أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام الاعرجي - الجزء السادس من حوار افتراضي في المسرح بين المخرج والمتلقي















المزيد.....

الجزء السادس من حوار افتراضي في المسرح بين المخرج والمتلقي


سلام الاعرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3258 - 2011 / 1 / 26 - 01:18
المحور: الادب والفن
    


بسكاتور الفلسفة الماركسية والمسرح
المتلقي : ألا اني اعلم ان بسكاتور يعول كثيرا على التقنية المتطورة ؟
المخرج : نعم انه يهتم بالتقنيات المتطورة , المكائن والمعدات الضخمة بقصد الاشارة الى اننا قد دخلنا عالما جديدا مختلف تماما عما كانت عليه البشرية انه عصر التكنولوجيا والآلة وقوة العمل وهذا لايعني ان آروين بسكاتور يجد في هذا الاسلوب المنقذ الحقيقي للمسرح من أزمته قدر تصوره ان تلك التقنية قادرة على التعبير عن مفاهيم موضوعات جديدة منسجمة والمرحلة , متمكنة من تحرير واطلاق قدرات الابداع الحقيقية في مسرح العصر الذي يروي حكاية روح العصر .
المتلقي : وهل هذا ما جعله يعتقد ان البديل المسرحي الامثل يكمن في مسرح برتولد برشت الملحمي ؟
المخرج : قد يكون بسكاتور كذلك ألا أن خلق اية مقاربة مواصفاتية او وظائفية والمنهج الملحمي البرشتي سوف لاتكون منصفة او صائبة حتى , ذلك ان الخطاب البرشتي يعتمد نهجا بنائيا بعيدا كل البعد عن بنية الخطاب الملحمي عند بسكاتور .
المتلقي : وانا اجد العكس مستندا في رأي الى مقولة ( اريك بينتلي ) في كتابه نظرية المسرح الحديث , حيث يؤكد ان بسكاتور لا يجد في النص الدرامي أية اهمية ألا بقدر ما يصلح كشواهد وأسانيد , وبرشت كذلك .
المخرج : لا , يمكننا القول ان ثمة مقاربة تكنيكية بين المرحلة التعليمية في منهج برشت واسلوبية بسكاتور وان كان بسكاتور يعتقد في ملحمية مسرحه وهذا ما نتحفظ عليه تماما . ان الموضوع الاساس في مادة مسرحه التاريخ , فهو ضرورة حتمية وخبرات متراكمة ألا أنه يرفض تقديمه سردا حكائيا وقائعيا , فالتاريخ حسب فهم بسكاتور لايمكن ان يكون نتاج الفكر او الوعي او الاهداف الفردية ليقدم على انه دراما فردية كما ان هذه المسميات لاتنتج ولاتشخص او تفرز الكيانات ألأجتماعية فثمة نمط الحياة كما ان الحاجة الانسانية تفرض أنماطا وسياقات علائقية بين الانسان والكيان ألأجتماعي الذي يشكل فيه كيانا عضويا ذو درجة فاعلية معينة من جهة وألأنسان والطبيعة من جهة اخرى .
المتلقي : انك تريد ان تقول ان التاريخ حسب بسكاتور بحث في قانون توافق علاقات الانتاج وطابع القوى المنتجة والتاثير المتبادل بينهما وهذا ما يجب ان يتوفر عليه الخطاب المسرحي ؟
المخرج : التاريخ والسرد من اهم مميزات الرواية ( ملحمة العصر الحديث حسب كوركنيان ) واذا كانت تلك المناطق مناطق تواجد عملياتي بالنسبة لبسكاتور فائها مدعومة بنمط تقني اخترق الشرطيات اللزومية الارسطية البنيوية الكيفية لينتج كيانات عضوية يتعذر خروج خطاب العرض المسرحي دونها بل لايمكن ان يصل او يصدر للمتلقي دونها .
المتلقي : وماذا عن النزعات الفردية والمناجاة الذاتية وألأفراد الابطال والمونولوجات الذاتية ؟
المخرج : يجب ان ترى على المسرح لاان تسمع وتعقب الدوافع حتى مصادرها لتكشف عن وحدتها التناقضية وتشهد الحسم على المسرح او في ذهن المتلقي لافرق , ان تلك الموجودات التقنية تنتمي عضويا الى بنية خطاب العرض ومن اهمها , الوثيقة والشريحة الفيلمية .
المتلقي : تحدثنا كثيرا عن العديد من الاتجاهات الاخراجيى المسرحية واعتقد ان جميعها توقفت عند حدود الادب , او النص المسرحي , ونحن نتحدث الآن عن اللزوميات الارسطية , كل ذلك ولم نؤسس فهما مشتركا لمصطلح الدراما ؟
المخرج : قد نتناول ذلك بالتفصيل الممل عند الحديث عن المنجز البرشتي ولكن بشكل عام دعني اقول لك , ثمة المزيد من القراءات لمفهوم الدراما ’ ولعل اهم ما استوقفني كمخرج مسرحي , مثلا قراءة ( بيتر زوندي ) لمفهوم الدراما , حيث يعتقد انها ظاهرة من ظواهر التاريخ الادبي ووثيقة من وثائق التاريخ الانساني , في هذا الفهم الكثير من المحطات الواجب التوقف عندها اذا ما قوبلة بفهم ( بلنسكي وكوركنيان ) للدراما وهما من اهم وانضج المنظرين السوفييت في مجال الادب والفن , كلاهما يرى ان الدراما توفيق بين العناصر المتعارضة , الموضوعية والذاتية والملحمية والغنائية غير انها مع ذلك ليست بملحمة ولابشعر غنائي ومقابلة هذا الرأي بما يراه هيجل نستطيع ان نستنتج الرؤيا ألأدق لمفهوم الدراما .
المتلقي : وما هو رأي هيجل في الدراما ؟
المخرج : يعتقد هيجل ان الدراما حركة فعل موحدة ومتكاملة بحد ذاتها يقابلها حركة مماثلة من حيث القوة ألا انها على الاتجاه المعاكس مصحوبة بحل حتمي للصراع , ويبقى السؤال الاهم اذا كان بامكان الدراما كحدث في سياقه التاريخي القدرة على دمج واستدراج كل اللحظات التمهيدية المتقدمة لتصبح جزءا لايتجزء من الحدث الدرامي ذاته وهذا ما لم يشير اليه هيجل , فاين سنضع وعي التلقي وما جدوى محاكاة ذلك الحدث ؟ ان اهمية هذا السؤال تكمن في العلاقة والتمييز بين التاريخ والادب !
المتلقي : واذا كانت الدراما محاكاة للحدث في سياقه التاريخي فلماذا الاعتراض على مفهوم هيجل للدراما ؟
المخرج : ايما واقعة تاريخية يتعامل معها الفكر الانساني على انها حدث توفر على زمكانية وماهية حدثية وتنامي ذاتي صرف وقع وانتهى ولا يمكن ان يسترجع حتى تستعاد كامل ظروفه الذاتية والموضوعية في سياقاتها التاريخية واذا كان ذلك ضرب من المحال لأن التاريخ لايعيد نفسه حتى على صعيد الظواهر الطبيعية , لذلك نعتقد ان الفهم الماركسي اكثر موضوعية واكثر انعتاق من اطر تكبل المسرح وتفقده المزيد من الخواص كالمتعة والتعليم والاثارة وتحرير وعي التلقي وثمة المزيد من النتائج الايجابية في المنجز المسرحي .
المتلقي : ولكن هل قعد كارل ماركس للمسرح مثلا ؟
المخرج : ان ماركس لم ولن يقنن ويقعد للمسرح ولم يقترح نموذجا للخطاب المسرحي , الا انه اثار العديد من التساؤلات في ماهية وجدوى الفن , مثلا كيف يمكن ان نصحح نتائج واقعية الحدث ؟ كيف يمكن ان نغلب امكانية التفوق على حتمية الحدث في سياقه التاريخي ؟ لماذا يجب ان يتفوق العنصر السلبي او الايجابي في الصراع ؟ لماذا يجب ان يتوجه الصراع بهذا الاتجاه وليس على وفق مغاير , لماذا يجب ان ننتمي الى صراعات لاعلاقة لنا بها سوى اننا نشكل الحلقة الجديدة في السياق التاريخي كتواصل ؟ كما ان ماركس لم يحكم على طبيعة الفعل او الحدث التاريخي على انه نبيل من عدمه , ثورة الفلاحين في اسبانيا قد يعتبرها ارسطو فعلا منحطا , وقد يجدها هيجل اكثر انحطاطا لأنها خروج على الكنيسة , وربما ما ذهب اليه كوبر نيكوس وغاليلو , الا ان الفهم الماركسي لمثل هذه اللحظات التاريخية المهمة جدا لايخوض في التراكم والنتائج بل يشتغل داخل الاسباب والدوافع .
المتلقي : أعتقد اني صرت اتفهم ما تريده من المسرح وقبل ان اوضح لك ذلك اريد العودة الى بسكاتور كاحد المخرجين اللذين افادو من الفلسفة الماركسية , بمعنى آخر ساذهب الى تبني وجهة نظرك , نكمل الحديث عن بسكاتور , ونخوض في كل المواضيع مع برتولد برشت , ولكن ماذا قصد بسكاتور بألوثيقة والشريحة الفيلمية ؟
المخرج : الوثيقة , قرينة او دال أيقوني او أشاري , سمعي أو بصري , ألا أنه يحيل الى دلالات زمكانية وسياسية وثقافية وربما تتخذ طابعا علاميا توليديا بحكم اتساقها مع نظم علامية اخرى , فالعلم - الراية - مثلا علامة ايقونية اي انه في سياق الاحداث يمكن ان يحيل الى دلالات متعددة رغم ايقونيته , يؤدي المقاتل للعلم تحية التمجيد والتقديس ربما الا انه بالنسبة لأم فجعت بقتيلها ان هو الا دلالالة فناء , وقد يكون بالنسبة لحفار القبور مصدر رزق مثلا , كذلك الحال بالنسبة للمنشور او الاغنية وربما المقطوعة الموسيقية .
المتلقي : وهل سيؤدي الفيلم ذات الوظيفة ؟
المحرج : ليس كل الشرائح الفيلمية , من وجهة نظر بسكاتور , الفيلم الوثائقي , ويعده من اهم عناصر الخطاب المسرحي العضوية منطلق من آلية اشتغاله في بنية خطاب ألعرض المسرحي , نعم لقد اختلف العديد من الباحثين والنقاد في تحديد وظيفته وكيفية اشتغاله , حيث يعتقد البعض منهم ان الفيلم يشكل خلفية سردية للاحداث ويعنى بالتفسير وبالتعليم وخلق المناخ الدرامي بل هو البديل لما لايستطيع الممثلين تقديمه على المسرح , وربما يقوم بمهمة الجوقة او الكورس الاغريقي في السرد وتكثيف الزمان ووصف المكان , والحقيقة ان بسكاتور حمل الفيلم وظائف مهمة منها انه مشارك فعال في بنية الحدث الدرامي فضلا عن انه يمارس وظيفة الايحاء وألأيحاء الموجه على وعي التلقي او كما يقول ( أ. ديمتريش ) في مقاله برشت وعلم الجمال وفن السينما , ان الفيلم يتحول في عروض بسكاتور من مشارك في الحدث التركيبي الى جوقة بصرية , ويساهم مساهمة فعالة في تغريب الشخصيات عبر منهجية الكشف والتعرية التي يستمتع بها المتلقي دون أن ينسى لهؤلاء الابطال المتحركين أمامه مشاهدة هذه الحوادث . وثمة وظيفة أخرى لاتقل أهمية عما سبق , تتعلق بقدرات السينما على تكثيف الازمنة وعرض التاريخ دون روايته , فالسينما تعيد الى المسرح دوره الوجودي الحديث , أي السرعة والتحكم في المكان وهذا ما يؤكده ( جان دفينو ) في كتابه ( سوسيولوجيا المسرح ) . واذا كان بسكاتور يمارس ذلك في خطاب العرض فهو يقارب ( سوفوكليس ) في أوديب ملكا حيث عرض لنا زمنا مزدوجا يتضمن زمنين متوازيين في الوقت نفسه , الزمن ألآني الخاص بتمثيل الحدث الى جانب زمن آخر أنتقائي , ان بسكاتور يكثف الزمن وينتقي من الحدث التاريخي أحداثه الخاصة وذات العلاقة المعلقة على الاحداث الدائرة على المسرح من قبل الممثلين .
المتلقي : ولكن هل أستطاع بسكاتور أن يحقق وظيفة المسرح الذي سعى له عبر عروضه العديدة ؟
المخرج : يرى ( رولاند جراي أن متلقيه العمال يميلون الى ألأكتفاء بتاثير مسرحي خالص ويتصرفون دون اتخاذ قرارات حقيقية لتأسيس وحدة الطبقة العاملة في عالم الواقع ) الا اننا نرى ان قوانين البنى الاجتماعية التحتية لاتستطيع احد مؤسسات البنية الفوقية تغيرها فورا هذا بألأضافة الى ان متلقي بسكاتور كان يمارس اعادة انتاج الحياة وفق قانونها المفترض في خطاب العرض , ذلك القانون الذي ينزع عن المتناقضات سمة التناقض ليؤكد وحدة انسجامها , فهو يبقي على اغتراب المتلقي بعد العرض لكن دون ان يحقق له شيأ من التطهير الارسطي بل أصبح واعيا لأغترابه بعد ان ساهم في اعادة خلق الحياة على وفق قانونها الجديد .
الدكتور سلام الاعرجي



#سلام_الاعرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آليات انتاج الصورة في خطاب العرض المسرحي العراقي بين الديالك ...
- الجزء الخامس ... حوار افتراضي في المسرح بين المخرج والمتلقي
- الجزء الرابع من حوارية افتراضية في المسرح بين المخرج والمتلق ...
- مقر محلية النجف للحزب الشيوعي العراقي يتعرض لأعتداء غاشم
- الجزء الثالث من حوار افتراضي في المسرح بين المخرج والمتلقي
- حوار أفتراضي في المسرح بين المخرج والمتلقي .... ج 2
- حواربين آليات الاخراج المسرحي والتلقي !!!!!
- الحكومة التركية وحتمية الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي دستوريا
- مسرحية الهولندي الجديد : صورة الوجود الانساني المغترب
- النقد بين جلد الذات و تهميش الاخر......ضوء على احتفالية رابط ...


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام الاعرجي - الجزء السادس من حوار افتراضي في المسرح بين المخرج والمتلقي