أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - شكري لطيف - لا سيادة للشعب دون سحق الدكتاتورية وحلّ الحزب الدستوري الفاشي















المزيد.....

لا سيادة للشعب دون سحق الدكتاتورية وحلّ الحزب الدستوري الفاشي


شكري لطيف

الحوار المتمدن-العدد: 3252 - 2011 / 1 / 20 - 21:58
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


دخلت الجماهير الشعبية في تونس طيلة الشهر المنقضي في منازلة حاسمة مع الدكتاتورية الغاشمة التي لم تتورّع عن استخدام أبشع وسائل القمع والتنكيل والاغتيال ضدّ المدنيين العزّل. و قدّمت الجماهير الشعبية أروع أمثلة البسالة والتضحية في سبيل تحقيق انعتا قها من سلطة القهر السياسي والحيف الاجتماعي والتفاوت الجهوي والطبق أللتي مارستها عليها أقلية رأسمالية عميلة للامبريالية الأمريكية والفرنسية. وبالرغم من اختلال موازين القوى بين سلطة مدجّجة بالأجهزة القمعية داخليا وبالدعم الامبريالي والرجعي العربي خارجيا، وبين جماهير لا تملك سوى حناجر وسواعد أبنائها وبناتها،عمالها وفلاحيها، مناضليها ومناضلاتها النقابيين والحقوقيين والسياسيين، فقد تمكّنت بفضل إيمانها الراسخ بعدالة قضيتها من الانتصار ومن بث الذعر في قلب وراس النظام الحاكم الذي تسلّل بكل جبن هاربا تحت جنح الظلام.

غير أن هذا الانتصار التاريخي الذي حققته الجماهير الشعبية في تونس يواجه اليوم وبعد أيام معدودة من هروب الدكتاتور مخاطر جمّة تتهدّده وتعمل جاهدة على احتوائه وتصفيته.

فالإمبريالية الأمريكية والفرنسية وبعد تباغتها بالزخم الشعبي الذي جرف عميلها، اضطرت إلى التخلّي عنه ولفظه كالنواة تماما كما فعلته دوما مع عملائها السابقين الذين انتهت مهامهم، وهي تسارع إلى توجيه الأحداث في اتجاه دعم سلطة تُواصل الارتباط عضويا بمصالحها الحيوية، سلطة تضمن وتحافظ على هيمنتها الاقتصادية وعلى التبعية الكاملة لاستراتيجياتها السياسية والعسكرية من خلال الاتفاقيات والمعاهدات المعلنة والسرية التي فوّت بموجبها النظام الدستوري العميل في كل مُقوّمات السيادة والاستقلال الحقيقي وانغمس في محور تفكيك التضامن العربي وطعن الثورة الفلسطينية في الظهر والتطبيع مع العدو الصهيوني الذي عبّر مسئولوه عن أسفهم البالغ لرحيل بن علي بوصفه من اكبر المؤيدين لهم وعن "خشيتهم من تحوّل تونس إلى دولة تعتبرهم عدوّا وليسو أصدقاء كما اعتبرهم بن علي من قبل".

أما بالنسبة للأنظمة الرجعية العربية، فقد تملّكها الهلع من جرّاء النموذج الثوري الباسل الذي قدّمته الجماهير التونسية وهي تسعى بكل قوة إلى الحيلولة دون أن تمسّها العدوى الثورية وتقتلع عروشها الواهية وذلك سواء بالتشهير علنا وبكل وقاحة بالانتفاضة الشعبية المظفرة وبكيل المديح للسفاح بن علي على غرار ما أقدم عليه العقيد الليبي، أو بإيواء السفاح وعائلته وتوفير الحماية والرعاية لهم مثلما فعل النظام الوهابي السلفي في السعودية أو بإعلان إجراءات اقتصادية استباقية لترويض شعوبها واسترضائها.

أما على المستوى الوطني فان المخاطر التي تتهدّد الانتصار العظيم للجماهير الشعبية لهما حاليا طابعان مترابطان ارتباطا وثيقا:
طابع سياسي يتمثل في سعي أركان النظام الدكتاتوري الحاكم، وبتوجيه مباشر من أسيادهم الأمريكيين والفرنسيين، إلى ترميم الثغرة التي ولّدها انسحاب زعيمهم المخزي، وإلى امتصاص الغضب الشعبي عبر إخراج مسرحي كوميدي عنوانه "حكومة وحدة وطنية" وهي حكومة يترأسها رئيس وزراء بن علي لمدة تقارب العقدين ونائب رئيس حزبه، وأعضاءها وزراء أوفياء لبن علي وأعضاء في اللجنة المركزية لحزبه، وأما عنصر الزينة فيها، فهم أعضاء من أحزاب معترف بها من طرف بن علي وشخصيات غير متحزبة، ارتضوا جميعا أن ينخرطوا ضمن مؤسسات وتحت إمرة أركان سلطة بن علي الدكتاتورية وأعضاء حزبه الفاشي.
طابع أمني يتمثل في الانفلات الأمني الذي لا يمكن اختزاله في أفراد معزولين أو جهاز متمرّد كما تحاول الدعاية السائدة إيهام الناس به، بل يتحمّل مسؤوليته النظام الحاكم ككل باعتبار أن هذا الانفلات إفراز مباشر للبنية البوليسية التي قام عليها نظام بن علي الشمولي. وهو يضطلع في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة التي يمرّ بها شعبنا بالدور المنوط به على أكمل وجه وهو الدور المتمثل من ناحية في بثّ الرعب والترهيب في صفوف الجماهير بالتخريب والسطو والقتل بواسطة مجموعات مسلحة ومعدّة سلفا، ومن ناحية أخرى وبالتكامل مع ذلك في ابتزاز الجماهير وحملها على التخلّي عن مطالبها المشروعة في الحرية والسيادة والعدالة الاجتماعية ومحاسبة جلاّديها، مقابل الأمن الذي سيتحقق لها بإذعانها وخضوعها وقبولها بتواصل سلطة ومؤسسات وأجهزة نظام بن علي وإن بشكل مُجمّل.

إننا لن ننفكّ عن التأكيد بان الدكتاتورية قائمة ببن علي أو بدونه باعتبارها تشكّل بنية النظام السياسي القائم وبان النظام الدستوري العميل فاقد للشرعية ببن علي أو بدونه، وبان كل مرجعياته ومؤسساته وهيئاته وأجهزته فاقدة للشرعية، فهذا النظام قائم على دستور مكرس للحكم الفردي وعلى مؤسسات صورية منصبة قائمة على الاحتيال وتزوير الإرادة الشعبية، وهو اعتمد تاريخيا على وسيلتين اثنتين أساسيتين لضمان ديمومة حكمه هما الأجهزة القمعية البوليسية الرسمية المقدّر عددها بقرابة الــ 200.000 عنصر، والحزب الدستوري الذي فقد في الحقيقة ومنذ زمن بعيد كل الصفات المتعارف عليها للأحزاب السياسية وتحوّل إلى تجمّع لعصابات وميليشيات منظمة ومسلحة تنغرس في كل حي وكل قرية ومدينة لكي تراقب المواطنين وتبتزّهم وتنهبهم ولكي تتولّى ترهيب وتعذيب المناضلين والمواطنين الأبرياء وتخريب الممتلكات العامة والخاصة كما شهدنا خلال الفترة الأخيرة وعلى غرار ما مارسته أثناء كل التحرّكات والانتفاضات التي شهدتها تونس من انتفاضة جانفي 1978 إلى انتفاضة قفصة 1980 وانتفاضة الخبز 1984 وانتفاضة الحوض المنجمي...

إن هذا الحزب الفاشي المعادي للشعب لا يجب أن يكافئ على جرائمه وخدمته لنظام بن علي الذي لازال يتولّى إلى اليوم رئاسته، بان تُسند له قيادة حكومة تُدعى زورا وبهتانا "وطنية" يرأس نظامها مؤقتا رئيس مجلس نواب مُنصّب وعضو الديوان السياسي للتجمع ،و يضمنها رئيس لمجلس مستشارين مُنصّب وعضو الديوان السياسي للتجمع ووزير داخلية سابق ملاحق في جرائم تعذيب، ويترأسها نائب رئيس التجمع وعضو ديوانه السياسي.

إن الحفاظ على المكتسبات التاريخية التي حقّقتها ثورة الشعب التونسي ضدّ الدكتاتورية والتفاوت الطبقي والحهوي والفساد تتطلّب التحلّي بأقصى درجات الوعي واليقظة والحزم وعدم السقوط في متاهات التسويات والمساومات مع أركان نظام بن علي وبثّ الأوهام حول إمكانيات إصلاحه من الداخل. وعلى كل القوى التقدمية والديمقراطية، على كل النقابيين والحقوقيين، على كل المناضلين والمناضلات أن يكتّلوا صفوفهم وأن يقطعوا الطريق أمام كل محاولة لإجهاض ثورة شعبنا وتحويل وجهتها لصالح السلطة الرجعية القائمة عميلة وراعية مصالح الامبريالية الفرنسية والأمريكية. إن برنامج الحد الأدنى للمرحلة الحالية يتطلب الإسراع بتأليف جبهة واسعة تجمع كل قوى التقدّم والديمقراطية، كل قوى التحرر الوطني والانعتاق الاجتماعي، قوى العدالة الاجتماعية والمساواة بين النساء والرجال، وذلك لانجاز القطيعة التاريخية الفعلية والنهائية مع كل أسس ومرجعيات وتمظهرات النظام الدكتاتوري القائم عبر تحقيق المطالب الشعبية التالية:
محاكمة بن علي وتتبّعه بصفته مرتكبا لجرائم ضد الإنسانية
محاكمة عائلة بن علي وكل شركائهم وكل من نهب الشعب التونسي ومصادرة ما نُهب.
محاكمة كل المسؤولين السياسيين والأمنيين المركزيين والجهويين والمحليين ومحاسبتهم على جرائم القتل والجرح والإيقاف والتعذيب التي اقترفت في حق أبناء شعبنا.
إطلاق سراح كل المساجين السياسيين وعودة المغتربين وسنّ قانون العفو التشريعي العام
حلّ الأجهزة القمعية البوليسية وحلّ الحزب الدستوري ومحاكمة أعضاء ميليشياته ومصادرة ممتلكاته
حلّ مجلسي النواب والمستشارين الصوريين وكل الهيئات المنصبة
حلّ حكومة بن علي وقيام حكومة انتقالية ذات مهمة محددة هي إطلاق الحريات الفردية والعامة وإعداد انتخابات مجلس تأسيسي يصوغ دستورا جديدا يكرس سيادة الشعب ويضمن له ممارسة حقوقه الديمقراطية واستقلاله الوطني وتقدمه الاجتماعي ونصرته لقضايا الحق والعدل ومعاداته للصهيونية وكل أشكال الهيمنة الاستعمارية
إجراء انتخابات حرة وديمقراطية لمجلس النواب ورئاسة الجمهورية

إن المسؤولية ملقاة على القوى التقدمية لتحويل اللجان الشعبية المحلية والجهوية من مجرّد لجان حماية ضدّ تخريب الميليشيات إلى نواتات للجان شعبية لحماية المكاسب الثورية التي حقّقتها انتفاضة شعبنا، لفرض حرية التنظّم وحرية التعبير وحرية التظاهر رغم حالة الطوارئ، وإعلاء صوت الشعب الرافض للمساومة والتلاعب والتسويات مع أعدائه وجلاّديه: نظام بن علي وحزب الدستور.



#شكري_لطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة تأبين الفقيد محمد عبد اللاوي - ألقيت بمقبرة الجلاز
- من أجل إلغاء القرار 137 الرجعي بالعراق


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - شكري لطيف - لا سيادة للشعب دون سحق الدكتاتورية وحلّ الحزب الدستوري الفاشي