أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالرحمن محمد النعيمي - وقفة أمام الاغلاق والتوقيف، لمعرفة الارباح والخسائر في المسيرة















المزيد.....


وقفة أمام الاغلاق والتوقيف، لمعرفة الارباح والخسائر في المسيرة


عبدالرحمن محمد النعيمي

الحوار المتمدن-العدد: 976 - 2004 / 10 / 4 - 10:43
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


تابعت باهتمام بالغ الحوارات التي جرتها احدى الفضائيات العربية في الاسبوع الماضي حول تصريحات احد افراد الاسرة الحاكمة هناك لادخال اصلاحات في قطر عربي شقيق، وكان اكثر ما لفت الانتباه هو ما ادلى به الدكتور حسين السعيدي الناطق الرسمي باسم الحركة السلفية في الكويت، فقد وجدت نفسى في تطابق كبير مع الاطروحات التي يتحدث فيها عن الاصلاحات السياسية وضرورة الشفافية والاهمية البالغة لتشريع الاحزاب السياسية بالاضافة الى ضرورة ان تكون الانتخابات في الكويت على اساس القوائم الحزبية وان يكون هناك تداول للسلطة كما هو متعارف عليه في البلدان الديمقراطية العريقة، مع التأكيد على النظام السياسي الموجود.

ولعل من المثير ان يتطرق الاخ الدكتور الى الموقف الكويتي من تحرير العراق، حيث يقول بأن الكويت قد ساهمت في تحرير العراق من النظام الدكتاتوري لتقيم الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة، فلماذا تكون حريصة على تطبيق الديمقراطية في العراق، ولا يكون هناك محاولة لتطبيق ذات المقولات على الكويت؟.



يتحدث بهذه الشفافية وهو في الكويت.. ليرد على احد رؤساء تحرير الصحف الكويتية العريقة.. في الوقت الذي يتحدث الناس عن التغييرات التي قد تحدث في هذا البلد الشقيق الذي قدم منذ اربعين عاماً نموذجاً لدول المنطقة في التخلص من الحماية البريطانية والتقدم نحو الديمقراطية ، وكان الشيخ عبدالله السالم بطل الاستقلال ورائد التوجه الديمقراطي في الكويت، حيث جلب خيرة الفقهاء الدستورين ليضعوا دستوراً كان النموذج بالنسبة للبحرين عندما استقلت بعد قرابة عقد من الزمان… ليتم تجميد ابرز مواده عام 1975، وبعدها ليتم استبداله بدستور جديد اثار الكثير من الجدل حوله ولم ينتهي بعد.. في الوقت الذي لم تتمكن الحكومة الكويتية من تغيير حرف واحد في دستورها رغم كل الجهود والمحاولات لتعديله، حيث وقفت كل الكتل النيابية والفعاليات الشعبية صفاً واحداً رافضة أي تعديل ـ حسب رغبات الحكومة ـ على الدستور الا ضمن الالية التي ينص عليها الدستور.



ذلك موقف الحركة السلفية في الكويت، ويمكننا ان نرى ذات الموقف بالنسبة للحركة الدستورية الكويتية وهي تنظيم الاخوان المسلمين في الكويت، حيث كانت لنا لقاءات مطولة مع الدكتور سليمان الشطي الذي كان شديد الوضوح حيال كثرة من القضايا المحلية والقومية التي لا نختلف كثيراً معه حولها.



ما نشاهده في البحرين بالنسبة للحركة السلفية او بالنسبة لحركة الاخوان المسلمين يختلف نوعياً عن ما نشاهده في هذا القطر الشقيق، الذي تلعب الحركة الاسلامية دوراً مهماً هناك، وكنا في فترة المؤتمر الدستوري قد استضفنا اخوين من الحركة السلفية ومن الحركة الدستورية، وكنا نتمنى لو أتاحت الحكومة الفرصة لقاء الفصائل الاسلامية والديمقراطية في القطرين الشقيقين لتتفاعل مع بعضها البعض وخاصة في القضايا المتعلقة بمستقبل الحياة السياسية ومستقبل التشريعات الدستورية والعمل النيابي، ليتم التاكيد على ضرورة التفاعل الشعبي، وضرورة خلق حركة شعبية خليجية تساند وتدعم كل الشخصيات الاصلاحية في الاسر الحاكمة والتي نعتقد بأن من الضروري ان تأخذ دورها في الفترة القادمة، أمام المهمات التي ستطرح عليها، وامام ضرورة التناغم والتفاعل بين القيادات السياسية الرسمية وبين القوى الشعبية التواقة نحو المزيد من الاصلاح والمزيد من التطوير والتحديث في منطقتنا.



واذا كنا نريد هذا التفاعل، فلا يسعنا الا الاشارة الى ان الحركة الاسلامية في البحرين لا تضع الكثير من المسافة بينها وبين السلطة التنفيذية، بل انها متهمة بالالتصاق في الكثير من المحطات مع السلطة، ولعل الايام القليلة الماضية تقدم نماذج على ذلك، فكتلة الاصالة في مجلس النواب ترفض مشروع قانون الاحزاب لأن وجود احزاب في أي بلد يتضمن موضوعة تداول السلطة، اما احد ابرز رموز كتلة المنبر الوطني الاسلامي /الشيخ محمد خالد) فانه لا يتردد في معرض تقديم الولاء لسمو رئيس مجلس الوزراء عن القول: "يجب عدم الالتفات والاهتمام الى تلك الثعابين والعقارب التي تخرج من جحورها بين يوم وآخر لتبث سمومها من جحورها المظلمة"!!! 30 سبتمبر 3004 (متمنين ان يكون هذا الكلام مدسوساً على الشيخ الذي نكن له كل المودة والتقدير خاصة وموقفه من توقيف الاخوة الستة معروف ومشهود له، ومشاركته في المسيرة التضامنية مع شهداء النجف عبرت عن الحس والشعور الكبير بالمسؤولية الوطنية وأهمية وحدة وتضامن الطائفتين الكريمتين في البلاد، وكنا نتعشم خيراً فيه ان يكون المزيد من التقارب بين علماء الدين على يد شخصيات من أمثاله لنخرج من النفق المظلم الطائفي الذي كلما ابصرنا بصيصاً من النور، تعيدنا سلوكيات البعض الى النفق المظلم الطائفي القبلي التحشيدي المقيت!!



ولن نقارن بين موقف السلفين والاخوان المسلمين في الكويت واخوانهم في البحرين من التعديلات الدستورية.. انهما على طرفي نقيض.. وهو تعبير عن استقلالية الحركة السلفية والاخوانية في الكويت عن السلطة بالدرجة الاساسية، وحداثة تجربة الآخرين في البحرين.. لكننا ونحن في الظروف الصعبة الراهنة، نتمنى ان يعيدوا النظر في الكثير من مواقفهما، وخاصة الموقف من قانون الجمعيات السياسية والفزعة التي تدفع بها السلطة في الوقت الحاضر، وكأننا قد انتصرنا على محاولة انقلابية!!



**



خلال الاسبوع المنصرم، تعرضت البحرين لاختبار كبير، بل لهزة كبيرة لا تزال اصدائها تتفاعل داخلياً وخارجياً، حيث اقدمت الحكومة على اغلاق نادي العروبة واعتقال الاستاذ عبدالهادي الخواجه (المدير التنفيذي لمركز حقوق الانسان) واغلاق مركز البحرين لحقوق الانسان، واستنفرت كافة اجهزتها ورجالاتها لاعلان الولاء لرئيس الحكومة واستنكارالاساءة الى الرموز السياسية في البلاد، ووجدت مؤسسات المجتمع المدني نفسها في حيرة من امرها، حيث راقبت السلطة بدقة مواقف كافة الجمعيات والاندية والرجالات في مشهد يعيدنا الى ما لاحظناه في فترة التسعينات، (ولم يسلم من ذلك ممثلي الشعب من النواب) والصراع الحاد الذي نشب بين الحكومة وبين الحركة الشعبية حيث كانت الحكومة تضرب بالقوانين عرض الحائط وتطالب كل الاندية وكل المؤسسات بارسال برقيات سياسية تدين الحركة الشعبية وتعلن ولائها لممارسات حكومة أمن الدولة التي جاء صاحب الجلالة ليعلن ايقاف كل تلك الممارسات القمعية، ويعيد الاعتبار لكل الرموز والشخصيات والى كل التضحيات التي قدمها شعب البحرين.. والتي اعلن مراراً ان سبب فرقتنا هو الاجنبي ومن يأخذ بنصيحة هذا الاجنبي الذي يعيش على سياسة (فرق تسد)...



وكان الاخطر من ذلك.. هو موقف الصحافة المحلية، السلطة الرابعة التي يفترض ان ينظر الناس اليها على انها مرأة للواقع، وليس اداة بيد الحكومة تستخدمها لمواجهة المعارضة .. سواء بالقمز واللمز على مواقف الجمعيات السياسية او مطالبتها الجميع بالتطبيل والتزمير والتصفيق والمبايعة لرئيس السلطة التنفيذية وهو مالا يليق بالصحافة، التي نتمنى ان تكون مرشداً لنا في المرحلة الديمقراطية، لكن هذا الفعل كان مؤشراً على حجم تدخل الحكومة في الاعلام الرسمي (حيث بات الهم الاساسي لتلفزيون البحرين هو استعراض ما يقوله الشعراء والخطباء وغيرهم في مجلس سمو رئيس مجلس الوزراء، وبرقيات التهنئة والولاء ضد القوى التي اساءت الى الرموز السياسية) وغير الرسمي، وبالتالي مؤشراً بأن سلوك الحكومة لم يتغير .. وانها عاجزة عن تغيير المسار السابق باتجاه ترشيد سلوك قوى المجتمع بتقديم المثل له عندما تنتقد او يوجه اليها الاتهام بالفساد المالي او الاداري او عدم الاهتمام بمشاكل الناس.



**



لن نتوقف عند تفصيليات الندوتين اللتين استندت عليهما الحكومة لتبرير سلوكها اللاحق، فنحن نرى الخطر يكمن في كون الحكومة (السلطة التنفيذية) تعتبر نفسها وصية على المواطنين (ضمن عقلية: رعايا لا مواطنين)، وتريد كل مؤسسات المجتمع ان تضبط ايقاعها على مزاج السلطة.. وان كل مؤسسات المجتمع المدني رهينة لمزاجها بحيث تطبق القوانين التعسفية ـ الصادرة في مرحلة قانون امن الدولة وما قبلها ـ والمعلقة في اغلب الاحيان، لتسلطها في الوقت الذي تريد لترهب قوى المجتمع.. ولتستنفر البعض في فزعة لا معنى لها ضد شخص او مؤسسة او مركز..




فالخلاف الاساسي بيننا وبين الحكومة في موضوع مؤسسات المجتمع المدني هو تمسكنا بنصوص واضحة دستورية تتطابق وما تنص عليه كل المواثيق الدولية التي وقعت عليها حكومة البحرين بأن هذه المؤسسات لديها حرية التنظيم وحرية التعبير، أي انها ليس ملحقة بالمؤسسة العامة للشباب والرياضة وليست ملحقة بوزارة العمل وليست تابعة او رهن اشارة وزارة الداخلية، ولا يجب ان تكون تابعة لوزارة العدل لتغلق المقرات بالشمع الاحمر في الوقت الذي ترى ضرورى ذلك.



ولا نفهم من الحرية: الفوضى، فمن يتعدى الحدود التي توافق عليها الجميع يجب محاسبته.. ولكن من يحاسبه؟… قرار من مؤسسة الشباب والرياضة يستند على معلومات من مخبرين لوزارة الداخلية .. ليذهب موظف من المؤسسة ليغلق كل باب من ابواب نادي العروبة ويسحب المفاتيح الكهربائية عن كل غرف وملحقات النادي بما فيها تلك التي يسكن فيها موظفون لا علاقة لهم من قريب او بعيد بما حصل في النادي,.. ولا يستطيع موظف المؤسسة ان يتصرف بمفتاح كهربائي الا بعد ان يتصل بمسؤوله ليستفسر ان كان القرار سارياً على غرفتي الموظفين ام يعيد لهما الكهرباء!!! بل لا يتردد عن حرمان ادارةالنادي من التصرف باي فلس حتى رواتب الموظفين !!!



ذلك منتهى البيروقراطية والتعسف والفهم الامني للقرارات والقوانين.. التي يفترض فيها ان تنظم العمل ولا تضيق على الاندية .. واي أندية.. نادي العروبة الشامخ الذي بات علماً من اعلام الثقافة والسياسة ومقر كثرة من رجالات البلاد عبر السبعين عاماً المنصرمة… فاي عقلية تكمن وراء هذا القرار .. واي إساءة بالغة وجهتها مؤسسة الشباب والرياضة الى البحرين وسمعتها بردة الفعل المبالغ فيها.. والتي كان بالامكان تطويقها باللقاء مع ادارة النادي لبحث كل التفاصيل ومعرفة ما جرى بالدقة المطلوبة…



وكذلك الحال بالنسبة للمركز ..



مما يعني اننا بحاجة ماسة الى اعادة النظر في علاقة هذه المؤسسات بمؤسسات الحكومة.. وهل تريد الحكومة ان تغير المسار .. بتحرير مؤسسات المجتمع من سيطرتها.. واعتبار المؤسسة القضائية هي الحكم فيما تقوم به هذه المؤسسات التي يحدد القانون دورها وواجباتها وصلاحياتها.. أم أنها مصرة ان تكون هذه المؤسسات جزءاً من المؤسسة العامة للشباب والرياضة أو ملحقاً بوزارة العمل.. وبالتالي تتصرف بمؤسسات المجتمع كما تشاء، ومن لا يعجبه القرار فليذهب للقضاء ليشتكي على الحكومة!!!!



**



نتمنى ان يقف الجميع أمام هذه المسألة، خاصة واننا في اشكالية كبيرة مع الاخوة النواب والشوريين والحكومة في قانون الجمعيات السياسية وقانون الجمعيات الاهلية التي ننطلق من موقف معين وتنطلق الحكومة من موقف مغاير، معاكس، متناقض كلية للموقف الذي سندافع عنه لأن موقفنا يتطابق وكافة المعايير الدولة وكافة الاتفاقيات والعهود الدوليين المتعلقة بحقوق الانسان وحرية التنظيم والتعبير، بينما يتطابق موقف الحكومة مع عقلية (رعايا لا مواطنين) ، وعقلية امن الدولة قبل امن وسلامة وتقدم وحرية المواطن والثقة فيه.



في موضوع الاندية بمختلف نشاطاتها، وفي الجمعيات بمختلف اشكالها وتفرعاتها من سياسية ومهنية ونسائية وطلابية وغيرها، كما هو الحال بالنسبة للنقابات العمالية والاتحادات العمالية.. فان نقطة البدء بالنسبة لنا هي حرية التنظيم.. وان تقوم الجمعية او النقابة او النادي باخطار السلطة التنفيذية عبر اية وزارة او مؤسسة تراها بتأسيس الجمعية او النادي او النقابة.. متضمناً كافة المستندات التي تخص تلك الهيئة والجمعية / أي ما بات متعارفاً عليه : علم وخبر.



هذا هو موقفنا .. ونعتقد بأننا ندافع عن الدستور والاعلان العالمي لحقوق الانسان.. ونعبر عن الاتجاه العام لبلداننا وشعوبنا التواقة الى المزيد من الاصلاح والمزيد من الشفافية والمزيد من تقوية مؤسسات المجتمع واستقلاليتها عن السلطة، وضرورة تحريرها من وصاية الاجهزة الرسمية.. بحيث تعبر عن ابداعات الناس وحبهم وحرصهم على بلدهم وتقدمهم..



اما موقف الحكومة وقوانينها السابقة واللاحقة بما فيها قانون الجمعيات.. فاننا نؤكد على ضرورة تحرير القانون من كل نص يعطي الحكومة الحق في الرقابة والسيطرة والمحاسبة المالية والادارية وغيرها مما لا يجيزه القانون.. فهذه القوانين تعطي الحكومة الحق في اغلاق نادي العروبة ومركز حقوق الانسان حسب تفسيرها للمخالفة التي قام بها، وبالتالي وضع النادي او المركز وكأنه مؤسسة من مؤسساتها، او وضعت نفسها مكان السلطة القضائية، حيث تطالب الناس بعدها ان يستأنفوا اذا لم يعجبهم قرار (المحكمة الابتدائية!!).. والادهي اعتقال الناس وابقائهم خمسة واربعين يوماً على ذمة التحقيق، ثم تجديد التوقيف اسبوعين، ثم تجديد التوقيف شهراً آخر وهكذا دواليك ضمن تدخلات خارجية لا علاقة لها بالعدالة او بالجرم الذي نسب الي الاشخاص.. وانما تخوفاً وتحسباً او انصياعاً لاملاءات..



ولأن الموضوع جوهري .. فاننا نتمنى من الجميع ان يقف عنده.. وان يكون احد المعايير التي نحاكم بها أنفسنا ونحاكم بها تصرفات الحكومة.



واعتقد بأنه اذا واصلت الحكومة فرض ارادتها على المجتمع، فلن تكون هناك حرية التعبير، ولن تكون هناك حرية تنظيم.. ولا يمكن ان نرسى اسساً حقيقية وصلبة للديمقراطية وسيادة الشعب والفصل بين السلطات .. ولن يكون الاصلاح الا محطة لطي صفحة متعبة من الماضي لفتح صفحة اردناها جميعاً أن تكون جميلة.. فاعادتنا الحكومة مرة اخرى الى التوتر .. والى تسيير مسيرات التاييد لها.. والى الحشود اليومية التي تعطل عمل كبار المسؤولين ليدبج البعض منهم قصائد تعيدنا الى عصور قديمة والى سلوك قديم ليس مفيداً لسمعة البحرين في الداخل والخارج.. وليس مفيداً لقوى المجتمع ان تكون بهذه التبعية وهذا الخوف وهذا الرياء للسلطة التنفيذية وهي التي تنتقذها في كل شيء بدءاً من انقطاع الكهرباء الى اشكاليات السكن الى تزايد الفقر الى ازدياد الفجوة بين الاغنياء والفقراء في البلاد.. الى احتكار كبار المسؤولين للكثير من المصالح الاقتصادية التي بتحريرها ستستفيد كافة القطاعات الاقتصادية والفعاليات التجارية والعقارية والمالية في البلاد.



**



ماذا جنت الحكومة من هذا التصعيد؟



لنفترض جدلاً ان هناك اطراف في المعارضة تريد توتير الاجواء .. فهل تنسجم الحكومة مع هذه السياسة؟ .. ام انها حريصة على الاستماع الى الانتقادات الموجهة اليها، سواء ما تم عرضه في الفيلم الوثائقي في ورشة اصلاح سوق العمل التي نظمها ديوان سمو ولي العهد، او ما جاء في ندوة المركز او ما قيل مراراً حول العديد من القضايا السياسية والاقتصادية وتذمر التجار قبل غيرهم من هيمنة كبار المسؤولين على الاقتصاد والعقارات والاراضي وسواها.. وبالتالي فانها حريصة على السمعة الحسنة التي تمتعت بها البلاد خلال الفترة المنصرمة من الانفتاح وحرية التعبير المحدودة.. وقادرة على تقديم برهان واحد او عشرات البراهين على بطلان التهم الموجهة لهذه المسؤول او ذلك .. عبر تقديم كشف حساب لكل وزير ولكل نائب ولكل مسؤول في وزارات الخدمات من الاسكان الى الكهرباء والصحة والاشغال والبلديات وغيرها على ارضية (من اين لك هذا؟) بحيث يعرف القاصي والداني ان رجالات الدولة ابرياء وانصع من البلور في طهارتهم المالية.. وان الحديث عن الفساد المالي والاداري كذب وتلفيق من المعارضة والحاسدين للنعيم الذي يعيشه رجال الحكم بفضل الله سبحانه!!







ولكن الحكومة سارت عكس ذلك.. فاعتبرت الانتقادات والهجوم الموجه ضد رئيسها موجه ضد النظام بأكمله، وتبارت الاقلام من موظفين لا يرقى الشك في نزاهتهم المالية والاخلاقية!!! الى صحفيين ينتظرون بفارغ الصبر مثل هذه الفزعات.. لتأليب الراي العام (فنحن نعرف موقف الحكومة من المعارضة) ضد الجمعيات المعارضة ومراكز وجمعيات حقوق الانسان .. وارادت قطع الطريق على كل الاصوات التي تبارت لتقديم مشورة او نصيحة او اقتراح حول (اصلاح سوق العمل، ومواجهة الفقر والبطالة)..



وبالرغم من اننا لسنا متشائمين، ولا ترهبنا هذه الفزعات ولسنا من المنافقين.. وعلى قناعة كاملة ـ بوعي شعب البحرين من اقصاه الى اقصاه ـ بفشل هذا البرنامج التحريضي الذي استفز مشاعر طائفية لدى البعض.. فان الحركة السياسية المناضلة ـ التي قدمت الكثير من التضحيات في الفترة السابقة والتي ارتضت حالياً أن تعمل تحت مسمى الجمعيات السياسية ـ مطالبة ان تلتقي بسرعة وتتدارس الوضعية الراهنة والاخطاء التي ترتكبها السلطة، والمعارضة على حد سواء .. لوضع استراتيجية للعمل الوطني الديمقراطي القادم.. يضع في مقدمة مشاريعه قبر مشروع الجمعيات السياسية وعدم السماح له بالمرور عبر مجلس النواب او مجلس الشورى.. واقناع التيار الاصلاحي في السلطة بأن مصلحة البلاد تقتضى رفض هذا المشروع الذي هو استنساخ مشوه لقانون امن الدولة السيء الصيت… ووضع قانون بديل يرتكز على حرية التنظيم بالدرجة الاساسية.. وليس مهماً ـ في هذه المرحلة ـ المسميات، فالمهم المضمون.. وان تلغى من القانون كل ما يمكن ان يحد من حرية وحركة الجمعيات السياسية، بل وحرية وحركة جمعيات المجتمع المدني برمتها.. وان نحقق الاستقلالية الادارية والتنظيمية والمالية عن مؤسسات السلطة.. وان يكون القضاء هو الحكم.. ولا يجب ان تمتد يد الدولة الى أي ناد او جمعية لتغلقها بالشمع الاخضر او الاحمر!! وبالتالي اعادة فتح النادي ومركز حقوق الانسان واطلاق سراح عبدالهادي وسائر الموقوفين الاربعة الآخرين.



وعلى كل مؤسسات المجتمع المدني.. من الاندية بمختلف نشاطاتها الرياضية او الاجتماعية او الثقافية أن تطالب بقانون يرفع الوصاية عنها من قبل مؤسسة الشباب والرياضة.. فما قامت به المؤسسة قد اساء كثيراً الى سمعة البحرين ومكانتها في الخارج.. قبل ان يلحق الضرر بنادي العروبة العريق.. الذي لن يجد من بين اعضائه من يتجاوب مع المؤسسة بتشكيل بدائل للادارة الحالية..



ونوجه نصيحة لحكومتنا في هذه الاوقات الصعبة.. مفادها ان الوضع الآن يختلف عن القرن الماضي .. وان الاضواء مسلطة على المنطقة برمتها.. وان من مصلحة الجميع الاقلاع عن الاساليب القديمة التي ثبت انها لم تحقق الا المزيد من التدهور الاقتصادي والسياسي والسمعة السلبية لبلادنا في الخارج… والتوتر الداخلي الذي لن يقتصر على طائفة او جمعية سياسية محددة.. او تكتل سياسي.. بل سيجد كافة فئات المجتمع تفتح ملفات الفساد وسوء الادارة والعقلية البيروقراطية المتخلفة التي جعلت مناطق الخليج الاخرى تسبقنا ونحن نتغنى بالامجاد !!

**
وفي الختام

من حق الجميع ان ينتقد: الحكومة.. والمعارضة . بل ان من مصلحة المسار الديمقراطي تسليط المزيد من الانتقادات والملاحظات للحكومة والمعارضة لتحسين اداء الطرفين. وتسليط الاضواء على ممارسات كل العاملين في الحقل العام.. بل ومن حق مواطن، وكل هيئة وكل جمعية سياسية مطالبة أي مسؤول بالاستقالة اذا فشل في القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه.. أو كان في ذلك مصلحة للبلاد.. فليس هناك انسان معصوم عن الخطأ .. وامامنا الكثير من الحكومات التي لم تستطع مواكبة التطور.. وفشلت في تحقيق برامجها الاقتصادية او السياسية او الخدماتية، فلم تجد أمامها سوى التنحي لحكومة اكثر قدرة .. وبها رجالات أكثر كفاءة على مواجهة التحديات الجديدة المتسارعة محلياً وعلى صعيد المنطقة برمتها..



#عبدالرحمن_محمد_النعيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هي المعايير المعتمدة في قانون الجمعيات السياسية وغيرها؟
- ذكرى حل المجلس الوطني.. وسط ارتفاع اسعار النفط
- ماهو الدور السياسي الذي يريد التجار في البحرين أن يلعبوه؟
- مقدمات.. لكي يوصلنا الحوار الى توافق
- الذكرى الثلاثون لاستشهاد محمد بونفور
- الموقف من مؤسسات المجتمع المدني أحد أبرز المؤشرات على الموقف ...
- مقدمات لابد منها قبل الحديث عن الحوار الوطني
- لكي تكون مصلحة شعبنا ووطننا فوق كل الاعتبارات
- جدار الفصل العنصري وجدران كثيرة يجب هدمها
- ماذا فعلت بنا ايها الدستور الجديد؟
- ديمقراطية الرئيس الامريكي والمأزق العربي الراهن
- الصراع على فلسطين .. والذكرى الثالثة للانتفاضة
- فلسطين بين المغرب والهند
- حركة التحرر العربي والفلسطيني في مواجهة الارهاب الصهيوني
- شرط السلام الامريكي للدولة الفلسطينية
- الديمقراطية والوحدة والثاني من اغسطس في الوضع العراقي الراهن
- المطالبة بالاصلاحات السياسية على ضفتي الخليج
- خاطرة الطريق ومتاهات الحل الصهيوني
- خارطة الطريق في الذكرى الخامسة والخمسين لاقامة الكيان الصهيو ...
- الزلزال العراقي والمفاصل الاساسية في الاصلاح السياسي في البح ...


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالرحمن محمد النعيمي - وقفة أمام الاغلاق والتوقيف، لمعرفة الارباح والخسائر في المسيرة