أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامي الاخرس - هل تتحول تونس لنموذج للشعوب العربية؟!















المزيد.....

هل تتحول تونس لنموذج للشعوب العربية؟!


سامي الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 3256 - 2011 / 1 / 24 - 23:18
المحور: المجتمع المدني
    


هل تتحول تونس لنموذج للشعوب العربية؟! ما حدث في تونس وما يحدث حالياً هو تعبير عن حالة عرضية في التاريخ العربي الحديث، عَبر عن حالة من نضوج الظروف البيئية والثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية مميزة بواقعها الخاص عن واقعها العربي العام، فيما لو استثنينا الخليج العربي كحالة انسلخت عن هذا الواقع نتيجة التطور المصاحب للنهضة الاقتصادية التي فجرتها الثورة النفطية. أختلف كلياً مع الآراء التي تُشخص الأمور بنظرة ضيقة، ومحدودة تُرجع العاصفة الشعبية التونسية بأنها نتيجة حصرية لحالة القمع والاستبداد لنظام زين العابدين بن على، لأن واقع الاستبداد في الوطن العربي لا يتفاوت بل ينتمي لنفس المدرسة، ونفس المعلمين، فهو نظام يدور بفلك منظومة شمولية ذات ثقافة متفقة تقوم على القمع والاستبدا، والفساد، وكبت الحريات، كايديلوجية ثقافية في إخضاع الشعوب، وهو ما يتطلب رؤية تشخيصية أكثر عمقاً وقراءة بأحداث تونس، وما يؤكد ذلك أن هناك حالة حراك( فردية) اتخذت من الشاب محمد بوهزيزي أسوة وقدوة، واستنسخت حرق الجثث كوسيلة احتجاجية، وهي إن عبرت فإنها تعبر عن غوغائية، مبتذلة تعبر عن هامشية التأثر والتأثير، بل والتفكير، فهناك فروقات بين حالة الشاب بوعزيزي الذي ثأر لكرامته بطريقته، فتجاوب معها الضمير الشعبي التونسي مشعلاً شرارة التغيير التي تطورت يوماً تلو يوم بفعل العديد من المتغيرات، إلى أن وصلت لدرجة الانفجار في ذاكرة التمرد، هذه المتغيرات والعوامل ساهمت مع جملة الظروف البنيوية للشعب للمجتمع التونسي في القبض على معصم التمرد، وهي حالة تميزية ميزت الشعب التونسي عن أقرانه في المنطقة العربية. بقراءة منطقية للأنظمة العربية القائمة، نخلص إلى إنها أنظمة ذات بناء اجتماعي وثقافي وطبقي واحد، تنتمي لنفس الثقافة والمدرسة والأيديولوجيا المعتنقة للنظرية الأمنية كوسيلة استمرار، وأوجه الاختلاف فيما بينها تكاد تكون معدومة أو شبه معدومة، وعليه فإن الظروف الأمنية والسياسية في الواقع العربي عامة هي نفس الظروف التي تعيش تحت وطأها الشعوب العربية، ونفس المدرسة التي تتقلد الحكم والسلطة مع اختلاف ظاهري طفيف. ولكن هناك تمايزات على المستويات الأخرى، هذه المستويات تتحكم بها العديد من العوامل الثقافة المكونة للبناء الثقافي الاجتماعي الشعبي، تنتج نسبة معينة من الوعي القادر على التحرك وقطع المسافات المعقدة، وفك طلاسم المعادلة التي تعتبر الحريات وحقوق الإنسان، طرف مؤثر وحيوي في أبجدياتها، وهي جزيئيات هامة من مكونات " وعي التمرد والثورة" لدى الإنسان، وقدرته التعبيرية عن ذاته الإنتفاضية القادرة على التغيير، وهو أحد المسلمات التي لا تحدث دون مقدمات ومناخ يهيء لعملية التغيير الجذرية. بعقد مقارنة ومقاربة سلوكية بين الشعب التونسي والعديد من الشعةب العربية، نستخلص العديد من المفارقات التي ساهم فيها نظام زين العابدين بن على، وأخرى إكتسبها الشعب التونسي من واقعه التاريخي والجغرافي. فتونس بحكم واقعها وموقعها الجغرافي، وتاريخها الحديث تعتبر من أكثر الدول والشعوب العربية التي تأثرت بثقافة الغرب وبواقعه الاجتماعي من خلال الاحتكاك المباشر بالغرب من خلال فرنسا واسبانيا، فانتقلت الثقافة عبر تواتر الأجيال، أضف لموروث الاستعمار الفرنسي ثقافياً واجتماعياً، وهو ما ميزها عن الشعوب العربية الأخرى، ولكي نؤكد ذلك نسوق هذه الرؤية التي تبحث في واقع الجاليات العربية المتمركزة في مناخات عربية، فأي دولة عربية تجد بها جالية عربية كبيرة جداً، هذه الجاليات لا تستطيع إحداث تغيير في المفاهيم الثقافية الاجتماعية كونها تعتاش في بيئة ثقافية عربية تضاهي البيئة الأساسية للثقافة التقليدية، في حين أن الثقافة التونسية تتمحور في الغرب وتحتك بدول أكثر وعي وحرية وتقدم، وديمقراطية فمن خلالها إكتسبت الثقافة التونسية مفاهيم مغايرة للمفاهيم العربية المحيطة بها، مما أحدث لديها التماهي مع هذه الثقافات والتمرد على ثقافة الأمن والخضوع والخوف للشعوب الأخرى، أضف لهذا العامل الثقافي المميز للشعب التونسي عامة، حركة النهضة الفكرية والاجتماعية التي شهدتها تونس شهدت تطوراً على المستوى الاقتصادي، والعلمي، والأمية، والبطالة، والتنمية الاقتصادية، وهي حالة رغم بطئها وقسوتها إلا إنها مميزة عن واقع البلدان العربية الأخرى، باستثناء دول الخليج النفطية. ودلالة على ذلك ما هي النتائج التي نخلص إليها فيما لو عقدنا مقارنة ثقافية بين تونس ولبنان من جهة وباقي الدول العربية من جهة أخرى، سنجد أن هناك تقارب ثقافي اجتماعي كبير بين تونس ولبنان، ومسافة كبيرة بينهما وبين الدول العربية الأخرى. وهو ما يؤكد ما ذهبت إليه بأن الظروف الإنتاجية لمكونات البنية الاجتماعية التونسية تميزت عن المكونات الإنتاجية للمجتمعات العربية الأخرى، وهو ما مثل حالة نضوج شمولية أثمرتتمرداً في مجتمع إكتسب ثقافة التمرد. إذن فالخلاصة العامة تتحدد وفق مقتضيات محددة ساهمت في إرتقاء مستوى المجتمع التونسي استطاعت من خلالها تقليص حجم الهوة والمسافة ما بين الخضوع والإستسلام، والتمرد والثورة شمن السياق العام لحركة التغيير. فالاستعمار بشتى أشكاله وأطيافه يسعى للاستعمار الفكري قبل بسط سيطرته العسكرية، وهي نفس النظرية التي ساهمت في إزهار وتفتح براعم الوعي التونسي ليتمرد ويثور، مع أول شرارة وهو ما لم يتوفر بعد للشعوب العربية التي ترزح تحت نير الأمية، والبطالة، والجهل، والتخلف، والفقر، والخضوع لسياسة الخوف الأمنية مما جعلها تستنسخ الحالة التونسية بشخصية بوعزيزي فقط فأصبحت مقلدة لها بلا وعي أو إدراك للحالة التي عبر بها الشعب جوهرياً عن نفسه وإرادته في تونس، ولا زال يعبر بكل وعي عن إيمانه أن التغيير لا يكمن بالأفراد والأشخاص بل بالنظام كمنظومة أساسية، وما تمرد قوات الشرطة الأخير والخروج بالتظاهرات إلا واقعاً لما جئنا إليه سابقاً في سياق تناول الظروف الممكنة لإحداث التغيير الجوهري. كما يؤكد ذلك حالة الاستهزاء الرسمية المتمثلة بسياسات بعض الأنظمة الرسمية التي حاولت امتصاص حالة الغضب والشحن كمثال الأردن التي سارعت لتخفيض الأسعار ورفع الرواتب، والكويت التي سارعت في منح ألف دينار لكل مواطن، ومصر التي استوعبت 782 خريج في وزارة البترول، مستدركة أن شعوبها تستوعب ذلك نظراً لهامشية أدوات التغيير التي يطمحوا إليها، فأختارت هذه المعالجات والمسكنات التي تمكنها من مخاطبة الوعي الشعبي العام، وهي تدرك أن تلك المعالجات تناسب الوعي والمطالب الجماهيرية الآنية، في حين إنها لم تُجدِ مع مجتمعات أكثر وعي ونضج قياساً بالمجتمعين اللبناني والتونسي على سبيل المثال وليس الحصر. إذن هناك العديد من العوامل التي ساهمت في الحراك التونسي الذي لم يحدث فجأة أو بشكل مفاجئ بل كان ضمن سياق مراحل تتكامل على المستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، فجرها كرامة شخص لتشتعل بأعماق بناء اجتماعي مهيأ للإنفجار والتمرد، وهي الشرارة الأساسية التي لم تنضج بعد في المجتمعات العربية.



#سامي_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تصبح تونس نموذجاً للشعوب العربية؟!
- ثورة(الكفره) في تونس
- ازدواجية الوظائف في الجامعات الفلسطينية لمصلحة من؟
- في غزة الحكومتان وشركة الطاقة تنهبان الموظف
- غرفة عمليات أم مهرجان فضائي يا مقاومة غزة
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وتجميد العضوية ب م ت ف
- عشرون اثنان وعشرون مونديال عربي
- المقاومة الفلسطينية وحالة الاغتراب
- الحرية لمن للأرض أم للإنسان؟
- الشقيري وجدلية م ت ف
- وجهة نطر. المقاومة الشعبية وأسطول الحرية
- أسطول الموت وهزيمة الذات
- الحالة الفلسطينية ما بين السلطة والمعارضة
- الاول من آيار والعمال والأحزاب العمالية
- مكالمة محلية من جهنم لغزة
- المقاومة الشعبية شعار الإجماع الوطني
- التحالفات الشرق أوسطية ما بين التاريخ والحاضر
- الضبياني العروبي والأخرس الماركسي
- حذاري من انتفاضة ثالثة
- الاقطاع الفلسطيني الجديد وتحرير القدس


المزيد.....




- بعد 200 يوم من بدء الحرب على غزة.. مخاوف النازحين في رفح تتص ...
- ألمانيا تعتزم استئناف تعاونها مع الأونروا في قطاع غزة
- العفو الدولية تحذر: النظام العالمي مهدد بالانهيار
- الخارجية الروسية: لا خطط لزيارة الأمين العام للأمم المتحدة إ ...
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بتهمة تلقيه رشى
- أستراليا.. اعتقال سبعة مراهقين يعتنقون -أيديولوجية متطرفة-
- الكرملين يدعو لاعتماد المعلومات الرسمية بشأن اعتقال تيمور إي ...
- ألمانيا تعاود العمل مع -الأونروا- في غزة
- المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل ...
- مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامي الاخرس - هل تتحول تونس لنموذج للشعوب العربية؟!