أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - البيئة العربية في مسرح لوركا الاسباني















المزيد.....

البيئة العربية في مسرح لوركا الاسباني


أحمد صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3256 - 2011 / 1 / 24 - 21:06
المحور: الادب والفن
    


كثيراً ما يعكس الإنتاج المسرحى العالمى فى مناطق كثيرة من العالم بعضاً من الأفكار والعادات والتقاليد المستقاة والمنقولة من بلد لأخر فالمسرح الأمريكى مثلاً عكس فى بداياته الكثير من الأفكار والعادات والتقاليد الأوربية حتى بدت فكرة الذاتية والبحث عن الخصوصية توجهاً للمسرح الامريكى فى القرن التاسع عشر للتخلص من الفكر الأوروبى هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن المسرح العربى أيضاً عكس كثيراً من الأفكار الغربية وذلك من خلال الترجمات والإعداد والاقتباس حتى ظهرت الكثير من المسرحيات العربية وعاءً لكثير من الأفكار الغربية خاصة فى المراحل الأولى من ظهور المسرح العربى فى أعقاب وصول الفرنسيين إلى منطقتنا العربية.
أما عن المسرح الأسبانى فقد عكس الكثير من الأفكار والعادات والتقاليد التى بدت فى مجملها قريبة من التقاليد والعادات العربية، ولعل السبب فى ذلك يعود إلى استمرار حضارة المسلمين فى الأندلس عدة قرون مما انعكس على كثير من قيم هذا المجتمع وعاداته وتقاليده ، وإن حاول بعض الأسبان المعاصرين" التخلص من الماضى وادخال أسبانيا فى أوربا ومجاراة أدباء فرنسا بالذات فيما ينشئون ويكتبون ، وتلك هى الرسالة التى تصدت لها الجماعة التى تعرف فى تاريخ أسبانيا الفكرى بجيل سنة 98 " .
وعلى الرغم من هذا التوجه فلم يحرص كثير من المبدعين والفنانين على تحقيق هذا الأمر، بل أراد بعضهم مثل لوركا العودة إلى " الوراء والتمس وحيه ومادة الهامه من الطبع الأسبانى الأصيل " .
وقد ترتب على ذلك تأثر مسرحه ببعض المؤثرات العربية وبدا للقارئ أو المشاهد وكأنه مسرح عربى .
أما عن أهم ملامح سيرة لوركا فقد ولد لوركا فى الخامس من يونيو عام 1898 بقرية فونينه باكيروس بغرناطة، وكانت غرناطة أوائل القرن العشرين مازالت " تحتفظ بجوها الشاعرى العربى الملهم، تتردد فى جوها ذكريات ما ضيها العربى بكل ما حفل به هذا الماضى من عناصر الشعر وأصداء المأسى " كل هذا كان له أكبر الأثر فى انغماس " لوركا " فى الحياة الشعبية الأندلسية، وإلى اهتمامه بالأغانى والقصص الشعبية، بل أكثر من ذلك تمازجت الأجواء الشعبية بكل ما تعنيه الكلمة من معان مع حبه وعشقه للموسيقى والشعر والمسرح فجاء مسرحه متفرداً بين أقرانه ليس فقط فى أسبانيا، بل فى الكثير من دول أوربا.
يعد " لوركا " أكثر الكتاب الأسبان شهرة ومعرفة خارج أسبانيا وطنه وقد تخطت شهرته أوربا لتصل – كما أعتقد إلى- ما وراء المحيطات فقد عرف فى أمريكا الشمالية والجنوبية، وعرف فى المنطقة العربية وفى بعض بلدان العالم، ويعلل ذلك بقوله " أعتقد أن المسرح بكل صراحة ليس مكانه أن يكون شيئاً أخر غير العاطفة والانفعال والشعر، فى الكلمة وفى الحدث، وفى الإشارة ذلك أن " لوركا " لا يرى فى غير المسرح الشعرى الانفعالى العاطفى المشتمل على كافة عناصر الابداع مسرحاً بحق لذا غلب على مسرحياته واتضح الإنسان بكل ما يحس من مشاعر الحب ، الكره ، الصدق ، الكذب، الانتقام ، الإيثار ، الأمل فى غدٍ أفضل وكلها مشاعر إنسانية لا تخلو مسرحية عنده منها.
وعشق " لوركا " الموسيقى والشعر والمسرح فى خطوات متتالية بدأها بقصائد من الشعر التى لم تكن كثيرة، إلا أنها استقبلت من قبل الشعراء والنقاد بالترحيب وصولاً إلى عام 1927 حيث ظهرت له أعمال شعرية مهمة مثل قصيدة " الغناء العميق " ، " ديوان شعر الغجر " وقد مزج لوركا انتاجه الشعرى بأعمال مسرحية تمثلت فى " سحر الفراشة " 1920 أولى مسرحياته ، وفى عام 1923م كتب مسرحية صغيرة للدمى بعنوان " الطفلة التى تسقى الزهر والأمير الكثير السؤال " وفى عام 1930 كتب مسرحية " الاسكافية العجيبة " وفى عام 1933 كتب " الزفاف الدامى " تبعها عام 1934 بمسرحية " يرما " واختتم هذه الثلاثية بمسرحية " بيت برنارد ألبا " عام 1936 وهى نفس السنة التى قتل فيها.
وفى هذا الصدد يضيف صلاح فضل إلى ما سبق رأيه فى هذه العبقرية النادرة التى تفتحت فى القرن العشرين قوله " ومن هنا أعتقد أنه لابد من اعادة دراسة مفاتيحه الموسيقية والتشكيلية لمعرفة مدى كثافة رموزه الشعرية ودلالة شخصياته الدرامية، ثم يأتى بعد ذلك ارتباطه بغرناطة عروس الأندلس – بعبقها العربى وحمرائها الخالدة وأساطيرها المحببة، وغجرها الرحالين، والارتباط بالأرض من أهم محاور لوركا الدرامية وأغزرها دلالة، خاصة عندما يصبح الإنسان نباتاً من صنع هذه الأرض يتحرق شوقاً إلى التحرير من قيودها العقلية واطارها الصارم فى لهفته للحب والخصوبة والانطلاق" وهو ما اتضح فى مسرحياته خاصة الثلاثية التى تركت بصمات واضحة فى تاريخ المسرح الشعري المعاصر، على أن بعض النقاد الأسبان والبعض من النقاد المحليين ومنهم صلاح فضل استطاعوا أن يرصدوا مرحلة لاحقة كان من الممكن أن تضيف إلى ميراث لوركا المسرحى، وهى المرحلة التى قال عنها صلاح فضل إن أروع أعماله حقيقة هو مالم يتخط مرحلة التخطيط، ما شرع فيه ولم يتمه، الثلاثية المأساوية التى كان بصدد وضعها عن المشكلة الاجتماعية، بعد أن أتم الدورة التراجيدية المرتبطة بالأرض، ولكن القدر لم يمهله حتى يقدم كل عطائه، وتداخلت العوامل الشخصية المرتبطة بحقد الأتراب وحسد بعض الصحاب من صغار الكتاب، مع العوامل الموضوعية المتصلة بانتشار روح الجهل البوليسى والعنف الفاشى والفوضى السياسية فى بداية الحرب الأهلية لتحرم علم الفن والأدب من أنضر العبقريات التى تفتحت فى القرن العشرين" .
وقد أكدت معظم الدراسات النقدية على أهمية مسرح " لوركا " وأشارت إلا أنه فوق كونه كاتبا وشاعراً فهو رسام وموسيقى، وأكد بعض الباحثين " أنه جعل من الشعر الغنائى والمسرح توأمين ، فمسرحه شعر درامى ردد فيه أصداء الغنائية التى خلق منها عالماً مسرحياً متبايناً بشخصياته وصراعه " ذلك أن " لوركا " يذكرنا بالقليل من كتاب المسرح الشعرى العالمى والمحلى أمثال شكسبير، ت. س إليوت ، صلاح عبد الصبور، نجيب سرور وغيرهم، إذ يأتى مسرحه متفرداً بين العديد من كتاب عصره، بل أكثر من ذلك فإن مزجه بين العامية والفصحى والمقطوعات الشعرية من أغانى الميلاد والزواج و"السبوع" والموت كلها جعلت مسرحياته تعكس جوهراً درامياً متميزاً تمتزج فيه الحياة الشعبية الأسبانية بكافة أبعادها الجمالية، بحيث إن القارئ لمسرحه – كما ذكرت – يشعر أنه يعشق التراث الشعبى العربى بكافة دقائقه.
وهذا ما أكده إبراهيم حماده فى حديثه عن تراجيديات " لوركا " بقوله "امتزج الشعر الغنائى بالعناصر المسرحية فى تراجيدياته، وكان يستمد مادة موضوعاته من واقع الحياة الريفية التى نشأ فيها، وتطبع بروحها ، لذا كان التصاقه بثروة بلاده الغنية، الشعبية العريقة ، يهدف إلى البحث عن ذاته هو وعن الروح الأسبانية الخالصة، ومن ثم كانت مسرحياته مكتوبة فى لغة بسيطة ، لأناس بسطاء من الفلاحين، ومصارعى الثيران، ومربى الخيول والغجر" .
إن القارئ لمسرحياته يرى أيضاً سمة غالبة عليها بادية للعيان وهى كونها تتنامى وتتصارع من حيث الموضوعات ومن حيث بنيتها الدرامية وكأننا أمام سيمفونية متناغمة وعلى الرغم من تعدد أدوات العزف فمسرحياته تعكس ركنين أساسيين فى البنية الدرامية إن كل واحد من هذين الركنين لفن الكتابة المسرحية عنده يتمثل فى التجسيد الدرامى – النظام، التراث، الواقع، الجماعة، من ناحية، فى مواجهة الغريزة، الرغبة، الخيال الفردى من ناحية أخرى".
وربما يؤكد ذلك ما تميزت به مسرحياته عندما نقرأها ؛ فالموقف الدرامى عنده يتعمق ويأخذ فى التطور وصولاً إلى تماثل هذا العمق فى كافة مسرحياته، إذ يشير " لوركا " إلى أن مسرحياته تعرض لعالمين متناقضين وعلينا أن نتخلص من أحدهما – وهو اللامعقول المرفوض – لتبقى الحياة هادئة هانئة .
يرى لطفي عبد البديع أن مسرح " لوركا " يعكس ثلاثة أشكال، " أحدها : ما كان من وحى رومانتيكى تغشاه روح غنائية حزينة ويولى فيه وجهه شطر الماضى، وثانيها: ما يجرى مجرى المهازل Las farsas بما فيها من انطلاق ومتعة وهوى وسخرية تحيط بانفعال غنائى مقنع، وثالثها: الدراما فى موضوعها الشعبى الذى يتأتى فيه الشاعر عن الحقيقة ويتوخى الخيال، ومن ذلك مسرحية " عرس الدم " ومسرحية " العقيم " ثم مسرحية " بيت برناردا ألبا".
وهذه الدراسة تتناول الشكل الثالث من أشكال الدراما عند لوركا من خلال مسرحية " الزفاف الدامى " التى لاقت قبولاً واستحساناً عند كثير من الدارسين الذين أكدوا أنها " تعد صورة بلغ تفنن " لوركا " فيها مداه ، فالمناظر لوحات فنية يشترك اللون والضوء والرسم المسرحى فى أعطائها قوة بالغة، والحوار جمل قصار حافلة بالمعانى كأنها إيماءات ، والشعر قصائد طويلة حيناً ومقتطفات قصار حيناً، وأغنيات مهود حينا ثالثاً، وقد نجد فيه أغنيات أطفال وأهازيج شعبية، ولكن ذلك كله محمل بطاقة درامية لا نعرفها عند كاتب آخر " .
أما عن مسرحية " الزفاف الدامى "فهى تمثل تقارب الفكر الأسبانى مع الفكر العربى. ويرى فرانثيسكو أن مسرحية عرس الدم Bodas de sangre هى " مأساة تجريدية لها صفة كلاسيكية تامة: فيها نجد الموت مركزاً بطريقة قوية ، القوى الحاضرة فيها - التى تعمل على قيام واستمرار النظام والتى تعمل جاهدة على فشله – تأتى موزعة فى وضوح تام القضاء حب لا يقمع ومحرم، يوجد فى وسط الثلاثية المأساوية" إن الباحث يختلف مع الرأى السابق على الرغم من اتفاقى مع أن المسرحية هى مأساة تراجيدية إلا أنها ليست تجريدية ذلك أن المؤلف اقترب بأحداثها وشخصياتها وصراعها وحوارها من الواقع اللهم إلا فى الأجزاء الأخيرة عندما انتقل اللحن الواقعى إلى لحن حالم وراء الواقع دون أن تكون المسرحية تجريدية.
وقد لعبت المواهب المتعددة عند " لوركا " دوراً مهما"ً وظاهراً في طبيعة مسرحياته الشعبية، لذلك كتب الشعر والمسرح وأخرج مسرحياته بنفسه مما جعله يتملك قدرة واضحة انعكست على كتاباته المسرحية التى أتاح من خلالها للمخرج - أي مخرج- القدرة على أن يضيف وأن يفسر كيفما يتراءى له دون أن يحجر رؤية المبدع كما سيتضح بالتحليل فيما يتعلق بطبيعة المكان ودلالالته اللونية والبصرية بشكل عام وارتباطها بأجواء المسرحية.
يرى لويس فارجاس أن مسرحيات "لوركا " ملتصقة بتربة أسبانيا لكن موضوعاته شاملة ليس لها زمان ولا مكان ولعلنا اعتمدنا على هذه الرؤية التى جعلت مسرحياته تصلح لأى زمان ومكان خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار انعكاس كثير من القيم العربية مثل قيمة الشرف، النبل، غريزية الأمومة، الثأر وهى قيم عكستها المسرحية.مع تحيات أ.د أحمد صقر ج.إسكندرية



#أحمد_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسرح بين التجريب والعولمة
- في النقد التطبيقي ..مسرح نصرة المرأة
- سينوجرافيا المسرح ..المرجعية النظرية للعرض المسرحي
- آلية التلقي في المسرح ..دراسة في النقد الأدبي والمسرحي
- المسرح وتحديات العولمة
- الأسرة في المسرح الأمريكي المعاصر


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - البيئة العربية في مسرح لوركا الاسباني