أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - مفتاح الذاكرة السورية( شبابها).















المزيد.....

مفتاح الذاكرة السورية( شبابها).


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 3256 - 2011 / 1 / 24 - 15:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم يعد لدي ما أخشى منه ، ولا ما أخشى عليه، والداي رحلا عن العالم دون أن أتمكن من توديعهما أو دفنهما كما يقتضي واجب الأبناء ...لكن الأمر لايتعلق بعقوق مني ولا بجحود ، كما لايتعلق بتقصير منهم أو ابتعاد مقصود..لعب الفقر والغربة المُرَّة بكل أنواع ضيق العيش والحرمان، إلى جانب المسؤولية تجاه العائلة الأصغر دورهما الأكبر في الإبقاء على البعد والتباعد، ناهيك عن يد السلطة القابضة بمطارق الحديد والسلاسل على أعناق كل من صنفته أجهزة أمنها في سجلاتها الحمراء ، واعتبرته" خطراً على نفسية الأمة، ينشر أبناء كاذبة بحق ..الوطن كما تراه مجسداً بنظامها متماهياً به"، ومن سوء حظي أو حسنه..ربما..كنت في عداد مَن صُنِفوا في هذه المُجلدات، التي تضم أعداداً لم يتم حصرها بعد لضعف أو خوف...أو قلة حيلة.أو...
لكني اليوم وبعد أن تراكمت الآلام وبات ماء العمر يتسرب من بين أصابعي، وبعد أن بدأنا نستيقظ وننام على وقع ثورة تونس الميمونة...قررت وعاهدت النفس، أن ألغي لغة الدوران...أن ألفظ وللأبد، استخدام اللغة المُدَّورة..كي أتحايل على الموقف الواضح كالشمس، قررت أن أخطو مع نفسي خطوة أكثر صلابة ، لكنها أكثر راحة...أحسست بعدها أن حملاً ثقيلاً من قاموس اللغة قد هبط عن كتفي.وهاتجدوني أتمنطق بالقلم..وهو كل ما أملك..ولم أعرف خلال عمري غيره وسيلة للصراخ والتظاهر والاحتجاج..أي التعبير بحرية، أرى أن بحرها بعد هذا القرار الذاتي صار محيطاً..يغسل بأمواجه وملحه جراحي..ويعقمها ثم يطلقها كنوارس تلاحق الأشرعة المقتربة من شواطيء تعج بالحياة والموت معاً.
أول من أتوجه إليهم في قائمة اهتماماتي ، أول من حضرت صورتهم أمامي فارضة نفسها لفتح الذاكرة السورية، التي تموت ببطء، هم طلبة سورية ، شبابها..ذكوراً وإناثاً..أجيالاً شابة لم تعرف منذ ولادتها ونشأتها سوى أسرة حكم واحدة تجسدت بعائلة الأسد الأب ثم الابن، أعلم أنكم أُغرقتم رغماً عن إرادتكم الغضة، بمعايير ومناهج تَحُد من قدراتكم العقلية وتقتل طاقاتكم الإبداعية، التي تأمل التحليق والابحار في آفاق العلم والمعرفة والاطلاع على ثقافة الآخر...دون أن تحتكر السلطة وتشوه نظرتكم إلى كل من يختلف معها ومع منطقها ورؤيتها للأوطان وكيفية بنائها..وكيفية تنشئتكم وتعليبكم بقوالب مجهزة خصيصاً لاستيعاب جهودكم وتأطيرها خادمة مطيعة للنظام موالية مخنوقة ..دون أي إمكانية لمنفذ يكتشف ويتعرف على غير ما زُرِقت به عقولكم من لُقاحات تنتج جيشاً من شباب مُدَجن مضاد للتأثر والتأثير..وتجعل من الوطن معسكراً آلياً يتحكم بحركاته وسكناته ومستقبله..." ريموت كونترول" تقبض على أزراره أجهزة أمن ملتحقة بالقصر في قاسيون حيث تُطبخ مصائركم ومصير شعب سورية برمته.
أعلم أن بينكم الكثير من الوعي ــ رغم كل ما أسلفت ــ وأن فيكم من ذاق عذاباً أسرياً واكتوى بنار الفساد والجشع، أو فقد أخاً أو صديقاً أو أباً..على أيدي أجهزة القمع السورية، وبينكم فتيات يُعَذبن يومياً من خلال قانون يفتك بشبابهن وينال من كرامتهن..يعاملهن كالرقيق..ويضعهن في مراتب أدنى من المواطنة..شهادتهن منقوصة وعليهن ألا يقعن بحبِ غريب..فسيكون مهدداً هو وأبنائه بالرحيل..إن اختار سوريا وطناً له، لأن امرأته لاتحمل صفة مواطنة تستطيع منح جنسيتها لزوجها أو أولادها..تُقَتل والقاتل بريء من دم القتيلة...لأنه ادعى..أو جاء من يهمس بأذنه أنها" عابت"...فقطع دابر العيب..دون أن ينظر في مرآة ذاته ويرى مايحمل من عيوب فوق أكتافه..هذا كله يحدث وآذانكم مصمغة ، عيونكم يغشاها العمى، وألسنتكم مصابة بالخرس، فقد أرضعكم نظام البلد الخوف والرعب من السياسة..أي سياسة خارج نطاق حزب القيادة ،يحاكم أمامكم في محاكمه الاستثنائية...التي تتخذ من الطواريء دستوراً وقانوناً لتمرير جرائمها بحق من ارتكب مخالفة التفكير بمعايير ومقاييس تختلف عن حدود أجهزة الأمن..جعل في رأس كل واحد منكم شرطياً يقف بالمرصاد من كل فكرة أو خطوة يمكن لأحدكم طرحها أو محاولة إقناع زملائه للسير فيها...فتشاهدون المحاذير والمخاطر والمطبات المُضَخمة سرطانياً إلى درجة يصبح فيه الإقدام نوعاً من الجنون..أو مغامرة خطيرة العواقب..أو كما قال لي أحدكم...انتحار!.
أمامكم الاعتقالات..لسنين بأحكام لاتخضع لمنطق أو قانون..تخشون على مستقبلكم..أو على بكاء أمهاتكم...أو على فقدان زوجاتكم..أسألكم..من سيكون المسؤول إذن؟..من سيتولى شؤون الوطن ومستقبله الدامس...إن لم تبادر نخبة منكم؟..وهل تقوم الأوطان دون ضحايا؟ هل تأتي الحرية على جناح طير سماوي عملاق؟..من صنعها في تونس الشقيقة؟...هل رجولتكم أقل من رجولة الشباب التونسي؟ ..هل شباب تونس يحبون وطنهم أكثر مما تحبون سورية؟..ابن علي عاش 23 عاماً...لكن أسرة الأسد تركب أكتاف شعبنا منذ أربعين عاماً...أما بينكم من جدير بحكم سوريا؟ أما بينكم من قامة تستطيع النهوض والوقوف بوجه القمع والإذلال والفقر ...الذي أصبح سمة سورية بامتياز؟ أما بينكم من يرى أن سورية وأهلها يستحقون الحرية والمساواة والديمقراطية؟،أما بينكم من يرى أن ميزان العدل بات مائلاً بدرجة منفرجة تباعد بين أبناء البلد الواحد، وتجعل منكم أصنافاً تتناقض وتتقاتل على مذبح الطائفية أو المناطقية أو الإثنية..تقسمكم لأبناء ست وأبناء جارية؟!...ترتبكم بمصنفات مواطن درجة أولى ومواطن غير معترف بهويته أو مواطنته" كما هي حال أخوتكم الأكراد"، وأن هذه الأهداف السامية لاتأتي دونكم ودون نهوضكم ممن يريدكم أمواتاً تدب على الأرض وتحمد بركات النظام وترضى بفتات موائده ..بينما أعوانه ومقربيه يسرقون قوتكم ووظائفكم..؟..هل استطاع غسلكم خُلقياً ونفضكم عقلياً فتعجز عقولكم اليوم عن التمييز بين مايصلح لوطنكم وما يؤدي به إلى الخراب ويأخذه إلى جحيم التفتيت والعرقنة أو الصوملة؟...بينما تعيش زبانيته بقصور منيفة..على حساب تشردكم في أصقاع الدنيا...أو تملقكم لمن هم أحط قدراً منكم...على حساب نفاق صار غذاءكم اليومي..على حساب قيم تخون ميراثنا الوطني ، هل استطاع هذا النظام أن يسلبكم الألباب والقدرة على المحاكمة السليمة؟..أنتم أبناءنا..أبناء الغد..صناع المستقبل..على مَن نعول إن لم تستيقظوا من سبات متعمد من النظام..توقعون عليه بأنفسكم ..تختمون على عقولكم بشمع أحمر وتمارسون اللامبالاة..وتدمنون انتظار معجزة يأتي بها غيركم..لكنكم حين تُفتح صفحات الحوار والنقاش...تتقنون لغة التنظير والتفسير..تتقنون لغة التكفير والتخوين ، التي لقنكم إياها نظام القمع...فماعدتم ترون في سوريا إلا نظاماً يتماهى بها..ماعدتم ترون أرضاً وحدوداً ..سُلبت وهدأت مع العدو..عقوداً ..مع أنه يغرقكم بخطب المقاومة..وهو الأكثر مساومة بكم وعليكم وعلى أرضكم..هو المقاوم وحامل السلام!..هو المطالب بصمودكم والساحب من جيوبكم " مجهوداً حربياً" لايحارب به..وإنما يضمه لحساباته البنكية موزعة في بنوك العالم...لأنه الخائف دوماً من أي كلمة شفاهية تنتقد خصاله أو أفعاله..أو خططه الخُلَّبية...التي أدت بالبلاد إلى فاقة لم يعرفها تاريخ وطنكم...اسألوا أهلكم أن يقصوا عليكم الحقيقة..عن التاريخ..عن التضحيات، التي قدمها أجدادكم على مذبح حرية سورية ،بينما ألغت مناهجه كل معابر التاريخ نحو آفاق الحرية وأبطالها الحقيقيين الذين صنعوها...لا الانهزامات والانكسارات، التي صنعها النظام وحولها لمكاسب وانتصارات مسجلة عقارياً باسمه واسم قيادته غير الحكيمة.
لن أطيل، فلست واعظة ولا خطيبة..ما أنا إلا أم..ابنة وطنكم سورية..لا تأمل من الحياة تخليداً ولا تنشد مصلحة ذاتية..ولم يعد في العمر بقية..تخشى عليها..تريدكم أحراراً...تريد لوطنها حيث ولدت وترعرت..أن يذوق طعم الحرية، أن تعيشوها معنى وواقعاً ملموساً..أن تصنعها أيديكم ..كما صنعتها أيدي شعوب الأرض وثوراته على الظلم والاستبداد، وكما تسطرها اليوم صفحات التاريخ التونسي باقلام شبابه ..أخوتكم....أن أناشدكم...لأني لا أرى سواكم يصنع سوريا الحلم...سوريا الآملة بكم، بنهضتكم من غيبوبة تنويمكم بالمغناطيس الأسدي ...نريد أن نشم عطرثورتكم الياسميني الدمشقي يفوح شذاه من جديد.
ــ باريس 24/01/2011 .



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَن يجرؤ في حزب البعث السوري على بروستورويكا، تُغير قبل أن ي ...
- فرح ثورة الياسمين وعطرها النافذ
- أين يكمن البلاء، في زعمائنا المرضى أم نحن البلهاء؟
- كنا نريد رمي اليهود في البحر، الآن نرسل بمسيحيي بلادنا إلى ا ...
- أيتام على مائدة اللئام
- غصون الميلاد
- بين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحوار المتمدن همزة وصل
- الطفولة الضائعة بين الوهم والواقع
- التصحر وفوضى التخطيط يعيد تشكيل المدن السورية
- اللعنة السورية
- ممَ نخاف وعلى ماذا؟!
- أوركيسترا عربية تغني الموت أو السجن
- ( المسلمون يقتلون أبناءهم، الذين من صلبهم)!
- ماذا يقول الجيل الثاني في المنفى؟!
- من حديقة - مارون الراس- إلى - حديقة إيران - دُر.
- حرية الفرد( المواطن السوري)!.
- قناديل طل الملوحي ومعاول البعض
- الحكاية ، حكاية صراع وجود وبقاء
- سيدا- آيدز- أو - نقص المناعة- الوطنية السورية
- الحب = العهر = الموت !


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - مفتاح الذاكرة السورية( شبابها).