|
الريس بين التنحي الرحيم .... والتنحي الرجيم ؟!!
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 3268 - 2011 / 2 / 5 - 13:48
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
الأمم التي لها مراس في السياسة والحكم ، صاغت لنفسها ملامح لدساتيرها تضمن لشعوبها الإستقرار والثبات عند الشدائد والهزات التي تعترض سبيلها ، ورسخت لنفسها قيما لم نصلها بعد في عالمنا المتهالك ، منها : * أن الشعب هو أساس كل سلطة . * المناصب مهما كانت علية فهي تكليف وليست تشريف . * التداول الرحيم للمناصب السيادية بين أبناء الشعب . * الشعوب هي التي تصيغ لنفسها دساترها وبإرادتها ووفق طموحها ورغباتها وليس العكس . * قوات الأمن الداخلية هدفها حفظ النظام ، وحماية المواطنين ، وليس ممارسة القمع والحجر على الشعب وترويعه عبر الإعتقال وكتم الأصوات الحرة ، أوالسجن والقتل العمدي . ***الحالة السياسية عندنا في العالم العربي شذت عن هذه القواعد ،وأخسرت ميزانه ، فأرادت تقليد الغرب بنصيب ، فأنتجت النظم الشمولية والشرعية الثورية ، والتي سادت منذ أوائل منتصف القرن العشرين بفضل المد الثوري الناصري بسلبياته وايجابياته ، وأهم ما ترآى إلى زمن قريب من تناصر وتماهي الأنظمة العربية في أسلوب مركزة الحكم وتوريثه ، فكانت الصورة جلية في تنافس حكامنا في الإستيلاء على السلط بما يتبعها من مقدرات وخيرات لصالحهم ،وصالح ذ ويهم ،ومن سار في ركبهم ، وذاك واضح جلي في مصر ، وتونس ، وسوريا ،و ليبيا ، والجزائر ، واليمن ، دون الخوض في سياسات النظم الملكية الفاسد ة التي أرهنت الأوطان لشخص وحيد ، يستمد سلطته غالبا من طقوس دينية قرو- وسطية ؟. ***مصر للمصريين ، أم هي لمبارك ؟ لا أنكر بأن طول مدة حكم مبارك الطويلة بلا ايجابيات وحسنات ، فهو كثيرا ما أصاب ، وكثيرٌ ما أخطأ ، وخطأه عبر عنه الشعب بعد انكسار القيد بوضوح، وكانت الحكمة تقتضي أن يتنازل الرئيس بسلاسة ويسر ، دون إحداث شروخا في المجتمع يصعب التؤامها وبرؤها ، غير أن نرجسية مبارك وذاتيته فاقتا كل الحدود ، حتى بلغت ( مصر أنا ، وأنا مصر ) ، وظن أن تنحيه عن الرئاسة ، يعني فوضى مصر وخرابها دون أن يعلم بأن بقاءه واستمراره في السلطة هو أكبر الخراب ؟؟؟ وذاك ما نشهده من عطالة في الإقتصاد ، وخسائر بالجملة والملايير ، وأخطرها الفتنة بين شعب واحد ، وقد تتحول إلى ممارسات عنيفة مسلحة لا نتمناها ، وقد بدأت بوادرها فعلا تطل علينا عبر تفجير أنبوب الغاز في العريش ؟ ولو عدنا وراء لثاني رئيس لمصر ( جمال ) لوجدنا أنه ركز في أحد خطبه على الفكرة قائلا ( إن الأمة هى الباقية، وأن أي فرد مهما كان دوره، ومهما بلغ إسهامه فى قضايا وطنه، هو أداة لإرادة شعبية، وليس هو صانع هذه الإرادة الشعبية)[ 1] . ***لماذا لا يتنحى حسني مبارك ويستقيل ؟؟ جميع القرائن لا تبرر بقاء مبارك على رأس البلاد ، حتى الدول التي كان يُؤتمر بأوامرها ، ويطبق أجندتها تخلت عنه و ضغطت عليه بضرورة التخلي فورا عن السلطة استجابة لإرادة الشعب ، ولكن لا حياة لمن تنادي ، فهو ساع إلى إستحداث فتنة بين الشعب الواحد ، كان الأحرى به أن يعالج الموقف سريعا ، لأن كل تأخر سيؤدي إلى بروز ضغائن ، ويبعث على العنف المستديم ، فأن يضحي ببضعة شهور أفضل له ولمصر من زجها في أتون حرب أهليه ، بين معارضين ومناصرين له ، وقد سبق لعظماء كبار تخلوا عن مناصبهم الرئاسية بمرونة وسلاسة ويسر ، فهذا جمال عبد الناصر يطلب الإستقالة من منصبه من هذا الميدان ( ميدان التحرير) على رأس الدولة بعد نكسة جوان 1967 قائلا ( فإننى على استعداد لتحمل المسئولية كلها( مسؤولية الهزيمة )، ولقد اتخذت قراراً أريدكم جميعاً أن تساعدونى عليه: لقد قررت أن أتنحى تماماً ونهائياً عن أى منصب رسمى ،وأى دور سياسى، وأن أعود إلى صفوف الجماهير، أؤدى واجبى معها كأى مواطن آخر..) [2]، وهذا عظيم فرنسا ( شارل ديغول ) الذي حرر فرنسا ، وصاغ لها طريقا تنمويا ناجحا وأدخلها في حظيرة الكبار ، لم يتوان عن الإستقالة من منصبه الرئاسي سنة 1968 بسبب هبة طلابية قادها طالب يهودي ( كوهين بانديت )، وهذا اليمين زروال الجزائري تنحى بإرادته عن رئاسة الجزائر سنة 1998م بسبب ضغوط الجنرالات عليه ، وهاهو رئيس الوزراء الياباني ( يوكيو – هاتوياما) يستقيل من منصبه بسبب إدارته الكارثية لملف قاعدة أمريكية في جزيرة أوكيناوا ، إلا مبارك حسني !!! فإن حكمه مستمد لاشك من طقوس الإله ( أمون) أو حسب نفسه رمسيسا ( فرعونا) عن طريق التقمص في زمن الفايسبوك. *** مفصل القول أن حسني مبارك لا زال يفكر بعقلية قديمة قدم عمره ، فمصلحته ومصالح زمرته تفرض عليه البقاء في منصبه وفي وطنه مصر إلى آخر نبضة ونفس في حياته ، ليتسنى لهم إلتهام ما يُلتهم ، وسرقة ما يُسرق ، وتهريب ما يُهرب ، ليتركوا البلاد بعد رحيلهم قاعا صفصفا ،لهذا لا يستبعد أن تحاكمه الأمة بالخيانة العظمى ويصلب أو يرجم أو تقطع أرجله من خلاف ، على شاكلة ما وقع لشاوشيسكو الروماني ،أو لويس الساد س عشر الفرنسي ، أو صدام حسين العراقي ، أو بوضياف الجزائري ، فمخاصمة الشعوب أمر مستعصي متعدد الوجوه والمخاطر ، فالوقت لا زال متسعا له ، للإ ختيار بين الخروج الرحيم والخروج الرجيم .
--------------------------------------------------------- [1] ،[2]جمال عبد الناصر في خطاب له بتاريخ 9 جوان1967.في ميدان التحرير .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يوم الغضب ...إلى يوم الرحيل .
-
في ميدان التحرير.....مصر لمن غلب !!
-
المظاهرة المليونية .... وخطاب حسني مبارك ؟؟
-
في مصر ... جيش ، شرطة ، بلطجة ..وأشياء أخرى .
-
.... مصر ثانيا .... فمن الثالث ؟
-
ثورة تونس ! ... ياصاحبة الجلالة والعظمة!
-
علي الحمامي والقومية المغربية (*) .
-
من يريد إجهاض ثورة تونس ؟
-
دستور الجزائر 1963 ، من منظور أول رئيس للمجلس التأسيسي الجزا
...
-
ثورة يناير بتونس ... دروس وعبر .
-
عبد الرحمن اللهبي ، الهلاليون وانتفاضة شعب تونس ... وأشياء أ
...
-
انتفاضة تونس في طريقها إلى التتويج .
-
الشباب الجزائري ..... وظاهرة الهدم الذاتي .
-
الجزائر تحترق ، والشعب يختنق ، وقادتها ساكتون .
-
العروبة والإسلام ...تكامل أم تنافر ؟ (2/2)
-
العروبة والإسلام ...تكامل أم تنافر ؟ (1/2)
-
ألفة يوسف .... وحيرة مسلمة .
-
السبي في الإسلام ...رذيلة منكرة ( ردود وحدود).
-
السبي في الإسلام ... رذيلة منكرة .
-
هوية الأمازيغ ،التأصيل والتشريق .
المزيد.....
-
-ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع
...
-
آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان
...
-
نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح
...
-
الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
-
لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
-
القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق
...
-
صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم
...
-
رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال
...
-
مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
-
علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن
المزيد.....
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
-
سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية
/ دلير زنكنة
-
أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره
/ سمير الأمير
-
فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة
/ دلير زنكنة
-
فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|