أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حمزة رستناوي - الظاهرة البوعزيزية.. و جنة عرضها وطن















المزيد.....

الظاهرة البوعزيزية.. و جنة عرضها وطن


حمزة رستناوي

الحوار المتمدن-العدد: 3254 - 2011 / 1 / 22 - 22:52
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


(1)

سيثبت مدوّنات التاريخ أن المناضل التونسي محمد البوعزيزي , أقدم على حرق نفسه في فعل احتجاجيّ ,أدى لانطلاق شرارة الثورة التونسية 2011.

و سيحتفل التونسيون و غيرهم بتاريخ 17- ديسمبر ك1 تخليدا لذكرى البوعزيزي, و على النقيض من ذلك سيثبت مدوّن التاريخ أن زين العابدين بن علي الرئيس الثاني للجمهورية التونسية بعد الاستقلال قد تم خلعه من قبل شعبة, و فرّ هاربا خوفا على نفسه, بالتأكيد لن يحتفل أحد بتاريخ هروب بن علي خارج تونس, و لن يستبدل أحد صورته على الفيسبوك بصورة زين العابدين .

علّق و سيعلّق التونسيون و كثير من العرب صور البوعزيزي في منازلهم و سيجعلونها خلفية لشاشة الكومبيوتر أو الموبايل محبّة لتونس ,و بالمقابل كذلك نزع التونسيون صور زين العابدين بن علي محبة كذلك منهم لتونس, و لعلّها مقارنة غير متكافئة بين زين العابدين بن علي و بين محمد البوعزيزي , مقارنة غير متكافئة و لكن لصالح البوعزيزي هذه المرة.



*

(2)

الحركات و الظواهر الثورية في البلاد العربية بعد الاستقلال تفتقد بصورة عميقة للرمز, الرمز كوظيفة اجتماعية و ثقافية جامعة و محرّضة, كقدوة ذات رأس مال رمزي. و سأحاول تلمّس العوامل التي ساعدت على ذلك تعزيز رمزية البوعزيزي:



*الشباب : أي أنه يملك إمكانية فرص أخرى في المستقبل لتحسين وضعه, و مع ذلك قرر وضع حدا لهذه الإمكانيات, إنّه يقدم على التضحية في ريعان الشباب.



*الانتحار حرقا ً: بما للحرق من دلالة رمزية, إنه من أقسى أنواع السلوك العنفي, القسوة هنا دليل المعاناة و الصدق في التعبير عن هذه المعاناة.



*الصدق و المعاناة: حيث أقدم محمد البوعزيزي على الانتحار احتجاجا على الظلم, ظلم قابل للتصديق و المشاركة , محسوس و مُعَايَش , و ليس ظلم في مكان آخر يذهب ضحيّته أناس آخرين, ظلم قد يتم إعادة تصنيعه و توظيفه و أدلجته,في سياقات تفقده البريق الإنساني و قوة البداهة.



*المشهديّة : فثمة مشهد علني لموت واقعي ,رسالة فجّة صادمة للمُشاهد تستهدف شريحة واسعة و بالتالي تأثير أكبر , و ليس موت في الخفاء و خلف الجدران أو في الأقبية,فهنا تبرز قوة الصورة -الفرجة - مقابل الضعف النسبي لقوة القول و الكتابة.

*

(3)



سأقوم بمحاولة أوّلية لتفهم سياقات التشكّل المختلفة للظاهرة البوعزيزيّة :

1- الزمان: هذا الحدث مرتبط بعصر المعلومات و ثورة الاتصالات: فضائيات, فيسبوك, جوالات , تسريبات موقع ويكيليكس , نقص سيطرة السلطات على تدفق المعلومات , فلو وقع هذا الحدث قبل ربع قرن في ظل سيطرة الدولة على الإعلام و تحكّمها به, كان يمكن أن توقّع سيناريو مختلف.



2- المكان: تونس و ليس مكان آخر : فثمة طبيعة محدّدة للمجتمع ولنمط الاستبداد التونسي أتاحت هامش حرية يسمح بنمو تناقضات أفقية في المجتمع أي تناقض: سلطة مستبدة/ شعب , و ليس تناقضات تسمح بانقسام المجتمع عاموديا و الدخول في صراعات فئوية و أثنية تهدد وحدة التراب الوطنية.



3- العقيدة: ثمة تعاطف مع ظاهرة الانتحار حرقا ,و تفهّم لها , و تفاعل معها من قبل التونسيين , و هذا التعاطف و التفهم قد يكون غائبا أو أقل في مجتمعات أكثر تشددا ً وأكثر محافظة في فهمها و معايشتها للتجربة الدينية, بل قد يكون ذات الفعل و في مكان آخر مثار استنكار و نبذ اجتماعي , حيث يتم توظيف نصوص مقدّسة للحكم عليه بالسجن المؤبد في نار جهنم , و للإطلاع يمكن قراءة تعليقات القراء في النت:

و سأسوق أحد تعليقات القراء في "الجزيرة نت" كمثال:


تعليق لملقب" مجاهد جزائري"


"قاتل النفس في جهنم مخلدا فيها . و لا يعذب بالنار إلا رب النار

الله من يرزق العباد و ليس الدولة ,ضعيف الإيمان . ينسى فضل الله

عليه . "

و كذلك لو كان محمد البوعزيزي يعايش التجربة الدينية بشكلها آخر

,لأقدم على سبيل المثال على الالتحاق بتنظيم القاعدة و تفجير نفسه

في مخفر للدرك التونسي, أو لكان تحلّى بالصبر و الدعاء..الخ.

و السياق الذي أعرضه هنا سياق تحليل و تفهّم و ليس سياق تأييد

أو إدانة.



4-الإدارة: قام محمد البوعزيزي بإدارة للصراع مع ممثلي السلطة في مدينة سيدي بو زيد بطريقة معيّنة انتهت بحادثة الانتحار المشهدي حرقا , لنفترض سيناريو آخر حيث دخل في عراك مع الشرطة و تم اعتقاله مثلا , أو أنه أقدم على الانتحار شنقا في المنزل,أو سعى للهجرة إلى فرنسا,أو تحول لعصابات الجريمة, أو التحق بصفوف القاعدة: كلها سيناريوهات ممكنة الحدوث, و يبرز عامل الإدارة كذلك حاسما في إدارة مظاهرات الاحتجاج ضد السلطة التونسية ,فقد استخدمتْ تكتيكا لاعنفيّا و بإرادة تصميم و شجاعة.

*

(4)

الظاهرة البوعزيزية : جاءت ضمن سياق اجتماعي سياسي اقتصادي زمني مكاني مختلف عن ظواهر انتحار عربية حرقا خلال الأسبوعين الأخيرين و لذلك أثمرت و نضج أوانها.

هي ظاهرة مفاجئة غير متوقعة ,ثمة مزيج انفجاري سابق على الحادثة كان شرارته محمد بو عزيز.

حيث نجد عدة حوادث من الانتحار حرقا احتجاجا على الظلم الاجتماعي و السياسي جرت في الجزائر و مصر, بالتأكيد قد أحرجت الحكومات المصرية و الجزائرية , و تسارع المسئولون فيهما – و في بقية بلاد العرب - لتأكيد خصوصية الحالة التونسية, فحوادث الانتحار حرقا كشفت المستور, فضحت حال القهر و الفقر و الظلم الاجتماعي , و كان من ثمارها مكاسب آنية في أكثر من بلد عربي تتعلق بالوضع الاقتصادي, حسنا هذا أمر ايجابي. و لكن لم تنجح الظاهرة البوعزيزية إلا في تونس!

ما جرى في تونس: مؤشر أوّلي قابل لشتى الاحتمالات بما فيها الانتشار و المراوحة و النكوص.

و أخيرا ً:

هل محمد البوعزيزي في الجنة أم في النار أم ...: لا أعلم!

و لكن الذي أعلمه أن محمد البوعزيزي فتح أفقا لجنَّة دنيويّة عَرْضُها وطن , و طولها إنسان.



#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعجاز الرقمي عند الأقدمين- قراءة نقدية.
- هل الوجود أم الوجود المسيحي فقط في خطر؟!
- هل النطفة الأمشاج هي البويضة الملقحة؟!
- الدراما التلفيزيونية في قفص الاتهام!
- قراءة في قصيدة بطولات عربية للشاعر ماجد الاسود
- مع موريس بوكاي و خلق الإنسان و الإعجاز العلمي ج3/3
- مع موريس بوكاي و خلق الإنسان و الإعجاز العلمي ج2/3
- مع موريس بوكاي و خلق الإنسان و الإعجاز العلمي ج1/3
- عين على قصيدة الومضه-قراءة في كتاب-
- تهافت الاعجاز العلمي في القرآن الكريم
- فبركات زغلول النجار و الأحد عشر كوكبا
- حول تجربة الشاعرة فوزية أبو خالد
- الشاعر المنتظر
- مدينة الموتى
- العقل بين الميتافيزيقيا..و طرائق التشكّل
- في البحث عن خرافة جوهر الانسان
- حول مصطلح نزع القداسة
- بيوت الله, أم بيوت في خدمة المستبد؟! طاجكستان نموذجا
- بوتريه الكهف
- الالحاد كإيديلوجيا شمولية ؟! ماجد جمال الدين نموذجا


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حمزة رستناوي - الظاهرة البوعزيزية.. و جنة عرضها وطن