أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار عبدالله - على هامش اعلان تشكيل حكومة المالكي: اين -خارطة الطريق-؟















المزيد.....

على هامش اعلان تشكيل حكومة المالكي: اين -خارطة الطريق-؟


نزار عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3258 - 2011 / 1 / 26 - 23:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اثر مخاض طويل اتفقت القوى الطائفية والمذهبية والعرقية على مشروع تقسيم السلطة في العراق حيث تشكلت اخيرا حكومة جديدة-قديمة برئاسة نوري المالكي سميت بحكومة الشراكة الوطنية، تمخض الجبل فولد فأر، فقد ولدت مشوهة بفريق وطاقم ناقص، تتقاذفها الصراعات بين مختلف كتلها على المناصب السيادية والاساسية فيها.
ورغم ذلك فأن ازمة تشكيل الحكومة انتهت وطويت فصل من فصول الصراعات الطائفية والعرقية والقومية بين مختلف مكوناتها، ومعها انهينا للتو مشهدا من مشاهد الصراعات المملة على تقاسم السلطة وامتيازاتها بين اقطاب الصراع الجاري في العراق.
والحكومة المسماة بالجديدة هي الاخرى افراز من افرازات عملية المحاصصة الطائفية والقومية البغيضة، في احسن احوالها تدير دفة الازمة السياسية دون ان تملك المقدرة على حلها واجتثاثها من جذورها، والابواب مفتوحة بوجه كل الاحتمالات بحيث يمكن ان نرجع الى المربع الاول في كل صغيرة او كبيرة! ان حكومة المالكي لم تغير خارطة الوضع السياسي العراقي و"خارطة الطريق" التي وضعت في البيت الابيض (اي تقاسم السلطة بين القوى الطائفية والقومية والمذهبية) بقيت كما هي.
في المقابل لازالت اوضاع الشعب العراقي تراوح في مكانها، لازالت المعاناة جراء انعدام الامن والخدمات والعمل والرفاه تدور، ووضعية الاقصاء والتهميش على اشدها وابواب المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بوجه العمال والكادحين وعامة الشعب مكبلة باقفال الفولاذ، وهم بعيدون كل البعد عن مايجري من صراعات ناهيك عن تفاصيلها.
وصارت حكومة المالكي والقوى الطائفية والقومية المكونة لها في واد بينما تعيش غالبية الشعب العراقي في واد آخر، ويترأى لها كأن الصراع يدور في احد جزر العراق المعزولة عن اليابسة سميت بـ"الارض الخضراء"! وما عليها سوى متابعة مشاهدها وفصولها عبر شاشات التلفزة فقط!
قلما وجدت حكومة معاصرة مثل الحكومة العراقية الراهنة تفضل فرض طوقا من العزلة والانطواء على نفسها وتفصل وجودها عن شعبها وتقطع صلتها به، وتتحول الى كائن غريب اسمى يحكم من اعالي السماء بواسطة جنودها ورسلها وتنفذ مهامها التي غالبا ماتوصف بانها دينية ومقدسة وجبهة ضد الارهاب الذي لادين له كما يقولون!
لاشك بان كل حكومة مهما بلغت من الديمقراطية هي سلطة تحكم فوق الشعب، وانها تتميز بشكل من الاشكال بالعلوية والفوقية وتتمتع بشخصية فوقية مستقلة قائمة بحد ذاتها، الا ان حكومتنا! حطمت الرقم القياسي العالمي لا في تأخر تشكيلها فحسب بل في مدى ابتعادها وفصلها عن عامة شعبها التي يعتبر مصدر سلطانها وشرعيتها. اضحى حكامها سلاطين لايبلغهم احد، قصورهم في طوابق السماوات السبع! وان نزلوا الارض فان الحواجز الكنكريتية تحول بينك وبينهم، يطيرون في الهواء بواسطة جوازاتهم الدبلوماسية وجولاتهم المكوكية ويلزمك ان اردت ان تلتقي باحدهم الوقوف في الطابور (ان كان هناك طابور اصلا !) لمدة شهور او سنين حتى! وفيما بينها فان الصراع على اشده كاننا امام صراع الالهة على العرش في الميثولوجيا والاساطير اليونانية القديمة، منهمكون في مطاردة الارواح الشريرة وفي صراع لانفهمه نحن البشر البسطاء ومفتاح فك الغازه بيد زيوس (الامريكي ) المتربع على عرش الالوهية. ها قد تسببت سنوات العزلة والعيش في بيئة مغايرة عن تغير اشكالهم، اهوائهم والوانهم، سيمائهم على وجهوههم! وقد ادركوا بانهم حكام وميزتهم الاختلاف عن المحكوم، العيش في وسط الطبقة العليا والعالم العلوي يستلزم اتباع تقاليد السلاطين وابداع واختلاق تقاليد وانماط جديدة في الشكل والحركة والتلفظ والتنفس وغيرها بشكل نستطيع ان نميزهم من اول نظرة عن المحكومين وافراد الطبقات المحكومة في العالم السفلي!، تمسكوا بفضيلة البقاء في الجزيرة الخضراء، والابتعاد عن رذيلة المحكومين الذين غالبا ماينظر اليهم بنظرة ازدرائية واستعلائية كانهم قطيع اغنام لاحول له ولاقوة.
السؤال الذي يبادر في الذهن هو ماالذي جعل هؤلاء يمارسون هذه السياسة بمغالاة وتطرف فريد من نوعه في الوقت الذي يشهد التأريخ السياسي المعاصر محاولات ومساعي جمة لرأب الصدع بين الحكام والمحكومين وتمويهه اوحجب الطابع الفوقي والعلوي للسلطة الحاكمه على الشعب؟ ولماذا يتم تنفيذ وتوكيد تلك السياسة بتهور وشماتة وضحك على الذقون؟ الا تكفي معاناة هذا الشعب الكادح والمحروم من التفاتة صادقة ومسعى جاد لتضييق الهوة والاقتراب والاندماج والاحتضان؟ هذه الوضعية تدل قبل كل شيء على ضعف وتشتت وتدني وعي الشعب العراقي الكادح والمحروم، ان جماهير الواد السفلي ضعيفة ومتبعثرة تنظيميا وتفتقد في بعض الحالات اي شكل تنظيمي يعبرعن وجودها وارادتها ويحتوى آلامها ويفرض مصلحتها ويدافع عنها، اغلب الشعب العراقي غير منتمي تتنظيميا وهوغير منتظم في اطار النقابات والجمعيات والاتحادات والمنظمات التطوعية الحقيقية للمجتمع المدني. هذا الفراغ الاجتماعي الهائل سمح لهؤلاء بالضحك على الذقون وحكم الشعب كيفا يشاؤون وبشماتة دون رادع، وببساطة انهم لايخافون من الثورة، وهي وللاسف ليست على الابواب، فوبيا ثورة المحرومين وتنظيماتهم المهنية والمدنية والسياسية لاتقض مضاجعهم، اما الحراك السياسي الاجتماعي والسياسي الشعبي لم يبلغ حدا يهز عرشهم ويهدد مقاعدهم.
وبالاضافة الى ضعف المعارض الراديكالي والثوري فان العراق يمر بحالة غريبة يمكن ان نسميه بحالة اللامعارضة السياسية، لم يسجل العراق اثر سقوط البعث اية معارضة برلمانية– ناهيك عن معارضة برلمانية ذو امتداد شعبي (باستثناء اقليم كردستان العراق الذي انبثقت فيه معارضة اشبه ماتكون بمعارضة قومية ليبرالية تجسدت في حركة التغيير)، في زمن اللامعارضة هذه الذي جئنا به ودخلناه كمفردة جديدة في القاموس السياسي يسعى كل طرف الى المشاركة في مشروع التقسيم والوصول الى السلطة واقتسام الغنيمة! والثقة والامل معدوم في البقاء كقوة معارضة، وبسبب سياسة الاستئثار بالسلطة واحتكارها فان البقاء كمعارضة اضحى سقوطا من السماء! ولذلك نرى بان الجميع هو في صراع مع الجميع، اتحادهم في صراعهم، واجتماعهم في افتراقهم، حصصهم في شراكتهم، وكأي ملكية مشاعة مشتركة فان من يملك الجزء يملك الكل والعكس صحيح ايضا، ولاتسقط حق الملكية هذه الا بازالة الحكومة نفسها. هكذا تحولت حكومة المالكي الى حكومة "شراكة وطنية"، حكومة تفتقر لاية معارضة برلمانية وتستمد قوتها من المحاصصة في كافة مفاصلها وفي اركان سلطاتها الرئيسية (التشريعية والتنفيذية والقضائية).
ولكن لنترك هؤلاء الموتى يدفنون موتاهم، ولنبدأ ببناء الارادة والسلطات الشعبية وتعزيزها واقتدارها، ارادة عامة الشعب العراقي، ارادة العمال والكادحين والمحرومين، ارادة النساء المتحررات والشبيبة المتحررة، هذه الارادة لايمكن التعبير عنها الا في اشكال تنظيمية حقة اي الاتحادات والجمعيات والمجالس واللجان التنظيمية والاجتماعية والتنظيمات المدنية والتقدمية وكذلك في اللجوء الى الطرق الاجتجاجية الشعبية لفرضها..
ان كل نقابة هي سلطة، وكل جمعية تعبرعن سلطة وكل مجلس عمالي او شعبي او لجنة عمالية او شعبية هي سلطة بحد ذاتها، وكل تجمع مدني هو تعبيرعن ارادة وحدوية لمارسة السلطان في حدود اجتماعية وجغرافية معينة. ان تشكل تلك السلطات الاجتماعية وتعزيزها وتفعيل دورها في الحياة اليومية والمهنية والاجتماعية وترابطها في اطار شبكات تنظيمية تطوعية نضالية واسعة لهي خطوة جبارة باتجاه سحب البساط عن سلطة المؤسسات الفوقية والعلوية التي تمارس السلطة والنفوذ باسم الدولة وتجسد البيروقراطية وطمس الارادة الشعبية والقمع والاقصاء. ماان تتشكل هذه السطات الشعبية الحقيقية للتغيير حتى يبدأ فصل جديد من فصول الصراعات الاجتماعية يتمحور حول الحرية والعدالة والمساواة وانهاء الظلم والقمع والتخلف، فصل الصراع الاجتماعي والسياسي على الهيمنة والنفوذ، صراع الاغلبية العمالية والشعبية مع الاقليات الحاكمة المحتكرة للسلطة ولوسائل القمع والعنف.
وفي هذه السيرورة يتحول الشعب الى سلطة (وتكف عن كونه مصدر موهوم للسلطة)، وتحل تلك التنظيمات محل مؤسسات الدولة البيروقراطية المعروفة بسوء الادارة ونقص المعرفة والتسلط، ويتم اقصاء دور الدولة خطوة فخطوة لتمارس تلك المؤسسات والتنظيمات الحكم الذاتي ان صح التعبير، ويتم تقليم اظافر مؤسسات الدولة المركزية المتسلطة واجهزتها التجسسية والهرمية والمخابراتية، ويتحول العمال والكادحين الى قوة اجتماعية قادرة على التحدي، قوة تولد الرهبة في نفوس الحكام وتجبرهم على الخضوع للارادة الشعبية، تولد حالة من ازدواجية السلطات ووضعا ثوريا كفيل بدفع المجتمع العراقي صوب بناء مجتمع مدني متحرر خال من الظلم واللامساواة والقهر.
ان اتحاد الشيوعين في العراق يعتبر نفسه جزءا من تلك السيرورة، سيرورة تحول وتغيير وانتقال السلطة للعمال والمحرومين والكادحين، تحول السلطة بيد الشعب العراقي، انه يصبو ويسعى بشتى الوسائل الى اعطاء زخم لها، انه يرى بان غاية المنظمات السياسية وفلسفتها تحقيق هذا الهدف وليست السعي الى الوصول الى السلطة باسم تمثيل الشعب وغيرها من الادعاءات الزائفة بغية اقتسام السلطة وامتيازاتها، وايجاد آليات جديدة للمشاركة السياسية او اتخاذ تكتيكات سياسية معينة بغية المشاركة السياسية ينبغي ان تخضع لتحقيق هذه الغاية.
هذه هي "خارطة الطريق" بالنسبة لليسار والشيوعيين والتيار الديمقراطي التحرري..
-------------------
** افتتاحية العدد 40 من جريدة بلاغ الشيوعية



#نزار_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهزلة تشكيل الحكومة ومهزلة الانسحاب الامريكي
- ماركس والماركسية
- حوار مع الرفيق نزار عبدالله بصدد الاوضاع السياسية في الشرق ا ...
- مغزى ومدلولات تراجع مستويات العنف في العراق
- عمال شركة نفط الجنوب –تأريخ كفاحي و تجربة للتعلم *
- في الطائفية
- التحديات والاولويات الاساسية للحركة اليسارية والماركسية في ا ...
- حوار فضائية الحزب الشيوعي الايراني (كومةلة تى في) مع الرفيق ...
- حوار مع الرفيق نزار عبدالله بصدد انتخابات كانون اول 2005 ونت ...
- الركائز الاساسية للحركات الاسلامية
- حركة انبثاق حزب العمال الشيوعيين-العراق: الـضرورة والهدف
- ملاحظات على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1483 الخاص برفع العقو ...


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار عبدالله - على هامش اعلان تشكيل حكومة المالكي: اين -خارطة الطريق-؟