أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - نساء مترو الأنفاق














المزيد.....

نساء مترو الأنفاق


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 3259 - 2011 / 1 / 27 - 12:55
المحور: الادب والفن
    



قلق
أنظر إلى الساعة كل صباح، التاسعة إلا عشرة دقائق، ميترو الأنفاق يأكل الفضاء الباطني، بعد دقائق سيتوقف عند محطتي لأستقل حافلة أخرى نحو مقر العمل. أصغ إلى خطواتها بعد أن يفتح القطار أبوابه، بعد ثوانٍ معدودة تبدأ خطوات امرأة صغيرة الحجم بالركض الحثيث نحو السلالم المتحركة، تركض حتى أثناء تواجدها فوق السلالم تجاه الحافلة المقدر لها أن تحضر في التاسعة تمامًا. أعرف مسبقًا بأن جميع من هبطوا من قطار ميترو الأنفاق سينتظرون على الأقل خمس دقائق قبل حضور الحافلة.

في اليوم التالي، المرأة ذاتها تتأهب لمغادرة القطار قبل المحطة الأخيرة بدقائق عديدة، أعرف وقتها بأن علي مغادرة القطار قريبًا، كأنها ساعة المنبه الخفي، أبتسم لأنني أعرف ما سيحدث بعد لحظات كأننني صاحب كرامة إلهية، أغمض عيني لوهلة بعد مغادرتي للقطار، الخطوات الصغيرة تركض بقلق ومثابرة، تركض فوق السلالم المتحركة نحو الحافلة التي لن تحضر قبل مضي خمس دقائق أخرى. تلهث على الرصيف، تتأهب بقلق محاولة أن تقدر مكان وقوف الحافلة لتهرع إلى أحد الأبواب الأربعة. أخذت لاحقًا أختبئ داخل باحة المترو العليا، لم أعد أراقب حضور الحافلة، لأن حالة القلق الدائمة فوق قسمات وجهها كانت قادرة على إخباري بلحظة وصوله، عندها كنت أتوجه بهدوء إلى مقدمة الحافلة لأصعد بهدوء، كنت أعرف بأنها ما تزال مستمرة بالبحث والركض داخل الحافلة للجلوس في أحد الأماكن الشاغرة وما أكثرها في الصباحات الباردة في أثناء هذا الشتاء القارص.

بين يدي امرأة الأنفاق
ليس من عادتي التحديق في أوجه ركاب الميترو إلا ما ندر، معظمهم منشغلون بقراءة الكتب، بيانات العمل أو صحف الصباح، أحيانًا كنت أحاول قراءة عناوين الكتب فقط لأعرف اهتمامات فئات الشعب المختلفة لأغراض تتعلق بعملي الصحفي والأدبي. جلست إلى جانب امرأة في الثلاثينيات من العمر، كانت منهمكة كالآخرين بقراءة كتاب ما، بدا لي الكتاب مألوفًا للوهلة الأولى، غلافه أزرق هو لوني المحبب، على الصفجة الأخيرة رأيت لدهشتي الشديدة صورتي! إنها روايتي التي أصدرتها قبل سنوات باللغة البلغارية وكتبتها لاحقًا بالعربية تحت عنوان "أرواح لا تنام". ابتسمت، شعرت بالدفء مع أن درجات الحرارة في الخارج في ذلك الصباح الشتوي قاربت ثمانية عشر درجة تحت الصفر المئوي. أشحت بعيني بعيدًا عنها، كانت في تلك اللحظة تمتلك صدى روحي وظلّ قلمي وكان حضوري مزعجًا، حتى أنها تضايقت من نظراتي التي وجهتها لغلاف الكتاب، كأنها تريد أن تقول لي، يمكنك شراءه من المكتبة إذا أردت. وقفت بعد دقائق لمغادرة القطار متوجهًا نحو مكان عملي، لاحت مني نظرة أخيرة لصاحبة الكتاب، كانت غارقة بالقراءة، وكنت أعرف بحكم الزمن الذي قضيته في كتابة هذه الرواية الحدث الذي يشغلها، الألم الذي اعتصرها بمعية بطل روايتي، الحب الذي عصف بقلب بطلة روايتي، البؤس الذي عانى منه أحد رجالات روايتي المدمنين على المخدرات والحبّ. كنت أنا في تلك اللحظة أقف ما بيني وبينها، لهذا سارعت بمغادرة القطار.



#خيري_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق نحو الماضي
- وحدها ابتسامتك تهزمني
- توازن - قصص قصيرة
- انفرط العمر يا وردة
- سقوط القلم
- البيت العتيق
- قهوة العصر وامرأة
- الفاشلون
- ليموناتي الثلاث
- الغرفة البيضاء
- ما قاله صديقي الميت
- أليست هذه الجميلة زوجتي القبيحة؟
- الحبّ وهموم أخرى
- أوقات وردية للقلب
- مهادنة السلطة وانتحار الثروة
- الرسم بالشفاه
- الأدب الهنغاري وقصيدة هنا وهناك
- حين يفتح الشاعر روحه، يدخلها كل شيء إلا فهو فيخرج
- لم تنهِ أغنيتك بعدُ يا ولدي فلا تقطع الوتر!
- هل سبق لك أن هاتفت الموت يومًا؟


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - نساء مترو الأنفاق