أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - حين ينهض فينيق حلم التغيير والثورات الشعبية















المزيد.....

حين ينهض فينيق حلم التغيير والثورات الشعبية


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3263 - 2011 / 1 / 31 - 20:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يفتح التغيير التونسي وآمال التونسيين العريضة باستبدال نظامهم السياسي، آفاقا واسعة أمام إمكانية تعميم سيناريو التغيير عبر الاحتجاج والانتفاض الشعبي، وإيصاله إلى حدود الثورة، بما تحمله من طموح اقتلاع نظام واستبداله بآخر، وذلك ما تطمح إليه جمهرة واسعة من مواطني بلادنا العربية، تعاني ذات المعاناة التي رزحت تحت ظلالها جماهير الشعب التونسي، بإخضاعها لنظام حديدي من الاستبداد الفردي والعائلي. وفي ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية أكثر من رديئة، ومن البطالة إلى سوء الأحوال المعيشية وارتفاع الأسعار وكلفة الخدمات الأساسية والضرورية للحياة. كل ذلك في اقتران فاضح مع سلطة تغوّلت كثيرا في حجب الحريات المدنية والدوس الواضح على حقوق الإنسان، من قبيل ما دفع محمد البوعزيزي للتضحية بحياته من أجل إشعال نار الثورة التي أجبرت رأس النظام على الفرار، وترك تونس لمصيرها المحتوم في غيابه تقرر مستقبلها.

بالطبع هذا ليس حال تونس وحدها، في كل ما عاناه الشعب التونسي، طوال أعوام الديكتاتورية والاستبداد، والإفقار المتدرج لكامل طبقات المجتمع التونسي – حتى البرجوازية منها – وهي تصطدم بنظام مافيوي/عائلي، تحت ستار نظام فردي، بغض النظر عما إذا كان يحكم فعليا، أو أن هناك من خلف الستار من كان يحكم بالفعل خلف صورة بن علي الشخصية التي أضعفت، بفعل تغوّل مافيا وعصابة عائلة زوجته ليلى الطرابلسي، بحيث غدا الأمر والنهي لسلطتها المتضخمة، بفعل الهيمنة العائلية والقرابية، على كامل مفاتيح الاقتصاد التونسي، حين أحيلت البرجوازية الوطنية إلى التقاعد، وجرى إفقارها في الداخل، وحتى مطاردتها ككل فئات الشعب في المنافي من قبل أجهزة الأمن التي كانت أكثر طواعية لمافيا وعصابات السلطة الرديفة؛ سلطة العائلة التي وزعت على أفرادها حتى الذين لم يبلغوا بعد، ثروات وأراضي الشعب التونسي.

ووفقا لتقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة، فإن أنظمة مماثلة لتونس، من قبيل أنظمة كمصر والجزائر والسودان وليبيا واليمن والأردن وسوريا، وبالتأكيد غيرها، تتصدر قوائم الترتيب في نسب البطالة ومعاناة شعوبها من الإفقار المتزايد وتراجع دعم التعليم، والتخلي عن دفع التشغيل خطوات إلى الأمام، وعلى العكس من ذلك تنمية قطاعات غير إنتاجية وغير أساسية على حساب القطاعات المنتجة، في ظل تراجع واضح عن حريات أساسية مكتسبة من فترات ليبرالية سابقة، انسحقت فيها حريات الصحافة والتعبير والرأي، وخسرت العديد من الحقوق المدنية أولوياتها لصالح الاهتمام بما هو ثيوقراطي وأوتوقراطي فيما يفترض أنه الحياة المدنية لجماهير الشعب. وقد أشارت الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية في تقرير حديث، إلى أن فجوة الغذاء العربية وصلت في عام 2010 إلى 27 مليار دولار، ويتوقع لها أن تتجاوز هذا المبلغ إلى حوالي 44 مليار دولار في عام 2020، فيما الاكتفاء الذاتي العربي من الغذاء لا يتعدى 50 بالمئة من حاجات السكان. وكان تقرير التنمية الانسانية العربية الصادر صيف عام 2009 قد أكد أن هناك 65 مليون عربي يعيشون في حالة فقر.

في هذا الاتجاه تقول "فورين بوليسي" أن هناك خمس دول عربية جاهزة للتغيير هي الجزائر، مصر، ليبيا، السودان، والأردن، إلاّ أن تقارير أخرى رفعت سقوف التوقعات من سبعة إلى عشر دول، تعيش حالا أسوأ من تونس، حيث أن الأرقام التي تذكرها عن اليمن وموريتانيا تبدو أكثر رعبا مما كان سائدا في تونس.

من جانبه اعتبر أليوت أبرامز مستشار مجلس الأمن القومي الأميركي في عهد الرئيس السابق جورج بوش، أن النقاش حول ما إذا كانت الانتفاضة التونسية ستمتد إلى دول عربية أخرى، يفتقد إلى عاملين أساسيين: فرادة القضية التونسية، وطبيعة الأنظمة السلطوية العربية. ويرى أن الوضع في الجزائر مختلف، فهو نظام ديكتاتوري تحكمه ما أسماها" السلطة" وهي عبارة تستخدم لتوصيف النخبة الحاكمة التي تضم كبار الضباط في الجيش، لذلك يمكن أن تدفع "أعمال الشغب" القادة العسكريين إلى إسقاط الرئيس بوتفليقة، لكن الإطاحة بالنظام تبدو أمرا أكثر صعوبة.

وفي شأن مصر، يشير أبرامز إلى أن احتمالات السيناريو التونسي تبدو قائمة، في حال تكرس توريث السلطة إلى نجل الرئيس مبارك، ما يعني تحول النظام من حكم عسكري إلى حكم عائلي. أما ليبيا فيرى أبرامز أنها تمثل ما أسماه "حالة خاصة" نظرا للطابع الفريد الذي يتمتع به نظام الرئيس معمر القذافي، فهو "فردي وعائلي" أكثر منه مؤسساتي، إذ يتولى فيه أبناء القذافي مناصب مركزية، إلاّ أن سوريا تمثل "حالة تقليدية" للنظام العائلي الحاكم بقيادة الرئيس بشار الأسد "الذي يسير على خطى والده كرئيس مدى الحياة".

في هذه المناخات المتفجرة، اعتبر روبرت كاجان عضو معهد بروكينغز، أن السياسة الخارجية الأميركية مثلها مثل أي سياسة خارجية في أي دولة أخرى، من الممكن أن تكون مليئة بالنفاق والأنانية والتناقضات والمعايير المزدوجة، حيث يمكن رؤية الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث بصوت عال عن الديمقراطية، ثم يغض الطرف عن سلوك نظام قمعي، بحجة أن ذلك النظام يمثل أهمية كبيرة للمصالح الأميركية. وفي هذا الاتجاه يشير كاجان إلى موقف وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومن على منبر حول سياسات الإصلاح والديمقراطية في الدوحة، عندما حثت الحكومات العربية ضرورة السماح بانفتاح سياسي وتسهيل عمل منظمات المجتمع المدني، لكنها عندما التقت بوزير الخارجية المصري قبل الانتخابات البرلمانية التي أجريت في (تشرين الثاني) نوفمبر الماضي، لم تنطق بكلمة عن الأوضاع السياسية المصرية، كما أن الرئيس أوباما يتحدث بكلمات جميلة عن دعم الولايات المتحدة للديمقراطية حول العالم طوال الوقت، ولكنه عندما تحدث مع الرئيس المصري بعد الأحداث التونسية، لم يقل أي شئ عن الخطر المماثل الذي ينتظر مصر، فالإدارة الأميركية الحالية لم تغيّر سياساتها تجاه الرئيس مبارك التي تمتد لعقود مضت، على الرغم من كل المؤشرات التي تؤكد أن مبارك يقود بلاده باتجاه الكارثة.

وفي ذات الاتجاه، صوّب مراسل "الأوبزيرفر" من القاهرة الأنظار نحو إمكانية تكرار ما أسماه "الدراما التونسية" وتساؤل المصريين الشباب عما إذا كان ذلك يمكن أن يتكرر في مصر، حيث أشارت الصحيفة إلى أن الرئيس المصري حسني مبارك بدا ونظامه هامشيا وأكثر هشاشة بعدما حصل في تونس، وكما بدا ويبدو وضعه في أعقاب دعوة البدء بالتظاهر والانتفاض في 25 كانون الثاني (يناير) والأيام التي تلت، وما يمكن أن تحدثه في بنية النظام، حيث تلعب فئات الشباب دورا هاما في قيادة الطريق نحو التغيير.

بذا انطلق المارد الشبابي بما امتلك ويمتلك من تقنيات التكنولوجيا العالية المتوفرة اليوم في عالمنا المعاصر، ليشكل قطب التغيير الأساس، بعد أن لم تجرؤ أحزاب اللعبة الحزبية والسياسية المصرية على البوح بمواقفها الراديكالية الحقيقية، لفتح معركة الانتفاض وقيادتها وتنظيمها وإطلاقها مبرأة من التواطؤ المكشوف مع النظام أو التماهي به وبمؤسساته، وها هي ثورة الشباب تقود حركة الشارع الجماهيري المنتفض، تؤسس لثورة شعبية قادمة من بين رمال المستحيل، أو ما كان يبدو مستحيلا قبل أيام من بدء حركة التغيير التي بدأت توصف بأنها الأكبر والأضخم منذ ثورة العام 1919 ضد الاستعمار البريطاني. وهذا ما يضع المؤسسة السياسية في مواجهة احتمالات سيناريو سقوط النموذج التونسي، لتزج بالمؤسسة الأمنية في مواجهة حركة الشارع قمعا وإرهابا ورعبا، لن يزيد المنتفضين سوى إصعاد تحركهم الاحتجاجي حتى تحقيق مطالبهم، أما أمل استعادة الهدوء وعودة الناس إلى بيوتها دون التغيير، فهذا ما لا تخبر أو تفيد أو تدلل عليه أية تجربة من تجارب حركات الانتفاض الجماهيري الاحتجاجي في مواجهة الأنظمة الديكتاتورية.

أيام قليلة من المواجهة الانتفاضية الجماهيرية الواسعة، كانت كفيلة بإنهاء موضوع التوريث، رغم أن النظام يحاول الحفاظ على رموزه بكل قوة، فبعد تفتيت تماسك الجهاز الأمني، وفشله في محاولة وقف الانتفاضة، لم يبق أمام مبارك سوى الاتجاه إلى عسكرة نظامه، وذلك من خلال أبرز رموزه (الحاكم العسكري) وفقا لقانون الطوارئ، وهو هنا مبارك نفسه، الذي أصدر مساء الجمعة أمرا بحظر تجول لم يتم تنفيذه، ثم وفي يوم السبت لجأ إلى تعيين عمر سليمان نائبا له، وهو مطلب كان يفترض أن يتم من عمر نظامه قبل 29 عاما، كما تم تعيين أحمد شفيق رئيسا لحكومة جديدة بعد إقالة القديمة صبيحة يوم السبت. كل هذا في محاولة مستميتة لتنفيس الاحتقان الشعبي الذي لم يعد كذلك، فقد تجاوزت حركة الانتفاض الشعبي لحظاتها العفوية، وبدأت الثورة تأخذ طريقها لإحداث التغيير المنشود.

لهذا تواصل جماهير الشعب المصري انتفاضها الجماهيري، في وجه نظام ما يني يسد أذنيه عن مطالب رحيله، بعد عقود ثلاثة من استنقاع وتكلس كامل قواه، وما جرّته من ويلات ونكبات سياسية واقتصادية وإجتماعية، أصابت بشكل أو آخر كامل قطاعات الشعب المصري التي حُكمت وتُحكم بقانون الطوارئ، واستمرار النظام على ذات المنوال من فرض مواجهته الحركة الشعبية، ينذر بكارثة قد يورثها لشعبه بعد رحيله، فهل يتعظ نظام مبارك من نظام "بن علي" قبل فوات الأوان؟.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقل سياسي مغيّب ومجتمعات مأزومة تنفجر
- تونس ومحنة تغيير قد لا يكتمل
- سقوط النموذج التونسي.. ماذا بعد؟
- بداهة الدولة واستثنائية السلطة
- سلطة الأبد -أمل مرضي- لا شفاء منه
- الخيارات السبعة وخطة النجوم السبعة!
- إبرة التسوية التفاوضية وقش -الدولة الواحدة-!
- إدمان أوهام الدولتين.. كحل خائب
- أسياد اقتصاد المضاربة ومطلقاتهم -الإيمانية المقدسة-!
- تأملات في حداثة -الما قبل- وديمقراطية -الما بعد-!
- في أدلوجات العودة إلى تقديس الطواطم
- الخطوة التالية: القدس عاصمة للشعب اليهودي!
- جنة -السلطة الأبدية-.. جنونها!
- سيف الوقت ومواعيد -المصالحة- المُرجأة!
- الدولة الفاشلة وتحديات التفتيت والوحدة
- دفاعا عن أوطان بهويات متعددة
- في أولويات التضاد بين التهويد والمفاوضات
- من نصّب هؤلاء -وكلاء- على دمنا وحياتنا؟
- قانون الولاء و-أسرلة- الأرض.. من تطبيقات -يهودية الدولة-
- خطايا تبني سرديات الرواية التوراتية


المزيد.....




- ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي ...
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
- CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
- إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
- -تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
- هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
- دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل ...
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - حين ينهض فينيق حلم التغيير والثورات الشعبية