أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد داني - القصة القصيرة جدا عند مصطفى لغتيري















المزيد.....



القصة القصيرة جدا عند مصطفى لغتيري


محمد داني

الحوار المتمدن-العدد: 3259 - 2011 / 1 / 27 - 22:07
المحور: الادب والفن
    


يعتبر مصطفى لغتيري من الأدباء المغاربة الذين يجيدون فن السرد... وبرعوا في القصة القصيرة، والرواية.. والقصة القصيرة جدا...
وهو من كتاب القصة القصيرة جدا، المتميزين اليوم.. إلى جانب حسن برطال، وعبد الله متقي، وعز الدين الماعزي، وغيرهم...يمزج كتابته خيالا وحقيقة، فيجعل منها لوحات فنية وأدبية... تغري بالمتابعة، والقراءة، والتحليق في عوالمها دونما خوف أو ملل...
ومن بين إنتاجات الأديب المغربي مصطفى لغتيري ، التي سنسافر عبرها إلى عوالمه الخصبة، والجميلة، (مظلة في قبر)، الصادرة عن منشورات القلم المغربي في يناير 2006، وهي من مقاس 14 X20 سم، تتكون من 72 صفحة. وتشتمل على بطاقة تعريف، وإهداء، و57 قصة قصيرة جدا...
وعندما نتمعن غلاف المجموعة القصصية، نجده يتميز بلونه الأزرق المفتوح(السماوي)، وتتوسطه لوحة للفنان التشكيلي المصري: إبراهيم عوض... وتمثل ثقبا في جدار تتراءى منه أغصان الدفلى، ووجه القمر في تمامه...ومنديل بنفسجي مسجى فوق حافة الثقب... وساعة فوق مائدة تشير عقاربها إلى الواحدة والربع...
واللوحة تختزل مجموع قصص المجموعة القصصية، حيث تشير إلى الزمن، والصراع القائم بين الزمن والإنسان...كما تبين التطلع إلى الانعتاق، والحرية من خلال الثقب الموجود في الجدار...
وفي أعلى الغلاف ، أثبت يمينا اسم الكتاب، بلون أسود، وتحته ، عنوان المجموعة بخط عريض، أسود مظلل ببياض...وفي أسفل اللوحة ، أثبت التحديد الأجناسي، وأيقونة الدار الناشرة...
وقد وردى العنوان المثبت على الغلاف في صيغة مركب اسمي(مظلة في قبر)(اسم +حرف+ اسم)...
وأول ما يتبادرنا ونحن نقرأ هذا العنوان، هو غرائبيته... والتي تجعلنا نتساءل:
- ما علاقة المظلة بالقبر؟...
- هل القبر به مظلة ، ويحتاج الراقد فيه إلى مظلة حقا؟...
- هل المظلة أداة للنجاة والخلاص من معاناة متنوعة؟...
- ما دلالة العنوان؟..
- هل يلخص العنوان النصوص القصصية المتضمنة في المجموعة، وينوب عنها ؟..
عندما نتمعن في العنوان جيدا، نجده يتكون من ثلاث كلمات (مظلة+ في+ قبر)... وقد جاء هذا التركيب الاسمي نكرة... كما أن هناك ارتباطا وثيقا بين الأداة (اسم الآلة)، والمكان الذي تتضمنه الجملة المكملة (في قبر)، والمتكونة من حرف الجر الدال على المكانية، و(قبر) الاسم الدال على مكان الدفن...
لكن العجيب ، هو الغرائبية التي تحصل عليها عندما نركب هذه الكلمات ونحصل على العنوان المثبت في الغلاف الخارجي.. فكيف يحتاج الميت إلى المظلة؟...ونحن نعرف أن لا مظلة للميت في قبره إلا عمله الصالح...
هل تحمل (المظلة) ميتافيزيقيتها الدينية، ومرجعيتها التراثية؟.. هل تلخص كل عمل ابن آدم؟...
إن (مظلة) تحمل من الدلالات المجازية ما تجعل القارئ / المتلقي يستحضر مجموعة من التمثلات، والتصورات ، محاولا الربط بين المظلة والقبر..
والكتابة عند الأديب مصطفى لغتيري، تعبير عن الذات، وتحقيق لوجوده الإبداعي والأدبي.. إنها في الواقع انفلات من ربقة الانحباس ، والضيق،وانغلاقية الموروث.. ورتابة نمطية الحكي...فهي عنده ميثاق حداثي ، تطوري ،حيث:"يخرج المكتوب عن حدود خطيته إلى آفاق لا متناهية، خاصة وأن الدور الأساسي للأدب يكمن في فعل طرح الأسئلة وعلامات الاستفهام"...
وهذه الكتابة التي يقدمها مصطفى لغتيري على شكل قصص قصيرة جدا، هي:"ليست بالكتابة السطحية التي يمكن أن تمسح، أو تنسى بمجرد مغادرتها، بل هي بالحق وفي غير مغالاة، كتابة بالحفر العميق في حقائق وظواهر تجاربنا الثقافية، القومية، والإنسانية، التراثية، والمعاصرة عامة، التي تظل تتابعنا وتلاحقنا بعد قراءتها"...
I- الموضوعات المتضمنة في (مظلة في قبر):
و(مظلة في قبر) تتضمن مجموعة من الموضوعات التي استندت عليها في إقامة صرحها القصصي...ومن هذه الموضوعات:
1)- الواقعية والوعي المجتمعي بالمجموعة القصصية:
إن مصطفى لغتيري، ينظر إلى المجتمع نظرة شاملة من كل الجوانب.. ممزجا في نظرته الاجتماعية هذه إشكاليتين: الفنية والاجتماعية....معتمدا في ذلك على أسلوب ولغة يجسم من خلالها قضاياها ومنظوره الخاص.
والملفت للنظر، أن الكاتب في وعيه الواقعي الاجتماعي/ المجتمعي، يمزج بين الضمائر، ليبين من خلال هذا التوظيف ، السوداوية التي تسود المجتمع.. والفوضى التي أصبحت تتغشاه...
فهو يصور العلاقات وما انتابها من تفسخ، واندحار قيم.. وما غلفها من ارتياب وقلق، وتوتر... الشيء الذي جعل السلوكات تتناقض مع هذا الواقع.. وتسم المجتمع بتشوهات مخيفة...
هذا يجعلنا نكتشف منظور الكاتب مصطفى لغتيري، ونظرته للمجتمع ووقائعه، من خلال البنية السردية للمروي(الحكاية/ الحدث)، والتي نجدها يتجاذبها فعلان، هما:
- إرادة الكاتب / الراوي.
- التغييرات الواقعة في المجتمع.
وبالتالي أصبحت واقعية مصطفى لغتيري تتأسس على أربعة أفعال ، أو على الأصح أربع عمليات:
- الملاحظة والمعاينة.
- التساؤل.
- التمثل...
الكتابة.
2)-الاستخفاف وتفسخ القيم:
القيم ترتبط بالسلوك الإنساني عامة...والقيمة:"ترتبط بالسلوك الإنساني وما يولده من مستويات معرفية، تنبثق عنها موضوعات اجتماعية وفنية، وحضارية، وفلسفية،تتناول قضايا الإنسان وموقفه من الكون والوجود.. ومن ثم موقفه من عالم لا متناهي الحركة"...
فليست القيمة شكلا مكتملا جاهزا، ثابتا.. بل هي شكل صوري يقبله المنطق من خلال عملية استقراء الواقع الإنسانين وما ينتج عنه من حقائق ترسخ تفاعل الإنسان مع الكون..
فالقيمة التي نتغياها بالدرجة الأولى عند مصطفى لغتيري، هي القيمة الإبداعية، المرتبطة بعملية الخلق الفني.. فتتحول الرؤيا بالفعل الإبداعي إلى خلق جديد يعكس تغيير ملامح العالم...
إن الكاتب يستغرب من التفسخ القيمي والأخلاقي الذي أصبح عليه المجتمع.. وبذلك اندثرت مجموعة من القيم والمثاليات، في مجتمع مادي، أصبحت تطغى عليه الذاتية، وحب المادة، والذات، والشهوات.. والمصلحة الخاصة.. والأنانية...
ففي قصته القصيرة جدا(اكتشاف)ن والتي يقول فيها:
"من مكانها المتواري..اختلست المرأة النظر...رأت زوجها، بتودد يحادث ابنتهما..
بكثير من الفضول تطلعت إلى الفتاة.
على شفتيها لمحت ابتسامة امرأة ناضجة، فانصعقت...
أحست لحظتها، وكأنها تكتشفها لأول مرة..
حينذاك أيقنت المرأة، أن مرحلة من عمرها قد انقضت، وما عليها سوى أن تستعد لمرحلة جديدة"...
هذا يعطينا صورة عن الاختلال الأسري، والاجتماعي الذي أصبح يتفشى في المجتمع المغربي...والقصة تحمل أكثر من وجه..وتعطينا تعددا قرائيا ، وتأويلات عدة...فهي تخبرنا عن تفشي ظاهرة اغتصاب الأصول أو الفروع...وكيف اندثرت العلاقة الأسرية، والأبوية.. وحلت محلها شهوانية تستعبد الجسد ، والغريزة الجنسية...
ومن هذه القصة القصيرة جدا،نستشف:
- تفشي ظاهرة الاعتداءات الجنسية على الأصول والفروع.. فالجملة البؤرة(بتودد يحادث ابنتهما)، تجعلنا نتمثل الصورة الذئبية التي تغلف عين الأب، ونظراته الشهوانية لابنته.
- الغيرة التي ملأت صدر الأم، وهي تنظر المشهد بين الوالد وابنته...وتدل على ذلك الجملة البؤرة(فانصعقت).
- شعور المرأة بأن ابنتها أصبحت أنثى ناضجة.. وضعها أمام الأمر الواقع.. إنها تقدمت في السن، وعليها أن تستعد لما هو آت، وهو تزويج ابنتها...
- صورة أخرى تتراءى وهو إحساس المرأة بأن تقدمها في السن، سيجعل الزوج يرى في ابنته الشباب، والفتوة والجمال.. والجسد المغري...
من خلال هذه التمثلات أو القراءات المتعددة. نجد تعددا في القيم المشينة، والتي يمجها الذوق العام (الغيرة- الشهوانية- زوال العلاقات الأبوية، والوالدية وتفسخ علاقة القرابة- اندثار الحنان الوالدي- التفكك الأسري)...
كما أن من القيم التي يدينها الكاتب ، ويتغزل بها الحربائية.. والنفاق الاجتماعي، والتظاهر بغير ما في الذات، والمبالغة في الظهور بزائف المكنون.. في ظل العولمة ، وما مس العالم من تغيرات وتهافت على الماديات...
ففي قصته القصيرة جدا (عولمة) يقول:
"صعد الزعيم إلى المنصة...
لعن العولمة، والإمبريالية، واقتصاد السوق...
أحس- فجأة- بغلة تكتسح جوفه، أومأ إلى أحدهم، فأحضر له- دون تباطؤ- زجاجة كوكاكولا"...
مجتمع اكتسحته المظاهر الكذابة، والبهرجة اللفظية.. والتي تشهدها كثير من المنصات الخطابية، والمحافل النضالية...ولكن في الواقع، السلوك الشخصي للأفراد تبين قيما عكسية دفينة في قرارة النفس، والتي تبين ضعف الإيمان بالمبادئ، وانعدام الثبات على قيم معينة.. والتلون حسب الظروف والمصالح...
كما أن الكاتب يدين أيضا ظاهرة الاستخفاف بالآخر.. خاصة عندما نجد في هذه القصة أن هذا الزعيم يمثل النضال.. وهو في قرارة نفسه يستخف ويزدريهم...ويعتبرهم رعاعا، يتشدق أمامهم بأفانين القول...إنها منتهى السخرية، ومنتهى الشوفينية...
وفي قصته(ثورة)، والتي يقول فيها:
"أطلت زوجة الحاكم من شرفة قصرها...
رأت جحافل الشعب ثائرة...
سألت وصيفتها قائلة:
- لماذا يفعلون ذلك؟...
أجابت الوصيفة:
- إنهم يطالبون بالخبز ، لقد أنهكهم الجوع...
مستغربة تساءلت زوجة الحاكم.. ولم لا يأكلون الحلوى؟..."
عندما نتمعن في هذه القصة القصيرة جدا... نجدها ترشح استخفافا واستهزاء.. واحتقارا للمشاعر ، والمطامح...
فزوجة الحاكم، تستغرب من ثورة الناس، وخروجهم إلى الشوارع احتجاجا.. ولم تعرف أن الدافع هو الجوع والبحث عن الخبز...تساءلت لم لم يأكلوا الحلوى؟...وهذا منتهى الاستخفاف...
فكيف يأكلون الحلوى وهم لا يجدون شيئا؟...هذا يدل على أنها لم تكن تعير هي وزوجها الشعب اهتماما...كانا ينظران إليه على أنه جماعة من الرعاع.. وشرذمة من الحثالة... ولذا كانت معاملتها مبنية على الاحتقار والازدراء، واللامبالاة لكل مطالبه وحقوقه...
3- الموت:
اهتم مصطفى لغتيري بتيمة الموت..وضمنها مجموعة من قصصه القصيرة جدا...ففي قصته (الخلاص)، والتي تقول:
"أحدثت الطلقة صوتا مدويا، أفزع الطيور، فانتفضت هاربة... وحدها عصفورة كأنها تعاني من اكتئاب حاد. طارت في اتجاه الصياد باحثة عن فرصة للخلاص...
متحسرا ، رفع الصياد عينيه ، لمح العصفورة الضئيلة تحوم فوقه. استخسر فيها الطلقة، فتجاهلها...لكن حين لاحظ إصرارها، تأملها لحظة، وكأنها أوحت له بفكرة الانتحار.. وجه فوهة البندقية نحو نفسه، ثم ضغط على الزناد"...
في هذه القصة يمتد اليأس، والاكتئاب إلى حد الرغبة في الانتحار، ووضع حد للحياة...فالعصفورة تعاني أزمة نفسية، تدفعها صوب الصياد عله يطلق عليها رصاصه فيريحها من معاناتها...
إنه إحساس باليأس من الحياة...وسوداوية تغلف النفس والروح...لكن المفارقة العجيبة، هو أن الصياد تجاهلها، وأمام إصرارها صوب فوهة البندقية إلى صدره ، وأطلق على نفسه النار..
إن عدم الرغبة في الحياة.. والشعور بالفراغ المادي والروحي دفع بهذا الصياد إلى الانتحار، لأنه وجد فيه راحة وخلاصا من أزماته النفسية...
وفي قصته(منطق)، والتي يقول فيها:
"بعد قراءته المتكررة لسير العظماء، لاحظ الرجل أن أكثرهم مات منتحرا...
بكثير من الرهبة، استعرض أسماءهم: هرقل..كيلوباترا...هنبعل...نيرون...
أخيرا، استنتج ما يلي:" لكي يكون المرء عظيما، لزاما عليه أن يموت منتحرا"...
في هذه القصة ، نجد ربطا بين الموت والعظمة...وبين الانتحار والخلود...حيث أن تاريخ البشرية، يحفل بكثير من العظماء الذين طبعوا التاريخ الإنساني، وضعوا حدا لحياتهم، إما هروبا من عقاب، أو يأسا من حب ، أو شعورا بالتخمة من الحياة...وملاذها... أو جنونا .. إلى غير ذلك...
لكن السؤال: هل صحيح أن العظمة رهينة بالموت انتحارا؟.. أليس الانتحار جبنا وضعفا إنسانيا؟...
أليس لهذا المنظور الرابط بين الانتحار والعظمة تأثير سلبي على المتلقي؟...
ففي قصته (خبرة) ، والتي يقول فيها:
"حل فصل الخريف.. تباعا جفت الأوراق وتساقطت...
وحدها ورقة تمسكت بالبقاء. هادنت الرياح .. قاومت أمطار الشتاء القوية...
حين أزف فصل الربيع.. من جديد ظهرت الأوراق...
مبتهجة تطلعت إليها الورقة المخضرمة، وهي الآن تفكر جديا في نقل خبرتها إليها"..
أمام الموت.. ينبع الأمل.. فيتولد حب الحياة.. ونزعة البقاء.. ويتشبث بهذا الأمل رغم الملمات والمصائب.. وحرقة النفس.. فتحيا النفس ، وتنبعث فيها الحياة من جديد.. ولا يجد الآمل غير التعايش مع محيطه يؤثر فيه ويتأثر به...
4- الغرائبي والعجائبي:
اهتم مصطفى لغتيري بالعجائبي فيقصصه القصيرة.. وهو يعي أن الكتابة العجائبية هي كتابة تحمل شيئا من الحلم، والخارق، والغرائبي:"ويتردد فيها القارئ بين التصديق والتكذيب، قبل أن يسلم بصحة أحداثها الغريبة، لأن الكاتب يتخيل فيها أحداثا ممكنة، ولكنها بعيدة عن الواقع وخارقة للعادة"..
يقول في قصته(برتقالة):"صباحا فتحت باب الثلاجة.. مددت يدي داخلها.. تناولت برتقالة.. متلذذا شرعت أقشرها.. فجأة أمام ذهولي ، تحولت البرتقالة إلى سيارة أجرة صغيرة حمراء.. شيئا فشيئا استحالت دهشتي إعجابا بالسيارة.. بتؤدة فتحت بابها الخلفي.. انبثق منها الكاتب متأبطا أوراقه.. مددت يدي نحوه.. دون تردد سلمني إحداها .. متلهفا قرأتها..إنها قصة سيارة أجرة ، تحولت إلى برتقالة"...
ففي هذه القصة يعمد الكاتب إلى إدهاش المتلقي بغرائبية الحدث...حيث يعمد فيها على الترابط والربط بين الشيء وتحوله..مكونا من خلال ذلك علاقة دائرية.. فالسيارة تحولت إلى برتقالة ، والبرتقالة تحولت إلى سيارة أجرة صغيرة..
ومن خلال هذه العلاقة الدائرية نتلمس أبعاد أدب الخيال العلمي ، الذي يوظفه الكاتب بطريقة ضمنية...
فالتحول من وإلى ...يخلف لدى المتلقي نوعا من الخلخلة الفنية ، والنفسية، ويصبح في حالة اندهاش تام...حيث يجد هذا المتلقي نفسه يتعامل مع كتابة جمالية توحي بالواقع والواقعية...ولكن لا يتحقق هذا الواقع ولا يتم تصديقه إلا بإضافة الطابع الخيالي، والعجائبي.. وتلون الكتابة بالأسطرة والتوقع...التي لا تخلو من توهج كتابة الخيال العلمي، والذي تبرهن عليه هذه التحولات الغرائبية...
وفي قصته(ظل)، يقول فيها:
"تفقد الرجل ظله.. فلم يجده .. عبثا بحث عنه في كل مكان...فجأة تراءى له ملقى في القمامة.. متلهفا دلف نحوه... التقطه .. لمعه جيدا... ثم ألصقه به من جديد"...
نجد هذه القصة تغرق في العجائبي والغرائبي.. وتعطينا صورة لا يمكن أن تتحقق إلا في الحلم...
هذا الطابع الخيالي العجائبي، يجعل القارئ يستجمع كل قواه الواعية للوصول إلى بنية القصة.. وتشكيلاتها الإيديولوجية.. الشيء الذي يدفع به إلى التمعن الجيد في هذا الواقع العجائبي، وما فوق الطبيعي.. مدركا في نفس الوقت أن واقعية القصة ليست في احتمال وقوعها.. ولكن في لا واقعيتها.. وهذا ما يحقق نوعا من الجمالية والفنية.. وبالتالي يصل إلى أن هذه الواقعية العجائبية غير قابلة للإدراك ، ولكنها قابلة للاختلاق ، والإنشاء...
5- القلق الإنساني:
ينبهنا الكاتب إلى سمة مرضية أصبحت تطبع عصرنا الحالي...وهي سمة القلق والتوتر، التي أصبحت ملازمة للإنسان المعاصر.. جراء ما تعرفه حياته من تغيرات، وتحولات.. ومشاكل ، وصعوبات واختلالات...
وهذا القلق يدفع بالإنسان إما إلى الانطواء والعزلة، والاكتئاب، والانكماش النفسي، أو إلى الانفجار والانفصام، والدهان، والتمرد، أو إلى الانتحار.. وهذا نجده في قصة (الخلاص)، حيث دفع القلق بشخصيات القصة إلى الاكتئاب واليأس من الحياة..فالحمامة تتوجه صوب الصياد ليطلق عليها رصاصه..لأنها ترغب في ذلك ... والصياد يستوعب نوايا الحمامة، فيطلق الرصاص على نفسه ليأسه من هذه الحياة...
وفي قصته( كلمة)، والتي يقول فيها..:"مرتبكا انتصب أمامها...
فقط يحتاج كلمة واحدة ليحسم الأمر.. نظر إليها مليا...
استهجن أن تمتلك كلمة واحدة كل هذه القوة... حينذاك استحسن حسم الأمر بكلمتين..
حائرا ظل يبحث عنهما...
عبثا حاول العثور على الكلمتين المناسبتين..
حين يئس من ذلك أشاح وجهه عنها وقد داهمه صمت مقيت"...
وكم هو صعب حينما ينتج عن القلق التردد، والنكوص.. والانتكاس.. الشيء الذي يجعل المبادرات لا تتخذ.. وهذا يؤدي إلى ضعف الشخصية، والشعور بالدونية، والاستصغار.. والخوف ويؤدي كذلك إلى الفشل...
إن عدم الثقة في النفس يتولد عنها قلق عارم.. وهذا ما دفع الشخصية في هذه القصة إلى التردد في أخذ القرار.. فنتج عن ذلك شعور بالحيرة والارتباك، واليأس... وبالتالي غرق في صمت رهيب ، وانطوائية عميقة...
6- الجنون والخوف:
اهتم مصطفى لغتيري في قصصه القصيرة جدان بتيمة الجنون والهلوسة ، والخوف... وما تخلقه كل هذه الأشياء في الإنسان من مظاهر التفكك، والفصام، والدهانية.. والتدهور النفسي الرهيب...
واخطر الجنون ، جنون العظمة لأنه يصيب صاحبه بهلوسة، تجعله يشعر أنه فوق العالم..وأنه أكبر من كل الناس.. وهذا يدفعه إلى الجبروت والطغيان،والبحث عن الخلود الزائف...هذا ما نراه في قصة(المومياء)، حين دفع الغرور بنابليون إلى أن يبحث عن كيلوباترا حتى يخلد اسمه في وجدان البشر، وهو يدري أن زمان كيلوباترا ليس بزمانه...وأن بينهما قرون سحيقة..إنه نوع من الحلم / الجنون الذي يؤدي بصاحبه إلى الخرف،والمهاترة، والجنون...
"في كل خطوة خطاها(نابليون) نحو مصر، ظل يداعب خياله حلم، بأن يعثر هناك على كيلوباترا أخرى، ينسج صحبتها قصة حب تخلد ذكراها في وجدان البشر..
جد نابليون في البحث، ونصب عينيه ما حدث منذ زمن سحيق بين أنطونيو ومعشوقته كيلوباترا...
لم يأل جهدا في سبيل تحقيق مبتغاه.. لكن بعد مدة طويلة من التقصي ، اقتنع أخيرا أن المرء ليس بوسعه السباحة في النهر مرتين.. حينذاك حمل معه مومياء.. وعاد قانعا بغنيمته إلى فرنسا"...
وكثيرا ما يدفع الخوف والهلع الشديد، والكوابيس الليلية إلى الجنون والهلوسة..ففي قصة( كابوس) نقف على معاناة الطفلة.. كلما أغمضت عينيها إلا وهبت فزعة.. وهرولت نحو أمها مرتعشة.. باكية.. لتخبر أمها أن كلبا شرسا يطاردها ويكاد يعضها.. ولما أخذتها إلى فقيه.. وجدت الطفلة في عينيه صورة ذئب.. رأته جاثيا في عيني شخص تعرفه...ارتعبت ...وانطوت على نفسها .. وبدأت في نومها تصرخ مخبرة أمها بأن كلبين يطاردانها...
إن الصورة التي تقدمها هذه القصة، تبين لنا فتاة على حافة الانهيار والجنون...لما تعانيه من أزمات نفسية، وهلوسات ، ناتجة عن مكبوتات تسبب لها كوابيس مزعجة.. تكاد تفقدها عقلها واتزانها...
وفي قصة(سرنمة)، نكتشف أمرا خطيرا، وهو : أن الانفصام، والدهان يؤدي حتما إلى الجنون..
ففي هذه القصة تعيش الفتاة حياتين: حياتها الواقعية والتي تكون في يقظتها .. وحياتها الهلامية.. الوهمية.. والمرضية، والتي تكون في منامها... حيث تقوم وهي نائمة لتفتح النافذة أو الباب ، ويمكنها في نومها وتجوالها هذا أن تتعرض لأخطار مميتة... لأنها تتخيل واقعا وهميا غير حقيقي ، يوجد في عقلها الباطن...
"فجأة غادرت الفتاة مضجعها.. مغمضة العينين قصدت النافذة.. فتحتها على مصراعيها...تسرب داخل الغرة تيار هواء بارد.. بلطف داعب خصلات شعرها، تملكها يقين أنها – لحظتها- على قمة جبل جليدي.. روعة البياض سلبت لبها...
متعجلة انتقلت حذاء التزلج...أوشكت – حينئذ- أن تتزحلق نحو سفح الجبل.. لكن يداها باغتتها، وقادتها بلطف نحو سريرها"..
هناك سؤال يلح دائما وبشدة: هل النشوة والفرحة تؤدي إلى الجنون؟...
إذا كان الجنون في بعض دلالته الخروج عن الاتزان العقلي، وعدم القدرة على السيطرة على الأحاسيس.الانغراق في سلوكات مخالفة للعرف.. ويمجها العقل ، ويرفضها بشدة...فإن السكر الشديد في جانب منه هو نوع من الجنون المتعمد والمقصود...وبالتالي يفعل السكران أشياء يمجها العقل، ويرفضها العرف .. ولا يستسيغها المجتمع...
هذا ما تركز عليه القصة القصيرة جدا(سعادة)، حيث تجد الشخصية في سكرها فرحة لا مثيل لها... وهذا يذكرنا يقول بديع الزمان الهمذاني (ما العقل إلا الجنون).. ولذا هذا الشخص أثناء سكره ، وغياب وعيه، تنحل كل عقده، ويشعر بفرحة عارمة...فهل الإنسان في غياب عقله ووعيه، يفر ، ويتحرر من مراقبة أناه الأعلى الشديدة، والمقيدة لكل سلوكاته؟..
7- الانهزامية:
الانهزامية : الشعور بالخسارة، واليأس في تحقيق تقدم.. وفقدان الأمل، والشعور بالضياع، بالفشل والإحباط والضياع...
وقد وظف مصطفى لغتيري، هذه التيمة في بعض قصص مجموعته (مظلة في قبر)، كما في قصته (الكلب)، والتي يقول فيها:
"أحضر الرجل إلى بيته كلبا...
خوفا من هروبه، أحكم وثاقه...
ثائرا ، غاضبا ظل الكلب يترنح متوترا، وعنه تصدر زمجرة لا تلين حدتها...
ذات صباح ، تأمل الرجل الكلب، فتألم لحاله.
دون تردد عمد إلى فك وثاقه. منتشيا بحريته، انطلق الكلب يعدو في كل الاتجاهات...
بعد لحظات احتجب عن النظر..
لم يمض زمن طويل، حتى عاد الكلب هادئا مستسلما...وأمام ذهول صاحبه توجه مباشرة نحو وثاقه"...
ففي هذه القصة نجد توظيفا للانهزامية..وتتمثل في عودة الكلب إلى وثاقه بعدما هرب عن صاحبه...فرجوعه ناتج عن شعوره بالضياع، والفراغ، ولان لا هدف له في هذه الحياة.. وعبرت بقوة عن ذلك الجملة البؤرة(يعدو في كل الاتجاهات)...
إنه مسلوب الإرادة...يحس انه تابع لسيده، ومستعبد من طرفه..ولا محيص له عنه.. ما دام هذا السيد يؤمن له الطعام والسكن...أي يوفر له أسباب الحياة والعيش...وهذا ما جعله اتكاليا، لا يعرف ماذا يفعل بحريته مادامت نفسه غلفها الشلل واليأس...والإحباط... والاستسلام والقناعة بما أمامه...والرضى بمصيره...من ثمة هروبه باء بالفشل، وكانت النتيجة العودة إلى الوثاق ذليلا...
كما أن قصة (كابوس)، تقدم لنا بعض ملامح الانهزامية.. وتتجلى في موقف الفتاة وصمتها، وسكوتها، وعدم إخبار أمها بالحقيقة التي تسبب لها كوابيس مزعجة...وفضلت الصمت، والعيش مع هذه الكوابيس...
كما أن قصة(كلمة) أيضا نتلمس فيها توظيفا لتيمة الانهزامية.. ويتمثل ذلك في فشل الشخصية في قول الكلمة أمامها.. وخرس لسانها عن البوح بما يشعر به نحوها... فالخجل ، والخوف كبلا لسانه، وجعلاه يشعر بالفشل ، والإحباط واليأس، ما دام الكلام منحسرا في حلقه..وتظهر انهزامية الشخصية جلية في استسلامه لصمت مقيت...
8- الكاريكاتورية والفكاهة والسخرية:
ضمن مصطفى لغتيري بعض قصصه تيمة الكاريكاتورية والفكاهة والسخرية.. وقدم لنا مشاهد تجمع بين عناصر هذه التيمة...
ففي قصته (كلمة) يقدم لنا شخصية/ نموذجا يصورها تصويرا كاريكاتوريا، إذ نراها خجولة، مترددة، مطأطأة الرأس.. ذابلة العينين.. وضيعة النفس...متقهقرة الإرادة ... عي في لسانه ، وانحباس في حلقه...وأمام فشله الذريع في مرامه... ينكمش على نفسه، وينطوي في صمت ثقيل ، وحزن عميق...إنها صورة مأساوية وكاريكاتورية تذكرنا بشارلي شابلين، وصوره البائسة التي تبعث في النفس ضحكا مريرا...وحسرة قاتلة...
وفي قصته (خيانة)، والتي تقول:
"أبدا لم أخن زوجتي. قال الرجل بلهجة واثقة. فحين أختلي بامرأة ما ، أغمض عيني.. أستحضر زوجتي ، فأشعر بأنني في حضنها.
إنني أتمتع بقوة خيال لا تضاهى"...
فالكاتب يقدم لنا شخصية ساخرة، نشتم في كلامها وخطابها نوعا من السخرية، والازدراء، والاستبلاذ للآخر... كما لا يخلو موقفه من فكاهة تبعث على الضحك...
وفي قصة(ادخار)، نجد شخصية كاريكاتورية، يتأسس من خلال سلوكها موقف فكاهي ساخر.. وهو أن هذه الشخصية قررت الادخار لشراء سيارة.. فلما تجمع لديها مبلغ من المال، صرف النظر عن شراء السيارة.. وقرر الاستمرار في الادخار... وهو موقف ينم عن بخل ، وحب للمال، والادخار.. وهذا يذكرنا ببعض المواقف الكاريكاتورية والهزلية لبخلاء الجاحظ، وبخيل موليير...
II- الخصائص الجمالية والفنية في (مظلة في قبر):
تتميز (مظلة في قبر) بمجموعة من الخصائص الفنية والجمالية، والتي تجعل من هذه المجموعة القصصية عملا محرضا على القراءة ، ومشهيا لالتهام سطورها...
ومن هذه الجماليات والفنيات، نجد:
- البعد المكاني للنصوص القصصية:
عندما نتعامل مع المجموعة القصصية (مظلة في قبر) بصريا، فإننا نقف على البعد المكاني لنصوصها.. حيث نجدها تخضع لقانون تشكيلي خطي/ كتابي معين...هو وليد وعي الكاتب الخاص... ورؤيته للصورة القصصية ، والمشاهد المؤلفة للحدث القصصي.. وبالتالي الفضاء المكاني في هذه المجموعة القصصية يمتد ويتقلص حسب الصورة أو المشهد السردي...
هكذا نجد قصص(مظلة في قبر) قصيرة ، وذات حجم صغير لا يتجاوز نصف الصفحة أحيانا ..
وعند وقوفنا على نصوص المجموعة ، نجد التالي:
- 51 نصا قصصيا يتكون من نصف صفحة، مكونة نسبة بلغت 89.47%.
- ستة نصوص قصصية ، تتكون من صفحة كاملة وهي(مترادفات- العش- الأسير- كابوس- صفقة- الغرفة).. مكونة نسبة بلغت 10.52%...
وعندما نقف إلى جدلية البياض والسواد، وامتدادهما ، وتقلصهما.. نجد السطور ، وطول الجملة وقصرها، تلعب كلها دورا أساسيا في هذه الجدلية... والتي تظهر على الشكل التالي:
- نص واحد يتكون من أربعة أسطر (المرآة).
- ثلاثة نصوص تتكون من خمسة أسطر (قمر- الصومعة- كذبة).
- أحد عشر نصا يتكون من ستة أسطر (الخطيئة- النورسة- ديانا- برتقالة- المتشائل- الشبيهة- تجدد- صرخة- الزوج- خيانة- لعبة).
- ثمانية نصوص تتكون من سبعة أسطر(الخلاص- ظل- انقراض- منطق- اختيار- كلمة- بلقيس- دخان أسود)..
- ثمانية نصوص تتكون من ثمانية أسطر(مالك الحزين- المومياء- مبدأ- نيزك- السيدة- رغبة- عولمة- ثورة).
- أحد عشر نصا ، تتكون من تسعة أسطر (عشق- مخاتلة- البهلوان- لحظة سلام- تأهب- خبرة- سعادة- الهدية- ادخار- نظرة- تشبيه).
- ستة نصوص تتكون من عشرة أسطر(الكلب- سرنمة- تحية- اكتشاف- احتمالات-رقصة).
- نصان يتكونان من أحد عشر سطرا (الشيطان- متاهة)..
- ثلاثة نصوص تتكون من اثني عشر سطرا (العش- صفعة- الغرفة).
- نص واحد يتكون من ثلاثة عشر سطرا(مترادفات).
- نص واحد يتكون من خمسة عشر سطرا (كابوس).
- نص واحد يتكون من ستة عشر سطرا(الأسيرة).
هكذا نجد أن النصوص التي تتكون من 12 سطرا ، وأكثر تشغل فضاء صفحة كاملة ، وفيها يمتد السواد ، ويتقلص البياض...
- الشكل الهندسي للقصص:
عندما نتمعن في شكلية القصص القصيرة جدا في المجموعة القصصية (مظلة في قبر)، نجدها تتضمن شكلا هندسيا يأخذ شكل القصيدة الحداثية...ولولا خطابها الذي يغلب عليه التقريرية المباشرة، والسرد المشهدي، لاعتبرنا بعض قصص المجموعة قصائد شعرية لا تختلف عن قصيدة النثر...
وقد جاءت 21 قصة معتمدة شكلا هندسيا يشبه شكل القصيدة. وهي:
( العش- الكلب- عشق- ظل- ديانا- قمر- سرنمة- مخاتلة- تحية- منطق- نيزك- اكتشاف- خبرة- سعادة- عولمة- صفقة- ثورة- ادخار- الغرفة- خيانة- لعبة)...
وقد اعتمدت تقنية الأسطر الشعرية، والقافية الحرة.. وطول وقصر الجملة.. كما نجد في قصة (تحية):
في بيت منعزل خارج المدينة..
كان رجل يتمدد على أريكة....
سمع أزيزا قويا...
خمن أن طائرة تحلق على ارتفاع منخفض..
داخلها يجلس رجل...
حانت منه التفاتة نحو البيت المنعزل...
فكر أن داخله رجلا وحيدا...
ود لو يلقي عليه التحية..
لحظتها ابتسم الرجل..
ورفع يده رادا على تلك التحية)...
- الرمزية:
اعتمد مصطفى لغتيري في كتابته القصصية على الرمز ، لما يوفره من تكثيف الدلالة، وإيحاء، وإشارة..
كما أن هذا الرمز يستعين به الكاتب ليشاكس به القارئ، ويدفعه إلى التأويل، والاستحضار، والتمثل، واستعمال البديهة، وتعبئة موارده الثقافية...أي إنه يجعله مشاركا في بناء قصصية نصوصه، وتشكيل دراميتها... بالإضافة إلى ما يحققه هذا الرمز الموظف من لذة ، وفنية...
ففي قصته (ديانا)، والتي يقو فيها:
"في أعماق قلبها طفقت الأميرة تشيد هرم خوفو... لبنة لبنة...
حين أوشكت على وضع الحجر الأخير، خاتلتها الملكة.. سحبت من قاعدة الهرم حجرا...انهدم البناء ، فتصدع قلب الأميرة.."
ففي هذه القصة اعتمد الكاتب على الرمزية بدل التقريرية والمباشرية. لئلا يسقط في التسجيلية، وتتحول قصته إلى وثيقة أو مقالة إخبارية... أو تاريخية...ولذا عبر عن العلاقة التي كانت بين الأميرة ديانا زوجة شارل ولي عهد انجلترا، ومحمد الفايد ابن الثري المصري الفايد... والتي بدأت تلفت أنظار العالم بنوع من الترميز والرمزية...
لكن عاهلة انجلترا إليزابيت الثانية لم تكن راضية على هذه العلاقة التي تمس شرف وسمعة القصر، والعائلة الملكية...فكان حادث السيارة، والذي أودى بحياة الخليلين...
فالكاتب عبر عن الحب والعلاقة اللاشرعية بين العشيقين ب(هرم)، وعن العشيق المصري ب(خوفو)، والحادثة القاتلة رمز إليها بانهدام البناء، وتصدع قلب الأميرة...
وفي قصته ( قمر)، والتي تقول"قبيل جلائها ، أهدتنا فرنسا قمرا...
تسلينا كثيرا برؤيته... لكن بعد اختفائه، اكتشفنا أنها رحلت...وقد أخذت معها الزر الذي يشعله"...
لقد مزج بين الصورة التاريخية والرمز، دون أن يفقد القصة القصيرة جدا قصيرة جدا في سرديتها،وبريقها...وقد وظف في تقديم بعض المعطيات التاريخية الرمز ليبن السذاجة التي كان يتصف بها المغاربة في الخمسينيات من هذا القرن،حيث كانوا متشبثين بالخرافة، والكرامات، وقداسة الأولياء...وبذلك كان للقمر لدى المغاربة قصة استفادت منها فرنسا كثيرا...وعند الجلاء تركت البلد منهوبا تابعا لها،غارقا في ظلام الجهل والأمية، والأمراض، والفقر...والاستغلال...
والرمز الموظف في هذه القصة، حقق من خلاله تكثيف الدلالة، والإيحائية...ولذا ينبه المتلقي من خلال الرمز الموظف إلى الإحالات التي يرومها معتمدا على استحضار أحداث تاريخية من تاريخ المغرب المعاصر...تمثل في (فرنسا- الجلاء- القمر) ...
- التناص:
إن القصص القصيرة جدا في المجموعة القصصية (مظلة في قبر) لم تأت من فراغ، ولا تتحرك في فضاء هلامي... فهي تتفاعل وتفعل معرفيا وأدبيا.. بما أنها ذات حمولة لغوية وأدبية، وفنية في نفس الوقت... وبذلك هي ليست معزولة ، بل :"الفعل اللغوي (الملفوظات) عندما تتحقق (تخرج إلى العالم)، تخرج أساسا لكي تحاور ، لكي تجابه ملفوظات أخرى.. لكي تفنذ طرحا، وتساند آخر"...
وهذه القصص تحمل في طياتها تفاعلا حواريا لنصوص متعددة وأفكار.. وهذا يدفعنا إلى البحث عن التناصات، أو النصوص الغائبة في هذه النصوص القصصية، لأن التناص " هو آلية ملازمة لأي نص ، كيفما كان جنسه.. وفي كل زمان ومكان..إنه بهذا المعنى فعل لغوي وثقافي مؤسس لعملية الكتابة التي لا تعترف بالحدود الأجناسية".أي إنها كنصوص تندرج ضمن الإنتاجية النصية المرتبطة بالمبادلة بين النصوص ، والإنتاجية:"إذ إنه داخل فضاء النص الواحد نجد عددا من الملفوظات .. إنما أخذت من نصوص أخرى فتقاطعت معه، وتفاعلت"...
والتناص الذي يوظفه مصطفى لغتيري، تناص يتأسس على تقنيتين:
- الاستضمار.
- الاستحضار.
فمجموعة من قصصه القصيرة جدا ، تتضمن حكاية تقوم عليها القصة. فهو يقوم بعملية الهدم أي هدم الحكاية الأصلية ليقيم على أنقاضها قصة جديدة، تتلبس روح وهيكل القصة القديمة...
هذا التضمين يشمل نصوصا تراثية، أو قصة قرآنية، أو حادثة تاريخية، أو مثلا شعبيا يدخل في الموروث الشعبي ، وثقافته...
هكذا يستثمر هذه المرجعيات ليبني عالمه القصصي، بناء فنيا وجماليا...
ففي قصته (مالك الحزين)، نجد فيها تضمينا لقصة (مالك الحزين والحمامة) أو (الثعلب والحمامة) الموجودة في كتاب(كليلة ودمنة) لابن المقفع... لكنه غير ملامح القصة التي بناها على أنقاض قصة ابن المقفع.. وتمثل هذا التغيير في الفضاء الجديد الذي وظفه، وحدده في (مراكش) كفضاء تراثي ليعطي لقصته بعدها التراثي ، ومرجعيتها التاريخية...
كما تمثل التغيير في العبرة التي أخذها هذا المالك الحزين من حكاية سلفه.. وعبر للحمامة الحزينة أن الزمان تغير.. وعليه يجد نفسه مجبرا ألا يتدخل فيما لا يعنيه...
وفي قصته (بلقيس)، نجد استحضارا لقصة سليمان عليه السلام بلقيس ملكة سبأ.. والواردة في سورة (النمل).. قال تعالى:"قيل لها ادخلي الصرح، فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها، قال إنه صرح ممرد من قوارير"...
وقوله تعالى أيضا:"وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين. لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه، أو ليأتيني بسلطان مبين. فمكث غير بعيد. فقال أحطت بما لم تحط به، وجئتك من سبإ بنبإ يقين. إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء، ولها عرش عظيم...وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون"...
فقد اعتمد التناص مع هذه الآيات الكريمات ، موظفا قصة سليمان والهدهد وبلقيس، ليدين التمظهرات الشبقية، الغارقة في الإباحية ، والتي تترصد اللحظة الخفية لاستراق النظر إلى كل ما هو إيروسي ، شهواني...يشعل الجسد نارا...
وفي قصته ( المومياء)، نجد تناصا يتم من خلاله استحضار وقائع تاريخية، وهي الحملة الفرنسية على مصر.. وإخفاء طابعها الاستعماري بالطابع الثقافي والعلمي.. وكانت معركة أبي قير فاصلة ، جعلت نابليون يحصد الهزيمة ويعود إلى فرنسا يحمل خيبته، معه...
نفس الاستحضار التاريخي نجده في (دخان أسود)، حيث نجد استحضارا لحادثة إحراق روما من طرف نيرون ، ليجد الوحي والإلهام لتوقيع ألحانه أمام مشهد النيران وهي تأكل بنايات روما...
كما نجد استحضارا لواقع ما زال يمارس إلى يومنا هذا.. وهو إخبار الناس باختيار البابا الجديد بواسطة الدخان: الأسود إخبار بأن المحادثات ما زالت جارية ، والأبيض(الرمادي) إخبار باختيار البابا الجديد...كما في نفس القصة استحضار لرواية (شفرة دافنشي) ل(داون براون)...
وفي قصة (نورسة)، نجد تناصا من خلاله يتم استحضار الموروث الشعبي، والمتمثل في المثل الدارجي( بلاصتو نبغيها، وبلاصتي نوهبها ليه)أو – كما يقول الدكتور محمد عدناني ( الراكب تيقول مصاب نزل، والنازل تيقول مصاب نركب)...ونفس الاستحضار للمثل الشعبي الدارج نجده في قصة(الكلب)، التي تستند في حكايتها على المثل الشعبي المغربي الذي يقول(جوع كلبك يتبعك)...
كما نجد في قصة (منطق) استحضارا للأسطورة.. فمن خلال اسم هرقل نستحضر أعماله الاثني عشر... وموته الغريب... وكيلوباترا والتي تجعلنا نستحضر قصتها الغرامية مع قيصر الروم ومع قائده أنطونيو...وكيف انتحرت بلدغة الكوبرا عندما جاءتها إشاعة موت أنطونيو ، وهذا الأخير كيف انتحر عندما بلغه نبأ انتحار كيلوباترا...، وهنبعل الذي غزا أوربا بأفياله ولكن خانه الحظ ليفضل الانتحار بالسم عوض استسلامه للرومان...ونيرون الذي أحرق روما ليبدع لحنا خارقا...
وهذا يدفعنا إلى وضع تحديد للتناصات الموظفة في المجموعة القصصية (مظلة في قبر) على الشكل التالي:
1- التناص المعتمد على الاستحضار والاستضمار التاريخي(مالك الحزين- المومياء- قمر- ثورة- دخان أسود)..
2- التناص المعتمد على الاستحضار والاستضمار القرآني(بلقيس- أبراهام).
3- التناص المعتمد على الاستحضار والاستضمار للموروث الشعبي (الأمثال المغربية)(النورسة- الكلب).
4- التناص المعتمد على الاستحضار والاستضمار للتراث العربي(مالك الحزين- احتمالات).
5- التناص المعتمد على الاستحضار والاستضمار الأدبي والثقافي ( الخطيئة- برتقالة- دخان أسود- مخاتلة- البهلوان- احتمالات).
6- التناص المعتمد على الاستحضار والاستضمار للأسطورة والملحمة(منطق- اختيار- كذبة).
- استحضار الشخصيات:
في كثير من قصصه القصيرة جدا ، نجد استحضارا للشخصيات التاريخية أو المعاصرة.. وفي استحضاره هذا نجد خرقا للزمن ، وتجاوز له ، حيث ينقل الشخصيات من زمنيتها الماضية إلى زمنية الحاضر، و يجعل من هذه الاستحضارات ومن الوقائع دلالات وثائقية ، من خلالها يبرهن على حالات الانكسار الحضاري والأخلاقي، والسياسي الذي يحس به ، والذي يمس المنطقة العربية كلها... وينعكس على واقعها ...
فمصطفى لغتيري اختار مجموعة من الشخصيات مستلهما أوجه التشابه بين أحداثها وأحداث العصر وظروفه.. إن سلبا أو إيجابا...
وهذه الشخصيات الموظفة لها دلالاتها الفكرية والنفسية ... يستدعيها الكاتب من ذاكرته، ومن مرجعياته الثقافية، مزاوجا بين السياق والرمز في هذا الاستحضار والتوظيف...
ومن الشخصيات المستحضرة، نجد:
- الشخصيات الأنموذج التاريخي، مثل(نابليون- كيلوباترا- أنطونيو- نيرون- الكرادلة- خوفو- الأميرة- الملكة- فرنسا- هنبعل- بني ساسان- الملك يونان- الحكيم دوبان- الوزير- زوجة الحاكم- وصيفة-)..
- الشخصيات الأنموذج العادي، مثل (الفتاة- السيدة- الجدة- الطفلة- الخادمة- الأسير- الجندي- المولدة- الزعيم- الأب- الابن-)...
- الشخصيات الأنموذج الأسطوري، مثل(هرقل- جلجامش- أنكيدو- طروادة).
- الشخصيات الأنموذج الديني / القدسي. مثل(سليمان- بلقيس- أبراهام- ساراي- نوح- الشيطان).
- الشخصيات الأنموذج الأدبي والفكري. مثل(نيوتن- أحمد بوزفور- أدونيس- الحلاج- أبوحيان التوحيدي- أمبيرطو إيكو).
- الشخصيات الأنموذج التراثي. مثل (الملك يونان- الحكيم دوبان- الفقيه- الصياد)..
- الشخصيات المؤنسنة(أنسنة الشخصيات):
وهي الشخصيات التي أخذها الكاتب من عالم الحيوانات أو النباتات ، وأعطاها خاصيات إنسانية، فجعلها في قصصه تتكلم ، وتفكر، وترى وتحس...ومنها (المالك الحزين- الحمامة- التفاحة- المرآة- العصفورة- الهدهد- الكلب- نورسة- الأسود- الغزلان- القط- العصفور- الفراشة- الورقة – النحلة – الزهرة)... كما في قصته (الشبيهة):
"عبر النافذة تسللت فراشة داخل الغرفة.. في أجوائها حامت فترة من الزمن.. بعد هنيهة حطت على المرآة... باندهاش التقطت عيناها شبيهتها.. ابتهجت .. حركت جناحيها جذلة.. قلدتها الشبيهة .. فجأة سمعت باب الغرفة يفتح، فانتفضت هاربة.. تسللت إلى الخارج.. هناك ظلت عبثا تنتظر شبيهتها.. بعد لحظات أغلقت النافذة.. حينئذ أيقنت الفراشة بألم أن الشبيهة قد هلكت"...
- الوصف المشهدي:
يتميز الوصف بمشهديته، كأنه عين كاميرا تتحرك لالتقاط صور ومشاهد ، كما في قصة (الغرفة)، حيث نجدها تتكون من صور ومشاهد ولقطات ، هي كالتالي:
- اللقطة الأولى: صورة بانورامية لعمارة مقابلة لبيت الشخصية.
- اللقطة الثانية: يشتعل الضوء في الغرفة.
- اللقطة الثالثة : ظهور خيال امرأة من النافذة.
- اللقطة الرابعة: المرأة تعبر الغرفة وتختفي.
- اللقطة الخامسة: ينطفئ الضوء.
- اللقطة السادسة: يشتعل الضوء.
- اللقطة السابعة: ظل رجل يتحرك داخل الغرفة.
- اللقطة الثامنة: ينطفئ الضوء ثانية.
- اللقطة التاسعة: تضاء الغرفة مرة أخرى.
- اللقطة العاشرة: ظل رجل يحمل شيئا ويغادر الغرفة.
- اللقطة الحادية عشرة: ينطفئ الضوء من جديد.
ويعتمد مصطفى لغتيري في وصفه المشهدي على الإيجاز والتكثيف، والاختزال.. وتوظيف الجمل القصيرة، والرمز، والإيحاء والأنسنة.. كما في قصة (الكلب)، و(شبيهة) وغيرها من القصص...
- التكثيف:
أهم ما تتميز به قصص مصطفى لغتيري القصيرة جدا، هو : التكثيف.. وهذا يعطيها توهجها. وفنيتها.. وإشاراتها الخفية...ولذا جاءت في قليل من الكلمات. ولكن تتضمن معاني كثيرة، واستضمارات واستحضارات كثيرة وغنية...وهذا ما قامت عليه قصة(اختيار)، والتي جاءت متكونة من سبعة أسطر و39 كلمة. ولكن حابلة بالدلالات، والاستحضارات، والمتمثلة في (جلجامش)و(انكيدو)و(الأفعى)، لنتبين أن هذه القصة تتطلب من القارئ استحضارا لملحمة (جلجامش) ليقف على الغرض من اختيار الصديق لأن يكون شخصية (الأفعى)...
وهنا نجد الكاتب ينقل التبئير من السؤال عن اختيار الشخصية ، إلى الشخصية المختارة ، هي: الأفعى... لنتمثل دور الأفعى في ملحمة جلجامش، وبالتالي نعرف سبب اختيارها من طرف الصديق الثاني.
ومن هنا نجزم أن مصطفى لغتيري لم يأت بالتكثيف لغرض الإيجاز، والتوهج.. ولكن أتى به وتعمده ليكون وسيلة وأداة لطرح مجموعة من الأسئلة..ويوفر من خلاله انفجارية المعنى... وبالتالي لا تصبح قراءة المتلقي سطحية ، وعفوية وملساء...وإنما قراءة موجهة.. مثيرة للسؤال ، كاشفة عن المخفي في القصة ، وإكمال نهايتها ، والمشاركة في بنائها...ومتفاعلا معها...
صحيح أن التكثيف يوسع من أفق القارئ، ولكن تخيب نهاياتها توقعه وانتظاره...وبالتالي تشكل له صدمة وإدهاشا ، وإثارة تحمله من انتظار إلى مفاجأة غير منتظرة...
هكذا نكتشف مجموعة من الجماليات في (مظلة في قبر)، تتعدد دلالاتها .. الشيء الذي يجعل قصص المجموعة غنية بلغزيتها وذهنيتها، ومفارقاتها...وإدهاشها... الشيء الذي يجعل المجموعة القصصية مجموعة محفزة على القراءة، ومتعددة النوافذ...الشيء الذي يجعل توليد الدلالات حاضرا في كل قراءة...وهذا ما يميز مصطفى لغتيري،ويجعله من رواد فن القصة القصيرة جدا...



#محمد_داني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحاولات تفشل للوقيعة بين الرئيس ودحلان
- في انطلاقة الثورة .. كيف صنعت حركة فتح احترامها بين الجماهير ...
- في ذكرى حرب الفرقان -الرصاص المصبوب-
- هل هناك حرب جديدة على غزة...؟
- غضب من الله .. أطلبوا الرحمة ..!
- نكتفي بالمهرجانات الحزبية في غزة
- الفصائل الفلسطينية تمتلك صواريخ نووية عابرة للقارات.!
- اغتيال ذكرى عرفات في غزة..!
- المجد يركع لهؤلاء الفلسطينيات !
- مرض خطير ينتشر في قطاع غزة..!
- ليبرمان ينطق على المكشوف
- حفل حمساوي في بيت فتحاوي
- التوك توك أصبح في مدارس تعليم قيادة المركبات
- ربع ساعة في غرفة مدير المدرسة
- هل هناك تهدئة أم إدارة صراع مع الاحتلال..؟
- هل ستدخل الجماعة السلفية النظام السياسي الفلسطيني.؟
- من المسؤول عن وفاة زايد في مستشفى الشفاء بغزة؟
- قنابل موقوتة تنفجر وسط غزة.!
- شريان الحياة 4 ستقوده فتح من الضفة إلى غزة
- الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطر !


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد داني - القصة القصيرة جدا عند مصطفى لغتيري