أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ماهر علي دسوقي - بو عزيزي سبارتاكوس العرب















المزيد.....

بو عزيزي سبارتاكوس العرب


ماهر علي دسوقي

الحوار المتمدن-العدد: 3251 - 2011 / 1 / 19 - 21:59
المحور: حقوق الانسان
    


هي الصدفة، لربما، او لعلها الأقدار كما يقال التي جمعت الذكرى الرابعة والثلاثون لثورة جياع وفقراء مصر في 16/1/2011 ، وبزوغ عهد جديد لجياع وفقراء تونس ومضطهديها فجر 15/1/2011 .
ففي السادس عشر من كانون الثاني لعام 1977 انتفض فقراء مصر ضد الغلاء والفساد والاستغلال ، ليسطّروا على مدار ثلاثة أيام "ملحمة الفقراء" ضد الإضطهاد والإستبداد .. وكادت حقاً ان تطيح بالرئيس المصري آنذاك انور السادات ، - ولعلها فعلت – خاصة وأنه كان جهّز حقائبه وتأهب للهرب ، لولا نصائح اللحظة الأخيرة التي تلقاها من قوى الظلام والتآمر الداخلية والخارجية.. فاضطر صاغراً للتراجع عن قراراته الاقتصادية التي مست لقمة عيش الفقراء، والمواد الأساسية للمواطنين المصريين.. وذلك بتوجيه مسبق من البنك الدولي.

ومن المفيد هنا الإشارة الى ان البنك الدولي هذا ، حثّ السادات على تلك الإجراءات الاقتصادية خاصة رفع الدعم عن المواد الأساسية لتتماشى مع سياسة ما يسمى بالإنفتاح الاقتصادي .. وذلك للإمعان في إذلال المواطن المصري وذوي الدخل المحدود .. ولإلهائهم عن همومهم الوطنية والقومية الأبرز خاصة قضية فلسطين .. وتحويلهم الى مُطارِدين للقمة عيشهم وعيش أبنائهم.

على أن أبرز مفارقات تلك الانتفاضة، تسمية السادات لها "بإنتفاضة الحرامية" ، ولعله كان بذلك يحاول رد التهمة عن نفسه ونظامه الذي أخذ بتصفية القطاع العام وبيعه للصوص ورموز الفساد والمستثمرين الأجانب، فأطلق الشعب على نظامه أسماء ما زالت ماثلة للعيان ، من أبرزها.. نظام النهب والسلب، ونظام القطط السمان والفساد ونظام الحرامية .

على أية حال هدأ حينها الشارع المصري .. وفي الجمر بقية من نار..

أما تونس فلم يكن حال شعبها ببعيد عما جرى ويجري في مصر ، فالفساد والقهر والتسلط والغلاء والبطالة والفقر والنهب والمحسوبية والرشوة .. هي عناوين حياة المواطن التونسي الذي خبر بدوره جولات انتفاضية مختلفة ابرزها "انتفاضة الخبز" عام 1984، إبان حكم الحبيب بورقيبة الذي فتن بذاته حتى الجنون ..

وتونس هنيبعل هذه كانت على موعدٍ آخر في 17/12/2011 حينما أقدم طالب جامعي شجاع عاطل عن العمل على إحراق نفسه احتجاجاً على الظلم والاضطهاد بعد أن منع من الترزق على بسطة خضار متواضعة كان يعيل من خلالها أسرته بما في ذلك أخ له متزوج وعاطل عن العمل ، وإمعاناً في القهر والذل طرد من بلدية سيدي بوزيد حين توجه مشتكياً ، وأهين بأفظع الشتائم، وضرب على يد أداة قمع بوليسية استمرأت اذلال البلاد والعباد .

محمد بوعزيزي ، هذا اسم لن تنساه تونس ابداً ، بل وبلاد العُرب بأسرها فهو الذي نشأ على ثقافة "الكرامة قبل الخبز" ، للشهيد النقابي فرحات حشّاد الذي اغتالته فرق الموت الفرنسية عام 1952 في تونس إبان عهد الاستعمار ، أبى الظلم وفقدان الكرامة فأشعل بنفسه النار امام حشد من أترابه المقهورين .. ليشعل تونس بأكملها على مدار شهر حتى الآن ادت الى فرار دكتاتور البلاد "زين العابدين" وحرق قصوره ....
وعلى ما يبدو فإن في المشهد التونسي بقية ..

لعل الشهيد بوعزيزي لم يكن يدرك في تلك اللحظة التي اشعل فيها النار بجسده المثقل بالكدح وسياط الجلادين ، ان انتفاضة واسعة ستتبع ذلك .. وتطيح بأعتى رموز السلطة السياسية في الوطن العربي، ومن المفارقات هنا ايضاً ان سارق البلاد المخلوع كان اطلق على انتفاضة الجياع في تونس ، "انتفاضة الملثمين والإرهابيين" ، ولعل هذه التسمية هي محاولة لرد التهمة عنه وعن نظامه الذي اعتاد ارهاب التونسيين ، والسطو على مقدراتهم ليلاً نهاراً ، "متلثماً" بأقنعة الفساد والإستبداد مستعيناً بالبنك الدولي كأداة نهب عالمية، لتزيين نظامه اقتصادياً حول معدلات نموٍ ونماءٍ فارغة !!

الا ان فجر الخامس عشر من كانون ثاني أبى أن يبزغ الا بزوال الدكتاتور .. وما اعجب مكر التاريخ .. حيث صادف ذلك الفجر ذكرى مولد الرئيس القومي الخالد جمال عبد الناصر ، ولعل في ذلك بشرى وإعادة اعتبار لتاريخ حاولوا تزويره .

وتبقى الأسئلة هنا مفتوحة وماثلة.. هل بالإمكان إعادة اموال الشعب التونسي التي سرقت؟ وهل بالإمكان احضار الهارب الى محكمة تونسية او دولية على خلفية الجرائم والسرقات التي ارتكبت؟ وهل هناك بداية لمرحلة جديدة فعلاً في الوطن العربي؟ أم هي بروفات اولى لما هو قادم بعيداً عن دسائس قوى الظلام والإرهاب الدولي؟ وهل المواطن العربي اصبح سبيله الوحيد للإحتجاج على الظلم والقهر هو الانتحار حرقاً؟ وهل الشعوب العربية ستقف يوماً أمام موجات حرق جماعية للأنفس؟ أم هي بداية طريق جديد للشروع بحرق رموز الفساد والإستبداد في الوطن العربي؟!

وعلى ما يبدو فإن آخر ما تبقى لجيوش المقهورين العرب هو "حرق الذات" ، في هذه المرحلة ، على إعتبار أن لا خسارة في ذلك مطلقاً طالما ان الانظمة العربية تلهب ظهور العباد والبلاد بالفساد والإرهاب وحرق المقدرات .. ولعلها مرحلة وتنطوي لينقلب السحر على السحرة والمستبدين .

وفي المشهد العربي الحالي قضية.. بإنتقال عدوى بوعزيزي الحميده الى كل من الجزائر وموريتانيا ومصر واليمن.. وإرتعاد نظم القهر خوفاً ، وتحريضهم زعماء ومشايخ الإفتاء للتصدي لها عبر التركيز على "حُرمة ذلك" ، لدليل على التأثير العميق لبوعزيزي وشجاعته ، الذي حقاً استحق لقب شهيد لقمة العيش والكرامة .
مع أن نظرة فاحصة لمشهدٍ غير عربي تظهر أن بعض المجتمعات في شرق آسيا قد اعتادت بين الوقت والآخر على أن يقدم بعض المسؤولين او الوزراء على حرق أنفسهم بعد اتهامهم بقضايا فساد او سوء استخدام للسلطة .. لربما خوفاً من سطوة الشعب لاحقاً .. او احتراماً لكرامتهم المهدورة ..فيا ليتهم في بلاد الاعراب يحرقون انفسهم قبل أن نحرقهم !!

بوعزيزي ايها المواطن المقهور الذي رحل .. كم منا يعلم كيف انقضت آخر لحظات حياتك في المشفى ؟ وكم منا يعلم كيف كانت آخر لحظات حضورك بين اسرتك ؟ وكم منا يعلم كيف اتخذت قرارك بحضور والدتك؟ وكم منا يعلم ما كان في بيتك من طعام او شراب او دواء ؟وكم .. وكم .. وكم ..؟!

محمد بوعزيزي اسمح لنا أن نطلق عليك سبارتاكوس العرب .. فأنت من حرّك المياه العربية الراكدة .. آه لو تعلم كيف انطلقت الحناجر من بعدك لتخرج ما في القلوب من قهر وظلم ضد الإستبداد والتبعية والهزيمة التي حاولوا ان يزرعوها بنا .. آه لو تعلم كيف خرجت الشعوب في مصر والجزائر وموريتانيا والأردن وما تبقى من فلسطين المحتلة وعُمان وليبيبا ولبنان .. لتطالب بالحرية والانعتاق والعدالة الاجتماعية .

لقد سِرت على خطى سبارتاكوس حقاً ، الذي رفض العبودية وتصدى لأعتى امبراطوريات التاريخ – الامبراطورية الرومانية – فحرر عبيد روما وفجر ثورةً ما زال القاصي والداني يتحدث عنها الى يومنا هذا رغم آلاف السنين التي مضت .. فهذه سنة الحياة يخلد الأبطال وتزول عناوين القهر والإستبداد ..
فيا سبارتاكوس العرب لك من كافة المقهورين والمظلومين تحية .. خاصة من فلسطين التي تعيش الأزمات مركبة حيث ظلم ذوي القربى والانقسام والاحتلال والفقر والبطالة والإستيطان والفساد والإستبداد وبذخ وترف أرباب السلطات وملاحقة المقاومة ..

آه يا بوعزيزي .. آه يا سبارتاكوس العرب .. لو نملك شجاعتك لنحرقهم عبر حرق أجسادنا .. ونخلص !!

ماهر دسوقي
رام الله - فلسطين



#ماهر_علي_دسوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...
- الأمم المتحدة تطالب الاحتلال بالتوقف عن المشاركة في عنف المس ...
- المجاعة تحكم قبضتها على الرضّع والأطفال في غزة
- ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت
- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ماهر علي دسوقي - بو عزيزي سبارتاكوس العرب