أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - إكرام يوسف - .. وللتحرير ميدان














المزيد.....

.. وللتحرير ميدان


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3265 - 2011 / 2 / 2 - 22:19
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


أنجزت عملي في الجريدة بسرعة حتى أستطيع اللحاق بالمعتصمين في ميدان التحرير.. وقبل خروجي إلى الشارع، بلغنا في الجريدة نبأ قيام وزيرة العمل بحشد عشرات من أعضاء النقابات العمالية التي تسيطر عليها الدولة، وشحنهم في حافلات وسيارات ـ كالبقر ـ بهدف تشكيل مظاهرات مدفوعة الأجر لتأييد الرئيس الذي شاهد العالم كله مدى رفض الشعب له.. وبلغنا أيضا أن تعليمات صدرت لصغار العاملين في أكثر من مصلحة ومؤسسة حكومية بالانضمام لهذه الحشود، وتراوحت الوعود المالية بين صرف ألف جنيه لكل منهم وما يساوي راتب خمسة شهور.
أنهيت مهمتي، وقررت النزول فإذا بحشد من بلطجية الحزب الحاكم، الذين شاهدناهم من قبل يروعون الناخبين وأنصار المعارضين، ويتصدون لتفريق المظاهرات في وسط المدينة بالعصي والسلاح الأبيض، يسدون الطريق إلى الميدان. قررت الذهاب إلى البيت حتى يبتعدون عن الطريق، وهناك شاهدت على شاشات التليفزيون وصولهم إلى الميدان وهجومهم على المعتصمين العزل.. وشاهدت أيضا راكبي الخيل والجمال ينقضون على الشباب المرابط في الميدان من ثمانية أيام. وراعني مشهد المجرمين يسحقون تحت سنابك الخيل أشرف من ولدوا من رحم مصر الطاهر؛ الذين ضربوا طوال الأسبوع الفائت أروع صور التحضر والرقي، المعبرة عن معدن هذا الشعب العريق. فطوال ثمانية أيام كاملة جابت عشرات الآلاف، ثم مئات الآلاف من المتظاهرين مدن مصر، من دون أن يقذف أحدهم حجرًا واحدًا، أو يقع حادث تحرش واحد. وعندما انسحب جهاز الأمن بعد ظهر الجمعة على نحو مريب استمر أربعة أيام، لم نسمع عن حادث طائفي أو اعتداء على كنيسة، بعدما تولى الشباب المسلمون حمايتها بأجسادهم. لم تشهد شوارع مصر انسيابا مروريا مثلما شهدته عندما تولى أبناؤنا تسيير حركة المرور. ولم أشعر بأمان في شوارع بلدي مثلما شهدته وأنا أمر على أكمنة نصبها شباب اللجان الشعبية، يطلبون مني بأدب الاطلاع على أوراقي الثبوتية، وقد يستأذنون في تفتيش حقيبة السيارة، فأسمح لهم بامتنان لحرصهم على أمن البلد وحماية المنشآت والممتلكات؛ بعد ظهور عمليات السلب والنهب المنظمة، والتي تبين في أكثر من حالة أنها تتم برعاية عناصر من جهاز الشرطة، وألقى ابناؤنا في شوارع مصر القبض على عدد من اللصوص وعندما سلموهم إلى قوات الجيش تبين أنهم من عناصر الشرطة السرية. ونشرت الصحف حالات ضبط الجيش سيارات تابعة للشرطة وبها مسروقات نهبها أفراد من وزارة حبيب العادلي، الذي تفرغ جهاز الأمن في عهده لحماية المسئولين، وملاحقة المعارضين، تاركة أمن الوطن والمواطن بلا حماية.
كنت قبلها أداعب زميلة شابة لم تنضم في حياتها إلى مظاهرة معارضة، لكنها اضطرت بحكم عملها إلى التواجد وسط المتظاهرين، ثم انتقلت إليها عدوى الحماس فانضمت إلى المعتصمين.. وبدأت تعامل نفسها على أنها مناضلة شديدة المراس.. حتى وصل بها الأمر إلى التفاخر بانتمائها إلى جيل حقق إنجازا لم نستطع أن نأتي بمثله نحن أبناء الجيل الذي في سن والديها. وكنت أمازحها قائلة إننا من رعينا النبتة التي غرسها من سبقونا وتعهدناها بالري والتسميد حتى اشتد عودها في جيلهم. وأتمادى فأقول إننا كنا نخرج إلى الشوارع أيام كان ذلك محفوفًا بالمخاطر، بينما هي تخرج مطمئنة إلى وجودها وسط عشرات الألوف، حتى أن البعض صار يصطحب معه أطفاله ليشهدوا مولد عهد جديد في مصر. . وفي ميدان التحرير قالت لي فتاة مبتهجة: "هذه هي مصر الجديدة" فأجبتها: "بل هي مصر الأصيلة.. فقد نفضت الأحداث الغبار عن وجه مصر الحقيقي، وأظهرت أجمل مافي المصريين.
ومنذ الثلاثاء العظيم في الخامس والعشرين من يناير، ومع تزايد أعداد المنضمين للانتفاضة الشعبية المصرية بعشرات الآلاف يوميا، وحتى الثلاثاء الأول من فبراير عندما تجاوزت أعداد المتواجدين المليون مصري مصرية، اختلطت مشاعر الفرح بمشهد كنت أنتظره منذ أكثر من ثلاثة عقود، بمشاعر الشفقة من ارتفاع التوقعات إلى حد قد يسبب ـ في حالة عدم تحققها لا قدر الله ـ احباطا لدى هؤلاء الفتية الذين آمنوا بوطنهم؛ وأخشى ألا يكونوا مستعدين لتحمل أي عثرة أو انتكاسة.
لم أستطع الوصول إلى الميدان؛ لكن بعضا مني كان هناك. ظللت ألاحق شاشات التليفزيون، وابتعدت عن تليفزيون بلادي للأسف؛ فمازال يحكمه أزلام النظام. وفي الأيام الماضية، كان ينقل لقطات من كورنيش النيل بعيدا عن الميدان، حتى لا تلتقط الكاميرا الأعداد الهائلة المسيطرة على الميدان. ولا أعرف كيف وصلت بجاحة مذيعيه إلى حد نفي وجود عشرات الآلاف في الميدان، ثم مئات الآلاف، ثم ما تجاوز المليون؛ بينما تنقل تليفزيونات أخرى الصورة التي لا تكذب. ورغم لجوء النظام ـ بغباء ـ إلى قطع خدمة التليفون المحمول، ثم خدمة الإنترنت، ثم وقف بعض الفضائيات؛ إلا أنه لم يتمكن من التعتيم على مايجري. فقد مضى العهد الذي كانت فيه الأنظمة الحاكمة في بلداننا تستطيع حجب حقيقة الأوضاع عن أعين وأسماع مواطنيها.
شاهدت الجرحى يتساقطون، وانخلع قلبي مع كل ضربة تلقاها شاب أمام عيني. وأدركت أن الديكتاتور لن يتورع عن قتل جميع المصريين إذا كان في ذلك تأجيلا لمصيره المحتوم. لأنه يعلم تمامًا أنه سيلاحق ويحاكم على ما اقترفته يداه، و لن يجد مكانًا يؤويه؛ مثلما رفض الجميع إيواء شاه إيران. ومع وحشية تعامل المجرمين مع أبنائنا العزل؛إلا أن الفارق كان واضحا بين متظاهرين مأجورين، خرجوا لقاء جنيهات معدودة، معظمهم سوف يستخدمها في شراء قطعة حشيش أو بضع أقراص مخدرة، وبين متظاهرين خرجوا حاملين أرواحهم على أكفهم عازمين على المضي في طريق المجد حتى نهايته. كان الاختلاف واضحا بين من يحملون في قلوبهم عشق الوطن والحياة الحرة، وبين من باعوا أنفسهم لقاء ثمن بخس. لقد وصلت رسالة أبنائنا إلى العالم كله مثلما وصلت إلى النظام: لا تحسبن صبر هذا الشعب تخاذلا وخنوعا، بل هو صبر الحليم الذي ينبغي اتقاء غضبته. وحتى إن استطعتم قمع هذه الغضبة، فسيليها غضبات لن تتوقف حتى تدفعون الثمن.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما أعظمك يا شعب.. ما أروعك يا وطن
- تونس تحيي ذكرى انتفاضة يناير المصرية
- نظام تونس يعيد ترتيب أوراقه
- احذروا سارقي ثورات الشعوب
- مطلوب دروع بشرية لحماية الكنائس
- السكوت عار وخيانة
- كل ما تهل البشاير من يناير
- ميزان الحسنات الكئيب
- البرادعي.. والثقافة المنسية
- في بيتنا أمل
- لماذا..؟
- جنازة عسكرية لشهداء العيد
- تأملات مصرية غير كروية
- العربة والحصان.. أو فقه الأولويات 2-2
- العربة والحصان.. أو فقه الأولويات 1-2
- مصداقية البديل.. أعز ما تملك
- إلا أزهار البساتين!
- احذروا.. إنهم يحرفون البوصلة! مسميات ثورية بنكهة المارينز
- انتبهوا.. إنهم يسرقون الحلم!
- هلوسات.. بمناسبة يوم المرأة


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - إكرام يوسف - .. وللتحرير ميدان