فلا أحد سيستمع إلى كلماتنا حول مثل هذه المسألة الكبرى و أنه لن يستطاع أبدا تركيز هذا المصطلح و لن يفعل هذا سوى خلق صراع لا حاجة لنا به. حتى و إن كانت ثمّة صراحة فى نوايا العديدين الذين يحاججون بهذه الطريقة، فإن الحجج ذاتها لا تتطابق و المنهج الماركسي ذلك أن المسألة هنا هي مسألة صحة أم خطأ و ليست مسألة إستعجال أو عدم إستعجال. مثل هذه الحجج خاطئة لأنها فى النهاية ستؤدي إلى تسوية غير ضرورية و ستعمل ببساطة بإتجاه تأبيد الوهم .
مجمل القول ، لإدارة الصراع ضد التحريفية على مستوى أرقى و للتسريع فى سيرورة تطوير حزب شيوعي من طراز جديد و مناضل و لقطع خطوة جديدة نحو تطوير النضال الثوري و حرب الشعب ، من الجوهري تماما إستخدام المصطلح العلمي " الماوية " و ليس المصطلح المضّلل . /.

5/ ليست الماركسية-اللينينية-الماوية و الماركسية-اللينينية- فكر ماو تسى تونغ الشيئ نفسه.
( آجيث ، الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي-اللينيني ) نكسلبارى،2006)
خلال العشريات الماضية ، حقّق الماويون مكاسب ذات دلالة عبر الصراع الإيديولوجي و الممارسة الثورية فى تركيز الماركسية - اللينينية- الماوية (م-ل-م) قائدة و مرشدة للثورة البروليتارية العالمية. و يبرز هذا فى مظهرين مترابطين . أكثر من أي زمن مضى ، يعدّ الآن خوض حرب الشعب أو الإعداد بنشاط لخوضها المهمّة المركزية للحزب الماوي و فى إرتباط بهذا ، إحتد كذلك أكثر الإستقطاب داخل صفوف الحركة الماركسية- اللينينية الواسعة التى ظهرت فى الستينات، بين الشيوعيين الحقيقيين و مختلف التيارات الإنتهازية اليمينية ممّا يضطرّ الإنتهازية اليمينية و الوسطية و الدغماتحريفية إلى مزيد كشف جوهرها المضاد للثورة و مجال التوارى تحت راية فكرماو تسى تونغ يضيق بإستمرار . فى الماضى ، سعت التيارات الإنتهازية اليمينية إلى الوقوف فى وجه تبنى الماركسية-اللينينية-الماوية بدفع عربة اللينبياوية و خلق إلتباس حول مسألة العصر.(1)
و فشلت فى ذلك. والآن إضطرّ أولئك الذين قاموا بالمحاولة لإبراز لونهم الحقيقي بالإنحراف عن الماركسية-اللينينية-الماوية و الطريق الثوري حتى بصراحة أكبر .(2)
و مع ذلك لم يستسلم الإنتهازيون اليمينيون حيث تحوّل البعض منهم الآن إلى القبول بالماوية دون إجراء أية قطيعة حيوية مع ماضيهم . فبالنسبة لمثل هؤلاء الناس ، ليست الماركسية-اللينينية-الماوية أكثر من سفينة من المناسب ركوبها الآن وقد تحطّمت سفنهم.
إنه لقانون من قوانين الثورة أن تتخذ التحريفية و تيارات أخرى مناهضة للثورة أشكالا جديدة مع كل تقدّم فى الصراع الطبقي. و بالتالى، لا يبعث مثل هذا التبنى الإنتهازي للماركسية-اللينينية-الماوية على الإستغراب . بيد أنه بالتأكيد على الماويين مسؤولية مواجهة مثل هذه التكتيكات الإنتهازية. و لسوء الحظ ، أضحى فهم خاطئ مستمرّ فى صفوف الماويين بمثابة الحاجز أمام هذا الصراع و هو يوفر كذلك مجالا لمثل هذه التكتيكات الإنتهازية اليمينية. ما هو هذا الفهم الخاطئ ؟ إنه فهم أن الماركسية-اللينينية-الماوية و الماركسية – اللينينية- فكر ماوتسى تونغ هما الشيئ نفسه. بالتأكيد يمثل التغيير فى المصطلحات من فكر ماو تسى تونغ إلى ماركسية-لينينية-ماوية تفسيرا أدقّ و أكثر علمية لمساهمات ماو. وهو أيضا لازم لرسم خطّ تمايز أدقّ مع التحريفية المعاصرة. إلا أنه إذا فشلنا فى توضيح أن الماركسية-اللينينة-الماوية و فكر ماوتسى تونغ ليسا الشيئ نفسه ، يغدو تبنى الماركسية-اللينينية-الماوية مجرّد مسألة تغيير مصطلحات فيفتح مجال لتيار جديد من الإنتهازية اليمينية المشار إليه أعلاه.
ما هو مصدر هذا التفكير الخاطئ؟ مصدره هو نظرة شكلانية للمسألة برمتها. كما جرى شرحه فى مقال سابق ، " من الصحيح أن قائمة شكلية لعقد مقارنة بين فكر ماو تسى تونغ من جهة و الماوية من جهة ثانية لن تبرز شيئا جديدا. غير أن المسألة لا تكمن هنا و علينا أن نكون يقضين لتجنب الوقوع فى هذا الشرك الشكلاني الذى يعمد إليه المعادين للماوية. ليس فكر ماوتسى تونغ والماوية الشيئ نفسه. هنا ثمة شيئ جديد. بتبنى الماوية تحقق شيئ جديد ذو أهمية إيديولوجية عظمى. و هذه الجدّة لا تكمن أهميتها الكبرى فى المصطلح فى حدّ ذاته و إنما تتمثل فى القطيعة مع فهم غير تام و مجزّء لشمولية مساهمات ماو مأخوذة فى كليتها، و فى قفزة نوعية أرقى و أفضل و أعمق فى إستيعاب إيديولوجيتنا. بداهة، أي منطق يكثر من التشديد على أنه لم يتم إضافة أي جديد ، سيخفق فى تعبئة الحزب كلّه و فى قيادته نحو إنجاز هذه القطيعة و بالتالى ستتم مهمّة تحيين هذه القدرة الهائلة لتصحيح إيديولوجي له زخمه و لتحقيق إستيعاب أفضل للماركسية-اللينينية-الماوية ، ستتم على نحو جزئي و حتى أنكى ، ستبقى رهينة العفوية " (3).
لقد جعل القادة المؤسسون للأحزاب الماركسية-اللينينية الجديدة المتشكّلة فى الستينات تبنى فكر ماو تسى تونغ كمرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى من الماركسية-اللينينية حجر الزاوية فى القطيعة مع التحريفية. ولقد طبّقوا هذه الإيديولوجيا لبناء خط ثوري و لإرشاد الممارسة. و كافة الأحزاب الماوية الحالية تمتدّ جذورها إلى مثل تلك الطفرات. غير أنه مذّاك إلى التبنى الحالي للماركسية-اللينينية-الماوية لم يجر الأمر فى خط مستقيم . لن نحتاج للدخول فى رواية تفصيلية للسيرورة برمتها. إلا أنه من الجلي تماما أن هذا التقدّم تحقق بالنضال ضد تيارات عملت ضد فهم صارم لشمولية مساهمات ماو تسى تونغ . ونحتاج إلى مواصلة هذا النضال .
لنتفحص مسألة معيّنة هي نظرية حرب الشعب ذلك أنه حتى بينما كانت ترفع راية فكر ماو تسى تونغ ، لفترة طويلة ، ظل التيّار المهيمن ينظر لها كمسألة خصوصية ، مناسبة و قابلة للتطبيق فى البلدان شبه الإقطاعية ، شبه المستعمرة فقط . و تمتدّ إلى الآن ظلال ذلك فى صفوف الأحزاب الماوية ، حتى اليوم . و مع ذلك كان القادة المؤسسون للأحزاب الماركسية-اللينينية الجديدة فى الستينات واضحين للغاية بشأن شمولية حرب الشعب، و كتابات الرفيق شاروماجندار مثال على ذلك . لذا كيف يمكن لنا أن نفسّر ظهور نظرة خاطئة تحصر حرب الشعب فى الأمم المضطهَدة ؟ إنه إنحراف. و لم يتم تجاوزه إلى أن قدم الحزب الشيوعي البيروفي بصلابة الماوية كمرحلة جديدة من الماركسية-اللينينية كما قدّم بصلابة شمولية حرب الشعب. وتقبل الحركة الأممية الثورية و الأحزاب المشاركة فيها بأن " ماوتسى تونغ طوّر بشمولية العلم العسكري للبروليتاريا من خلال تنظيره و ممارسته لحرب الشعب "و بأن هذا " قابل للتطبيق عالميا فى كافة البلدان ، مع أنه ينبغى تطبيقه حسب الظروف الملموسة لكل بلد "(4).
بداهة ، هذه من المسائل التى تم التوصّل فيها إلى " فهم بعدُ غير تام " للمرحلة الجديدة نتيجة مساهمات ماو تسى تونغ و تمّ تصحيحها بتبنى الماوية. لكن هل يمثل هذا إعادة قول ما قد قيل فى الستينات ؟ لا ، لقد عكس فهما أعمق و أشمل إعتمد حينها على دروس التجربة المتقدّمة المكتسبة عن طريق حرب الشعب فى البيرو، هذه الحرب التى كانت تسترشد بدورها بفهم متقدّم لمساهمات ماو و بالأخص منها نظرية حرب الشعب. و إغتنى حتى أكثر هذا الفهم بتجربة حرب الشعب فى النيبال لا سيما دمجها تكتيكات الإنتفاضة المسلّحة ، كالتدخل السياسي على المستوى المركزي مع حرب الشعب طويلة الأمد. و اليوم ، لا معنى للحديث عن القبول بشمولية حرب الشعب بينما يرفض الإعتراف بالفهم المتقدّم و إستخلاص الدروس منه.
تبنى الماوية و إنكار مساهمات الفهم التى قدّمتها هذه الحروب الشعبية سيمثّل فهما منقوصا لشمولية الماوية .
لماذا يحدث هذا ؟ فى الستينات كتب الرفيق شارو ماجندار :" اليوم ، فى الوقت الذى يقودنا الفكر اللامع للرئيس ماو تسى تونغ ، أرقى مرحلة فى تطوّر الماركسية –اللينينية، من الضروري أن نحكم على كافة الأشياء الجديدة على ضوء فكر ماو تسى تونغ و أن نرسم طريقا جديدا تماما نمضى فيه إلى الأمام ."(5) . و يستدعى تبنى الماوية بالضبط هذا النوع من " الحكم على الجديد و رسم طريق جديد "، إنه يتطلّب نظرة جديدة للمسألة الإيديولوجية برمّتها و لتطوّرها العام و لمساهمات ماوتسى تونغ بوجه خاص. من أجل القيام بهذا بطريقة ذات دلالة و شاملة ، ينبغى أن يرتبط ذلك بتقييم دقيق لخط الحزب و ممارسته و علي الحزب أن يتعلم من تجارب البروليتاريا العالمية الجديدة و المتقدّمة. فبالنسبة لبعض الأحزاب سيتعلّق الأمر بقطيعة حيوية مع الإنحرافات الأساسية و الإلتحاق من جديد بالطريق الثوري. و بالنسبة للآخرين الذين يمارسون بعدُ الثورة سيتعلق الأمر بتصحيح مسائل معيّنة. و ما يشتركون فيه هو مهمّة التصحيح الإيديولوجي –السياسي . هذه هي النقطة الأساسية فى " الحكم على الجديد و رسم الطريق الجديد". سنحيد عن النقطة الأساسية إذا أعلنا أن الماوية و فكر ماو تسى تونغ يمثّلان الشيئ نفسه و سيتقلص الأمر إلى تبنى تعبير أفضل .
مثّل تبنى فكر ماو تسى تونغ فى الستينات قطيعة مع التحريفية و بناء حزب جديد على أسس جديدة. وقد حصلت تلك القطيعة بعدُ، و تعززت أكثر و صارت أحدّ عبر عقود من النضال المسلّح الثوري. هل تستدعي الماوية مجدّدا تصحيحا إيديولوجيا-سياسيا ؟ تجارب الحركة الشيوعية العالمية و تجارب الهند تعطى إجابة واضحة عن هذا السؤال.
و بالتأكيد توفّر المثابرة على طريق حرب الشعب أساسا قويا للتعرف على الأخطاء و تصحيحها. و لكن النضال المسلّح الثوري وحده لا يضمن أن يتم هذا التصحيح من الجذور بصورة شاملة أو أن يظلّ محدّدا بإصلاح بعض المواقف . و لا يمكن التأكّد من ذلك بالممارسة المباشرة لأن نتيجة هذا الإختلاف فى المقاربة لن تصير جلية إلآ على المدى الطويل. إنها رئيسيا مسألة صلابة و مثابرة على الصراع الإيديولوجي. إنها مسألة تطبيق تام ل" الخط هو الرئيسي" . إنها مسألة تصليب عود الحزب و الجماهير على قاعدة حيوية. هذا هو الدرس الماوي حاليا و بالنسبة للثورة الطويلة الأمد على طول الطريق المؤدى إلى الشيوعية .
إضافة إلى ذلك ، حتى و إن وقع النظر إلى تبنى الماوية فقط كتعبير أفضل يرفع مدى التمايز مع التحريفية ، ألا يستدعى هذا كذلك تصحيحا إيديولوجيا – سياسيا ؟
" لنناضل ضد أنفسنا ، لندحض التحريفية " مثّل نداءا هاما أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. وتسعى التحريفية المعاصرة داخل الحركة الماركسية- اللينينية الواسعة إلى نشر سمومها بتقديم نظرة مشوّهة أو جزئية عن تعاليم ماو تسى تونغ. كي يدحضوا هذه النظرة و يحطّوا من قيمتها، على الشيوعيين أن يعمّقوا فهمهم الإيديولوجي الخاص، لا سيما فهمهم لشمولية الماوية. كلا المهمتان مرتبطتان على نحو متلازم . لو وضع تعميقنا لإيديولوجيتنا و تصحيحها جانبا بدعوى أننا كنا ماويين لمدّة طويلة ، بالتالى سيضعف النضال ضد التحريفية. و نستشهد بوثيقة للحزب الشيوعي البيروفي :"من الحيوي و الإستعجالي تحليل الماوية من جديد بهدف أن نحدّد أكثر و بصورة أفضل محتواها و معناها ، مقادين بحكم أن رفع راية الماوية و الدفاع عنها و تطبيقها هو جوهر الصراع بين الماركسية والتحريفية حاليا."(6)
لقد أشرنا أعلاه إلى أن توجيه نظرة جديدة لإيديولوجيتنا يعنى أيضا التعلّم من تجارب البروليتاريا العالمية الجديدة و المتقدّمة إذا كيف نحكم عليها بأنها متقدّمة أم غير متقدّمة ؟ دون شك التأكّد من خلال الممارسة هو المقياس. إلا أن كيفية فهم هذا صارت مسألة هامة فى الصراع حول ما إذا كانت تجارب حرب الشعب فى النيبال و البيرو تمثّل فهما متقدما أم لا. و الحكم على ذلك على أساس التقدّم الحالي أو التراجع أو على أساس النضال المسلّح و القمع سيكون تطبيقا خاطئا لمقياس الممارسة. و الشيئ نفسه ، التقليل من أهمّية هذه الدروس على أنها من بلدان صغيرة الحجم ذات دول ضعيفة و ما إلى ذلك خاطئ أيضا. فى كلا النظرتين ، تُغيّب الإيديولوجيا بشكل سافر . فدون الإيديولوجيا، يتحوّل مقياس الممارسة إلى تجريبية و تكسرالعلاقة الجدلية بين الشمولية و الخصوصية. و من الدروس الهامّة المستخلصة من النضال فى سبيل تركيز الماركسية-اللينينية-الماوية درس تعميق فهم ملاحظة ماو بأن فى تطوّر إيديولوجيا البروليتاريا ، " الأساس هو علم الإجتماع ، الصراع الطبقي " (7) بإمكان الإيديولوجيا أن تتطوّر إستنادا إلى التجارب الغنية للصراع الطبقي الثوري. و يمكن لفهم جديد، أعمق و متقدّم للنظريات الموجودة أن يظهر. كما يمكن تطوير مفاهيم جديدة. يجب أن يتم الحكم على الأمر على أنه تقدم رئيسيا على أساس الماركسية-اللينينية-الماوية ذلك أنه لا شك فى أنه من غير الممكن تطبيق دروس ثورة معيّنة تطبيقا ميكانيكيا فى بلد آخر. لكن هذا صحيح بالنسبة للماركسية-اللينينية-الماوية ذاتها. حيث لو أن دروس ثورة معيّنة إجتازت إختبار الماركسية-اللينينية-الماوية ، لو أنها قدمت طريقا جديدا للمعرفة و النشاط ، بالتالي يتعيّن التمسّك ضرورة بهذه الدروس و تطبيقها. وهذا إختبار كذلك لتبنى الحزب للماركسية-اللينينية-الماوية .
ما الذى نضيّعه بإدارة الظهر للمسك الواعي بهذا الفهم المتقدّم ؟ لأخذ مثال معيّن ، فى السنوات القليلة الماضية ، طلعت علينا اللجنة المركزية غير المنقسمة للحزب الشيوعي الهندى (الماركسي-اللينيني) جاناسكتى بوثيقة تقييمية حدّدت سبب التراجعات التى واجهتها بإخفاقها فى القيام بهجومات مضادة تكتيكية. ما يهمّنا هو أن هذا " التصحيح " يمكن أن يقدّم دون أية قطيعة مهما كانت مع " نظرية المراحل" (8) لخط ريدى للحزب الشيوعي (تلوينة من خط ناجى ريدي). و فعلا ، كانت الوثيقة برمّتها مجهودا إنتقائيا لمزج إثنين فى واحد ، الإنتهازية اليمينية للحزب الشيوعي ريدي من جهة و شارو ماجندار من جهة ثانية. و لكن لماذا نعتبر ذلك مهما ؟ لأن التيار البارز داخل النقد الماوي ل" نظرية المراحل " إستهدف دوما إخفاق جانا سكتى فى النهوض بمهمّة النضال المسلّح ضد الدولة. ووقع كذلك عرض هذا كحجر الزاوية فى " نظرية المراحل ". لقد جرت مقارنتها بنموّ الحركة الثورية التى يقودها الماويون الذين ثابروا على النضال المسلّح و إرتقوا به إلى مستوى حرب الشعب ضد الدولة. هذه المقارنة المعقودة فى إطار تجارب الهند مفيدة بالتأكيد فى فضح هذه النظرية المعادية للماوية. بيد أن التشديد الخاص على شكل من تمظهر " نظرية المراحل " مثل أيضا مشغلة عن سبر غور المسألة بصورة أعمق و تحديد أوجه إنكارها لدينامية الحرب الذى هو الجوهر الحقيقي. لقد أضعف نقد
" نظرية المراحل " وفسح المجال لمثل هذه المناورات على غرار تلك التى قامت بها قيادة جاناسكتى لتمرّرها على أنها تصحيحا. واحد من الأسباب كان الإخفاق فى معالجة المسألة فى شموليتها من وجهة النظر المواتية للأفكار الثاقبة للفهم الجديد و المتقدّم و تجارب حرب الشعب، عوض الإقتصار على التجربة فى الهند. فى الحال المعيّنة لجاناسكتى ، نجحت مجموعة من الرفاق الذين سعوا بجدّ لتقييم ماضيهم من هذه النقطة المواتية تحدّيا ، فنجحت فى تحقيق القطيعة ،على عكس مجموعة أخرى لا تزال تتخبّط بأعماق مختلفة فى وحل ناجى ريدى مما أدى بهؤلاء الرفاق الأولين إلى بلوغ موقف صلب بأن الفهم الصحيح للماوية أكثر من مجرد تبنيها هو المسألة المفتاح فى توحيد الماويين فى الهند فى حزب واحد ، فى حزب يعتمد الماركسية-اللينينية-الماوية و متّحد ضمن الحركة الأممية الثورية. واليوم لهذا التطوّر دلالة عظيمة ، ففى الوقت الذى تتمسّح الإنتهازية اليمينية بتقديم الخدمات للماركسية-اللينينية-الماوية بغرض الإلتحاق بسيرورة التوحيد الجارية للماويين الحقيقيين، نشدّد مرّة أخرى على الأهمّية الحيوية لتعميق فهمنا للماركسية-اللينينية-الماوية ، خصوصا الماوية و النضال ضد هذه النظرات التى تطمس الطفرة التمييزية التى تمّ بلوغها عبر تبنى الماركسية-اللينينية-الماوية عوضا عن الماركسية- اللينينية- فكر ماوتسى تونغ. /.
-----------------------
1- " النضال من أجل تركيز الماركسية-اللينينية-الماوية " نكسلباري عدد2.
2- فى الهند ، الحزب الشيوعي الهندى (الماركسي-اللينيني ) الراية الحمراء مثال معبّر. فى إنقسامه الأخير ، تهمة من التهم التى وجهتها كتلة هي " إنحراف" الكتلة الأخرى عن الموقف المشترك حول التخلّص من المواقف الماوية ، مثل صراع الخطين ، من خطّهم!
3- " النضال من أجل تركيز الماركسية-اللينينية-الماوية " نكسلباري عدد2 .
4- " لتحي الماركسية-اللينينية-الماوية " .
5- " نداء الحزب للطلبة و الشباب " ضمن "المنعرج التاريخي" ، مجلد 2 ، صفحة 36 .
6- " الماوية . حول الماركسية-اللينينية-الماوية " ضمن "الحزب الشيوعي البيروفي و ماو تسى تونغ " 1987.
7- " أحاديث حول الفلسفة " .
8- " أولا النضال الإقتصادي ثم المقاومة المسلحة للدفاع عن المكاسب الإقتصادية و بعد ذلك النضال المسلّح من أجل السلطة السياسية " ، هذا هو أفق النظرية المعادية للماوية . للإطلاع على نقد " نظرية المراحل " أنظر "دحض ...الحزب الشيوعي الهندى (الماركسي-اللينيني ) حول الخط العسكري " ، رعد الربيع ، عدد 1 ، أعيد نشره فى "عالم نربحه " عدد 26.
"من المعلوم أن الإنسان إذا أراد القيام بعمل ما وهو يجهل الظروف المحيطة بهذا العمل و خصائصه و علاقاته بالأمور الأخرى فلن يستطيع معرفة القوانين الخاصة بهذا العمل و لا كيفية القيام به ، و أخيرا يعجز عن إتقانه ". ماوتسى تونغ " المسائل الإستراتيجية فى الحرب الثورية الصينية " ، المؤلفات المختارة ، المجّلد الأول .
--------- إنتهى / 2006----------




#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة ماو تسي تونغ والثورة الشيوعية في الصين
- الثورة الماوية فى الهند


المزيد.....




- زعيم يساري أوروبي: حان وقت التفاوض لإنهاء حرب أوكرانيا
- إصلاحُ الوزير ميراوي البيداغوجيّ تعميقٌ لأزمة الجامعة المغرب ...
- الإصلاح البيداغوجي الجامعي: نظرة تعريفية وتشخيصية للهندسة ال ...
- موسكو تطالب برلين بالاعتراف رسميا بحصار لينينغراد باعتباره ف ...
- تكية -خاصكي سلطان-.. ملاذ الفقراء والوافدين للاقصى منذ قرون ...
- المشهد الثقافي الفلسطيني في أراضي الـ 48.. (1948ـــ 1966)
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عملية بمجمع الشفاء الطبي في غزة ...
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى تخليد ...


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الماوية : نظرية و ممارسة 1 - علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية-اللينينية-الماية