أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - ماجد الشيخ - تونس ومحنة تغيير قد لا يكتمل














المزيد.....

تونس ومحنة تغيير قد لا يكتمل


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3252 - 2011 / 1 / 20 - 21:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


بين حدي الثورة والثورة المضادة، التي تترجّح وقد باتت تراوح في ظلها انتفاضة الياسمين الشعبية والجماهيرية، وهي تدخل "مجهول التغيير" الذي قد لا يتم حتى النهاية المنطقية لمآلاته، تزداد يوما بعد يوم مؤشرات التضاد بين الأهداف الشعبية، وتلك التي تحاولها بقايا النظام التي بقيت "صامدة" لإعادة إنتاج النظام ذاته؛ كنظام سلطوي استبدادي، وبمعونة خارج إقليمي ودولي يحاول بكل قوة قطع الطريق على أهداف التغيير، بعد أن فرّ الطاغية، وترك نظامه خلفه "يتدبر أمره"، في مواجهة طموح انتفاض جماهيري للتغيير من أجل كرامة المواطن، وفي مواجهة فضائح رجال السلطة وأمراض تعاليهم واستكبارهم على مواطنيهم.

وعلى غرار "ثورة الخبز" التي قامت في الثالث من كانون الثاني (يناير) عام 1984، مع الفارق بأن هذه الأخيرة لم تستطع سوى إجبار الحكومة والنظام أنذاك على التراجع عن إجراءات زيادة أسعار الخبز؛ فإن "ثورة التغيير" المؤملة اليوم، ومهما أطلق عليها من تسميات، ربما كانت أمام مرحلة من إمكانية الغدر والانحراف بها، في محاولة لاستعادة النظام لأنفاسه مجددا، وهو النظام الذي تأسّس في أعقاب إلغاء الملكية في 25 تموز (يوليو) عام 1957، حين تم اعتبار الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية.

إن الخشية الأساس على التغيير من الغدر، نابع من محاولة أركان بقايا النظام تفريغ هذا التغيير من مضمونه، وتحويله إلى مجرد تغيير شكلاني، عبر إشراك بعض الأحزاب الموالية التي كانت قريبة من الحزب الحاكم، على ما جرى مؤخرا حين تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة الوزير الأول (محمد الغنوشي) في أواخر عهد بن علي، أطلق عليها تسمية "حكومة وحدة وطنية"، جرى إجهاضها في اليوم التالي للإعلان عن تشكيلها بفعل تحركات احتجاجية شعبية وانسحاب بعض أعضائها، بعد أن أثارت حنق المواطنين من جديد، ودفعت بهم إلى الشارع مجددا. في خشية فعلية من أن تفقد كوادر الانتفاضة الشعبية الجماهيرية (التي افتقدت منذ البداية لقيادات منظمة) زمام المبادرة، وعودتها إلى أيدي بعض أزلام النظام المقربين من الطاغية وحزبه، الذي طالما شكّل الغطاء السياسي والدستوري والحزبي لمجموعة المافيا، أو عصابة المافيات السياسية والعائلية، التي أمّنت للنظام استمراريته، واستمرارية نهب أفراده المدللين لاقتصاد وثروة البلاد ومواطنيها الفقراء والمُفقرين.

لم يكن هدف الانتفاض الشعبي والجماهيري الواسع في تونس إسقاط رأس النظام، للاحتفاظ بنظامه الاستبدادي الذي خبره الشعب التونسي منذ أيام بورقيبة، وحافظ وزاد عليه بن علي وحزبهما (الدستوري)، كي يستمر ويتواصل بعد فرار هذا الأخير من البلاد. لقد هدف المواطنون إلى اقتلاع النظام الاستبدادي لإقامة نظام ديمقراطي بديل، تُستعاد في ظله حريات الشعب التونسي بأحزابه ونقاباته وجمعياته، وتتحرر إرادة المجتمع المدني من ارتهانها لبقايا نظام، يحاول التكيف وأقلمة عناصره للاستمرار بالإمساك بمفاصل السلطة، وتوظيفها كما في السابق، ضد الشعب والمجتمع وطبقاته الفقيرة والمُفقرة.

في كل الأحوال.. تحمل بوادر التغيير التونسي رسالة واضحة، لكل من يهمه الأمر من أنظمة سياسية مماثلة، حاولت وتحاول إجهاض الحركات الشعبية والجماهيرية في بلدانها بالتراجع عن قرارات وإجراءات اقتصادية كانت اتخذتها، أو هي في سبيلها إلى إقرارها، ناسية أو متناسية أن التحركات الاحتجاجية الجماهيرية القائمة والمتواصلة اليوم وفي الغد، سوف تتعدى أهدافها تلك المطالب الاقتصادية أو الاجتماعية، إلى أهداف سياسية وحقوقية وقانونية، وهي تهدف إلى محاولة فرض عقد إجتماعي جديد، تُصان فيه كرامة المواطن، بدل مواصلة الأنظمة الحاكمة إهدارها عبر سياساتها غير الشعبية وبمعية موظفين سلطويين انفصلوا عن مواطنيهم، بفعل فجور فاضح مثلته الهيمنة على الثروة والسطوة السلطوية، و"بحر البحبوحة" الذي صنعته أنظمة الاستبداد لتغرق فيه أدواتها وصنائعها، بكل ما يحمله هؤلاء من مسلكيات استفزازية للمواطنين العاديين البسطاء المُفقرين، حتى بتنا أمام لوحة طبقية متجددة، تندغم فيها أسباب الثورة الاجتماعية، مع اسباب الانتفاض الشعبي من أجل الحريات السياسية والتحولات الديمقراطية.

وإذ نشهد اليوم لسقوط رأس النظام الطاغية، بينما لم يسقط نظامه بعد، فلأن الغرب لم يستطع مواصلة دعمه ماليا واقتصاديا، بفعل الأزمة العالمية المتحركة، ولكن المتدحرجة باتجاه العجز عن إيفاء متطلبات التعافي الاقتصادي والمالي عولميا، وقد تواصل ترتيب خسائرها على مستوى الدول التابعة والصديقة للغرب. على أن انهيارات القوى والأنظمة المحلية قد تتتابع، وإن بأشكال وأدوات مختلفة، على أن مآلاتها قد لا تختلف عن المآل التونسي، العالق اليوم بين براثن نظام يحاول الدفاع عن جذوره، للإبقاء على مصالح طبقية لم ترحل مع حُماتها من استبداديي النظام الفردي والعائلي.

وهذا تحديدا ما يحتّم الحذر من غدر قوى النظام الكامنة، واستعادتها زمام المبادرة مرة أخرى في وجه أو في وجوه جديدة، تُعيد مسيرة ومسار نظام بورقيبة وبن علي، وتحافظ عليه من عثرات الانتفاض الشعبي غير المنظم، في غياب قيادات ديمقراطية تاريخية مجربة ومقبولة شعبيا وجماهيريا. لهذا فإن تونس اليوم أمام محنة تغيير قد لا يكتمل، حينها تكون الجماهير التونسية أمام غدر وقح وخيانة لآمالها وطموحاتها بالتغيير الكامل، حين تكتشف أن النظام التونسي يُعاد إنتاجه على صورة النظام ذاته الذي يتصور البعض أنه قد سقط، فكما أعاد بن علي إنتاج نظام بورقيبة، من المؤكد أن هناك من يعمل على إعادة إنتاج ذات النظام؛ ولو بدون بن علي. فهل هناك من يتّعظ؟.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط النموذج التونسي.. ماذا بعد؟
- بداهة الدولة واستثنائية السلطة
- سلطة الأبد -أمل مرضي- لا شفاء منه
- الخيارات السبعة وخطة النجوم السبعة!
- إبرة التسوية التفاوضية وقش -الدولة الواحدة-!
- إدمان أوهام الدولتين.. كحل خائب
- أسياد اقتصاد المضاربة ومطلقاتهم -الإيمانية المقدسة-!
- تأملات في حداثة -الما قبل- وديمقراطية -الما بعد-!
- في أدلوجات العودة إلى تقديس الطواطم
- الخطوة التالية: القدس عاصمة للشعب اليهودي!
- جنة -السلطة الأبدية-.. جنونها!
- سيف الوقت ومواعيد -المصالحة- المُرجأة!
- الدولة الفاشلة وتحديات التفتيت والوحدة
- دفاعا عن أوطان بهويات متعددة
- في أولويات التضاد بين التهويد والمفاوضات
- من نصّب هؤلاء -وكلاء- على دمنا وحياتنا؟
- قانون الولاء و-أسرلة- الأرض.. من تطبيقات -يهودية الدولة-
- خطايا تبني سرديات الرواية التوراتية
- الأصوليات.. وفتن التآويل الأخيرة!
- يهودية الدولة.. ومهمة طرد -الغزاة الفلسطينيين-!


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - ماجد الشيخ - تونس ومحنة تغيير قد لا يكتمل