أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - ما أشبه الليلة بالبارحة














المزيد.....

ما أشبه الليلة بالبارحة


نبيل هلال هلال

الحوار المتمدن-العدد: 3249 - 2011 / 1 / 17 - 20:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




كانت الأموال الطائلة التي يمنحها الخليفة "المسلم" إلى أهله ومعارفه ومقربيه أموالا حراما ما كانت تُعطى لهم إلا لقربهم من الخليفة , واستحل هؤلاء"المؤمنون"هذه العطايا وهى مال حرام , وقوَّض ذلك مبدأَ العدل والمساواة وانتهك الأمانة التي ما جلس الخليفة على العرش إلا لحفظها والعمل بها , فصلة الرحم بالمال لا تكون إلا بالمال الخاص , لا بأموال بيت المال , بيت مال المسلمين, كل المسلمين .
ولما تولى الخليفة "الراشد الخامس" عمر بن عبد العزيز الحكم سنة 99 هجرية , أعلن على الناس أن من كانت له مظلمة من البيت الحاكم الأموي وكانت له بينة على حق مسلوب , فهذا الحق مردود إلى أصحابه , ولما كان خلفاء وأمراء بني أمية قد نهبوا المال الحرام وعلِموا حق العلم أنهم حكام لصوص , أصابهم الهلع تخوفا من خروج الخلافة من أيديهم بعزها وسلطانها وأموالها , فبعثوا إلى عمرعَمتَه فاطمة بنت مروان- وكان يجلها كثيرا- لتثنيه عن عزمه على استخلاص حقوق الناس من سارقيها وردِّها إلى أصحابها , ولكنه قال لها :" إذا كان الظلم من الأقارب الذين هم بطانة الوالي والوالي لا يزيل ذلك , فكيف يستطيع أن يزيل ما هو ناء عنه في غيرهم " , فأبلغته ناصحة - وقد علمت أن انصياع بنى أمية لذلك دونه خرط القتاد - :" إنهم يحذرونك يوما من أيامهم " فقال غاضبا :" كل يوم أخافه غير يوم القيامة فلا أمنت شره ". ولم يلبث بنو أمية أن دسوا له السم فمات ولم يحكم غير نحو السنتين.
وكان الملأ من الولاة وعمال السلطة يفرضون على الناس ضرائب يجبونها لأنفسهم خلافا لأموال الدولة , كما كانوا يقترضون من بيت المال أموالا طائلة , حتى ذاع بين الناس أن من تولى إمارة فإنما هي نصيبه من الدنيا لكي يفوز منها بما يريد من الأموال . فعندما صُرف المهلب بن أبي صفرة عن ولاية الأهواز سنة ثمان وستين كان مدينا لبيت المال بمليون درهم , ومثله يزيد بن المهلب كان مدينا لبيت المال لدى تنحيته عن خراسان بستة ملايين درهم .ليدلني أحد على بلد يحكمه مستبد دون أن يستشري به الفساد , فالفساد هو الابن البكر غير الشرعي للاستبداد , وما يستبد المستبد إلا من أجل المال والسلطة والنفوذ , وكل مكاسبه انتقاص من أموال الناس وحقوقهم . فمالُ الناس ينهبه السلطان- الذي لا يخشى الله - بسند ديني يصطنعه له الفقيه , أو بلا سند , إذ لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون .
ويذكر لنا التاريخ أن الخليفة الأموي"الوليد بن يزيد كان يبيع الولايات والعمالات في الدولة بما فيها من ثروة وَمن فيها من بشر وموظفين وإمكانيات ! فقد باع - مثلا- لنصر بن سيار ولايته على خراسان , ثم بدا له أن يبيعها مرة ثانية لمن يدفع أكثر , فباعها - بما في ذلك واليها وعماله , إلى يوسف بن عمر .
وتعهد عمر بن الخطاب بشرعية موارد الدولة المالية , أي ما يجبيه عماله من زكاة , فقال في خطبة توليه الخلافة : ولكم عليَّ أن لا أجبي شيئا من خراجكم إلا مما أفاء الله عليكم إلا من وجهه, ولكم علي إذا وقع في يدي ألا يخرج مني إلا في حقه " . كما أعلن مسئوليته عن أداء ولاته وعماله , يقول :"أرأيتم إن استعملت عليكم خير من أعلم , ثم أمرته بالعدل , أقضيتُ ما عليَّ ؟ قالوا : نعم . قال : لا , حتى أنظر في عمله أعمل بما أمرته أم لا ".
والله يتوعد من يأخذ بدون وجه حق شيئا من المال العام " مال الأمة " فيقول تعالى :
" وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ "آل عمران161 . والنبي يقول:" من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا ( إبرة خيط ) فما فوقه كان غلولا ( استغلالا وخيانة ) يأتي به يوم القيامة . وفي ضوء محاذير نهب مال الأمة , وهي محاذير حددها الله ورسوله ولم يرعها معظم الخلفاء المسلمين , يكون هؤلاء الخلفاء قد ظلموا الأمة ونهبوا أموالها ." وحين توفيت "رشيدة " أخت الخليفة المعز خلفت وراءها مليونين وسبعمئة ألف من الدينارات , كما تركت اثني عشر ألف ثوب . ولما ماتت أخته "عبدة" تركت ثلاثة آلاف مزهرية فضية , وأربعمئة سيف ذات نقوش دمشقية ذهبية , وثلاثين ألف قطعة من المنسوجات الصقلية , ومقدارا ضخما من الجواهر" . ولما صادر الخليفة هارون الرشيد أموال البرامكة بعد نكبتهم , قُدرت بحوالي ثلاثين مليونا من الدينارات.
" وكانت ثروة عبد الرحمن بن زياد والي خراسان لمعاوية سنة ثمان وخمسين ما يكفيه مئة سنة في كل يوم ألف درهم" .كان ذلك من أمر ما ينهبه ولاة الخليفة , وانظر ما كان يفرضه رسول الله لولاته : فرض لوالي مكة "عتّاب بن أسيد " درهما كل يوم وكان هذا الراتب أول ما وُضع من الرواتب للعمال . وقال عتاب لما تولى عمله :" أيها الناس أجاع الله كبد من جاع على درهم , فقد رزقني رسول الله درهما كل يوم فليست بي حاجة إلى أحد ".
ويقص لنا التاريخ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده قبيل وفاته سبعة دنانير خاف أن يقبضه الله إليه وهي باقية عنده , فأمر أهله أن يتصدقوا بها , لكن انشغالهم بمرضه أنساهم التصدق بها , وسأل عنها قبيل وفاته , ولما أخبرته عائشة أنها ما تزال عندهم , طلب منها إحضارها , ووضعها في كفه وقال : ما ظن محمد بربه لو لقي الله وعنده هذه " , ثم تصدق بها على الفقراء .
ولا ينبغي أن يقف دور رقابة الأمة على السلوك المالي للسلطان عند حدود مراجعات مستندية تقوم بها مؤسساته العميلة وحسب , وإنما يجب أن تشمل تقييم الأداء الاقتصادي , وعمل تحليل دقيق للإنفاق والمشاريع وعوائدها وجدواها , وتقييم ما فسد منها , وهو دور لم تقم به الأمة المسلمة طوال تاريخها فليس لها دور في حماية مالها , هو مالها فعلا دون أن يكون لها حق التصرف فيه , أو محاسبة السلطان اللص على أوجه إنفاقه .



#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورثة الأنبياء و مس العفاريت
- نحن المسلمين رقيق العصر , مددنا للذل أعناقنا فامتطانا كل راك ...
- هل المسيحي كافر- أو الدين عند الله الإسلام ..ولكن..
- آية السيف وأسرارها بين الفقيه والسلطان (الجزء الثاني والأخير ...
- آية السيف وأسرارها الخفية بين الفقيه والسلطان -مقال في عدة أ ...
- في ظل انعدام ثقافة المقاومة يفترع العمدة العروس قبل زوجها
- قالت العرب :جوِّع كلبك يتبعك ,لكن من يضمن ألا يأكل الكلبُ مج ...
- لهذه الأسباب لا يجوز قتل المسيحي – آية السيف والفكر المؤسس ل ...
- القابلية للاستنعاج
- من يرتق الفتق غير من يفتق الرتق –ومحنة فيلم الرسالة
- الدكتور البرادعي ومحاكم التفتيش - تعقيب على الفتوى بإهدار دم ...
- تسييس الدين وتديين السياسة


المزيد.....




- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - ما أشبه الليلة بالبارحة