أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - لا تسرقوا منها الأضواء!















المزيد.....

لا تسرقوا منها الأضواء!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3256 - 2011 / 1 / 24 - 15:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ظاهرة "ويكيليكس" التي لم تَكْتَمِل معنىً بَعْد؛ لأنَّها، في واقعها، ما زالت في طور الطفولة، يمكن؛ بل يجب، أنْ تغدو جزءاً من هوية عصرنا.

أقول هذا وأنا أعْلَم أنَّ كثيراً مِنَّا نحن العرب يفهم هذا الظاهرة على أنَّها مُنْتَج جديد من المنتجات "السِّرية" لقوىً في الغرب، وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، وثيقة الصلة بمراكز وهيئات السلطة التي ليست بمنأى عن النفوذ الإسرائيلي (واليهودي).

"البُعْبُع (وجمعه "بعابع")" هو صورة خيالية لحيوان مُرْعِب؛ إنَّه "الغول الذي لا وجود له إلاَّ في الخيال؛ وإنَّه الطَّيف المخيف يُخوِّف الأطفال.

وإنَّ "البُعْبُع"، بصوره كافة، وبصورته السياسية على وجه الخصوص هنا حيث مدار مقالتنا، ما زال يستبدُّ بتفكيرنا، وبطريقتنا في التفكير والنظر إلى الأمور، ووزنها والحُكْم عليها؛ فالغالبية من العامة من العرب ما زالوا مؤمنين بوجود "البُعْبُع"، متَّخِذين من وجوده (الذي لا يعرفه، ولا يعترف به، الواقع) مسلَّمة، بميزانها يزنون ما عداها من الأفكار، فـ "الحقيقة" هي ما يوافقها، و"الباطل" من الفكر هو ما يتعارض معها.

أمَّا المعترضون مِنَّا على فكرة "البُعْبُع" فعلى نوعين: نوع (ينتمي إليه القلَّة القليلة مِنَّا) يرى "البُعْبُع" على حقيقته، فكرةً من نسج الخيال، أو كائناً لا وجود له في الواقع؛ ونوع يَقِف المنتمون إليه من "البُعْبُع" موقفاً "سلبياً" يُذكِّرني بموقفي منه عندما كنتُ طفلاً؛ فلقد حرصتُ دائماً على أنْ أُثْبِت لغيري أنَّني لا أهاب "البُعْبُع"، ولا أخشاه، فأسبُّه واشتمه، قائلاً لهم: "لو كان موجوداً لعاقبني أشد عقاب"؛ فَلمْ أُدْرِك إلاَّ عندما أصبحت شاباً أنَّ موقفي "السلبي" هذا من "البُعْبُع" هو خير دليل على أنَّني ضِمْناً كنتُ معترفاً بوجوده!

ثمَّة ظاهرة في حياتنا الحزبية السياسية العربية، التي هي، في واقعها، أقرب إلى الموت منها إلى الحياة، تُدْعى "حزب التحرير الإسلامي" الذي، وإنْ كَرِهت الحكومات العربية التي حظَرَت وجوده ونشاطه، أرى فيه خير مؤسِّس لـ "قصص الخيال السياسي"، فلقد توفَّر على إبداع كثيرٍ من "الروايات السياسية الجميلة المحبوكة" والتي لا يشوِّه جمالها، ويُفْسِد حَبْكَها، إلاَّ أمْرٌ "صغير وبسيط جداً" هو "الهوَّة الواسعة بينها وبين الواقع".

لو سَنَحَت لكَ فرصة مجالستهم، ومجادلتهم في "وجهات نظرهم السياسية" التي هي كناية عن "قصص الخيال السياسي" التي يبدعون، لآمَنْتَ بوجود "البُعْبُع" في عالم السياسة؛ فإنَّ الشعور الذي سيستبدُّ بك، عندئذٍ، هو أنَّ كل الحكَّام العرب "جواسيس"، وبالمعنى غير المجازي لكلمة "جاسوس"، وأنَّ هناك في "ديار الكفر" من يتحكَّم في كل صغيرة وكبيرة من أمورنا وشؤوننا، وأنَّ كل ما حدث، ويحدث، عندنا كان في الأصل "خطَّة" أعدَّها أولئك الذين لهم سلطان علينا، أي على حُكَّامنا وحكوماتنا ودولنا وشعوبنا وأحزابنا..، أين منه سلطان "القضاء والقدر"!

إنَّهم ينسجون تلك القصص على المنوال الذي نُسجِت به، مثلاً، خرافة "عروس البحر"، فـ "عروس البحر" هي كائن خرافي، لم يُوْجَد قط، ولن يُوْجَد أبداً، نصفه رأس إنسان، ونصفه ذيل سمكة.

في هذا الكائن (الخرافي) لا يُوْجَد وجوداً واقعياً إلاَّ عنصريه، أي "رأس الإنسان" و"ذيل السمكة"؛ فهو واقعيٌ من حيث مكوِّناته وعناصره؛ لكنَّه خرافي من حيث "التركيب ".

وهذا إنَّما يعني أنَّ "الخرافة"، في عالم السياسة، تشمل فحسب "التركيب"، أو "الصِّلة التي تُنْسَج بين العناصر والمكوِّنات" التي هي بِنْتُ الواقع؛ وإنَّني لأتحدَّى صُنَّاع الخرافات، والقائلين بها، أنْ يأتوني ولو بخرافة واحدة لا تشبه خرافة "عروس البحر" لجهة انتماء عناصرها ومكوِّناتها إلى الواقع!

هل هذا الذي قلته حتى الآن ضدَّ الخرافة (في عالم السياسة) يمكن أنْ يبرِّئ ساحتي من تهمة التورُّط في تأليف خرافة جديدة؟

كلاَّ، لا يُبرِّئني؛ فما كتبته حتى نهاية هذا السطر يبدو نَسْجَاً لصلة خرافية بين ثلاثة أشياء وعناصر واقعية هي: "ويكليكس"، و"الخوف من البعبع"، و"حزب التحرير الإسلامي".

الآن، سأسعى في ردِّ "التهمة" عن نفسي، وسأغادر "عالم السياسة الافتراضي"، عائداً إلى "عالمها الواقعي"، وسأمنع عينيَّ من أنْ ترى غير حقائقه التي لا تخالطها خرافة؛ فهل يختلف قولي عندئذٍ؟

أجل، يختلف؛ فأنا لا أرى الآن في هذا العالم الواقعي للسياسة إلاَّ أمْرين متلازمين: "الثورة التونسية" التي تخطو كل يوم، لا بل كل ساعة، مزيداً من الخطوات على طريق التاريخ، و"الثورة المضادة"، التي بقواها المحلية والعربية والإقليمية والدولية تسعى إلى "سرقة" الثورة، أي إلى إجهاضها أو وأدها؛ وإنِّي لأتَّهِم كل من يحاول أنْ يسرق من "ثورة الياسمين" أضواءها الإعلامية بأنَّه مساهِمٌ عن قصد أو عن غير قصد في الجهود المبذولة لسرقة الثورة نفسها، فلا قضية ينبغي لها أن تستأثر باهتمامنا الإعلامي الآن غير قضيتها، أي قضية "الثورة التونسية العظمى".

أيَّها الإعلاميون العرب، إنَّ خير خدمة تسدونها إلى "الثورة التونسية"، التي هي تونسية القالب، عربية القلب، وفي منزلة الثورة الأهم في تاريخ العرب، أي منذ فتح مكة، هي أنْ تسلِّطوا عليها مزيداً من الأضواء، أو ما استطعتم من أضواء، لعلَّكم تساهمون، ولو قليلاً، في إخراج هذه الأمَّة من الظلمات إلى النور!

في عيون هذه الثورة، ولأنَّها عظيمة، صَغُرَت عظائم الأمور؛ فَلِمَ تَعْظُم في عيونكم صغائرها؟!

الحدث، وهو حدث تاريخي بكل معانيه وأبعاده، يتحدَّاكم الآن أنْ تبحثوا في ذاته؛ فَلِمَ تعودون إلى ما كان عليه الإعلام من تقاليد في عهد المخلوع زين العابدين، وفي مقدَّمها تقليد "البحث في رائحة الشيء"؟!

لِمَ تتلهُّون، وتُلَهُّون 350 مليون عربي، عن هذا الحدث التاريخي بتوافه الأمور، فاليوم أمر، وأمس كان خمراً، ولو أنَّ في الخمر معنى ليس في العنب؟!

لن أقول إنَّكم أخطأتم؛ لكنَّني أُعيد تعريف الخطأ على أسماعكم، فالخطأ (في القرار) قد يكون هو عينه الصواب؛ لكنَّه الصواب الذي (قِيل أو عُمِل) في غير أوانه؛ فإنَّ عشرين سنة من المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، مع آلاف الوثائق، لا تَعْدِل الآن لجهة أهميتها يوماً واحداً من أيام الثورة التونسية، أو شعاراً واحداً من شعاراتها التي هي كالسيف في حدِّه الحدُّ بين الجد والهزل.

الآن ينشغل الشعب التونسي، ونيابةً عن الأمَّة، بصنع شيء جديد كل الجدة، فننشغل نحن عن هذا الحدث التاريخي قَيْد الصُّنع بأسوأ مخلوق من مخلوقات السياسة العربية، ألا وهو "مفاوضات السلام" مع إسرائيل؛ فكلَّما تحدَّانا المستقبل أنْ نصبح له أبناءً، ولمعركته جنوداً، رجعنا القهقرى، بعقولنا وأفكارنا ومشاعرنا وهمومنا واهتماماتنا..؛ لكن، إلى أين؟

إلى عصرٍ أصبح، أو كاد أن يصبح، أثراً بعد عين، وكأن لا قوَّة يمكننا امتلاكها إلاَّ تلك المستمدة من الماضي وأمواته وأرواحه وأشباحه؛ فَلِمَ ننصرف عن الحياة والأحياء؟!

ولِمَ لا نَدَع الموتى يدفنون موتاهم؟!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يقرأ الحاكم العربي سورة -افْهَمْ-؟!
- تلك هي -الطريق-.. وهذه هي -المحطَّة النهائية-!
- الثورة التي كشفت المستور!
- حتى لا تصبح -الثورة المغدورة-!
- السقوط العظيم!
- أُمَّة ينهشها الفقر والجوع والغلاء والبطالة!
- ظاهرة -العنف المجتمعي- وظاهرة -إساءة فهمه-!
- كيف يكون السفر في الفضاء سفر في الزمان؟
- سياسة -الانتظار- و-أزمة الخيار-!
- جريمة أكبر من تُواجَه بعبارات الإدانة والاستنكار!
- فكرة -فناء المادة-.. كيف تحوَّلت من لاهوتية إلى -فيزيائية-؟!
- عمرو موسى.. مُقَوِّماً للتجربة!
- -الانهيار القومي- في -محطَّته السودانية-!
- هل يتوقَّف الزمن؟
- هذا الخلل التفاوضي الكبير!
- هل ماتت الفلسفة حقَّاً؟
- تدخُّل الإعلام في الشأن الداخلي لدولنا!
- خطوة إلى الأمام وعشرة إلى الوراء!
- إشكاليات في المعرفة الكونية
- الخيارات الستَّة البديلة!


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - لا تسرقوا منها الأضواء!