أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المصطفى المغربي - السنونو و الملك














المزيد.....

السنونو و الملك


المصطفى المغربي

الحوار المتمدن-العدد: 3254 - 2011 / 1 / 22 - 10:02
المحور: الادب والفن
    


ككل يوم، يصل على مثن دراجته إلى تلك المدرسة الريفية البئيسة،،يفتح حجرة الدرس،و يأمر أطفاله بالدخول،،يبقى هو في الخارج يشعل سيجارة و يتكئ على حائط الحجرة لينتظر المتأخرين من التلاميذ و يفكر فيما سيشاركهم فيه من دروس ،،،،
بعد اكتمال حضور التلاميذ و بعد إنهاء تدخين سيجارته،،،يدخل الحجرة ،،،يحييه الأطفال ثم تتعالى أصواتهم طالبين الكلمة،،،الكلمة اليومية الروتينية و هي تسجيل اليوم و التاريخ،،،يتلقى الكلمة من أحدهم ثم يستدير ليخط في أعلى السبورة اليوم و التاريخ،،،،في كل مرة عندما يبدأ الكتابة يحس أنه صغير تحت تلك الصورة المنتصبة فوق السبورة،،،صورة ملك البلاد الذي امتلكها و هو في بطن أمه،،،في بطن أمه امتلك البلاد و العباد،،،
يسجل اليوم و التاريخ و يتجاهل سطوة الصورة ثم يبدأ في تقديم دروس اليوم،،
تلاصق حجرة الدرس دار صغيرة أعدت سكنا للأساتذة ،،،و لأن المدرسة قريبة من المدينة و لأن لاأستاد يستقر بالمدرسة فقد بقيت الدار مهملة،،،و تكسر زجاج نوافدها فاستوطنها زوج من السنونو بنى فيها عشه ،،، ياتيها كل ربيع ليفرخ فراخه و يرحل،،،في هذه السنة تكسر زجاج نافدة حجرة الدرس بسبب حجر طائش لتلميذ متهور،،،فوجدها ذكر السنونو فرصة ليبيت في الحجرة،،،الأنثى تبيت حاضنة البيض في الدار المهجورة بينما الذكر يبيت في حجرة الدرس،،،يدخل بعد أن يغادرها التلاميذ في المساء،،،
و لأن لا شيئ ناتئ في الحجرة سوى صورة الملك فقد جعل منها مقرا للمبيت،،،
و هكذا ازداد عبئ آخر للمعلم و هو تنظيف صورة الملك كل يوم من مخلفات تبرز السنونو،،،كل يوم يجد البراز قد رسم أشكالا هندسية على وجه الملك،،،
صار التلاميد يطلبون الكلمة الأولى لتنبيه المعلم إلى البراز فوق وجه الملك،فالتاريخ لم يعد يعنيهم،،،إنه فقط أرقام و حروف غامضة،
يأخذ المسكين الكرسي يصعد فوقه و ينزع الصورة ،،ينظفها و يرجعها لمكانها،،،
هكذا ازداد عبء آخر،فإلى جانب التدريس و تنظيف القسم،،صار الأستاذ كل يوم ينظف صورة الملك من براز السنونو،،إنه عبء ثقيل لكنه ضروري ،،فهو لا يريد أن يفاجئه زائر من الرؤساء أو المسؤولين و يجد وجه الملك ملطخ بالبراز،،إنها جريمة شنعاء،،قد تؤدي بأستاذنا إلى المثول أمام المحكمة بتهمة إهانة المقدسات و الإخلال بواجب الاحترام للملك
لذلك صار كل يوم يدخل قبل التلاميذ،،يصعد على الكرسي،،ينزل صورة الملك،،ينظفها برفق و يعيدها إلى مكانها
صار هذا العمل روتينيا و مقززا للأستاذ و تحول حبه لتلك الطيور السوداء الرشيقة إلى كره لا حدود له و بات يتصيد الفرصة للإيقاع بالطائر المتهم،،
في يوم غائم ،حيت حجبت الغيوم الشمس قبل موعد غروبها بساعتين ،وحيت كان التلاميذ منهمكين في إنجاز تمرين ،و كان الأستاذ يجلس بمكتبه يهيء بعض الأوراق و كان الصمت سيد المكان، دخل السنونو ظنا منه أن الحجرة فارغة،،عندما أحس الأطفال برفرفة جناحيه تصايحوا ،،انتبه الأستاذ فأسرع لغلق منفذ الخروج بالكرتون و خلع معطفه وراح يطارد الطائر حتى أوقعه أرضا،،،،التقطه بيده وراح يتأمله ،،كانت أنفاس الطائر المتسارعة تختلط مع لهات الأستاذ مع ضحكات و صياح التلاميذ،،جلس في المكتب و راح يفكر فيما هو عامل بهذا المخلوق الضعيف الذي يوشك أن يرسله إلى السجن ،،فجأة قفزت في ذهنه فكرة،،،
لم لا يحاكم الطائر قبل أن يحاكموه هو؟؟؟،،،و هكذا اقترح على تلاميذه أن تقام معاكمة عادلة للطائر،،نصب نفسه القاضي و تطوعت فدوى تلك الصبية الرقيقة الشاعرة للدفاع عن الطائر في حين انبرى شعيب ابن رجل السلطة في القرية ليمثل الادعاء العام و يدافع عن قداسة الملك ليكرس قداسة أبيه في القرية في حين اعتبر الباقي ملاحظين و مستشارين
احتدم النقاش فشعيب يطالب بإعدام الطائر لارتكابه تهما خطيرة تتعلق بالمقدسات،،أما فدوى و مناصروها فيدافعون عن حق الطائر في السكن وممارسة حقه في التبرز بحرية،،،
ظل الاستاذ القاضي يتابع النقاش و عينه على الطائر المحبوس بين كفيه،،،و من حين لآخر كان يجد نفسه قد شرد بخياله و تمنى لو يكون سنونو ليتبرز على كل الوجوه التي تغتصب وقته،،،و تفرض عليه نمطا تافها من الحياة،،،
كان لا يعيده من أحلامه تلك سوى صياح الأطفال حين تحتد أنانيتهم ،،،فيتدخل ليوجه النقاش و يطرح أسئلة جديدة،،،
امتد النقاش ليتحول إلى عبث و فوضى،،، خصوصا لما سألت فدوى شعيبا و قالت له:
قل لي أنت:
ألست تتبرز وراء شجيرات صبار العم قدور؟؟؟،،،أعرف أن بيتكم ليس فيه مرحاض،،،و اعرف أن أمك لا تتبرز سوى تحت ستر الظلام،،،فلم تلوم طائرا مولعا بالحرية عن تبرزه؟؟؟
احتج شعيب بشدة و اعتبر كلام زميلته إهانة له و تدخلا في خصوصياته و صار يرعد و يزبد تماما كوالده حين يواجهه فلاح عنيد لا يرضخ لابتزازه،،،
هنا تدخل الأستاذ و هو لازال تحت تأثير احلامه ،وجدها الفرصة المناسبة و أصدر الحكم النهائي:
كل العصافير حرة حتى و لو تبرزت على وجه الملك،،، فهي لا تتبرز إلا للضرورة،،،
و هكذا تم إطلاق سراح العصفور و تم إلصاق الصورة على الحائط بحيث لا تبق ناتئة حتى لا يجد الطائر أين يضع قدميه،،،
من يومها لم يعد الطائر و استمرت الدراسة في روتينيتها المعهودة،،،،
لكن تمة شيء ظل ناقصا،،



#المصطفى_المغربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا تونس،،
- إدماج
- أنت دائما،،
- كذب حبي،،،،،
- لا أقول شيئا
- إنانا
- فتاة المطر
- لتسقط السماء من ذاكرة الأشجار
- إلى سمحة-ابنتي التي لم ألدها-
- ريش
- خوف الفئران
- مشانق و مناجل
- قرارات حاسمة


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المصطفى المغربي - السنونو و الملك