أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - حميد زناز - أندري غورس : العشق والانتحار في الزمن الرأسمالي..















المزيد.....

أندري غورس : العشق والانتحار في الزمن الرأسمالي..


حميد زناز

الحوار المتمدن-العدد: 3251 - 2011 / 1 / 19 - 00:00
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


أرسلته والدته إلى سويسرا سنة 1939 لإبعاده عن النمسا التي اكتسحها وباء النازية آنذاك ولينجو من التجنيد في الجيش الألماني الذي كان يتأهب لغزو أوروبا. ذهب أندري غورز رسميا من أجل متابعة دراسة الكيمياء وتخرج فعلا مهندسا كيميائيا ولكنه كان في الواقع مولعا بالأدب والفلسفة والسياسة.
بدأ قارئا هاويا لبول فاليري ومالارمي وجيرودو وكثير غيرهم ولكنه أعجب بأعمال جان بول سارتر أيما إعجاب فانتهى قارئا محترفا لأعماله إذ قرأها قراءة شاملة أبهرت بابا الوجودية ذاته لما التقى به سنة 1946 حينما جاء لإلقاء محاضرة في لوزان السويسرية حيث كان يقيم غورز. كان ذلك اللقاء حاسما كما كان يردّد دائما وكان حديثهما الطويل بمثابة بداية جديدة، بل كان مولدا جديدا لولاه لما كان ما كانه، كما يعترف غورز نفسه لاحقا. في السنة الموالية تعرّف على دورين، الإنجليزية العذبة والمتوهجة الذكاء كما ظل يقول والتي كانت في جولة سياحية في سويسرا. ولئن كان لقاؤه مع سارتر فاتحة لعهد فكري ومهني جديد فلقاؤه مع البريطانية الحسناء كان قطيعة مع حياته الماضية جملة وتفصيلا. كان حبهما جارفا عاش كما بدأ قرابة الستين عاما، قبل أن يقرر العاشقان العجوزان اختيار الموت معا كيلا يفترقان أبدا. كان في الـ 84 وهي في الـ83. رحلا يوم 24 سبتمبر2007بإرادتهما من أجل تخليد ذلك الحب العظيم إلى الأبد. "ما زلت دائما جميلة وأنيقة وتثيرين الرغبة، لقد بلغت سنوات عيشنا المشترك 58 عاما، وأنا مازلت أحبك أكثر من أي وقت مضى. وقعت مؤخرا في حبك مرة أخرى وصرت أحمل من جديد فراغا طافحا لا يملؤه إلا جسدك المضموم إلى جسدي. لا نرغب أن يبقى واحد منا بعد موت الآخر. لقد قلنا مرارا أنه لو كَتب لنا المستحيل حياة أخرى لعشناها معا للمرة الثانية." تلك كانت آخر كلماته في رسالة إلى د. حكاية حب التي كان قد أنهكها المرض، تلك الرسالة العاطفية المؤثرة المنشورة سنة قبيل الذهاب الأبدي والتي نقرأ فيها يوميات ذلك الحب الكبير وقد عرف النص انتشارا لم تعرفه حتى كتبه الفلسفية السابقة. كيف لا وقد كتبه الرجل تقديرا لزوجة مخلصة واعترافا بفضلها عليه ولم يخفِ أنه كان يكتب والحبر يختلط بدموعه الحرى.
ككل المفكرين الكبار الذين يغارون على استقلالهم، اختلف مع شيخه سارتر بعد ثورة 1968 الطلابية حينما اقترب هذا الأخير من الماويين وقد وصف غورز نظريتهم بأنها شعبوية وثوقية بامتياز بل هي عودة ثانية للستالينية.
أصبح من المنظرين الأساسيين للإيكولوجيا السياسية في فرنسا إذ ما انفك يدعو إلى ثورة إيكولوجية اجتماعية وثقافية قمينة بتخليص الإنسان من قمع الرأسمالية. ورغم افتكاك الاعتراف بفكره المميز منذ الخائن ، كتابه الأول الذي قدم له سارتر مطولا ورغم مساره الصحفي الناجح، عمل في الإكسبريس وأسس مع جان دانيال سنة 1964أسبوعية من أهم الأسبوعيات الأوروبية هي النوفال أوبسرفاتور ورغم انتقاله إلى العيش في باريس سنة 1949إلا أنه بقي شخصية متواضعة لا يحب الأضواء ولا الظهور المجاني.
لئن تأرجح فكر الرجل بين النظرية السياسية والفلسفة والنقد الاجتماعي. فإن مقاربته الوجودية للماركسية جعلت مسألة الاستلاب في قلب اهتماماته الفكرية. ومع مرور الزمن وتعميق التحليل في الموضوع ازداد مناهضة للرأسمالية وكل ما هو نووي واقترب من الإيكولوجيين الجذريين فكان كتابه "البيئة والسياسة" و كذا "البيئة والحرية" فاتحة للفكر الإيكولوجي في فرنسا بل غدا الرجل من رموز الفكر البيئي لاحقا. أما الخائن فقد كان الكتاب الذي فرض من خلاله نفسه في الحقل الفكري الفرنسي وفتح له أبواب مجلة الأزمنة الحديثة ذائعة الصيت وعلى صفحاتها و تحت اسم مستعار بلور نقده لنزعة النظام الرأسمالي الإنتاجية التي تسحق الفرد وتحوله إلى عامل ينتج ما لا يستهلك ويستهلك ما لا ينتج. وقد راح يحلل الأنظمة الاجتماعية بغية الاهتداء إلى نظام يتحرر من خلاله الإنسان ويحقق فيه استقلاليته وقد انعكس ذلك في انخراطه في الحركات الاجتماعية المناضلة من أجل ذلك الهدف متخذا من مفهوم استقلالية الفرد شرطا أساسيا لكل محاولة لتغيير المجتمع فلا فكاك بين الفرد والجماعة، ولا تحرر جماعي في معزل عن التحرر الفردي وهي الفكرة التي تقاسمها مع صديقه الفيلسوف هربرت ماركوز صاحب كتاب الإنسان ذو البعد الواحد الشهير والذي كان من وجوه مدرسة فرانكفورت البارزة ، المدرسة التي استلهم منها غورز محاولته تجاوز التحليل الإقتصادوي الماركسي التقليدي للمجتمع ثم التفكير في كيفية العمل على تخليص هذا المجتمع من سلطة العقل الاقتصادي. كان استلاب الفرد هاجسه الفلسفي فركز تفكيره حول الشروط التي قد تمكن المجتمع من استعادة الرقابة على الاقتصاد وقد كان كتابه الأخير اللامادي محاولة حفر في إمكانية الانتفاض والحرية والمجانية التي قد يوفرها اقتصاد اللامادة. قبل الرحيل الأخير كان قد أرسل آخر نصوصه لـ مجلة البيئة تحت عنوان بداية الخروج من الرأسمالية تنبأ فيه بالأزمة الحالية معلنا سقوط الرأسمالية المالية لاعتبارات كثيرة من بينها تراخي قبضة رأس المال على الاستهلاك وتحرر هذا الأخير من سطوة العرض السلعي شيئا فشيئا وذلك نتيجة للتغيرات التقنو-علمية العارمة التي خلقت قطيعة في نمو الرأسمالية مست سلطتها في الصميم وعطلت قدرتها على التجدد إذ وجدت نفسها أمام مفارقة كبرى من الصعوبة أن تتجاوزها بسلام مفادها أنه مهما ازدادت الإنتاجية فمن الضروري أن تزداد أكثر فأكثر لكيلا ينخفض حجم الربح وهكذا يتضاعف الجري وراء الإنتاجية، ويتحتم تقليص عدد المستخدمين ويزداد الضغط على الباقين وتنخفض الأجور.. ومن البداهة و الحال هذه أن يصل النظام إلى حدوده الذاتية، يقول لنا الفيلسوف غورز، ويصل إلى أزمة هيكلية حيث لا يصبح الإنتاج مربحا ولا الاستثمار.
ربما كان خير مقدم لنفسه حينما كتب :" أرى نفسي كفيلسوف غارق يحاول عن طريق مؤلفات سياسية في الظاهر تمرير و تهريب أفكار فلسفية أساسا (...) فأنا لا أفهم الفلسفة على طريقة مبدعي المنظومات الفلسفية الكبرى وإنما أنظر إليها كمحاولة لفهم النفس و التحرر و خلق الذات". وربما لم يخيّب الآمال التي عقدها عليه جان بول بول سارتر حينما كتب في تقديم كتاب غورز "الخائن" سنة 1958:" من الآن فصاعدا هذا هو الصوت اللطيف الذي ستسمعونه وتميزونه من بين كل الأصوات. هذا الكتاب يمحو كل شيء ويبدأ هو : إننا محظوظون اليوم بقراءة مثل هذا الكتاب الجذري." لقد صدقت نبوءة سارتر إذ تجسد هذا الصوت الفريد في أكثر من عشرين كتاب وما يربو عن المائة مقال وحوارات عديدة بلورت مجتمعة فكرا جديدا يلقى اليوم اهتماما كبيرا في ألمانيا وإيطاليا و الولايات المتحدة وشمال أوروبا.
في زمن التهافت على جمع المال وطغيان فلسفة اعمل أكثر لتربح أكثر"،جاءت أسئلة صاحب كتاب وداعا أيتها البروليتاريا" محذرة : ما طبيعة هذا العمل؟ ولكي نربح ماذا؟ و لأي هدف؟ وما جدوى أن نكون وقودا لهذا النمو اللامحدود؟ ولماذا يقبل الناس العيش ضد رغباتهم لتلبية حاجات الاقتصاد السلعي؟



#حميد_زناز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى تخرج المرأة العربية من معتقل القِوامة؟
- لقائي مع الفيلسوف سيوران
- هل وجد محمد عبده الإسلام في الغرب حقا؟
- أكذوبة العلمانية المنفتحة
- العلمانية أو الطوفان
- كل عام وكباشكم سمينة وسكاكينكم مسنونة!
- في أن الدين معاد للعلمانية بالضرورة
- التحليل النفسي: طقس ديني أم طريقة علاج؟
- هل في الإسلام روحانية ؟
- امرأة غاضبة..رسالة من الجزائر إلى الأوروبيين التائبين عن عال ...
- وهذا من فضل الأصولية!
- حدّث كارل ماركس قال...
- التصفيح أو كيف تحافظين على عذريتك آنستي!


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - حميد زناز - أندري غورس : العشق والانتحار في الزمن الرأسمالي..