أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم عذوف - حكايا من مدينة كلكامش الحلقة 14















المزيد.....

حكايا من مدينة كلكامش الحلقة 14


نجم عذوف

الحوار المتمدن-العدد: 974 - 2004 / 10 / 2 - 08:52
المحور: الادب والفن
    


أوصدت الريحُ أبوابها ، زحفت التكهنات الوهمية نحو أسرة القلق ، ثَّمَ قادمٌ سرابيٌ ينثرُ أقبيتهُ الجانحةُ تحت إنسراح الظهيرة ، تلمُ الغيوم المنفلتةُ أطراف رذاذها المبعثر وترسم على هام الدفلى همسات القطر ، أصواتها المبحوحة بأزيز الاصطدامات تتقاسم صمت الأديم المنخلع . هراء ليالينا المتجمدة يتدفأ بحرارة الترقب .

جاءوا .. جاءوا .. أملٌ يتبع أمل .. حذرٌ يتبع حذر ..
يا كهرمانتي .. عيوننا الشاخصة نحو أفق لا نبصره ، عيوننا المترقبةُ قادمٌ يقتلع خوفنا الدفين طوال السنوات العجاف .. علنا نفتح باب الحذر ونقتنص لحظاتنا التي أهملتها ارتباكات السنوات .. خلف المتاريس يقف الأمل حاملاً سلاحهُ ، عفوية صمتنا أطلقت عنانها باتجاه المطاردة .
أيتها الكهرمانة النرجسية التي أخرجت من داخلنا الخوف ، ها هم يفصحون أن ثمة خيار واحد لبقاءنا ، هو سباباتنا المتوحدة التي يعشقها الزناد .... سَبّاباتنا التي تجمعت ... تجمعت .. فأصبحت واحدة ..
الاتجاهات التي أهملتنا بدأت تبحث عنا .. تجمعنا حول أنفسنا ، رسمنا القادم الأكثر من الخيال ، جمعنا الآمال فأصبحت جبلا نحتمي به من ترحالنا الذاتي .. من سنواتنا المنفلتة .. من همومنا المتلاصقة .. من حطامنا .
يا كهرمانتي .. النداء الذي كان يلتف حولنا .. هو .. :- جاءوا .. من أين لا نعرف .. من هم لا نعرف .. وظلت هذه الكلمة تتردد كثيرا .. جاءوا .. جاءوا .. قادمون .. وصلوا... لا يبعدو سوى بضع الكيلو مترات .. كلها كانت شحذ للشجاعة .. شحذ للانطلاقة الأولى .. للسبابة الأولى التي تعلن بداية النهاية ، هكذا كان الترقب ، هكذا كانت الرؤيا .
في وسط السوق المسقوف الذي يعتبر الشريان الابهر للمدينة ، والذي يحتضن نصفي المدينة كالبطين الأيمن والأيسر ، كان الانفجار الأول ، إنها الطلقة الأولى التي حطمت كل الحواجز ، حواجز الخوف ، حواجز التسلط ، حواجز الدكتاتورية المستبدة .. كانت وكأنها الإشارة الأولى لإسقاط كل الأقنعة المزيفة ، كأنها انهيار النفوس الضعيفة ، هكذا بدأت الحكاية ، سريعة ، خيالية ، انهيارات متلاحقة ، ما هي إلا لحظات وجاءت النداءات متتالية أحدها يتبع الآخر .. نداءات تتسابق نحو ضفة الخلاص والحرية .. وبدون سابق للحدث وبدون تخطيط كان ما كان .
يا كهرمانتي التي تبعث الفرح دوما في دواخل الحكايات ، ها أنت تبعثين الفرح مرة أخرى ولكن أين ، في نفوس الثوار والمجاهدين من أبناء مدينة الجهاد مدينة ( الفالة والمكوار ) مدينة النضال والجهاد مدينة كلكامش ،
الهدف الأول كان مركز شرطة الشرقي ، الشرقي المملوء بالشجاعة والذي يحسب له الحساب ، الشرقي الذي كانت له حكايات وحكايات ، تارة على شكل عنف وأخرى على شكل مزحة ، أطبق الثائرون على أسوار المخفر كعقابٍ يمسكُ على الفريسة ، ماهي إلا لحظات جهادية رائعة وتسقط الفريسة سهلة في شباك الصياد ، فريسة لكنها أية فريسة ، كانت تتبجح بالقوة والعنف وها هي تنهار ذلك لأنها كانت موهومة بقوة لاوجود لها ، قوة مزيفة طالما وجدت لكنها غير موجودة وهذه هي اللحظة التي كَشَفَتْ كل أمورها .
بعد هذا الحدث الأول انهارت كل الحواجز الآخر واحداً تلو الأخر ، فبدأ الغربي الشفاف ، الغربي الذي يتحدث بهمس العاشقين أنْ يخرج من شفافيته وهمسه ليصرخ وبعنف ، نعم بعنف ، لإسقاط كل الأقنعة ، لإسقاط مظاهر الخوف والرعب والدمار ، لإسقاط كل الابتزازات ..
الحيدرية هي أيضا قامت وفتحت صدرها للرصاص ، انه يوم الخلاص يوم لابد منه ، سكتنا طويلا ، عانينا كثيرا ، لابد لنا أن نكون كما قال شكسبير ( نكون أو لا نكون تلك هي العلة يا صاحبي ) .
أيتها الكهرمانة القادمة من علو الآلهة وحاملة على رأسها تاج الجمال الإلهي ، والتي تنظر من فوق أسوار الآلهة إلى كل الأحداث أراك تبصرين ألان كيف هم ، انهم يحملون قلوبهم المؤمنة ، قلوبهم التي تغلي منذُ زمنٍ ليوم الحرية ، يوم التحرر من العبودية والاستغلال .
كانت الأحداث تتوال بسرعة البرق وكان الريح العاصفة تحمل الشرار لكل الاتجاهات وكل الأماكن .. هكذا خرجت القشلة الابن الأصغر للمدينة المقدسة مؤازرا اخوته في الجهاد والانتفاضة لتنقض على الفريسة كالليث الذي أتخم جوعا ، وها هو ألان يواجه فريسته المهزوزة ، فريسته المنهارة القوى .
يا كهرمانتي ألمْ اقل لك إن السبابة واحدة ، ألمْ اقل إن الزناد كان ينتظر توحد السبابة ، وها هي توحدتْ .. كان حاضراً يا كهرمانتي مع الثوار والمنتفضين في غضبهم ، في ثورتهم الشعبية ( لوركا ) انه قادم من ثورته الشعبية الأسبانية ، الكل كان يراقب ويهمس في أذنهم تقدموا ، بود لير ، كافكا ، اراكون ، شكسبير ، غابريل القادم لاتينيته كان يرسم لوحاته الجميلة في ذاكرة التاريخ وكأنه يحمل قلب مدينتنا في روايته ( خريف البطريرك ) وهذه المرة أبطالها هم أبناء كلكامش ومكانها هو الوركاء المدينة المقدسة ، وشخوصها ، حقيقيون ، بسطاء ، رائعون ، عفويين ، لكنهم كانوا يمتلكون شيء واحد ، وهو الأقوى والأروع ، انه التحدي والإصرار ، الأسماء كثر والشخصيات كثيرة ، الأحداث تتوالى ، كلكامش كان حاضرا يرقب أحفاده بنشوة المنتصر ، والى جانبه بطلنا العظيم انكيدو وهو يندفع أمامهم ويشحذ الهمم ، بجسده الضخم ،كان الوركاء خرجت في ذلك اليوم من حلتها ، ارتفعت أسوارها ، نساءها يزغردن بنشوة لهؤلاء الأبطال ، لهؤلاء المنتصرين ، لهؤلاء المجاهدين .
يا كهرمانتي أتعلمين أن المتنبي العظيم كان حاضرا أيضا مع فرسانه ، فرسان الصحراء وهو يتفاخر بهم ..
على قدرِ أهل العزم تأتى العزائمُ .... وتأتى على قدر الكرام المكارمُ
ها هو جمع فتيان المدينة ، مدينتهُ التي حط على امتداتها ، وها هو يعلن التمرد الذي بدأه قبل ألف عام في بادية السماوة .
أتعلمين يا كهرمانتي الجميلة ، يا ملهمة كل حكاياتي ، أن القمامة أصبحت مأوى لجثث طالما حاولت أن تدخل الرعب في قلوب بنات سومر وأطفالها ، الجثث التي أزهقت أرواح الأبرياء من أبناء الوركاء ، إنها اليوم تتعفن في قمامتها .. وقد استقر الأمر في المدينة وانتهى كل شيء .. المدينة التي خرجت لخلاصها مجاهدة ها هي اليوم تخرج لتنظيم شؤون حياتها وامانها واستقرارها .
يا كهرمانتي التي وهبتني إياها آلهة سومر سأكمل لك حكايتي هذه في لقاء قادم فافتحي الواحك واكتب ما تلوته عليكِ من حكاية الجهاد والنضال
حكاية الخلود البقاء كبقاء سومر وأبطالها في ذاكرة التاريخ ، تاريخ العراق المجاهد الذي أغور في زاوية من زوايا تاريخه العظيم أسرد لكي الحكايا تلو الحكايا ، عن ليال الجهاد والبطولة والعنفوان والشموخ ،
هكذا هم أبناء العراق ، أبناء المجد ، أبناء الجهاد ، أبناء علىٍ والحسين ، أبناء المتنبي وكلكامش ، أبناء محمد باقر الصدر وابناء صارم وفهد ،
هكذا هو العراق وهكذا هم أبناءه أبناء كاوا الحداد وكاظم عبد السادة ،
وفي ليل العراق اسرد حكايتي والتقيك مرة أخرى وأنت تكتبين الحكايا كلها .. موعدنا هو العراق ...العراق... العراق ..
يا يومَ وقعةَ زوراء العراقِ فقد .... دُنا الأعادي كما كانوا يدينونا



#نجم_عذوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر لن يحجب ولو كثرة الغيوم
- حلم سومري
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة 12
- خرافة السعلاة تعود إلى الانترنيت
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة 11
- بين اشيائي حروف تحتضر
- زفرة باتجاه المتخفي المعلن
- كلٌ باتجاهِ الاخر
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة التاسعه
- ثَمةَ أشياءٍ تختزلُ الوسادة
- الهطول الاخير للزبدِ البري
- خفايا تَحتَ ظِلالِ الفَجرِ
- تحتَ صوتِها شهوةٍ مهملةٍ
- من يوصد الغفله الى/جمال حافظ واع
- خرافة الريح
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الثامنه
- الحوار المتمدن .. هو الحوار الاكثر بهاءا واكثر اشراقا في زمن ...
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه السابعه
- اقبية المراثي المستتره
- حينما نتشاجر مع القصائد


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم عذوف - حكايا من مدينة كلكامش الحلقة 14