أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حاتم عبد الواحد - رياح التغيير وسفن العرب الغارقة















المزيد.....

رياح التغيير وسفن العرب الغارقة


حاتم عبد الواحد

الحوار المتمدن-العدد: 3269 - 2011 / 2 / 6 - 09:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ قرابة اسبوعين يحتشد في ميدان التحرير في القاهرة وميادين اخرى في محافظات مصرية اخرى عشرات الالاف من الشباب الغاضب مطالبا برحيل حسني مبارك عن سدة الحكم ، فهل كانت هذه الغضبة صدى لغضبة التوانسة التي اقتلعت بن علي من كرسيه ، ام ان غضبة المصريين هي امتداد لغضباتهم العديدة التي شهدتها شوارع القاهرة منذ ثمانينات القرن الماضي والتي كان الخبز محركها ووقودها ؟
من البدهيات ان من يريد تغيير امر ما او حالة مقصودة فان العقل يملي عليه ان يختار شئيا قابلا للحركة والتجاوب مع القوة التي تبذل للتغيير ، والا كان نداء التغيير نداء جنونيا ابلها ، وفعلا من افعال العبث الفوضوي اللامجدي ، فمن يبذل كل عمره من اجل ان يجعل الشوك يثمر عنبا لا يصح به وصف غير الجنون او العبث ، ومن ينفخ طول عمره في شراع سفينة غارقة بالاوحال من اجل ان يجعلها تبحر مرة اخرى هو ايضا مجنون رسمي ، ومن يحرق بيته ممنيا نفسه بفردوس خالد يتبرع به خطباء الجمعة في مساجدنا وجوامعنا التي اصبحت مقرات للاحزاب الدينية فانه اجذب ومعتوه ، والشعب الذي يسرق بلاده ويبيع اثاره بحفنة دولارات ويقتل بعضه بعضا ولاء لشخص حي او ميت فانه شعب لا يستحق ساعة جوع او ساعة عطش ، فهل كانت غضبة تونس فعلا ثوريا خلاقا وهل ستكون غضبة مصر المستمرة الى هذه اللحظة بهذا الوصف ايضا ، سيما ونحن نعلم ان الفم الذي نفخ في نار القيروان وينفخ الان في نار قاهرة المعز هو فم اصولي يمط جملا بالية في اذان المحرومين ويعدهم بالجنة التي تجري تحتها انهار العسل والحوريات الابكار ؟
منذ نيسان 2003 اقدمت الولايات المتحدة الامريكية على اتباع سياسة غير مفهومة المقاصد حتى للمفكرين الامريكان ، فقبل شهرين تلقيت سؤالا من احد السياسيين والمفكرين المكسيكيين المقيمين في امريكا عن الدوافع التي جعلت واشنطن تقدم العراق هدية لايران ، وعبثا حاولت ان اشرح له وجهة نظري في هذا السلوك لان الرجل كان مقتنعا تماما بان ملامح سياسة ميكافيلية تسيطر على البيت الابيض ، تجعلة ينصب الفخاخ لحلفائه من اجل الايقاع بهم ويسلم مفاتيح الانظمة العربية للاصولية الاسلامية بكل مللها ومذاهبها من اجل بقاء التشرذم العربي مستمرا الى يوم نفاذ اخر برميل نفط في هذه البقعة السائبة سياسيا واقتصاديا وانتماء .
فامريكا التي اطاحت صدام حسين حليفها العلماني وسلمت مركز القرار في اهم عاصمة عربية لشراذم مشوهة تاريخيا وسياسيا هي التي اطاحت ايضا زين العابدين بن علي لحساب المد الديني المتنامي منذ اعوام طويلة باسم الغنوشية وهي التي تخلت عن حسني المبارك العلماني لصالح الاخوان المسلمين المتمرسين في امتطاء اكتاف الجماهير ، وهي التي تؤلب اليوم شعوب سوريا واليمن للهياج ، وهذا البلدان ايضا يتبعان انظمة علمانية ، وهي التي ابعدت سعد الحريري من واجهة مركز القرار في لبنان لصالح موجة حزب الله , فلماذا يريد البيت الابيض طغيان الموجة الدينية في هذه البقعة من العالم ؟ هل ادركت مراكز القرار الامريكية ان الانسان العربي يتلذذ باكاذيب الدين ويستطيب النوم مظلوما طالما هناك ثواب ابدي للفقراء يوم القيامة حسب رواية الانتهازيين المتدينين ؟
ولو اننا نمتلك مراكز استطلاع للراي العام حيادية وعلمية لاصابنا الدوار حين نعلم ان الملايين التي هتفت ضد بن علي والملايين التي تهتف الان ضد حسني مبارك هي ملايين من الاميين الذين لا يعرفون مثقالا من علم الاقتصاد ولا يعرفون مثقالا من صناعة المستقبل ، ولكنهم يملكون اطنانا من المعلومات بعلم الغيب والجنة والنار وناكر ونكير وعدد الجواري اللواتي سوف يحظى بهن العربي المظلوم في الجنة ، تلك الجنة التي يوزعها خطباء الجوامع واصحاب العمائم واللحى مجانا على اتباعهم ويصفونها لهم وكأنهم قد أتوا منها قبل نصف ساعة بالقطار الاكسبريس !!
وهنا لا اريد ان احمل تجار الدين الذين يركبون امواج السياسة من اجل خداع الجماهير اي ذنب فيما يجري ، ولكنني الوم الحكام العلمانيين اشد اللوم ،لانهم طيلة استيلائهم على الكرسي في بلدانهم لم يقدموا لشعوبهم البرهان المادي الراسخ بان الوطن اجمل واقدس من الجنة التي يعدهم بها اصحاب العمائم ، لقد انشغل العلمانيون من حكامنا بالسرقة والمحسوبية وانتهاك الاعراض وبناء السجون والتلصص من ثقوب الابواب وتوظيف المخبرين واصدار قوانين مصادرة الاوطان لحسابهم الخاص وتوريثها لعوائلهم ، حتى ليظن الحاكم العربي انه خالد لا يموت ، ولم نسمع بحاكم في هذه البلاد الكئيبة ـــ التي يسمونها في خطبهم الرنانة ارض النبوات ــ قد اقترح او شارك او أمر بسن قانون يعاقب الدولة ان هي اخطأت بحق المواطن .
كل يوم تقترف عشرات الاف الجرائم ضد المواطن العربي باسم الامن الوطني والامن الاقتصادي والاخلاق العربية الاصلية وحماية المجتمع من الفساد ، والحاكم العربي هو الجاسوس الاول على وطنه والحرامي الاول لاموال الوطن والشعب والفاسد الاول على الكرة الارضية ، ولكنه بمنآى عن الحساب لانه مدرع ضد قوانين الارض ومفوض بقوانين السماء التي يفسرها له الانتهازيون المتدينون المحيطون به من اجل مشاركته الغنيمة .
كل يوم يدخل عشرات الاف المواطنين العرب مراكز تحقيق واستجواب ومراكز شرطة وعسس ومخبرين ، وسجونا ومعتقلات ولا احد يقف بوجه الدولة فيقول لها قدمي اثباتاتك بالتهمة التي تدعينها ضد هذا المواطن ، والاغرب من ذلك ان الدساتير العربية التي يملأها حشو من اللغو والانشاء تدعي ان المواطن حر وبريء الى ان تثبت ادانته ولكن لم نسمع ولن نسمع بان دولة عربية اقامت الدعوى على نفسها بموجب القانون لانها اعتقلت مواطنا بالشبهة او بالدسيسة ، ولم نسمع ان وزارة داخلية ما في هذا الوطن العربي الكئيب او دائرة امن او مخابرات قدمت مسؤولا فيها للمحكمة لانه ظلم مواطنا بدون حق , ولم نسمع بان دولة عربية غنية او فقيرة ، علمانية او دينية قد امرت بتعويض سجين ما لان قضى زهرة شبابه في السجن بلا ادلة تدينه ، ولم نسمع ان رئيسا او ملكا او اميرا في هذه البلاد الكئيبة قد امر باحالة ابنه او ابن عمه او احد افراد حاشيته الى المحاكم لانه افتض بكارة عذراء فقيرة او امرأة مناويء له في التجارة او السياسة .
فلماذا اذن يثور العرب الان ؟ ورب قائل يرد فيقول من اجل تغيير ما ذكرته اعلاه ، وكأن ملايين المحتجين قد تحولوا بقدرة قادر مقتدر الى علماء بالسياسة في اسبوعين او شهرين واصبحوا قادرين على تمييز الخيط الاسود من الخيط الابيض من الفجر في حياة عربية مشوشة المعالم ومشهد تاريخي بالغ العتمة ومتداخل المشاهد ، ولو افترضنا ان الغاضبين فعلا استطاعوا ازاحة الحجب عن اعينهم وبدأوا يرون المستقبل بعيون زرقاء اليمامة فمن اين سوف يبدأون لو تحققت رغباتهم وازاحوا حكامهم المحنطين منذ عقود عن كراسيهم الوثيرة ؟؟ فهل سنرى حاكما عربيا يمسح على راس اليتيم والفقير والمغتصبة والمعوق جسديا والكهول والمعوزين والسجناء المظلومين والمفجوعين بقرة اعينهم وغيرهم كثير فيقول لهم انتم عماد هذا البلاد وحقوقكم مصانة ومستقبلكم مضمون ؟
لقد شبعنا جعيرا سياسيا فارغا ، فمنذ ستين عاما ونيف والخطاب الرسمي العربي لم يتغير قيد انملة وكأن دورة الزمن لم تدر فوق رؤوسنا ، ومليارات مليارات الدورلارات التي جناها الحكام العرب لم تنجح في تشييد جامعة يشار لها عالميا بل ظلت جامعاتنا في ذيل قائمة الجامعات العالمية ، بل انها لم تنجح في بناء مجاري تصريف المياه الثقيلة فمدننا العربية تغرق بروائح الكنيف مع اي زخة مطر قوية وطوفان مدينة جده التي ضربها مرتين خلال سنة خير دليل ، فمن اين ستبدأ الجموع الغاضبة خطوتها الاولى ان هي اطاحت بديناصورات السياسة العربية العائلية وان هي نجت من فخاخ الصيادين في غابة الله المتشابكة الادغال ؟؟؟؟؟؟



#حاتم_عبد_الواحد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افتحوا ابوابكم لبابا عزرائيل
- خصيات نووية
- من اجل لطيف الراشد
- وزراء الحسين
- الرب الاسلامي ينافس الفقراء
- تسع كلمات قتلت العراق
- ما هذه الطغمة المقدسة ؟
- 11 شجرة خارج السياج
- السيد لا يحب الازهار
- انا حمار الجنة
- فنتازيا الوجع
- 337 +316 = صفر
- استكماتزم
- تلغراف عاجل الى الله
- انه الكاكا يا عراق
- مصرع الرافدين
- انفلونزا الاسلام
- العراق الفيدرالي ام العراق الفيودالي
- بنادق ثقافية
- معركة الطف قطب العبودية


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حاتم عبد الواحد - رياح التغيير وسفن العرب الغارقة