أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - أحمد الخميسي - فلاحة عارية تحت جسر الموت ..














المزيد.....

فلاحة عارية تحت جسر الموت ..


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 3249 - 2011 / 1 / 17 - 17:09
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


فلاحة عارية تحت جسر الموت
لا تعرف الطائفية

د. أحمد الخميسي

خلال حرب أكتوبر 73 وقفت فلاحة مصرية بسيطة بجوار كوبري صغير في قرية جنيفة التي تقع على الطريق بين الاسماعيلية والسويس ، كانت واقفة تتابع الطائرات الإسرائيلية في السماء والجرحى من الجنود المصريين وزملاؤهم ينقلونهم من ميادين المعركة إلي تحت الكوبري في انتظار عربات الاسعاف . وكانت كلما أقبل الجنود بزميل لهم جريح تمزق قطعة من جلبابها وتلف بها جرحه لتوقف النزيف إلي أن يصل المسعفون ، جندي وراء آخر ، وقطعة من جلبابها وراء قطعة ، تضمد بها جراح المقاتلين النازفة وهي تهتف " الله وأكبر " ، وحينما لم يبق شيء في جلبابها ، كانت تمزق آخر ما يستر بدنها لتوقف به نزيف المقاتلين حتى ظلت وحدها تحت السماء والقصف عارية تهتف " الله وأكبر " . هذه الفلاحة المصرية البسيطة لم تميز بين جندي مسيحي وآخر مسلم ، لم تميز بين دم ودم ، ولا بين جرح وجرح ، كما أن القصف الإسرائيلي لم يكن يميز بين عقيدة وأخرى . هذه الصورة رسمها الأديب الروائي محمد ناجي الذي صدر له مؤخرا كتاب رائع باسم " تسابيح النسيان " يغترف من الشعر ليطعم النثر ، ويغترف من النثر ليطعم الشعر . المرأة المصرية وبطولة البدن العاري جاءت في مقال بمجلة الأهرام العربي لمحمد ناجي الذي شهد الواقعة بنفسه وحفظها للتاريخ، بينما ضاعت بطولات أخرى كثيرة لم تجد قلما يصونها . هذه الفلاحة لا تفارق ذهني أبدا ، لا بطولتها ، ولا شجاعتها ، ولا افتدائها المقاتلين ، ولا هتافها " الله وأكبر " تحت السماء الحمراء من وهج القنابل . وفي قائمة شهداء حرب أكتوبر وهي قائمة طويلة ستجد أسماء أخوتنا الأقباط تلازم أسماء المسلمين ، لأن البطولة لا تعرف التمييز ، ولأن حب الوطن لا يعرف الطائفية ، ولأن الشجاعة لا تعرف سوى أوطانها . خلال حرب أكتوبر تعرت فلاحة مصرية تحت جسر وكست مصر كلها بالحب والفداء . ومهما فعل الذين خططوا وارتكبوا جريمة كنيسة القديسين ، ومهما حاولوا ، فإنهم لن ينجحوا في تمزيق الوطن ، ولا في التفرقة بين أبنائه . وقد أدت جريمة كنيسة القديسين إلي مزيد من التلاحم بين المصريين ، وكل جريمة من هذا النوع ستظل تدفع بالشعور والفكر والدم إلي نهر التوحد ، لأن مصر كالكرة كلما ضربتها لأسفل قفزت إلي أعلى . ولم أكن معنيا حين وقعت جريمة كنيسة القديسين ، ولست معنيا الآن أيضا ، ولا فيما بعد ، بالمجرم الذي ارتكب الجريمة ، ولا حتى بالأطراف الخارجية أو الداخلية التي قد تكون وراء الحادثة . ما يعنيني هو المناخ الظلامي العام الذي أهملناه طويلا حتى تفشت ظلمته وأصبح مواتيا لكل أنواع العقارب والثعابين . مازلت أدعو وزارة الثقافة وهيئة قصور الثقافة لتكوين فرق مسرحية صغيرة متحركة ، بنصوص يكتبها كبار الكتاب خصيصا لترسيخ الوحدة الوطنية ، فرق تجوب قرى الصعيد ، والمناطق الشعبية بمصر ، وتعيد للذاكرة أغنيات سيد درويش وبديع خيري : " اللي الأوطان بتجمعهم عمر الأديان ما تفرقهم " ، وغيرها من الأناشيد الوطنية ، والمسرحيات ، والأفلام . وتتوفر لهيئة قصور الثقافة الإمكانية الفعلية والمادية لنشر هذا الوعي ، وقد كتب د . أحمد مجاهد ، وأشاد ببعض التجارب الفردية في ذلك المجال ، وعليه أن يمضي أبعد من ذلك بعمل واسع وكبير ومؤثر . فلنعيد نشر كل كتب وأدب وقصص وقصائد الوحدة الوطنية ، ولنتخذ من الإجراءات في مجال التعليم ، والتشريع ، والإعلام ، كل ما يزحزح جبال الظلمة بعيدا عن مصر التي وقفت تحت الموت عارية تكسو الوطن بأكمله من دون تمييز بين دم وآخر ، بين جرح وثان ، بين شهقة مقاتل وشهقة مقاتل آخر بجواره .

***
أحمد الخميسي – كاتب مصري
[email protected]



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقباط الحجارة !
- في بيت عمي فوزي حبشي
- حول الثقافة الشعبية القبطية
- الحب والفولاذ - قصة قصيرة
- هرش قفا برلماني
- - غير محافظ - على القاهرة !
- فتش في دمائك عن السلم الموسيقى
- تاريخ فقاعة - قصة قصيرة
- زهرة الخشخاش .. وزمن شعلان الفنان
- تجربة ابراهيم عيسي
- أشياء - يُعتقد - أنها أمريكية !
- الثقافة والأزمة الطائفية
- الفتنة الطائفية بمصر .. لحظة خطر
- أبناء الخيار الاستراتيجي .. إلي المفاوضات
- جمال الغيطاني وأصدقاء العمر
- هنادي طه حسين تجدد موتها
- - صعيدي - - قصة قصيرة
- أمير زكي وقصصه الجميلة
- بهاء طاهر والجامعة الأمريكية .. إلي متي ينهبون الأدباء ؟
- وزير الثقافة ومؤتمر الثقافة


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - أحمد الخميسي - فلاحة عارية تحت جسر الموت ..