أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسين الحاج صالح - على أثر العاديين ...في شاتيلا














المزيد.....

على أثر العاديين ...في شاتيلا


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 976 - 2004 / 10 / 4 - 10:42
المحور: القضية الفلسطينية
    


1
كنت أعرف أني لا أريد ان ألتقي بشهود على المذبحة، ولا بنساء مسنات يعرفن ما جرى للناس، وما فعل الإسرائيليون وأصحابهم؛ كنت أريد أن أسير على آثار من قتلوا دون أن يختاروا أن يكونوا شهداء (وهل هناك من يختار الموت إلا المحروم من كل اختيار؟)، من كانوا ربما يفضلون أن يكونوا عاديين وأن يموتوا موت ربهم. أردت ان ارى العاديين لا الشهداء، العاديين في الشهداء.
ذهبنا، عمرو وأحمد وأنا، إلى مقبرة ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا.
هنا كنت مستعدا للانتقال من العادي إلى الجليل، الاختلاف الذي يضمن للعادي ان يكون عاديا وللجليل أن يكون جليلا.
لكن لم يكن ثمة نصب للشهداء، لا صور لهم ولا أسماء، لم يكن ثمة عبور إلى "عالم آخر"؛ لم يكن ثمة ما هو جليل. هناك لوحة مركبة من قطع من مادة مبتذلة، خفيفة، رخيصة، سقطت إحداها ورميت وراء باب المقبرة. تقول تلك الشاهدة الجماعية البخس: "عام 1982 ارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرة بحق العشرات من الشعب اللبناني والفلسطيني". يصعب جمع ثلاثة أخطاء في جملة على هذه الدرجة من القصر: ليس الجيش الإسرائيلي وحده، وليسوا عشرات، وهم فلسطينيون أساساً أو فلسطينيون ولبنانيون؛ المشكلة على كل حال ليست في الترتيب، ولكن في الإيديولوجيا التافهة التي أملته. النص الانكليزي للجملة نفسها يتدارك أحد الأخطاء ويتحدث عن مئات لا عن عشرات.

2
قال أحمد إن مخيم شاتيلا هو المخيم الفلسطيني الوحيد الذي فيه ثلاث مقابر: واحدة لشهداء مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، وواحدة لشهداء حرب المخيمات، وواحدة للشهداء العاديين.
بدت لي عبارة الشهداء العاديين متناقضة ومرعبة.
لكن ألا يموت الفلسطينيون موت طبيعيا؟ أين يدفنون؟ تساءلت.
غير أن أحمد لم يجد مشكلة في الرد: يدفنون مع الشهداء العاديين في المقبرة الأخيرة.
ربما يحب بعضنا أن يتصور الهوية الفلسطينية قائمة على تطبيع الاستشهاد، على إزالة التعارض بين العادية والشهادة. لكن هذه، بالأحرى، سياسة ثقافية منحازة إلى "الموت في سبيل...".
هل هذه السياسة باختيار؟ محنة الفلسطيني تتمثل في أنه مضطر، ولكن كذلك في وجود نخب يغريها رفع الاضطرار إلى مستوى هوية وطنية لأهل فلسطين وأرفع تجليات حريتهم في الوقت نفسه.
كان أحمد قد بادر بالسؤال ما إن وقعت عيناه علينا، عمرو وأنا: ما هو موضوع النزاع؟
هذه طريقته الخاصة في التعبير. سخرية تجمع بين التمرد والتكيف، سخرية تسوي بين الاعتراض والرضوخ. وهي بعد طريقة حياة: حياة الفلسطيني نزاع دائم، النزاع يشكل الحياة، حياة الكل وحياة كل فرد. السخرية ربما تعينه على إطاقة "قضيته" الرهيبة التي لا تطاق.
أحمد ناشط في الجبهة الشعبية. داخل المكتب البائس كانوا يلعبون الورق على الكمبيوتر.

3
قال أحمد هذا هو الشارع الرئيسي للمخيم. لم تكن هناك نتفة سخرية في كلامه: كان طول الشارع الرئيسي 200- 250 مترا وعرضه بالكاد 3 أمتار، تستوطن أكياس الزبالة السوداء نصفها مجبرة المارة على طرق مسالك التفافية لتجنبها. كتب على جدار فوق أحد تلك تلك الأكوام: خير الجهاد قول كلمة حق أمام سلطان جائر. كلا! خير الجهاد نقل تلك الأكياس وتنظيف "الشارع". كان يوم أحد. وقال أحمد موضحا: إن يوم الأحد عطلة للأونروا المسؤولة عن الخدمات في المخيم.
دمشق 21/9/2004



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى اعتقال رياض سيف: احتجاج على شركتي الخليوي
- ما العمل إن لم يكن لمفاوضة الطالبان ومقاتلي الشيشان بديل؟
- نظام الهيمنة وإصلاح العلاقة السورية اللبنانية
- السوريون والمسالة اللبنانية: أسرار الصمت
- الرغبة في تقديس حكامنا؟!
- أدونيس يهدر فرصة أن يبقى ساكتا
- الجفاف السياسي يجعل المجتمع سهل الاحتراق
- حوار حول بعض قضايا الحاضر السوري
- شكوى من فخري كريم وتوضيح من ياسين الحاج صالح
- سنوات الأسد الثاني الأربعة وتحدي -الاستقلال الثاني- لسوريا
- عرب وأميركيون وديمقراطية
- إعادة هيكلة الوعي القومي الكردي
- حظر الأحزاب الكردية ونزع مدنية المجتمع السوري
- المسألة الأميركية في النقاش السوري
- عن الحياة والزمن في السجن - إلى روح الصديق المرحوم هيثم الخو ...
- ماذا فعلتم بجمعيات الأكراد؟
- المثقفون وقضية امتهان الإنسان
- حول مفهوم اليسار الديمقراطي وسياسته
- غاية الإصلاح: إبدال نظمنا الكاملة بنظم ناقصة
- أوربا تخطئ بإضعاف سوريا


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسين الحاج صالح - على أثر العاديين ...في شاتيلا