أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد محمد صالح - التخلف دائما فى العقول















المزيد.....

التخلف دائما فى العقول


أحمد محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 973 - 2004 / 10 / 1 - 13:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أعلنت وكالات الأنباء أن الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتى العام في المملكة العربية السعودية أفتى بمنع استخدام أجهزة المحمول المزودة بالكاميرات. وقال المفتى إن تلك الاجهزة تساهم في نشر الفواحش في المجتمع الاسلامي. وكانت السلطات السعودية قد سحبت أجهزة المحمول المزودة بالكاميرات من الاسواق بعد أن ساد قلق من أنها يمكن أن تستخدم في تصوير النساء من دون علمهن. فقد شهد أحد الأعراس مشاجرة بين النساء عندما قامت بعضهن بالتقاط صور لنساء آخريات غير محجبات، وفي حادث آخر، طردت طالبة من الجامعة بعد أن نشرت صورا لنساء على شبكة الانترنت. يذكرأن اجهزة الهواتف المحمولة المزودة بكاميرا لاتزال متوافرة علىالرغم من الحظر على تداولها وبيعها واستيرادها الذي فرض في شهر مارس آذار ، حيث يسهل تهريبها من البحرين أو الامارات المجاورتين ، على الرغم من العقوبات التي فرضت والتي قد تصل الى التغريم أو السجن لمدة عام على من يضبط اثناء تهريبها. يذكر أن وزارة الداخلية السعودية كانت قد فرضت حظرا في شهر ديسمبر كانون أول الماضي على استيراد الدمى وما شابهها من لعب الاطفال التي تأخذ شكل الحيوانات ومنحت التجار ثلاثة أشهر للتخلص مما لديهم من مخزون .واضح تماما ان الفكر الوهابى المتزمت مسيطر تماما على العقول هناك ، وسط مناخ من القمع والتسلط الفكرى والسياسى ، فلا نستغرب بعد ذلك من حجب موقع الحوار المتمدن عن السعوديين ، وهذا يجرنا إلى السؤال التالى هل الإنترنت خير أم شر ؟! وهو سؤال أخلاقى وفلسفى يثار دائما مع كل جديد من الأفكار أو التكنولوجيا ، فكل مستحدث يحمل معه للبشرية جوانب إيجابية وجوانب سلبية ، والأمر متوقف على الإنسان نفسه فى توظيفه واستثماره لتطبيقات التكنولوجيا لأن المستحدثات التكنولوجية لا تَقفُ بعيدا عن القيم الإنسانية. وفى السنوات الإخيرة ظهرت ثلاث اتجاهات لتفسير ذلك ، الأتجاه الاول يحمل نظرة باطنية ، ويقرر ان القيم الانسانية التى يحملها مصممى نظم الكمبيوتر والإنترنت تظهر فى تصميماتهم وتطبيقاتهم التى يبتكرونها ، وتصبح القيم التى يحملونها جزءا من التكنولوجيا نفسها . لكن هذه النظره الداخلية قد ِ تَظْهرُ على غير حقيقتها في الإحساسِ الذي يَنْسبُ الى الحالات العقليةِ ، وإِلى الأشياءِ التي لا تملك المسؤوليةُ ، فلا يمكن القول :ان البندقية نفسها تنَوى أَنْ تَقْتلَ شخص ما ؟ أو أن الكمبيوتر لديه القدرة والإدراك على التفرقة بين المعانى ، و بين الجمال والقبح . الاتجاه الثانى نقيض الاول ويقرر ان القيم تكمن فى مستعملى التكنولوجيا أنفسهم ، ولَيسَ فى التّكنولوجياَ نفسها ، واصحاب هذة النظرة يَقُولونَ " ان المسدّسات لا تَقْتلُ الناس ، ولكن الناس أنفسهم يقتلونَ "؛ أو بشكل مشابه، " المطارق بنفسها لا تَدقْ المسامير، بل الناس انفسهم يَفعلونَ " أو " قواعد البيانات فى الكمبيوتر ِ لا تَتعقّبُ وتقتفى آثرالمعلومات ، بل الناس هم الذين يبحثون َ. " لكن هذة النظرةِ تُهملُ وتتجاهل خبرتنا اليوميةَ مع الأدواتِ التى نستعملها ، فهى توصلنا الى مهمة معينة بطريقة معينة لكل اداة ؛ بمعنى ،لا توجد أداة واحدة تَخْدمُ كل الأغراضِ ، ونقترح عليك الآن ان تحاول دق مسمار فى الحائط عن طريق الإنترنت وبرامجها ، وارجوك لا تسخر فقط حاول ان تفعل ذلك ، اؤكد لك انك لن تسطيع ! وحاول ان تشرب الشوربة بالشوكة مثلا ، لكن ممكن تشربها بالمعلقة او من الطبق مباشرا ! وهنا تتدخل الثقافة بما تحمله من قيم ، وهو ما يعكسه الأتجاه الثالث ، حيث يقرر ان الناس بما تحمله من قيم، تُصمّمُ وتصنعَ الأدواتَ التكنولوجية الملائمة لكل موقف ، وتجعل الأدواتِ أكثرِ مناسبة لبعض الإستعمالاتِ عن الآخرى. فالمطرقة مناسبة تماما لدق المسامير ، والمغرفة مناسبة تماما للشوربة ، وكذلك مسند الكتب الذى يوضع فى نهاية صف الكتب ،و ايضا وزن الورقة ، كلها ادوات مناسبة تماما لوظائفها . بكلمات أخرى، النشاط الإنساني معاق ومقيد ، ومرتبك ، وربما مأخوذ ومثار ومدفوع بمميزاتِ وخصائص التّكنولوجياِ ، لكن لا يحسب بواسطتها . وبتعبير لغة تصميم نظم الكمبيوتر ، نحن لا نصمم القيم التي سَتَخْرجُ ، وتظهر فى الأنظمةِ بشكل متصلّب . لكن لا يُمكنُ أَنْ نَتنازلَ عن مسؤوليتهاَ . فعلى مستوى قيمة العدالة ، الناس في أماكن العمل يَجِبُ ان يملكون فرص عادلة على الوصول إلى التّكنولوجيا ، تماما مثل قدرتهم على الدخول بناية عامة ، وهنا مصممى نظم الكمبيوتر ، يملكون الإختيار بين محاولة َ بناء بنية تحتية تكنولوجية تتيح للناس فرص متساوية للوصول إلى التكنولوجيا ، او يضعون شروطا للدخول ، أو يمنعون تلك الفرص المتساوية أمام الناس . وبذلك يعطلون مبدأ من مبادىء حقوق الأنسان .
وتطبيقا لهذا الأتجاه على مستعملى التكنولوجيا ، يمكن ان نقرر ان الناس بما تحمله من قيم تستعمل الأدواتَ التكنولوجية الملائمة لكل موقف ، وتجعل الأدواتِ أكثرِ مناسبة لبعض الإستعمالاتِ عن الآخرى ، وفقا لبنينها القيمى ، فقد فوجئت باعلان فخم جدا وبالالوان ، فى أشهر مجلات الكمبيوتر العربية يتكلم عن العالم الخفى ، وماذا تعرف عن الجن ؟! كيف يأكلون ؟ ويشربون ؟واين يسكنون ؟وكيف يتشكلون ويتصورون ؟ هل الجن تسكن بيوت الأنس ؟ وكيف يمكن طردهم منها ؟ كيف تعالج المس وتخرج الجن من الشخص الممسوس ؟ كيف تعالج الشخص المسحور بالقرآ ن الكريم ؟ كيف تتحدى الساحر وتبطل سحره ؟ كيف تعالج الشخص المحسود والممسوس ، وكيف تعالج نفسك من حسد الحاسدين وسحر الساحرين ؟ كل ذلك تجده فى برنامج كمبيوتر تنتجه شركة سعودية لها عنوان فى القاهرة منشور فى المجلة . وهذة الشركة جمعت الكتب الصفراء التى تباع على الارصفة و تتكلم عن الجن والشعوذة وحولتها إلى صورة إليكترونية فى شكل اسطوانة CD ، فى الوقت الذى تعتبر اسرائيل الدولة رقم واحد فى الشرق الأوسط فى انتاج تكنولوجيات المعلومات من برامج وأجهزة جادة ومفيدة ، والهند تصدر كل عام برامج كمبيوتر بعدة مليارات من الدولاات ، ونحن فى المنطقة العربية ، نستثمر الكمبيوتر فى الشعوذة . و يقول فلسوفنا الدكتور مراد وهبة : عندما يشترى العرب الكمبيوتر يفرغونه من قيمته الحضارية ، وهكذا سخرنا الكمبيوتر للدجل والخرافه ، والجن ، هكذا نحن ولا فائدة ، فالتخلف اصبح معشش فى العقول حتى لو تغيرنا فى مظهرنا وأستعملنا الكمبيوتر ، فالتخلف دائما فى العقول بما تحمله من قيم . ويجب ان نعترف اننا نملك منظومة سلوكية منفصمة عن العلم والحداثة ، ففي الوقت الذي نستخدم فيه ثمار العلم من كمبيوتر وطائرات وسيارات ، نرفض المبادئ العقلية ، والقيم التي يؤسس عليها العلم ، ولقد بات واضحا أن المستقبل لن ينتظرنا ، فالثورة الحضارية التي تجتاح العالم ألان ، تتم أصلا داخل الإنسان ، فهي تتطلب تأهيل ثقافي جديد تماما ، ينشط القدرة الإبداعية والعقل الناقد ، ويستلزم ذلك تغيير المنظومة الاجتماعية والسياسية والإدارية للمجتمع ، وبغير ذلك يصبح استخدام الكمبيوتر والإنترنت فى مجتمعاتنا مثل استخدمنا للتليفون المحمول والفيديو والسيارة استخدام يترجم التحضر الزائف ، ويعكس ثقافة الكذب والمظهرية الاجتماعية ، والاختفاء وراء مكانة أجتماعية زائفة ، طبعا لأننا غير منتجين لتلك التكنولوجيا .
ورغم اهمية مبدأ مدى ملائمة خصائص التكنولوجيا للظروف التى تستعمل فيها ، وهو مبدأ هام جدا وضرورى ، ولكنه لا يعطينا ضمان بفرص متساوية ( قيمة أنسانيه ( لوصول الناس لتك التكنولوجيا .
ونحن كمستعملون للتكنولوجيا ، بالطبع، لَيسنا ضعفاء دائما عندما نواجه توجهات قيمية فى خصائص وميزات التكنولوجيا التى نستعملها ، خاصة عندما تكون تلك التوجهات غير مرحب بها .
كمثال، كنت اقوم بتدريس مقررا حول تطبيقات الإنترنت فى مثيودلوجى العلوم الاجتماعية لطلاب المسجلين لمرحلة الدكتوراه ، وكان محور المقرر ، كيفية البحث فى الإنترنت حول موضوع معين ، وفى أثناء التدريب كنت الاحظ ، ان الفصل اذا كان يضم طلابا من الذكورفقط ، كانوا يمارسون عملية البحث بحرية كاملة ، وقد يتعرضون لمواقع تعرض الجنس ، فيتم التعليق عليها بنوع من الفكاهة الخفيفة ، ويستمرون فى تدريبهم البحثى . اما اذا ضم الفصل طلابا وطالبات، يكون كل منهم حريصا الا يقع فى مطب التعرض لأى موقع يعرض الجنس . هذا معناه انه رغم التوجة القيمى بالحرية الكاملة فى الإنترنت كتكنولوجيا ، الا ان هذا التوجه رفض من قبل المستعملين فى مجتمع معين . و يُمكنُ أَنْ نَقُولَ : بأنّ أي نشاطِ إنسانيِ يعكس قيم انسانية ، فَشْربُ الشايَ بدلاً من العصير ، حضور معرض فنى بدلا من مشاهدة مباراة فى كرة القدم . قراءة موقع الحوار المتمدن بدلا من الصحف والمجلات الصفراء اياه ، كلها امثلة تعكس نشاط انسانى يعكس قيم شخصية معينة ، أنا عِنْدَي قِيَمُ شخصيةُ ، وكلنا لدينا قيم شخصية تظهر فى سلوكيتنا المتعددة . وعلى ذلك ما فعلته الحكومة السعودية فى حجب موقع الحوار المتمدن بما يحمله من افكار الحرية والعدل والحب ، عمل منطقى تماما وفقا لمنظومة الاستبداد والقهر الفكرى والدينى والاجتماعى التى تسود على مناخ المجتمع هناك .



#أحمد_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنترنت والإستبداد
- موتوا
- التحرش الدينى
- المثقفون وتحديات عصر المعلومات
- ثقافة الدوجما
- انتصار الفقر
- التدين على الإنترنت
- ختان العقول
- الأديان والعقائد حول العالم
- حقوق المعلومات فى عالم غير متساوى
- الشيخة نادية والدكتور زويل
- المثقفون والعمدة
- الحرية الأكاديمية وأسلمه المعرفة
- الإرهاب و وسائل الإعلام
- فى بلاد الكفيل
- المرأة المصرية فى عباءة الكفيل الوهابى


المزيد.....




- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...
- ماذا تعرف عن كتيبة -نتسيح يهودا- الموعودة بالعقوبات الأميركي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد محمد صالح - التخلف دائما فى العقول