أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جورج حداد - لبنان الوطني المقاوم في مواجهة مؤامرة التعريب والتدويل















المزيد.....



لبنان الوطني المقاوم في مواجهة مؤامرة التعريب والتدويل


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 3256 - 2011 / 1 / 24 - 21:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


قبل نهاية الحرب العالمية الثانية، حينما لاحت معالم هزيمة المعسكر الفاشي، وقبل ان تجف دماء عشرات ملايين القتلى من الجنود في ساحات القتال والمدنيين في مختلف البلدان، كانت الامبريالية الاميركية ـ الانغلو ـ ساكسونية / اليهودية ـ الصهيونية، قد بدأت تخطط للهيمنة على العالم من جديد وبأشكال "دمقراطية" و"حقوقية" جديدة. فطلب الدهقين الامبريالي روزفلت من خائن الشيوعية ستالين توقيع "اتفاقية يالطا" لتقاسم النفوذ العالمي، فولدت تلك الاتفاقية المشؤومة التي قررت مصير العالم للخمسين ـ مائة سنة القادمة.
وما ان وضعت الحرب اوزارها حتى تم تشكيل "المحكمة الدولية" (في نورنبرغ اولا) و"هيئة الامم المتحدة" و"الحلف الاطلسي" و"الاتحاد الاوروبي" و"جامعة الدول العربية" و"البنك الدولي" و"صندوق النقد الدولي"، وغيرها من الهيئات والاحلاف والمؤسسات السياسية والحقوقية والعسكرية والاقتصادية ذات الطابع "العالمي" و"الاقليمي" المستقل شكليا عن الادارة الاميركية، وذلك بهدف رئيسي هو فرض الهيمنة الاستعمارية والامبريالية على العالم من جديد باشكال "شرعية" و"حقوقية" و"دمقراطية"، وقمع وتأديب الشعوب والبلدان التي لا تخضع للهيمنة، باسم "الشرعية الدولية" و"حقوق الانسان" و"حقوق الامم" و"السلام العالمي"، طبعا ... "السلام" الذي تستظل به الامبريالية العالمية!
قبل ذلك كان نظام الانتداب الاستعماري لبريطانيا وفرنسا، بعد الحرب العالمية الاولى، قد نجح (بموجب اتفاقية "سايكس ـ بيكو") في تقسيم المنطقة العربية الى دويلات تابعة وخانعة، الا انه فشل في اقامة دولة اسرائيل، بالرغم من صدور "وعد بلفور" المشؤوم.
وكانت السلطة السوفياتية الناشئة عن ثورة اكتوبر الاشتراكية (1917) بقيادة لينين هي اول من فضح اتفاقية سايكس ـ بيكو وسمتها "اتفاقية اللصوص الاستعماريين"، فجاء توقيع الخائن ستالين على "اتفاقية يالطا" (من وراء ظهر الشعوب السوفياتية والحركة الشيوعية العالمية) ليثبـّت المنطقة العربية بوصفها "منطقة نفوذ" غربي امبريالي ـ صهيوني، وبالتالي ليثبّت "شرعية" "اتفاقية سايكس ـ بيكو" و"وعد بلفور"، وهو ما يتغاضى عنه بل ويدافع عنه الستالينيون الانذال (وورثتهم الاكثر نذالة: الخروشوفيون والغورباتشوفيون) العرب واليهود.
وجاء نظام "الشرعية الدولية"، المؤسس بموجب "اتفاقية يالطا" بعد الحرب العالمية الثانية، ليسد "ثغرة" عدم استكمال "اتفاقية سايكس ـ بيكو" بتنفيذ "وعد بلفور". وتم ذلك على مرحلتين:
الاولى ـ في 29 تشرين الثاني 1947 اصدرت الامم المتحدة القرار ذا الرقم 181 والقاضي بتقسيم فلسطين واقامة الدولة اليهودية المشؤومة. وحصل القرار على موافقة قيادة الاتحاد السوفياتي والدول الدائرة في فلكها، ونال 33 صوتا من اصل 56 اي اكثرية ثلثي الاصوات المطلوبة. والدولة "الشيوعية" الوحيدة التي امتنعت عن التصويت حينذاك هي يوغوسلافيا. وقد حصلت يوغوسلافيا لاحقا على "العقاب اللازم"، فتم تفتيتها وشرذمتها وضرب وسحق صربيا في نهاية القرن، وتحولت يوغوسلافيا من اكثر البلدان تقدما في البلقان الى احد افقر بلدان اوروبا والعالم. وصوتت ضد القرار 13 دولة هي الدول العربية والاسلامية بالاضافة الى كوبا واليونان.
الثانية ـ في 14 ايار 1948 اعلن "المجلس اليهودي الصهيوني" قيام دولة اسرائيل. وهبت جماهير الشعب الفلسطيني لمقاومة الواقع المأساوي الذي يراد فرضه عليها. وبدأ المتطوعون الشعبيون العرب بالتدفق الى فلسطين للقتال ضد الغزاة الاستعماريين اليهود. وكان هناك احتمالات كبيرة، وبمعزل عن النتائج العسكرية الفورية، ان تتخذ المواجهة طابع حرب شعبية عربية طويلة الامد ضد اليهود الصهاينة (التقليديين و"التقدميين") والدول الاستعمارية الداعمة لهم، مما كان من شأنه إلهاب المنطقة كلها وقطع الطريق على قيام اسرائيل وزعزعة واسقاط الانظمة العربية السايكس ـ بيكوية. وهنا، وبايعاز وبالتوافق مع ارباب "اتفاقية يالطا" بمن فيهم "ستالين العظيم!"، تدخلت "جامعة الدول العربية" للقيام بالدور المنوط بها، وهو تثبيت وجود اسرائيل واضفاء الطابع "الدولوي" على الصراع العربي ـ الاسرائيلي لمنع الجماهير الشعبية الفلسطينية والعربية من القيام بدورها التاريخي الا من خلال قرارات الانظمة العربية وخططها المشبوهة والخيانية. وفي ظل الاعلام العربية الملونة والخفاقة، وقرع الطبول والزعيق والشهيق والنهيق، كان دور "جامعة الدول العربية" يتمحور فيما يلي:
ـ1ـ محاصرة وافشال وكسر الاندفاعة الشعبية الفلسطينية والعربية ضد المستعمرين اليهود الفاشيين، ودعوة الجماهير الفلسطينية الى الرحيل "مؤقتا" بانتظار ما تفيض به قريحة الملوك والرؤساء العرب. (في مذكرات منظمة التحرير الفلسطينية عن تلك المرحلة ان القوات الشعبية الفلسطينية كانت تحاصر تل ابيب نفسها وتقطع عنها المؤونة وكانت في صدد ان تقطع عنها المياه، وكانت بلدية تل ابيب اليهودية تبحث في سبل وشروط الاستسلام، حينما جاءت الاوامر العسكرية "العربية" للقوات الشعبية الفلسطينية بفك الحصار عن تل ابيب وتسليم المواقع للقوات "العربية". والنتيجة طبعا معروفة!)
ـ2ـ وضع الحواجز والعراقيل وحوك المؤامرات ضد اندفاع الجنود والضباط العرب الشرفاء لخوض قتال حقيقي ضد العصابات اليهودية الفاشية، وتحويل الحرب النظامية "العربية" الى وسيلة للاثراء غير المشروع والى مسرحية حرب، هدفها الاقرب تثبيت اركان الانظمة العربية، وهدفها الاساسي والابعد تنفيذ "وعد بلفور" الذي عجزت الانظمة السايكس ـ بيكوية عن تنفيذه سابقا. (وكل قصة حرب 1948 ـ 1949 هي مجموعة فضائح صالحة فقط للافلام "العربية" الرخيصة: مسرحية "ماكو اوامر" العراقية؛ مسرحية "الاسلحة الفاسدة" المصرية، وعن هذه المرحلة يقول جمال عبدالناصر في كتابه "فلسفة الثورة": "كنا نحارب في الفالوجه والعدو في القاهرة"؛ مسرحية الحرب على الحدود اللبنانية، حيث يقول العميد المتقاعد د. امين حطيط في احدى مقابلاته الاعلامية ان الجيش اللبناني كان قادرا ـ بعد السيطرة على المالكية في ايار 1948 ـ ان يشق طريقه نحو بحيرة الحولة، وان يحرر "القرى السبع" التي استولت عليها اسرائيل وهي تدخل ضمن الحدود اللبنانية بموجب تقسيم 1923، ولكن "حكمة ما!" حالت دون هذا التطور للاحداث، وخلال الهدنة حشدت اسرائيل قوات جوية وبرية كبيرة، واسترجعت المالكية).
لا يمكن لاحد ان يرجع عجلة الزمن الى الوراء، ومن شبه المستحيل ان نتصور كيف كان سيكون عليه وضع المنطقة العربية لو ان الدول الاستعمارية استطاعت بعد الحرب العالمية الاولى تنفيذ "وعد بلفور" واقامة دولة اسرائيل جنبا الى جنب اقامة الكيانات السايكس ـ بيكوية العربية. والواقع ان هذه الكيانات ذاتها لم تقم برضى واختيار و"حق تقرير المصير" للجماهير العربية، بل قامت بقوة السلاح الاستعماري (سحق الجيش العربي في ميسلون في 1920، قمع ثورة العشرين في العراق، اجهاض وقمع ثورة 1919 في مصر، القضاء على ثورة الريف في المغرب في 1925، ثم القضاء على الثورة السورية الكبرى في 1925 ـ 1927 التي امتدت الى الجزء الشرقي الجنوبي من الاراضي اللبنانية، قمع ثورة 1936 ـ 1939 في فلسطين، وغير ذلك من الاحداث). وظل "وعد بلفور" وقيام اسرائيل ينتظر التنفيذ لما بعد الحرب العالمية الثانية والهولوكوست وانشاء "جامعة الدول العربية". ولكن الجسم اليهودي الصهيوني ظل جسما غريبا غير قابل للزرع لا بالتضليل ولا بالمال ولا بالقوة في الجسم العربي. وهذه مشكلة كبرى للامبريالية العالمية برمتها، التي انقلب عليها سحر الساحر، فبدلا من ان تكون اسرائيل اداة اقليمية مجندة في خدمة الامبريالية العالمية، اصبحت الامبريالية كلها مجندة في سبيل تثبيت وجود اسرائيل، واصبحت مسألة وجود او عدم وجود دولة اسرائيل معادلة لمسألة وجود او عدم وجود الهيمنة الامبريالية اقليميا وعالميا. ويعود ذلك الى التدامج العضوي بين اليهودية (التوراتية + الشعبوية + الرأسمالية المنحطة) وبين الصهيونية، من جهة، والتدامج العضوي بين الصهيونية وبين الامبريالية من جهة ثانية.
بالمقاييس العسكرية العادية لم تكن حرب 1948 ـ 1949 من الحروب الكبيرة اقليميا وعالميا، ولكنها بما اسفرت عنه من تمزيق فلسطين وتشريد الشعب الفلسطيني والسعي لطمس ودوس الهوية القومية والدينية له، فضحت وكشفت نهائيا نية الامبريالية العالمية في تمزيق الامة العربية وطمس ودوس هويتها القومية والدينية كشرط مسبق لفرض الهيمنة الامبريالية الشاملة والدائمة على المنطقة والعالم. وقد ادى ذلك الى حفر هوة سحيقة من عدم الثقة والعداء بين الامبريالية والصهيونية العالمية وبين الشعوب العربية. واتخذ الصراع الطابع الوجودي التناحري التالي:
ـ ان تحرر واستقلال اي بلد عربي اصبح مشروطا بالكفاح لاجل القضاء على دولة اسرائيل.
ـ ان تثبيت هيمنة الامبريالية والانظمة السايكس ـ بيكوية العميلة على المنطقة والعالم اصبح مشروطا ليس بتثبيت وجود الدولة الاسرائيلية فقط، بل وبـ"أسرلة" المنطقة، اي فرض الاحتلال والهيمنة الاسرائيلية المباشرة على شعوب وبلدان المنطقة بما في ذلك على الانظمة السايكس ـ بيكوية العميلة، ثم تمزيقها وتفتيتها الى ما لا نهاية وتحويل الامة العربية الى كتلة بشرية سديمية بلا هوية وطنية او قومية او دينية يتمحور وجودها على التحول الى عبيد رخيصي الاثمان يعملون من اجل اللقمة فقط في خدمة طواغيت الامبريالية العالمية وابناء "شعب الله المختار" اليهود السفلة "التوراتيين" والصهيونيين.
XXX
ان التجربة السياسية في لبنان هي مثال نموذجي للوضع الستراتيجي المشار اليه آنفا، الذي خيم على المنطقة بمجملها بعد حرب 1948 ـ 1949 واقامة دولة اسرائيل المشؤومة:
ـ1ـ في سنة 1949 بدأ التيار السياسي "الانعزالي" والموالي للغرب في لبنان في التطبيق التدريجي لسياسة "أسرلة" لبنان وتحويله الى قاعدة مالية وسياسية وعسكرية للغرب الامبريالي والى حليف ضمني لاسرائيل: فتم اعدام المفكر النهضوي الكبير انطون سعادة ومطاردة القوميين السوريين، كمؤشر على رفض الانتماء العروبي الشعبي للبنان وكعربون تقارب مع اسرائيل؛ وتم حل الحزب الشيوعي اللبناني الذي كان يتزعم الحركة المطلبية العمالية والشعبية، لكسر شوكة تلك الحركة وفرض التوجه الرأسمالي المتوحش للنظام اللبناني؛ وتم تحويل لبنان الى مزرعة يسود فيها الفساد والصفقات المشبوهة ونهب الاقتصاد الوطني كجوائز ترضية للطبقة المتسلطة؛ وبدأت المباحثات السرية والعلنية الحثيثة مع الدول الاستعمارية ومع تركيا لتدويل لبنان وتحويله الى قاعدة استعمارية مكشوفة، وتوج ذلك كله بالاتصالات المكثفة التي بدأت في مطلع الخمسينات بين اسرائيل وبين حزب الكتائب اللبنانية وعلى رأسه عائلة شيخ الخونة بيار الجميل (الجد) لتحويل لبنان الى منطقة نفوذ اسرائيلية تمهيدا لتحويله الى محمية اسرائيلية.
ـ2ـ قبل العدوان الثلاثي على مصر في 1956 وفي عهد رئيس الجمهورية العميل الكبير كميل شمعون بدأ العمل بشكل محموم لضم لبنان الى حلف بغداد والحلف التركي ـ الباكستاني. وللتوصل الى هذه الغاية بدأ الشحن الطائفي في لبنان وتدريب قوات تابعة لحزب الكتائب وقوات تابعة لكميل شمعون (ما سمي لاحقا "النمور الاحرار") في الاردن وايران الشاه، وبدأت الاموال السعودية تتدفق على العملاء في لبنان من مختلف المشارب والمذاهب؛ ولاستكمال هذا المخطط طرحت مسألة التجديد لكميل شمعون خلافا للدستور اللبناني؛ ولكن كل هذه المساعي باءت بالفشل امام الانتفاضة الشعبية في 1958، حيث اضطر كميل شمعون للتنازل، وبرزت الحركة الوطنية اللبنانية بزعامة كمال جنبلاط بوصفها قوة شعبية مناضلة يستحيل التغلب عليها بموازين القوى الداخلية فقط، والاقليمية فقط، مهما حصل الجناح الانعزالي والعميل في لبنان على اشكال ووسائل الدعم السياسية والمالية والتسليحية والمخابراتية؛ واضطر نظام كميل شمعون العميل (وتحت شعار: التعريب) لطلب النجدة من حلف بغداد، وتحديدا من النظام الملكي العراقي، فتم تجميع قوات خاصة من الجيش العراقي للتوجه الى لبنان لاجل سحق الانتفاضة الشعبية فيه؛ ولكن قوات الجيش العراقي برهنت عن وطنيتها وعروبتها المعادية للاستعمار، حيث ان القوات المعدة للتوجه الى لبنان هي التي بادرت الى تفجير ثورة 14 تموز 1958 في العراق، وقامت الجماهير الشعبية العراقية الغاضبة بسحل العملاء نوري السعيد وعبدالاله وفيصل الثاني في شوارع بغداد الابية؛ وحينما سقط شعار "التعريب" الاستعماري، طرح على الفور شعار "التدويل" ونزلت قوات المارينز الاميركية والاسطول السادس في لبنان، لاجل لجم الانتفاضة الشعبية الوطنية فيه، وللوقوف بوجه "تطورات غير مرغوبة" للثورة العراقية وامكانية امتدادها الى الاقطار العربية الاخرى، وخاصة البلدان النفطية في الخليج؛ وتحت تأثير النفوذ المصري (الناصري آنذاك) في لبنان، والمفاوضات السرية الاميركية ـ المصرية، تم تجنب وقوع الصدام المسلح بين الانتفاضة الشعبية الوطنية اللبنانية وبين قوات المارينز، وبنتيجة اتفاق سري اميركي ـ مصري تم رفض التمديد لكميل شمعون و"انتخاب" رئيس جديد للبنان هو الجنرال فؤاد شهاب الذي اجتمع به الرئيس جمال عبدالناصر في خيمة منصوبة على خط الحدود بين لبنان وسوريا (الاقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة حينذاك)؛ وتم انسحاب قوات المارينز "سلميا" الى السفن الحربية الاميركية التي كانت تملأ المياه الاقليمية اللبنانية، ولكن منذ ذلك الحين، ولاكثر من عشر سنوات لاحقة، وضع لبنان تحت وصاية مزدوجة للسفارتين الاميركية والمصرية، واصبح السفير الاميركي ـ ولا يزال الى الان ـ يتصرف في لبنان كمفوض سام يتصل بمن يشاء، في اي وقت يشاء، ويتدخل في الصغيرة والكبيرة في لبنان.
ـ3ـ كان وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان وضعا مأساويا للغاية، سياسيا وانسانيا وامنيا، حيث كانت المخيمات اشبه شيء بمعسكرات اعتقال جماعية يتحكم ويستبد بها رجال الامن والدرك. وباستثناء بعض الرأسماليين والبرجوازيين الفلسطينيين، وخصوصا من المسيحيين، الذين حصلوا على الجنسية اللبنانية وانخرطوا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، فإن "الفلسطيني" كان مهدور الحقوق تماما ومستباح الكرامة تماما في لبنان، وكانت كلمة "فلسطيني" وحدها بمثابة "تهمة"، ككلمة "زنجي" او "لاتينوس" او "مسلم" او "عربي" في اميركا. وطبعا ان هذا لم يكن موقف القوى والجماهير الشعبية الوطنية والتقدمية اللبنانية، بل موقف النظام الرسمي والقوى الانعزالية والعميلة في لبنان، مع الدعم الضمني والتغاضي العلني لانظمة "جامعة الدول العربية" وسفاراتها في لبنان التي كانت تتسابق لاظهار دعمها للنظام اللبناني ولقوى اليمين الانعزالية والعميلة للغرب في لبنان وعلى رأسها حزب الكتائب اللبنانية (وتفريخاته) الذي كان ـ ولا يزال ـ "الابن المدلل" لاميركا واسرائيل والسعودية ومشيخات الخليج، معا.
ـ4ـ ومع انطلاق الكفاح الفلسطيني المسلح ضد اسرائيل في مطلع 1965، وخصوصا بعد انكشاف تهافت الانظمة العربية (بما فيها ما كان يسمى "الانظمة الوطنية والتقدمية") في هزيمة حزيران 1967، بدأت الحركة الوطنية اللبنانية بزعامة كمال جنبلاط تتحرك بفعالية اكبر. وقد تجلى هذا التحرك بشكل ملحوظ في اتجاه رفع الظلم وكسر طوق العزلة المفروضة على المخيمات الفلسطينية، كما في اتجاه طرح القضية الفلسطينية من جديد على نطاق شعبي واسع والمطالبة بفتح الحدود امام العمليات الفدائية ضد اسرائيل والمشاركة الفعالة فيها.
ـ5ـ كما شهدت هذه المرحلة قدوم الامام موسى الصدر الى لبنان واقامته وبداية نشاطاته الدينية والاجتماعية والسياسية فيه، مما يمثل منعطفا كبيرا في حياة الطائفة الشيعية خاصة، وفي الحراك الوطني والشعبي والحياة السياسة في لبنان عامة.
ـ6ـ وفي هذه المرحلة ارتكبت قوات النظام اللبناني والقوات الانعزالية اللبنانية العميلة عدة مجازر ضد القوى الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية، منها:
ـ مجزرة مجدل سلم ضد الفدائيين الفلسطينيين في اواخر 1968،
ـ ومجزرة 23 نيسان 1969 التي سقط فيها اكثر من 30 شهيدا خلال المظاهرات الشعبية لتأييد العمل الفدائي الفلسطيني،
ـ ومجزرة "كوع الكحالة" في 1970 حينما كمنت "القوات اللبنانية الكتائبية" و"النمور الاحرار الشماعنة" لموكب جنازة فلسطينية كانت متجهة الى الاردن واوقعت في موكب المشيعين عشرات القتلى غيلة وغدرا وقد شارك العميل المجرم بشير الجميل شخصيا في هذا الكمين، وهذا ما نشرته جريدة "السفير" لدى توقيف بشير الجميل على احد الحواجز الفلسطينية في مخيم تل الزعتر بعد فترة من المجزرة وقيل يومها انه وجد في صندوق سيارته رأس بلا جسد لمقاتل فلسطيني، ولكن مكتب بشير الجميل صوّب هذه المعلومة كما يلي (راجع الرابط التالي:
http://www.assafir.com/MulhakArticle.aspx?EditionId=910&MulhakArticleId=21273&MulhakId=686 ).
ـ7ـ وبعد مجزرة ايلول الاسود 1970 ضد المقاومة الفلسطينية في الاردن، قرر اجتماع قمة الجامعة العربية الذي عقد (حينذاك) في عمان ابعاد قوات المقاومة الفلسطينية الى لبنان. وكانت الفحوى الحقيقية لهذا القرار افساح المجال للقوات الانعزالية اللبنانية بالتوافق مع قوات النظام الرسمية بالاجهاز على قوات المقاومة الفلسطينية وطي صفحتها. ولكن القوى الوطنية اللبنانية وقفت كالطود بوجه تنفيذ هذه المؤامرة "العربية" على المقاومة الفلسطينية، وجعل الارض اللبنانية مسرحا لذبح الفلسطينيين، باسم الحفاظ على "السيادة اللبنانية". وقد توجت هذه الفترة الحرجة باحداث ايار 1973، حينما قامت قوات السلطة اللبنانية، بالتعاون مع القوى الانعزالية العميلة، بتطويق ومحاصرة المخيمات الفلسطينية ثم مهاجمتها وضربها بمختلف الاسلحة بما في ذلك الطيران، لـ"تحريرها" على الطريقة الاردنية (!). ولكن الموقف الصلب للقوى الوطنية والتقدمية اللبنانية، بمعارضة اقتحام مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وضرب المقاومة الفلسطينية، ادى الى اجبار السلطة على التراجع. وكان لموقف الجنود والضباط الوطنيين الشرفاء، الذين كانوا يرفضون الاوامر المعطاة لهم، دور كبير في افشال هذا المخطط الاسود. وننوه هنا بموقف الضباط الطيارين الذين كانوا مكلفين بقصف مخيم برج البراجنة. فقد القى هؤلاء الطيارون قنابلهم على الرمول خارج المخيم. وقد تم تقديم احدهم (وهو المرحوم الشهيد البطل عبدالله شمص) الى "المجلس التأديبي" العسكري. ولكنه وقف امام "قضاته" وقفة العز المطلوبة. وفيما بعد عمدت الدوائر السوداء الى اغتياله عن طريق تلغيم ونسف طيارته في الجو وهو في طلعة تدريبية فوق بلدته بوداي بالهرمل.
ـ8ـ بعد فشل مؤامرة ايار 1973 بدأت عملية التلاحم الكفاحي اللبناني ـ الفلسطيني تأخذ مجراها بعمق، وتحولت القضية الفلسطينية الى قضية اولى في الثوابت الوطنية اللبنانية. فاتجهت القوى الانعزالية العميلة الى الشحن الطائفي بشكل لا سابق له، ووضعت نصب اعينها العمل لتقسيم لبنان طائفيا وانشاء "الوطن القومي المسيحي" على غرار "الوطن القومي اليهودي" وبالتعاون التام مع اسرائيل. وكان هذا التوجه الانعزالي العميل احد الاسباب الجوهرية لتفجير الحرب اللبنانية في 1975.
ـ9ـ ولكن القوى الوطنية والتقدمية اللبنانية بزعامة كمال جنبلاط، والحركة الشعبية الشيعية بقيادة الامام موسى الصدر، وقفتا بشدة ضد مخططات التقسيم وتحويل "لبنان الكبير" او "لبنان المسيحي الصغير" الى موطئ قدم لاسرائيل. ولدى محاصرة القوات الانعزالية العميلة مخيم تل الزعتر ومخيم جسر الباشا الفلسطينيين وحي النبعة ذي الاكثرية الشيعية في المنطقة الشرقية، تقدمت القوات الوطنية في الجبال وحاصرت القوات الانعزالية من الاعلى، وكادت تطبق عليها وتقضي عليها. وهنا استنجدت القوات العميلة والسلطة اللبنانية بالعامل "العربي"، فأرسلت جامعة الدول العربية ما يسمى "قوات الردع العربية" الى لبنان، وكان في تعدادها قوات سورية وليبية.
ـ10ـ وبدلا من ان تعمل "قوات الردع العربية" على لجم الاندفاعة التقسيمية للقوات الانعزالية وتشكيل درع لحماية لبنان من خطر العدوان الاسرائيلي، فقد تم في اثناء وجودها:
أ ـ اسقاط مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في تل الزعتر وجسر الباشا والضبية، واسقاط الاحياء الاسلامية الوقعة في شرقي بيروت، وارتكاب المجازر فيها ضد المدنيين بالاخص.
ب ـ اغتيال الزعيم الوطني والتقدمي الكبير كمال جنبلاط لكسر ظهر الحركة الوطنية اللبنانية العلمانية وتشتيتها، وخصوصا في شقها المسيحي، مما اتاح الفرصة للقوى الانعزالية للسيطرة الكاملة على غالبية المناطق المسيحية وانشاء "الادارة المدنية" و"الامن الذاتي" فيها، على طريق التقسيم وانشاء "الوطن القومي المسيحي".
ج ـ خطف واخفاء الامام موسى الصدر في ليبيا، لكسر ظهر الحركة الشعبية الوطنية الشيعية التي كان يتزعمها، وزرع البذور الاولى للنزاع الاخوي الفلسطيني ـ الشيعي، وللفتنة الطائفية السنية ـ الشيعية.
د ـ اغتيال عدد من القيادات الوطنية والاسلامية المعتدلة، كالشيخ صبحي الصالح والمفتي حسن خالد والشيخ حليم تقي الدين، لاجل زرع البلبة والفوضى في الساحة الوطنية ـ الاسلامية وزعزعتها واضعافها.
هـ ـ وخلال الوجود "العربي" في لبنان، اصبحت المنطقة الوطنية ـ الاسلامية مسرحا للنشاطات المخابراتية المشبوهة التي عملت على تفكيك هذه الساحة عن طريق ضرب جميع الاحزاب والمنظمات بعضها ببعض لتفكيك وحدتها واضعافها جميعا وعزلها عن الجماهير الشعبية الوطنية والاسلامية.
ز ـ وابشع ما انجزه "التعريب" والوجود "العربي" في لبنان في تلك المرحلة هو تنظيم وادارة الحروب الفلسطينية ـ الفلسطينية واخيرا افتعال وتنظيم "حرب المخيمات" الشيعية ـ الفلسطينية والحرب بين القوى الاسلامية والقوى الوطنية العلمانية في طرابلس.
ـ11ـ وبفضل هذا الوجود العسكري "العربي" وشتى اشكال "الوساطات" والتدخلات من قبل الدول العربية منفردة وجامعة الدول العربية مجتمعة، تم تمزيق واضعاف وانهاك الساحة الوطنية ـ الاسلامية اللبنانية، ومع ذلك تعذر فرض الاستسلام عليها، الا انه مهد السبيل للاجتياح الاسرائيلي السهل نسبيا للاراضي اللبنانية.
ـ12ـ وفي اذار 1978 دخلت اسرائيل على الخط. فبحجة اقتلاع العمل الفدائي (الذي تفضلت "الشرعية الدولية" فأطلقت عليه تسمية "ارهاب") من الاراضي اللبنانية، شنت اسرائيل "عملية الليطاني" في 14 اذار 1978. وكانت اهدافها المعلنة هي ان تطرد مجموعات الفدائيين الفلسطينيين بعيدا عن الحدود مع اسرائيل، وتعزيز القوات العميلة لاسرائيل المسماة "جيش لبنان الحر" الذي اعيدت تسميته فيما بعد "جيش لبنان الجنوبي". وقد شارك في الهجوم، الذي استمر 7 ايام، اكثر من 25 الف جندي، واحتل "اولاد الزنى الهتلري" اليهود الارض اللبنانية بعمق 10 كيلومترات تقريبا، لكنهم توسعوا لاحقا شمالا الى نهر الليطاني. وحسب تقديرات الحكومة اللبنانية قتل في هذا العدوان 1100 ـ 2000 مواطن كلهم تقريبا من اللبنانيين، كما تشرد حوالى 285 الف مواطن واصبحوا لاجئين في بلدهم.
ـ13ـ ومنذ ذلك الحين وضع لبنان تحت القبضة الاسرائيلية تماما، ولم يعد الطيران الحربي والتجسسي الاسرائيلي يفارق الاجواء اللبنانية ليلا ونهارا، وكذلك الشواطئ اللبنانية والسواحل اللبنانية وضعت تحت الرقابة المشددة والحصار الفعلي من قبل البحرية الحربية الاسرائيلية. ولم تعد اي طائرة او باخرة تحط في مطار بيروت او تدخل الموانئ اللبنانية الا بعد التصريح عن نفسها لاسرائيل. وكل ذلك تحت سمع وبصر "الشرعية الدولية" المستمدة من "اتفاقية يالطا" للمنتصرين في الحرب العالمية الثانية، وكانما الشعب اللبناني المظلوم هو الذي قام بمجزرة الهولوكوست ضد اليهود الاوروبيين ومخاليفهم الاسرائيليين "ابناء الزنى" الصهيوني مع الهتلريين.
ـ14ـ ومثلما ساهم "التعريب" النظامي للازمة اللبنانية في استقدام الاحتلال الاسرائيلي؛ فإن الاحتلال الاسرائيلي للشريط الحدودي كان مقدمة للشروع في "تدويل" المسألة اللبنانية، وبالاخص "تدويل" الاحتلال والرقابة العسكريين المفروضين على لبنان.
وكانت الحكومة اللبنانية قد رفعت شكوى الى الامم المتحدة ضد العدوان الاسرائيلي في اذار 1978. وعلى الفور اصدر "مجلس الامن" الاميركي (التابع لما يسمى "هيئة الامم المتحدة") القرار الشهير ذا الرقم 425 بتاريخ 19 اذار 1978 والذي نص حرفيا على ما يلي:
" ـ2 ـ ويناشد إسرائيل أن توقف فورا عملها العسكري ضد السلامة الاقليمية للبنان وأن تسحب على الفور قواتها من جميع الاراضي اللبنانية؛
و "ـ3ـ ويقرر، في ضوء طلب الحكومة اللبنانية (تشرفنا!! ـ تعليق مني: ج.ح.)، تشكيل قوة مؤقتة تابعة للامم المتحدة في الحال، تخضع لسيطرتها، لتعمل في جنوب لبنان بقصد التحقق من انسحاب القوات الإسرائيلية، وإعادة السلام والأمن الدوليين، ومساعدة حكومة لبنان على تأمين عودة سلطتها الفاعلة الى المنطقة، على ان يتم تشكيل القوة الدولية من أفراد من دول أعضاء في الامم المتحدة."
ـ15ـ طبعا ان "الانسحاب الفوري" الاسرائيلي لم يتم؛ بل على العكس تابعت اسرائيل عدوانها ومجازرها ضد لبنان لعشرات السنين القادمة، وفي صيف 1982 قامت بعدوانها الواسع المعروف ضد لبنان واجتاحت القوات الاسرائيلية بقيادة مجرم الحرب شارون الاراضي اللبنانية لما بعد العاصمة بيروت ذاتها، التي كانت ثاني عاصمة عربية (بعد القدس) تسقط تحت جزمة الاحتلال اليهودي. ولتبيان ضخامة العدوان الاسرائيلي على لبنان في صيف 1982 نذكر أن إسرائيل قد زجت في هذه الحرب ضعف عدد القوات التي واجهت بها مصر وسوريا معا في حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973. ويقول السياسي اللبناني المخضرم المرحوم ريمون اده انه في الايام الاولى لعدوان حزيران 1982 ضد لبنان سقط اكثر من 25 الف مواطن لبناني وفلسطيني قتلى. وتقول مصادر الدولة اللبنانية ان عدد قتلى عدوان حزيران 1982 بلغ اكثر من 30 الف قتيل.
ـ16ـ وقد عمدت اسرائيل، بالاتفاق التام مع حليفتها الستراتيجية اميركا، الى تنصيب العميل بشير الجميل رئيسا للجمهورية لوضع لبنان نهائيا تحت الوصاية الاسرائيلية. وفي هذه المرحلة الحرجة اخذت عناصر "القوات اللبنانية" وحزب الكتائب و"المكتب الثاني" التابع للجيش اللبناني تتجول بحرية في المناطق الوطنية والاسلامية و"تصطاد" الكوادر والعناصر الوطنية الحزبية وغير الحزبية من بيوتهم وامكنة عملهم ومن الشوارع وتصفيتهم الجسدية بعد ذلك او تسليمهم لاسرائيل، ولا يزال الوف المناضلين والعناصر الوطنية مفقودين منذ ذلك الحين.
ـ17ـ وقد تم في هذه المرحلة استباحة لبنان استباحة كاملة، حيث نزلت فيه القوات الاطلسية (الاميركية والفرنسية والايطالية) التي سميت "متعددة الجنسية"، لدعم وتشريع الاحتلال الاسرائيلي وقامت البارجة الحربية الاميركية "نيوجرسي" باستخدام مدافعها الضخمة لقصف المواقع الوطنية لبث الرعب في قلوب اللبنانيين واجبارهم على الاستسلام لمشيئة "القوة العظمى" الاميركية.
ـ18ـ وبالتواطؤ بين "الشرعية الدولية" و"جامعة الدول العربية" تم طرد قوات المقاومة الفلسطينية من لبنان وتشتيتها في مختلف الارجاء العربية بعيدا عن الحدود مع اسرائيل. كما قام ابناء "شعب الله المختار"، بالتعاون مع حزب الكتائب والقوات اللبنانية وعصابة سعد حداد المسماة "جيش لبنان الحر" بتنفيذ مجزرة صبرا وشاتيلا عملا بتعاليم "توراتهم" التي تدعو الى قتل وابادة "الكنعانيين" رجالا ونساء واطفالا.
ـ19ـ وتحت الوصاية والرعاية الاميركية جرت المفاوضات الثلاثية (اميركا ـ اسرائيل ـ لبنان) في خلدة وكريات شمونة (واشرف المندوب الرئاسي الاميركي فيليب حبيب شخصيا على هندسة الطاولة ثلاثية الاضلاع للمفاوضات) وتم توقيع ما يسمى "اتفاقية 17 ايار" 1983، كنسخة "لبنانية" عن اتفاقية "كامب دايفيد" المصرية. ومع ان مجلس النواب اللبناني (وتحت تهديد فوهات المدافع الاسرائيلية والاميركية) صادق على الاتفاقية، التي لم يعارضها سوى النائبين الوطنيين نجاح واكيم وزاهر الخطيب، فإن رئيس الجمهورية حينذاك العميل امين الجميل ذاته امتنع عن التوقيع على الاتفاقية تحت ضغط عمليات المقاومة الوطنية ورفض الجماهير الوطنية اللبنانية لهذه الاتفاقية الاستسلامية.
ـ20ـ ومنذ ذلك التاريخ الى اليوم لا يزال لبنان مسرحا للعدوان الاسرائيلي اليومي، حيث لا يفارق الطيران الحربي الاجواء اللبنانية من الشمال الى الجنوب، وكذلك البحرية الحربية الاسرائيلية. وحولت اسرائيل لبنان مسرحا للحرب البسيكولوجية وحقل اختبار لتجربة الاسلحة الميدانية الاميركية الجديدة. وقد انفضح ذلك بشكل صارخ في عدوان 1993 وفي عدوان 1996 الذي ارتكبت خلاله مجزرة قانا الاولى، حيث استخدمت القنابل الطنية والصواريخ الضخمة لضرب البنية التحتية في لبنان وتم قتل المدنيين العزل (حتى وهم لاجئون الى مقرات الامم المتحدة) من اجل بث الذعر في صفوفهم وحرمانهم من الكهرباء والغذاء والماء والدواء.
وظهر بوضوح ان كلام القرار 425 عن "الانسحاب الفوري" لاسرائيل ليس سوى دجل سياسي، تحت غطاء "الشرعية الدولية" المنبثقة عن "اتفاقية يالطا"، الهدف منه تبرير القبول بالقوات الدولية المسماة "يونيفيل"، التي تتلخص مهمتها الفعلية في ما يسمى حسب نص القرار "مساعدة حكومة لبنان على تأمين عودة سلطتها الفاعلة الى المنطقة"، اي منع وجود ونشاط المقاومة في الشريط الحدودي. وهذا يعني عمليا منع ابناء الشريط الحدودي من ممارسة حقهم المشروع في الدفاع عن النفس، لان المقاومة هي منهم وفيهم. اي انه يعني ترك الابواب مشرعة امام اسرائيل كي تصول وتجول في الاراضي والاجواء والمياه اللبنانية، دون اي مقاومة ودون حسيب او رقيب. ونذكر هنا ان تعداد قوات اليونيفيل، وبموجب قرارات الامم المتحدة وموافقة "جامعة الدول العربية" والحكومة الكراكوزية اللبنانية، بلغ 16 الف عنصر. وتثبت الوقائع على الارض ان المهمة الرئيسية لهذه القوات ليس منع او الحد من اشكال العدوان الاسرائيلي، حيث انها لا تحرك ساكنا تجاه الخروقات الاسرائيلية اليومية، بل هو مراقبة اهالي الجنوب اللبناني والتجسس عليهم ومحاولة قطع الطريق على المقاومة والايقاع بها حينما يمكن ذلك. وهذا يعني ان جيش اليونيفيل ليس الا جيش احتلال مبطن، وغطاء "شرعي" للاعتداءات الاسرائيلية اليومية، ومقدمة للعدوانات الاسرائيلية القادمة.
XXX
ولكن كل مؤامرة "التعريب" و"التدويل"، المركبة مع الاجتياح والاحتلال الاسرائيلي، ومع عمليات الشحن والفتن الطائفية التفتيتية والتقسيمية داخل لبنان، ومع سياسة الافقار والتجويع والفساد واللصوصية والنهب المفضوح التي فرضت على الشعب اللبناني المظلوم وادت الى تركيب دين بقيمة اكثر من خمسين مليار دولار على هذا البلد الصغير والفقير، ذهبت الى جيوب الطغمة "الحريرية" السعودية و"اصدقائها"، لم تستطع ـ اي هذه المؤامرة ـ ان تطفئ جذوة التوجه الوطني الجذري لدى الجماهير الشعبية اللبنانية المناضلة عامة، المعززة بجذوة الايمان الديني الجهادي الصادق لدى الجماهير الشعبية الشيعية خاصة.
لقد كان بن غوريون يقول انه على ثقة ان لبنان سيكون ثاني بلد عربي يعترف باسرائيل (اي يستسلم) ولكن ـ يتابع "الاشتراكي" الصهيوني بن غوريون ـ القول "اعطوني البلد العربي الاول". وبعد حرب تشرين 1973 ، وبالرغم من بطولات وتضحيات الجنود والضباط المصريين الذين عبروا قناة السويس واخترقوا خط بارليف، الا انهم اصطدموا بحاجز صحراء سيناء، ذهب السادات الى القدس المحتلة ثم الى كامب دايفيد ووقع اتفاقية الاستسلام التي لا تزال مفروضة على الشعب المصري؛
ولكن ظهور وكفاح المقاومة الوطنية والاسلامية اللبنانية مزق "وصية بن غوريون" وحطم امكانية فرض "الزمن الاسرائيلي" و"الروزنامة الاسرائيلية" على التاريخ العربي. وبرز لبنان على الخريطة الستراتيجية العالمية، لا بوصفه "ثاني بلد عربي" يوقع صك الاستسلام لاسرائيل (ولماذا: ثاني؟!)، بل بوصفه "اول بلد عربي" يكسر شوكة اسرائيل ميدانيا، ويفشل تماما مؤامرة "التعريب" و"التدويل" على لبنان، ويفتتح صفحة جديدة في التاريخ العربي الحديث، وهي صفحة بداية النهاية لوجود اسرائيل، وتمزيق اتفاقية سايكس ـ بيكو، على طريق تحطيم الهيبة والهيمنة العالمية لـ"القوة العظمى" الاميركية. ويجدر بنا ان نتوقف هنا عند أسطع المحطات البارزة في المسيرة المشرّفة للمقاومة الشعبية الوطنية والاسلامية اللبنانية:
أ ـ في 11 تشرين الثاني 1982 قاد الفدائي البطل احمد قصير سيارة مفخخة بأكثر من مئتي كيلوغرام من المواد المتفجرة واقتحم بها مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي لمنطقة صور، وللحظات.. دمر المبنى المؤلف من 8 طوابق على من فيه. واعترف الناطق العسكري الإسرائيلي بمقتل 74 ضابطاً وجندياً بمن فيهم الحاكم العسكري، وأُعتبر 27 في عداد المفقودين. وفي محصلة أوردتها الصحف الإسرائيلية بعد بضعة أيام أن هناك 141 قتيلاً وعشرة أُعتبروا مفقودين. وقال أوري أور قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال "لقد كانت الصدمة الأولى والصدمة الأقوى للجيش الاسرائيلي في لبنان."
ب ـ تصفية الرئيس المنتخب المجرم العميل بشير الجميل على يد البطل القومي حبيب الشرتوني، ومن ثم افشال جميع "الامال" الاسرائيلية ـ العربية ـ الاميركية التي كانت تعول عليه.
ج ـ اعلان البيان التأسيسي لـ"جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية" من منزل وليد جنبلاط في 16 ايلول 1982، الذي يعتبر تحولا نوعيا في الازمة اللبنانية، اذ يجعل الكفاح الشعبي ضد اسرائيل المهمة المركزية الاولى للحركة الوطنية اللبنانية.
د ـ وبعد تنفيذ مجزرة صبرا وشاتيلا، اضطر جيش الاحتلال الاسرائيلي للانسحاب من بيروت، تحت ضغط عمليات "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية" و"المقاومة الاسلامية" بقيادة "حزب الله" وضغط الرأي العام العالمي المعارض للغزو الاسرائيلي للبنان، بما في ذلك داخل اسرائيل ذاتها. وخلال عملية الانسحاب كانت مكبرات الصوت الاسرائيلية تزعق "مخرّب لا تطلق النار؛ جيش الدفاع الاسرائيلي ينسحب". وكان ذلك اول انسحاب اسرائيلي من ارض عربية محتلة، بدون قيد ولا شرط. ثم تتالت الانسحابات الاسرائيلية من الجبل، وصيدا، حتى انحصر الاحتلال في الشريط الحدودي حتى الليطاني.
هـ ـ تفجير السفارة الاميركية في بيروت في 18 نيسان 1983. وقد سقط في هذا التفجير 60 قتيلا بينهم 17 اميركيا، ومنهم 8 عملاء في السي آي ايه المسؤولين عن عمل السي آي ايه في الشرق الاوسط. وتقول بعض المصادر انهم كانوا في "اجتماع عمل" في السفارة الاميركية في بيروت لحظة وقوع الانفجار. وهذا ما يدفع للتساؤل: هل ان ذلك كان محض صدفة و"ضربة حظ"، ام ان جهاز مخابرات لدولة كبيرة سرب الخبر الى اطراف المقاومة اللبنانية التي تولت تحضير التفجير لحظة انعقاد الاجتماع المخابراتي الاميركي؟ وبعد حادثة التفجير تم نقل مقر السفارة الاميركية من بيروت الغربية الى منطقة عوكر شمالي شرقي بيروت، واحيط المقر الجديد بتدابير امنية مشددة حيث اعلنت المنطقة المحيطة بالسفارة كمنطقة امنية مغلقة، وصار الدبلوماسيون الاميركيون ينتقلون من والى السفارة بواسطة طائرات الهيليكوبتر.
و ـ وبعد تفجير السفارة الاميركية تم تفجير مقر قيادة مشاة البحرية الاميركية "المارينز" في بيروت، في 23 تشرين الاول 1983. وقد اسفر عن مقتل 241 جنديا وضابطا اميركيا. الامر الذي دفع الرئيس الاميركي ريغان الى سحب قوات "المارينز" الى السفن الحربية الاميركية الراسية على الشواطئ اللبنانية.
ز ـ وفي اليوم نفسه تم تفجير مقر قيادة وحدات المظليين الفرنسيين في بيروت. وسقط في العملية 58 جنديا فرنسيا. وفي اليوم التالي قام الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران بزيارة مفاجئة الى بيروت للاطلاع على ما جرى، وزار اطلال المقر المنسوف.
ح ـ في 7 تشرين الثاني 1988 تمكنت المناضلة الشيوعية الشابة سهى فواز بشارة من اطلاق النار على العميل الاسرائيلي الجنرال انطوان لحد قائد ما كان يسمى "جيش لبنان الجنوبي" داخل منزله بالذات. وسهى هي من عائلة شيوعية معروفة من دير ميماس ـ قضاء مرجعيون. وقد تمكنت من التقرب من عائلة لحد مستخدمة صفتها المسيحية، مدعية انها تخلت عن شيوعيتها والتزمت بمسيحيتها و"لبنانيتها". واصيب لحد بثلاث رصاصات لم تكن قاتلة. الا انه غاب عن الوعي مدة 5 ايام كما جاء في مذكراته، وعولج في مستشفى اسرائيلي لمدة اشهر.
XXX
كان لهذه العمليات النوعية اثر سياسي وستراتيجي نوعي على مجمل عمليات الصراع الذي فرض على الشعب اللبناني المظلوم خوضه ضد العدو الاسرائيلي وضد مؤامرة "التعريب" و"التدويل". وبفضل حكمة وصلابة قيادة "حزب الله" تحولت المقاومة من قوة ثانوية اقصى ما تستطيعه هو ازعاج اسرائيل وحلفائها، الى قوة مركزية ستراتيجية تهدد وجود دولة اسرائيل، كما تهدد جذريا نظام الهيمنة الامبريالية على المنطقة برمتها، ساحبة البساط من تحت اقدام الانظمة العربية السايكس ـ بيكوية التي اخذت ترتعد تماما امام وجود المقاومة ولم تعد تدري كيف تتخلص منها.
ويقول العميل انطوان لحد في مذكراته انه خلال الفترة التي عمل فيها ما يسمى "جيش لبنان الجنوبي" (اي فترة 1984 ـ 2000) قتل من بين افراده 660 فردا، واصيب 250 بجروح وعاهات.
وبنتيجة تصاعد عمليات المقاومة اضطر جيش الاحتلال الاسرائيلي للانسحاب من جنوب لبنان (باستثناء مزارع شبعا ومرتفعات كفرشوبا) في 25 ايار 2000، بدون شروط واتفاقات مسبقة، مدعيا انه يطبق القرار الاممي 425 الصادر في 1978.
وبعد تحضير استمر سنوات، شنت اسرائيل حربها العدوانية الشرسة في تموز 2006، وبدعم اميركي كامل، وبتواطؤ تام من قبل "يهود الداخل" اللبنانيين والعرب، بهدف القضاء على حزب الله، وكسر شوكة المقاومة وفرض الهيمنة التامة على لبنان بواسطة كتلة "14 اذار" العميلة للامبريالية والصهيونية.
وخلال هذه التجربة المريرة تأكد للجبهة المعادية، من العملاء "اللبنانيين" الى اسرائيل الى الانظمة العربية السايكس ـ بيكوية الى واشنطن و"الشرعية الدولية":
اولا ـ ان "مشكلتهم" في لبنان ليست مع قوات المقاومة الفلسطينية، او الوجود السوري، كما كانوا يدعون في السابق، بل هي مع غالبية الشعب اللبناني وقواه الوطنية المناضلة الاسلامية وغير الاسلامية.
وثانيا ـ ان ظاهرة المقاومة الوطنية اللبنانية هي ظاهرة وطنية شاملة من شتى الطوائف والمذاهب الدينية والاحزاب والاتجاهات السياسية والعقائدية. ولا يغير في هذه الصفة الوطنية الشاملة للمقاومة الدور المركزي القيادي الذي يضطلع به ضمنها "حزب الله" الشيعي، بسبب الوضع الحرماني الذي كانت الطائفة الشيعية تعاني منه في النظام الاستغلالي الرأسمالي القائم على التفرقة والتمييز الطائفي.
وثالثا ـ كشفت تجربة المقاومة مدى تهافت، من جهة، وخيانية، من جهة ثانية، الستراتيجية السياسية والعسكرية التي انتهجتها سابقا الانظمة العربية حيال اسرائيل، والتي تتمحور موضوعيا حول تثبيت الكيان الصهيوني، والتآمر الضمني معه ضد الشعب الفلسطيني خاصة وضد الشعوب العربية عامة. وبينت المقاومة الوطنية ـ الاسلامية، بالتجربة الملموسة، ان حرب التحرير الشعبية، وعمادها المقاومة وعلى رأسها "حزب الله"، هي الطريق الصحيح للقضاء على العدو الصهيوني وحلفائه وعملائه من "يهود الداخل" وحلفائه الدوليين الستراتيجيين: الامبريالية الاميركية وحلف الاطلسي، الذين ظهروا في الميدان تماما كـ"نمر من كرتون".
XXX
من المعلوم تماما ان الدوائر الامبريالية الاميركية ـ الصهيونية عملت المستحيل لاستغلال التفرقة والتناقضات الطائفية الداخلية والعربية ـ العربية، لاجل ضرب المقاومة واضعافها وعزلها والقضاء عليها. وقد حاولوا فيما مضى جر رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري للاضطلاع بدور على هذا الصعيد. وحينما امتنع عن القيام بهذا الدور كان ذلك سببا، وطبعا ليس السبب الوحيد، في اغتياله، ومن ثم استخدام عملية الاغتيال لاجل ابعاد السوريين عن لبنان بسبب تأييدهم للمقاومة بدلا من العمل على تحجيمها.
والان تعمل الجبهة المعادية للمتاجرة بدم رفيق الحريري على طريقة "اقبضوا على السارق"، ولاستغلال موضوع المحكمة الدولية المختصة باغتيال الحريري لاجل استصدار قرارات من قبل "الشرعية الدولية" لتغطية القيام بعدوان واسع النطاق ومتعدد الجنسية، ضد لبنان، على طريقة الحرب الكورية في 1949 ـ 1952.
ولكن بفضل يقظة المقاومة وجماهيرها وقيادتها، فإن هذه المؤامرة لن تمر، وان اي عدوان قادم لن يكون اكثر حظا من عدوان تموز 2006، وأيا كانت التطورات فإن يهود الداخل لن يتاح لهم ان يذرفوا الدموع المسرحية كما فعل السنيورة في تموز 2006، بل الارجح ان يعلقوا انفسهم على تينة يابسة كما فعل يوضاس الذي باع السيد المسيح بثلاثين من الفضة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أميركا و-عقدة فيتنام-!
- ميلاد السيد المسيح: المنعطف التاريخي نحو تشكيل الامة العربية
- كوريا الشمالية: العقدة العصيّة في المنشار الاميركي
- إشكاليات المسألة الاميركية امام محكمة التاريخ
- اوروبا تتجه نحو التمرد
- الازمة الرأسمالية العامة لاميركا والزلزال -الافيوني الالكتر ...
- الامبريالية والشعب الاميركيان
- التبدلات الديموغرافية ومضاعفاتها المرتقبة في اميركا
- الامبريالية والعنف
- الهيمنة العالمية لاميركا: بداية النهاية..
- التقسيم الامبريالي الرأسمالي لاوروبا
- تقرير معهد SIPRI يؤشر الى مرحلة تفكك الامبريالية
- بداية انحسار موجة العداء للشيوعية في المانيا
- بعد 20 سنة: الشيوعيون القدامى يطالبون بتجديد الدعوى حول احرا ...
- لبنان الوطني المقاوم حجر الاساس لنهضة عربية حقيقية
- الثلاثة الاقمار اللبنانيون الكبار في سماء الشرق
- إزالة المسيحية الشرقية: هدف اكبر للامبريالية الغربية
- -الحلقة الاضعف-
- قبل استخراج النفط والغاز: ضرورة تحرير المياه الاقليمية اللبن ...
- قرار مجلس الامن -الاميركي- ضد الشعب الايراني


المزيد.....




- مصادر توضح لـCNN تفاصيل مقترح -حماس- بشأن اتفاق وقف إطلاق ال ...
- داخلية الكويت تعتقل مقيما من الجنسية المصرية وتُمهد لإبعاده. ...
- معركة -خليج الخنازير-.. -شكرا على الغزو-!
- الحرب في غزة| قصف متواصل على القطاع واقتحامات في الضفة وترقّ ...
- فيديو فاضح لمغربية وسعودي يثير الغضب في المملكة.. والأمن يتد ...
- -إجا يكحلها عماها-.. بايدن يشيد بدولة غير موجودة لدعمها أوك ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة (فيديو+صور) ...
- بقيمة 12 مليون دولار.. كوريا الجنوبية تعتزم تقديم مساعدات إن ...
- اكتشفوا مسار الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 عبر ربوع الم ...
- ترامب يواجه محاكمة جنائية للمرة الأولى في التاريخ لرئيس أمير ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جورج حداد - لبنان الوطني المقاوم في مواجهة مؤامرة التعريب والتدويل